ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


2 مشترك

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم


    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 12:14

    قال أبو محمد: وكذلك لا يجدون لعلي بن الحسين بسوقا في علم ولا في عمل على سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمرو وعروة بن الزبير ولا على أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ولا على ابن عمه الحسن بن الحسن . وكذلك لا يجدون لمحمد بن علي بن الحسين بسوقا في علم ولا في عمل ولا ورع على عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ولا علي محمد بن عمرو بن أبي بكر بن المنكدر ولا على أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ولا على أخيه زيد بن علي ولا على عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ولا على عمر بن عبد العزيز. وكذلك لا يجدون لجعفر بن محمد بسوقا في علم ولا في دين ولا في عمل على محمد بن مسلم الزهري ولا على ابن أبي ذؤيب ولا على عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر ولا على عبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر ولا على ابني عمه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن وعلى بن الحسن بن الحسن بن الحسن. بل كل ما ذكرنا فوقه في العلم والزهد وكلهم أرفع محلا في الفتيا والحديث لا يمنع أحد منهم من شيء من ذلك. وهذا ابن عباس رضي الله عنه قد جمع فقهه في عشرين كتابا ويبلغ حديثه نحو ذلك إذا تقصي، ولا تبلغ فتيا الحسن والحسين ورقتين ويبلغ حديثهما ورقة أو ورقتين، وكذلك علي بن الحسين، إلا أن محمد بن علي يبلغ حديثه وفيتاه جزءا صغيرا وكذلك جعفر بن محمد. وهم يقولون إن الإمام عنده جميع علم الشريعة فما بال من ذكرنا أظهروا بعض ذلك وهو الأقل الأنقص وكتموا سائره وهو الأكثر الأعظم، فإن كان فرضهم الكتمان فقد خالفوا الحق إذ أعلنوا ما أعلنوا ، وإن كان فرضهم البيان فقد خالفوا الحق إذ كتموا ما كتموا. وأما من بعد جعفر بن محمد مما عرفنا لهم علما أصلا لا من رواية ولا من فتيا على قرب عهدهم منا، ولو كان عندهم من ذلك شيء لعرف كما عرف عن محمد بن علي وابنه جعفر وعن غيره منهم ممن حدث الناس عنه. فبطلت دعواهم الظاهرة الكاذبة اللائحة السخيفة التي هي من خرافات السمر ومضاحك السخفاء.

    فإن رجعوا إلى ادعاء المعجزات لهم قلنا لهم إن المعجزات لا تثبت إلا بنقل التواتر لا بنقل الآحاد الثقات فكيف بتولد الوقحاء الكذابين الذين لا يدرى من هم. وقد وجدنا من يروي لبشر الحافي وشيبان الراعي ورابعة العدوية أضعاف ما يدعونه من الكذب لأئمتهم وأظهر وأفشى. وكل ذلك حماقة لا يشتغل ذو دين لا ذو عقل بها. ونحمد الله على السلامة.

    فإذا قد بطل كل ما يدعونه ولله تعالى الحمد فلنقل على الإمامة بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بالبرهان وبالله تعالى نتأيد

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 13:52

    الإمامة بعد الرسول


    قال أبو محمد: قد اختلف الناس في هذا فقالت طائفة إن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لم يستخلف أحدا ثم اختلفوا، فقال بعضهم لكن لما استخلف أبا بكر رضي الله عنه على الصلاة كان ذلك دليلا على أنه أولاهم بالإمامة والخلافة على الأمور، وقال بعضهم لا ولكن كان أبينهم فضلا فقدموه لذلك، وقالت طائفة بل نص رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على استخلاف أبي بكر بعده على أمور الناس نصا جليا.

    قال أبو محمد: وبهذا نقول لبراهين أحدها إطباق الناس كلهم وهم الذين قال الله تعالى فيهم: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} فقد أصفق هؤلاء الذين شهد الله لهم بالصدق وجميع إخوانهم من الأنصار رضي الله عنهم على أن سموه خليفة رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. ومعنى الخليفة في اللغة هو الذي يستخلفه لا الذي يخلفه دون أن يستخلفه هو، لا يجوز غير هذا البتة في اللغة بلا خلاف، تقول استخلف فلان فلانا يستخلفه فهو خليفته ومستخلفه. فإن قام مكانه دون أن يستخلفه هو لم يقل إلا خلف فلان فلانا يخلفه فهو خالف. ومحال أن يعنوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضرورين أحدهما أنه لا يستحق أبو بكر هذا الاسم على الإطلاق في حياة رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهو حينئذ خليفته على الصلاة فصح يقينا أن خلافته المسمى هو بها هي غير خلافته على الصلاة، والثاني أن كل من استخلفه رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في حياته كعلي في غزوة تبوك وابن أم مكتوم في غزوة الخندق وعثمان بن عفان في غزوة ذات الرقاع وسائر من استخلفه على البلاد باليمن والبحرين والطائف وغيرها لم يستحق أحد منهم قط بلا خلاف من أحد من الأمة أن يسمى خليفة رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على الإطلاق، فصح يقينا بالضرورة التي لا محيد عنها أنها للخلافة بعده على أمته. ومن الممتنع أن يجمعوا على ذلك وهو عليه السلام لم يستخلفه نصا. ولو لم يكن ها هنا إلا استخلافه إياه على الصلاة ما كان أبو بكر أولى بهذه التسمية من غيره ممن ذكرنا، وهذا برهان ضروري نعارض به جميع الخصوم.

    وأيضا فإن الرواية قد صحت بأن امرأة قالت يا رسول الله أرأيت إن رجعت ولم أجدك كأنها تريد الموت قال: "فأت أبا بكر". وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر. وأيضا فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة أن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قال لعائشة رضي الله عنها في مرضه الذي توفي فيه عليه السلام: "لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك فأكتب كتابا وأعهد عهدا لكيلا يقول قائل أنا أحق أو يتمنى متمن، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". وروي أيضا : "ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". فهذا نص جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 13:53

    قال أبو محمد: ولو أننا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحا أو أبلسوا أسفا لاحتججنا بما روي: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر".

    قال أبو محمد: ولكنه لم يصح. ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح.

    قال أبو محمد: واحتج من قال لم يستخلف رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بالخبر المأثور عن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني -يعني أبا بكر- وإن لا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني - يعني رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وبما روي عن عائشة رضي الله عنها إذ سئلت من كان رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مستخلفا لو استخلف. فمن المحال أن يعارض إجماع الصحابة الذي ذكرنا والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من لفظه بمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة رضي الله عنهما مما لا يقوم به حجة مما له وجه ظاهر من أن هذا الأثر خفي على عمر رضي الله عنه كما خفي عليه كثير من أمر رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كالاستئذان وغيره أو أنه أراد استخلافا بعهد مكتوب. ونحن نقر أن استخلاف أبي بكر لم يكن بكتاب مكتوب. وأما الخبر في ذلك عن عائشة فكذلك نصا. وقد يخرج كلامها على سؤال سائل، وإنما الحجة في روايتها لا في قولها.

    وأما من ادعى أنه إنما قدم قياسا على تقديمه إلى الصالة فباطل بيقين، لأنه ليس كل من استحق الإمامة في الصلاة يستحق الإمامة في الخلافة، إذ يستحق الإمامة في الصلاة أقرأ القوم وإن كان أعجميا أو عربيا ولا يستحق الخلافة إلا قرشي، فكيف والقياس كله باطل.

    قال أبو محمد: في نص القرآن دليل على صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وعلى وجوب الطاعة لهم. وهو أن الله تعالى قال مخاطبا لنبيه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في الأعراب: {فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا} وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بلا شك التي تخلف فيها الثلاثة المعذورون الذين تاب الله عليهم في سورة براءة. ولم يغز عليه السلام بعد غزوة تبوك إلى أن مات [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وقال تعالى أيضا: {سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 13:54

    كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل} فبين أن العرب لا يغزون مع رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بعد تبوك لهذا ثم عطف سبحانه وتعالى عليهم إثر منعه إياهم من الغزو مع رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وعلق لهم باب التوبة فقال تعالى: {قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما} فأخبر تعالى أنهم سيدعوهم غير النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون، ووعدهم على طاعة من دعاهم إلى ذلك بجزيل الأجر العظيم وتوعدهم على عصيان الداعي لهم إلى ذلك العذاب الأليم.
    قال أبو محمد: وما دعا أولئك الأعراب أحد بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون إلا أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. فإن أبا بكر رضي الله عنه دعاهم إلى قتال مرتدي العرب بني حنيفة وأصحاب الأسود وسجاح وطليحة والروم والفرس وغيرهم. ودعاهم عمر إلى قتال الروم والفرس. وعثمان دعاهم إلى قتال الروم والفرس والترك. فوجب طاعة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بنص القرآن الذي لا يحتمل تأويلا، وإذ قد وجبت طاعتهم فرضا فقد صحت إمامتهم وخلافتهم رضي الله عنهم. وليس هذا بموجب تقليدهم في غير ما أمر الله تعالى بطاعتهم فيه لأن الله تعالى لم يأمر بذلك إلا في دعائهم إلى قتال هؤلاء القوم وفيما يجب الطاعة فيه للأئمة جملة وبالله تعالى التوفيق.

    وأما ما أفتوا به باجتهادهم فما أوجبوا هم قط اتباع أقوالهم فيه، فكيف أن يوجب ذلك غيرهم وبالله تعالى التوفيق.

    وأيضا فإن هذا إجماع الأئمة كلها، إذ ليس أحد من أهل العلم إلا وقد خالف بعض فتاوي هؤلاء الأئمة الثلاثة رضي الله عنهم فصح ما ذكرنا والحمد لله رب العالمين.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 13:57

    فصل


    قال أبو محمد: وجميع فرق أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة امرأة ولا إمامة صبي لم يبلغ إلا الرافضة فإنها تجيز إمامة الصغير الذي لم يبلغ والحمل في بطن أمه. وهذا خطأ لأن من لم يبلغ فهو غير مخاطب، والإمام مخاطب بإقامة الدين وبالله تعالى التوفيق.

    وقال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]: واجب أن يكون الإمام أفضل الأمة.

    قال أبو محمد: وهذا هو خطأ متيقن لبرهانين. أحدهما أنه لا يمكن أن يعرف الأفضل إلا بالظن في ظاهر أمره وقد قال تعالى: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} والثاني أن قريشا قد كثرت وطبقت الأرض من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب ومن الجنوب إلى الشمال ولا سبيل أن يعرف الأفضل من قوم هذا مبلغ عددهم بوجه من الوجوه ولا يمكن ذلك أصلا. ثم يكفي من بطلان هذا القول إجماع الأمة على بطلانه فإن جميع من أدرك من الصحابة رضي الله عنه من جميع المسلمين في ذلك العصر قد أجمعوا على صحة إمامة الحسن أو معاوية وقد كان في الناس أفضل منهم بلا شك كسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وابن عمرو وغيرهم، فلو كان ما قاله الباقلاني حقا لكانت إمامة الحسن ومعاوية باطلة وحاشا لله عز وجل من ذلك. وأيضا فإن هذا القول الذي قاله هذا المذكور دعوى فاسدة ولا على صحتها دليل لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا من قول صاحب ولا من قياس. والعجب كله أن يقول إنه جائز أن يكون في هذه الأمة من هو أفضل من رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من حيث بعث إلى أن مات ثم لا يجيز أن يكون أحد أفضل من الإمام.

