مقدمة
المرأة الفلسطينية هي أم لشهيد لم تشهد عرسه حين زفته الملائكة إلى ربه، هي زوج لأسير جالست الليالي بشوق وحسرة على فراق يكسره بزوغ فجر طال انتظاره، هي ابنة شهيد وأسير لم تعرف أباها ولم تسقط في أحضانه تداعبه ويلاعبها فقد خطفته طيور الظلام ولا زال يحدوها الأمل أن يعود يوما ما لتعانقه؛ لترافقه في عرسها أو عرسه.
المرأة الفلسطينية في الضفة..في غزة...في كل فلسطين ..صابرة ..قانعة ..مؤمنة بالله و لله قائمة....لا تنحني ولا تنكسر..قمة شامخة...ولله وحده هي دوما ساجدة، هي من تربى على يديها أبطال فلسطين ...قادة وشهداء ....محاربون وأسرى....سطروا التاريخ وتحملوا الرسالة دون هوادة .. هم كالأنبياء من يماثلهم بطولة وتضحيات ..من يصبر صبرهم ويتحمل قهرهم ... من يشق صمت آهاتهم ويُكبّر في الآفاق.
في رسالتنا هذه سنأخذكم في رحلة عجيبة عن أسطورة التحمل والصمود
أمثلة حية....قصص واقعية ...عن
نساء فلسطين
المرأة الفلسطينية أدوار متكاملة
في فلسطين المرأة إلى جانب كونها الأم والزوجة والأخت في مجتمع يقاسى يومياً بسبب الاحتلال لا يراعى خلقاً أو عرفاً أو قانوناً؛ فهي أيضاً المربية والمقاومة والممرضة والمعلمة، التي خرجت من رحم المعاناة أصلب وأقوى وأكثر عزماً على الصمود والعطاء .
في حياة فرض فصولها الاحتلال الصهيوني لا زالت المرأة الفلسطينية تغرس زهرات الصمود والأمل، وتحرص دائماً على المشاركة في الحياة السياسية و النضالية، إلى جانب نشاطات حياتها الأخرى، في مقابل بحث النساء الأخريات عن حقوقهن وحياتهن الخاصة .
وتشكل المرأة في المجتمع رافدًا ووجودًا حيويًا:
ففي عام 1947م: بلغت نسبة الإناث 56.7% من مجموع السكان البالغ 1.415 مليون أي قرابة : 836325 أنثى.
بينما في 2010م : بلغ عدد الإناث في الضفة وغزة ما يقارب 1.99 مليون أنثى.
وفي النِّسب الآتية نعرض أدوار المرأة الفلسطينية خلال المراحل التي مرَّت بها القضية الفلسطينية:
عملت المرأة في الزراعة والصناعة، وذلك خلال الفترة 1918-1997م:
حتى 1948 كان معظم أهل فلسطين يعملون في الزراعة وبلغت النسبة 70%،و15%في التجارة ،بالإضافة إلى 15% في الحرف ومهن أخرى متفرقة، وقد بلغت نسبة الإناث العاملات في الصناعات بمختلف أنواعها (نسيج، غذاء، أحذية...) قرابة 21% حتى عام 1948في مقابل 8% ممن يعملن في الزراعة.
أما نسبة الإناث العاملات في الزراعة في الفترة 1992-1997 بلغت تقريبًا 30% في مقابل تدني نسب العاملات في المجال الصناعي لصالح التوجه التعليمي.
المرأة المتعلمة والعاملة في المجتمع الفلسطيني وهذا يبرز في الفترة 1985- 2010م:
في التعليم 1995-1996م :
طلبة المرحلة الثانوية 46.4%، في الجامعات 42.9% في كليات المجتمع 51.8%، وفي مراكز التدريب المهني 19.8%، وفي المراكز الثقافية 50.9%
في التحصيل العلمي 2009م :
نسبة الذكور الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعي بكالوريوس فأعلى قد بلغت 10.4% وانخفضت لدى الإناث لتصل إلى 8.6% فقط، أما بالنسبة لمن لم ينهوا أية مرحلة تعليمية، فبلغت النسبة لدى الذكور 9.5% مقارنة مع 16.5% للإناث.
في الأمية 2009م :
بلغت بين الذكور 2.6%، في حين بلغت بين الإناث 8.7%.(علمًا أن الأمية بين الإناث في غزة أقل منها في الضفة)
في العمل 2010م:
تعتبر نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة متدنية مقارنة مع الرجال، حيث تصل نسبة مشاركة النساء إلى 14.1%، كما تصل نسبة البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة إلى 26.8% مقابل 21.1% بين الرجال.
