ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


3 مشترك

    (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ


    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 18:05


    أقسام الناس

    وكذلك جعل الناس على أقسام أربعة، وحصر كل طبقة على قسمتها:

    فالأول، الأساورة من أبناء الملوك؛

    الثاني، النساك وسدنة بيوت النيران،

    والقسم الثالث، الأطباء والكتاب والمنجمون،

    والقسم الرابع، الزراع والمهان وأضرابهم.

    وكان أردشير يقول:

    ما شيء أسرع في انتقال الدول، وخراب المملكة من انتقال هذه الطبقات عن مراتبها، حتى يرفع الوضيع إلى مرتبة الشريف، ويحط الشريف إلى مرتبة الوضيع. وكان الذي يقابل الطبقة الأولى من الأساورة وأبناء الملوك، أهل الحذاقة بالموسيقيات والأغاني، فكانوا بإزاء هؤلاء نصب خط الاستواء.

    وكان الذي يقابل الطبقة الثانية من ندماء االملك وبطانته، الطبقة الثانية من أصحاب الوسيقيات.

    وكان الذي يقابل الطبقة الثالثة، من أصحاب الفكاهات والمضحكين أصحاب الونج والمعارف والطنابير، وكان لا يزمر الحاذق من الزامرين إلا على الحاذق من المغنين. وإن أمره الملك بذلك، راجعه واحتج عليه. وقلما كانت ملوك الأعاجم خاصة تأمر أن يزمر على المغني إلا من كان معه في أسلوب واحد، إذ لم يكن من شأنهم أن ينقلوا أحداً من طبقة وضيعة إلى طبقة

    رفيعة. إلا أن الملك كان ربما غلب عليه السكر حتى يؤثر فيه، فيأمر الزامر الطبقة الثانية أو الثالثة أن يزمر على المغني من الطبقة الأولى، فيأبى ذلك، حتى إنه ربما ضربه الخدم بالمراوح والمذاب فيكون من اعتذاره أن يقول: إن كان ضربي بأمر الملك وعن رأيه، فإنه سيرضى عني إذا صحا، بلزومي مرتبتي.

    وكان أردشير قد وكل غلامين ذكيين، لا يفارقان مجلسه، بحفظ ألفاظه عند الشرب والمنادمة. فأحدهما يمل والآخر يكتب حرفاً حرفاً، وهذا إنما يفعلانه، إذا غلب عليه السكر، فإذا أصبح، ورفع عن وجهه الحجاب، قرأ عليه الكاتب كل ما لفظ به في مجلسه إلى أن نام. فإذا قرأ به الزامر، ومخالفة الزامر أمره، دعا بالزامر، فخلع عليه وجزاه الخير، وقال: أصبت فيما فعلت، وأخطأ الملك فيما أمرك به. فهذا ثواب صوابك، وكذلك العقوبة لمن أخطأ، وعقوبتي أن لا نزمزم اليوم غلا على خبز الشعير والجبن. فلم يطعم في يومه ذلك غيرهما.

    وما ذاك إلا حثاً على لزوم سنتهم، وحفظ نواميسهم، وأخذ العامة بالسياسة التامة، والأمر اللازم.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:25


    انقلاب الحال في عهد بهرام جور

    فلم يزل على ذلك ملوك الأعاجم، حتى ملك بهرام جور بن يزدجرد، فأقر مرتبة الأشراف وأبناء الملوك، وسدنة بيوت النيران على ما كانت، وسوى بين الطبقتين من الندماء والمغنين، ورفع من أطربه، وإن كان في أوضع الدرجات، إلى الدرجة الأولى، وحط من قصر عن إرادته إلى الطبقة الثانية، فأفسد سيرة أردشير في المغنين وأصحاب الملاهي خاصةً، فلم يزل الأمر على ذلك، حتى ملك كسرى أنوشروان، فرد الطبقات إلى مراتبها الأولى.

    الستار بين ملوك الأعاجم كلها من لدن أردشير بن بابك إلى يزدجرد تحتجب عن الندماء بستارة، فكان يكون بينه وبين أول الطبقات عشرون ذراعاً لأن الستارة من الملك على عشرة أذرع، والستارة من الطبقة الأولى على عشرة أذرع.

    وكان الموكل بحفظ الستارة رجلاً من أبناء الأساورة، يقال له خرم باش، فإذا مات هذا الرجل، وكل بها آخر من أبناء الأساورة، وسمي بهذا فكان خرم باش، إذا جلس الملك لندمائه وشغله، أمر رجلاً أن يرتفع على أعلى مكان في قرار دار الملك، ويغرد بصوت رفيع يسمعه كل من حضر، فيقول: يا لسان، احفظ رأسك فإنك تجالس في هذا اليوم ملك الملوك! ثم ينزل.

    فكان هذا فعلهم في كل يوم يجلس فيه الملك للهوه، ولا يجتريء أحد من خلق الله أن يدير لسانه في فيه بخير ولا غيره، حتى تحرك الستارة، فيطلع القائم عليها، فيؤمر بأمرٍ فينفذه، ويقول: افعل يا فلان كذا، وتغني، يا فلان، كذا وكذا.

    وكان الندماء من العظماء والأشراف وأبناء الملوك وإخوة الملك وعمومته وبني عمه، وأوضع الطبقات في مجلس الملك في نقابٍ واحدٍ إطراقاً وإخباتاً وسكون طائر، وقلة حركة.

    فلم يزل أمر الملوك من الأعاجم كذلك، حتى ملك الأردوان الأحمر، فكان يقول: من كانت له منكم حاجة، فليكتبها في رقعة، وليرفعها قبل شغلي، فأفهم ما فيها،

    ويخرج إليه أمري، وعقلي صحيح، وفكري جامع.

    فمن سأل، في غير هذا الوقت، حاجةً، ضربت عنقه، وهو أول من فتح هذا. وكان لا يرد سائلاً، ولا يعطي مبتدئاً. فلم يزل الأمر على ذلك، حتى ملك بهرام جور، فكان يقول للندماء: إذا رأيتموني قد طربت، وخرجت من باب الجد إلى باب الهزل، فسلوا حوائجكم.

    وكان يوكل بحوائجهم صاحب الستارة. فكان إذا سكر، مد الناس أيديهم برقاعهم، فأخذها صاحب الستارة، فأنفذها إليه، فأخذها بيده، وضمها عليها، ثم رمى بها من غير أن ينظر في شيء منها، ويقول: أنفذوا كل ما فيها. فكان ذلك ربما بلغ في ليلة واحدة من سؤالٍ في إقطاع أو قضاء دينٍ أو طلب منحة ألف ألفٍ أو أكثر، إلا أن ذلك لم يكن تباعاً.

    وكان إذا رفع أحدهم في رقعته ما ليس يجوز لمثله، وهو خارج من حد القصد وادخل في باب الإفراط، لم تقض له حاجة، وسمي جاهلاً، ولم تؤخذ له رقعة بعدها أبداً.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:28

    في عهد الأمويين

    ثم لم يكن ذلك، بعد، في أخلاق الملوك من الأعاجم والعرب حتى ملك يزيد بن عبد الملك، فسوى بين الطبقة العليا والسفلى، وأفسد أقسام المراتب، وغلب عليه اللهو، واستخف بآيين المملكة، وأذن للندماء في الكلام والضحك والهزل في مجلسه والرد عليه. وهو أول من شتم في وجهه من الخلفاء، على جهة الهزل والسخف.

    قلت لإسحق بن إبراهيم: هل كانت الخلفاء من بني أمية تظهر للندماء والمغنين؟.

    قال: أما معاوية ومروان وعبد الملك والوليد وسليمان وهشام ومروان بن محمد، فكان بينهم وبين الندماء ستارة. وكان لا يظهر أحد من الندماء على ما يفعله الخليفة، إذا طرب للمغنى والتذه، حتى ينقلب ويمشي ويحرك كتفيه، ويرقص، ويتجرد حيث لا يراه إلا خواص جواريه. إلا أنه كان، إذا ارتفع من خلف الستارة، صوت أو نعير طرب أو رقص أو حركة بزفيرٍ تجاوز المقدار، قال صاحب الستارة: حسبك يا جارية! كفي! انتهى! أقصري! يوهم الندماء أن الفاعل لذلك بعض الجواري. فأما الباقون من خلفاء بني أمية، فلم يكونوا يتحاشون أن يرقصوا أو يتجردوا، ويحضروا عراةً بحضرة الندماء والمغنين. وعلى ذلك، لم يكن أحد منهم في مثل حال يزيد بن عبد الملك، والوليد بن يزيد في المجون والرفث بحضرة الندماء، والتجرد، ما يباليان ما صنعا.

    قلت: فعمر بن عبد العزيز؟

    قال: ما طن في سمعه حرف غناء، منذ أفضت الخلافة إليه إلى أن فارق الدنيا. فأما قبلها، وهو أمير المدينة، فكان يسمع الغناء، ولا يظهر منه إلا الأمر الجميل. وكان ربما صفق بيديه، وربما تمرغ على فراشه، وضرب برجليه وطرب. فأما أن يخرج عن مقدار السرور إلى السخف، فلا.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:30


    في عهد العباسيين

    قلت: فخلفاؤنا؟ قال: كان أبو العباس في أول أيامه يظهر للندماء، ثم احتجب عنهم بعد سنة. أشار بذلك عليه أسيد بن عبد الله الخزاعي؛ وكان يطرب ويبتهج ويصيح من وراء الستارة: أحسنت والله! أعد هذا الصوت! فيعاد له مراراً.