    قال أبو محمد: وهذا القول منه في النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كفر مجرد ولا خفاء به وفيه خلاف لأهل الإسلام، وإنما يجب أن يكون الإمام قرشيا بالغا ذكرا مميزا بريئا من المعاصي الظاهرة حاكما بالقرآن والسنة فقط، ولا يجوز خلعه ما دام يمكن منعه من الظلم فإن لم يمكن إلا بإزالته ففرض أن يقام كل ما يوصل به إلى دفع الظلم لقول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وبالله تعالى التوفيق.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 14:01

    الكلام في وجوه الفضل والمفاضلة بين الصحابة


    قال أبو محمد: اختلف المسلمون فيمن هو أفضل الناس بعد الأنبياء عليهم السلام. فذهب بعض أهل السنة وبعض أهل المعتزلة وبعض المرجئة وجميع الشيعة إلى أن أفضل الأمة بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] علي بن أبي طالب، وقد روينا هذا القول نصا عن بعض الصحابة رضي الله عنهم وعن جماعة من التابعين والفقهاء. وذهبت الخوارج كلها وبعض أهل السنة وبعض المعتزلة وبعض المرجئة إلى أن أفضل الصحابة بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أبو بكر وعمر. وروينا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أفضل الناس بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] جعفر بن أبي طالب، وبهذا قال عاصم النبيل وهو الضحاك بن مخلد وعيسى بن حاضر، قال عيسى: وبعد جعفر حمزة رضي الله عنه. وروينا عن نحو عشرين من الصحابة أن أكرم الناس على رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] علي بن أبي طالب والزبير بن العوام. وروينا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: مات رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وثلاث رجال لا يعد أحد عليهم بفضل سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وعباد بن بشر. وروينا عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها تذكرت الفضل ومن هو خير فقالت: ومن هو خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وروينا عن مسروق بن الأجدع أو تميم بن حذلم وإبراهيم النخعي وغيرهم أن أفضل الناس بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عبد الله بن مسعود، قال تميم وهو من كبار التابعين: رأيت أبا بكر وعمر فما رأيت مثل عبد الله بن مسعود. وروينا عن بعض من أدرك النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أن أفضل الناس بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عمر بن الخطاب وأنه أفضل من أبي بكر رضي الله عنهما، وبلغني عن محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري أنه كان يذهب إلى هذا القول. قال داود بن علي الفقيه رضي الله عنه: أفضل الناس بعد الأنبياء أصحاب رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وأفضل الصحابة الأولون من المهاجرين ثم الأولون من الأنصار ثم من بعدهم منهم ولا نقطع على إنسان منهم بعينه أنه أفضل من آخر من طبقته، ولقد رأينا من متقدمي أهل العلم ممن يذهب إلى هذا القول. وقال لي يوسف بن عبد الله بن عبد البر النميري غير ما مرة : إن هذا هو قوله ومعتقده.

    .

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 14:02

    قال أبو محمد: والذي نقول به وندين الله تعالى عليه ونقطع على أنه الحق عند الله عز وجل أن أفضل الناس بعد الأنبياء عليهم السلام نساء رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ثم أبو بكر رضي الله عنه. ولا خلاف بين أحد من المسلمين في أن أمة محمد [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أفضل الأمم لقول الله عز وجل: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} وإن هذه قاضية على قوله تعالى لبني إسرائيل: {وأني فضلتكم على العالمين} وأنها مبينة لأن مراد الله تعالى من ذلك عالم الأمم حاشا هذه الأمة.

    قال أبو محمد: ثم نقول وبالله تعالى التوفيق: إن الكلام المهمل دون تحقيق المعنى المراد بذلك الكلام فإنه طمس للمعاني وصد عن إدراك الصواب وتعريج عن الحق وإبعاد عن الفهم وتخليط عمي. فلنبدأ بعون الله تعالى وتأييده بتقسيم وجوه الفضل التي بها يستحق التفاضل، فإذا استبان معنى الفضل وعلى ماذا تقع هذه اللفظة فبالضرورة نعلم حينئذ أن من وجدت فيه هذه الصفات أكثر فهو بلا شك. فنقول ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    إن الفضل ينقسم إلى قسمين لا ثالث لهما، فضل اختصاص من الله عز وجل بلا عمل، وفضل مجازاة من الله تعالى بعمل. فأما فضل الاختصاص دون عمل فإنه يشترك فيه جميع المخلوقين من الحيوان الناطق والحيوان غير الناطق والجمادات، كفضل الملائكة في ابتداء خلقهم على سائر الخلق وكفضل الأنبياء على سائر الجن والأنس وكفضل إبراهيم ابن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على سائر الأطفال وكفضل ناقة صالح عليه السلام على سائر النوق وكفضل ذبيحة إبراهيم عليه السلام على سائر الذبائح وكفضل مكة على سائر البلاد وكفضل المدينة بعد مكة على غيرها من البلاد وكفضل المساجد على سائر البقاع وكفضل الحجر الأسود على سائر الحجارة وكفضل شهر رمضان على سائر الشهور وكفضل يوم الجمعة وعرفة وعاشوراء والعشر على سائر الأيام وكفضل ليلة القدر على سائر الليالي وكفضل صلاة الفرض على النافلة وكفضل صلاة العصر وصلاة الصبح على سائر الصلوات وكفضل السجود على القعود وكفضل بعض الذكر على بعض، فهذا فضل الاختصاص المجرد بلا عمل.

    فأما فضل المجازاة بالعمل فلا يكون البتة إلا للحي الناطق من الملائكة والأنس والجن فقط، وهذا هو القسم الذي تنازع الناس فيه في هذا الباب الذي نتكلم فيه الآن من أحق به. فوجب أن ننظر أيضا في أقسام هذا القسم التي بها يستحق الفضل فيه والتقدم فنحصرها ونذكرها بحول الله وقوته، ثم ننظر حينئذ من هو أحق به وأسعد بالبسوق فيه فيكون بلا شك أفضل ممن هو أقل حظا فيها بلا شك وبالله تعالى التوفيق.

    فنقول وبالله تعالى نستعين.

    إن العامل في عمله بسبعة أوجه لا ثامن لها. وهي الماهية وهي عين العمل وذاته، والكمية وهي العرض في العمل، والكيفية، والكم، والزمان، والمكان، والإضافة.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 14:03

    فأما الماهية فهي أن تكون الفروض من أعمال أحدهما موفاة كلها ويكون الآخر يضيع بعض فروضه وله نوافل، أو يكون كلاهما يوفي جميع فرضه ويعملان نوافل زائدة إلا أن نوافل أحدهما أفضل من نوافل الآخر كأن يكون أحدهما يكثر الذكر في الصلاة والآخر يكثر الذكر في حال جلوسه وما أشبه هذا وكإنسانين قاتل أحدهما في المعركة والموضع المخوف وقاتل الآخر في الردة أو جاهد أحدهما واشتغل الآخر بصيام وصلاة تطوع أو يجتهدان فيصادف أحدهما الحق ويحرمه الآخر فيفضل أحدهما الآخر في هذه الوجوه بنفس عمله أو بأن ذات عمله أفضل من ذات عمل الآخر، فهذا هو التفاضل في الماهية من العمل.

    وأما الكمية وهي العرض فأن يكون أحدهما يقصد بعمله وجه الله تعالى لا يمزج به شيئا البتة ويكون الآخر يساويه في جميع عمله إلا أنه ربما مزج بعمله شيئا من حب البر في الدنيا وأن يستدفع بذلك الأذى عن نفسه وربما مزجه بشيء من الرياء ففضله الأول بعرضه في عمله.

    وأما الكيفية فأن يكون أحدهما يوفي عمله جميع حقوقه ورتبه لا منتقصا ولا متزيدا ويكون الآخر ربما انتقص بعض رتب ذلك العمل وسنته وإن لم يعطل منه فرضا، أو يكون أحدهما يصفى عمله من الكبائر وربما أتى الآخر ببعض الكبائر ففضله الآخر بكيفية عمله.

    وأما الكم فأن يستويا في أداء الفرض ويكون أحدهما أكثر نوافل ففضله هذا بكثرة عدد نوافله، كما روي في رجلين أسلما وهاجرا أيام رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ثم استشهد أحدهما وعاش الآخر بعده سنة ثم مات على فراشه فرأى بعض أصحاب النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أحدهما في النوم وهو آخرهما موتا في أفضل من حال الشهيد فسأل عن ذلك رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] فقال عليه السلام كلام معناه : فأين صلاته وصيامه بعده. ففضل أحدهما الآخر بالزيادة التي زادها عليه في عدد أعماله.

    وأما الزمان فكمن عمل في صدر الإسلام أو في عام المجاعة أو في وقت نازلة بالمسلمين وعمل غيره بعد قوة الإسلام وفي زمن رخاء، وأمن فإن الكلمة في أول الإسلام والتمرة والصبر حينئذ وركعة في ذلك الوقت تعدل اجتهاد الأزمان الطوال وجهادها وبذل الأموال الجسام بعد ذلك. ولذلك قال رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]: "دعوا لي أصحابي فلو كان لأحدكم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه". فكان نصف مد شعير أو تمر في ذلك الوقت أفضل من جبل أحد ذهبا ننفقه نحن في سبيل الله عز وجل بعد ذلك. قال الله تعالى: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى}.

    قال أبو محمد: هذا في الصحابة فيما بينهم، فكيف بمن بعدهم معهم رضي الله عنهم أجمعين.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 14:05

    قال أبو محمد: وهذا يكذب قول أبي هاشم محمد بن علي الجبائي وقول محمد بن الطيب الباقلاني. فإن الجبائي قال جائز إن طال عمر امرئ يعمل ما يوازي عمل نبي من الأنبياء. وقال الباقلاني جائز أن يكون في الناس من هو أفضل من رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من حين بعث بالنبوة إلى أن مات.

    قال أبو محمد: وهذا كفر مجرد وردة وخروج عن دين الإسلام بلا مرية وتكذيب لرسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في إخباره أنا لا ندرك أحدا من أصحابه، وفي إخباره عليه السلام عن أصحابه رضي الله عنهم بأنه ليس مثلهم وأنه أتقاهم لله وأعلمهم بما يأتي وما يذر. وكذلك قالت الخوارج والشيعة، فإن الشيعة يفضلون أنفسهم وهم شر خلق الله عز وجل على أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعائشة وجميع الصحابة رضي الله عنهم، حاشا عليا والحسن والحسين وعمار بن ياسر. والخوارج يفضلون أنفسهم وهم شر خلق الله تعالى وكلاب النار على عثمان وعلي طلحة والزبير . ولقد خاب من خالف كلام الله تعالى وقضاء رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].

