حكايات دمشقية 5
سوق الحميدية أشهر أسواق دمشق
أحمد بوبس
سوق الحميدية هو بحق أشهر أسواق دمشق، بل إن شهرته تجاوزت المحلية إلى العربية والعالمية، حتى أنه أصبح موضوع أغنيات عربية نالت شهرة واسعة. من أهمها أغنية (من موسكي لسوق الحميدية) التي غنتها صباح أثناء وحدة سورية ومصر وأغنية سهام شماس (بسوق الحميدية/ اشترينا وقية/ ياأمي بياع البندق عينه عليّي).
ويمتد سوق الحميدية بدءاً من طرف السور الغربي لدمشق القديمة قبالة شارع النصر الذي كان يعرف بشارع جمال باشا، ويسير السوق ملاصقاً للجدار الجنوبي لقلعة دمشق وبشكل مستقيم حتى سوق العصرونية الذي يتفرع عنه، لينحرف بعد ذلك قليلاً نحو اليسار، ثم يتابع سيره حتى المدخل الغربي للجامع الأموي. ويبلغ طوله نحن ستمئة متراً وعرضه خمسة عشر متراً.
وسوق الحميدية بهذا الاسم يعود تاريخه إلى نحو مئتين وثلاثين عاماً. لكن وجوده كسوق تجاري يعود إلى أبعد من ذلك بكثير. ففي موقع سوق الحميدية حالياً كان يقوم سوق من العهد الآرامي عرف بسوق الآروم.
أما سوق الحميدية الحالي فقد تم إنشاؤه على مرحلتين. المرحلة الأولى في عام 1780 في عهد السلطان عبد الحميد الأول. وشملت القسم الأول من السوق التي امتدت من مدخله قبالة شارع النصر وحتى مدخل سوق العصرونية. وسمي السوق وقتها بالسوق الجديدة. وشيّد هذا القسم مكان السوق القديم (الآروم). أما المرحلة الثانية فأنشئت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1884. وشملت قسم السوق الممتد من مدخل سوق العصرونية وحتى قبالة المدخل الغربي للجامع الأموي. وعند انتهاء بناء هذا القسم أطلق على السوق اسم سوق الحميدية نسبة إلى السلطانين اللذين أنشئ السوق في عهديهما. وتم سقف السوق بالخشب لتوفير الراحة لزواره، وحمايتهم من شمس الصيف الحارقة وأمطار الشتاء وبرده. وفي عهد والي دمشق حسين ناظم باشا تم استبدال السقف الخشبي بسقف من الحديد والتوتياء على شكل نصف دائري لحمايته من الحريق عام 1895، وهو السقف الحالي الذي تم تجديده مرات عديدة، وعلى الجانبين فتحات للتهوية. وفي أيام الصيف تدخل أشعة الشمس من الثقوب الكثيرة الموجودة في توتياء السقف، وترسم دوائر مضيئة على أرض السوق، وهذه الثقوب ناجمة عن طلقات الرصاص خلال المعارك التي كانت تحدث بين الثوار والقوات الفرنسية.
سوق الحميدية ليس سوقاً متخصصاً بأنواع معينه من البضاعة، بل تباع فيه أنواع كثيرة من البضائع، كالأقمشة والأحذية والألبسة الجاهزة والمطرزات وأدوات الزينة من عطور وماكياج، إضافة إلى السجاد والتحف والهدايا. أما المأكولات فكانت تقتصر على البوظة فقط. وكان في السوق عدة محلات لبيع البوظة، لم يبق منها إلا محلاً واحداً هو محل بكداش الذي يعتبر من أعرق وأقدم محلات البوظة في السوق، إذ يزيد عمره عن مئة عام. وكان القسم الأخير من السوق من جهة الجامع الأموي مخصص لبيع الكتب، ويسمى المسكية. لكن أزيل قسم المسكية من أجل كشف الأعمدة الأثرية لمعبد جوبتير القديم. كما فقد السوق جزءاً من بدايته عندما تم توسيع شارع الدرويشية. وأزيل مع واجهة سوق الحميدية سوق الخجا الذي كان يغطي واجهة قلعة دمشق. كما أزيلت سينما النصر التي كانت على الطرف الجنوبي لمدخل سوق الحميدية.