    فيقول في كلها: أحسنت. وكانت فيه فضيلة لا تجدها في أحد كان لا يحضره نديم ولا مغنٍ ولا ملهٍ، فينصرف، إلا بصلةٍ أو كسوةٍ، قلت أم كثرت.

    وكان لا يؤخر إحسان محسنٍ لغدٍ، ويقول: العجب ممن يفرح أنساناً، فيتعجل السرور، ويجعل ثواب من سره تسويفاً وعدةً؛ فكان في كل يومٍ وليلة يقعد فيه لشغله، لا ينصرف أحد ممن حضره إلا مسروراً. ولم يكن هذا لعربي ولا عجمي قبله؛ غير أنه يحكى عن بهرام جورٍ ما يقارب هذا.

    فأما أبو جعفر المنصور، فلم يكن يظهر لنديم قط، ولا رآه أحد يشرب غير الماء. وكان بينه وبين الستارة عشرون ذراعاً، وبين الستارة والندماء مثلها؛ فإذا غناه المغني فأطربه، حركت الستارة بعض الجواري، فاطلع إليه الخادم صاحب الستارة فيقول: قل له: أحسنت، بارك الله فيك! ؛ وربما أراد أن يصفق بيديه، فيقوم عن مجلسه، ويدخل بعض حجر نسائه، فيكون ذاك هناك، وكان لا يثيب أحداً من ندمائه وغيرهم درهماً، فيكون له رسماً في ديوان. ولم يقطع أحداً ممن كان يضاف إلى ملهيةٍ أو ضحك أو هزلٍ، موضع قدم من الأرض. وكان يحفظ كل ما أعطى واحداً منهم عشر سنين، ويحسبه، ويذكره له.


    وكان أبو جعفر المنصور يقول: من صنع مثل ما صنع إليه، فقد كافأ، ومن أضعف، كان مشكوراً، ومن شكر، كان كريماً، ومن علم أن ما صنع، فإلى نفسه صنع، لم يستبطيء الناس في شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم. ولا تلتمس في غيرك شكر ما أتيته إلى نفسك ووقيت به عرضك. وأعلم أن الطالب إليك الحاجة، لم يكرم وجهه عن مسألتك، فأكرم وجهك عن رده.

    وكان المهدي في أول أمره يحتجب عن الندماء، متشبهاً بالمنصور نحواً من سنة، ثم ظهر لهم. فأشار عليه أبو عونٍ بأن يحتجب عنهم، فقال: إليك عني، يا جاهل!

    إنما اللذة في مشاهدة السرور وفي لدنو من سرني. فأما من وراء وراء، فما خيرها ولذتها؟ ولو لم يكن في الظهور للندماء والإخوان إلا أني أعطيهم من السرور بمشاهدتي مثل الذي يعطونني من فوائدهم، لجعلت لهم في ذلك حظاً موفراً.

    وكان كثير العطايا، وافرها، قل من حضره إلا أغناه. وكان لين العريكة، سهل الشريعة، لذيذ المنادمة، قصير المناومة، ما يمل نديماً ولا يتركه إلا عن ضرورة، قطيع الخنا، صبوراً على الجلوس، ضاحك السن، قليل الأذى والبذاء. وكان الهادي شكس الأخلاق، صعب المرام، قليل الإغضاء، سيء الظن. قل من توقاه وعرف أخلاقه، إلا أغناه. وما كان شيء أبغض إليه من ابتدائه بسؤال. وكان يأمر للمغني بالمال الخطير الجزيل، فيقول: لا يعطيني بعدها شيئاً، فيعطيه، بعد أيام، مثل تلك العطية.

    ويقال: إنه قال يوماً، وعنده ابن جامع وإبراهيم الموصلي ومعاذ ابن الطبيب، وكان أول من دخل عليه معاذ، وكان حاذقاً بالأغاني، عارفاً بها: من أطربني اليوم منكم، فله حكمه.

    فغناه ابن جامع غناءً لم يحركه، وكان إبراهيم قد فهم غرضه، فغناه:

    سليمى أجمعت بينا ... فأين تظنها أينا
    فطرب، حتى قام عن مجلسه، ورفع صوته، وقال: أعد بالله، وبحياتي!.

    فأعاد، فقال: أنت صاحبي، فاحتكم.

    فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين، حائط عبد الملك بن مروان وعينه الخرارة بالمدينة قال: فدارت عيناه في رأسه، حتى صارتا كأنهما جمرتان، ثم قال: يا ابن اللخناء! أردت أن تسمع العامة أنك أطربتني، وأني حكمتك فأقطعتك! أما والله، لولا بادرة جهلك التي غلبت على صحيح عقلك وفكرك، لضربت الذي فيه عيناك! ثم سكت هنيهةً.

    قال إبراهيم: فرأيت ملك الموت قائماً بيني وبينه ينتظر أمره. ثم دعا إبراهيم الحراني، فقال: خذ بيد هذا الجاهل، فأدخله بيت المال، فليأخذ منه ما شاء!.

    فأخذ الحراني بيدي، حتى دخل بي بيت

    المال. فقال: كم تأخذ؟ فقلت: مائة بدرة. فقال: دعني أؤامره.

    قلت: فآخذ تسعين. قال: حتى أؤامره.

    قلت: فثمانين. قال: لا.

    فأبى إلا أن يؤامره، فعرفت غرضه، فقلت له: آخذ سبعين لي، ولك ثلاثون.

    قال: شأنك.

    قال: فانصرف بسبعمائة ألف، وانصرف ملك الموت عن الدار.

    قال: وكان الرشيد في أخلاق أبي جعفر المنصور، يمتثلها كلها إلا في العطايا والصلات والخلع. فإنه كان يقفو فعل أبي العباس والمهدي. ومن خبرك أنه رآه قط وهو يشرب إلا الماء، فكذبه. وكان لا يحضر شربه إلا خاص جواريه، وربما طرب للغناء، فتحرك حركةً بين الحركتين في القلة والكثرة. وهو، من بين خلفاء بني العباس، من جعل للمغنين مراتب وطبقات، على نحو

    ما وضعهم أردشير بن بابك وأنوشروان. فكان إبراهيم الموصلي، واسماعيل أبو القاسم بن جامع، وزلزل منصور الضارب في الطبقة الأولى وكان زلزل يضرب، ويغني هذان عليه.

    والطبقة الثانية: سليم بن سلام أبو عبيد الله الكوفي، وعمرو الغزال ومن أشبههما.

    والطبقة الثالثة: أصحاب المعازف والونج والطنابير.

    وعلى قدر ذلك كانت تخرج جوائزهم وصلاتهم. وكان إذا وصل واحداً من الطبقة الأولى بالمال الكثير الخطير، جعل لصاحبه اللذين معه في الطبقة، نصيباً منه، وجعل للطبقتين اللتين تليانه منه أيضاً نصيباً. وإذا وصل أحداً من الطبقتين الأخريين بصلة، لم يقبل واحد من الطبقة العالية منه درهماً، ولا يجتريء أن يعرض ذلك عليه. قال: فسأل الرشيد يوماً برصوما الزامر، فقال له: يا إسحق! ما تقول في ابن جامع؟ فحرك رأسه، وقال: خمر قطربل، يعقل الرجل، ويذهب العقل.

    قال: فما تقول في إبراهيم الموصلي؟

    قال: بستان فيه خوخ وكمثرى وتفاح وشوك وخرنوب.

    قال: فما تقول في سليم بن سلام؟

    فقال: ما أحسن خضابه!

    قال: فما تقول في عمرو الغزال؟

    قال: ما أحسن بنانه!

    قال: وكان منصور زلزل من أحسن وأحذق من برأ الله بالجس؛ فكان إذا جس العود، فلو سمعه الأحنف ومن تحالم في دهره كله، لم يملك نفسه حتى يطرب.

    قال إبراهيم: فغنيت، يوماً، على ضربه، فخطأني.

    فقلت لصاحب الستارة: هو، والله، اخطأ!.

    قال: فرفع الستارة،

    ثم قال: يقول لك أمير المؤمنين: أنت، والله، أخطأت!.

    فحمي زلزل، وقال: يا إبراهيم، تخطئني؟ فوالله ما فتح أحد من المغنين فاه بغير لفظٍ إلا عرفت غرضه! فكيف أخطيء، وهذه حالي؟.

    فأداها صاحب الستارة، فقال الرشيد: قل له: صدقت! أنت كما وصفت نفسك، وكذب إبراهيم وأخطأ.

    قال إبراهيم: فغمني ذلك، فقلت لصاحب الستارة: أبلغ أمير المؤمنين، سيدي ومولاي، أن بفارس رجلاً يقال له سنيد، لم يخلق لله أضرب منه بعود، ولا أحسن مجساً، وغن بعث إليه أمير المؤمنين فحمله، عرف فضله، وتغنيت على ضربه. فغن زلزلاً يكايدني مكايدة القصاص والقرادين.

    قال: فوجه الرشيد إلى الفارسي، فحمل على البريد، فأقلق ذلك زلزلاً وغمه. فلما قدم بالفارسي، أحضرنا، وأخذنا مجالسنا، وجاؤوا بالعيدان قد سويت. وكذلك كان يفعل في مجلس الخلافة، ليس يدفع إلى أحدٍ عوده، فيحتاج إلى أن يحركه، لأنها قد سويت وعلقت مثالثها مشاكلةً للزيرة على الدقة والغلظ.

    قال: فلما وضع عود الفارسي في يديه، نظر إليه منصور زلزل فأسفر وجهه، وأشرق لونه، فضرب وتغنى عليه إبراهيم. ثم قال صاحب الستارة لزلزل: يا منصور، إضرب.

