ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


2 مشترك

    خمسون النبوية الشاملة


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:12

    الحديث الثامن والثلاثون



    عن أبي سعيد وأبي هريرة-رضي الله عنهما-عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:«مَا يُصِيبُ المسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذَى وَلَا غَمٍّ، حَتى الشَّوْكَةَ يَشُاكُهَا إلّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» أخرجه البخاري واللفظ له. ومسلم[].




    راوي الحديث:
    أبو سعيد-رضي الله عنه-سبقتْ ترجمته في الحديث الثالث والعشرين. وأبو هريرة سبقتْ ترجمته في الحديث الرابع عشر، وزيادة عليها في الحديث السادس عشر.
     
    معاني الكلمات:
    1- نصب: تعب.
    2- وصب: مرض.
    3- غمّ: ما يضيق على القلب.
     
    الشرح:
    الإنسان بطبعه مخلوق ضعيف، تصيبه الأدواء والأسقام، والأحزان والهموم والغموم. فإن كان مسلمًا وصبر واحتسب ذلك عند الله كان على خير، وإن جزع وسخط فله السخط.وأشد الناس بلاءً هم الأنبياء - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه: «ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حطّ الله به سيئاته، كما تحطّ الشجرة ورقها»[]. وقال: «من يُرد الله به خيرًا يُصب منه»[].
     
    وقد بيّن الله جلّ وعلا الموقف المشروع للمسلم عند حلول مصيبة به: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 156- 157].
     
    فالمصائب تكون على وجهين: إذا صبر واحتسب كُفّر من سيئاته وزيد في حسناته. وتارة يغفل عن هذا ويصيبه ضجر وضيق صدر فيكون في ذلك تكفير لسيئاته دون زيادة درجاته[].
     
    فعلى من يُصَبْ بشيءٍ من البلاء أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله تعالى، ويعلمَ أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- المصائب والأمراض التي تصيب المسلم خير له، فهي مكفّرةٌ لخطاياه.
    2- أنّ المصائب تكفّر بعض الخطايا والذنوب، لأنّ بعضها يحتاج إلى توبة.
    3- أَمْرُ المؤمن كله خير إن أصابته سّراء شكر، وإن أصابته ضرّاء صبر، وليس ذلك لأحدٍ إلاّ للمؤمن[].
     

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:13

     
    الحديث التاسع والثلاثون


    عن أبي ذرٍّ-رضي الله عنه-قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-:«لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أنْ تَلْقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» أخرجه مسلم[].




    راوي الحديث:
    سبقت ترجمته-رضي الله عنه-في الحديث الخامس عشر.
     
    معاني الكلمات:
    1- لا تحقرنّ: لا تستهن ولا تستقلّ.
    2- طلق: سهل منبسط.
     
    الشرح:
    يرشد -صلى الله عليه وسلم- المسلمَ أن لا يحتقر شيئًا من الأعمال، وإن كان العمل لا يشق على صاحبه، ومن ذلك أن يلقى أخاه المسلم بوجه منبسط مسرور، فهو مما يثاب عليه، ولا يكلّفه شيئًا. وهو مما يُدخل  السرور على أخيه المسلم. وكان هذا هو هديه -صلى الله عليه وسلم-، قال جرير بن عبد الله البجلي-رضي الله عنه- : «ما حجبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ أسلمتُ، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي»[]، وقد وصفه الله تبارك وتعالى بقوله: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]. فمن يلقى إخوانه بوجه عبوس، وجبين مقطّب، مخالف للهدي النبوي، قد حرم نفسه من الأجر، ومن الاقتداء بسيد البشر.
     
    قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: «هذا هو خُلُق الإسلام فأعلى المقامات من كان بكّاء بالليل بسّامًا بالنهار...[و] ينبغي لمن كان ضحوكًا بسّامًا أن يقصّر من ذلك ويلوم نفسه حتى لا تمجّه الأنفس، وينبغي لمن كان عبوسًا منقبضًا أن يبتسم، ويحسّن خلقه، ويمقت نفسه على رداءة خلقه، وكل انحراف عن الاعتدال فمذموم، ولابدّ للنفس من مجاهدة وتأديب»[].
     
    ولا ينبغي للمسلم أن يكون طلْق الوجه مع إخوانه وأصحابه دون أهل بيته فهم أولى بذلك. كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»[]، فمن الناس من يلقى خلاّنه بوجه منبسط بشوش، يلين لهم القول، ويضاحكهم، ويؤانسهم، فإذا عاد إلى بيته، إلى والديه، أو زوجه وأولاده، انقلب رأسًا على عقب. فلا حول ولا قوة إلا بالله.نسأل الله الهداية للجميع.
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- عدم احتقار أيّ عمل من أعمال الخير.
    2- الحثّ على الانبساط والتبسم مع الآخرين، مما يزيد الألفة بين المسلمين.
    3- كثرة طرق الخير.
     
    فائدة:
    «طلق» قال النووي - رحمه الله -: روي على ثلاثة أوجه: إسكان اللام، وكسرها، وطليق بزيادة ياء. (شرح مسلم 16\177).
     




    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:14

    الحديث الأربعون

    عن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذَا اسْتَأذَنَ أحَدُكُمْ ثَلَاثًا فَلَمْ يُؤذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ» متفق عليه[].




    راوي الحديث:
    سبقت ترجمته - رضي الله عنه - في الحديث الحادي عشر.
     
    الشرح:
    يرشد الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى أدب من الآداب المهمة في تعاملها مع الآخرين، ألا وهو الاستئذان قبل الدخول، فإن لم يؤذن له بعد المرة الثالثة فليرجع. فلو طرق إنسان باب غيره فلا يزد على ثلاث مرات، لا كما يفعله بعض من لم يتأدب بهذا الأدب النبوي من استمرار رنّ جرس المنزل، وطرق الباب عدة مرات، خاصة إذا علم بوجود أحد في المنزل، وهذا ليس من حقّه «لأن الإنسان قد يكون في حاجة، وقد يكون غير مستعدٍ لاستقبال الناس، فلا يمكن أن تلجئه وتحرجه»[]، «وإن لم يأذن لك فلا تدخل حتى لو قال لك بصراحة: ارجع، فارجع كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ﴾ [النور: 28]، وأنت يا صاحب البيت لا تستحي أن تقول: ارجع، وأنت أيها المستأذن لا تغضب عليه إذا قال لك: ارجع»[].
     
    ومن آداب الاستئذان غير ما سبق: أن لا يقف الشخص في مكان يرى منه داخل البيت إذا فُتح الباب. وإذا قيل له: من؟ فلا يقل: أنا، بل يذكر اسمه. وينبغي أن يعلّم الوالدان أبناءهم وبناتهم على الاستئذان، حتى لو داخل البيت، فلا يدخل أحدهم غرفة أبويه، أو أخته، أو أخيه حتى يستأذن. والحكمة من الاستئذان قد بيّنها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «إنّما جُعل الاستئذان من أجل البصر»[].
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- وجوب الاستئذان قبل الدخول.
    2- إذا لم يؤذن للمستأذن بعد المرة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة فليرجع.
    3- الاستئذان فوق ثلاث مخالف لأمره -صلى الله عليه وسلم-.
     
