ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


4 مشترك

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الجمعة 22 مارس 2013 - 0:34

    مشاركةرائعة

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29434
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - رقصة الحرب البرازيلية

    مُساهمة من طرف waell السبت 23 مارس 2013 - 23:40

    عابر حياة - رقصة الحرب
    البرازيلية



    ثريا الشهري


    السبت ٢٣ مارس ٢٠١٣


    اشتهرت الـ«كابويرا»
    بأنها رقصة برازيلية. غير أنها في أساسها فن من فنون القتال وصل إلى البرازيل عن
    طريق المستعمر البرتغالي بنقله للعبيد من أفريقيا في القرن الـ16 الميلادي. فنظراً
    للظروف السيئة التي عاشها أولئك المعذبون الأفارقة في ظل العبودية، ولأن حمل
    السلاح والتدرّب على الاقتتال لم يكن مسموحاً لهم بهما، وإلاّ تعرض حامل السلاح
    لعقوبة التعذيب حتى الموت على يد سيده، فلم يكن أمام المستعبدين الأفارقة سوى
    ابتكار الـ«كابويرا» للخلاص من عبوديتهم. فيظن الرائي أنها مجرد رقصة يشتركون بها
    للتنفيس عن غضبهم وقلة حيلتهم، بينما هي في الحقيقة تمرين جسدي صارم يلزمه القوة
    وسرعة الحركة والأداء، وبخاصة في نقل القدمين والقفز في الهواء. إنها الـ«كابويرا»
    أو الرقصة ذات التاريخ القديم لمواجهة الاعتداء على الإنسانية باسم السُخرة، والتي
    نادراً ما يخلو معلم برازيلي من تصويرها في هيئة جماعية لرجال ونساء يؤدونها.



    لا يعدم المرء التحايل
    على مصادرة حريته بشتى الوسائل التي يطوّعها لمصلحة غرضه، وهو أمل يتصبّر به
    الإنسان وغالباً ما يؤتي ثماره ولو بالتقادم. غير أن الإشكال هنا إنما ينشأ في
    أسلوب الرد وما بعد الرد، وما يلجأ إليه المرء نتيجة ما لحق ويلحق به من تشويه
    نفسي واجتماعي واقتصادي سيادي. فنتيجة للضغوط الممارسة عليه من المتسلطين،
    ولتصميمه على الانعتاق من سجن سجّانيه، والاستغلال المُجحِف بحقه، يندفع دفعاً إلى
    التمرّد بكل أشكاله. ولك أن تتصور ثورة المقهور إذا تمرد! وحاجز الخوف إذا تحطّم
    تحت أقدام الثائر! فوضى عارمة تحصد الأعواد الخضراء واليابسة معها. والغريب أن تاريخ
    البشرية سلسلة متواصلة من هذا الضغط والتسلّط وتلك الثورة للتحرّر. فلا المتسلِّط
    فهم الدرس، ولا المتحرِّر استخلص العِبَر والأخطاء كي لا يكررها.



    في الفيلم الأميركي
    «لنكولن» الحائز بطله جائزة أوسكار للتمثيل، يسأل محرر العبيد مدبرة منزله السوداء
    ماذا ستفعل بحريتها إن وافق مجلس النواب على التعديل الدستوري الذي طالب به ليكون
    جميع المواطنين متساويين أمام القانون، وبصرف النظر عن لون بشرتهم؟ فتتأمل المرأة
    رئيسها وسيدها وتجيب بتلقائيتها أنها دائماً ما تتوق إلى الحرية، وليس إلى ماذا
    ستفعل بالحرية! في تقديري أنها معضلة أشكال التحرر الإنساني. وخذ عندك المرأة
    كأقرب مثال. والمرأة العربية تحديداً، فتجد أن امرأتنا تناضل من أجل استعادة كامل
    حقوقها المشروعة والمغبونة بقرار الرجل، وهو حقها ومسؤوليتها التاريخية، ولكن ماذا
    عنها بعد حصولها على حقوقها أو حتى بعضها؟ هذا هو السؤال. فهل الإعداد لمرحلتها
    التالية واضح وقوي في أجندتها كما وضوحه في مرحلتها الأولى أثناء النضال؟ ولأن
    التحرّر والتنمية وجهان للشيء نفسه، وإلاّ فقد أحدهما قيمته في غياب الآخر، يكون
    السؤال التالي: هل القائمون على مشروع التحرّر الإنساني - أياً يكن نوعه - هم الأقدر
    على القيام بمشاريع التنمية؟ الأصعب من البحث عن الحقيقة، هو الوصول إليها. ولو
    أنه افتراض نظري فلا أحد يمتلك الحقيقة ولا الحديث باسمها. أمّا بالنسبة إلى
    الحرية فالأصعب من التطلّع إليها هو الحصول عليها، على أنه واقع عملي هذه المرة
    «وليس كما الحقيقة» تحكيه الأيام بالصوت والصورة، لذلك وضع القانون لتقنين الحريات
    وليس لتكميمها. ولذلك هي محاولات البشرية للمثول أمام القوانين بلا فساد أو
    التواء. فإن ساد القانون اقتنع الناس بالعدالة، أو هكذا يُفترض! ولكن القانون في
    بلادنا العربية لا يطاول الجميع، ومن نتاج هذا التلاعب تدفع الحرية الثمن من تمتّع
    الناس بها، فيحارب القوم من أجلها، فإذا بلغوا مرساها أساؤوا الأدب في حضرتها.
    ويستمر المنوال فلا المتسلِّط فهم الدرس، ولا المتحرِّر استخلص العبر!



    تقول الكاتبة الأميركية
    مارلين سافنت: «روح الحرية الأصلية هي في البحث عن الحرية ومن ثم مواصلة ذلك
    التوازن بين هذين المفهومين: الحرية من.. والحرية إلى..»، أمّا تاريخنا الخاص بنا
    فقد علمنا أن العين لا تكون بالعين، والسن لا تكتفي بالسن، ولكن بالآلاف والملايين
    من اقتلاع العيون والأسنان. ذلك أننا لا نحسن الموازنة بين الحرية من... والحرية
    إلى...!

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29434
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - لا نُحسن التوريث

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 26 مارس 2013 - 14:15

    عابر حياة - لا نُحسن
    التوريث



    ثريا الشهري


    الثلاثاء ٢٦ مارس ٢٠١٣


    كيف ولدت الأساطير؟ كانت
    مجرد محاولات ساذجة لتفسير الكون ومظاهره وما يعمر الأرض والبحر والفضاء من إنسان
    ونبات ودواب. ولأن مصر كانت أسبق الأمم في سلم الحضارة، فسرعان ما أصبحت الأساطير
    جزءاً لا يفترق عن دينها. ومن مصر كان تأثّر الأقطار القريبة منها، فكانت بابل هي
    التالية في سلم الحضارة بأساطيرها السومرية والآشورية. ولكن كيف بدأت الأساطير
    اليونانية؟ كان لتوزيع الطبيعة الجغرافي لليونان نصيب في ترقيق أمزجة اليونانيين،
    إذ قلّما عرفوا قسوة المناخ التي عرفتها معظم الأقطار الشرقية، عدا عمّا أكسبه
    توزيع الجبال تلك الأقاليم اليونانية من «استقلال محلي» كان نواة لنظام المدن
    المستقلة لاحقاً، الذي كان بدوره مصدراً رئيساً لأساطير الحب والشجاعة والمحبين
    الذين حفل الأدب اليوناني برموزهم.



    تلك الأجواء الحرة
    والمظاهر الخلابة ساهمت في ولع أهل اليونان بالحرية والجمال، ورفضهم مظاهر الذل
    والاستعباد. فكان تفكير الأحرار. وما أدراك ما تفكير الحر حين يصفو خياله ويعتدل
    مزاجه ويسمو عقله! وهكذا وصلت اليونان وسبقت غيرها إلى تلك الحضارة التي لا نزال
    نتذكّرها إلى يومنا، فكان الجو العام مزيجاً من الشعر في أرقى صوره، والتمثيل في
    عبقرية القائمين عليه، والفنون المتنوعة من نحت وتصوير وبناء وزخرفة، ورياضات
    متنوعة من جري وسباحة ورمي رمح ومصارعة، أضف إليها مواضيع الفلسفة والسياسة
    والأخلاق واللغة والبيان... إلى آخر المعارف والعلوم الإنسانية. ولا نتصور أن
    اليونان كانت في عالم الحرب أقل منها في عالم الفكر، فهي التي هزمت شوكة فارس في
    معركتي سـلاميس وماراثون، التي منها جاءت تسـمية الـسباق الـعالمـي بالـماراثـون.
    حين حمل بشرى النصر من أثينا إلى أسـبرطة العداء الأثيني الشهير ليبلغ الأسبرطيين
    بأنباء الحرب. إنها اليونان التي لا تبدأ دورة للألعاب الأولمبية إلا بانتقال
    الشعلة منها - ومن جبل الأولمب تحديداً - إلى الدولة المضيفة كرمز لانتقال المبادئ
    والقيم اليونانية القديمة إلى العالم الحديث.



    فماذا تقول النظرية
    التاريخية؟ إن أبطال الأساطير هم في أساسهم أبطال البـشر والـقـبائل البـدوية
    الضـاربة في القـدم، حـين أخـذ الرواة ينـسـجـون حـولهـم القـصـص والحـكايات
    المبـالـغ بهـا، التي تضـاف إلـيـها الزيادات وهوامش الحشو مع كل جيل يأتي، حتى
    ارتفع مصاف أولئك الأبطال في أذهان الناس إلى مصاف الآلهة قبل وجود الأديان،
    كمحاولة كما أسلفنا لتعليل أصول الخليقة، فمثلاً خذ عندك «قدموس» الذي تذكر
    الأساطير أنه زرع أسنان التنين فأنبتت جيلاً من المحاربين المسلحين، ما هو في
    الواقع سوى أحد المهاجرين الفينيقيين الذي نقل إلى اليونان أحرف الهجاء وعلّمها
    للأهالي هناك، وقيل إن عمله ذاك كان القبس الأول للحضارة اليونانية. وسيد الأولمب
    «زيوس» لم يكن إلا ملكاً من ملوك كريت، وما حربه ضد المَرَدة والتنكيل بأعدائه سوى
    لانتزاع ملكه.



    وقد يضحك إنسان العصر من
    وثنيات الأساطير التي انتشرت بين الشعب اليوناني القديم، غير أنها كانت كل ما لدى
    القوم لتفسير مجريات الحياة وظواهرها، ومع ذلك فقد تطور الفهم بظهور الحركات
    الفكرية، حتى ازدهرت الفلسفة النظرية التجريدية التي بدأت بالشاعر المتفلسف
    «اكزينوفانس»، الذي بدأ بمهاجمة مجموعة الخزعبلات التي كانت سائدة، فالله هو
    الواحد لا شريك له، ولعل بدايات أفكاره تلك كانت أول بذرة للإنسان في الغرب عن
    وحدة الوجود.



    لكن ما يهمنا في هذا
    الصدد أن من طبيعة الإنسان أن يتطور في عقله ومعدلات عيشه وأساليب تطويعه الطبيعة
    ومصادرها، فقد يكون بدأها بالأساطير، ولكنه لم يقف عند حكاياتها. غير أن هذا
    الإنسان المتطور كم نسبته من المجموع العام العربي؟ فعلى ما نبدو أننا نتمتع
    بذهنية تمر عليها الكلمات من البداية إلى النهاية من دون أن تُحدِث فيها تغييراً
    إلا إن كان للوراء، أمّا الأمام فموضوعه يخص القلة التي حقاً ضاقت ذرعاً بنداء في
    وادٍ لا صدى يوصل. ولا أصعب من الاشتباك في الحياة بتفاصيلها مع بشر ليسوا على قدر
    تواصلك العقلي، فإن كانت تلك الأساطير القديمة على سذاجتها قد ولّدت عوالم من
    الفنون والمعارف والعلوم، فماذا ولّدت أساطيرنا الخرافية الحاضرة..؟! بل ماذا
    ولّدت لليوناني وهو الوريث الشرعي لحضارته..؟!

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 26 مارس 2013 - 23:33


    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 13361533075

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29434
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - وجه واحد

    مُساهمة من طرف waell الأحد 31 مارس 2013 - 5:02

    عابر حياة - وجه واحد!