    قال: فلما جس العود، ما تمالك الفارسي أن وثب من مجلسه بغير إذن، حتى قبل رأس زلزلٍ وأطرافه، وقال: مثلك، جعلت فداك

    لايمتهن ويستعمل. مثلك يعبد.

    فعجب الرشيد من قوله، وعرف فضيلة زلزل على الفارسي، فأمر له بصلةٍ، ورده إلى بلده.

    وكان منصور زلزل من أسخى الناس وأكرمهم؛ نزل بين ظهراني قومٍ، وقد كان يحل لهم اخذ الزكاة. فما مات حتى وجبت عليهم الزكاة.

    وكان إسحق برصوما في الطبقة الثانية. قال: فطرب الرشيد يوماً لزمره، فقال له صاحب الستارة: يا إسحق! أزمر على غناء ابن جامع. قال: لا أفعل.

    قال: يقول لك أمير المؤمنين، ولا تفعل؟ قال: إن كنت أزمر على الطبقة العالية، رفعت إليها. فأما أن أكون في الطبقة الثانية، وأزمر على الأولى، فلا أفعل.

    فقال الرشيد لصاحب الستارة: ارفعه إلى الطبقة الأولى؛ فإذا قمت، فادفع البساط الذي في مجلسهم إليه. فرفع إسحق إلى الطبقة العالية، وأخذ البساط، وكان يساوي ألفي دينار. فلما حمله إلى منزله، استبشرت به أمه وأخواته، وكانت أمه نبطية لكناء.

    فخرج برصوما عن منزله لبعض حوائجه، وجاء نساء جيرانه يهنئن أمه بما خص به، دون أصحابه، ويدعون لها. فأخذت سكيناً، وجعلت تقطع لكل من دخل عليها قطعة من البساط، حتى أتت على أكثره.

    فجاء برصوما، فإذا البساط قد تقسم بالسكاكين. فقال: ويلك ما صنعت؟ قالت: لم أدر، ظننت أنه كذا يقسم فحدث الرشيد بذلك، فضحك، ووهب له آخر.

    وزعم سعيد بن وهب أن إبراهيم الموصلي غنى أمير المؤمنين هارون صوتاً، فكاد

    يطير طرباً، فاستعاده عامة ليله،

    وقال: ما رأيت صوتاً يجمع السخاء والطرب وجودة الصنعة والسخف غير هذا الصوت! فأقبل إبراهيم، فقال: يا أمير المؤمنين! لو وهب لك إنسان مائة ألف درهم، أو لو وجدت مائة ألف درهم مطروحةً، كنت أسر بها أو بهذا الصوت؟

    قال: والله، لأنا أسر بهذا الصوت مني بألف ألف، ألف ألف. قال: فلو فقدت من بيت مالك مائة ألف كان أشد عليك، أو لو فقدت هذا الصوت وفاتك هذا السرور؟ قال: بل ألف ألف، وألف ألف أهون علي.

    قال: فلم لا تهب مائة ألف أو مائتي ألف لمن أتاك بشيءٍ فقد ألفي ألفٍ أهون عليك منه؟ فأمر له بمائتي ألف درهم.




    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:31

    الخليفة الأمين

    قلت لإسحق: فالمخلوع، أين كان ممن ذكرت؟

    قال: ما كان أعجب أمره كله! فأما تبذله، فما كان يبالي أين قعد، ومع من قعد. وكان، لو كان بينه وبين ندمائه مائة حجاب، خرقها كلها، وألقاها عن وجهه، حتى يقعد حيث قعدوا. وكان من أعطى الخلق لذهبٍ وفضة، وأنهبهم للأموال إذا طرب أو لها.

    وقد رأيته، وقد أمر لبعض أهل بيته في ليلةٍ بوقر زورق ذهباً، فانصرف به.

    وأمر لي، ذات ليلة، بأربعين ألف دينار، فحملت أمامي. ولقد غناه إبراهيم بن المهدي غناءً لم أرتضه. فقام عن مجلسه، فأكب عليه، فقبل رأسه. فقام

    إبراهيم، فقبل ما وطئت رجلاه من بساطه. فأمر له بمائتي ألف درهم.

    ولقد رأيته يوماً، وعلى رأسه بعض غلمانه، فنظر إليه، فقال: ويلك! ثيابك هذه تحتاج إلى أن تغسل. انطلق، فخذ ثلاثين بدرة، فاغسل بها ثيابك.

    ولقد حدثني علويه عنه، قال: لما أحيط به، وبلغت حجارة المنجنيق بساطه، كنا عنده، فغنته جارية له بغناءٍ تركت فيه شيئاً لم تجد حكايته. فصاح: يا زانية! تغنينني الخطأ! خذوها!.

    فحملت، وكان آخر العهد بها.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:33

    الخليفة المأمون


    قلت: فالمأمون؟.

    قال: أقام بعد قدومه عشرين شهراً لم يسمع حرفاً من الغناء. ثم سمعه من وراء حجابٍ، متشبهاً بالرشيد. فكان كذلك سبع حججٍ ثم ظهر للندماء والمغنين.

    قال: وكان حين أحب السماع ظاهراً بعينه، أكبر ذاك أهل بيته وبنو أبيه.

    ويقال أنه سأل عن إسحق بن إبراهيم الموصلي، فغمزه بعض من حضر، وقالوا: يغادر تيهاً وبأواً. فأمسك عن ذكره. قال: فجاءه زرزر يوماً،

    فقال له: يا اسحق! نحن اليوم عند أمير المؤمنين! فقال إسحق: فغنه بهذا الشعر:

    يا سرحة الماء قد سدت موارده ... أما إليك طريق غير مسدود

    لحائمٍ حام حتى لا حراك به ... محلأٍ عن سبيل الماء مطرود

    فلما غناه به زرزر أطربه وأبهجه وحرك له جوارحه، وقال: ويلك! من هذا؟!

    قال: عبدك المجفو المطرح، ياسيدي إسحاق قال: يحضر الساعة.

    فجاءه رسوله، وإسحق مستعد، قد علم انه إن سمع الغناء من مجيدٍ مودٍ أنه سيبعث إليه فجاءه الرسول؛ فحدثت انه لما دخل عليه، ودنا منه، مد يده غليه،

    ثم قال: ادن مني. فأكب عليه واحتضنه المأمون، وأدنا، واقبل عليه بوجهه مصغياً إليه، ومسروراً به.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:34

    أخلاق الملك السعيد


    ومن أخلاق الملك السعيد ترك القطوب في المنادمة، وقلة التحفظ على ندمائه، ولا سيما إذا غلب أحدهم على عقله، وكان غيره أملك به منه بنفسه.

    وللسكر حد، إذا بلغه نديم الملك، فأجمل الأمور وأحراها بأخلاقه أن لا يؤاخذه بزلةٍ إن سبقته، ولا بلفظةٍ إن غلبت لسانه، ولا بهفوةٍ كانت إحدى خواطره.

    والحد في ذلك أن لا يفعل ما يقول، ولا ما يقال له؛ وإن خلي ونفسه، رمى بها في مهواة، وإن أراد أحد أخذ ثيابه لم يمانعه.

    فأما إذا كان ممن يعرف ما يأتي وما يذر، وكان إذا رام أحد اخذ ما معه، قاتله دونه؛ وكان إذا شتم، غضب وانتصر، وإذا تكلم أفصح، وقل سقطه؛ فإذا كانت هذه صفته، ثم جاءت منه زلة، فعلى عمدٍ أتاها، وبقصدٍ فعلها.

    فالملك جدير أن يعاقبه بقدر ذنبه. فإن ترك عقوبة هذا ومن أشبهه، قدح في عزه وسلطانه.

    ومن الحق على الملك أن لا يجاوز بأهل الجرائم عقوبة جرائمهم. فإن لكل ذنبٍ عقوبةً. إما في الشريعة والنواميس، وإما في الإجماع والاصطلاح. فمن ترك العقوبة في موضعها، فبالحرى أن يعاقب من لا ذنب له. وليس بين ترك العقوبة، إذا وجبت، وعقوبة من لا ذنب له، فرق. وإنما وضع الله الملوك بهذه المواضع الرفيعة، ليقوموا كل ميل، ويدعموا كل إقامة.

    تطيب الملك وتجمله: ومن أخلاق الملك أن لا يشارك بطانته وندماءه في مس طيبٍ ولا مجمرٍ؛ فإن هذا وما أشبهه يرتفع الملك فيه عن مساواة أحد. وكذا يجب على بطانة الملك وقرابته أن لا يمسوا طيباً إذا تطيب، لنفرد الملك بذلك دونهم. وليس الطيب كالطعام والشراب اللذين لا بد من مشاركة الندماء فيهما.

    فأما كل ما أمكن الملك أن ينفرد به دون خاصته وحامته؛ فمن أخلاقه أن لا يشارك أحداً فيه. وكذا حكي عن أنوشروان ومعاوية بن أبي سفيان. وبعض أهل العلم يحكي عن الرشيد ما يقرب من هذا.

    وأولى الأمور بأخلاق الملك، إن أمكنه التفرد بالماء والهواء، أن لا يشرك فيهما أحداً؛ فإن البهاء والعز والأبهة في التفرد.