    للفائدة:
    ذكر الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - جملةً من الأحاديث والآثار في كتابه: «الأدب المفرد»، فلتراجع لأهميتها في: صحيح الأدب المفرد للألباني - رحمه الله تعالى - من باب 426 حتى باب 446.

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:17

    الحديث الحادي والأربعون

    عن أبي هريرة- رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  قال:«مَنْ قاَل لا إِلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ كَانَ لَهُ عِدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيّئةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أحَدٌ بِأَفْضَلَ ممّا جَاءَ بِهِ إلّا أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ في يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» أخرجه البخاري ومسلم[].


    راوي الحديث:
    سبقتْ ترجمته- رضي الله عنه - في الحديث الرابع عشر، وزيادة عليها في الحديث السادس عشر.
     
    معاني الكلمات:
    1- عِدْل: أي ما يساوي.
    2- حِرْزًا: حفظًا ووقاية.
     
    الشرح:
    في هذا الحديث عظم فضل التهليل والتسبيح والحمد، فقد بيّن - صلى الله عليه وسلم -  أن من قال: «لا إله إلا الله.. في يوم مئة مرة كأنما أعتق عشر رقاب، وكُتبت له مئة حسنة ومُحيت عنه مئة سيئة، وكانت وقاية وحماية له من الشيطان طيلة يومه حتى يمسي، فهو في حصن حصين بهذا الذِّكْر العظيم، الذي لا يجد الإنسان مشقّة في قوله له. وذكرُ الله جل وعلا من أعظم القربات، والآيات والأحاديث في فضله كثيرة جدًا، منها قوله تعالى: ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [العنكبوت: 45]، وقوله: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ[البقرة: ١٥٢]، وقوله: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾.
     
    ومن الأحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم - : «مثلُ الذي يذْكُر ربّه والذي لا يَذْكُر ربّه مثل الحيّ والميت»[، وقوله: «لأنْ أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس»[ وقوله: «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»] وغيرها من الأحاديث الكثيرة. وقد بسط الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - الكلام على فضل الذكر وفوائده، حتى ذكر ما يقرب من ثلاثٍ وسبعين فائدة[].
     
    والذِّكْرُ حِصْنٌ للمسلم، يقيه - بإذن الله - من الشرور والآفات، من شياطين الإنس والجنّ. أخرج الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - في «الأدب المفرد» عن أبَانَ بن عثمان بن عفان قال: سمعت عثمان قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  يقول: «من قال صباح كل يوم ومساء كل ليلة ثلاثًا ثلاثًا: بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يضرّه شيء» وكان أبان بن عثمان أصابه طَرَفٌ من الفَالِج، فجعل الرجل ينظر إليه، ففطِنَ له فقال: إن الحديث كما حدّثتك، ولكني لم أقله ذلك اليوم، ليمضي قدر الله»].
     
    ومِنَ العَجَبِ ما تجده من زهد كثير من الناس في هذه الأذكار، وهي لا تكلّفه شيئا، لا من الجهد ولا المال ولا الوقت «الآن الناس يسافرون ويقطعون الفيافي والصحاري والمهالك والمفاوز من أجل أن يربحوا شيئًا قليلًا من الدنيا قد يتمتّعون به، وقد يُحرمون إياه، وهذه الأعمال العظيمة يتعاجز الإنسان عنها؛ لأن الشيطان يكسّله ويخذّله ويثبّطه عنها، و إلّا فهي كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -  أحبّ إلى الإنسان مما طلعت عليه الشمس. وإذا فرضنا أن عندك مُلْك الدنيا كلها، ثم حضر الموت، ماذا تستفيد؟ لا تستفيد شيئًا، لكن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هي الباقيات الصالحات، قال تعالى: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا [الكهف: ٤٦]، فينبغي لنا أن نغتنم الفرصة بهذه الأعمال الصالحة»[.
     
    وينبغي أن يقتصر المسلم على الأذكار الصحيحة الواردة عنه - صلى الله عليه وسلم -  ويدع ما سوى ذلك.
     
    تنبيه:
    تكفير الذنوب، وحطّ الخطايا إنّما هو للصغائر، أما الكبائر فلا بُدَّ لها من توبة[].
     
    وآخر: قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى ـ: «التدبّر في الذِّكْرِ مطلوب كما هو في القراءة.... واعلم أنّ الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبة كانت أو مستحبّة لا يحسب شيء منها ولا يعتدّ به حتى يتلفظ به بحيث يُسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لا عارض له»[].
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- عِظَمُ فضل ذكرُ الله جلّ وعلا.
    2- كَثْرة طرق الخير، ويسرها.
    3- الحرص على المداومة على الأذكار الشرعية.
    4- الأذكار الشرعية حصن للمسلم من الشيطان.
    5- تحصيل الأجر العظيم بالعمل اليسير.
     

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:21

    الحديث الثاني والأربعون


    عن النُّعْمانِ بن بشيرٍ - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -  قال: «الُّدعَاءُ هُوَ العُبَادَةِ» ثُمَّ قاَلَ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾. أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حسنٌ صحيحٌ[].


    راوي الحديث:
    سبقتْ ترجمته- رضي الله عنه - في الحديث الرابع.
     
    الشرح:
    الدُّعاء عبادة عظيمة، وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم -  في هذا الحديث بقوله: «هو العبادة» أي: هو لبُّ العبادة وجوهرها، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحج عرفة» أي: أن أهمّ أركان الحج الوقوف بعرفة.
     
    والدعاء سلاح معطّلٌ - للأسف - لدى كثيرٍ من المسلمين، مع أنّه من أعظم العبادات، وأيسرها، ويستطيعه كل مسلم. وقد وعد تبارك وتعالى بإجابة دعوة من يدعوه، كما في الآية التي استشهد بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكما في قوله: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة: ١٨٦]، والمسائل المتعلقة بالدعاء كثيرة جدًا، منها - غير ما سبق -:
    1- تحرّي أوقات الإجابة.
    2- الحرص على الجوامع من الدعاء، وعلى المأثور الصحيح من الدعوات.
     
    3- عدم الاستعجال، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : «يستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل، يقول: قد دعوتُ فلم يستجبْ لي» متفقٌ عليه[]، وكان بعض السلف يقول: دعوتُ ربي في حاجة عشرين سنة فلم يقضها لي، ولم أيأس منها[].
     
    4- المال الحلال من أسباب الإجابة، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : «أيها الناس إن الله طيّب لا يقبل إلا طيبًا... ثم ذَكَرَ الرَّجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء، يا ربّ يا ربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك» أخرجه مسلم[].
     
    5- الحذر من الدعاء على النفس أو الولد، قال - صلى الله عليه وسلم - : «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون»[]، وقال: «لا تَدْعُوا على أنفسكم، ولا تَدْعُوا على أولادكم، ولا تَدْعُوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم»[].
    وهذا للأسف يقع فيه البعض من الناس - هداهم الله - ولو أن الأب أو الأمّ دعا لولده بدل أن يدعو عليه، لكان له في ذلك خير كثير.
     