    ثريا الشهري


    الأحد ٣١ مارس ٢٠١٣


    لم يكن «داروين»، صاحبُ
    نظرية التطور التي تعرضت للانتقاد، في بداياته تلميذاً نجيباً، ما حدا بأبيه إلى
    البحث له عن وظيفة في الكنيسة، لكنّ أخبار رحلة استكشافية إلى إحدى الجزر حين سرى
    خبرها، كانت لداروين الأكثر إغراءً، فصمم على القيام بها على رغم معارضة أبيه
    الفكرة، فطول مدة الرحلة، التي لا يقل عن السنة، إضافة إلى بنية الفتى الضعيفة
    التي لا تحتمل مثل تلك المغامرات وغيرها من العوامل، كانت في مجموعها محبِطةً أكثر
    منها مشجعة، ومع هذا خاض داروين تجربة الإبحار. ولأن شغفه الأول كان في مراقبة
    سلوك الكائنات الحية، لاحظ داروين أنه في الوقت الذي أحس هو، جرّاء دوارَ البحر
    والغثيان، بشعور قاتل من الإرهاق، وربما الملل، لم يرَ أثراً مشابهاً لتلك العوارض
    لدى غيره ممن هم على ظهر السفينة، فلا تذمُّرَ يُذكر، ولا أنينَ شكوى مهما تردّت
    الأوضاع، فتعجّب من طبيعة لدى البحارين كأنها مفهومٌ بينهم يسري على الجميع كميثاق
    للشرف محفوظ سلفاً.



    ملاحظة داروين تلك توصف
    في الإنكليزية بمصطلح «ستويكسيزم»، أي تقبُّل المصير بالألم والمعاناة بلا شكوى،
    وهي قدرة عالية على التحمّل تمتاز بها فئات معينة من المجتمع أكثر من غيرها، وأكثر
    ما تلحظها في مَن كانت الأعمال الشاقة مقسومَهم من الحياة. فانظر إلى حال عامل
    البناء أو المنجم مثلاً، وعمله ساعات طويلة في أحلك الظروف وأقساها، ولن أذهب
    بعيداً إلى قصة النفط واستخراجه وتمديد أنابيبه في قيظ الصحراء ولهبها... وغيرها
    من وظائف لا تحصى في شدة المعاناة واستدعائها أقسى درجات التحدي الإنساني، وكذا
    عمل الخادم، يستنزف منه النزول بدرجات كرامته أضعافاً مضاعفة! ومع ذلك تجده صابراً
    وراضياً، أو قل متصبِّراً ومسترضياً نفسه على قدَرها. وكأنه قانون غير مكتوب،
    يلتزم به أصحاب الحظوظ الصعبة.



    ولكن... ماذا يكون حال من
    يخرج عن صمته ويقرر عدم الالتزام؟ لكل حالة تفسيرها، فمن غير الدقيق أن يعمّم
    التحليل وكأنه قاعدة عامة تسري على الكل، فأحياناً يفضّل الصمت على إظهار التأثر،
    وأحياناً يفضّل العكس، فكلٌّ وفق الموقف والشخصية وتقدير النتائج.



    قصارى القول أن الاعتياد
    على الشكوى الدائمة لا يغيّر الحال، فالعزم على التغيير يبدأ عملياً وليس بـ
    «لعلعة» الكلام، على أن تحديك من هو فوقك قدراً وسلطة قلةُ نضج وارتماءٌ في
    التهلكة، وتحديك من هو دونك مقاماً ونصيباً دناءةٌ ونقص، وهو ما يفسر سعادة الشعوب
    الفقيرة، فقد تنظر إلى حالها وتتساءل عن سر مرونتها وتقبّلها أوضاعها المزرية، مع
    أنك وبكل ما لديك من متع الدنيا ونعيمها قد تفقد السيطرة على أعصابك لمجرد زحام
    بسيط أو حتى جو حار. صدّقني إنها مسألة اعتياد نفسي وتدرّب عملي، فهناك ما تستطيع
    تغييره، أو حتى تخفيفه، وهذا ما يتوجب عليك الاضطلاع به، وهناك ما لا تستطع
    تغييره، لأنه مرتبط بعوامل لا تتحكم بها، وهذا ما يجب عليك أن تعيه وتفهمه. فماذا
    تفعل؟ قالها المتنبي:



    وإذا كانت النفوس كباراً
    / تعبت في مرادها الأجسام



    أم تظن أن نيلسون مانديلا
    بسنوات سجنه الـ27 قد هبط علينا من الفضاء؟ هو إنسان كباقي البشر، ولكنه برز عليهم
    بعزيمته الجبّارة، مع ترتيب رائع للأمور في عقله.



    قبيلة «بيراحا»
    الأمازونية صنِّفت من أسعد القبائل البدائية الصامدة بقوانينها ولغتها الخاصة، وقد
    حاول «دانيال أفيرت» كأحد المهتمين بعلم اللغات درْسَ لغة القوم مدة 25 عاماً، فلم
    يستطع أن يفكك تعقيدها، وكان ملخص تجربته أنها لغة لا تعرف الفعل الماضي، فالأفعال
    المضارعة هي وحدها المتداولة، ولا تعترف بالكلمات المعبِّرة عن المشاعر أو الحديث
    عن المستقبل، فلا انتحاب على ميت، ولا حزن على شيء. قوم بلا تاريخ وبلا ذاكرة وبلا
    معرفة بالألوان أو الأرقام، حتى أنهم حاولوا قتل ابن دانيال المصاب بالحمى للتعجيل
    بموته والانتهاء من عناء السهر عليه. وقد يتقزز القارئ من هذا الجهل والتبلّد
    الحسي، ولكن ماذا إن عرف أنها القوانين التي أنجت هؤلاء من خطر الغابات العظيم
    المحدق بهم؟ وكما قيل: للحياة أكثر من وجه وقانون، أمّا نحن فلسنا سوى وجه واحد
    كثير الشكوى!

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29434
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - «وناسة» و «عِرْس»!

    مُساهمة من طرف waell الأحد 31 مارس 2013 - 5:05

    عابر حياة - «وناسة» و
    «عِرْس»!



    ثريا الشهري


    الخميس ٢٨ مارس ٢٠١٣


    العمر طويل بالتدبير،
    قصير بالتبذير، وإن الإنسان لينشغل في حياته بسفاسف الأمور أكثر مما ينفقها في
    الأمور الجادة والأهداف الموجّهة، وإلا لوجدتَ عامة الناس في مصاف المنجزين
    والمتفوقين في أعمالهم وسير حياتهم. ولن أخصّ بحديثي اليوم غير السعوديين، على
    اعتباري واحدة منهم، وأخبر بأحوالهم، وعليه أقول: لن يصيب السعوديين في مقتل،
    رجالاً ونساء، إلا شيئان لا ثالث لهما: «الوناسة» بالنسبة إلى الشق الذكوري، و
    «الزواج» في ما يخص القسم الأنثوي، فمتعة حياة الرجل السعودي أن يتمتع بوناسته
    أكبر قدر ممكن من ساعات اليوم، خصوصاً عند غياب قرص الشمس، فزخارف الحياة وبدائعها
    وذخائرها هي في الاجتماع مع المعارف في إحدى الاستراحات أو القهاوي وقطع الوقت
    أمام الشاشات، ولا فرق إن كانت لتلفاز أو جهاز حاسوب أو جوال، وهو شيء حسن لو كانت
    فيه مناقشة الجديد مما يفيد المتحدِّث في مجال عمله وحياته، ولكن السعودي يعتبر أن
    «شوية» الساعات التي قضاها في عمله، التي لم يعمل فيها فعلياً إلا ثلث الثلث، تكفي
    مؤونته لآخر النهار ولا داعي لإرهاق عقله بأكثر من الوناسة على «طريقته»، وما
    أدراك ما طريقته! يقضيها على مدار الأسبوع كله، وبخاصة يومي الإجازة الأسبوعية، أو
    فرصة الراحة من الراحة.



    فإذا انتقلنا إلى الجنس
    الأنثوي، فلا يشغل صويحباته موضوعٌ قدرَ الأعراس ومستلزماتها: من تزوجت! ومن حضرت!
    ومن تقلّدت بالمجوهرات! ومن ومن... فلا تكون خاتمة الأسبوع شيئاً يذكر إن لم تبلغ
    منتهاها في حفلة زواج، أو طقطقة غناء وطرب، أو حتى اجتماع نسواني في أحد البيوت
    للحديث بعضهن عن بعض، وكله يصب في بوتقة الوناسة طبعاً.



    يقول محمد المويلحي:
    «رئيس الطب أبقراط يقول: الحياة قصيرة والفن طويل. ورئيس الحكماء أرسطو يشكو
    الطبيعة، لتفضيلها بعض الحيوان على الإنسان بطول العمر، كالحوت والفيل والغراب
    والببغاء، تعيش قروناً بينما الإنسان الذي هو سيدها ومولاها لا يكاد يبلغ القرن
    إلا نادراً، والحقيقة أن نصيبنا ومقسومنا من الزمن ليس بقليل، وإنما إسرافنا فيه
    جعله موصوفاً عندنا بالقلة. والحياة في الواقع مديدة، تكفي للقيام بالأعمال
    العظيمة لو استعمل الإنسان أوقاته في ما ينبغي، على ما ينبغي، أمّا إن أضاعها في
    الملاذ والشهوات والكسل عن العمل، أو النزاع والخصام والصراع والضرب من دون النافع
    من الأمور، فستأتيه الساعة الأخيرة على عجل، فإذا بالحياة التي لم يُحِسَّ سيرها
    قد أحس مضيَّها».



    ولي ذكرى في هذا الخصوص
    مع معاملة مصرفية كنت أنهيها، فإذا بوافد عربي يُودع أمامي مبلغاً من المال لا
    يستهان به، وكأن الموظف أحس بعبء الموقف عليه من حيث لا أدري، فتلفظ من تلقاء نفسه
    وقال: «وهل تتوقعين أن جمع مثل ذلك المبلغ يعنيني، ولكن ليس لدي استعداد أن
    «أفرّها» من الصبح إلى المساء كي أحصّله»، ولأن تعليقه كان مستفزاً ويا ليته صمت،
    فقد وجدتني أسأل: وما المانع أن يفرّها؟ والقصد أن يتحرك كما النحلة، فكان الجواب
    الذي تحتاج معه إلى إعادة تأهيل قائلاً: ومتى أعيش حياتي؟



    غريب مفهومنا للعيش!
    وكأنه لا يكون إلا بضياع العمر في ما لا طائل منه! وكأننا لا نحيا سوى بجزء يسير
    من أعمارنا! وما بقي من سنينا لا يسمى حياة، بل مجرد وقت يمضي وأيام تمرّ.



    ولا تظنّنَّ أن تبديد
    العمر هو من شأن العوام وحدهم، بحاجاتهم المحصورة وضروراتهم الممنوعة وجهلهم بما
    هو أرقى وأعلى، بل تعداه إلى الخاصة أيضاً، حتى أن تضييعه بينهم أعمُّ وأوسع. ولو
    تأملتَ أحوال من يُطلق عليهم الأثرياء لوجدت أعمارهم أعظم تبذيراً، لاتساع دائرة
    أشغالهم، وانفراج زاوية أوهامهم، وتحرّرهم من عبء تكاليف المعيشة وفواتيرها، فلا
    تدري أهم مقبلون على الدنيا أم مدبرون، يدفعهم التحاسد والتباغض والتباهي
    والتباري، بعيدون من السعادة بُعدَهم من الحكمة في تصريف أعمارهم. على أن أهم ما
    يجب أن يعيه كل من ضيّع عمره في ما لا طائل منه، أن السنوات التي نقصت من عمره قد
    حلت محلها سنوات إضافية من قلة القيمة! سنوات تُرحَّل إلى محبيه وأولئك المسؤول
    عنهم، فيحملون عبئها مع أعبائهم.



    suraya@alhayat.com

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 31 مارس 2013 - 10:15

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 13255022189

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29434
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 2 أبريل 2013 - 5:57

    المرأة المقنّعة!


    ثريا الشهري


    الثلاثاء ٢ أبريل ٢٠١٣


    القناع أو الوجه الآخر
    الذي يغطي الوجه الحقيقي، فيثير معه الغموض مع الهوية المزيّفة والدوافع إلى
    تزييفها. هذا القناع شهد تطورات عدة في وظائفه وأشكاله عبر التاريخ! فخذ عندك
    القناع العسكري وضرورته لحماية الوجه من تلقي الطعنات القاتلة، حتى صار من لزوميات
    الفروسية وخوض الحروب، ومنه انتقل إلى بعض المبارزات الرياضية كسلاح الشيش اليوم.
    فماذا عن التشوه الخلقي أو المرضي؟ استخدام القناع الدائم كان هو الحل. ويُقال إن
    ملك القدس الإفرنجي بولدوان الرابع الذي عاصر صلاح الدين أصيب بالبرص أو بمرض
    تتآكل معه معالم الوجه وتتركه مشوهاً، فلم يكن أمامه سوى قناع من فضة يضعه على
    وجهه دائماً، حتى إن أخته الملكة سيبيلا هي الوحيدة التي تمكّنت من مشاهدة وجهه
    الحقيقي وقت احتضاره.