    ألا ترى أن الأمم الماضية من الملوك، لم يكن شيء أحب إليهم من أن يفعلوا شيئاً تعجز عنه الرعية، أو يتزيوا بزي ينهون الرعية عن مثله؟! فمن ذلك أردشير بن بابك، وكان أنبل ملوك بني ساسان. كان إذا وضع التاج على رأسه، لم يضع أحد في المملكة على رأسه قضيب ريحانٍ متشبهاً به؛ وكان إذا ركب في لبسةٍ، لم ير على أحدٍ مثلها؛ وإذا تختم بخاتمٍ، فحرام على أهل المملكة أن يتختموا بمثل ذلك الفص، وإن بعد في التشابه.

    وهذه من فصائل الملوك. وطاعة أهل المملكة أن تتحامى أكثر زي الملك، وأكثر أحواله وشيمه، حتى لا يأتي مالا بد لها منه.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:36

    وهذا أبو أحيحة سعيد بن العاص: كان إذا اعتم بمكة، لم يعتم أحد بعمةٍ ما دامت على رأسه.

    وهذا الحجاج بن يوسف؛ كان إذا وضع على رأسه طويلة، لم يجتريء أحد من خلق الله أن يدخل، وعلى رأسه مثلها.

    وهذا عبد الملك بن مروان؛ كان إذا لبس الخف الأصفر، لم يلبس أحد من الخلق خفاً أصفر حتى ينزعه.

    وهذا إبراهيم بن المهدي، بالأمس: دخل على أحمد بن أبي دؤاد بن علي، وعليه مبطنة ملونة من أحسن ثوبٍ في الأرض، وقد اعتم على رأسه رصافيةً بعمامة خزٍ سوداء، لها طرفان خلفه وأمامه، وعليه خف أصفر، وفي يده عكازة آبنوس ملوحٍ بذهبٍ، وفي إصبعه فص ياقوتٍ تضيء يده منه. فنظر إلى هيئةٍ ملت قلبه، وكان جسيماً، فقال: يا إبراهيم! لقد جئتني في لبسةٍ وهيئةٍ ما تصلح إلا لواحدٍ من الخلق.

    وحدثني أبو حسان الزيادي وذكر الفضل بن سهلٍ، فترحم عليه، وقال: وجه إلي في ليلة، وقد أويت إلى فراشي، رسولاً، فقال: يقول لك ذو الرياستين:

    لا تعتم غداً على قلنسوة إذا حضرت الدار.

    قال: فبت واجماً، وأنا لا أعلم ما يريد بذلك. وغدوت، وغدا الناس على طبقاتهم ومراتبهم؛ فجاء الحسين بن أبي سعيد إلى من في الدار، فقال: إن أمير المؤمنين يقعد في هذا اليوم، ويعتم على قلنسوة، فانزعوا عمائمكم. وحدثني بعض أصحابنا عن الحسن بن قريش، قال: لما مات القاسم بن الرشيد، وجه إلي المأمون رسولاً، فأتيته. فجعل يسألني عن عياله وعن أمواله، ويشكوه إلي، ويقول: كان يفعل كذا، ويفعل كذا، فكان في تلك الشكاية أن قال: وكان إذا ركب بمروٍ في رصافية.

    الملك في مجلس الشراب: ومن أخلاق الملك، إذا علم أن بعض الندماء قد بلغ غاية مجهوده في الشرب، وأن الزيادة بعد ذلك تضر ببدنه وجوارحه، أن يأمر بالكف عنه، وأن لا يكلف فوق وسعه. فإنه من تجاوز حق العدل عن الخاصة، لم تطمع العامة في إنصافه.

    ومن حق الملك أن لا يكلمه أحد من الندماء مبتدئاً ولا سائلاً لحاجة، حتى يكون

    هو المبتديء بذلك. فإن جهل أحد ما يلزمه في ذلك، تقدم إليه فيما يجب عليه. فإن عاد، فعلى الموكل بأمر الدار أن يحسن أدبه، وأن لا يأذن له في الدخول، حتى يكون الملك يبتديء ذكره، ثم يوعز إليه أنه، إن عاد، أسقطت مرتبته، فلم يطأ بساط الملك.

    وكان شيرويه بن أبرويز يقول: إنما تعذر البطانة برفع حوائجها إلى الملوك عند ضيقةٍ تكون، أو عند جفوةٍ تنالهم من ملوكهم، أو عند موتٍ يحدث لهم، أو عند تتابع أزمةٍ. فإذا كان ذلك، فعلى الملك تعهد ذلك من خاصته، حتى يصلح لهم أمورهم، ويسد خلتهم. فإذا كانوا من الكفاية في أقصى حدودها، ومن خفض العيش في أرفع خصائصه، ومن ذات اليد وإدرار العطايا في أتم صفاتها، ثم فتح أحد فاه بطلب ما فوق هذه الدرجة، فالذي حداه على ذلك الشره والمنافسة. ومن ظهرت هاتان منه، كان جديراً أن تنزع كفايته من يده، وتصير في يد غيره، وينقل إلى الطبقة الخسيسة، فيلزم أذناب البقر، وحراثة الأرض.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:40

    أنعام الملوك ومنتهم

    ومن أخلاق الملك أن لا يمن بإحسان سبق منه، ما استقامت له طاعة من أنعم عليه، ودامت له ولايته، إلا أن يخرج من طاعةٍ إلى معصيةٍ، فإذا فعل ذلك، فمن

    أخلاقه أن يمن عليه أولاً بإحسانه، ويذكره بلاءه عنده، وقلة شكره ووفائه، ثم يكون من وراء ذلك عقوبته بقدر ما يستحق ذلك الذنب في غلظه ولينه.

    وحدثني محمد بن الجهم، وداود بن أبي دواد قالا: جلس الحسن ابن سهل في مصلى الجماعة لنعيم بن خازم، فأقبل نعيم حافياً حاسراً، وهو يقول: ذنبي أعظم من السماء! ذنبي اعظم من الهواء! ذنبي أعظم من الماء! قالا: فقال له الحسن بن سهل: على رسلك! تقدمت منك طاعة، وكان آخر أمرك إلى توبة. وليس للذنب بينهما مكان. وليس ذنبك في الذنوب بأعظم من عفو أمير المؤمنين في العفو.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:42

    عفو عند المقدرة

    ومن أخلاق الملك السعيد أن لا يعاقب، وهو غضبان، لأن هذه حال لا يسلم معها من التعدي والتجاوز لحد العقوبة.

    فإذا سكن غضبه، ورجع إلى طبعه، أمر بعقوبته على الحد الذي سنته الشريعة، ونقلته الملة فإن لم يكن في الشريعة ذكر عقوبة ذنبه، فمن العدل أن يجعل عقوبة ذلك الذنب واسطة بين غليظ الذنوب ولينها، وأن يجعل الحكم عليه فيه، ونفسه طيبة، وذكر القصاص منه على بال.

    فأما العقوبة فلا تجوز إذا رفع أمرها إلى الملك.

    وليس الذنب بحضرة الملك كالذنب بحضرة السوقة، ولا الذنب بحضرة الحكيم كالذنب بحضرة الجاهل، لأن الملك هو بين الله وبين عباده، فإذا وجب بحضرته الذنب، فمن حقه العقوبة عليه ليزدجر الرعايا عن العياثة والتتايع في الفساد.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:43

    آداب البطانة مع الملوك

    ومن حق الملك، إذا هم بالحركة للقيام، أن تسبقه بطانته وخاصته بذلك، فإن أومأ إليهم أن لا يبرحوا، لايقعد واحد منهم، حتى يتوارى عن أعينهم.

    فإذا خرج، فمن حقه أن تقع عينه عليهم وهم قيام، فإذا قعد، كانوا على حالهم تلك. فإن نظر إليهم ليقعدوا، لم يقعدوا جملةً، بل تقعد الطبقة الأولى، أولاً، فإذا قعدت عن آخرها، تبعتها الطبقة الثانية. فإذا قعدت عن آخرها، تبعتها الطبقة الثالثة.

    وأيضاً فإن لكل طبقة رأساً وذنباً. فمن الواجب أن يقعد من كل طبقةٍ رأسها، ثم هلم جراً على مراتب الطبقة أولاً أولاً.

    ومن حق الملك أن لا يدنو منه أحد، صغر أو كبر، حتى يمس ثوبه ثوبه إلا وهو معروف الأبوين، في مركبٍ حسيبٍ، غير حامل الذكر ولا مجهول.

    فإن احتاج الملك إلى مشافهة خاملٍ أو وضيعٍ، واضطر إليها، إما لنصيحةٍ يسرها إليه، أو لأمرٍ يسأله عنه، فمن حق الملك أن لا يخلي أحداً يدنو منه حتى يفتش أولاً، ثم يأخذ بضبعيه اثنان، أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله. فإذا أبدى ما عنده، وقبل منه الملك ما جاء به، فمن حقه على الملك الإحسان إليه، والعائدة عليه، والنظر في حاجته، إن كانت له، ليرغب ذوو النصائح في رفعها إلى ملوكهم، والتقرب بها إليهم.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:45

    حديث الملك


    ومن حق الملك، إذا حدث بحديث، أن يصرف من حضره فكره وذهنه نحوه، فإن كان يعرف الحديث الذي يحدث به الملك، استمعه استماع من لم يدر في حاسة سمعه قط ولم يعرفه، وأظهر السرور بفائدة الملك والاستبشار بحديثه، فإن في ذلك أمرين: أحدهما ما يظهر من حسن أدبه، والآخر أنه يعطي الملك حقه بحسن الاستماع. وإن كان لم يعرفه، فالنفس إلى فوائد الملوك والحديث عنهم أقرم وأشهى منها إلى فوائد السوقة ومن أشبههم.