    6- أن يعلم الداعي أنه: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن تعجّل له دعوته، وإما أن يدّخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نُكْثِرْ، قال: «الله أكثر»[].
     
    7- عدم الاعتداء في الدّعاء، أخرج أبو داود أنّ عبد الله بن مغفّل- رضي الله عنه - سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، قال: يا بني سلْ الله الجنة وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  يقول: «سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور، والدعاء»[].
     
    قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: «فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل الله ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله، مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب.. وفُسّر الاعتداء برفع الصوت في الدعاء...ومن العدوان أن يدعوه غير متضرع، بل دعاء مدلّ كالمستغني بما عنده..»[].
     
    قال ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: «العدوان في الدعاء يدور على أمرين: أن يسأل ما لا يمكن شرعًا، أو ما لا يمكن قَدَرًا»[].
     
    8- قال ابن تيمية - رحمه الله ـ: «إجابة الدعاء تكون  عن صحة الاعتقاد، وعن كمال الطاعة»[]، ولذا قال يحيى بن معاذ - رحمه الله ـ: «لا تَسْتَبْطِئْ الإجابة إذا دعوتَ وقد سَدَدتَ طريقها بالذنوب»[].
     
    9- يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ[النمل:٦٢]، فدعاء الإنسان لنفسه هو المشروع، وأولى بالإجابة من دعاء غيره له.
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- عِظَمُ شأن الدعاء.
    2- الدعاء هو لبّ العبادة.
    3- تسمية الله للدعاء: عبادة.
    4- من يتكبّر عن دعاء ربّه مصيره النار.
     

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:23

    الحديث الثالث والأربعون


    عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «إنَّ اللهَ تَعَالى قاَلَ: مَنْ عَادَى لي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إليَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ إليَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيهِ، وَمَا زَالَ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إليَّ بِالنَوَافِلِ حَتّى أحْبَبْتُهُ[]، فَكُنْتُ سَمْعَهُ الذّي يَسْمَعُ بِهِ، وبَصَرَهُ الذّي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ التي يَبْطِشُ بِهَا، ورِجْلَهُ التّي يَمْشِي بِها، وإنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئنْ اسْتَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفسِ المؤمِنِ يَكْرَهُ الموتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» أخرجه البخاري[].


    راوي الحديث:
    سبقت ترجمته في الحديث الرابع عشر، وزيادة عليها في الحديث السادس عشر.
     
    معاني الكلمات:
    1- وليًا: الوليّ بمعنى الناصر، وهو مشتقٌّ من الولاء وهو القُرب.
    2- آذنته: أعلمته.
    3- النوافل: جمع نافلة، وهي لغة: الزيادة.
    4- يبطش: يضرب.
     
    الشرح:
    هذا حديث قدسي، وهو ما يرويه الرسول - صلى الله عليه وسلم -  عن ربّه تبارك وتعالى، «وهل هو من كلام الله عزّ وجل لفظًا ومعنى؟ أو هو كلام الله معنى واللفظ من الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ اختلف المحدِّثون في هذا على قولين، والسلامة في هذا أن لا نتعمّق في البحث في هذا، وأن نقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -  فيما يَرْويه عن ربّه عزّ وجلّ، وكفى»[].
     
    ويفترق الحديث القدسي عن القرآن الكريم من وجوه ذكرها أهل العلم[].
     
    «من عادى لي وليًا»، أي: اتخذه عدوًا له. «وولي الله بيّنه سبحانه وتعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:٦٢-٦٣]، هؤلاء هم أولياء الله، فمن كان مؤمنًا تقيًا، كان لله وليًا»[].
     
    قوله: «فقد آذنته بالحرب»، أي: أعلنتُ عليهم الحرب، وفي هذا تهديدٌ شديدٌ، ووعيدٌ عظيمٌ؛ لأنّ من حاربَه اللهُ أهلكَه.
     
    «وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه»، أي: أن الفرائض التي أمر الله عباده بها هي أحبّ شيء يُتقرب به إليه، فصلاة الفريضة أحبّ إليه من النافلة، والزكاة أحبّ إليه من الصدقة، فصوم رمضان أحبّ إليه من صوم التطوع، وهكذا.
     
    «وما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل..»، وفي رواية: «وما يزال» بصيغة المضارع، مما يدلّ على استمرار الفعل، ولا يزال العبد كذلك حتى يحبّه الله، وهنيئًا لمن حاز هذه المرتبة العالية، فإذا أحبّه الله: «فكنتُ سَمْعَه الذي يَسْمَع به»، أي: أُسدِّدَه في سَمْعِه، فلا يسمعُ إلّا ما يرضي الله«وبصرَه» أُسدِّدهَ في بَصَرِه، فلا يُبْصر إلّا ما يحبّ الله,«ويده التي يبطش بها» فلا يعمل بيده إلا ما يرضي الله، «ورِجْلَه التي يمشي بها» فلا يمشي برجله إلّا لما يرضي الله عزّ وجلّ، فيكون مُسَددًا في أقواله وأفعاله»[له: «وإنْ سألني لأعطينّه» أُعطيه ما سألني إياه.
     
    «ولئن استعاذني لأعيذنّه»، أي: لئن اعتصم بي ولجأ إليّ من شرّ كلّ ذي شرّ لأعيذنّه، فيحصل له بإعطائه مسؤوله وإعاذته مما يتعوّذ منه المطلوب، ويزول عنه المرهوب[].
     
    وهذا الحديث العظيم هو أشرفُ حديثٍ روي في صِفَةِ الأوْلياء[]، «وليس لأولياءِ الله شيءٌ يتميّزون به عن الناس في الظاهر... بل يوجدون في جميع أصناف أمّة محمّد - صلى الله عليه وسلم -  إذا لم يكونوا من أهل البدع الظاهرة والفجور. فيوجدون في أهل القرآن وأهل العلم، ويوجدون في أهل الجهاد والسيف، ويوجدون في التّجار والصّنّاع والزّرّاع..»[] «وليس من شرط وليّ الله أنْ يكونَ مَعصومًا لا يغلط، ولا يخطئ، بلْ يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة، ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين...»[] «فليس من شرط أولياء الله المتقين أن لا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطًا مغفورًا لهم، بل ولا من شرطهم ترك الصغائر مطلقًا، بل ولا من شرطهم ترك الكبائر، أو الكفر الذي تَعْقبه التوبة»[].
     
    قال الشيخ حمد بن عتيقت1301 رحمه الله تعالى: «قد عُلم وتحقق بالعادة الجارية، والأدلة القاطعة، أنه ما مِنْ طائفةٍ قامتْ في عداوة أهل هذا الدِّين، ونصبتْ لهم الحرب، إلا أوقع الله بها بأسه، ونوّع عليها العقوبات، هذا أمرٌ ثابتٌ يعرفه من نظر واعتبر، ويدلّ عليه قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا * سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا[الإسراء:٧٦-٧٧][].
     
