بعد أن بدأ فلسطينيو الداخل إحياء الذكرى الـ63 للنكبة التي تصادف اليوم الأحد، استشهد أمس طفل مقدسي متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس، ليسجل كأول شهيد في الانتفاضة الثالثة التي تصاعدت الدعوات لها خلال الأيام الماضية في ذكرى اغتصاب فلسطين، على حين اتخذت سلطات الاحتلال سلسلة تدابير أمنية وعسكرية لمتابعة الموقف.
جاء ذلك في وقت أكد فيه رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته محمود عباس تمسك الفلسطينيين بحق العودة، لكنه اعتبر أن العودة تتحقق «بالعودة إلى أي جزء من الوطن».
وقالت مصادر طبية: إن الطفل المقدسي ميلاد عياش (16 عاماً)، من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، استشهد في ساعة مبكرة من فجر اليوم الأحد في مستشفى المقاصد الخيرية الإسلامية بحي الطور متأثراً بإصابته في البطن برصاص قوات الاحتلال خلال المواجهات التي وقعت معهم يوم أمس الأول (الجمعة).
من جانبها، قالت الشرطة الإسرائيلية: إن الشاب الذي قالت إن عمره 17 عاماً أصيب في كتفه، وما زالت تحقق في كيفية حدوث ذلك، مدعية أنه لم يتم استخدام أي ذخيرة حية من المستوطنين أو قوات الشرطة.
وكانت مواجهات عنيفة شهدتها أمس عدة أحياء في القدس المحتلة أصيب خلالها قرابة 40 مواطناً بجروح بسبب إطلاق الاحتلال أعيرة نارية ومطاطية وقنابل غازية تجاه المواطنين الذين دشنوا الانتفاضة الثالثة التي وجهت لها دعوات عبر موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» في ذكرى النكبة.
وخلال تشييع جثمان الشهيد عياش أمس اندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والمشاركين في التشييع، وأكدت مصادر فلسطينية إصابة مواطنين مقدسيين برصاص مطاطي أطلقته قوات الاحتلال على المشاركين في الجنازة التي انطلقت من منزله بحي رأس العامود ببلدة سلوان شرق القدس المحتلة متجهة إلى المسجد الأقصى للصلاة على الشهيد ودفنه في مقبرة «باب الرحمة»، الواقعة إلى الشمال من الحرم القدسي الشريف.
وأكد التجمع الطلابي الديمقراطي في الجامعة العبرية في القدس تكثيف وجوده في القدس، وخاصة في حي الشيخ جراح، وذلك كجزء من النشاطات التي يقوم بها الشباب الفلسطيني، والتي تهدف لتصعيد النضال بالذات في عشية ذكرى النكبة، وخصوصاً في الوقت الذي يصعد الاحتلال في حصاره وقمعه للشعب الفلسطيني.
وفي إطار هذه النشاطات، شارك التجمع الطلابي في التظاهرة الأسبوعية في حي الشيخ جراح بعد تجنيد مجموعة كبيرة من الطلاب العرب من الجامعة.
من جانبها، أعلنت الشرطة الصهيونية عن مواصلتها التأهب والاستعداد خشية وقوع عمليات فدائية عشية إحياء الفلسطينيين ذكرى «النكبة»، ونشرت آلاف العناصر الإضافية في القدس الشرقية وفي شمال إسرائيل، حيث تتجمع أكثرية السكان العرب، ونشر الجيش من جانبه سبعة أفواج إضافية في الضفة الغربية المحتلة، مع تعليمات بضبط النفس لتجنب إراقة الدماء.
أما في قطاع غزة، فقد شارك عشرات الفنانين الفلسطينيين في تظاهرة في مدينة غزة لإحياء الذكرى الـ63 للنكبة ورفعوا لافتات تؤكد التمسك بحق العودة ومنها «حق العودة مقدس»، ورددوا هتافات تدعو إلى عدم التفريط بحق عودة كل اللاجئين الفلسطينيين ومن بينها «لا لا للتوطين.. نعم نعم للعودة».
وفي أراضي 48 انطلقت مسيرة إحياء ذكرى النكبة في مدينة يافا، التي هجر أهلها عام 1948، وسط مشاركة المئات من شباب الداخل الفلسطيني وأهالي يافا والمتضامنين اليهود.
في غضون ذلك قال عباس، خلال لقائه المشاركين في مؤتمر الملتقى التربوي الثقافي الفلسطيني الرابع المنعقد في رام اللـه، «القيادة الفلسطينية لن تفرط أبدا بحق العودة، وذلك من خلال القيام بالخطوات العملية، والعودة إلى أرض الوطن لإنهاء حياة الشتات لأن الوطن هو وجهتنا الأخيرة».
وأضاف: «العودة ممارسة وليست شعاراً، ففلسطين لنا، ومن كان من الشمال أو الوسط أو الجنوب، وسكن في أي مكان فيها، هو بالتالي في الوطن، وأنا بعودتي إلى رام اللـه أو نابلس أكون قد وضعت قدمي على أرض الوطن».
وشدد على أن حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، لا يتحقق إلا بشطري وطن، وقال: «هناك إرادة حقيقية في إنجاز ملف المصالحة الوطنية».
على صعيد متصل تشهد بعض الدول العربية مسيرات احتجاجية بمناسبة ذكرى نكبة فلسطين التي توافق 15 مايو من كل عام.
ففي القاهرة تجمع عدد من الناشطين السياسيين في ميدان التحرير منذ صباح أمس السبت استعدادا للتحرك في مسيرة إلى رفح لمساندة الشعب الفلسطيني والتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية في ما سماه الثوار "يوم الزحف لفلسطين".
وتنظم هذه المسيرة لجنة تنسيقية، شكلها ناشطون من عدة ائتلافات وحركات احتجاجية. وقال مدير مكتب الجزيرة في القاهرة عبد الفتاح فايد إن ناشطين آخرين نصبوا خياما قرب معبر رفح تمهيدا للتجمع.
وفي لبنان يستعد الآلاف للمشاركة في المسيرة التي ستُنظم غدا الأحد باتجاه تل مارون الراس المطل على فلسطين عند حدود لبنان الجنوبية.
وقال مراسل الجزيرة نت في بيروت نقولا طعمة في وقت سابق إن المنظمين يأملون أن يصل عدد المشاركين في المسيرة إلى عشرات الآلاف، وأضاف أن اللجان المنظمة نشرت ملصقات في مختلف أنحاء لبنان للدعوة إلى المسيرة.
وفي الأردن احتشد أكثر من خمسة آلاف شخص في بلدة الكرامة الواقعة على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة لإحياء ذكرى النكبة، وذلك بمهرجان شاركت فيه عشرات الهيئات الحزبية والنقابية والشبابية.
وشدد رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة إسماعيل هنية في كلمة عبر الهاتف على أهمية المناسبة، معتبرا إياها خطوة إيجابية لدعم صمود الشعب الفلسطيني والتأكيد على حق اللاجئين في العودة.
حسب وكالة الأنباء الألمانية تقوم قوات كثيفة من الشرطة المصرية والجيش بعزل شبة جزيرة سيناء عن باقي المحافظات المصرية، وذلك لمنع وصول الناشطين والشباب المصري إلى رفح.