    وإنما مدار الأمر والغاية التي إليها يجري، الفهم والإفهام، والطلب ثم التثبت.

    قال عمرو بن العاص: ثلاثة لا أملهن: جليسي ما فهم عني، وثوبي ما سترني، ودابتي ما حملت رحلي وذكر الشعبي ناساً، فقال: ما رأيت مثلهم أشد تناقداً في مجلس ولا أحسن فهماً عن محدث.

    وقال سعيد بن سلم الباهلي لأمير المؤمنين المأمون: لو لم أشكر الله إلا على حسن ما أبلاني أمير المؤمنين من قصده إلي بالحديث، وإشارته إلي بطرفه، لقد كان ذلك من أعظم ما تفرضه الشريعة، وتوجبه الحرية.

    قال المأمون: لأن أمير المؤمنين، والله، يجد عندك من حسن الإفهام إذا تحدثت، وحسن الفهم إذا حدثت، ما لم يجده عند أحدٍ فيما مضى، ولا يظن أنه يجده فيما بقي.

    وفيما يحكى عن أنوشروان أنه بينا هو في مسيرٍ له، وكان لا يسايره أحد من الخلق مبتدئاً وأهل المراتب العالية خلف ظهره على مراتبهم، فإن التفت يميناً، دنا منه صاحب الحرس، وإن التفت شمالاً، دنا منه الموبذ، فأمره بإحضار من أراد مسايرته، قال: فالتفت في مسيره هذا، يميناً، فدنا منه صاحب الحرس،

    فقال: فلان. فأحضره، فقال: حدثني عن أردشير بن بابك حين واقع ملك الخزر، وكان الرجل قد سمع من أنوشروان هذا الحديث مرة، فاستعجم عليه وأوهمه أنه لا يعرفه. فحدثه أنوشروان بالحديث، فأصغى الرجل إليه بجوارحه كلها، وكان مسيرهما على شاطيء نهر.

    وترك الرجل، لإقباله على الحديث، النظر إلى مواطيء حافر دابته، فزلت إحدى قوائم الدابة، فمالت بالرجل إلى النهر، فوقع في الماء ونفرت دابته، فابتدرها حاشية الملك وغلمانه، فأزالوها عن الرجل، وجذبوه فحملوه على أيديهم حتى أخرجوه، فاغتم لذلك أنوشروان، ونزل عن دابته، وبسط له هناك، فأقام حتى تغدى في موضعه ذلك، ودعا بثياب من خاص كسوته، فألقيت على الرجل، وأكل معه،

    وقال له: كيف أغفلت النظر إلى موطيء حافر دابتك؟

    قال: أيها الملك! إن الله إذا أنعم على عبدٍ بنعمة، قابلها بمنحةٍ، وعارضها ببلية، وعلى قدر النعم تكون المحن. وإن الله أنعم علي بنعمتين عظيمتين هما: إقبال الملك علي بوجهه من بين هذا السواد الأعظم، وهذه الفائدة وتدبير هذه الحرب التي حدث فيها عن أردشير، حتى لو رحلت إلى حيث تطلع الشمس أو تغرب، كنت فيه رابحاً. فلما اجتمعت نعمتان جليلتان في وقت واحد، قابلتهما هذه المحنة، ولولا أساورة الملك وخدمه وحسن جده، كنت بمعرض هلكة. وعلى ذلك، فلو غرقت حتى أذهب عن جديد الأرض، كان قد أبقى لي الملك ذكراً متلداً، ما بقي الضياء والظلام. فسر الملك،

    وقال: ما ظننتك بهذا المقدار الذي أنت فيه!.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 15 مايو 2013 - 20:48


    وهكذا يحكى عن أبي شجرة، يزيد بن شجرة الرهاوي، أنه بينا هو يساير معاوية

    بن أبي سفيان


    ، ومعاوية يحدثه عن يوم خزاعة وبني مخزوم وقريش، وكان هذا قبل الهجرة، وكان يوماً أشرف فيه الفريقان على الهلكة حتى جاءهم أبو سفيان فارتفع ببعيره على رابية، ثم أومأ بكميه إلى الفريقين، فانصرفوا. قال: فبينا معاوية يحدث يزيد بن شجرة بهذا الحديث، إذ صك وجه يزيد حجر عائر فأدماه، وجعلت الدماء تسيل من وجهه على ثوبه، وهو ما يمسح وجهه.

    فقال له معاوية: لله أنت! ما ترى ما نزل بك؟ قال: وما ذاك، يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا دم وجهك يسيل على ثوبك! قال: أعتق ما أملك، إن لم يكن حديث أمير المؤمنين ألهاني حتى غمر فكري، وغطى على قلبي، فما شعرت بشيء حتى نبهني أمير المؤمنين.

    فقال له معاوية: لقد ظلمك من جعلك في ألفٍ من العطاء، أخرجك من عطاء أبناء المهاجرين، وكماة أهل صفين، فأمر له بخمسمائة ألف درهم، وزاده في عطائه ألف درهم، وجعله بين جلده وثوبه. فلئن كان يزيد بن شجرة خدع معاوية في هذه، فمعاوية ممن لا يخادع ولا يجارى؛ ولئن كان بلغ من بلادة يزيد بن شجرة وقلة حسه ما وصف به نفسه، ما كان بجدير بخمسمائة ألف في عطائه.

    وما أظن ذلك خفي عن معاوية، ولكنه تغافل على معرفةٍ، لما وفاه حق رياسته.

    ويروى عن معاوية انه كان يقول: السرو التغافل.

    بين أبي العباس السفاح وأبي بكر الهذلي: وكذلك حكي عن أبي بكر الهذلي أنه بينما هو يسامر أبا العباس، إذ تحدث أبو العباس بحديث من أحاديث الفرس، فعصفت الريح، فأذرت طساً من سطح إلى مجلس أبي العباس، فارتاع ومن حضره، ولم يتحرك أبو بكر لذلك، ولم تزل عينه متطلعة لعين أبي العباس.

    فقال له: ما أعجب شأنك، يا هذلي! لم ترع مما راعنا.

    قال: يا أمير المؤمنين، إن الله عز وجل يقول: ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه، وإنما للمرء قلب واحد، فلما غمره السرور بمحادثة أمير المؤمنين، لم يكن فيه لحادث مجال. وإن الله إذا انفرد بكرامة أحد، وأحب أن يبقى له ذكرها، جعل تلك الكرامة على لسان نبيه أو خليفته. وهذه كرامة خصصت بها، مال إليها ذهني، وشغل بها فكري. فلو انقلبت الخضراء على الغبراء ما أحسست بها ولا وجمت لها إلا بما يلزمني في نفسي لأمير المؤمنين.

    فقال أبو العباس: لئن بقيت لك، لأرفعن منك ضبعاً لا تطيف به السباع، ولا تنحط عليه العقبان.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 65
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65979
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف waell الأربعاء 15 مايو 2013 - 22:27

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Maksd10
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 16 مايو 2013 - 23:20

    الف شكر لك محمد
    ما شاء الله اطلاع ادبي واسع وغني جدا
    ربنا يزيدك علم وشعر ومعرفه
    لنزداد بك
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:16

    أقوال في حسن الاستماع

    وكان عبد الله بن عياش المنتوف يقول: لم يتقرب العامة إلى الملوك بمثل الطاعة، ولا العبيد بمثل الخدمة، ولا البطانة بمثل حسن الاستماع.

    وكان أبو زرعة، روح بن زنباع بن روح بن سلامة الجذامي يقول: إن أردت أن يمكنك الملك من أذنه، فأمكن أذنك من الإصغاء إليه إذا حدث.

    وكان أسماء بن خارجة الغزاري يقول: ما غلبني أحد قط غلبة رجلٍ يصغي إلى حديثي.

    وكان معاوية يقول: يغلب الملك حتى يركب بشيئين: بالحلم عند سورته، والإصغاء إلى حديثه
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:17

    عود إلى أخلاق الملوك


    ومن أخلاق الملك، إذا قرب إنساناً أو أنس به حتى يهازله ويضاحكه، ثم دخل عليه بعد، أن يدخل دخول من لم يجر بينهما أنس قط، وأن يظهر من الإجلال له والتعظيم والاستخذاء أكثر مما كان عليه قبل، فإن أخلاق الملوك ليست على نظام.

    ومن أخلاقهم أن لا تكون أخلاقهم معروفة، فيتمثل عليها، ويعاملون بها. ألا ترى أن الملك قد يغضب على الرجل من حماته، والرجل من حماته وبطانته، إما لجنايةٍ في صلب مالٍ، أو لخيانة حرمة الملك، فيؤخر عقوبته دهراً طويلاً، ثم لا يظهر له ما يوحشه حتى يتقي ذلك في اللحظة والكلمة والإشارة وما أشبه ذلك. وليست هذه أخلاق سائر الناس، إذ كنا نعلم أن طبائع الناس الانتصار في أول أوقات الجنايات، وعند أول بوادر الغضب.

    فأما الملوك وأبناءهم، فليست تقاس أخلاقهم، ولا يعاير عليها. إذ كان أحدهم يضع أعدى خلق الله له بين أذنه وعاتقه، وبين سحره ونحره، فتطول بذلك المدة، وتمر به الأزمنة، وهو لو قتله في أول حادثةٍ تكون، وعند أول عثرةٍ يعثر، لم يكن بين هذه القتلة وبين الأخرى بعدها بعشرين سنة فرق، غذ كان لا يخاف ثاراً، ولا في الملك وهناً.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:19

    معاقبة أنوشروان للخائن

    وفيما يذكر عن سيرة أنوشروان أن رجلاً من خاص خدمه جنى جناية اطلع عليها أنوشروان، والرجل غافل عنه.