الدور العسكري والنشاط السياسي للمرأة الفلسطينية:
ما قبل 1948م :
يبلغ نشاطها السياسي مداه في حالات النهوض الوطني العام الذي كانت تشهده فلسطين، فبرزت المرأة في اضطرابات 1921-1922 واضطرابات 1929، وثورة 1936م وحرب 1947-1948، وإجمالاً كان دور المرأة هو دور المحرض والدافع للرجل للقتال والدفاع عن الوطن.
في العام 1921 أسست أميليا السكاكيني وزليخة الشهابي أول إتحاد نسائي فلسطيني، وألف عدة لجان هدفها مناهضة الانتداب البريطاني والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني.
واشتهرت من النساء: الشهيدة فاطمة غزال, وطرب عبد الهادي, ميمنة عز الدين القسام, نبيهة ناصر وعقيلة البديري.
شكل عدد من النسوة في يافا عام 1948 فرقة نسائية سرية باسم "زهرة الأقحوان" وكانت هذه الفرقة عبارة عن فرقة نسائية للتحريض، رافقت عضواتها الثوار وقمن إضافة إلى أعمال التحريض بتزويد الثوار بالأسلحة والتموين.
1948-1967م :
مع أحداث النكبة واللجوء، تغيرت الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأسرة الفلسطينية وتراوحت قيود العادات والتقاليد، مما رفع نسبة الإناث اللاتي توجهن للتعليم والعمل في مهنة التدريس سواء في مخيمات اللجوء والشتات أو في فلسطين.
المرأة التي وُجدت في عائلة ذات نشاط سياسي أو ثوري اختلف واقعها، وأسهم في التأثير على دورها العام كامرأة، وقد وفر لهن واقعهن كفاءة لا تقل عن كفاءة وقدرة المناضلين: كرجاء أبو عماشة التي كانت تقود التظاهرات ضد حلف بغداد وسقطت شهيدة في القدس.
تركز نشاط المرأة في هذه الفترة في تأسيس الجمعيات والنوادي النسائية، كما انخرطت في العمل الحزبي كحزب البعث وحركة القوميين، وعملت نقابيًا فيما يهم المرأة: ومع الإعلان عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية، بدأت تظهر إلى الوجود اتحادات ومؤسسات نقابية فلسطينية.
1967-1978م:
في داخل الأرض المحتلة لم تتوان المرأة الفلسطينية عن مواجهة الاحتلال الصهيوني، فبرزت صورة:
الأم التي كانت تحث أبناءها وبناتها على النضال.
المقاتلة، التي كانت تحمل "حقائب الموت" إلى قوات العدو وأماكن تجمعاته، و كانت تنقل السلاح من مكان لآخر أو تخفيه لحين الطلب.
المنظمة، التي تقود الخلايا التنظيمية وتنقل الرسائل وتدبر أماكن اختفاء المناضلين وتسهل لهم بنشاطاتهم الوطنية.
المحرضة والداعية السياسية، التي كانت تنظم تظاهرات الاحتجاج ضد العدو الصهيوني وأساليبه القمعية، والتي كانت تقوم بالدعاوى والتحريض بين أوسع الجماهير، بتوزيع المنشورات السرية وبكتابة الشعارات الوطنية على الجدران.
وفي خارج الأرض المحتلة، حيث مجالات العمل أرحب وأوسع، شاركت المرأة بشكل فعال في النضال، ونذكر: ليلى خالد التي كانت أول فدائية فلسطينية تُشارك في عملية فدائية نوعية ودلال المغربي التي قادت عملية فدائية عام 1978، و أم توفيق ستيتيه التي رفضت السماح للجنود الصهاينة تفتيش منزلها بحثا عن متظاهرين لجئووا إلى بيتها، ولينا النابلسي التي استشهدت وهي تواجه قمع الجنود الصهاينة 1976، والطفلة منتهى الحوراني التي سحقتها جنازير الدبابات1975.
1976-2010م:
يمكن تلخيص تطورات هذه الفترة فيما يأتي:
ارتفاع نسبة الوعي الوطني والسياسي للمرأة سواء بسبب ارتفاع عدد الأكاديميات أو لطبيعة الأحداث والتغيرات على الأرض.
تشكيل جمعيات تتجاوز العمل الخدماتي وتطالب بحقوق المرأة في ظل الاعتداءات المختلفة عليها من قِبل الاحتلال.
مشاركة فاعلة في الانتفاضة الأولى 1987.
مشاركة في التفاوض ونذكر حنان عشراوي.
ظهور الفدائيات خاصة بعد انتفاضة الأقصى 2000، ومنهن: وفاء إدريس(كتائب الأقصى/فتح)، هبة الضراغمة(سرايا القدس/جهاد إسلامي)، ريم الرياشي(كتائب القسام/حماس).
المرأة الأسيرة وما تشكله من نسبة في سجون المحتل رغم الضعف وحرمانها لأطفالها:
للمرأة الفلسطينية نصيبٌ من الاعتقالات التي كانت حصيلتها حوالي 700 ألف خلال 40 عامًا منذ احتِلال الضفة والقطاع سنة 1967.