    قال أبو محمد: وكذلك القليل من الجهاد والصدقة في زمان الشدائد أفضل من كثيرهما في وقت القوة والسعة. وكذلك صدقة المرء بدرهم في زمان فقر وصحته يرجو الحياة ويخاف الفقر أفضل من الكبير يتصدق به في عرض غناه وفي وصيته بعد موته. وقد صح عن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] : "سبق درهم مائة ألف، وهو إنسان كان له درهمان تصدق بأحدهما والآخر عمد إلى عرض ماله تصدق منه بمائة ألف". وكذلك صبر المرء على أداء الفرائض في حال خوفه ومرضه وقليل تنفله في زمان مرضه وخوفه أفضل من عمله وكثير تنفله في زمان صحته وأمنه. ففضل من ذكرنا غيرهم بزمان عملهم. وكذلك من وفق لعمل الخير في زمان آخر أجله هو أفضل ممن خلط في زمان آخر أجله. وأما المكان فكصلاة في المسجد الحرام أو مسجد المدينة فهما أفضل من ألف صلاة فيما عداهما، وتفضل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بمائة درجة، وكصيام في بلد العدو وفي الجهاد على صيام في غير الجهاد. ففضل من عمل في المكان الفاضل غيره ممن عمل في غير ذلك المكان بمكان عمله وإن تساوى العملان.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 14:06

    وأما الإضافة فركعة من نبي أو ركعة مع نبي أو صدقة من نبي أو صدقة معه أو ذكر منه أو ذكر معه وسائر أعمال البر منه أو معه فقليل من ذلك أفضل من كثير الأعمال بعده. ويبين ذلك ما قد ذكرنا آنفا من قول الله عز وجل: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} وإخباره عليه السلام أن أحدنا لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ نصف مد من أحد من الصحابة رضي الله عنهم . فبهذا فضل الصحابة رضي الله عنهم من جاء بعدهم.

    قال أبو محمد: وبهذا قطعنا على أن كل عمل عملوه بأنفسهم بعد موت النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لا يوازي شيئا من البر عمله ذلك الصاحب بنفسه مع النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ولا ما عمله غير ذلك الصاحب بعد النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. ولو كان غير ما نقول لجاز أن يكون أنس وأبو أمامة الباهلي وعبد الله بن أبي أوفى وعبد الله بن بسر وعبد الله بن الحارث بن حزم وسهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهم أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة وزيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب ومصعب بن عمير وعبد الله بن جحش وسعد بن معاذ وعثمان بن مظعون وسائر السابقين من المهاجرين والأنصار المتقدمين رضي الله عنهم أجمعين، لأن بعض أولئك عبدوا الله عز وجل بعد موت أولئك بعضهم بعد موت بعض بتسعين عاما فما بين ذلك إلى خمسين عاما. وهذا مالا يقوله أحد يعتد به.

    قال أبو محمد: وبهذا قطعنا على أن من كان من الصحابة حين موت رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أفضل من آخر منهم، فإن ذلك المفضول لا يلحق درجة الفاضل له حينئذ أبدا وإن طال عمر المفضول وتعجل موت الفاضل. وبهذا أيضا لم نقطع على فضل أحد منهم رضي الله عنهم حاشا من ورد فيه النص من النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ممن مات منهم في حياة النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، بل نقف في هؤلاء على ما نبينه بعد هذا إن شاء الله تعالى.

    قال أبو محمد: فهذه وجوه الفضائل بالأعمال التي لا يفضل ذو عمل ذا عمل فيما سواها البتة، ثم نتيجة هذه الوجوه كلها وثمرتها ونتيجة فضل الاختصاص المجرد دون عمل أيضا لا ثالث لهما البتة
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:02

    أحدهما إيجاب الله تعالى تعظيم الفاضل في الدنيا على المفضول، فهذا الوجه يشترك فيه كل فاضل بعمل أو باختصاص مجرد بلا عمل من عرض أو جماد أو حي ناطق أو غير ناطق. وقد أمرنا الله تعالى بتعظيم الكعبة والمساجد ويوم الجمعة والشهر الحارم وشهر رمضان وناقة صالح وإبراهيم ابن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وذكر الله والملائكة والنبيين على جميعهم صلوات الله وسلامه والصحابة أكثر من تعظيمنا وتوقيرنا غير ما ذكرنا، ومن ذكرنا من المواضع والأيام والنوق والأطفال والكلام والناس. هذا ما لا شك فيه، وهذه خاصة كل فاضل لا يخلو منها فاضل أصلا ولا يكون البتة إلا الفاضل.

    والوجه الثاني هو إيجاب الله تعالى للفاضل درجة في الجنة أعلى من درجة المفضول، إذ لا يجوز عند أحد من خلق الله تعالى أن يأمر بإجلال المفضول أكثر من إجلال الفاضل ولا أن يكون المفضول أعلى درجة في الجنة من الفاضل، ولو جاز ذلك لبطل معنى الفضل جملة ولكان لفظا لا حقيقة له ولا معنى تحته. وهذا الوجه الثاني الذي هو علو الدرجة في الجنة هو خاصة كل فاضل يعمل فقط من الملائكة والأنس والجن. وبالله تعالى التوفيق.

    قال أبو محمد: فكل ما هو مأمور بتعظيمه فاضل، وكل فاضل فمأمور بتعظيمه. وليس الإحسان والبر والتوقير والتذلل المفترض في الأبوين الكافرين من التعظيم في شيء، فقد يحسن المرء إلى من لا يعظم ولا يهين، كإحسان المرء إلى جاره وغلامه وأجيره ولا يكون ذلك تعظيما، وقد يبر الإنسان جاره والشيخ من أسرته ولا يسمى ذلك تعظيما، وقد يوقر الإنسان من يخاف ضره ولا يسمى ذلك تعظيما، وقد يتذلل الإنسان للمتسلط الظالم ولا يسمى ذلك تعظيما. وفرض على كل مسلم البراءة من أبويه الكافرين وعداوتهما في الله عز وجل، قال الله عز وجل: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه} وقال عز وجل: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} وقال عز وجل: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} فقد صح بيقين أن ما وجب للأبوين الكافرين من بر وإحسان وتذلل ليس هو التعظيم الواجب لمن فضله الله عز وجل، لأن التعظيم الواجب لمن فضله الله عز وجل هو مودة في الله ومحبة فيه وولاية له ، وأما البر الواجب للأبوين الكافرين والتذلل لهما والإحسان إليهما فكل ذلك مرتبط بالعداوة لله تعالى وللبراءة منه وإسقاط المودة كما قال تعالى في نص القرآن. وبالله تعالى التوفيق.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:03

    قال أبو محمد: وقد يكون دخول الجنة اختصاصا مجردا دون عمل وذلك للأطفال كما ذكرنا قبل، فإذ قد صح ما ذكرنا قبل يقينا بلا خلاف من أحد في شيء منه فبيقين ندري أنه لا تعظيم يستحقه أحد من الناس في الدنيا بإيجاب الله تعالى علينا بعد التعظيم الواجب علينا للأنبياء عليهم السلام أوجب ولا أوكد مما ألزمناه الله تعالى من التعظيم الواجب علينا لنساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بقول الله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} فأوجب الله لهن حكم الأمومة على كل مسلم، هذا سوى حق إعظامهن بالصحبة مع رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، فلهن رضي الله تعالى عنهن مع ذلك حق الصحبة له كسائر الصحابة، إلا أن لهن من الاختصاص في الصحبة ووكيد الملازمة له عليه السلام ولطيف المنزلة عنده عليه السلام والقرب منه والحظوة لديه ما ليس لأحد من الصحابة رضي الله عنهم، فهن أعلى درجة في الصحبة من جميع الصحابة، ثم فضلن سائر الصحابة بحق زائد وهو حق الأمومة الواجب لهن كلهن بنص القرآن . فوجدنا الحق الذي به استحق الصحابة الفضل قد شاركنهم فيه وفضلنهم فيه أيضا ثم فضلنهم بحق زائد وهو حق الأمومة، ثم وجدناهن لا عمل من الصلاة والصدقة والصيام والحج وحضور الجهاد يسبق فيه صاحب من الصحابة إلا ولهن في ذلك مثل ما لغيرهم من الصحابة، فقد كن يجهدن أنفسهن في ضيق عيشهن على الكد في العمل بالصدقة والعتق ويشهدن الجهاد معه عليه السلام. وفي هذا كفاية بينة في أنهن أفضل من كل صاحب. ثم لا شك عند كل مسلم وبشهادة نص القرآن إذ خيرهن الله عز وجل بين الدنيا وبين الدار الآخرة والله ورسوله فاخترن الله تعالى ورسوله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] والدار الآخرة، فهن أزواجه في الآخرة بيقين، فإذ هن كذلك معه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بلا شك في درجة واحدة في الجنة في قصوره وعلى سرره، إذ لا يمكن البتة أن يحال بينه وبينهن في الجنة ولا أن ينحط عليه السلام إلى درجة يسفل فيها عن أحد من الصحابة، هذا ما لا يظنه مسلم. فإذ لا شك في حصولهن على هذه المنزلة فالبنص والإجماع علمنا أنهن لم يؤتين ذلك اختصاصا مجردا دون عمل بل باستحقاقهن لذلك باختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة إذ أمره الله عز وجل أن يخيرهن، فقد حصل لهن أفضل الاختصاص أولا بأن يخيرهن الله عز وجل لنبيه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهو أفضل الناس، ثم قد حصل لهن أفضل الأعمال في جميع الوجوه السبعة التي قدمنا آنفا والتي لا يكون التفاضل إلا بها في الأعمال خاصة، ثم قد حصل لهن على ذلك أوكد التعظيم في الدنيا، ثم قد حصل لهن أرفع الدرجات في الآخرة، فلا وجه من وجوه الفضل إلا ولهن فيه أعلى الحظوظ كلها بلا شك. ومارية أم إبراهيم داخلة معهن في ذلك لأنها معه عليه السلام في الجنة ومع ابنها منه بلا شك. فإذ قد ثبت كل ذلك على رغم الآبي فقد وجب ضرورة أن يشهد لهن كلهن بأنهن أفضل من جميع الخلق كلهن بعد الملائكة والنبيين عليهم السلام.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:04

    فكيف ومعنا نص من النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كما حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي ثنا محمد بن أحمد بن مفرح ثنا محمد بن أيوب الرقي الصموت ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ثنا أحمد بن عمر وحدثنا المعتمر بن سليمان التيمي ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قيل يا رسول الله من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة، قال: من الرجال؟ قال: فأبوها إذن.

    حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي قال حدثنا أحمد بن فتح حدثنا عبد الوهاب بن قيس حدثنا أحمد بن محمد الأشقر حدثنا أحمد بن علي القلانسي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى بن خالد بن عبد الله هو الطحان عن خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي قال أخبرني عمرو بن العاص أن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بعثه إلى جيش ذات السلاسل قال فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ فقال: "عائشة"، قلت: من الرجال؟ قال: "أبوها" قلت: ثم من؟ قال: "عمر"، فعد رجالا.

    فهذان عدلان أنس وعمرو يشهدان أن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أخبر بأن عائشة أحب الناس إليه ثم أبوها. وقد قال عز وجل عليه السلام: {وما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى} فصح أن كلامه عليه السلام بأنها أحب الناس إليه وحي أوحاه الله تعالى إليه ليكون كذلك ويخبر بذلك لا عن هوى له، ومن ظن ذلك فقد كذب الله تعالى. لكن لاستحقاقها لذلك الفضل في الدين والتقديم فيه على جميع الناس الموجب لأن يحبها رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أكثر من محبته لجميع الناس فقد فضلها رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على أبيها وعلى عمرو وعلى علي وعلى فاطمة تفضيلا ظاهرا بلا شك.

    فإن قال قائل: فقل إن إبراهيم ابن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم لكونه مع أبيه عليه السلام في الجنة في درجة واحدة؛ قلنا له وبالله تعالى التوفيق.