    ويؤخذ منه أنه لا يُحكم لإنسان آذى وليًا، ثم لم يُعَاجَلْ بمصيبة في نفسه، أو ماله، أو ولده بأنه سلِم من انتقام الله، فقد تكون مصيبته في غير ذلك ممّا هو أشدّ عليه، كالمصيبة في الدِّين مثلًا[].
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- إثبات أولياء الله، وهو أمر ثابت بالقرآن والسنة.
    2- معاداة أولياء الله من كبائر الذنوب.
    3- مُحاربة الله لمن عادى له وليًّا.
    4- إثبات المحبّة لله، وأنها تتفاضل.
    5- الأعمال الصالحة سبب محبّة الله لعبده.
    6- إذا أحبّ الله  عبدًا سدّده في أقواله وأفعاله، وأجاب دعوته.
    7- «وفي هذا الحديث عِظَمُ قَدْرِ الوليّ، لكونه خَرَجَ عنْ تدبيره إلى تدبير ربّه، وعن انتصاره لنفسه إلى انتصار الله له، وعن حوله وقوته، بِصِدْقِ توكلّه»[.
    8- هذا الوعيد في حقّ من عادى وليًّا واحدًا، فكيف بمن عادى اثنين؟ فكيف بمن عادى أكثر؟

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:24

    الحديث الرابع والأربعون


    عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «سَتَكُونُ فِتَنٌ القَاعِدُ فِيها خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ، والقَائِمُ فِيها خَيْرٌ مِنَ المَاشِي، والماشِي فِيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، مَنْ تَشَرَّفَ لهَا تَسْتَشْرِفْهُ، فَمَنْ وَجَدَ مَلْجًَا أوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ» متفق عليه[].


    معاني الكلمات:
    1- فتن: جَمْعُ فتنة، وأصل الفَتْن: إدخال الذهب في النار؛ لتظهر جودته من رداءته. وقيل: أصل الفتنة الاختبار، ثم أُطلقتْ على كلّ مكروه.
    2- تشرّف: تطلّع وتعرّض لها.
    3- تستشرفه: تهلكه، بأن يشرف منها على الهلاك.
    4- معاذًا: بمعنى الملجأ.
     
    الشرح:
    يُخبر - صلى الله عليه وسلم -  بأنه ستكون في هذه الأمة فتن عظيمة، تدع الحليمَ حيرانَ، وبيّن أنّ القاعد في هذه الفتن خيرٌ من القائم فيها، وأنّ القائم فيها الذي لا يستشرفها خير من الماشي فيها وفي أسبابها، فربما وقع فيها، وأن الماشي خير ممن يسعى في هذه الفتنة، فَهُمْ درجات، وكل درجة شرّ من التي قبلها. «من تشرّف لها»، أي: تصدّى وتطلّع لها، ولم يُعرض عنها «تستشرفه»، أي: تهلكه.
     
    ثم أرشدَ - وهو المعلّم والموجّه لأمّته - صلى الله عليه وسلم -  - أن من وَجَدَ مكانًا فليلتجئْ إليه. وجَاء في رواية عند الإمام مسْلم: «فإذا نزلتْ أوْ وقعتْ، فَمَنْ كان له إبلٌ فليلحقْ بإبِلِه، ومَنْ كانتْ له غنمٌ فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه» فقال رجل: يا رسول الله: أرأيتَ من لم تكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: «يعمد إلى سيفه فيدقّ على حدّه بحَجَرٍ ثم لينجُ إنْ استطاع النَّجاء، اللّهم هل بلّغت؟ قالها ثلاثًا فقال رجل: يا رسول الله: أرأيتَ إنْ أُكرهتُ حتى يُنطلق بي إلى أحدِ الصفّيْن، أو إحدى الفئتين، فضربني رجلٌ بسيفه، أو يجئ سَهْمٌ فيقتلني؟ قال: «يبوءُ بإثمه وإثمِك، ويكون من أصحاب  النار»[].
     
    وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم  - وهو الصادق المصدوق - أن الفتن بعده كثيرة جدًا، فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: أَشرف النبي - صلى الله عليه وسلم -  على أُطُمٍ من آطام المدينة، فقال: «هل ترون ما أرى؟» قالوا: لا. قال: «فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم كمواقع القطر»[].
     
    وأمر بالمبادرة بالأعمال قبل الفتن: «بادروا بالأعمال فتنًا كَقِطع اللّيل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع أحدهم دينه بعَرَضٍ من الدنيا»[].
     
    ولما وقعت الفتنة بين عليّ ومعاوية - رضي الله عنهما - اجتنبها بعض الصحابة كسعد بن أبي وقاص وابن عمر ومحمد بن مسلمة وأبي بَكْرة، وغيرهم رضي الله عنهم.
     
    ولما أخذ الناس في الطعنِ على عثمان بن عفان- رضي الله عنه - قام عامرُ ابن ربيعة رضي الله عنه يصلّي من الليل ثم دعا: «اللهم قني الفتنة بما وقيتَ به الصالحين من عبادك» فما خرج ولا أصبح إلا بجنازته[].
     
    «والفتنة إذا أقبلت شبّهت، وإذا أدبرت تبيّنت» كما قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -[].
     
    قال الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى -: «الأحاديث التي فيها التحذير من الفتن محمولة على الفتن التي لا يُعرف فيها المحقّ من المبْطِل.. وهي التي قصدها النبي - صلى الله عليه وسلم - .. أما الفتن التي يُعرف فيها المحقّ من المبطل، والظالم من المظلوم فليست داخلة في الأحاديث المذكورة، بل قد دلّت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب نصرة المحقّ، والمظلوم على الباغي والظالم»[].
     
    واعلم - وفقني الله وإياك - أنّ من الجهل وقلة العقل تمنّي لقاء العدو، قال - صلى الله عليه وسلم - : «لا تَتَمَنَّوْا لقاء العدو، وسَلُوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا»[]، ولا ينافي هذا حبّ الجهاد في سبيل الله، وتمني الموت من أجله، فهذا أمر، وذاك أمر.
     
    ومما ينبغي على المسلم فعله زمن الفتنة أمور، منها:
    1- الدعاء بأن يقيه الله شرّ هذه الفتنة، وغيرها من الفتن.
    2- سؤال أهل العلم الراسخين: ﴿ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83].
    3- الاجتهاد في العبادة.
    4- كفّ اللسان، واليد وسائر الجوارح.
    5- لزوم البيوت.
    6- الابتعاد عن مكان الفتنة إلى ملجأ آمن.
    7- الصبر.
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- إرشاده - صلى الله عليه وسلم -  أمته إلى ما يجب فعله حال الرخاء، وحال الشدة.
    2- تفاوت درجات المشاركين في الفتنة.
    3- النهي عن التطلّع للفتن ومواجهتها.
    4- الفرار من مواطن الفتن.
     
    فائدة:
    للشيخ عبد العزيز السدحان رسالة مهمّة في هذا الباب، بعنوان: معالم في أوقات الفتن والنوازل قدّم لها معالي الشيخ صالح الفوزان.
     




    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:24

    الحديث الخامس والأربعون

    عن أبي هريرة- رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  قال: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إلاّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أحَدٌ للهِ إلّا رَفَعَهُ اللهُ» أخرجه مسلم[].