    لنأتي إلى مدينة البندقية
    الإيطالية، أو البقعة الأوروبية التي ظهر فيها القناع ولا يزال سكانها يحتفلون
    بوجوده حتى تاريخنا. حيث القناع «الفينيسي» كأحد المعالم الأثرية - التجارية، فكم
    طوّر الحرفيون من أشكاله وأحجامه وأسمائه وعلّبوه للتصدير إلى كل مكان، فلا تستغرب
    إن دخلت متجراً محشوراً في شارع خلفي على سطح الأرض، فعثرت فيه على الأقنعة
    البندقية معروضة للبيع وبأسعار عالية، فنوعية هذه البضاعة لا تصنّع بالآلات ولكن
    بالأيدي الفنية الماهرة.



    وبالعودة تاريخياً نقول
    إنه ولأسباب غير معروفة للمؤرخين، لم يقتصر سكان البندقية على استخدام الأقنعة في
    المناسبات فقط، ولكنهم تعدوها إلى الاستعمال اليومي في مجالسهم وفي تجوالهم في
    الأسواق، حتى ظهر في القرن الـ14 قانون يحظر مزاولة بعض الأنشطة على المقنّعين
    ومنها المقامرة مثلاً، وبالتدريج أخذت القوانين طابعها المتشدد لكي يحد الناس من
    استعمال الأقنعة إلى أن تحدّدت بفترة معينة من السنة. والسؤال: لِمَ تحمس
    البندقيون لأقنعتهم بهذا الشكل اللافت؟ يرى الباحث الأميركي جيمس جونسون أن حكاية
    الفصل بين الطبقات وبخاصة بين النبلاء وعامة الشعب تسببت في استخدام القناع في شكل
    دائم كرد فعل مباشر على الترتيب الاجتماعي المتحيّز لطبقة من دون الأخرى، أضف إلى
    ذلك أنه ظهرت ونتيجة لرواج التجارة البحرية آنذاك، شريحة عريضة من الأثرياء
    البرجوازيين الذين توافرت لهم بفضل ثرواتهم فرص التواصل الاجتماعي مع النبلاء،
    فكان من الأنسب للجميع أن يتم اللقاء بمعزل عن أعين الناس واقتفائهم الفضولي، ومن
    يضمن هذا التمويه بأفضل من القناع؟ حتى بات «الماسك» لا ينزع إلا عند النوم.



    وهنا تجدر الإشارة إلى أن
    مهرجان البندقية بعد أن تم إيقافه نهائياً في القرن الـ18 أُعيد إطلاقه عام 1979
    بقرار من الحكومة الإيطالية لإحياء التراث الثقافي ومعه التنشيط السياحي، إلى أن
    نجح مهرجان البندقية السنوي بأيامه الأربعين في جذب ثلاثة ملايين سائح إلى تلك
    المدينة المغروزة في البحر والمرشحة للغرق والاختفاء نهائياً تحت الماء.



    جاء في طبقات ابن سعد أن
    أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وأرضاه - كان يطوف فى المدينة فإذا
    رأى أَمَة محجبة ضربها بدرته الشهيرة حتى يسقط الحجاب عن رأسها ويقول: «فيم الإماء
    يتشبهن بالحرائر!». وقال أنس: مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة
    وقال: «يا لكاع أتتشبهين بالحرائر ألقي القناع». وروى أبو حفص أن عمر كان لا يدع
    أمة تقنّع فى خلافته. فسبحان الله حين تمشي المرأة اليوم في المكان العام فيأتي من
    يأمرها بغطاء الوجه! فهل يزعم أنه أفتى من سيدنا عمر بن الخطاب؟ وهل بيننا من إماء
    وحرائر كي تتقنّع الأمة فلا تميّز فتعرف؟ حتى غدت المرأة بقناعها تعيش بهوية غريبة
    عنها، ونقيض هويتها الحقيقية. إنه الوجه المزيّف الذي تعودت عليه حتى بعد نزعها
    لقناعها (القناع غير الحجاب بتفسير القرطبي). أمّا السؤال الموجه للرجل: فهل فكّر
    يوماً بوقع قراراته وتصرفاته على مشاعر المرأة؟ فحين يلاحقها ويحاصرها لطمس هويتها
    ومعها أحاسيسها إن اعترضت أو اشتكت، فكيف يتوقع أن تكون نفسية وسلامة عقلية مربية
    الأجيال؟ ولأن لا أحد يزايد على إسلام عمر بن الخطاب، فليست الحرة ملزمة بالقناع
    إلا أن يعود زمن العبودية ونكن جاريات العصر وموثقين ببيان رسمي.



    كاتبة سعودية

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الأربعاء 3 أبريل 2013 - 2:06

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 488515
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty امرأة بقلب عشرة

    مُساهمة من طرف waell الأحد 7 أبريل 2013 - 9:57

    امرأة بقلب عشرة



    ثريا الشهري



    الخميس ٤ أبريل ٢٠١٣



    يقول سقراط عن زوجته:
    «كنت أعاني منها كثيراً، ولكنها كانت حاجتي الأولى». فالمرأة تشكِّل في وجودها
    ركناً أساسياً في حياة الرجل، حاجة علنية وغامضة في آن، وبسببها تراه يهرع إليها
    وقت شعوره بالضياع والهزيمة، أو الاشتياق، أو حتى السعادة. وكم من رجل مكتئب متى
    ما أراد الابتسام ومغادرة إحباطه تذكّر امرأته يتمسّح برائحتها ويتنهد..! تذكّر
    وجه أمه أو زوجته أو أخته أو ابنته أو تلك التي كانت مشروع حبيبته. فحين قال
    بيتهوفن: «أخشى ألا تكون هناك امرأة بحياتي فأموت كجرذ»، لم يخطئ الرجل. ولا عجب،
    فكل الرجال ولدوا من أرحام النساء، وإن كانوا يدّعون التعالي لاحقاً، ومعه حفنة من
    معرفة لم تفدهم كثيراً. ولأن شكسبير فهمها فلم يعاند حين صرخ الملك لير في مسرحيته
    وقال: «لا تسقط التيجان إلا عندما تغضب النساء». فكان رد الشاعر دانتي: «لا تسقط
    التيجان إلا عندما تغضب السماء»، والحق أن السماء تغضب لغضب النساء وتنتصر لهن،
    ودائماً السماء تنصف، ودائماً العبد يظلم.




    إليكم قول عثرت عليه في
    موقع على الإنترنت ولا علم لي بمؤلفته! ولكنني ارتأيت نقله كما هو: «لا تستضعف
    أنوثتي، ولا تلعب معي لعبة الكبرياء، فأنا من وضع قواعدها. لا تغرّك رجولتك، فأنا
    الأنثى، فلا تقف في وجه امرأة تملك قلب إعصار، فتعصف بك وتتركك حطاماً. أنت رجل
    بقلب رجل واحد. وأنا امرأة بقلب عشرة رجال، فلا تجرؤ وتتحدى قلب امرأة». ومن قلب
    المرأة الكبير ولد التعايش مع أخطاء الرجل في حقها. وما الحياة سوى زمن لذاكرة
    بثقافات متنوعة يجمعها شيء مشترك..! إنه وفاء المرأة لمشاعرها، وما عدا ذلك لا
    يبقى لنا غير أنثى مزيفة بقلب ذكر.




    يقول الكاتب والشاعر
    الأرجنتيني بورخِس في أحد خطاباته وقد انطفأ النور من عينيه: «الكتابة سلوى عظيمة،
    ولكن ملامسة الورد أعظم. فالوردة تشعرك بأن شيئاً ما يتحرك داخل أعماقك، فيريك
    الكثير من الأمور التي هي في داخلك، ولكنك لم ترها ولم تشعر بها. محصّلة ذلك أن
    الورد هو كائن ثانٍ يعيش فينا». إنها حال المرأة مع الرجل! فهي كالموسيقى تمنحك
    قدراً أكبر من الإصغاء إلى روحك، حتى في أعقد مشاعرك معها تمنحك الفرصة لتعرف نفسك
    أكثر، تعرف فرحك بماذا..! ووجعك من ماذا..! ولكن هذا فقط إن أصغيت.




    يقول الشاعر التشيلي
    بابلو نيرودا: «بسبب تفاؤل الفراشة يصير الربيع نصف العام»، وأنا أقول: «بسبب
    تفاؤل المرأة يصير الربيع كل العام». ولكنه تفاؤل تعوقه التغيّرات الهرمونية التي
    تخضع لها المرأة على مدار العام... تفاؤل تصعِّبه عاطفة الأمومة المفطورة عليها،
    فتجدها تقلق على حبها أينما وجد وكيفما كان، وهذا ما لا يعيه الرجل، هذا بالذات ما
    يفسِّره بالنكد وينعته بالتشاؤم، فيصف أيامه معها بالشتاء الممطر، وأحياناً
    بالخريف المصفر. حسناً، إليك الحل..! كن قادراً على فهم هواجسها واستيعاب التعامل
    معها بقدر ما يحتاج الاستيعاب من حب وأمان واطمئنان، ولكن - وللأسف الشديد - الرجل
    لا يفهم، ولا يريد أن يفهم، لذلك هي تُتعبه، ولذلك هو يتعب معها.




    حين أنجز غوركي رواية
    «الأم» أعلن أنه انتهى لتوه من عاطفة صادقة. ليست بحجم سيبيريا والقوقاز والقفقاس،
    ولكن بحجم العالم كله. وهذا صحيح، ذلك أن العاطفة العظيمة للأم في المرأة التي
    تراها تكاد تكفي العالم كله وتفيض عنه، فأين هي من عاطفة الرجل المتحجِّرة؟ ولا
    أجمل من الرجل القوي شديد البأس والعزيمة، بأعمق عاطفة وأصدق مشاعر! أمّا الرجل
    الضعيف الذي لم يبق له سوى بقية من مشاعر مستهلكة، يلوكها ويمجِّد بها، فأين
    المكسب من عواطفه؟ بل أين الانتصار لجمالها؟ فما أدرانا أنه لو امتلك الخيار
    بالاستقواء لن تكون مشاعره أول حجرة يرفسها بقدميه! وكما قيل لا تثق بمشاعر الضعيف
    ولا بتعابيره. ولقد كانت المرأة ولا تزال تفرض عذوبتها ورهبتها على الرجل الذي
    تستطيع الانتقال بلا مجهود منها إلى مكامن الروح فيه. وهذا أكثر ما يخيفه منها
    ويفزعه. ويا ليته يتصالح مع مخاوفه ويوسِّع من التآلف مع مساحات توتره، لكانت
    حياتهما أمتع، وتاريخهما أرقى.




    كاتبة سعودية


    عدل سابقا من قبل waell في الأحد 7 أبريل 2013 - 9:59 عدل 1 مرات
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف waell الأحد 7 أبريل 2013 - 9:57

    عابر أرض!


    ثريا الشهري


    الأحد ٧ أبريل ٢٠١٣


    كان الفيلسوف روسو عاشقاً
    للطبيعة ولريفها بالتحديد. حيث نشأته الأولى وجولاته ونزهاته بين الأشجار ورائحة
    الأرض بصوت الأغصان تتكسر من وقع قدميه. فتغمره سعادة تملأ روحه، وتتركه مقبلاً
    على الحياة بثقة وانشراح. إنها الفترة العمرية في بداية شبابه، التي لم يُهمل
    ذكرها في تلك الصفحات من الاعترافات، حتى إنه اعترف بندمه على عدم تدوين يومياته
    في حينها. وفي ذلك يقول: «إن المشي يبعث النشاط والحياة في روحي، إذ لا بد لجسمي
    من أن يتحرك، حتى تنشط أحكامي على الأشياء. فمنظر الريف الجميل، وتتابع الصور
    والهواء الطلق، والصحة بالشهية الجيدة التي يمنحني إياها المشي. جميعها تتضافر على
    تحرير روحي، ومنح الشجاعة لفكري. فتلقي بي بصورة أو أخرى في خضم الكائنات المتخيَلة،
    حيث يمكنني أن أجتمع بها، وأختار من بينها، وألائم بينها وبين ما تخيلتها عليه بلا
    خوف ولا وجل، وعندما أتوقف عن السير لا يتجه تفكيري إلاّ إلى غذاء شهي، وعند
    استئناف تجوالي لا أفكر إلاّ في جمال السير».