    إن إبراهيم ابن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ما استحق تلك المنزلة بعمل كان منه وإنما هو اختصاص مجرد، وإنما تقع
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:05

    المفاضلة بين الفاضلين إذا كان فضلهما واحدا من وجه واحد فتفاضلا فيه، وأما إن كان الفضل من وجهين اثنين فلا سبيل إلى المفاضلة بينهما، لأن معنى قول القائل أي هذين أفضل إنما هو أي هذين أكثر أوصافا في الباب الذي اشتركا فيه. ألا ترى أنه لا يقال أيهما أفضل رمضان أو ناقة صالح ولا أيهما أفضل الكعبة أو الصلاة، بل نقول أيهما أفضل مكة أو المدينة وأيهما أفضل رمضان أو ذو الحجة وأيهما أفضل الزكاة أم الصلاة وأيهما أفضل ناقة صالح أو ناقة غيره من الأنبياء. فقد صح أن التفاضل إنما يكون في وجه اشترك فيه المسؤل عنهما فسبق أحدهما فيه فاستحق أن يكون أفضل. وفضل إبراهيم ليس على عمل أصلا وإنما هو اختصاص مجرد وإكرام لأبيه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وأما نساؤه عليه السلام فكونهن وكون سائر أصحابه عليهم السلام في الجنة إنما هو جزاء لهن ولهم على أعمالهن وأعمالهم. قال الله تعالى: {جزاء بما كانوا يعملون} وقال بعد ذكر الصحابة: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما} وقال تعالى مخاطبا لنسائه عليه السلام: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين} وهذا نص قولنا ولله الحمد. وقال تعالى: {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون} وقال تعالى: {غرف من فوقها غرف مبنية} وقال تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى}.
    فإن قال قائل فكيف تقولون في قوله عليه السلام: "لن يدخل الجنة أحد بعمله" قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل".

    قلنا نعم هذا حق موافق للآيات المذكورة وهكذا نقول إنه لو عمل الإنسان دهره كله ما استحق على الله تعالى شيئا لأنه لا يجب على الله تعالى شيء إذ لا موجب للأشياء الواجبة غيره تعالى لأنه المبتدئ لكل ما في العالم والخالق له فلولا أن الله تعالى رحم عباده فحكم بأن طاعتهم له يعطيهم بها الجنة لما وجب ذلك عليه فصح أنه لا يدخل أحد الجنة بعمله مجردا دون رحمة الله تعالى، لكن يدخلها برحمة لله تعالى التي جعل بها الجنة جزاء على أعمالهم التي أطاعوه بها، فاتفقت الآيات مع هذا الحديث والحمد لله رب العالمين.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:07

    قال أبو محمد: فإذا لا شك في هذا كله فقد امتنع يقينا أن يجازي بالأفضل من كان أنقص فضلا وأن يجازي بالأنقص من كان أتم فضلا، وصح ضرورة أنه لا يجزى أحد من أهل الأعمال في الجنة إلا بما استحقه برحمة الله تعالى جزاء على أعماله، وأما من لم تكن الجنة له جزاء على عمله فلله تعالى أن يتفضل على من شاء بما شاء وجائز أن يقدم على ذوي الأعمال الرفيعة. قال تعالى: {يختص برحمته من يشاء} وقال تعالى: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} فلا يجوز خلاف هذه النصوص لأحد لأن من خالفها كذب القرآن. ولولا هذه النصوص لما أبعدنا أن يعذب الله تعالى على الطاعة له وأن ينعم على معصيته وأن يجازي الأفضل بالأنقص والأنقص بالأفضل، لأن كل شيء ملكه وخلقه لا مالك لشيء سواه ولا معقب لحكمه ولا حق لأحد عليه، لكن قد أمنا ذلك كله بإخبار الله تعالى أنه لا يجازي ذا عمل إلا بعمله وأنه يتفضل على من يشاء فلزم الإقرار بكل ذلك وبالله تعالى التوفيق.

    فلو قال قائل أيما أفضل في الجنة وأعلى قدرا مكان إبراهيم ابن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أو مكان أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:08

    قلنا مكان إبراهيم أعلى بلا شك ولكن ذلك المكان اختصاص مجرد لإبراهيم المذكور لم يستحقه بعمل ولا استحق أيضا أن يقصر به عنه، ومواضيع هؤلاء المذكورين جزاء لهم على قدر فضلهم وسوابقهم. وكذلك نساؤه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مكانهن جزاء لهن على قدر فضلهن وسوابقهن. فلا يقال إن إبراهيم ابن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أفضل من أبي بكر أو عمر ولا يقال أيضا إن أبا بكر وعمر أفضل من إبراهيم. والمفاضلة واقعة بين الصحابة وبين نساء رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لأن أعمالهم وسوابقهم لها مراتب متناسبة بلا شك.

    فإن قال قائل إنهن لولا رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ما حصلن تلك الدرجة وإنما تلك الدرجة له عليه السلام.

    قلنا وبالله تعالى التوفيق: نعم، ولا شك أيضا في أن جميع الصحابة لولا رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ما حصلوا على الدرج التي لهم فيها فإنما هي إذ على قولكم لرسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كما قلتم ولا فرق. وبقي الفضل والتقدم لهن كما كان في كل ذلك ولا فرق.

    قال أبو محمد: وأما فضلهن على بنات النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] فبين بنص القرآن لا شك فيه. قال الله عز وجل: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء أن اتقيتن فلا تخضعن بالقول} فهذا بيان قاطع لا يسع أحدا جهله.

    فإن عارضنا معارض بقول رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]: "خير نسائها فاطمة بنت محمد".
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:09

    قلنا له وبالله تعالى التوفيق: في هذا الحديث بيان جلي لما قلنا وهو أنه عليه السلام لم يقل خير النساء فاطمة وإنما قال خير نسائها فخص ولم يعم. وتفضيل الله عز وجل لنساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على النساء عموم لا خصوص لا يجوز أن يستثنى منه أحد إلا من استثناء نص آخر، فصح أنه عليه السلام إنما فضل فاطمة على نساء المؤمنين بعد نسائه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] فاتفقت الآية مع الحديث. وقال رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"، فهذا أيضا عموم موافق الآية. ووجب أن يستثنى ما خصه النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بقوله "نسائها" من هذا العموم ، فصح أن نساءه عليه السلام أفضل النساء جملة حاشا اللواتي خصهن الله تعالى بالنبوة كأم إسحاق وأم موسى وأم عيسى عليهم السلام، وقد نص الله تعالى على هذا بقوله الصادق: {يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} ولا خلاف بين المسلمين في أن جميع الأنبياء كل نبي منهم أفضل ممن ليس بنبي من سائر الناس، ومن خالف هذا فقد كفر. كذلك أخبر عليه السلام فاطمة أنها سيدة نساء المؤمنين ولم يدخل نفسه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في هذه الجملة بل أخبر عمن سواه. وبرهان آخر وهو قول الله تعالى مخاطبا لهن: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين}.

    قال أبو محمد: فهذا فضل ظاهر وبيان لائح في أنهن أفضل من جميع الصحابة رضي الله عنهم، وبهذه الآية صحة متيقنة لا يمتري فيها مسلم فأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وفاطمة وسائر الصحابة رضي الله عنهم إذا عمل الواحد منهم عملا يستحق عليه مقدارا ما من الأجر وعملت امرأة من نساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مثل ذلك العمل بعينه كان لها مثل ذلك المقدار من الأجر، فإذا كان نصيب الصحابي وفاطمة رضي الله عنهم يفي بأكثر من مثل جبل أحد ذهبا ممن بعده كان للمرأة من نسائه عليه السلام في نصيبها أكثر من ملئ جبلين اثنين مثل جبل أحد ذهبا، وهذه فضيلة ليست لأحد بعد الأنبياء عليهم السلام إلا لهن. وقد صح عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أنه يوعك كوعك رجلين من أصحابه لأن له على ذلك كفلين من الأجر.

    قال أبو محمد: وليس بعد هذا بيان في فضلهن على كل أحد من الصحابة منكر إلا من أعمى الله قلبه عن الحق. ونعوذ بالله من الخذلان.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:11

    قال أبو محمد: وقد اعترض علينا بعض أصحابنا في هذا المكان بقول الله تعالى عن أهل الكتاب إذا آمنوا: {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} قال: فيلزم أنهم أفضل منا فقلت له إن هذه الآية والخبر الذي فيه ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، فذكر مؤمن أهل الكتاب والعبد الناصح ومعتق أمته ثم يتزوجها فيهما بيان الوجه الذي أجروا به مرتين، وهو الإيمان بالنبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وبالنبي الأول المبعوث بالكتاب الأول ونحن نؤمن بهذا كله كما آمنوا فنحن شركاء ذلك المؤمن منهم في ذينك الإيمانين، وكذلك العبد الناصح يؤجر لطاعة سيده أجرا ولطاعة الله أجرا، وكذلك معتق أمته ثم يتزوجها يؤجر على عتقه أجرا ثم يتزوجها يؤجر على عتقه أجرا ثم على نكاحه إذا أراد به وجه الله تعالى أجرا ثانيا. فصح يقينا أن هؤلاء إنما يؤتون أجرهم مرتين في خاص من أعمالهم لا في جميع أعمالهم، وليس في هذا ما يمنع من أن يؤجر غيرهم في غير هذه الأعمال أكثر من أجورهم. وأيضا فإنما يضاعف لهؤلاء على ما عمله أهل طبقتهم وليست المضاعفة لأجور نساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مرتين من هذا في ورد ولا صدر لأن المضاعفة لهن إنما هي في كل عمل عملنه بنص القرآن إذ يقول الله تعالى: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين} فكل عمل عمله صاحب من الصحابة له فيه أجر فلكل امرأة منهن في مثل ذلك العمل أجران ، والمضاعفة لهن إنما تكون على ما عمله طبقتهن من الصحابة. وقد علمنا أن بين الصاحب وعمل غير أعظم مما بين أحد ذهبا ونصف مد شعير فيقع لكل واحدة منهن مثلا ذلك مرتين. وهذا لا يخفى على ذي حس سليم. فبطلت المعارضة التي ذكرنا والحمد لله رب العالمين.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:12

    ال أبو محمد: واعترض علينا أيضا بعض الناس في الحديث الذي فيه أن عائشة أحب الناس إليه ومن الرجال أبوها بأن قال قد صح عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أنه قال لأسامة بن زيد إن أباه كان أحب الناس إلي وأن هذا أحب الناس إلي بعده وصح أنه عليه السلام قال للأنصار إنكم أحب الناس إلي.
    قال أبو محمد: وأما هذا اللفظ الذي في حديث أسامة بن زيد أنه أحب الناس إليه عليه الصلاة والسلام فقد روي من طريق حماد بن سلمة عن موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه. وأما الذي فيه ذكر أسامة وزيد رضي الله عنهما فإنما رواه عمر بن حمزة عن سالم بن عبد الله عن أبيه. وعمر بن حمزة هذا ضعيف. والصحيح من هذا الخبر هو ما رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بإسناد لا مغمز فيه فذكر فيه أنه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قال يعني ليزيد بن حارثة: "وايم الله إن كان لخليق بالإمارة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا من أحب الناس إلي بعده". وهذا يقضي على حديث موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه لأنه مختصر من حديث عبد الله بن دينار، وبهذا ينتفي التعارض بين الروايتين عن ابن عمر وعن أنس وعمرو، وإلا فليس أحدهما أولى من الآخر.

    وأما حديث الأنصار فرووه كما ذكره هشام بن زيد عن أنس ورواه عبد العزيز بن صهيب عن أنس عن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أنه قال: "أنتم من أحب الناس إلي". وهو حديث واحد وزيادة العدل مقبولة، فصح بزيادة من في الحديث من طريق العدول أن الأنصار وزيدا وأسامة رضي الله عنهم من جملة قوم هم أحب الناس إلى رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وهذا حق لا يشك فيه لأنهم من أصحابه وأصحابه أحب الناس إليه بلا شك، وليس هكذا جوابه في عائشة رضي الله عنها إذ سئل في أحب الناس إليك فقال: "عائشة" فقيل: من الرجال قال: "أبوها"، لأن هذا قطع على بيان ما سأل عنه السائل من معرفة من المنفرد البائن عن الناس بمحبته عليه السلام.

