الاحتجاج بأن عليا أكثرهم علماقال أبو محمد: واحتج أيضا من قال بأن عليا كان أكثرهم علما.
قال أبو محمد: كذب هذا القائل. وإنما يعرف علم الصحابي لأحد وجهين لا ثالث لهما، أحدهما كثرة روايته وفتاويه والثاني كثرة استعمال النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] له، فمن المحال الباطل أن يستعمل النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من لا علم له، وهذه أكبر الشهادات على العلم وسعته. فنظرنا في ذلك فوجدنا النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قد ولى أبا بكر الصلاة بحضرته طول علته وجميع أكابر الصحابة حضور كعلي وعمر وابن مسعود وأبي وغيرهم، فآثره بذلك على جميعهم وهذا خلاف استخلافه عليه السلام إذا غزا لأن المستخلف في الغزوة لم يستخلف إلا على النساء وذوي الأعذار فقط، فوجب ضرورة أن نعلم أن أبا بكر أعلم الناس بالصلاة وشرائعهما وأعلم المذكورين بها وهي عمود الدين. ووجدناه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قد استعمله على الصدقات فوجب ضرورة أن عنده من علم الصدقات كالذي عند غيره من علماء الصحابة لا أقل وربما كان أكثر إذ قد استعمل عليه السلام أيضا عليها غيره وهو عليه السلام لا يستعمل إلا عالما بما استعمله عليه، والزكاة ركن من أركان الدين بعد الصلاة. وبرهان ما قلنا من تمام علم أبي بكر
رضي الله عنه بالصدقات أن الأخبار الواردة في الزكاة أصحها والذي يلزم العلم به ولا يجوز خلافه فهو حديث أبي بكر ثم الذي من طريق عمر. وأما من طريق علي فمضطرب وفيه ما قد تركه الفقهاء جملة وهو أن في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه. ووجدنا عليه السلام قد استعمل أبا بكر على الحج فصح ضرورة أنه أعلم من جميع الصحابة بالحج. وهذه دعائم الإسلام. ثم وجدناه عليه السلام قد استعمله على البعوث فصح أن عنده من أحكام الجهاد مثل ما عند سائر من استعمله رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على البعوث في الجهاد إذ لا يستعمل عليه السلام على العمل إلا عالما به، فعند أبي بكر من الجهاد من العلم به كالذي عند علي وسائر أمراء البعوث لا أكثر ولا أقل، فإذ قد صح التقدم لأبي بكر على علي وغيره في علم الصلاة والزكاة والحج وساواه في علم الجهاد فهذه عمدة العلم. ثم وجدناه عليه السلام قد ألزم نفسه في جلوسه ومسامرته وظعنه وإقامته أبا بكر فشاهد أحكامه عليه السلام وفتاويه أكثر من مشاهدة علي لها، فصح ضرورة أنه أعلم بها. فهل بقيت من العلم بقية إلا وأبو بكر المتقدم فيها الذي لا يلحق أو المشارك الذي لا يسبق. فبطلت دعواهم في العلم والحمد لله رب العالمين.