    علاقة الإنسان بالأرض
    وبالطين قديمة بقدم الإنسان الأول. فمن الطين سوّانا الخالق وإلى الطين سنعود
    إليه. وحلّل العلماء جسد الإنسان، فوجدوا أنه مكوّن من 16 عنصراً. في مقدمها
    الأوكسجين وفي منتهاها المغنيسيوم. فماذا عن تكوينات القشرة الأرضية؟ هي أيضاً من
    العناصر ذاتها. فمكونات الطين هي مكونات الجسد البشري نفسه. لذلك ترانا نحن إلى
    الطين بشوق لا يطفئه سوى اتصالنا به. فإذا ضبطتنا ملتصقين مدة لا بأس بها بعلب
    الأسمنت التي صنعها الإنسان وتفنّن في تسميتها بيوتاً وقصوراً وناطحات سحاب، فاعلم
    أن رئتك لا يصلها الأوكسجين جيداً، ذلك أنها لم تتنفس من رئة الطين ورائحته
    وهوائه. حتى فراعنة مصر كانوا يهجرون أقبية الأهرامات، ويعودون بجموعهم إلى الطين،
    حيث الاعتقاد بأنه المكون لخلطة المومياء السحرية. ألم يتخذوا الآجر (طين يعجن
    فيحرق للبناء) في النهاية سقوفاً لقبورهم؟



    ومن وحشية المستعمر
    «الكاتلوني» يقول القائد الإسباني: «ونحن نجز رقاب هذا الشعب كانت عيونهم الصامتة
    ترنو إلى شيئين: ضوء الشمس وأكواخ الطين. ولا أعرف لماذا قبل لحظة الذبح التي
    يتمتع بها جنودي، كان المقاتل البدائي يتشبث بإمساك الأرض بقوة. لقد شاهدت كومة من
    الجثث وفي أيديهم بقايا الطين ناصعة كضوء الشمس». مشهد سريالي حزين، ولكنه يلخص
    بقبضة الطين الممزوجة بالدم وبعصب الحياة الأخير أن الإنسان لا شيء سوى حفنة من
    تراب. وعلى هذا التراب دارت معاركه ونزاعاته. وليس هناك من لقطة فنية تختزنها
    الذاكرة بأقوى من رؤية الممثل القدير الراحل محمود المليجي في فيلم «الأرض» عن
    رواية للشرقاوي، وهو يحفر بأصابعه الطين، يحاول أن يتمسك به قبل أن ينتزعه
    الجلادون عنوة منه. فيموت ويمتزج دمه بطينه الذي عاش من أجله، ومات بشرف من أجله.



    ليس للطين وطن أو أرض. هو
    موجود حيث توافر الماء والتراب. الطين الذي يحلله المفسرون بوصفهم: إذا أخذنا
    التراب، ثم أضفنا إليه الماء يصبح طيناً. فإذا تركناه لتتفاعل عناصره تحول إلى
    صلصال. وتلك هي أطوار خلق الإنسان. ومن بدء الخليقة إلى مراحل فن العمار الطيني
    بوادي حضرموت كمثال حاضر في ذاكرة التاريخ. بنقوش صور الحيوانات وأيام الانتصارات
    والهزائم ورسومات الآلهة والأصنام. فجاء الإسلام فنقحها بتأثيراته في المنابر
    والقباب بأشكالها الهندسية. فلا تتباهى المدن العربية بتطورها على حساب الحي
    القديم والأبنية التراثية فيها. بل إن مدينة تحكمها غابة من العمارات الشاهقة بلا
    ديرة وبلا أبنية الطين الأولى هي مدينة بلا روح وبلا تاريخ. الجرعات العالية من الحضارة
    العصرية تحتاج ليتوازن الإنسان إلى جرعات مقابلة لها من دنيا البساطة في هيئتها
    الأولى، حيث المزارع والحقول... حيث الشطآن والبحور... حيث الصحراء والنجوم... حيث
    المساكن من عبق البيئة وجوها. فلا معنى أن يشيّد بيت المزرعة كما بيت المدينة.
    فلكل غرضه وخياله. وحين نساوي بين الأغراض والأخيلة، تختفي النكهة والروح معها. إن
    للأرض حكمة مقدسة وهي باقية ما شاء الخالق لها البقاء. أمّا الإنسان فهو مجرد عابر
    طريق لا يحسن آداب العبور، فلم يستحق الأرض التي هو عليها.



    كاتبة سعودية
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الإثنين 8 أبريل 2013 - 1:58

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 133580066511
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - «تنطيط»

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 12:29

    عابر حياة - «تنطيط»


    ثريا الشهري


    الثلاثاء ٩ أبريل ٢٠١٣


    حين يطل المطرب في مقابلة
    لا تكون على قدر مستواه الفني، يندهش الجمهور من ضعف الأداء والأسلوب، بينما
    واقعياً، نحن من رفعنا سقف توقعاتنا فلم تأتِ النتائج على علوها، ولو دققنا أكثر
    ومعنا المطرب المعني لاستوعبنا واستوعب مطربنا أن المطلوب منه فتح فمه للغناء، وللغناء
    فقط، أمّا آراؤه الشخصية في هذا وذاك في غير مواضع الطرب، فهناك ألف ومليون من هو
    أحسن منه في الحديث عنها وبالتفصيل الممتع، فمثل براعته في ملعب الغناء واختيار
    الألحان والكلمات، كذلك يكون غيره في مجال تخصصه. ولو أتى أعظم خبراء الفيزياء
    النووية للحديث عن الطرب لفشل وضاع منه الكلام، وضحكنا من جهله، ببعض الإشفاق
    والخجل عليه. والسؤال: من منا سمع أم كلثوم في غير أغانيها؟ وفيروز التي لم تهجر
    وطنها في أعوام حربه واقتتاله، واعترافها في لقائها النادر تحت سفح الهرم بأنها لا
    تجيد سوى رفع الصوت بالغناء. فليس بالضرورة على الإطلاق أن يتقن المطرب فن
    الارتجال حتى لو كان في بحره وعن بحره، والمفروض ألا يعيبه هذا النقص أو التحديد،
    فقد ولد مطرباً كبيراً، لا متحدِّثاً كبيراً.



    فماذا إن حصل وجمع بين
    الاثنين؟ وإن تمّ له ذلك، ونادراً ما يكون، يفضّل أن يبقى في منطقته ليحافظ على
    صورته التي عرفه الناس بها، ودع الناس يختلفون حول صوته، لا بسبب قناعاته
    واعتقاداته، التي لا مانع من الإفصاح عنها في مجلسه ولقاءاته الجانبية بمعارفه
    وأصدقائه. فماذا إن تعرّض الوطن لمحنة تئن إلى إظهار المواقف الوطنية بكل شجاعة
    ووضوح؟ أم أننا نسينا أعداد الجمهور التي تقف خلف الفنان ومستعدة لتقليده وتتبّع
    خطواته في ما يقول ويفعل؟ هنا يأتي الوطن أولاً وآخراً. فقبل أن يكون الفنان
    فناناً، هو المواطن الذي عليه تذكّر واجبه تجاه وطنه وسيادة أرضه وأهله، عندها فقط
    قد يُعذر إن لم يأتِ حديثه على قدر مستواه الفني.



    فماذا لدينا؟ لدينا مطرب
    لا يُنتظر منه غير الإجادة بفنه، ولكنه يصرّ على أن يتحفنا بآرائه العامة الركيكة،
    فيسمعنا من سقطات لسانه وهشاشة ثقافته ما يفاجئنا ويشوش علينا استمتاعنا بفنه
    لاحقاً. ثم حين يجدّ الجد في الليلة الظلماء، فإذا بلسانه أكله القط، وإن بقي شيء
    منه فيا ليت القط قد أتى عليه بالكامل، على الأقل لم نكن لنشعر بالغثيان ونحن
    نتابع فيلم «المتحولون» بنسخته الرديئة بالصوت والصورة. فلِمَ يصر المرء على تبخيس
    ذاته ومشواره، وفي ظنه أنه إنما يعلي منهما؟ ولكن كما قيل، فللذكاء الاجتماعي سحره
    في تسويق المرء بضاعته، فإن كانت جيدة ارتفعت بهذا النوع من الذكاء فوق درجتها
    درجات، وإن كانت دون الجيد كان الالتفاف حول عيوبها حتى تبدو بأنسب إطار ممكن،
    وكله يعزى إلى ذكاء صاحبها الاجتماعي. فماذا إن حرم الإنسان منه؟ هل يسعنا أن نقول
    إن الأمور في غيابه لا تبشِّر بخير؟ بل إن البضاعة الجيدة ستضيع سمعتها في زحمة
    سوء العرض والتدبير؟



    أحياناً لا يتراجع
    الإنسان عن أهداف غير معلنة يسعى لإبراز نفسه أمام الملأ طمعاً في الوصول إليها
    يوماً، وهو طموح مشروع. أمّا الذكاء الاجتماعي والمنطقي فهو أن تدخل إلى الناس من
    بوابتك، وتترك عنك بوابة الآخرين للآخرين، فهم أعلم منك كيف يكون الدخول منها
    والخروج. فحين يستخدم المرء مفاتيحه فلن يرتبك لأنه يفتح قفلاً ليس بقفله، ومن
    بوابته وأقفاله سيبدأ المشوار بما يعرف ويتقن، وساعتها سيكون تألقه في اللعب جلياً
    ومرضياً عنه، وهذا بالضبط ما سيخدم هدفه ويقربه منه.



    لو ألف المرء الكلام،
    لاكتفى به. أمّا إذا انشغل بالأعمال الجسام، فستتكلم عنه وترفع منه. على أن الأهم
    دائماً هو معرفة أين الطريق! أكثر من التركيز على سرعة الوصول و «النقز والتنطيط»
    إليه. فلا يغرنا الخلط بين النشاط - لكونه نشاطاً - وبين «الإنجاز الحقيقي»، الذي
    لعمري سيعلن عن نفسه مهما حُجبت عنه الشمس. تقول هيلين كيلير: «أنا لست سوى واحدة،
    لا تستطيع فعل كل شيء، ولكنها حتماً تستطيع أن تفعل شيئاً، هذا الشيء سأفعله بكل
    ما أوتيت، وسأفعله جيداً». لذلك هي هيلين كيلير.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 9 أبريل 2013 - 17:47

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 13253390346
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - وخسر الجزّار الحلم

    مُساهمة من طرف waell الخميس 11 أبريل 2013 - 16:34

    عابر حياة - وخسر الجزّار
    الحلم!



    ثريا الشهري


    الخميس ١١ أبريل ٢٠١٣


    تقول الممثلة الأميركية
    سالي فيلد: «نشأْتُ على مبدأ الاستشعار بما يتوقعه الآخرون مني، وعليه فالوصفة
    جاهزة: فما عليَّ سوى أن أكون هذا الشخص المتوقَّع. لقد استغرقني زمن طويل كي أصل
    إلى نقطة ألا أحكم فيها على نفسي من خلال عيون الآخرين عني أو حكمهم عليّ». كلامها
    مؤلم بصدقه، لأننا أدرى الناس بمدى التصاقه بواقعنا، فتجدنا قبل أن نُقبل على
    قراراتنا نقلِّبها في رؤوسنا لننظر إليها من خلال نظرة الآخرين، فإن افترضنا أنها
    تلاقي استحسانهم تَشَجّعنا على اتخاذها، وإن افترضنا استهجانهم ترددنا بالمضي
    فيها، وربما أحجمنا عنها تماماً، وكم من أمور ومسارات تغيّرت وتبدّلت بسبب كلام
    الناس، فلو حدث -مثلاً- أن فينا من لبس قناعاً حجب به هويته الحقيقية، وبقناعه هذا
    كان في حِلٍّ من أي ارتباط اجتماعي أو تقليد وعُرف متّبع، وأصبح في وسعه الكثير
    مما كان يتمناه. حسناً، ها هي الساحة أمامه، ولكن أتدرون ما خوفي لو نزل بأحلامه
    الطائرة إلى الأرض؟ ألاّ يفعل شيئاً، وإن فعل فأمرٌ لا يقارَن بحجم رجائه إياه،
    ولا بمعاناة الصبر عليه.