    واعترض علينا بعض الأشعرية بأن قال إن الله تعالى يقول: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} فصح أن محبته عليه السلام لمن أحب ليس فضولا لأنه قد أحب عمه وهو كافر.

    قال أبو محمد: فقلنا إن هذه الآية ليست على ما ظن وإنما مراد الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت} أي
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:14

    أحببت هداه. برهان ذلك قوله تعالى: {ولكن الله يهدي من يشاء} أي من يشاء هداه. وفرض على النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وعلينا أن نحب الهدى لكل كافر لا أن نحب الكافر. وأيضا فلو صح أن معنى الآية من أحببت كما ظن هذا المعترض لما كان علينا بذلك حجة لأن هذه آية مكية نزلت في أبي طالب ثم أنزل الله تعالى في المدينة: {لا تجد قوما يؤمنون بالله وباليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} وأنزل الله تعالى في المدينة: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} وإن كان رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أحب أبا طالب فقد حرّم الله تعالى عليه بعد ذلك ونهاه عن محبته وافترض عليه عداوته. وبالضرورة يدري كل ذي حس سليم أن العداوة والمحبة لا يجتمعان أصلا. والمودة هي المحبة في اللغة التي بها نزل القرآن بلا خلاف من أحد من أهل اللغة. فقد بطل أن يحب النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أحدا غير مؤمن.
    وقد صحت النصوص والإجماع على أن محبة رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لمن أحب فضيلة وذلك كقوله عليه السلام لعلي: "لأعطين الرابة غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله"، فإذ لا شك ولا خلاف في أن محبة رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بخلاف ما قال أهل الجهل والكذب، فقد صح يقينا أن كان أتم حظا في الفضيلة فهو فضل ممن هو أقل حظا في تلك الفضيلة. هذا شيء يعلم ضرورة.

    فإذا كانت عائشة أتم حظا في المحبة التي هي أتم فضيلة فهي أفضل ممن حظه في ذلك أقل من حظها. ولذلك لما قيل له عليه السلام من الرجال قال: "أبوها"، ثم: "عمر". فكان ذلك موجبا لفضل أبي بكر ثم عمر على سائر الصحابة رضي الله عنهم. فالحكم بالباطل لا يجوز في أن يكون يقدم أبو بكر ثم عمر في الفضل من أجل تقدمها في المحبة عليهما. وما نعلم نصا في وجوب القول بتقديم أبي بكر ثم عمر على سائر الصحابة إلا هذا الخبر وحده.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:15

    قال أبو محمد: وقد نص النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على ما ينكح له من النساء فذكر الحسب والمال والجمال والدين ونهى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عن كل ذلك بقوله: "فعليك بذات الدين تربت يداك"، فمن المحال الممتنع أن يكون يحض على نكاح النساء واختيارهن للدين فقط ثم يكون هو عليه السلام يخالف ذلك فيحب عائشة لغير الدين. وكذلك قوله عليه السلام: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"، لا يحل لمسلم أن يظن في ذلك شيئا غير الفضل عند الله تعالى في الدين، فوصف الرجل امرأته للرجال لا يرضى به إلا خسيس نذل ساقط ولا يحل لمن له أدنى مسكة من عقل أن يمر هذا في باله عن فاضل من الناس، فكيف عن المقدس المطهر البائن فضله على جميع الناس [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].

    قال أبو محمد: ولولا أنه بلغنا عن بعض من تصدر لنشر العلم من زماننا وهو المهلب بن أبي صفرة التميمي صاحب عبد الله بن إبراهيم الأصيل أنه أشار إلى هذا المعنى القبيح وصرح به ما انطلق لنا بالإيماء إليه لسان، ولكن المنكر إذا ظهر وجب على المسلمين تغييره فرضا على حسب طاقتهم. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

    قال أبو محمد: وكذلك عرض الملك لها رضي الله عنه على رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قبل ولادتها في سرقة من حرير يقول له: "هذه زوجتك"، فيقول عليه السلام: "إن يكن من عند الله يمضه"، فهل بعد هذا في الفضل غاية.

    قال أبو محمد: واعترض علينا مكي بن أبي طالب المقري بأن قال يلزم على هذا أن تكون امرأة أبي بكر أفضل من علي لأن امرأة أبي بكر مع أبي بكر في الجنة في درجة واحدة وهي أعلى من درجة علي، فمنزلة امرأة أبي بكر أعلى من منزلة علي فهي أفضل من علي.

    قال أبو محمد: فأجبناه بأن قلنا له وبالله تعالى نتأيد إن هذا الاعتراض ليس بشيء لوجوه. أحدها أن ما بين درجة أبي بكر ودرجة علي في الفضل الموجب لعلو درجته في الجنة على درجة علي ليست من التباين بحيث هو ما بين درجة النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وبين درجة أبي بكر في الفضل الموجب لعلو درجته عليه السلام على درجات سائر الصحابة رضي الله عنهم، بل قد أيقنا أن درجة أقل رجل منا في الفضل أقرب نسبة من أعلى درجة لأعلى رجل من الصحابة من نسبة درجة أفضل الصحابة إلى درجة النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وأيضا فليس بين أبي بكر وعلي في
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:16

    المباينة في الفضل ما يوجب أن تكون امرأة أبي بكر التابعة له أفضل من علي، بل منازل المهاجرين الأولين الذين أوذوا في سبيل الله عز وجل متقاربة وإن تفاضلت، ثم كذلك أهل السوابق مشهدا مشهدا درجهم في الفضل متقاربة وإن تفاضلت، ثم منازل الأنصار الأولين متقاربة وإن تفاضلت، ثم كذلك أهل السوابق بعد الهجرة مشهدا مشهدا درجهم متقاربة في الفضل، ثم كذلك من أسلم بعد الفتح أيضا. ويزداد الأفضل فالأفضل من المشركين في المشاهد جزاء على على ذلك فنقول إن امرأة أبي بكر المستحقة بعملها الكون معه في درجته مثل أم رومان لسنا ندري أهي أفضل أم علي لأنا لا نص معنا في ذلك والتفضيل لا يعرف إلا بنص. وقد قال عليه السلام : "خيركم القرن الذي بعثت فيه ثم الذين يلونهم" أو كما قال عليه السلام فجعلهم طبقات في الخير والفضل. فلا شك هم كذلك في الجزاء في الجنة، وإلا فكان يكون الفضل لا معنى له. وقال عز وجل: {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} وأيضا فلسنا نشك أن المهاجرات الأوليات من نساء الصحابة رضي الله عنهم يشاركن الصحابة في الفضل، ففاضلة ومفضولة وفاضل ومفضول، ففيهن من يفضل كثيرا من الرجال وفي الرجال من يفضل كثيرا منهن. وما ذكر الله تعالى منزلة من الفضل إلا وقرن النساء مع الرجال فيها كقوله تعالى: {إن المسلمين والمسلمات} الآية، حاشا الجهاد فإنه فرض على الرجال دون النساء . ولسنا ننكر أن يكون لأبي بكر رضي الله عنه قصور ومنازل مقدمة على جميع الصحابة ثم يكون لمن لم تستأهل من نسائه تلك المنزلة منازل في الجنة دون منازل من هو أفضل منهن من الصحابة، فقد نكح الصحابة رضي الله عنهم التابعيات بعد الصاحبات وعليهن، فتكون تلك المنازل زائدة في فضل أزواجهن من الصحابة فينزلون إليهن ثم ينصرفون إلى منازلهن العالية. بل قد صح هذا عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وأنه قال كلاما معناه وأكثر نصه أنه عليه السلام: "زعيم بيت في ربض الجنة في وسط الجنة وفي أعلى الجنة لمن فعل كذا"، أمرا وصفه رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
    فصح نص ما قلنا من أن لمن دونه عليه السلام منازل عالية وأخر سفلة عن تلك المنازل ينزلون إليها ثم يصعدون إلى الأعالي. وهذا مبعد عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لوجهين. أحدهما أن جميع نسائه عليه السلام لهن حق الصحبة التي يشتركن فيها جميع الصحابة ويفضلنهم فيها بقرب الخاصة، فليس في نسائه عليه السلام ولا واحدة يفضلها بالصحبة التي هي فضيلتهم التي بها بانوا عمن سواهم فقط وقد كفينا الباب. والوجه الثاني أن تأخر بعض الصحابة عن بعضهم في بعض الأماكن موجود وإن كان ذلك المتأخر في بعض الأماكن متقدما في مكان آخر، فقد علمنا أن بلالا عذب في الله عز وجل ما لم يعذب علي وأن عليا قاتل ما لم يقاتل بلال وأن عثمان أنفق ما لم ينفق بلال ولا علي فيكون المفضول منهم في الجملة متقدما للذي فضله في بعض فضائله.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:20

    ولا سبيل أن يوجد هذا فيما بينهم وبين النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ولا يجوز أن يتقدمه أحد من ولد آدم في شيء من الفضائل أولها عن آخرها ولا إلى أن يلحقه لاحق في شيء من الفضائل من بني آدم، فلا سبيل إلى ينزل النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلى درجة يوازيه فيها صاحب من الصحابة فكيف أن يعلو عليه الصاحب؟ هذا أمر تقشعر منه جلود المؤمنين. وقد استعظم أبو أيوب رضي الله عنه أن يسكن في غرفة على بيت يسكنه رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، فكيف يظن بأن هذا يكون في دار الجزاء. فإذا كان العالي من الصحابة في أكثر منازله ينسفل أيضا في بعضها عن صاحب آخر قد علاه في منازل أخر على قدر تفاضلهم في أعمالهم كما ذكرنا آنفا، فقد أخبر النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أن الصائمين يدعون من باب الريان وأن المجاهدين يدعون من باب الجهاد وأن المتصدقين يدعون من باب الصدقة وأن أبا بكر يرجو له رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أن يدعى من جميع تلك الأبواب. وقد يجوز أن يفضل أبا بكر رضي الله عنه غيره من الصحابة في بعض تلك الوجوه مما انفرد بباب منها ولا يجوز أن يفضل أحد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في شيء من أبواب البر فبطل هذا الاعتراض جملة والحمد لله رب العالمين.
    واعترض أيضا علينا مكي بن أبي طالب بأن قال إذا كان رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أفضل من موسى عليه السلام ومن كل واحد من الأنبياء عليهم السلام وكان عليه السلام أعلى درجة في الجنة من جميع الأنبياء عليهم السلام وكان نساؤه عليه السلام معه في درجته في الجنة فدرجتهن فيها أعلى من درجة موسى عليه السلام ومن درج سائر الأنبياء عليهم السلام فهن على هذا الحكم أفضل من موسى وسائر الأنبياء عليهم السلام.

