الحديث الثامن والثلاثون
عن أبي سعيد وأبي هريرة-رضي الله عنهما-عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:«مَا يُصِيبُ المسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذَى وَلَا غَمٍّ، حَتى الشَّوْكَةَ يَشُاكُهَا إلّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» أخرجه البخاري واللفظ له. ومسلم[].
راوي الحديث:
أبو سعيد-رضي الله عنه-سبقتْ ترجمته في الحديث الثالث والعشرين. وأبو هريرة سبقتْ ترجمته في الحديث الرابع عشر، وزيادة عليها في الحديث السادس عشر.
معاني الكلمات:
1- نصب: تعب.
2- وصب: مرض.
3- غمّ: ما يضيق على القلب.
الشرح:
الإنسان بطبعه مخلوق ضعيف، تصيبه الأدواء والأسقام، والأحزان والهموم والغموم. فإن كان مسلمًا وصبر واحتسب ذلك عند الله كان على خير، وإن جزع وسخط فله السخط.وأشد الناس بلاءً هم الأنبياء - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه: «ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حطّ الله به سيئاته، كما تحطّ الشجرة ورقها»[]. وقال: «من يُرد الله به خيرًا يُصب منه»[].
وقد بيّن الله جلّ وعلا الموقف المشروع للمسلم عند حلول مصيبة به: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156- 157].
فالمصائب تكون على وجهين: إذا صبر واحتسب كُفّر من سيئاته وزيد في حسناته. وتارة يغفل عن هذا ويصيبه ضجر وضيق صدر فيكون في ذلك تكفير لسيئاته دون زيادة درجاته[].
فعلى من يُصَبْ بشيءٍ من البلاء أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله تعالى، ويعلمَ أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
ما يستفاد من الحديث:
1- المصائب والأمراض التي تصيب المسلم خير له، فهي مكفّرةٌ لخطاياه.
2- أنّ المصائب تكفّر بعض الخطايا والذنوب، لأنّ بعضها يحتاج إلى توبة.
3- أَمْرُ المؤمن كله خير إن أصابته سّراء شكر، وإن أصابته ضرّاء صبر، وليس ذلك لأحدٍ إلاّ للمؤمن[].