ويتفرع عن سوق الحميدية عدة أسواق فرعية. فعلى الطرف الجنوبي من السوق يقع سوق الحريقة الذي يتصل بسوق الحميدية بعدة أزقة ، في إحداها سوق القرمللي التي تباع فيه الأغراض والأثاثات المستعملة. كما يتفرع عن السوق من نفس الطرف خان الجمرك المتخصص ببيع الأقمشة والمنسوجات ثم سوق الحرير وفي آخر السوق تفرع يصل إلى الصاغة القديمة والبزورية وسوق القباقبية.
أما على الطرف الشمالي فيتفرع عن سوق الحميدية سوق نصري الذي تباع في الماكياجات والعطور وبدلات العرائس والدمى الحيوانية وغيرها، ثم يأتي سوق العصرونية المتخصص ببيع الأدوات المنزلية، ويتصل هذا السوق بسوق الحميدية بفتحة أخرى. ويأتي بعد ذلك سوق باب البريد الذي كان يشكل امتداداً للمسكية.
تعرّض سوق الحميدية للحريق عدة مرات. ففي عام 1911 تعرض السوق لحريق أتى على كثير من المحلات التجارية. وفي عام 1920 تعرض السوق لحريق ثان. وكادت النيران أن تصل إلى الجامع الأموي بعد استمرارها ثلاثة أيام. الأمر الذي اضطر السلطات إلى هدم الكثير من المحلات والبيوت لإيقاف امتداد النيران.
ومنذ سنوات قامت محافظة دمشق بإزالة التعديات على طرفي السوق، فأزيلت جميع أشكال المخالفات التي أخفت معالم السوق التاريخية، وكشفت عن الأعمدة الأثرية التي تفصل بين المحلات. كما تم توحيد آرمات المحلات وأبوابها، بما ينسجم مع الطابع التاريخي للسوق.، وتم إعادة رصف السوق بالحجارة البازلتية، ليأخذ شكلاً جميلاً يتناسب مع طابعه التاريخي. وتم تغطية الجزء من سوق الحميدية غير المغطى عند سوق العصرونية.
سوق الحميدية أشهر أسواق دمشق
أحمد بوبس
سوق الحميدية هو بحق أشهر أسواق دمشق، بل إن شهرته تجاوزت المحلية إلى العربية والعالمية، حتى أنه أصبح موضوع أغنيات عربية نالت شهرة واسعة. من أهمها أغنية (من موسكي لسوق الحميدية) التي غنتها صباح أثناء وحدة سورية ومصر وأغنية سهام شماس (بسوق الحميدية/ اشترينا وقية/ ياأمي بياع البندق عينه عليّي).
ويمتد سوق الحميدية بدءاً من طرف السور الغربي لدمشق القديمة قبالة شارع النصر الذي كان يعرف بشارع جمال باشا، ويسير السوق ملاصقاً للجدار الجنوبي لقلعة دمشق وبشكل مستقيم حتى سوق العصرونية الذي يتفرع عنه، لينحرف بعد ذلك قليلاً نحو اليسار، ثم يتابع سيره حتى المدخل الغربي للجامع الأموي. ويبلغ طوله نحن ستمئة متراً وعرضه خمسة عشر متراً.
وسوق الحميدية بهذا الاسم يعود تاريخه إلى نحو مئتين وثلاثين عاماً. لكن وجوده كسوق تجاري يعود إلى أبعد من ذلك بكثير. ففي موقع سوق الحميدية حالياً كان يقوم سوق من العهد الآرامي عرف بسوق الآروم.