    قال أبو محمد: فأجبناه بأن هذا الاعتراض أيضا لا يلزمنا ولله الحمد لأن الجنة دار ملك وطاعة وعلو منزلة ورياسة واتباع من التابع للمتبوع، كما قال عز وجل: {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا} وقال تعالى عن موسى عليه السلام: {وكان عند الله وجيها} وأخبر عز وجل عن جبريل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] فقال: {ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين}، فقد علمنا أن ملك الدنيا غرور وأن ملك الآخرة هو الحقيقة. وقد أخبر عليه السلام أنه رأى الأنبياء عليهم السلام مع أتباعهم: فالنبي معه الواحد والاثنان والثلاثة والنفر والجماعة، فأخبر عز وجل أن هنالك الملك الكبير والطاعة والوجاهة والأتباع والاستئمار. وإنما عرض الله تعالى علينا في الدنيا من الملك طرفا لنعلم به مقدار الملك الذي في دار الجزاء كما عرض علينا من اللذات والحرير والديباج والخمر والذهب والفضة والمسك والجواري والحلي وأعلمنا أن هذا كله خالصة لنا هنالك، وكما صح عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إن آخر من يدخل الجنة يزكو على أعظم ملك عرفه في الدنيا فيتمنى مثل ملكه فيعطيه الله تعالى مثل الدنيا عشر مرات.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:21

    قال أبو محمد: فلما صح ما ذكرنا وكانت الملائكة طبقة واحدة إلا أنهم يتفاضلون فيها وكانت طبقة المرسلين النبيين طبقة واحدة ومنازلهم في درجات متقاربة إلا أنهم أيضا يتفاضلون فيها، وهم طلهم طبقة واحدة، والنبيون غير المرسلين طبقة واحدة إلا أنهم أيضا يتفاضلون فيها، وكل الصحابة طبقة واحدة إلا أنهم يتفاضلون فيها، فوجب بلا شك أن لا يكون أتباع الرسل من النساء والأصحاب كالمتبوعين الذين هم الرسل لأن بالضرورة نعلم أن تابع الأعلى ليس لاحقا نظير متبوعه فكيف أن يكون أعلى منه كما أن التابعيات من نساء الصحابة رضي الله عنهم لا يلحقن نظراء أزواجهن من الصحابة إذ ليس هن معهم في طبقة، وإنما ينظر بين أهل كل طبقة ومن هو في طبقته، ونساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] طبقة واحدة مع الصحابة فصح التفاضل بينهم وليس واحدة منهن ولا منهم مع الأنبياء في طبقة فلم يجز أن ينظر بينهم. وقد أخبر عليه السلام أنه رأى ليلة الإسراء الأنبياء عليهم السلام في السموات سماء سماء، وبالضرورة نعلم أن منزلة النبي الذي هو متبوع في سماء الدنيا أمره هناك مطاع أعلى من منزلة التابع في السماء السابعة للنبي الذي هنالك. وإذ قد صح عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أن كل نبي يأتي مع أمته فنحن مع نبينا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، فإن كل ما ألزمناه مكي لازما لنا فيلزمه مثل ذلك فينا أيضا أن نكون أفضل من الأنبياء وهذا غير لازم لما ذكرنا من أنه لا ينظر في الفضل إلا بين من كان من أهل طبقة واحدة، فمن كان منهم أعلى منزلة من الآخر كان أفضل منه بلا شك، وليس ذلك في الطباق المختلفة. ألا ترى أن كون مالك خازن النار في مكان غير مكان خازن الجنة وغير مكان جبرائيل لا تحط درجته عن درجة من في الجنة من الناس الذين الملائكة جملة أفضل منهم لأن مالكا متبوع للنار ومقدم مطاع مفضل بذلك على التابعين والخدمة في الجنة بلا شك فبطل هذا الشغب.

    ويجمع هذا الجواب باختصار وهو أن الرؤساء والمتبوعين في كل طبقة في الجنة أعلى من التابعين لهم، ونساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وأصحابه كلهم أتباع له عليه السلام، وجميع الأنبياء متبوعون، فإنما ينظر بين المتبوعين أيهم أفضل وينظر بين الأتباع أيهم أفضل ويعلم الفضل بعلو درجة كل فاضل من دونه في الفضل. ولا يجوز أن ينظر بين الأتباع والمتبوعين لأن المتبوعين لا يكونون البتة أحط درجة من التابعين. وبالله تعالى التوفيق.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:22

    فإن قال قائل فكيف يقولون في الحور العين أهن أفضل من الناس ومن الأنبياء كما قلتم في الملائكة؟ فجوابنا وبالله تعالى التوفيق أن الفضل لا يعرف إلا ببرهان مسموع من الله تعالى في القرآن أو من كلام الرسول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ولم نجد الله تعالى نص على فضل الحور العين كما نص على فضل الملائكة وإنما نص على أنهن مطهرات حسان عرب أتراب يجامعن ويشاركن أزواجهن في اللذات كلها وأنهن خلقن ليلتذ بهن المؤمنون، فإذا الأمر هكذا فإنما محل الحور العين محل من هن له فقط، إن ذلك اختصاص لهن بلا عمل وتكليف، فهن خلاف الملائكة في ذلك. وبالله تعالى التوفيق.

    قال أبو محمد: ومما يؤكد قولنا قول الله تعالى: {إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون} وهذا النص إذ قد صح فقد وجب الإقرار به.

    فلو عجزنا عن تفضيل بعض أقسام هذه الاعتراضات لما ألزمنا في ذلك نقصا إذ لا يجوز الاعتراض على هذا النص، وكلما صح بيقين فلا يجوز أن يعارض بيقين آخر والبرهان لا يبطله برهان. وقد أوضحنا أن الجنة دار جزاء على أعمال المكلفين فأعلاهم درجة أعلاهم فضلا، ونساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أعلا درجة في الجنة من جميع الصحابة فهن أفضل منهن. فمن أبى هذا فليخبرنا ما معنى الفضل عنده، إذ لا بد أن يكون لهذه الكلمة معنى فإن قال لا معنى لها فقد كفانا مؤنته وإن قال لها معنى سألناه ما هو فإنه لا يجد غير ما قلناه وبالله تعالى التوفيق فكيف وقد أتينا بتأييد الله عز وجل لنا على كل ما اعترض علينا به في هذا الباب ولاح وجه في ذلك بيننا والحمد لله رب العالمين.

    قال أبو محمد: واستدركنا بيانا زائدة في قول النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في أن فاطمة سيدة نساء المؤمنين أو نساء هذه الأمة. فنقول وبالله تعالى التوفيق: إن الواجب مراعاة ألفاظ الحديث، وإنما ذكر عليه السلام في هذا الحديث السيادة ولم يذكر الفضل وذكر عليه السلام في حديث عائشة الفضل نصا بقوله عليه السلام: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".

    قال أبو محمد: والسيادة غير الفضل. ولا شك أن فاطمة رضي الله عنها سيدة نساء العالمين بولادة النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لها، فالسيادة من باب الشرف لا من باب الفضل. فلا تعارض بين الحديث البتة والحمد لله رب العالمين.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:23

    وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما هو حجة في اللغة العربية: كان أبو بكر خير وأفضل من معاوية وكان معاوية أسود من أبي بكر. ففرق ابن عمر كما ترى بين السيادة وبين الفضل والخير. وقد علمنا أن الفضل هو الخير نفسه لأن الشيء إذا كان خيرا من شيء آخر فهو أفضل منه بلا شك.

    قال أبو محمد: وقد قال قائل ممن يخالفنا في هذا قال الله عز وجل: {وليس الذكر كالأنثى} فقلنا وبالله تعالى التوفيق: فأنت إذا عند نفسك أفضل من مريم وعائشة وفاطمة لأنك ذكر وهؤلاء أناث؟ فإن قال هذا الحق بالنوكي وكفر. فإن سئل عن معنى الآية قيل له الآية على ظاهرها ولا شك في أن الذكر ليس كالأنثى، لأنه لو كان كالأنثى لكان أنثى، والأنثى أيضا ليست كالذكر لأن هذه أنثى وهذا ذكر. وليس هذا من الفضل في شيء البتة. وكذلك الحمرة غير الخضرة والخضرة ليست كالحمرة وليس هذا من باب الفضل.

    فإن اعترض معترض بقول الله تعالى: {وللرجال عليهن درجة} قيل له إنما هذا في حقوق الأزواج على الزوجات. ومن أراد حمل هذه الآية على ظاهرها لزمه أن يكون كل يهودي وكل مجوسي وكل فاسق من الرجال أفضل من أم موسى وأم عيسى وأم إسحاق عليهم السلام ومن نساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وبناته وهذا كفر ممن قاله بإجماع الأمة.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:25

    وكذلك قوله تعالى: {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} إنما ذلك في تقصيرهن في الأغلب عن المحاجة لقلة دربتهن. وليس في هذا ما يحط من الفضل عن ذوات الفضل منهن.

    فإن اعترض معترض فقال الذي أمرنا بطاعتهم من خلفاء الصحابة رضي الله عنهم أفضل من نساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بقوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.

    فالجواب وبالله تعالى التوفيق أن هذا خطأ من جهات.

    إحداها أن نساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من جملة أولي الأمر منا الذين أمرنا بطاعتهم فيما بلغن إلينا عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كالأئمة من الصحابة سواء ولا فرق.

    والوجه الثاني أن الخلافة ليست من قبل فضل الواحد في دينه فقط وجبت لمن وجبت له وكذلك الإمارة لأن الإمارة قد تجوز لمن غيره أفضل منه. وقد كان عمر رضي الله عنه مأمور بطاعة عمرو بن العاص إذ أمّره رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في غزوة ذات السلاسل فبطل أن تكون الطاعة إنما تجب للأفضل فالأفضل. وقد أمر النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عمرو بن العاص وخالد بن الوليد كثيرا، ولم يُأمّر أبا ذر ، وأبو ذر أفضل خير منهما بلا شك. وأيضا فإنما وجبت طاعة الخلفاء من الصحابة رضي الله عنهم في أوامرهم مذ ولوا لا قبل ذلك. ولا خلاف في أن الولاية لم تزدهم فضلا على ما كانوا عليه وإنما زادهم فضلا عدلهم في الولاية لا الولاية نفسها، وعدلهم داخل في جملة أعمالهم التي يستحقون والفضل بها. ألا ترى أن معاوية والحسن إذ وليا كانت طاعتهما واجبة على سعد بن أبي وقاص، وسعد أفضل منهما ببون بعيد جدا، وهو حي معهما مأمور بطاعتهما . وكذلك القول في جابر وأنس بن مالك وابن عمر رضي الله عنهم في وجوب طاعة عبد الملك بن مروان. والذي بين جابر وأنس وابن عمرو بين عبد الملك في الفضل كالذي بين النور والظلمة . فليس في وجوب طاعة الولاة ما يوجب فضلا في الجنة.

    .
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:26

    فإن اعترض معترض بقول الله تعالى: {والذين أمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين} فبيان اعتراضه ظاهر في آخر الآية وهو أن إلحاق الذرية بالآباء لا يقتضي كونهم معهم في درجة، ولا هذا مفهوم من نص الآية، بل إنما فيها إلحاقهم بهم فيما ساووهم فيه بنص الآية. ثم بين تعالى ذلك ولم يدعنا في شك بقوله {كل امرئ بما كسب رهين} فصح أن كل واحد من الآباء والأبناء يجازى حسب ما كسب فقط. وليس حكم الأزواج كذلك بل أزواج النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] معه في قصوره وعلى سرره ملتذ بهن ومعهن جزاء لهن بما عملن من الخبر وبصبرهن واختيار الله تعالى ورسوله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] والدار الآخرة. وهذه منزلة لا يحلها أحد بعد النبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، فهن أفضل من كل واحد دون الأنبياء عليهم السلام.