    الشرح:
    يرشد - صلى الله عليه وسلم -  إلى ثلاث خصال حميدة: الصدقة، العفو، التواضع. «فالصدقة لا تُنقص المال؛ لأنه لو فُرض أنه نقص من جهة، فقد زاد من جهات أُخر، فإنّ الصدقة تبارك المال، وتدفع عنه الآفات وتنميه، وتفتح للمتصدق من أبواب الرزق وأسباب الزيادة أمورًا ما تُفتح على غيره، فهل يقابل ذلك النقص بعض هذه الثمرات الجليلة؟ فالصدقة لله التي في محلها لا تنفد المال قطعًا، ولا تنقصه بنص النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبالمشاهدات والتجربات المعلومة، هذا كله سوى ما لصاحبها عند الله من الثواب الجزيل، والخير والرفعة»[].
     
    وقد أخبرنا الحق تبارك وتعالى عن ذلك بقوله: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ [سبأ:٣٩].
     
    «وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا»: والعفو عن أخطاء الآخرين وتجاوزاتهم من الخصال الحميدة، التي مدحها الله جلّ وعلا: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران: ١٣٤]، ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:٤٠]، وقد يوسوس الشيطان - من الجنّ والإنس - أنّ العفو يعني العجز والضعف، والذلّ عند الآخرين، فأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -  أنّ ذلك لا يزيده إلا عزًا في الدنيا والآخرة. وقد ضرب - صلى الله عليه وسلم -  أعلى الأمثلة في العفو، عند دخوله مكة عام الفتح، فعفى عن أهلها، وهم الذين ساموه وأصحابه صنوفًا من العذاب لأكثر من عشر سنوات. وقد سار سلف الأمة وصالحوها على ذلك، فهذا الإمام أحمد رحمه الله تعالى جعل كل من آذاه في حلّ إلا أهل البدعة، وكان يتلو في ذلك: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا [النور:٢٢]. ويقول: ماذا ينفعك أن يُعذّب أخوك المسلم بسببك[]؟
     
    وقال أبو بكر المرُّوذي: «بتّ مع أبي عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل - ليلة، فلم أره ينام إلا يبكي إلى أن أصبح، فقلت: يا أبا عبد الله كثر بكاؤك فما السبب؟ فقال: يا أبا بكر، ذكرتُ ضرب المعتصم إياي، وقد مرّ بي في الدرس: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:٤٠]، فسجدتُ وأحللته في السجود»[].
     
    وأوذي الإمام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وسُجن مرارًا، واستفتاه السلطان في قتل من آذاه ووشى به، فلم يقبل رحمه الله أن ينتصر لنفسه وقال: «من آذاني فهو في حلّ، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي»[].
     
    وما زاد الله هذين الإمامين إلا عزًّا في الدنيا، وما زالت الرحمات تتوالى عليهما منذ مئات السنين، وكتب الله لما خلّفاه من العلم القبول والانتشار، وما عند الله خير وأبقى.
     
    لكن بقي هنا مسألة، وهي: هل العفو مطلوب عن كل إنسان؟
     
    يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: «إذا أساء إليك شخص معروف بالإساءة والتمرد والطغيان على عباد الله، فالأفضل أن لا تعفو عنه، وأن تأخذ بحقك، لأنك إذا عفوتَ ازداد شره، أما إذا كان الإنسان الذي أخطأ عليك قليل الخطأ، قليل العدوان، لكن أمر حصل على سبيل الندرة، فهنا الأفضل أن تعفو، ومن ذلك حوادث السيارات اليوم التي كثرت، فإن بعض الناس يتسرع ويعفو عن الجاني الذي حصل منه الحادث، وهذا ليس بالأحسن، الأحسن أن تتأمل وتنظر، هل هذا السائق متهور ومستهتر، لا يبالي بعباد الله، ولا يبالي بالأنظمة؟ فهذا لا ترحمه، خذ بحقك منه كاملًا، أما إذا كان إنسانًا معروفًا بالتأني، وخشية الله، والبعد عن أذيّة الخلق، والتزام النظام... فالعفو هنا أفضل...» [].
     
    وثالثة الخصال: «وما تواضع أحدٌ لله إلّا رفعه الله» والتواضع هو التذلل والانكسار، عكس التكبّر، وهو «الانقياد الكامل للحق، والخضوع لأمر الله ورسوله، امتثالًا للأمر، واجتنابًا للنهي، مع التواضع لعبادِ الله، وخفضِ الجناح لهم، ومراعاة الصغير والكبير، والشريف والوضيع..»[]. «وكلاهما سبب للرفعة، سواء تواضعتَ لله بامتثال أمره واجتناب نهيه، وذلَلْتَ له وعبدته، أو تواضعتَ لعباد الله من أجل الله لا خوفًا منهم، ولا مداراة لهم، ولا طلبًا لمال أو غيره، إنما تتواضع من أجل الله عزّ جلّ، فإن الله تعالى يرفعك في الدنيا وفي الآخرة»[].
     
    وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  سيّد المتواضعين، فإذا كان في بيته كان في مهنة أهله - يعني: خدمتهم - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة[]، وفي رواية: «كان بَشَرًا مِنَ البَشَر، يَفْلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه»[]. «وكان يَخْصِفُ نعله، ويرقع ثوبه». قال ابن عثيمين - رحمه الله تعالى ـ: «...الإنسان إذا كان في بيته فمن السُّنة أن يصنع الشاي مثلًا لنفسه، ويطبخ إذا كان يعرف، ويغسل ما يحتاج إلى غسله، كل هذا من السنة، أنت إذا فعلت ذلك تثاب عليه ثواب سُنّة، إقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -  وتواضعًا لله عزّ وجلّ؛ ولأن هذا يوجد المحبة بينك وبين أهلك...» [].
     
    وانظر إلى صورٍ من تواضع السلف رحمهم الله تعالى:
    1- قال مجاهد - رحمه الله تعالى -: «صحبتُ ابن عمر وأنا أريد أن أخْدِمَه، فكان هو الذي يخدمني»[].
     
    2-وهذا الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - وقد قيل له: ما أكثر الداعين لك، فتغَرْغَرتْ عيناه، وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا. وقال: قال محمد بن واسع: لو أنّ للذنوب ريحًا ما جلس إليّ منكم أحد[].
     
    3- والإمام سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - وقد اجتمع الناس عليه - يقول: لقد خِفْتُ أنّ الأمة قد ضاعتْ إذا احتاج الناس إليّ[].
     
    4- ولما كان الشيخ العلامة عبد الله أبا بطين- رضي الله عنه - 1282 - رحمه الله تعالى - في شقراء وَفَدَ إليه محمد بن عمر بن سَليم ومحمد بن عبد الله بن سَليم لتلقّي العلم عنه، فلما حلّ شهر رمضان كان يحمل لهما السحور بنفسه، فقالا له: إذا أردت أن تعطينا شيئًا فأخبرنا، نأتي، ولا تكلف نفسك، فردّ: يا أبنائي لا تحْرِماني الأجر[].
     