أما سوق الحميدية الحالي فقد تم إنشاؤه على مرحلتين. المرحلة الأولى في عام 1780 في عهد السلطان عبد الحميد الأول. وشملت القسم الأول من السوق التي امتدت من مدخله قبالة شارع النصر وحتى مدخل سوق العصرونية. وسمي السوق وقتها بالسوق الجديدة. وشيّد هذا القسم مكان السوق القديم (الآروم). أما المرحلة الثانية فأنشئت في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1884. وشملت قسم السوق الممتد من مدخل سوق العصرونية وحتى قبالة المدخل الغربي للجامع الأموي. وعند انتهاء بناء هذا القسم أطلق على السوق اسم سوق الحميدية نسبة إلى السلطانين اللذين أنشئ السوق في عهديهما. وتم سقف السوق بالخشب لتوفير الراحة لزواره، وحمايتهم من شمس الصيف الحارقة وأمطار الشتاء وبرده. وفي عهد والي دمشق حسين ناظم باشا تم استبدال السقف الخشبي بسقف من الحديد والتوتياء على شكل نصف دائري لحمايته من الحريق عام 1895، وهو السقف الحالي الذي تم تجديده مرات عديدة، وعلى الجانبين فتحات للتهوية. وفي أيام الصيف تدخل أشعة الشمس من الثقوب الكثيرة الموجودة في توتياء السقف، وترسم دوائر مضيئة على أرض السوق، وهذه الثقوب ناجمة عن طلقات الرصاص خلال المعارك التي كانت تحدث بين الثوار والقوات الفرنسية.
سوق الحميدية ليس سوقاً متخصصاً بأنواع معينه من البضاعة، بل تباع فيه أنواع كثيرة من البضائع، كالأقمشة والأحذية والألبسة الجاهزة والمطرزات وأدوات الزينة من عطور وماكياج، إضافة إلى السجاد والتحف والهدايا. أما المأكولات فكانت تقتصر على البوظة فقط. وكان في السوق عدة محلات لبيع البوظة، لم يبق منها إلا محلاً واحداً هو محل بكداش الذي يعتبر من أعرق وأقدم محلات البوظة في السوق، إذ يزيد عمره عن مئة عام. وكان القسم الأخير من السوق من جهة الجامع الأموي مخصص لبيع الكتب، ويسمى المسكية. لكن أزيل قسم المسكية من أجل كشف الأعمدة الأثرية لمعبد جوبتير القديم. كما فقد السوق جزءاً من بدايته عندما تم توسيع شارع الدرويشية. وأزيل مع واجهة سوق الحميدية سوق الخجا الذي كان يغطي واجهة قلعة دمشق. كما أزيلت سينما النصر التي كانت على الطرف الجنوبي لمدخل سوق الحميدية.
ويتفرع عن سوق الحميدية عدة أسواق فرعية. فعلى الطرف الجنوبي من السوق يقع سوق الحريقة الذي يتصل بسوق الحميدية بعدة أزقة ، في إحداها سوق القرمللي التي تباع فيه الأغراض والأثاثات المستعملة. كما يتفرع عن السوق من نفس الطرف خان الجمرك المتخصص ببيع الأقمشة والمنسوجات ثم سوق الحرير وفي آخر السوق تفرع يصل إلى الصاغة القديمة والبزورية وسوق القباقبية.
أما على الطرف الشمالي فيتفرع عن سوق الحميدية سوق نصري الذي تباع في الماكياجات والعطور وبدلات العرائس والدمى الحيوانية وغيرها، ثم يأتي سوق العصرونية المتخصص ببيع الأدوات المنزلية، ويتصل هذا السوق بسوق الحميدية بفتحة أخرى. ويأتي بعد ذلك سوق باب البريد الذي كان يشكل امتداداً للمسكية.
تعرّض سوق الحميدية للحريق عدة مرات. ففي عام 1911 تعرض السوق لحريق أتى على كثير من المحلات التجارية. وفي عام 1920 تعرض السوق لحريق ثان. وكادت النيران أن تصل إلى الجامع الأموي بعد استمرارها ثلاثة أيام. الأمر الذي اضطر السلطات إلى هدم الكثير من المحلات والبيوت لإيقاف امتداد النيران.
ومنذ سنوات قامت محافظة دمشق بإزالة التعديات على طرفي السوق، فأزيلت جميع أشكال المخالفات التي أخفت معالم السوق التاريخية، وكشفت عن الأعمدة الأثرية التي تفصل بين المحلات. كما تم توحيد آرمات المحلات وأبوابها، بما ينسجم مع الطابع التاريخي للسوق.، وتم إعادة رصف السوق بالحجارة البازلتية، ليأخذ شكلاً جميلاً يتناسب مع طابعه التاريخي. وتم تغطية الجزء من سوق الحميدية غير المغطى عند سوق العصرونية.