    فإن شغب مشغب بقول رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم من إحداكن"، قلنا وبالله تعالى التوفيق: إن حملت هذا الحديث على ظاهره فيلزمك أن تقول إنك أتم عقلا ودينا من مريم وأم موسى وأم إسحاق ومن عائشة وفاطمة . فإن تمادى على هذا سقط الكلام معه ولم يبعد عن الكفر. وإن قال لا سقط اعتراضه واعترف بأن من الرجال من هو أنقص دينا وعقلا من كثير من النساء. فإن سأل عن معنى هذا الحديث قيل له قد بين رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وجه ذلك النقص وهو كون شهادة على المرأة على النصف من شهادة الرجل وكونها إذا حاضت لا تصلي ولا تصوم، وليس هذا بموجب نقصان الفضل ولا نقصان الدين والعقل في غير هذين الوجهين فقط، إذ بالضرورة ندري أن في النساء من هن أفضل من كثير من الرجال وأتم دينا وعقلا غير الوجوه التي ذكر النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وهو عليه السلام لا يقول إلا حقا، فصح يقينا أنه إنما عبر عليه السلام ما قد بينه في الحديث نفسه من الشهادة والحيض فقط وليس ذلك مما ينقص الفضل، فقد علمنا أن أبا بكر وعليا لو شهدوا في زنا لم يحكم بشهادتهم ولو شهد به أربعة منا عدول في الظاهر حكم بشهادتهم، وليس ذلك بموجب أننا أفضل من هؤلاء المذكورين، وكذلك القول في شهادة النساء. فليست الشهادة من باب التفاضل في ورد ولا صدر، لكن نقف فيها عند ما حده النص فقط. ولا شك عند كل مسلم في أن صواحبه من نسائه وبناته عليهم السلام كخديجة وعائشة وفاطمة وأم سلمة أفضل دينا ومنزلة عند الله تعالى من كل تابع أتى بعدهن ومن كل رجل يأتي في هذه الأمة إلى يوم القيامة، فبطل الاعتراض بالحديث المذكور وصح أنه على ما فسرناه وبيناه والحمد لله رب العالمين. وأيضا فقول الله تعالى: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء} مخرج لهن عن سائر النساء في كل ما اعترض به معترض مما ذكرناه وشبهه.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:28

    قال أبو محمد: فإن اعترض معترض بقول النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وامرأة فرعون"، فإن هذا الكمال إنما هو الرسالة والنبوة التي انفرد بها الرجال وشاركهم بعض النساء في النبوة وقد يتفاضلون أيضا فيها فيكون بعض الأنبياء أكمل من بعض ويكون بعض الرسل أكمل من بعض. قال الله عز وجل: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات} فإنما ذكر في هذا الخبر من بلغ غاية الكمال في طبقته ولم يتقدمه منهم أحد وبالله تعالى التوفيق.

    فإن اعترض معترض بقوله عليه السلام: "لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة"، فلا حاجة له في ذلك لأنه ليس امتناع الولاية فيهن بموجب لهن نقص الفضل، فقد علمنا أن ابن مسعود وبلالا وزيد بن حارثة رضي الله عنهم لم يكن لهم حظ في الخلافة، وليس بموجب أن يكون الحسن وابن الزبير ومعاوية أفضل منهم، والخلافة جائزة لهؤلاء غير جائزة لأولئك، ومنهم في الفضل ما لا يجهله المسلم.

    قال أبو محمد: وأما أفضل نسائه فعائشة وخديجة رضي الله عنهما لعظم فضائلهما وإخباره عليه السلام أن عائشة أحب الناس إليه وأن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. وقد ذكر عليه السلام خديجة بنت خويلد فقال: "أفضل نسائهما مريم بنت عمران وأفضل نسائها خديجة بنت خويلد"، مع سابقة خديجة في الإسلام وثباتها رضي الله عنها. ولأم سلمة وسودة وزينب بنت جحش وزينب بنت خزيمة وحفصة سوابق في الإسلام عظيمة وأحمال للمشقات في الله عز وجل ورسوله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] والهجرة والغربة عن الوطن والدعاء إلى الإسلام والبلاء في الله عز وجل ورسوله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. ولكلهن بعد ذلك الفضل المبين رضوان الله عليهن أجمعين.

    قال أبو محمد: وهذه مسألة نقطع فيها أننا المحققون عند الله عز وجل وأن من خالفنا فيها مخطئ عند الله عز وجل بلا شك وليست مما يسع الشك فيه أصلا.

    قال أبو محمد: فإن قال قائل هل قال هذا أحد قبلكم؟ قلنا له وبالله تعالى التوفيق: وهل قال غير هذا أحد قبل من يخالفنا الآن؟ وقد علمنا ضرورة أن لنساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] منزلة من الفضل بلا شك فلا بد من البحث عنها ، فليقل مخالفنا في أي منزلة نضعهن، أبعد جميع الصحابة كلهم فهذا ما لا يقوله أحد، أم بعد طائفة منهم فعليه الدليل وهذا ما لا سبيل له إلى وجوده. وإذ قد بطل هذان القولان أحدهما بالإجماع على أنه باطل والثاني لأنه دعوى لا دليل عليها ولا برهان فلم يبق إلا قولنا والحمد لله رب العالمين الموفق للصواب بفضله.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:29

    ثم نقول وبالله تعالى نستعين: قد صح أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خطب الناس حين ولي بعد موت رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] فقال: أيها الناس إني وليتكم ولست بخيركم. فقد صح عنه رضي الله عنه أنه أعلن بحضرة جميع الصحابة رضي الله عنهم أنه ليس بخيرهم ولم ينكر هذا القول منهم أحد، فدل على متابعتهم له ولا خلاف أنه ليس في أحد من الحاضرين لخطبته إنسان يقول فيه أحد من الناس إنه خير من أبي بكر إلا علي وابن مسعود وعمر وأما جمهور الحاضرين من مخالفينا في هذه المسألة من أهل السنة والمرجئة والمعتزلة والخوارج فإنهم لا يختلفون في أن أبا بكر أفضل من علي وعمر وابن مسعود وخير منهم، فصح أنه لم يبق إلا أزواج النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. فإن قال قائل إنما قال أبو بكر هذا تواضعا؛ قلنا له هذا هو الباطل المتيقن لأن الصديق الذي سماه رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بهذا الاسم لا يجوز أن يكذب وحاشا له من ذلك ولا يقول إلا الحق والصدق، فصح أن الصحابة متفقون في الأغلب على تصديقه في ذلك، فإذ ذلك كذلك وسقط بالبرهان الواضح أن يكون أحد من الصحابة رضي الله عنهم خيرا من أبي بكر ولم يبق إلا أزواج النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ونساؤه ووضح أننا لو قلنا إنه إجماع من جمهور الصحابة لم يبعد من الصدق.

    قال أبو محمد: وأيضا فإن يوسف بن عبد الله النمري حدثنا قال حدثنا خلف بن قاسم ثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي حدثنا محمد بن العباس البغدادي ثنا إبراهيم بن محمد البصري ثنا أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني قال: كان عمار بن ياسر والحسن بن علي يفضلان علي بن أبي طالب على أبي بكر الصديق وعمر.

    حدثنا أحمد بن محمد الخوزي ثنا أحمد بن الفضل الدينوري ثنا محمد بن جرير الطبري أن علي بن أبي طالب
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:30

    بعث عمار بن ياسر والحسن بن علي إلى الكوفة إذ خرجت أم المؤمنين إلى البصرة فلما أتياها اجتمع إليهما الناس في المسجد فخطبهم عمار وذكر لهم خروج عائشة أم المؤمنين إلى البصرة ثم قال لهم: إني أقول لكم والله إني لا أعلم أنها زوجة رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في الجنة كما هي زوجته في الدنيا ولكن الله ابتلاكم بها لتطيعوها أو لتطيعوه، فقال له مسروق أو أبو الأسود: يا أبا اليقظان فنحن مع من شهدت له بالجنة دون من لم تشهد له، فسكت عمار وقال له الحسن: أعن نفسك عنا. فهذا عمار والحسن وكل من حضر من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والكوفة يومئذ مملؤة منهم يسمعون تفضيل عائشة على علي وهو عند عمار والحسن أفضل من أبي بكر وعمر فلا ينكرون ذلك ولا يعترضونه أحوج ما كانوا إلى إنكاره، فصح أنهم متفقون على أنها وأزواجه عليه السلام أفضل من كل الناس بعد الأنبياء عليهم السلام.
    ومما يبين أن أبا بكر رضي الله عنه لم يقل وليتكم ولست بخيركم إلا محقا صادقا لا تواضعا يقول فيه الباطل وحاشا له من ذلك ما حدثناه أحمد بن محمد الطلمنكي قال حدثنا أحمد بن محمد بن مفرج ثنا محمد بن أيوب الصموت الرفي أنا أحمد بن عمر بن عبد الخالق البران ثنا عبد الملك بن سعد ثنا عقبة بن خالد ثنا شعبة بن الحجاج ثنا الحريري عن أبي بصرة عن أبي سعيد الخدري قال قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ألست أحق الناس بها أولست أول من أسلم ألست صاحب كذا.

    قال أبو محمد: فهذا أبو بكر رضي الله عنه يذكر فضائل نفسه إذ كان صادقا فيها، فلو كان أفضلهم لصرح به وما كتمه وقد نزهه الله تعالى عن الكذب فصح قولنا نصا والحمد لله رب العالمين
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:32

    قال أبو محمد: ثم وجب القول فيمن هو أفضل الصحابة بعد نساء النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] . فلم نجد لمن فضل ابن مسعود أو عمر أو جعفر بن أبي طالب أو أبا سلمة والثلاثة الأسهليين على جميع الصحابة حجة يعتمد عليها. ووجدنا من يوقف لم يزد على أنه لم يلح له البرهان أنهم أفضل ولو لاح له لقال به. ووجدنا العدد والمعارضة في القائلين بأن عليا أفضل أكثر فوجب أن يُأتى بما شغبوا به ليلوح الحق في ذلك وبالله تعالى التوفيق.


    الاحتجاج بأن عليا أكثر

    الصحابة جهادا



    قال أبو محمد: وجدناهم يحتجون بأن عليا كان أكثر الصحابة جهادا وطعنا في الكفار وضربا والجهاد أفضل الأعمال.