    وكانت عقوبة تلك الجناية توجب القتل في الشريعة؛ فلم يدر كيف يقتله: لا هو وجد أمراً ظاهراً يقتل بمثله الحكام فيسفك به دمه، ولا قدر على كشف ذنبه لما في ذلك من الوهن على الملك والمملكة، ولا وجد لنفسه عذراً في قتله غيلة، إذ لم يكن ذلك في شرائع دينهم ووراثة سلفهم. فدعا به بعد جنايته بسنةٍ، فاستخلاه وقال: قد حزبني أمر من أسرار ملك الروم، وبي حاجة إلى أن أعلمها، وما أجدني أسكن إلى أحدٍ سكوني إليك إذ حللت من قلبي المحل الذي أنت به. وقد رأيت أن أدفع إليك مالاً لتحمل إلى هناك تجارة وتدخل بلاد الروم فتقيم بها لتجارتك؛ فإذا بعت ما معك، حملت مما في بلادهم من تجارتهم وأقبلت إلي. وفي خلال ذلك تصغي إلى أخبارهم، وتطلع طلع ما بنا حاجة إليه من أمورهم وأسرارهم.

    فقال الرجل: أفعل أيها الملك، وأرجو أن أبلغ في ذلك محبة الملك ورضاه.

    فأمر له بمالٍ، وتجهز الرجل، وخرج بتجارة؛ فأقام ببلاد الروم، حتى باع واشترى ولقن من كلامهم ولغتهم ما يعرف به مخاطبتهم وبعض أسرار ملكهم. ثم انصرف إلى أنوشروان بذلك، فاستبشر بقدومه، وزاد في بره، ورده إلى بلادهم، وأمره بطول المقام، والتربص بتجارته. ففعل، حتى عرف واستفاض ذكره.

    فلم تزل تلك حاله ست سنين، حتى إذا كان في السنة السابعة، أمر الملك أن تصور صورة الرجل في جامٍ من جاماته التي يشرب فيها، وتجعل صورته بإزاء صورة الملك، ويجعل مخاطباً للملك، ومشيراً إليه من بين أهل مملكته، ويدني رأسه من رأس الملك في الصورة كأنه يسر إليه. ثم وهب ذلك الجام لبعض خدمه، وقال له: إن الملوك ترغب في هذا الجام، فإن أردت بيعه، فادفعه إلى فلان إذا خرج نحو بلاد الروم بتجارته، فإنه إن باعه من الملك نفسه نفعك، وإن لم يمكنه بيعه من الملك، باعه من وزيره أو من بعض حامته.

    فجاء غلام الملك بالجام ليلاً، وقد وضع الرجل رجله في غرز ركابه، فسأله أن يبيع جامه من الملك، وأن يتخذ بذلك عنده يداً. وكان الملك يقدم ذلك الغلام، وكان من خاص غلمانه وصاحب شرابه. فأجابه إلى ذلك، وأمره بدفع الجام إلى صاحب خزانته، وقال: احفظه! فإذا صرت إلى باب الملك، فليكن فيما أعرضه عليه.

    فلما صار إلى ملك الروم، دفع صاحب الخزانة إليه الجام، فعزله فيما يعرض على الملك. فلما دفع الجام في يدي الملك، نظر إليه، ونظر إلى صورة أنوشروان فيه، وإلى صورة الرجل وتركيبه، عضواً عضواً، وجارحةً جارحةً،

    فقال: أخبرني، هل يصور مع الملك صورة رجل خسيس الأصل؟

    قال: لا

    قال: فهل يصور في آنية الملك صورة لا أصل لها ولا علة؟

    قال: لا قال: فهل في دار الملك اثنان يتشابهان

    في صورةٍ واحدةٍ حتى يكون هذا كأنه هذا في الصورة، وكلاهما نديما الملك؟ قال: لا أعرفه. فقال: قم! فقام، فتأمله قائماً، فوجد صورته قائماً في الجام. ثم قال: أدبر، فأدبر، فتأمل صورته في الجام مدبراً. ثم قال: أقبل، فأقبل، فتأمل صورته في الجام مقبلاً، فوجدها بحكاية واحدة، وتخطيط واحد.

    فضحك الملك، ولم يجتريء الرجل أن يسأله عن سبب ضحكه، إجلالاً له وإعظاماً. فقال ملك الروم: الشاة أعقل من الإنسان، إذ كانت تأخذ بمديتها فتدفنها، وأنت أهديت إلينا مديتك بيدك!.

    ثم قال له: تغديت؟

    قال: لا. قال: قربوا له طعاماً.

    فقال الرجل: أيها الملك! أنا عبد ذليل، والعبد لا يأكل بحضرة الملك.

    فقال: أنت عبد ما كنت عند ملك الروم، متطلعاً على أموره متتبعاً لأسراره، بل أنت ملك ونديم ملك إذا قدمت بلاد فارس. أطعموه!. فأطعم، وسقي الخمر حتى إذا ثمل،

    قال: إن من سنن ملوكنا أن تقتل الجواسيس في أعلى موضع تقدر عليه، وأن لا تقتله جائعاً ولا عطشان.

    فأمر أن يصعد به إلى صرحٍ كان يشرف منه على كل من في المدينة، إذا صعد. فضربت عنقه هناك، وألقيت جثته من ذلك الصرح، ونصب رأسه للناس.

    فلما بلغ ذلك كسرى، أمر صاحب الحرس أن يأمر المغرد بصوت الحراسة، إذا ضرب بأجراس الذهب، أن يقول إذا مر على دور النساء الملك وجواريه: كل نفسٍ وجب عليها القتل ففي الأرض تقتل، إلا من تعرض لحرم الملك، فإنه يقتل في السماء.

    فلم يدر أحد من أهل مملكته ماذا أراد بذلك حتى مات فليس في الأرض نفس تصبر على مضض الحقد، ومطاولة الأيام بها صبر الملوك. ولذلك بطل القياس على أخلاقهم، ووجهت آراء ذوي الحجى والتمييز في العمل عليها والمقابلة بها حتى تخرج على وزنٍ واحدٍ، وينظم مؤتلف.



    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:21

    عبد الملك والأشدق

    وكذلك يحكى عن عبد الملك بن مروان وعمرو بن سعيد الأشدق، انه أقام بضع سنين يزاول قتله. فمرة يرجئه، وأخرى يهم به، ومرة يحجم، وأخرى يقدم، حتى قتله على أخبث حالاته.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:22

    الرشيد والبرامكة

    وحدثني قثم بن جعفر بن سليمان،

    قال: حدثني مسرور الخادم،

    قال: أشهد بالله، لكنت من الرشيد وهو متعلق بأستار الكعبة، بحيث يمس ثوبي ثوبه،

    وهو يقول في مناجاته ربه: اللهم إني استخيرك في قتل جعفر بن يحيى، ثم قتله، بعد ذلك، بخمس سنين أو ست.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:23

    مراعاة حرمة الملك

    ومن حق الملك أن لا يرفع أحد من خاصته وبطانته رأسه إلى حرمةٍ له، صغرت أم كبرت.

    فكم من فيلٍ قد وطيء هامة عظيم وبطنه، حتى بدت أمعاؤه، وكم من شريفٍ وعزيز قومٍ قد مزقته السباع وتمششته، وكم من جارية كانت كريمة على قومها عزيزة في ناديها قد أكلتها حيتان البحر وطير الماء، وكم من جمجمة كانت تصان وتعل بالمسك والبان قد ألقيت بالعراء، وغيبت جثتها في الثرى بسبب الحرم والنساء، والخدم، والأولياء!

    ولم يأت الشيطان أحداً من بابٍ قط حتى يراه بحيث يهوي منقسم اللحم والأعضاء، هو أبلغ في مكيدته وأحرى أن يرى فيه أمنيته من هذا الباب، إذا كان من ألطف مكايده، وأدق وساوسه، وأحلى تزيينه!

    فعلى الحكيم المحب لبقاء هذا النسيم الدقيق، وهذا الماء الرقيق، أن يطلب دوامها لنفسه حيلة يجد إليها سبيلاً، ويدفع مقارفتها لكل شيء يقع فيه التأويل بين أمرين من سلامة تنجي أو عطبٍ يتلف.

    ولا يتكل على خيانة خفيت، أو فجرةٍ حظي بها أحد من أهل السفه والبطالة.

    فإن تلك لا تسمى سلامة، بل إنما هي حسرة وندامة، يوم القيامة.

    وكم من فعلةٍ قد ظهر عليها بعد مرور الأيام، وطول الأزمنة بها، فردت من كان قد أحسن بها الظن حتى تركته كأمس الذاهب، كأن لم يكن في العالم!
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:24

    إغضاء البصر وخفض الصوت بحضرة الملك

    ومن حق الملك، إذا أنس بإنسانٍ حتى يضاحكه ويهازله ويفضي إليه بسره ويخصه دون أهله، ثم دخل على الملك داخل أوزاره زائر، أن لا يرفع إليه طرفه، إعظاماً وإكراماً، وتبجيلاً وتوقيراً، ولا يعجب لعجبه. وليكن غرضه الإطراق والصمت وقلة الحركة.

    ومن حق الملك أن لايرفع أحد صوته بحضرته، لأن من تعظيم الملك وتبجيله، خفض الأصوات بحضرته، إذ كان ذلك أكثر في بهائه وعزه وسلطانه.