    يروي فيلم قصة رجل بسيط
    يعمل في محل للجزارة، لا همّ له بعد العمل وتناول صحن العشاء، سوى الاطلاع على
    تحليلات المراهنات، ليتوجه في اليوم الموعود إلى مكتب المراهنة فيختار الأحصنة
    الثلاثة التي يتوقع فوزها بالسباق، ثم يقف أمام الشاشة بحذائه المهترئ عاقداً
    إصبعيه متسمِّراً بعينيه مراقباً مجريات الأشواط، وتلك بقيت حال الرجل مدة 20
    عاماً، فإذا به بعد طول انتظار يربح الرهان ويحصل على المال الذي طالما انتظره،
    فكيف سارت الأمور عندها يا ترى؟ أصبح الرجل عقب فوزه مشغولاً بقائمة طلبات ما إن
    يكتبها حتى يمزِّقها، إلى أن انتهى إلى حفظ المبلغ في درجه والعودة إلى سابق عهده،
    منتعلاً حذاءً مهترئاً يقطِّع اللحم ويقدمه للزبائن.



    كأن الحلم بالشيء في
    أحيان كثيرة أجمل من الحصول عليه! أو ربما يكون الحلم قد تجاوز الوقت المعيّن له!
    فحتى الحلم له عمر يموت فيه، فإذا ما رجع غائب بعد عناء انتظار، إذ بحماستنا
    تخذلنا، وبفتورنا وارتباكنا يفاجئنا... فهل كنا نتغذى على الحلم فلما حضر فقدنا
    غذاءنا، أو قُل شهيتنا؟



    يستحيل أن ينشأ المرء بلا
    أهل وبلا ناس هم أصحاب الدائرة المحيطة به، ويبذرون أول بذرة في تشكيل شخصيته
    بآرائهم واعتقاداتهم. هذا حسنٌ، وفيه نوع من الأمان والضمان للإنسان، شرط ألاّ يصل
    إلى نوع من الضغط عليه ولَيِّ ذراعه وتشويه عقله. أمّا تحديد تلك النسب، فإنما
    يخضع لوعي المرء وتقديره لها، ولطبيعة الشخصية أيضاً، لذلك كان قول الممثلة، وهي
    المرأة الأجنبية في المجتمع الحر (نسبياً)، إن المسألة استغرقتها وقتاً لا بأس به
    للنضج والتمييز متى يكون الخارج تدخّلاً في صميم حياتها وحريتها الشخصية ومتى لا
    يكون، وإن تبيَّنَ تدخّلاً فكيف تعالجه؟ هل بردع الآخرين؟ أم بالتغلب عليه من طريق
    اقتناعها وإصرارها على أن ما تقوله وتفعله ستحكم عليه بعدسة عينيها هي لا بعدسات
    غيرها على الإطلاق.



    نحن مجتمعات وصاية، ومن
    الصعب أن نقضي أعمارنا تحت حكم الوصاية ثم ذات صباح مختلف نسمع المنادي يصرخ ويعلن
    أن الوصاية رُفعت عنا، فقد لا ننتهي بأفضل من حال الجزّار الذي لم يعجبه امتلاك
    المال قدْرَ الحلم بامتلاكه. على أن هذا لا يعني أن الحرية ليست من حقوقنا الأولى
    الأساسية، ولكن الحرية مبدأ يجب أن تتربى عليه وتَأْلَفَ ممارستَه ضمن بيئة تحكمها
    القوانين الرادعة للخطأ والتعدِّي، تستمدها من احترامها حقوق الآخرين، بمعنى أن
    الحرية كتاب تقرأه منذ بدايته، ولا تقفز بالقراءة فوق صفحات منه مفوِّتاً أحداثه،
    لتأتي عند آخره جاهلاً الحكاية، ثم تخرج في كل مناسبة وفي غير مناسبة لتتنطّع
    بكلمات محفوظة عن الحرية!! «يا عمي»، وكأنك تعرفها منذ نامت في مهدك! وكأنك لم تكن
    معنا ونحن تحت ظل الوصاية لم نقرأ من كتاب الحرية سوى عنوانه وشيء من مقدمته! إن
    أردنا الحرية فلنبدأ بإعطاء الصغير كتابها، ونوصيه «ألا يفوّت» عليه سطراً من
    صفحاته الشيقة والكثيرة، لأنه إن فعل فلن يفهم مغزى الرواية وإن رواها الراوي.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 11 أبريل 2013 - 23:28


    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 7mdfep9
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - الحجرة السوداء

    مُساهمة من طرف waell الأحد 14 أبريل 2013 - 14:55

    عابر حياة - الحجرة
    السوداء



    ثريا الشهري


    الأحد ١٤ أبريل ٢٠١٣


    «قناع الموت الأحمر» قصة
    قصيرة خطّها وأبدعها الشاعر والكاتب الأميركي «إدغار آلان بو»، وتحكي عن بلاد
    ضربها الوباء فأتى على نصف سكانها، يحصد بموته الأحمر كل من في طريقه. فما كان من
    سيد القوم إلاّ أن اهتدى إلى فكرة يتجنب بها المزعج القادم الذي أقلق منامه، إذ أمر
    بروسبيرو - وهذا اسمه - بجمع ألف من أفراد حاشيته وفرسانه بنسائهم ومؤنهم ولوازم
    متعهم في كنيسة محصنة، غُلِّقت بواباتها ولُحِّمت أقفالها مع آخر داخل إليها،
    ليهنأ القوم بمآدبهم ولهوهم المتواصل، وليبقى الآخرون خارجها يصارعون قدرهم
    ووباءهم.



    وباقتراب الشهر السادس
    والسيد في حصنه برجاله ونسائه، كان الرأي بقطع ملل الانتظار بحفلة تنكرية يلبس
    القوم فيها أقنعتهم وأزياءهم التي يختارها لهم. ولأنها حفلة لا تشبه مثيلاتها، كان
    لا بد من الإعداد لها بسبعة أجنحة ذات سبعة ألوان لكل لون رمزيته، تبدأ باللون
    الأزرق أو لحظة الميلاد، تنتقل منه إلى الجناح الثاني باللون الأرجواني ويعني
    مصاعب الحياة، يليه اللون الأخضر أو السلام. ومنه إلى الجناح البرتقالي حيث الدفء
    والراحة، فاللون الأبيض والصفاء ثم إلى البنفسجي أو مرحلة ما قبل الموت. ليختمها
    الجناح الأسود، أو الحجرة السوداء بستائرها المخملية السوداء تعانق الجدران
    السوداء لترتمي بلا مبالاة مقصودة على السجادة السوداء. سواد في سواد يتّشح به
    المكان ويزيده غموضاً «كواته» الضيقة المكسوّة بالزجاج الأحمر القاني. إنها الحجرة
    الأخيرة التي لا تشبه سوى الموت الأحمر.



    فماذا يوجد قبالة الحائط
    الشرقي للحجرة السوداء؟ ساعة عملاقة يتراقص بندولها يمنة وشمالاً، ويحدث رنيناً
    نحاسياً مدوياً كلما اقتربت العقارب من إتمام الدقائق الـ60. يتسمّر المحتفلون
    لحين انتهاء الرنات مع كل ساعة تمر، ولكن الوقت يمضي خطفاً، ويأتي منتصف الليل
    مسرعاً بدقاته الـ12 لتصك آذان الحاضرين. وبينما هم بصمتهم واجمون، إذا بمتنكِّر
    لم يروه قبلاً. غريب بينهم متخفٍّ بزي لمومياء ملطخ قماشها بالدم، بوجه متجعد لجثة
    متيبّسة يصعب أن يشكّلها بشر، فيستشيط السيد غضباً من هذا المتسلل ويأمر حراسه
    بالانقضاض عليه. ولكن للغريب رهبة تقشعر لها النفوس ولا تخطئها. إحساس مخيف سكن
    الجميع معه وهذا الغريب يتحدى سيدهم ويمشي أمامه باتجاه الحجرة السوداء. فيلحقه
    بروسبيرو شاهراً سيفه ليقتله. فيستدير الغريب ليواجهه، وإذا بالمهاجم يرتمي صريعاً
    على الأرض، فينقض الباقون على الغريب لينازلوه بشجاعة استمدوها من رعبهم منه، فإذا
    بالموت يصعقهم واحداً تلو الآخر فيقضي عليهم. ذلك أن الموت ملاقيهم مهما فروا منه.
    ومهما كانوا في بروجهم المشيّدة.



    فكيف نقرأ «قناع الموت
    الأحمر»؟ لا تصلح للقراءة قبل النوم، هذا أكيد. إلاّ أن يكون الصغير من عائلة آدم
    السريالية، أمّا إذا تركنا المزاح جانباً «عمق المغزى وإشارات الطرح أكبر من
    تخفيفهما»، فنقول إن لا أحد يقف في وجه الموت ولا أحد يتحداه، ومع ذلك فكل ما
    يفعله الإنسان ويقرره إنما يبرهن على أنه لم يفهم بعد. وقد قيل ما الحياة سوى
    أوراق. ورقة ميلاد. ورقة شهادة. ورقة توظيف. أوراق تُمزّق وتبعثر وتتطاير مع الرحيل.
    بورقة وحيدة تسجل وفاتنا ولا نقرأها. ومع أننا لا نتحكم بتاريخي الميلاد والموت،
    إلاّ أن واقعنا وتاريخنا يقولان إننا لم نفهم بعد.



    كل لحظة تعلن ساعتنا
    فوتها هي جزء من فنائنا، وما يذهب بالانقضاء من العمر هو في حقيقته الموت بعينه،
    فالموت ليس كله أمامنا كما نظن، فأجزاؤه تتحلل وتموت كل يوم وراءنا. والبخل في
    العمر فضيلة، فلو تأملنا بوعينا أن ساعاتنا تهرب منا لقبضنا عليها قبضاً شحيحاً،
    وعشنا في ما نملك من حاضرنا، لا في ما لا نملك من مستقبلنا، ويا ليتنا لا نجود على
    غيرنا بأيامنا وأوقاتنا، فيكفينا تراكم المتهالك والضائع منها. أمّا تكاثر
    تجاعيدنا وابيضاض شعرنا وسقوط أسناننا وانحناء ظهورنا فلا تدل على أننا عشنا
    كثيراً، وإنما أقمنا على الأرض كثيراً. ومهما فررنا و «بعزقنا» أعمارنا فالحجرة
    السوداء في انتظارنا، وربما نبلغها ولم نعرف غيرها، فإن حظينا في الطريق ببعض الحجرات
    الملونة، فغالباً ما نكون دخلناها بأقنعتنا وأزيائنا المزيفة، فيقال: عاش فلان،
    والأصح أقام فلان!
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 14 أبريل 2013 - 16:57

    سلمت يدك
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - أذن باهظة

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 5:34

    عابر حياة - أذن باهظة


    ثريا الشهري


    الثلاثاء ١٦ أبريل ٢٠١٣


    تعوّدنا على سماع كلمة
    «المناخوليا» في الأفلام المصرية، وتعني فقدان العقل. أمّا أصل المفردة فهي
    «الماليخوليا». وفي ذلك يرى «الرازي» الطبيب المسلم - وأكبر أطباء العصور الوسطى
    في علاج الأمراض النفسية والعقلية والعصبية غير العضوية - أن الغم الشديد الدائم
    الذي لا يعرف له سبب، وخبث النفس، وسوء الرجاء إنما تنذر بالماليخوليا. وأولى
    علاماتها ووفق وصف الرازي أن تجد الشخص وقد تخلى عن الناس على غير وجه حاجة
    معروفة، أو علة جلية. فيسارع إلى الغضب والحزن والفزع بمبالغة غير مبررة. الحال
    التي ينبغي المبادرة بعلاجها لأنها في بدايتها أسهل منها إذا استحكمت. أمّا نصيحة
    الرازي لأصحاب تلك العلة فهي السفر والتنقل إلى أماكن مغايرة ومضادة في مناخها
    وناسها وظروفها.



    كذلك كان الشيخ الرئيس
    ابن سينا هو أول الفلاسفة القدماء الذين ربطوا وظائف الإحساس والخيال والذاكرة
    بشروطها النفسية. فكانت نصيحته أن يتم الدمج والتزاوج بين العقاقير والوسائل
    النفسية في معالجة أمراض النفس، والاهتمام جيداً بنوعية الأكل لتأثيره في النفس.
    ففي اعتقاده أن الأغذية الحارة مع الغضب مضرة، مثل الباردة مع الخوف الشديد. بمعنى
    أن مزاج الجسم تابع لأخلاق النفس، وصحة البدن تابعة لاعتدال المزاج.