    5- وسئل الشيخ العلامة سعد بن حمد بن عتيق- رضي الله عنه - 1349رحمه الله تعالى عن مسألة فقال - قبل جوابه السائل ـ: «وإني لمعترف - والصدق منجاة - بأن طلب الإفادة ممن هو مثلي من عجائب الدهر..»[] وقال مرة: «فسؤال مثلي يدلّ على انقراض العلم وانتقال أهله، لما اتصفنا به من قلّة العلم وقصور الفهم..»[]، وقال في جواب آخر: «ولا شك أن مسيس الحاجة إلى مثلي في كشف المشكلات يدل على انقراض العلم، وتقوّض خيامه، لعدم الأهلية في ذلك..»[].
     
    يقول هذا الكلام رحمه الله تعالى مع أنه من أعلم أهل زمانه، إن لم يكن أعلمهم. لكنه تواضع العلماء.
     
    تنبيه:
    يزيد بعضهم في أول جملة من الحديث: «ما نقصت صدقة من مال» قول: «بل تزده، بل تزده» وهذه الزيادة لا صِحّة لها[].
     
    «وهذه الثلاث المذكورات في هذا الحديث مقدماتُ صفات المحسنين، فهذا محسن في ماله، ودَفَع حاجة المحتاجين، وهذا محسن بالعفو عن جنايات المسيئين، وهذا محسن إليهم. بحلمه وتواضعه، وحسن خلقه مع الناس أجمعين، وهؤلاء قد وسعوا الناس بأخلاقهم وإحسانهم، ورفعهم الله فصار لهم المحل الأشرف بين العباد، مع ما يدّخر الله لهم من الثواب»[].
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- الحثّ على الصدقة، وأن الله يبارك للمتصدق.
    2- الترغيب في العفو، وأنه يزيد صاحبه عزًّا ومكانة.
     
    التواضع من الخصال التي يحبها الله، إذا فعلها العبد لله، فيرفعه بها في الدنيا والآخرة.




     

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:28

    الحديث السادس والأربعون

    عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفَكُمْ فِيها، فَيَنْظَرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيا، واتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةَ بَنِي إسْرَائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ» أخرجه مسلم[].


    راوي الحديث:
    سبقتْ ترجمته - رضي الله عنه - في الحديث الثالث والعشرين.
     
    معاني الكلمات:
    1- حلوة خضرة: حَسَنة نضرة كالفاكهة الخضراء الحلوة.
    2- مستخلفكم: جعلكم خلائف فيها، يخلف بعضكم بعضًا.
    3- اتّقوا: احذروا.
     
    الشرح:
    يخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أن: «الدنيا حلوة خضرة» والنفس بطبعها تميل إلى ما كان كذلك، وإنما ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك حتى ينبّه إلى الأمر المهم في الحديث - بعد أنّ بيّن أنّنا مستخلفون فيها، فكيف يكون عملنا - «فاتقوا الدنيا»، أي: بالحذر من الاغترار بها: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [الحديد:20] والركون إليها وهي دار ممّر، وليست دار مستقر، «كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو عابرُ سبيل»[]، ويا حسْرَةَ من شغلته الحياة الفانية عن الحياة الباقية الآخرة.
     
    قال عون بن عبد الله (ت بضع عشرة ومئة) رحمه الله تعالى: «إنّ مَنْ كان قَبْلَنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم، وإنكم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم»[3].
     
    فإذا كان هذا في القرن الثاني، فكيف الحال الآن في القرن الخامس عشر؟!
     
    قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: «طَلَبُ فُضُول الدّنيا عقوبة عاقب الله بها أهل التوحيد»[]، وقال تلميذه الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -: «عزيزٌ عليّ أن تُذيب الدنيا أكباد رجال وَعَتْ صُدُورُهم القرآن»].
     
    وما أشبه كلام الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - بحال بعض الشباب والرجال ممن وعتْ صدورهم القرآن، وأقبلوا على طلب العلم، ثم انصرفوا عنه! طلبًا لزخرف الحياة الدنيا، وتغيّر - تبعًا لذلك - ظاهرهم، وما خَفِي كان أعظم!
     
    قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى - معلّقًا على حديث: «يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل، فترك قيام الليل»[] قال: «...ومن ذلك وهو أعظمُ منه أن يبدأ الإنسان بطلب العلم الشرعي، ثم إذا فتح الله عليه...تركَه، فإنّ هذا كُفْر نعمة أنعمها الله عليه...»].
     
    جاء في ترجمة: محمد بن عبد الرحمن الأسنائي (ت739): «وكان ذكيًّا جدًّا حتى كان شيخه يقول له: إن اشتغلت (يعني بطلب العلم) ما يقال لك إلا الإمام.. ثم ترك الاشتغال وأقبل على تحصيل المال، ففاته هذا ولم يظفر بذاك»[]!!.
     
    وهذا خَلَفُ الواسطي (ت401) كان عالمًا بالحديث، وصنّف أطرافًا على الصحيحين في ثلاثة مجلدات، قال ابن كثير: «واشتغل بالتجارة، وتركَ النّظر في العلم، حتى توفي سامحه الله»! نسأل الله أن لا يجعل الدنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا. آمين. ولا يعني ذلك أن لا يلتفت الإنسان إلى الدنيا ولا يسعى لكسب الرزق، لا، بل هو مأمور بذلك، وبطَلَبِه من حِلّه؛ ليقوت نفسه، ومن يعول، قال تعالى:﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77]، فالأصل هو طلب الدار الآخرة مع عدم نسيان الدنيا.
     
    «واتقوا النساء»، أي: احذروهنّ.
     
    قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: «وتدخل في النساء الزوجات وغيرهنّ، وأكثرهنّ فتنة الزوجات، ودوام فتنتهنّ وابتلاء أكثر الناس بهنّ»، وليس هذا دائمًا فكمْ من الزوجات من كانت سببًا في صلاح زوجها واستقامته، أو إعانته على الدعوة، وطلب العلم، وإنّما المراد فتنة النساء عمومًا، وهو ما يسعى له أعداء الإسلام وأذنابهم من دعاة التبرِّجِ والسُّفور؛ ليجعلوا المرأة تخالط الرجل بتوظيفها معه في مكان واحد، و«يحدثُ بتوظيفهن مع الرجال مَفْسَدُة الاختلاط، ومَفْسدة الزنا والفاحشة، سواء في زنى العين، أو زنى اللسان، أو زنى اليد، أو زنى الفرج، كل ذلك محتمل إذا كانت المرأة مع الرجل في الوظيفة».
     
    يقول موحّد هذه البلاد المباركة على الكتاب والسنة الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى: «...وأقبح من ذلك في الأخلاق: ما حصل من الفساد في أمر اختلاط النساء، بدعوى تهذيبهنّ، وترقيتهنّ، وفتح المجال لهنّ في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذوا وظائفهن الأساسية من تدبير المنزل، وتربية الطفل...».
     