    وبهذا أدب الله أصحاب رسوله، صلى الله عليه وسلم، فقال عز من قائل: " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعضٍ أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ".

    فأخبر أن من رفع صوته فوق صوت النبي فقد آذاه، ومن آذاه فقد آذى الله، ومن آذى الله فقد حبط عمله.

    وكان قوم من سفهاء بني تميم أتوا النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد! أخرج إلينا نكلمك. فغم ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وساءه ما ظهر من سوء أدبهم، فأنزل الله عز وجل: " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ".

    ثم أثنى على من غض صوته بحضرة رسوله، فقال جل اسمه: " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ".

    فمن تعظيم الملك وتبجيله خفض الأصوات بحضرته، وإذا قام عن مجلسه، حتى لا يدخل الملك وهن ولا خلل ولا تقصير، في صغير أمرٍ ولا جليله.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:26

    فى غياب الملك

    وكانت ملوك الأعاجم تقول: إن حرمة مجلس الملك، إذا غاب، كحرمته إذا حضر.

    وكان لها عيون على مجالسها، إذا غابت عنها. فمن حضرها، فكان في كلامه وإشارته وقلة حركته وحسن ألفاظه وأدبه - حتى أنفاسه - على مثل ما يكون إذا حضر الملك، سمي ذا وجه، ومن خالف أخلاقه وشيمه، وظهر منه خلاف ما يظهره بحضرة الملك، سمي ذا وجهين، وكان عند الملك منقوصاً متصنعاً.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:28

    مكافآت الملوك


    ومن أخلاق الملك أن يخلع على من أدخل عليه سروراً، إما في خاصة نفسه وإما في توكيد ملكه. فإن كان السرور لنفسه في نفسه، فمن حقه على الملك أن يخلع عليه خلعةً في قرار داره، وبحضرة بطانته وخاصته.

    وإن كان في توكيد ملكه، فمن حقه أن يخلع عليه بحضرة العامة، لينشر له بذلك الذكر ويحسن به الأحدوثة، وتصلح عليه النيات، ويستدعي بذلك الرغبة إلى توكيد الملك وتسديد أركانه.

    وليس من العدل أن يفرد المحسن بخلعةٍ فقط، إلا أن تكون تلك الخلعة على شربٍ أو لهوٍ. فأما إذا كانت لأحد المعنيين اللذين قدمنا ذكرهما، فمن العدل أن يكون معها جائزة وصلة وترتيب، أو ولاية أو إقطاع أو اجراء أرزاق أو فك أسير أو حمل حمالاتٍ أو قضاء دين أو إحسان، كائناً ما كان، مضافاً إليها، وموصولاً بها.



    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:31

    باب في صفة ندماء الملك

    ينبغي أن يكون نديم الملك معتدل الطبيعة، معتدل الأخلاط، سليم الجوارح والأخلاق، لا الصفراء تقلقه وتكثر حركته، ولا الرطوبة والبلغم يقهره ويكثر بوله وبزقه وتثاؤبه ويطيل نومه، ولا السوداء تضجره وتطيل فكره وتكثر أمانيه وتفسد مزاجه. فأما الدموي فليس يدخل في هذه الأقسام المذمومة، إذ كان بالبدن إليه حاجة كحاجته إلى تركيبه وسلامته.

    ومن حق الملك، إذا زامله بعض بطانته، أن يكون عارفاً بمنازل الطريق، وقطع المسافة، دليلاً بهدايته وأعلامه ومياهه، قليل التثاؤب والنعاس، قليل السعال والعطاس، معتدل المزاج، صحيح البنية، طيب المفاكهة والمحادثة، قصير المياومة والملايلة، عالماً بأيام الناس ومكارم أخلاقهم، عالماً بالنادر من الشعر والسائر من المثل، متطرفاً من كل فن، آخذاً من الخير والشر بنصيب. إن ذكر الآخرة ونعيم أهل الجنة، حدثه بما أعد الله تعالى لأهل طاعته من الثواب، فرغبه فيما عنده؛ وإن ذكر النار، حذره ما قرب إليها.

    فزهده مرةً، ورغبه أخرى. فإن بالملك أعظم

    الحاجة إلى من كانت هذه صفاته، وبالحرى إذا أصاب هذا، أن لا يفارقه إلا عن أمرٍ تنقطع به النقمة.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:33

    عدة الملك في سفره أو نزهته


    ومن حق الملك إذا خرج لسفرٍ أو نزهةٍ، أن لا يفارقه خلع للكساء، وأموال للصلات، وسياط للأدب، وقيود للعصاة، وسلاح للأعداء، وحماة يكونون من ورائه وبين يديه، ومؤنس يفضي إليه بسره، وعالم يسأله عن حوادث أمره، وسنة شريعته، وملهٍ يقصر ليله، ويكثر فوائده.

    وعلى هذا كانت ملوك الأعاجم، أولها وآخرها.

    وأيضاً، فإن ملوك العرب لم تزل تمتثل هذا وتفعله.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:35

    خلال الندماء وملاعبة الملوك

    ولندماء الملك وبطانته خلال يساوون فيها الملك ضرورةً. ليس فيها نقص على الملك، ولا ضعة في الملك. منها: اللعب بالكرة، وطلب الصيد، والرمي في الأغراض، واللعب بالشطرنج، وما أشبه ذلك.

    ومن الحق على الملك أن لا يمنع ملاعبه ما يجب له من طلب النصفة في هذه الأقسام التي عددنا. ومن حق الملاعب له المشاحة والمطالبة والمساواة والممانعة، وترك الإغضاء والأخذ من الحق بأقصى حدوده؛ غير أن ذلك لا يكون معه بذاء ولا كلام رفثٍ ولا معارضة بما يزيل حق الملك، ولا صياح يعلو كلامه، ولا نخير ولا قذف ولا ماهو خارج عن ميزان العدل.

    وفيما يحكى عن سابور أنه لاعب ترباً كان له بالشطرنج إمرة مطاعة. فقمره تربه، فقال له سابور: ما إمرتك؟ فقال: أركبك حتى أخرج بك إلى باب العامة. فقال له سابور: بئس موضع الدالة وضعتك، فرد غير هذا.

    فقال: بهذا جرى لفظي. فأسف لذلك سابور، وقام فدعا ببرقع، فتبرقع، ثم جثا لتربه، فامتنع أن يعلو ظهر الملك إجلالاً له وإعظاماً. فنادى سابور بعد ذلك بسنةٍ في الرعية: لا يلعبن أحد لعبةً على حكمٍ غائبٍ، فمن فعل، فدمه هدر.

    فأما إذا كانت المشاحة على طلب الحق في هذه الأقسام التي ذكرنا بمعارضة شعر، وتوبيخٍ في مثلٍ ونادرٍ من الكلام، وإخبارٍ عن سوء لعب اللاعب، وتأنيبٍ له، فهذا مما يخاطب به الملك، ويعارض فيه. فأما إذا خرج عن هذا، فدخل في باب الجرأة كما فعل ترب سابور، فإنه خطأ من فاعله، وجهل من قائله، وجرأة على ملكه. وليس للرعية الجرأة على الراعي.

    ومن حق الرجل على الملك، إذا ضرب معه بالكرة، أن يتقدم بدابته على دابة

    الملك، وصولجانه على صولجان الملك، وأن يعمل جهده في أن لا يبخس حظه ولا يفتر في مسابقةٍ ولا مراكضةٍ ولا التفاف كرةٍ ولا سبقٍ إلى حدٍ ونهاية وما أشبه ذلك. وكذلك القول في الرماية في الأغراض، وطلب الصيد، ولعب الشطرنج.

    سمعت محمد بن الحسن مصعب يقول: كان لي صديق من بني مخزوم، وكان لاعباً بالشطرنج. فذكرته لأبي العباس، عبد الله بن طاهر، فقال: أحضره. فقلت للمخزومي: تهيأ للقاء أبي العباس وكان متصرفاً، كثير الأدب، فغدوت به، فدخل.

    فلما وقعت عين أبي العباس عليه، وقف؛ فرآه من بعيد، ثم انصرف من غير أن يكلمه؛ فقال: هذا رجل من أهل الأدب، فاغد به ولاعبه الشطرنج بحضرتي

    حتى أبوره؛ وعابثه حتى يخرج إلى باب الهزل والشتيمة.

    فلما قعدنا، دارت عليه ضربة، فقلت: خذها، وأنا الغلام البوشنجي! وهو ساكت.

    ثم دارت عليه ضربة، فقلت: خذها، وأنا مولى مخزوم، فسكت.

    ثم دارت عليه ضربة، فقلتك خذها يا ابن مخزوم، في خرم مخزوم!، فسكت.

    واستؤذن لرجلٍ من آل عبد الملك بن صالح، وكان خاصاً بأبي العباس، فأمر بالأذن له. فلما دخل الهاشمي وقعد، قال لي المخزومي: ليس فيك موضع شرف ولا عز، فأفاخرك: أنت بوشنجي ثمن دانق! ولكن قل لهذا الهاشمي يفاخرني حتى ينظر ما يكون حاله.

    فأما أنت، فمن أنت حتى أفاخرك؟ فضحك أبو العباس حتى فحص برجليه، وأمر له بخمسمائة دينار، وقربه وآنسه.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:37

    آداب الندماء عند نعاس الملك

    ومن أخلاق الملك إذا غلبته عيناه، أن من ينهض حضره من صغيرٍ أو كبير، بحركةٍ لينةٍ خفيفة، حتى يتوارى عن قرار مجلسه، ويكون بحيث يقرب منه إذا انتبه. ولا يقولن إنسان في نفسه: لعل الملك، إن هب من سنته لا يسأل عني، أو لعله أن يمتد به النوم أو يعرض له شغل. فإن هذا من أكبر الخطأ.