    قال أبو محمد: هذا خطأ لأن الجهاد ينقسم أقساما ثلاثة أحدها الدعاء إلى الله عز وجل باللسان والثاني الجهاد عند الحرب بالرأي والتدبير والثالث الجهاد باليد في الطعن والضرب. فوجدنا الجهاد في اللسان لا يلحق فيه أحد بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أبا بكر وعمر. أما أبو بكر فإن أكابر الصحابة رضي الله عنهم أسلموا على يديه فهذا أفضل عمل وليس لعلي من هذا كثير حظ. وأما عمر فإنه من يوم أسلم عز الإسلام وعُبد الله تعالى بمكة جهرا وجاهد المشركين بمكة بيديه فضرب وضرب حتى ملوه فتركوه فعبد الله تعالى علانية وهذا أعظم الجهاد. فقد انفرد هذان الرجلان بهذين الجهادين الذين لا نظير لهما ولا حظ لعلي في هذا أصلا . وبقي القسم الثاني وهو الرأي والمشورة، فوجدناه خالصا لأبي بكر ثم لعمر. وبقي القسم الثالث وهو الطعن والضرب والمبارزة فوجدناه أقل من مراتب الجهاد ببرهان ضروري وهو أن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لا شك عند كل مسلم أنه المخصوص بكل فضيلة فوجدنا جهاده عليه السلام إنما كان في أكثر أعماله وأحواله القسمين الأولين من الدعاء إلى الله عز وجل والتدبير والإرادة، وكان أقل عمله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الطعن والضرب والمبارزة لا عن جبن بل كان عليه السلام أشجع أهل الأرض قاطبة نفسا ويدا وأتمهم نجدة، ولكنه كان يؤثر الأفضل فالأفضل من الأفعال فيقدمه عليه السلام ويشتغل به، ووجدناه عليه السلام يوم بدر وغيره وكان أبو بكر رضي الله عنه معه لا يفارقه إيثارا من رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] له بذلك واستظهارا برأيه في الحرب وأنسا بمكانه، ثم كان عمر ربما شورك في ذلك أيضا وقد انفرد بهذا المحل دون علي ودون سائر الصحابة إلا في الندرة. ثم نظرنا مع ذلك في هذا القسم من الجهاد الذي هو الطعن والضرب والمبارزة فوجدنا عليا رضي الله عنه لم ينفرد بالبسوق فيه بل قد شاركه في ذلك غيره شركة العنان كطلحة والزبير وسعد، وممن قتل في صدر الإسلام كحمزة وعبيدة بن الحارث بن المطلب ومصعب بن عمير، ومن الأنصار سعد بن معاذ وسماك بن خرشة وغيرهما ، ووجدنا أبا بكر وعمر قد شاركاه في ذلك بحظ حسن وإن لم يلحقا بحظوظ هؤلاء وإنما ذلك لشغلهما بالأفضل من ملازمة رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وموازرته في حين الحرب. وقد بعثهما رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على البعوث أكثر مما بعث عليا ، وقد بعث أبا بكر إلى بني فزارة وغيرهم، وبعث عمر إلى بني فلان، وما نعلم لعلي بعثا إلا إلى بعض حصون خيبر ففتحه وقد بعث قبله أبا بكر وعمر فلم يفتحاه، فحصل أرفع أنواع الجهاد لأبي بكر وعمر، وقد شاركا عليا في أقل أنواع الجهاد مع جماعة غيرهم.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:35

    الاحتجاج بأن عليا أكثرهم علما


    قال أبو محمد: واحتج أيضا من قال بأن عليا كان أكثرهم علما.

    قال أبو محمد: كذب هذا القائل. وإنما يعرف علم الصحابي لأحد وجهين لا ثالث لهما، أحدهما كثرة روايته وفتاويه والثاني كثرة استعمال النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] له، فمن المحال الباطل أن يستعمل النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من لا علم له، وهذه أكبر الشهادات على العلم وسعته. فنظرنا في ذلك فوجدنا النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قد ولى أبا بكر الصلاة بحضرته طول علته وجميع أكابر الصحابة حضور كعلي وعمر وابن مسعود وأبي وغيرهم، فآثره بذلك على جميعهم وهذا خلاف استخلافه عليه السلام إذا غزا لأن المستخلف في الغزوة لم يستخلف إلا على النساء وذوي الأعذار فقط، فوجب ضرورة أن نعلم أن أبا بكر أعلم الناس بالصلاة وشرائعهما وأعلم المذكورين بها وهي عمود الدين. ووجدناه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قد استعمله على الصدقات فوجب ضرورة أن عنده من علم الصدقات كالذي عند غيره من علماء الصحابة لا أقل وربما كان أكثر إذ قد استعمل عليه السلام أيضا عليها غيره وهو عليه السلام لا يستعمل إلا عالما بما استعمله عليه، والزكاة ركن من أركان الدين بعد الصلاة. وبرهان ما قلنا من تمام علم أبي بكر رضي الله عنه بالصدقات أن الأخبار الواردة في الزكاة أصحها والذي يلزم العلم به ولا يجوز خلافه فهو حديث أبي بكر ثم الذي من طريق عمر. وأما من طريق علي فمضطرب وفيه ما قد تركه الفقهاء جملة وهو أن في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه. ووجدنا عليه السلام قد استعمل أبا بكر على الحج فصح ضرورة أنه أعلم من جميع الصحابة بالحج. وهذه دعائم الإسلام. ثم وجدناه عليه السلام قد استعمله على البعوث فصح أن عنده من أحكام الجهاد مثل ما عند سائر من استعمله رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على البعوث في الجهاد إذ لا يستعمل عليه السلام على العمل إلا عالما به، فعند أبي بكر من الجهاد من العلم به كالذي عند علي وسائر أمراء البعوث لا أكثر ولا أقل، فإذ قد صح التقدم لأبي بكر على علي وغيره في علم الصلاة والزكاة والحج وساواه في علم الجهاد فهذه عمدة العلم. ثم وجدناه عليه السلام قد ألزم نفسه في جلوسه ومسامرته وظعنه وإقامته أبا بكر فشاهد أحكامه عليه السلام وفتاويه أكثر من مشاهدة علي لها، فصح ضرورة أنه أعلم بها. فهل بقيت من العلم بقية إلا وأبو بكر المتقدم فيها الذي لا يلحق أو المشارك الذي لا يسبق. فبطلت دعواهم في العلم والحمد لله رب العالمين.

    وأما الرواية والفتوى فإن أبا بكر رضي الله عنه لم يعش بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلا سنتين وستة أشهر ولم يفارق المدينة إلا حاجا أو معتمرا ولم يحتج الناس إلى ما عنده من الرواية عن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لأن كل من حواليه أدركوا النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. وعلى ذلك كله فقد روى عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] مائة حديث واثنان وأربعون حديثا مسندة، ولم يرو عن علي إلا خمس مائة وست وثمانون حديثا مسندة يصح منها نحو خمسين، وقد عاش بعد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أزيد من ثلاثين سنة وكثر لقاء الناس إياه وحاجتهم إلى ما عنده لذهاب جمهور الصحابة رضي الله عنهم، وكثر سماع أهل الأفاق منه مرة بصفين وأعواما بالكوفة ومرة بالبصرة والمدينة. فإذا نسبنا مدة أبي بكر من حياته وأضفنا تقري علي البلاد بلدا بلدا وكثرة سماع الناس منه إلى لزوم أبي بكر موطنه وأنه لم تكثر حاجة من حواليه إلى الرواية عنه ثم نسبنا عدد حديث من عدد حديث وفتاوي من فتاوي علم كل ذي حظ من العلم أن الذي كان عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند علي منه . وبرهان على ذلك أن من عمّر من أصحاب رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] عمرا قليلا قل النقل عنهم ومن طال عمره منهم كثر النقل عنهم إلا اليسير من اكتفا بنيابة غيره عنه في تعليم الناس. وقد عاش علي بعد عمر بن الخطاب سبعة عشر عاما غير أشهر ومسند عمر خمسمائة حديث وسبعة وثلاثون حديثا يصح منها نحو خمسين كالذي عن علي سواء بسواء، فكل ما زاد حديث علي على حديث عمر تسعة وأربعين حديثا في هذه المدة الطويلة، ولم يزد عليه في الصحيح إلا حديثا أو حديثين. وفتاوي عمر موازنة لفتاوي علي في أبواب الفقه. فإذا نسبنا مدة من مدة وضربنا في البلاد من ضرب فيها وأضفنا حديث إلى حديث وفتاوي إلى فتاوي علم كل ذي حس علما ضروريا أن الذي كان عند عمر من العلم أضعاف ما كان عند علي من العلم. ثم وجدنا الأمر كل ما أطال كثرت الحاجة إلى الصحابة فيما عندهم من العلم، فوجدنا حديث عائشة رضي الله عنها ألفي مسند ومائتي مسند وعشرة مسانيد وحديث أبي هريرة خمسة آلاف مسند وثلاثمائة مسند وأربع وسبعين مسندا ووجدنا مسند ابن عمر وأنس قريبا من مسند عائشة لكل واحد منهما ووجدنا مسند جابر بن عبد الله وعبد الله ابن عباس لكل واحد منهما أزيد من ألف وخمسمائة ووجدنا لابن مسعود ثمان مائة مسند ونيف. ولكل من ذكرنا حاشا أبا هريرة وأنس بن مالك من الفتاوي أكثر من فتاوي علي أو نحوها. فبطل قول هذه الطائفة الوقاح الجهال. فإن عاندنا معاند في هذا الباب جاهل أو قليل الحياء لاح كذبه وجهله، فإنا غير متهمين على حط أحد من الصحابة رضي الله عنهم عن مرتبته ولا على رفعته فوق مرتبته. لأننا لو انحرفنا عن علي رضي الله عنه ونعوذ بالله من ذلك لذهبنا فيه مذهب الخوارج وقد نزهنا الله عز وجل عن هذا الضلال في التعصب. ولو غلونا فيه لذهبنا فيه مذهب الشيعة وقد أعاذنا الله تعالى من هذا الإفك في التعصب. فصار غيرنا من المنحرفين عنه أو الغالبين فيه هم المتهمون فيه إما له وإما عليه. وبعد هذا كله ليس يقدر من ينتمي إلى الإسلام أن يعاند في الاستدلال على كثرة العلم باستعمال النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] بمن استعمله منهم على ما استعمله عليه من أمور الدين.

    فإن قالوا إن رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قد استعمل عليا على الأخماس وعلى القضاء باليمين قلنا لهم نعم ولكن مشاهدة أبي بكر لأقضية رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أقوى في العلم وأثبت مما عند علي وهو باليمين. وقد استعمل رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أبا بكر على بعوث فيها الأخماس، فقد ساوى علمه علم علي في حكمها بلا شك إذ لا يستعمل عليه السلام إلا عالما بما يستعمله عليه. وقد صح أن أبا بكر وعمر كانا يفتيان على عهد رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهو عليه السلام يعلم ذلك ومحال ذلك أن يبيح لهما ذلك إلا وهما أعلم ممن دونهما. وقد استعمل عليه السلام أيضا على القضاء باليمين مع علي معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري. فلعلي في هذا شركاء كثير منهم أبو بكر وعمر ثم قد انفرد أبو بكر بالجمهور الأغلب من العلم على ما ذكرنا.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23893
    تم شكره : 24
    القوس

    (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم - صفحة 2 Empty رد: (( كتاب الإمامة والمفاضلة )) لابن حزم

    مُساهمة من طرف محمد منسى السبت 18 مايو 2013 - 15:36

    قولهم إن عليا كان أقرأ الصحابة
    وقال هذا القائل: إن عليا كان أقرأ الصحابة.

    قال أبو محمد: وهذه القصة المتجردة والبهتان لوجوه. أولها أنه رد على رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لأنه عليه السلام قال: "يؤم القوم أقرؤهم فإن استووا فأفقههم فإن استووا فأقدمهم هجرة"، ثم وجدنا عليه السلام قد قدم أبا بكر على الصلاة مدة الأيام التي مرض فيها وعلي بالحضرة يراه النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] غدوة وعشية فما رأى لها عليه السلام أحد أحق من أبي بكر بها، فصح أنه كان أقرأهم وأفقههم وأقدمهم هجرة. وقد يكون من لم يجمع حفظ القرآن كله على ظهر قلب أقرأ ممن جمعه كله عن ظهر قلب فيكون ألفظ به وأحسنهم ترتيلا. هذا على أن أبا بكر وعمر وعلي لم يستكمل أحد منهم حفظ سور القرآن كله ظاهرا. إلا أنه قد وجب يقينا بتقديم النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] لأبي بكر على الصلاة وعلي حاضر أن أبا بكر أقرأ من علي، وما كان النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] ليقدم إلى الإمامة الأقل علما بالقراءة على الأقرأ أو الأقل فقها على الأفقه. فبطل أيضا شغبهم في هذا الباب والحمد لله رب العالمين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 17 نوفمبر 2024 - 2:18