عدد الأسيرات اليوم في سجون الاحتلال (37 أسيرة)، منهن : أحلام التميمي ( كتائب القسام، 15 مؤبد)، آمنة منى (فتح، مؤبد)، وقاهرة السعدي (جهاد إسلامي، 3 مؤبدات و85 عامًا).
تراوحت الأحكام من شهور إلى المؤبد، كما يُضَاف إلى ذلك الأحكام الإدارية.
ثَماني أسيرات فلسطينيات حوامل وضَعْن أثناء وجودهن في السجن، 31 امرأة غير مسموح لهن برعاية أطفالهن، و 6 سجينات حُرِمْن الزيارة العائلية، و8 نساء أفادت التَّشخيصات الطبية بأنهن يعانين من مشكلات نفسية حادة.
المرأة والعمل النيابي وذلك في 1996 و 2006 وما تشكله في المجلس:
النساء في المجلس الوطني :
هناك 56 امرأة يشكلن 8.7% من مجموع الأعضاء الكلي، منهن ثلاث نساء من مجموع 100 عضو في المجلس المركزي "حسب ما ورد في كتيب المرأة واتخاذ القرار في فلسطين" بحث المرأة في اتخاذ القرار إعداد زهيرة كمال. وقد تم تعيين وزيرتين في مجلس وزراء السلطة الوطنية الفلسطينية من أصل 28 وزيراً أي بنسبة 7%. وتم تعيين اثنتين بمنصب وكيل وزارة مساعد، وواحدة برتبة مدير عام وزارة، و22 برتبة مدير عام (بالتعيين من قبل سيادة رئيس الدولة) في 13 وزارة فيها 185 مديراً عاماً وهذه النسبة تشكل 10% ممن هم في منصب مدير عام، تركز معظمهن في وزارة الشؤون الاجتماعية، والتربية والتعليم، والصحة، وهذا يدل أن تعيينات النساء جاء في وزارات لها دور خدماتي. أما بالنسبة للمراتب الوظيفية الأخرى فنجد 15% منهن بمنصب مدير، 25% منهن بمنصب رئيس قسم، وتكاد تقتصر وظيفة سكرتيرة وسكرتيرة تنفيذية وإدارية وطابعة على النساء .
ويشار إلى أن نسبة النساء أعلى لدى الأحزاب اليسارية، إلا أن تأثير هذه الأحزاب على الحياة السياسية الفلسطينية من حيث صنع القرار السياسي أقل من تأثير حركة فتح وهي الحركة التي تضم أقل نسبة من النساء في هيئاتها العليا.
المرأة والمشاركة النيابية:
في 1996:
تمكنت المرأة الفلسطينية من ممارسة حقها في الانتخابات كمرشحة وكمصوتة، وقد نجحت 5 نساء من المرشحات الـ28 في المجلس التشريعي الفلسطيني بنسبة 5.7% من أصل 88 عضوًا.
أما في 2006:
بلغ عدد المرشحات 70 امرأة من أصل 314 مرشح أي ما نسبته 22.3%، وقد نجحت 17 امرأة من 70 مرشحة في الدخول للمجلس، أي ما نسبته 24.8% من النساء المرشحات، وما نسبته 12.8% من أصل 132 عضوًا.
الشهيدات من مجمل الشهداء 2000-2010م:
بلغت نسبة الإناث من الشهداء قرابة 7%
المرأة الفلسطينية والإبعاد:
ما بين 1983-1967 تم إبعاد ما يقارب 52 امرأة عن فلسطين.
رسالتنا إلى المرأة الفلسطينية
في ظل هذا التاريخ وهذه الأصالة والتميز فإننا نناشد النساء و الفتيات الفلسطينيات بالإستمرار في العطاء و اعتبار دورهن أساسيًا في تقدم و رفعة المجتمع؛ فتعليم المرأة و عملها و مشاركتها في جميع مناحي الحياة العملية قد أصبح أساسيًا و ليس اختياريًا لمن أرادت، فنحن نحتاج المرأة المتعلمة العاملة، نحتاج المفكرة و الداعية و نحتاج الطبيبة و نحتاج المرأة في كل المجالات و التخصصات.
أيتها المرأة الفلسطينية أنت نصف المجتمع فلا تعطليه فيما لا ينفع و لكن استثمري جهودك و طاقاتك لرفعة المجتمع، فمجتمعات كثيرة لم تقم لولا جهود نسائها كألمانيا بعد الحرب مثلا.
كما ننادي المجتمع الفلسطيني أن يضع ثقته في قدرات النساء و إعطاءها الفرص المتساوية و الحرية التنافسية في كل مجالات المعرفة و العمل.