    ولذا صدر الأمر بمنع النساء من العمل في الوظائف التي تؤدي إلى اختلاطهن بالرجال في 22/12/1399هـ، برقم 1960/8. ثم صدر التأكيد على ذلك، برقم 11575 وتاريخ 19/5/1401هـ. نسأل الله أن يجنّب بلادنا وبلاد المسلمين الشرور والفتن. آمين.
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- حرصه - صلى الله عليه وسلم - على توجيه أمته إلى ما ينفعهم، وتحذيره ممّا يضرّهم.
    2- الحذر من الاغترار بالدنيا وزينتها.
    3- الحذر من فتنة النساء.
    4- الاعتبار بالأمم السابقة.

    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23938
    تم شكره : 33
    الاسد

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:29

    الحديث السابع والأربعون

    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أو قال:«غَيْرَهُ». أخرجه مسلم.


    معاني الكلمات:
    1- يَفْرَك: يُبغض.
     
    الشرح:
    هذا الحديث من الأحاديث العظيمة الداعية إلى العدل والإنصاف، بأن لا يكتفي الإنسان بالنظر إلى المعايب والأخطاء، بل ليقابلها بالمحاسن والإيجابيات. وهو وإن كان عامًا في المؤمن والمؤمنة، فإنه أكثر ما يكون في الزوج وزوجه، وقد أمر الله عزّ وجلّ بالعدل ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ [النحل: ٩٠]، بل أمَر به حتى مع العدوّ: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا ﴾ [المائدة: ٨].
     
    فعلى الزوج أن يتقي الله في معاملته لزوجه، ولا ينظر لطباعها بعين السّخْط، بل كما أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «.. إن كره منها خلقًا رضي منها آخر» فعليه أن ينظر إلى الأمور الحسنة فيها، وأن لا ينسى عيوبه هو، فربما استغلّ بعضُ الرِّجال مفهوم القوامة ليجعل منه سيفًا مصلتًا على المرأة. ونسي، أو تناسى، أو جهل وصيته - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء خيرًا»، بل أوصى بذلك في أعظم جمعٍ من المسلمين، في حجة الوداع: «.. فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله..».
     
    قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى -: «أقامتْ أمّ صالح معي ثلاثين سنة فما اختلفت أنا وهي في كلمة!».
     
    وفي ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ت1393) - رحمه الله تعالى - أنه كان يقول عن زوجته: «هذه ضيفة كلمة تخرجها من البيت».
     
    «فأنت إذا أساءتْ إليك زوجتك لا تنظر إلى الإساءة في الوقت الحاضر، ولكن انظر إلى الماضي، وانظر للمستقبل، واحكم بالعدل».
     
    وهذا الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في المرأة يكون في غيرها أيضًا ممن بينك وبينه معاملة، أوْ صداقة، أوْ ما أشبه ذلك، إذا أساء إليك يومًا من الدهر فلا تنس إحسانه إليك مرة أخرى.. وإذا غلب الإحسان على الإساءة فاحكم للإحسان..».
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- حرصُ الإسلام على العلاقات الزوجية.
    2- أنْ يحكم الإنسان بالعدل في علاقته مع الآخرين.
    3- كلُّ إنسان لا يخلو من العيوب. ولا يخلو أيضًا من المحاسن.
     
     



    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23938
    تم شكره : 33
    الاسد

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:29

    الحديث الثامن والأربعون

    عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَسُبُّوا أصْحَابِي، فَلَوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» أخرجه البخاري ومسلم.


    معاني الكلمات:
    1- أصحابي: جمع صاحب، والصحابي هو من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا به ومات على الإسلام، وإنْ تخلّل ذلك ردّة.
    2- أُحُد: هو الجبل العظيم في المدينة النبوية.
    3- مُدّ: مكيال معروف، يعادل ربع صاع. وهو مقدّر بملئ كفّي الرجل المتوسط.
    4- نصيفه: نصفه.
     
    الشرح:
    صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - هم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين، كما قال عليه الصلاة والسلام: «خير الناس قرني..» أكرمهم الله واصطفاهم لصُحبة أفضل أنبيائه ورسله وخاتمهم. فكانوا خير أصحاب لأكرم نبي، - رضي الله عنهم - وأرضاهم.
     
    ويبيّن - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بعضَ ما لهم من الفضل العظيم، والأجر الجزيل - بعد أن نهى عن سبّهم - حتى لو أن أحدنا أنفق مثل جبل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدّ أحدهم ولا حتى نصفه، قال أهل العلم: «وإنما قدّره به [أي المدّ] لأنه أقل ما كانوا يتصدقون به في العادة».
     
    قال الحارث بن هشام - رضي الله عنه - وهو ممّن أسلم عام فتح مكة - «..والله لو أن جبال مكة ذهبًا فأنفقناها في سبيل الله، ما أدركنا يومًا من أيامهم..».
     
    هذا والحارث له شَرَفُ الصُّحْبة، لكنه ليس في منزلة من أسلمَ قبل الفتح، كما قال الله عز وجل: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [الحديد: ١٠].
     
    قال ابن كثير - رحمه الله -: «والجمهور على أن المراد بالفتح ههنا فتح مكة»، ولذا شدّد السَّلَفُ النكير على من سبّ أحدًا من الصحابة رضوان الله عليهم، قال يحيى بن معين - رحمه الله تعالى -: «كلُّ من شتم أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَجّالٌ لا يُكتب عنه، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
     
    وقال الإمام النووي - رحمه الله تعالى -: «واعلم أن سبّ الصحابة - رضي الله عنهم - حرامٌ،  من فواحش المحرمات..».
     
    وقال الإمام الشوكاني - رحمه الله تعالى -: «... فإنّه لم يُعادِهم ويتعرّض لأعراضهم المصونة - يعني: الصحابة - إلاّ أخبث الطوائف المنتسبة إلى الإسلام، وشر من على وجه الأرض من أهل هذه الملة، وأقلّ أهلها عقولًا، وأحقر أهل الإسلام علومًا.. بل أصل دعوتهم  لِكِيادِ الدِّين ومخالفة شريعة المسلمين... فَهُمْ يُظْهِرُونَ السبّ واللّعن لخير الخليقة.. مع أنّه قد ثبت في هذه الشريعة المطهرة أنّ من كفّر مسلمًا كفر... فعرفتَ بهذا أنّ كلَّ رافضي خبيثٍ على وجه الأرض يصير كافرًا بتكفيرهم لصحابيّ واحدٍ... فكيف بمن كفّر كلَّ الصحابة، واستثنى أفرادًا يسيرة تنفيقًا لما هو فيه من الضلال...؟».
     
    وأفضل الصحابة أهل بدر، ثمّ الحديبية. وأفضلهم العشرة المبشرون بالجنة، وأفضل العشرة أبو بكر الصديق - رضي الله عنهم - أجمعين.
     
    ولأهمية هذا الأمر - حبّ الصحابة والترضي عنهم - جعله أهل العلم في كُتُبِ العقائد.
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- تحريم سبّ أحد من الصحابة – رضي الله عنهم -.
    2- فَضْلُ صُحْبَةِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهي مرتبة لن يبلغها أحد بعدهم.
    3- الطعن في الصحابة طعنٌ في الشريعة؛ لأنهم حملتها، وطعنٌ في الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لم يحسن اختيار أصحابه، وطعنٌ في الله جلّ وعلا؛ لأنّه بَعَثَ خير أنبيائه ورُسُلِه فيهم، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
     
     
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23938
    تم شكره : 33
    الاسد

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:31

    الحديث التاسع والأربعون

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنا، وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنا» أخرجه أبو داود والترمذي.