    وقد قتل بعض الملوك رجلاً في هذه الصفة.

    وليس من الحزم أن يجعل الحكيم للملك على نفسه طريقاً، وهو إن سلم من عذل الملك ولائمته لكرم الملك وشيمته، قدح ذلك في نفس الملك، واضطغن عليه. وبالحرى أن لا يسلم من عذلٍ وتأنيب.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:58

    إمامة الملك للصلاة

    ومن حق الملك، إذا حضرت الصلاة، فالملك أولى بالإمامة،

    لخصالٍ: منها أنه الأمام، والرعية مأمونة؛ ومنها أنه المولى وهم العبيد؛ ومنها أنه أولى بالصلاة في قرار داره وموطيء بساطة، ولو حضر مجلسه أزهد الخلق وأعلمهم.

    فإذا قام للصلاة، فمن حقه أن يكون بينه وبين من يصلي خلفه عشرة أذرع، وأن لا يتقدمه أحد بتكبير ولا بركوعٍ ولا سجودٍ ولا قيامٍ.

    وهذا، وإن كان يجب لكل من أم قوماً من صغير أو كبير أو شريف أو وضيع، فهو للملك أوجب. فإذا سلم الملك، فمن حقه أن يقوم كل من صلى خلفه قائماً، فإنهم لا يدرون أيريد تنفلاً أو دخولاً أو قعوداً في مجلسه.

    فإن قام لنافلةٍ، فليس من حقه أن يتنفلوا، لأنهم لا يدرون لعله أن يسبقهم أو يقطع صلاته لحدثٍ، فيكون يحتاج إلى أن يسبقهم، وهو قيام يصلون بإزائه، وهو قاعد.

    ولكن من حقه أن يكونوا بحالهم حتى يعلموا ما الذي يفعل.

    فإن قعد، انحرفوا إلى حيث لا يراهم، فصلوا نوافلهم،

    وإن دخل في الصلاة، صلوا على مكاناتهم.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 15:59

    آداب مسايرة الملك

    وقد قلنا إن من حق الملك أن لا يبتدئه أحد بمسايرة. وإن طلب ذلك منه من يستحق المسايرة، فالذي يجزئه من ذلك أن يقف بحيث يراه ويتصدى له. فإن أومأ إليه، سايره، وغن أمسك عن الإيماء، علم أن إمساكه هو ترك الإذن له في مسايرته.

    ومن حقه، إذا سايره، أن لايمس ثوبه ثوب الملك، ولايدني دابته من دابته، ويتوخى أن يكون رأس دابته بإزاء سرج الملك، غير أنه لا يكلفه أن يلتفت إليه. ولا ينبغي له أن يبتدئه بكلام.

    وإن كان لا يثق بلين عنان دابته حتى يصرفه كيف شاء ومتى شاء، فالرأي لا أن لا يسايره. فإن في مسايرته وصمةً عليه وعلى الملك. أما عليه، فإنه يحتاج إلى حركة متواترة يتعب بها نفسه ودابته، ويخرج بها عن حد أهل الأدب والمروءة والشرف، ولعله في خلال ذلك أيضاً أن لا يبلغ ما يريد.

    وأما على الملك، فإنه وهن في المملكة، لأن الملك، إن طلب الصبر عليه وعلى سير دابته، كان إنما يسير عند ذلك بسيره، وليس في آيين المملكة أن يسير الأعظم بسير من هو دونه.

    ولذلك كانت رؤساء الأكاسرة والأساورة والدبيربذ وموبذان موبذ ومن أشبه هؤلاء من خاصة الملك، إذا هم الملك بالمسير في نزهة أو لبعض أموره، وعرضوا دوابهم على راضة الملك وصاحب دوابه. وكان كل واحدٍ منهم لا يأمن أن يدعو به الملك للمسايرة والمحادثة، فيحتاج إلى معاناة دابته لبلادةٍ أو كثرة نفورٍ أو عثارٍ أو جماحٍ، فيكون على الملك من ذلك بعض ما يكره. وكان الرائض يمتحن دابةً دابةً من دواب هؤلاء العظماء. فما اختار منها ركب، وما نفى أرجيء.

    وأيضاً إن من حق الملك، إذا سايره واحد، أن لا تروث دابته ولا تبول ولا تتحصن ولا تتشغب، ولا يطلب المحاذاة لسير دابة الملك، وإن أراد ذلك منعه راكبه.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 16:01

    مسايرة الموبذ لقباذ


    وفيما يحكى عن ملوك الأعاجم أن قباذ، بينا هو يسير والموبذ يسايره، إذ راثت دابة الموبذ، وفطن لذلك قباذ. فاغتم الموبذ بذلك،

    فقال له في كلام بينهما: ما أول ما يستدل به على سخف الرجل، أيها الموبذ؟

    فقال: أن يعلف دابته في الليلة التي يركب في صبيحتها الملك.

    فضحك قباذ حتى افتر عن نواجذه، وقال: لله أنت! ما أحسن ما ضمنت كلامك بفعل دابتك! وبحق ما قدمك الملوك، وجعلوا أزمة أحكامهم في يدك!.

    ووقف، ثم دعا بدابة من خاص مراكبه، فقال له: تحول عن ظهر هذا الجاني عليك إلى ظهر هذا الطائع لك.
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 16:03

    مسايرة شرحبيل لمعاوية

    وهكذا يحكى عن معاوية بن أبي سفيان، بينا هو يسير وشرحبيل ابن السمط يسايره، إذ راثت دابة شرحبيل؛ فقال معاوية: يا أبا يزيد! إنه يقال إن الهامة إذا عظمت، دلت على وفور الدماغ، وصحة العقل. قال: نعم، يا أمير المؤمنين، إلا هامتي فإنها عظيمة، وعقلي ضعيف ناقص.

    فتبسم معاوية، وقال: كيف ذلك، ولله أنت!

    قال: لإطعامي هذا النائل أمه البارحة مكوكي شعير. فضحك معاوية،

    وقال: كيف ذلك، ولله أنت! قال: لإطعامي هذا النائل أمه البارحة مكوكي شعيرٍ.

    فضحك معاوية، وقال: أفحشت، وما كنت فاحشاً! وحمله على دابة من مراكبه.

    فليتنكب من يساير الملوك ما يقذي أعينهم بكل جهده. فإن لمسايرتهم شروطاً يجب على من طلبها أن يستعملها ويتحفظ فيها. وقلما حظي أحد بمسايرة ملك حتى يكون قلبها مقدمات يجب بها الخطوة.

    فأما نفس المسايرة للملك المتصلة، فإن الأعاجم كلها كانت تتطير منها وتكرها.

    وأيضاً فإن الملك لم يكن يثابر على مسايرة أحد من بطانته بعينه، لما كان يعلم من طيرتهم من ذلك، وكراهتم له.



    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 16:05

    صاحب الشرطة والهادي

    ويقال إن سعيد بن سلم بينا هو يساير موسى أمير المؤمنين، وعبد الله بن مالك الخزاعي أمامه، والحربة في يده، فكانت الريح تسفي التراب الذي تثيره دابة عبد الله في وجه موسى، وعبد الله لا يشعر بذلك، وموسى يحيد عن سنن التراب، وعبد الله في خلال ذلك يلحظ موسى وموضعه، فيطلب أن يحاذيه؛ فإذا حاذاه، ناله من ذلك التراب ما يؤذيه. حتى إذا كثر ذلك من عبد الله، ونال موسى أذى ذلك التراب، قال لسعيدٍ: أما ترى ما نلقى من هذا الخائن في مسيرنا هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين! والله ما قصر في الاجتهاد، ولكنه حرم حظ التوفيق.

    ما قاله عبد الله بن الحسن للسفاح: وفيما يذكر عن عبد الله بن حسن أنه بينا هو يساير أبا العباس السفاح، بظاهر مدينة الأنبار، وهو ينظر إلى بناء قد بناه، فقال أبو العباس له: هات ما عندك، يا أبا محمد!، وهو يستطعمه الحديث بالأنس منه، فأنشده:

    ألم تر مالكاً لما تبنى ... بناءً نفعه لبني بقيله؟

    يرجي أن يعمر عمر نوحٍ ... وأمر الله يحدث كل ليله!

    فتبسم أبو العباس كالمغضب، وقال: لو علمنا، لاشترطنا حق المسايرة!

    فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين، بوادر الخواطر وإغفال المشايخ!

    قال: صدقت، خذ في غير هذا
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23915
    تم شكره : 24
    القوس

    ((  التاج في أخلاق الملوك  ))  للجاحظ - صفحة 2 Empty رد: (( التاج في أخلاق الملوك )) للجاحظ

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة 17 مايو 2013 - 16:06

    ما قاله الهاشمي للخراساني

    وذكر المدايني أن عيسى بن موسى، بينا هو يساير أبا مسلمٍ عند منصرفه إلى أبي جعفر في اليوم الذي قتل فيه، إذ أنشد عيسى:

    سيأتيك ما أفنى القرون الأولى ... وما حل في أكناف عادٍ وجرهم

    ومن كان أنأى منك عزاً ومفخراً ... وأنهد بالجيش اللهام العرمرم

    فقال أبو مسلم: هذا مع الأمان الذي أعطيت؟

    قال عيسى: أبداه لساني

    قال: فبئس الخاطر، والله إذن!

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 12:34