    ومن القصص المروية أن أحد
    الوجهاء أصيب بالماليخوليا، فتخيّل نفسه بقرة يجب ذبحها وإطعامها للناس، الأمر
    الذي امتنع معه عن تناول الطعام، ما أصابه بالضعف والهزال التام، فأرسل ابن سينا
    برسالة إليه يعلمه فيها أن يطمئن ويتهيأ للجزار القادم قريباً لذبحه. فلمّا دخل
    الشيخ عليه بعد مدة شاهراً سكين الجزار رافعاً صوته يسأل عن البقرة التي سيذبحها،
    أجابه المريض بصوت يشبه خوار البقرة ليعلن عن هويته الجديدة، فالتفت إليه ابن سينا
    وأمر الحضور بطرحه أرضاً وتقييد يديه ورجليه استعداداً للذبح، وعندها عاين الشيخ جسم
    المريض وأعضاءه النحيلة، ثم أعلن أنها بقرة نحيفة ولا تصلح للذبح إلا إن تغذت
    وامتلأت باللحم، فانصاع المريض لأوامر الجزار، وداوم على تناول الأطعمة المنتقاة
    بمعرفة وتعاليم ابن سينا، فكان أن اكتسب حيوية وصحة في الجسم انعكست على سلامة
    العقل، وتحرره مما اعتراه من أعراض وهذاءات، وهذا المنهج الذي استخدمه ابن سينا في
    العلاج وكان سبّاقاً إليه، هو نفسه المنهج المتبع في العلاج النفسي الحديث اليوم.



    نعيش عمراً بحاله، فإذا
    بنا نعرف عن الآخرين أكثر مما نعرفه عن أنفسنا، وإن كنا نظن غافلين أننا عرفناها،
    فما العمل؟ قد نحتاج إلى من يساعدنا ويدلنا إلى معرفتنا ذواتنا ويكون عنصراً
    محايداً ومتخصِّصاً ويحوز اقتناعنا واحترامنا له، هذا العنصر من الصعب العثور عليه
    والاطمئنان إليه ليستحق ثقتنا وانكشافنا أمامه، لذلك وجد الطبيب النفسي. فإذا
    بالطبيب المعالج في حاجة إلى العلاج أكثر منا، وإذا بمراكز الاستشارات النفسية لا
    تؤدي غرضها بأفضل من تحصيل أموال الناس، وبيعهم حفنة من أدوية مع كثير من الوهم
    والانتظار. ولئن كان العليل في حاجة إلى التنفيس عن ضيقه واكتئابه والاستماع إليه،
    فالخدمات المتوافرة في تلك المراكز النفسية التجارية ليست لها علاقة بحاجات
    المرضى، ولكن بجيوب أصحاب المراكز وأطماعهم. وهذا المعتل يحكي عن أدق أسراره
    وأمامه الطبيب بورقة يخط عليها بضع ملاحظات وربما تكون قائمة بالمشتريات الشخصية،
    أو ببعض حسابات الفواتير والأرقام المصرفية، فيكف العليل عن السرد بأمر من الطبيب
    الذي انتهى للتو من قائمته الخاصة، ومعها «روشتة» جانبية يسلمها للمريض بأسماء
    لأدوية عليه تناولها ليتوهم التحسن.



    أدوية لها ثمنها العالي
    وتأثيرها العالي أيضاً، فما هي سوى مجموعة مواد كيماوية مركبة لها تأثيرها المباشر
    في المخ وإحساسه بالخدر وبالسعادة المزيفة، فيتعود العقل على جرعاتها فلا يتفاعل
    معها كما الأول، فيرجع العليل إلى أسوأ مما كان بعد خواء محفظته وإدمانه العقاقير،
    وكان الأولى «بضمير» الطبيب الإنصات إلى شكوى هذا المتعب وتفنيدها وتفكيكها ببعض
    الخطوات العملية، إنصات مخلص يلحقه تقديم مخلص لاختيار موضوع الدواء بأعراضه السلبية
    قبل الإيجابية، ففي بعض المراحل والأوقات ما يئن إليه المرء ليس بأكثر من أذن تعي
    تسمعه جيداً، ولكن مع جشع الطبيب صارت الأذن تكلِّف أكثر من العلة.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 18:27

    فإذا
    بالطبيب المعالج في حاجة إلى العلاج أكثر منا، وإذا بمراكز الاستشارات النفسية لا
    تؤدي غرضها بأفضل من تحصيل أموال الناس، وبيعهم حفنة من أدوية مع كثير من الوهم
    والانتظار. ولئن كان العليل في حاجة إلى التنفيس عن ضيقه واكتئابه والاستماع إليه،
    فالخدمات المتوافرة في تلك المراكز النفسية التجارية ليست لها علاقة بحاجات
    المرضى، ولكن بجيوب أصحاب المراكز وأطماعهم.

    شكر
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - أصفار في أصفار!

    مُساهمة من طرف waell الخميس 18 أبريل 2013 - 11:55

    عابر حياة - أصفار في
    أصفار!



    ثريا الشهري


    الخميس ١٨ أبريل ٢٠١٣


    يقول الشاعر «ملتون» خطيب
    الثورة الإنكليزية عن حرية التأليف: «لكأنما تقتل إنساناً حين تقتل كتاباً حسناً.
    بل إن قاتل الإنسان إنما يقتل مخلوقاً عاقلاً، أمّا قاتل الكتاب الحسن فإنه يقتل
    العقل نفسه. وكم من إنسان يحيا على الأرض وهو عبء عليها، ولكن الكتاب الحسن هو دم
    الحياة الغالي لروح الحكمة. قد حنِّط وأودع، كي يحيا حياة تجاوز الحياة». وكما
    يقول في موضع آخر إن الحرية هي خير المدارس للفضيلة. وإلى ذلك كله نضيف أن أول
    الحقوق هي حرية الإنسان في أن يحيا، ولا يملك أحد أن يصادر هذا الحق إلاّ بالحق
    المنصوص عليه شرعاً. ومن أحيا إنساناً فكأنما أحيا الناس جميعاً. ومن قتل إنساناً
    فكأنما قتل الناس جميعاً. قتله بعقله وباغتيال أحلامه وذكرياته، ثم أهال التراب
    والحزن عليه، فمن يملك أن يقتلع بريئاً من الحياة لمجرد أنه أمر باقتلاعه؟ فمن
    يكون هذا الآمر ليأمر؟ ومن يأمر على الآمر وهو عبء الأرض وابتلاؤها؟ الجواب: عدالة
    القانون.



    تفجيرات بوسطن عمل جبان
    وقذر وهذا أكيد، ولكن انظر إلى هؤلاء القوم وإلى قيمة إنسانهم! قيمة لا تعلوها
    قيمة ولو كان طفلاً لا يتجاوز الثامنة من عمره. ثم انظر إلى أرقام قتلانا! بل أغمض
    عينيك وتصور لبرهة أن رئيس أميركا منهمك في تقتيل شعبه، بضحايا تجاوزوا الـ100
    ألف، وهو لا يزال بعد رئيساً، ويصدر بعبثه أحكامه بالعفو أيضاً، فكيف هانت علينا
    قيمتنا إلى هذا الانحطاط، ثم ننتفض إن ظلمنا الآخر أو عاملنا بجفاء. «قال يعني
    عاملين فيها كرامة»!



    قبل انتقادنا الاستنفار
    الذي أعقب تفجيرات بوسطن لأن من ماتوا لا يتجاوزون الثلاثة، وقبل أن نهذي كعادتنا
    علينا النظر والتعلّم كيف يكون الإنسان إنساناً؟ كيف تكون حرمته وحقوقه في الحياة؟
    وكيف تُجنّد إمكانات الدولة بأجهزتها وعقولها! «ويا ليتك تسأل فيها عربياً يعيش
    بينهم». ولنتأمل كيف أن كل شخص فيهم يعرف ما عليه فعله، ولا يحتاج إلى من يذكّره
    به. وكيف يحاسب مقصِّرُهم بلا تهاون وفقاً لنتائجه. وبعد أن نطيل النظر سنهتدي إلى
    سبب تسميتنا بالعالم الثالث، وإن كنت أعتقد أن الرقم فيه بعض المبالغة، فمن غير
    المنطقي أن نأتي بعد العالم الثاني، وكان الأولى ألاّ نحمل رقماً على الإطلاق،
    فالتدهور مستمر والرقم الثابت لا يعبر عن واقع هبوطنا السريع. فالأصح وهذه الحال
    أن نُحرم حقنا في التصنيف. فنحن من رداءة أدائنا نستحق خروجنا من التصنيف. أمّا مع
    إصرارنا على لعبة الأرقام، فالأنسب أن نصاحب رقماً متغيراً، فاليوم نحن العالم
    الثالث وغداً نكون العاشر، وبعد غد الـ100 وهكذا. فنعُبّ من أرقامنا ونرقد على
    أصفارنا، كما ترقد الدجاجة على بيضها لنفقس أصفاراً وأصفاراً، وتكون حياتنا
    أصفاراً في أصفار! ألسنا من اخترع الصفر؟ فنحن أحق به من الغريب، ولا نرضى ولا
    نقبل مصادرة حقنا حتى في الصفر.



    ليس الأهم امتلاك المال
    والبنيان، قدر من يقف وراء الاثنين، وما هي أجندته؟ قدر حال الإنسان خلف الأسوار،
    وقيمته في بيته ومدرسته وعمله وشارعه، قدر معاملته وقوانينه وعلى أي درجة إنسانية.
    وقدر الانتفاض لحقه والاقتصاص لظلمه! أمّا سؤالي: فهل سيأتي يوم على العربي لا
    يشعر فيه بقهر وغضب لا يعرف لهما تصريفاً؟ وبالنسبة لشعب الولايات المتحدة فلو أنه
    خبر مآسي الحروب التي قضت على إحساسنا بالحياة، ولو خبر هذا الشعب لأسبوع واحد فقط
    ويلات الحرب لتعاطف معنا إنسانياً، ولضغط على حكومته سياسياً أكثر من موقفه اليوم،
    ولكنه معذور، فأدوار الأسرى وقيود الوصاية من نصيبنا. وعلى ما يبدو أننا ألفناها
    حتى ضيّعنا سبيل الخروج منها، فلا نلومه على تفريطنا، ذلك أن الحرب الحقيقية هي
    بين الأذكياء والأغبياء... وبين الجهلة وأصحاب الوعي، فلا عجب أن نكون مهزومين،
    وليس سراً أنه من هزائمنا جاء انتصارهم علينا، فلماذا نُقدِم ولكن في الاتجاه
    الخاطئ غالباً؟ فهل نحن أصحاب حوَل وراثي؟ فلنجر عملية تصحيح نظر، ولنسحب المياه
    البيضاء والزرقاء وكل ما يلزم قبل أن نخسر الأعصاب البصرية ومعها ما تبقى من أمل!
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - عدو الماراثون

    مُساهمة من طرف waell الأحد 21 أبريل 2013 - 7:01

    عابر حياة - عدو
    الماراثون


    ثريا الشهري


    الأحد ٢١ أبريل ٢٠١٣


    يقول الكاتب البرازيلي باولو كويلو في إحدى رواياته: «يمثل العدو
    جانبنا الأضعف، الذي قد يتجلى عبر الخوف من الألم الجسدي، أو الشعور المسبق
    بالنصر، أو الرغبة في ترك المعركة قائلين إن الأمر لا يستحق العناء. إن عدونا لا
    يقوم بالصراع إلا لأنه يعرف أنه قادر على النيل منا، وبالتحديد في النقطة التي
    يصوّر لنا كبرياؤنا فيها أننا لا نقهر، فنسعى خلال الصراع إلى الدفاع عن جانبنا
    الأضعف، فيما العدو يضرب الجانب الأقل حماية، الجانب الذي نثق به تماماً، فنهزم في
    النهاية، لأننا تركنا للعدو اختيار طريقة القتال. إن ثمة غاية من وجود عدونا في
    حياتنا، ووجودنا في حياته، وهذه الغاية يجب أن تتم. فالهرب من المعركة أسوأ ما
    يمكن أن يحصل لنا، بل إنه أسوأ من أن نخسر الصراع، ذلك أن الهزيمة تعلِّمنا دوماً
    شيئاً ما، لكن الهرب لا يخولنا إلا الاعتراف بنصر عدونا». لم أستقطع شيئاً من
    كلامه، فمن حق القارئ تذوّق المعاني العميقة، وتأملها على مهله
    .