    راوي الحديث:
    سبقت ترجمته في الحديث الثالث عشر.
     
    معاني الكلمات:
    1- ليس منّا: أي مِنْ سُنّتنا، وهدْينا، وطريقتنا.
    2- شَرَف: القدْر والمكانة، وأصلُ الشرف: المكان المرتفع.
     
    الشرح:
    الإسلام دين عظيم متكامل، أعطى كل ذي حق حقّه، عُني بالرّجل والمرأة، وبالصغير والكبير، وحثّ على التراحم بين المسلمين. «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» وأمر بالرحمة حتى للحيوانات، قبل أن يعرفها الغرب بأكثر من ثلاثة عشر قرنًا ونصف قرن تقريبًا! ومن أعجب ما أخبرنا به الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه «غُفر لامرأة مومسة (زانية) مرّت بكلب على رأس ركيّ (بئر) يلهث، قال: كاد يقتله العطش، فنزعت خُفّها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغُفر لها بذلك»، ومقابل ذلك «دخلتْ امرأةٌ النار في هرّة ربطتها فلم تُطْعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض» «حتى ماتت جوعًا».
     
    وهنا في هذا الحديث يبيّن أرحم الخلق بالخلق - صلى الله عليه وسلم - أنّ من هدي الإسلام وأهله: رحمة الصغير، ورحمته تكون بالحنوّ عليه، والرفقِ به في الأمر والنهي، وبذلِ النصح له، وأنّ هذا الصغير سيكون - إن شاء الله - واحدًا من رجالات الأمة، وصانعي مجدها، إلا أنه مُسْتَتِرٌ بثياب الصِّبا.
     
    «ويعرف شرف كبيرنا»، أي: يعرف قدر ومنزلة كبيرنا، والكبير: كبير السنّ، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم»، فاحترام كبير السن، وتقديمه في صدر المجلس، وخدمته، وإلانةُ القول له. من مكارم الأخلاق، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا سُقِي قال: «ابدؤوا بالكبير».
     
    وكذا الكبير في علمه، له تقديم على غيره، وله فضل ومنزلة، فيجب احترامه وتوقيره، «وبتوقير العلماء توقّر الشريعة؛ لأنهم حاملوها، وبإهانة العلماء تُهان الشريعة؛ لأنَّ العلماء إذا ذلّوا، وسقطوا أمام أعين الناس، ذلّتْ الشريعة التي يحملونها، ولم يبقَ لهم قيمة عند الناس وصار كل إنسان يحتقرهم، ويزدريهم؛ فتضيع الشريعة».
     
    قال الإمام عبد الله بن المبارك - رحمه الله -:«من استخفّ بالعلماء ذهبتْ آخرته، ومن استخفّ بالأمراء ذهبتْ دنياه، ومن استخفّ بالإخوان ذهبتْ مروءته».
     
    ولورثة الأنبياء حقوق أذكر بعضها على وجه الاختصار:
    1- موالاتهم ومحبتهم وإجلالهم، فهم ورثة الأنبياء، والمرء مع من أحبّ يوم القيامة.
    2- أخذُ العلم عنهم.
    3- سؤالهم فيما يُشكل. ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ﴾ [الأنبياء: ٧].
    4- الدعاء لهم بالتوفيق والسداد، والترحّم على من مات.
    5- إشاعة مناقبهم، وذكرها في المجالس.
    6- التماس العذر لهم.
    7- الذبّ عن أعراضهم.
    8- التثبّت فيما يُنسب لهم. قال الإمام ابن تيمية: «فالواجب على من شرح الله صدره للإسلام إذا بلغته مقالة ضعيفة عن بعض الأئمة أن لا يحكيها لمن يتقلّدها... فما أكثر ما يُحكى عن الأئمة ممّا لا حقيقة له».
    9- الالتفاف حولهم، خاصة زمن الفتن والنوازل.
    10- نشر علمهم وبثّه بين الناس.
    11- ستر عيوبهم وزلاتهم: فـ«ليس جزاء العلماء الذين أتعبوا أنفسهم في تحصيل العلم، ولم يدخروا وسعًا في نشره بين الأمة، أنهم إذا أخطئوا أن ينشر خطؤهم، ويُسكت عن محاسنهم، فليس هذا من العدل؛ إذ العدل أن توازن بين الحسنات والسيئات، فإذا رجحت الحسنات فالإنسان من المحسنين، هذا إذا تقاربت الحسنات والسيئات، فكيف إذا كانت السيئة الواحدة في مقابل آلاف الحسنات؟ لكنّ بعض الناس - والعياذ بالله - يتخذ من الخطأ الواحد ذريعة للسبّ والقول والقيل...».
     
    قال بعض السلف: «إذا أَلِفَ القلبُ الإعراضَ عن الله ابتلاه بالوقيعة في الصالحين».

    ما يستفاد من الحديث:
    1- عناية الإسلام بجميع أفراده، صغارًا وكبارًا.
    2- رحمةُ الصغير والعطف عليه من سنن الهدى.
    3- إجلال الكبير في سنه، وعلمه.
    4- من لم يرحم الصغير، ويحترم الكبير، فقد خالف سنة المسلمين وطريقتهم.
     
     


    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23938
    تم شكره : 33
    الاسد

    خمسون النبوية الشاملة - صفحة 3 Empty رد: خمسون النبوية الشاملة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 22 أغسطس 2013 - 20:31

    الحديث الخمسون


    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَلَسَ في مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ فَقَالَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أشْهِدُ أنَّ لَا إِلَهَ إلّا أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إليكَ، إلاّ غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ» أخرجه الترمذي[].


    معاني الكلمات:
    1- لغطه: اللغط: الأصوات المبهمة المختلطة، والضجيج الذي لا يفهم، والمراد به في الحديث: الكلام الذي لا ينفع في الآخرة.
     
    الشرح:
    حثّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإكثار من ذكر الله في أحاديث كثيرة، وبيّن أنه: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلاّ قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة»[]، ولأنّ الإنسان ربما غفل في بعض المجالس التي يكثر فيها اللّغط - وما أكثرها في هذه الأزمان - فينسى ذكر الله، فأرشده الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يقول هذا الذكر، وقال في رواية أخرى للحديث: «ذلك كفّارة لما يكون في المجلس»[]، وهل يُشرع قولها عقب مجالس الذِّكْر؟ نعم، قال - صلى الله عليه وسلم -: «...فقالها في مجلس ذِكْرٍ كانت كالطَّابِع يُطبع عليه..»[].
     
    ما يستفاد من الحديث:
    1- حرصه - صلى الله عليه وسلم - على كل ما ينفع أُمته.
    2- مشروعية هذا الذّكْر عقب كل مجلس.
    3- أهمية الذّكْر في حياة المسلم اليومية.
     
    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 20 مايو 2024 - 3:43