وأما الرواية والفتوى فإن أبا بكر
رضي الله عنه لم يعش بعد رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلا سنتين وستة أشهر ولم يفارق المدينة إلا حاجا أو معتمرا ولم يحتج الناس إلى ما عنده من الرواية عن رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لأن كل من حواليه أدركوا النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وعلى ذلك كله فقد روى عن النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مائة حديث واثنان وأربعون حديثا مسندة، ولم يرو عن علي إلا خمس مائة وست وثمانون حديثا مسندة يصح منها نحو خمسين، وقد عاش بعد رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أزيد من ثلاثين سنة وكثر لقاء الناس إياه وحاجتهم إلى ما عنده لذهاب جمهور الصحابة
رضي الله عنهم، وكثر سماع أهل الأفاق منه مرة بصفين وأعواما بالكوفة ومرة بالبصرة والمدينة. فإذا نسبنا مدة أبي بكر من حياته وأضفنا تقري علي البلاد بلدا بلدا وكثرة سماع الناس منه إلى لزوم أبي بكر موطنه وأنه لم تكثر حاجة من حواليه إلى الرواية عنه ثم نسبنا عدد حديث من عدد حديث وفتاوي من فتاوي علم كل ذي حظ من العلم أن الذي كان عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند علي منه . وبرهان على ذلك أن من عمّر من أصحاب رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عمرا قليلا قل النقل عنهم ومن طال عمره منهم كثر النقل عنهم إلا اليسير من اكتفا بنيابة غيره عنه في تعليم الناس. وقد عاش علي بعد عمر بن الخطاب سبعة عشر عاما غير أشهر ومسند عمر خمسمائة حديث وسبعة وثلاثون حديثا يصح منها نحو خمسين كالذي عن علي سواء بسواء، فكل ما زاد حديث علي على حديث عمر تسعة وأربعين حديثا في هذه المدة الطويلة، ولم يزد عليه في الصحيح إلا حديثا أو حديثين. وفتاوي عمر موازنة لفتاوي علي في أبواب الفقه. فإذا نسبنا مدة من مدة وضربنا في البلاد من ضرب فيها وأضفنا حديث إلى حديث وفتاوي إلى فتاوي علم كل ذي حس علما ضروريا أن الذي كان عند عمر من العلم أضعاف ما كان عند علي من العلم. ثم وجدنا الأمر كل ما أطال كثرت الحاجة إلى الصحابة فيما عندهم من العلم، فوجدنا حديث عائشة
رضي الله عنها ألفي مسند ومائتي مسند وعشرة مسانيد وحديث أبي هريرة خمسة آلاف مسند وثلاثمائة مسند وأربع وسبعين مسندا ووجدنا مسند ابن عمر وأنس قريبا من مسند عائشة لكل واحد منهما ووجدنا مسند جابر بن عبد الله وعبد الله ابن عباس لكل واحد منهما أزيد من ألف وخمسمائة ووجدنا لابن مسعود ثمان مائة مسند ونيف. ولكل من ذكرنا حاشا أبا هريرة وأنس بن مالك من الفتاوي أكثر من فتاوي علي أو نحوها. فبطل قول هذه الطائفة الوقاح الجهال. فإن عاندنا معاند في هذا الباب جاهل أو قليل الحياء لاح كذبه وجهله، فإنا غير متهمين على حط أحد من الصحابة
رضي الله عنهم عن مرتبته ولا على رفعته فوق مرتبته. لأننا لو انحرفنا عن علي
رضي الله عنه ونعوذ بالله من ذلك لذهبنا فيه مذهب الخوارج وقد نزهنا الله عز وجل عن هذا الضلال في التعصب. ولو غلونا فيه لذهبنا فيه مذهب الشيعة وقد أعاذنا الله تعالى من هذا الإفك في التعصب. فصار غيرنا من المنحرفين عنه أو الغالبين فيه هم المتهمون فيه إما له وإما عليه. وبعد هذا كله ليس يقدر من ينتمي إلى الإسلام أن يعاند في الاستدلال على كثرة العلم باستعمال النبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بمن استعمله منهم على ما استعمله عليه من أمور الدين.
فإن قالوا إن رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قد استعمل عليا على الأخماس وعلى القضاء باليمين قلنا لهم نعم ولكن مشاهدة أبي بكر لأقضية رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أقوى في العلم وأثبت مما عند علي وهو باليمين. وقد استعمل رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أبا بكر على بعوث فيها الأخماس، فقد ساوى علمه علم علي في حكمها بلا شك إذ لا يستعمل عليه السلام إلا عالما بما يستعمله عليه. وقد صح أن أبا بكر وعمر كانا يفتيان على عهد رسول الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهو عليه السلام يعلم ذلك ومحال ذلك أن يبيح لهما ذلك إلا وهما أعلم ممن دونهما. وقد استعمل عليه السلام أيضا على القضاء باليمين مع علي معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري. فلعلي في هذا شركاء كثير منهم أبو بكر وعمر ثم قد انفرد أبو بكر بالجمهور الأغلب من العلم على ما ذكرنا.