    العدو دائماً ما يمدنا بالحافز للتقدم، وليس بالضرورة أن يكون
    شخصاً بعينه، فقد يكون العدو خوفاً، أو كسلاً أو جهلاً. إلى آخر قائمة أعدائك،
    وعليك مواجهتهم بالأسلحة التي يتحدونك بها. فإن كان الخوف عدوك فواجهه بسلاح الرعب
    بداخلك الذي يتحداك به. وستكتشف في حينه أو في عقبه أن مبالغتك المغالى فيها
    لعدوك، ما هي سوى فخ نُصب لك، وكم من أمور أقنعت نفسك بقبولها وكأنها قدر محتوم
    عليك، فقط لرهبتك من التغيير وعجزك عن خوضه، فبماذا نفعتك معرفتك بعدوك؟ في الواقع
    لقد ارتدت المعرفة عليك ولم تنفعك سوى في إحساسك بالجبن، والذي ربما تعكسه مسرحية
    الثقة المتعاظمة التي تلعب دورها أمام الناس، أو ربما تمثيلية الكبرياء غير
    المبرر، أو التحسّس المضاعف من أصحاب النجاح والشجاعة، أو، أو... وتتعدد الأسباب
    والمحصلة أنك لم تواجه عدوك واخترت أن تكون جباناً
    .


    حين تحدث العم عن ابني أخيه اللذين أعلنت السلطات الأميركية عن
    مسؤوليتهما عن تفجيرات ماراثون مدينة بوسطن، لم يصفهما بأقل من ضائعين. وتفهم من
    كلامه أنهما لم يستطيعا التأقلم مع نجاح الآخرين. إنه السطر الأخير في الحكاية،
    أضف إليه سطراً بعد الأخير يقول إنك لا تملك أن تكره الآخرين من دون أن تكره نفسك.
    هذان الشابان كانت أفكارهما أول أعدائهما، فانعكست على رؤيتهما للحياة، هي حال من
    الانهزامية الانتحارية، ولها شق آخر يقابلها في المعادلة، فإن بدا أنه عكسها غير
    أنه غالباً ما يؤدي إلى نهاية مماثلة، إنها لحظة شعور الإنسان بتعاظم قوته وتضخمها
    إلى حد يتملكه معها الخوف واهتزاز الثقة، وعندها تأتي القرارات الخاطئة. وكم من
    بشر خسروا في اللحظات الأخيرة بسبب تلك القوة المتدفقة التي أعمتهم، فجرفت معها كل
    شيء. وإليكم صدام أبرز مثال
    .


    ليتنا على درجة من الحكمة نقدِّر معها عدونا وأسلوب مواجهته، فإذا
    انتصرنا لم نركن إلى نشوة الفوز ولا الخوف من الهزيمة القادمة، ولكن إلى حمد الله
    أولاً، ومن ثم التنبه إلى كيف تكون الحيطة وأخذنا بالأسباب. ألم نسمع أن الإنسان
    الذي لا يصغي إلى حكم الحياة لن يتعلم شيئاً؟ ولكن لا بأس، فالحل الأسوأ سيدلنا على
    الحل الأمثل الذي «كان» علينا أن نسلكه ولم نفعل، فَلِمَ التردد في تعديل المسار؟
    فمازال النهار في أوله. ولو كنا خلقنا وليس أمامنا سوى الصحيح، لما كان هناك أكثر
    من طريق وأكثر من خيار. فلا بأس، فالأهم ألّا نصل إلى خط النهاية ونحن المذنبون
    الأخسرون. فإذا على الموت فأجمل ما فيه أنه فرصتنا لنحقق الحياة.. لنحقق أفضل ما
    نتمنى وما يليق بنا، فالموت هو نعمة الله لنا لنحيا الحياة. فحقيقة أن ليس بيدنا
    إلغاؤه أو تأجيله، تجعلنا نتيقن «مرتاحين» أن كروتنا اختزلت في كرت واحد وهو وعينا
    بالحياة، وحين نفقد هذا الوعي سيرتد علينا جهلنا، تماماً كما سترتد علينا معرفتنا
    إن أسأنا استخدامها وتوجيهها، وإليكم أحدث شابين ارتدت عليهما معرفتهما كما ارتد
    عليهما جهلهما. فكيف أتت النتيجة؟ بمجرم مقتول، وآخر مُعتقل
    .
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 21 أبريل 2013 - 21:14

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 13358009351
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - إلى الملحقية بواشنطن... مع التحية

    مُساهمة من طرف waell الخميس 25 أبريل 2013 - 6:31

    عابر حياة - إلى الملحقية
    بواشنطن... مع التحية




    ثريا الشهري



    الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠١٣



    حرصت الملحقية الثقافية
    السعودية بواشنطن عقب تفجيري ماراثون مدينة بوسطن على الاتصال بالطلاب المبتعثين
    في الجامعات هناك للاطمئنان عليهم ومساندتهم. وبما أن العدد يصل إلى 1007 طلاب
    وطالبات، فلك أن تتصور الوقت والجهد المبذولين من مسؤولي الملحقية في تتبّع كلٍ
    على حدة. وقارنه باتصالك بمعارفك المعدودين لدعوتهم إلى وليمة أو مناسبة لديك! وكان
    بالإمكان الاكتفاء بإرسال «الإيميلات»، أو الرسائل النصية عبر الجوالات، أو
    بمكالمة بعض الطلاب، غير أن الإحساس العالي بالمسؤولية لم يختزل اليقظة والضمير
    إلى «بضع» رسائل أو مكالمات. ولا أدري حقيقة كيف أن الملحقية أسعفها الوقت وتمكنت
    من الاتصال بالجميع في يوم التفجير ذاته! التزام كبير ولا شك. ناهيك عن وابل
    «الإيميلات» التي أمطرت بها الملحقية المبتعثين، للتنبيه إلى أبسط الأمور وأعقدها.
    وحين تتصرف بمنتهى الحرفية والمتابعة في الظروف المضطربة، فإنك لا تضاعف من رصيدك
    الإيجابي فحسب، بل وتجلب معك الشعور بالأمان واحترام الكفاءة المهنية.




    بعد تفجيري بوسطن ستتجه
    بعض الإجراءات الأمنية الأميركية إلى مزيد من التشدد والتحفّز. وعندك الأخبار التي
    بدأت تتحدث من الآن عن زرع الكاميرات حتى في الأماكن العامة. باختصار، أميركا التي
    عرفها أبناؤنا وبناتنا ستختلف عليهم في تضييقها - وبخاصة على أجانب أرضها - عن
    أميركا قبل التفجيرين. ولا يجدي مع مراسم التغييرات المستجدة هذه سوى أن نقابلها
    برفع درجة وعي مبتعثينا وتثقيفهم بالقوانين الأميركية. وبالمناسبة فإن موقع
    الملحقية على الإنترنت فيه من التوضيح بالقوانين والإجراءات الأميركية الشيء
    الكثير. ولكن ما تستوعبه من خلال الشاشة غير ما ستتذكره باللقاء المباشر. فلو أن
    هناك لقاءات شهرية على مستوى المدينة، أو ربعية على مستوى الجهات (شرقية وغربية
    و... و...)، أو سنوية على مستوى الولايات المتحدة بين طلابنا ومسؤولي المباحث
    الفيديرالية، والأمن القومي، والهجرة، والجمارك إلى آخر القائمة التي بيدها توقيف
    أبنائنا في حال مخالفتهم الأنظمة الأميركية، أقول لو نستعد بعقد هذه اللقاءات
    الدورية، فمن المنطقي أن تأتي النتائج في مصلحة الطرفين: السعودي والأميركي.




    في شهر آذار (مارس)
    الماضي عاقب الاتحاد اليوناني لكرة القدم لاعبه الواعد بإيقافه عن اللعب مدى
    الحياة في جميع أنشطة المنتخبات الوطنية بسبب التحية النازية التي وجهها للجماهير.
    أمّا اللاعب الذي تقطع بكاء في غرفة تغيير الملابس وعمره 20 سنة، فقد أقسم أنه لم
    يقصد الإساءة إلى ضحايا النازية وإنما إيصال التحية لزميله وجاءت على هذا النحو.
    ولكن القانون لا يحمي الجاهلين به ولا يسامحهم. وعندما تسرّبت أخبار الاشتباه
    بالطالب السعودي المبتعث وعلاقته بالتفجيرين لمجرد أنه تصرّف عند إعادة الشريط
    المصور ببعض الغرابة في نظر الأميركان، سارعت وسائل الإعلام إلى التعريف بالطالب
    وبصفحته على موقع «فايسبوك». فطالعتنا صورته بالثوب وبمسدس لعبة ذهبي اللون يمسكه
    على طريقة العميل السري جيمس بوند. فهل من السلامة والذكاء تقديم نفسك - ولو مزحاً
    - بهذا الشكل وأنت في عقر دارهم؟ فما نراه مسلياً و «زاحفاً»، هم يرونه مشروعاً
    إرهابياً ومنبطحاً. حتى التهليل العالي بالله أكبر قد يعدونه دعوة إلى الجهاد عند
    الترجمة.




    وبحسب تصريح الملحق
    الثقافي السعودي بواشنطن الدكتور محمد العيسى فقد تم إنشاء إدارة للأزمات لمتابعة
    المستجدات والأحداث التي أعقبت تفجيري بوسطن. وهذا حسن ومطلوب، ولا يمنع على
    الإطلاق استحداث إدارة أخرى أيضاً تتولى عقد تلك اللقاءات المقترحة بين أبنائنا
    والمسؤولين الأميركان أو من ينوبهم. وهو جهد جبار وإضافي سيقع على عاتق الملحقية،
    ولكنه إجراء استباقي وضروري حتى لا تدخل الأزمات إلى بيتنا. وبالانتقال من المسائل
    القانونية والأمنية إلى تلك الدينية فلا يسعنا القول سوى أن أبناءنا يبتعثون إلى
    أميركا ولسان حالهم كمن يتمتم: وما حيلة المضطر إلا ركوبها. فعقولهم التي تغذت
    أعواماً على فتاوى تكفير الآخر والتخلص منه، محتاجة أن تلتحق بشيوخ معتدلين منهجهم
    الوسطية وقوله تعالى: «لكم دينكم ولي دين». شيوخ لهم وقارهم وعلمهم يلتقون
    بأبنائنا «دورياً» ليطمئنوهم على دينهم ويجيبوا بكل محبة وسعة صدر عن أسئلتهم
    الحائرة. فالدولة السخية بتمويلها واستثمارها، من حقها وواجبها الوقوف على أدق
    التفاصيل حتى لا تترك شيئاً للمصادفة أو المفاجأة.




    suraya@alhayat.com
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - نار الشمعة

    مُساهمة من طرف waell الخميس 25 أبريل 2013 - 6:32

    عابر حياة - نار الشمعة


    ثريا الشهري


    الخميس ٢٥ أبريل ٢٠١٣


    يُحكى عن صبي كان متجهاً
    إلى المسجد وفي يده شمعة مشتعلة، فبادره الشيخ بالسؤال قلقاً من لعب الصغير
    بالنار: قل لي يا غلام في لحظة من اللحظات كانت هذه الشمعة مطفأة. فهل تستطيع أن
    تخبرني من أين أتت النار التي أشعلتها بها؟ فنظر الصبي إلى الشيخ مبتسماً، ثم أطفأ
    الشمعة وقال: وأنت يا شيخنا هل تستطيع أن تخبرني الآن إلى أين ذهبت النار التي
    أشعلتها؟ محاورة بسيطة كان لها وقعها وحضورها الدائم في عقل الشيخ. إذ أدرك بوعيه
    أن الإنسان على شاكلة تلك الشمعة! يحمل في قلبه النار التي تتوهج للحظات، ولكنه لا
    يعرف كيف اشتعلت بداخله، ثم لا تلبث أن تختفي لحظات أُخر، ولا يدري أيضاً إلى أين
    ذهبت بانطفائها، أو متى تعود... ولكنها تعود. وكذلك هي أفكار الإنسان التي تتفتق
    في ذهنه وتضيء، فتنير المكان قبل أن تغادر، فتدلنا على وجود الأشياء من حولنا،
    عوضاً عن تخبطنا في العتمة، ثم تذهب وقد أدت ما عليها، فإذا بدأنا نفقد إحساسنا بالاتجاهات
    مرة أخرى، أضاءت شمعتنا بنارها ظلمتنا، فمن أين وإلى أين؟ سر أعلى.



    أحياناً تمرير الحكمة في
    حياتنا لا يجدي نفعاً إن لم يلحقها تدريب عملي عليها، فحين نردد مثلاً أن علينا
    استقاء المعرفة من أبسط الأشياء وأبعدها عن التوقع، فلا يعني هذا الكلام شيئاً إن
    لم نؤمن به، ونمارسه حقيقة في حياتنا. أم كيف قادت المعرفة إلى فهم أسرار أكبر؟
    فهل اقتصرت المعرفة على أعقد الأمور على الإطلاق؟ فإن كنت يقظاً وغير متعالٍ فقد
    يعلّمك طفل درساً في الحياة لم يفلح الكبير والناضج في أن يبلغك إياه، فلا تتكبر
    وأنصت جيداً إلى الصغير والفقير، إلى الزهرة والنملة، إلى كل ما في الكون، وتستطيع
    بعقلك وقلبك أن تطاوله. فكلما أنصتّ جيداً، وصلتك معلومات أغزر عمن أهمل السمع ولم
    يبالِ. فإذا لم تسمع شيئاً، فهذا لا يعني أن الأصوات كفّت عن أدائها. وكل يوم هناك
    أصوات جديدة ولكننا نصرُّ على سماع الأصوات التي ألفناها، تماماً كمن تعوّد أن
    يمشي في طريق ولا يريد، وليس لديه الرغبة في تغييره، وإن وجد البديل. لأننا نرفض
    اعتبار الطريق مغامرة نخوضها كل يوم، فهل سمعت بمغامرة بلا مفاجآت؟ وهكذا حياتنا
    بلا أصوات جديدة، بلا مفاجآت.



    نحن نعشق أن نعيش حياتنا
    برتابتها وكأنه نوع من الضمان، فنقتل أحلامنا وإحساسنا بالانطلاق، وكيف لا وقد
    تخلينا عن النضال باسم الراحة، فإذا بأحلامنا الميتة تواصل تحللها داخلنا، ومن
    عفنها تفسد علينا اقتناعنا، وكنا نعتقد أننا قانعون مقتنعون، فماذا حصل حتى تكهربت
    أجواؤنا، وحولتنا إلى قساة حيال الدنيا والآخرين؟ ما حصل أننا لم نعش أحلامنا،
    وكأننا لا نفهم الحياة سوى عذاب وتضحية! مع أن العذاب والتضحية ما هما إلا جزء من
    باقة الحياة الواسعة بأجزاء أخرى..! فهل أنصتَّ لتسمع بقية الخيارات التي تحملها
    باقتك؟



    من لا يولد أكثر من مرة،
    ومن يختزل الكون إلى تفسير بعينه، والإنسان إلى مجرد كائن عليه إشباع حاجاته
    وغرائزه، من يعتقد أن من سبقه أتى بالأفضل وأن الحياة مجحفة بحقه، ومن لا يعرف أن
    مفهوم الزمن نحن من نخلقه بأنفسنا، من يكن أحد هؤلاء أو بعضهم فهو إنسان لا ينصت
    جيداً، ولا يعرف كيف يفعل. وإليكم معلومة صغيرة عنه! هو إنسان لا يحسن الجلوس مع
    نفسه أيضاً، فلا يطيق وحدته، ولا يتوق إلى صحبة صمته، ومن لا ينصت إلى نفسه لا
    ينصت حتى إلى ثرثرة الآخرين.



    ألذ معرفة هي التي
    تكتشفها بعد أن اعتقدت أنك عرفت. وأحلى حماسة ليست في ما انتهيت من معرفته، ولكن
    في ما أنت بصدده. وبالمناسبة، المعرفة الحقيقية ليست في إثراء قاموسك الشخصي
    بالكلمات، وإنما في ما تؤديه معاني الكلمات، وما الذي تعنيه معرفة الأشياء. لذلك
    نحن لا نتقدم كما ينبغي لنا أن نتقدم، فنحن إنما نحفظ ونردد بلا تأمل، بلا تعمق،
    بلا أسئلة جديدة، بلا بحث عن أجوبة. فهل يهمك صدقاً ما فاتك؟ ربما هذا هو المفتاح.



    suraya@alhayat.com
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 25 أبريل 2013 - 22:43

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 13256128161
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty «على الدعْسة»

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 11:41

    «على
    الدعْسة»



    ثريا الشهري


    الثلاثاء ٣٠ أبريل ٢٠١٣


    «روبن كارتر» ملاكم
    أميركي مسلم تعرض للظلم البيّن بسبب الحقد العنصري واضطهاد السود في ستينات القرن
    الماضي. فلُفِّقت له جريمة قتل ثلاثة رجال من البيض حُكم عليه بموجبها بالسجن مدى
    الحياة. وبعد محاولات مضنية لإثبات براءته وبعد مضى أكثر من 20 عاماً في السجن
    تمكّن البطل من الخروج. تلك السنوات المؤلمة استطاع كارتر جمعها في كتاب ألفه في
    زنزانته. فجسّدها الممثل الأميركي دانزل واشنطن في فيلم بعنوان: «الإعصار». ومن
    أجزاء ذلك الفيلم لقطة مؤثرة يتحدث فيها لزائره في السجن فيقول: «الكتابة كما
    السحر. بل هي سلاح أقوى مما يمكن أن تكونه القبضة. ففي كل مرة أجلس فيها للكتابة
    أشعر بأنني أرتفع فوق أسوار السجن. فأستطيع أن أرى من خلال الجدران نيوجيرسي كلها.
    فأرى «نيلسون مانديلا» في زنزانته يكتب كتابه. وأرى «ديستويفسكي» و«فيكتور هيجو»
    و«إيميل زولا» وكأنهم يقولون: «روب» ماذا تفعل هناك؟ فأجيبهم: إنني معكم وأعرفكم جميعاً».



    تلك الثقافة التي ننادي
    أبناءنا بالتسلح بها، ليتحصنوا بالوعي، فيتحرروا من قيودهم بالفكر الناضج. فالكتاب
    الذي ألفه كارتر خلف القضبان، هو الذي حرره وعرّف العالم بقضيته وبمعاناته، فأكسبه
    تعاطف الرأي العام وخروجه من السجن. ولكن لحظة.. فهذه الثقافة وهذا العلم اللذان
    اعتقدنا فيهما الخلاص، على ما يبدو أنهما لم يعودا يجديا نفعاً في وجود المؤثرين
    وغاسلي الأدمغة. فإنْ كنا نشتكي من تلبّس الإرهابيين بمنطق القتل والإجرام لجهلهم

    وقدرة الآخر على تغيير فكرهم وملء وعائهم بما يشاء، فماذا نقول في نموذج
    الإرهابيين الذين حصلوا على التعليم المطور في أصعب مجالاته، ومع ذلك كانوا عجينة
    طرية في يد المحرضين؟ فانظر إلى الشابين المسؤولين عن تفجيري بوسطن...إلى الأول
    الذي كان على درب الهندسة والآخر وطريقه إلى الطب. ثم ارفع النظر قليلاً حيث كندا
    والشاب التونسي طالب الطب المتفوق ونظريات سرطان المثانة وتكنولوجيا النانو.
    الطالب المنحدر من أسرة الأطباء والمهندسين والمحامين ومع هذا لم ينجُ من كماشة
    الإرهاب وخطط التفجير.



    تصف والدة الشابين
    الشيشانيين إسلام ابنيها بالمعتدل والمعقول إلى أن دخل حياتهما «ميشا». وهو المسلم
    الذي تقرّب إليهم جميعاً. وتمكّن بإقناعه أن يجعل الأم ترتدي الحجاب، والولدين أن
    يحافظا على دينهما أكثر. ولكن من يضمن الخيط الرفيع بين الالتزام بالدين
    وبالقوانين المدنية، وبين الغلو في الدين إلى حد التطرف الذي يجيز التمرد والسلاح
    وقتل الأبرياء، لأن حكومتهم أجازت قتل أبريائنا، أو وقفت ساكنةً ونحن نقتلهم. فها
    هو الصديق الناصح بدأ بالوعظ والتشديد وانتهت محاضراته وإلحاحاته بالدم. فإذا
    افترضنا أن وجهة النظر تلك عن حكومة أميركا كانت هي وجهة الشابين، فماذا عن حكومة
    كندا، وهي الدولة التي تنأى بسياساتها عن اشتباكات العالم ونزاعاته المسلحة؟



    غير أن الإرهاب لا يحتاج
    إلى مسوِّغ وتبرير. كما أن النتيجة ليست موضوعنا، ولكن السبب الذي أدى إليها. فإذا
    كان المرء يأتي بأبنائه إلى الدنيا، وعانى الأمرّين في تربيتهم والخروج بنفسه وبهم
    من عنق الزجاجة الطويل الضيق. فإذا بدأ يتنفس الصعداء باقتراب فلذاته من تحقيق
    الحلم بالنجاح، فإذا بالمحرِّض يدس في كفهم شريط الإرهاب الذي يمسح بمادته عقولهم
    إلاّ من شعاراته وأناشيده.. من تفاسيره ورسائله.. من دعواته بالقتل وزرع الرعب.
    فكأنه به يخبرنا بأن ابننا وكلَّ من نراه ويصادفنا هو احتمال جاهز لمشروع إرهابي.
    كل الحكاية أن المحرض لم يظهر في حياته بعدُ.



    وليس أمام الأهل مع
    الاجتياح الفوضوي لكل شيء سوى متابعة أبنائهم «على الدعْسة» كما يُقال. فلا
    يسألونهم عن أخبارهم كإجراء روتيني، ويكتفون بسماع ما يعودون سماعه. بل يبحثون
    وينقِّبون. ولو بدر عن أبنائهم ما يدل على أي تغيير نحو التطرف باتجاهيه: الديني
    واللاديني، فيسارع الأهل إلى اختيار الوصفة الأقرب إلى طبيعة وشخصيات أبنائهم عند
    التعاطي الواعي مع المسألة. فيكون تفاعلهم غسيل دماغ، ولكن مضاد هذه المرة. وهكذا
    إلى أن تسوقهم السنوات بأيامها إلى بر الأمان. ولا يبقى على هؤلاء الناجين سوى القيام
    وبروح الحب بالشيء ذاته مع أبنائهم في المستقبل. وكما قالها كارتر: «الكره أدخلني
    السجن، والحب أخرجني منه».



    كاتبة سعودية
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - «ببلي»: كلمني شكراً

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 11:43

    عابر حياة - «ببلي»:
    كلمني شكراً



    ثريا الشهري


    الأحد ٢٨ أبريل ٢٠١٣


    وردتني إتصالات تسألني عن
    خدمة «ببلي» التي انتشرت إعلاناتها أخيراً. ماذا تكون وماذا تقدم، فأحلت المتصلين
    إلى أقرب موقع على الإنترنت للبحث عنها، فللأمانة ليس المسؤول بأعلم من السائل،
    وجل ما بلغني أنها خدمة صوتية تتيح للجمهور المشترك التواصل مع الاسم الذي يدفعون
    رسوم اشتراكهم من أجل صاحبه، وكلما ارتفع عدد المشتركين، كان العائد مربحاً للشركة
    المعلنة، وللإسم المعلن، وللجمهور الذي يكفيه من «الكيكة» سماع الصوت. فماذا عن
    كيفية التفاعل؟ إن غداً لناظره «ببلي»!



    عند التقصي من خلال
    الإنترنت عن خدمة ببلي، طالعني موقع بشرح موجز عنها، تضمّن بعض التعليقات التي
    ارتأيت نقلها للقارئ ليطلع عليها، وها هي كما في نصفها المحلي: «تقابل مشهوراً
    بالشارع وتكلمه ما يرد عليك. يقولك كلمني على ببلي. باعو الكلام ما بقي إلاّ
    يبيعوا الهوا». وآخر يقول: «طيب ببلي هذي محددة بالمشاهير اللي يطلبهم الشخص أو أي
    مشهور أبيه يخلوني أكلمه؟ يعني لو حبيت أكلم الوزير بيوصلوني له؟»، فيجيبه أحدهم
    بلغة الواثق: «لا... الوزير ما يؤثر في المجتمع!». فيرد عليه من يقول: «اللي فاقع
    مرارتي الشيخ فلان والشيخ علان. يا ناس هذولا طلبة علم ودعاة المفروض يرفعون
    أنفسهم عن مثل هالتفاهات». فيختصرها الأخير بقوله: «رزقهم على المهابيل».



    والسؤال: هل الجمهور أهبل
    أم أنه يستهبل؟ والجواب: لا هذه ولا تلك، ففي تقديري أن نجاح الخدمة يدعمها عنصر
    الفضول لدى المتلقي، ومن ثم نوعية الخدمة المقدمة، بمعنى قد يسخو المشترك ويدفع
    رسوم الإشتراك على سبيل التجريب ومن باب التغيير، فإن جاز له المنتج المقدم في ما
    بعد، فلا شيء يمنعه من معاودة الاشتراك طالما أن الخدمة لا تزال مطروحة، فإن لم
    تأتِ الخدمة على قدر توقعه، فسيحجم عن الاشتراك ثانية، وبهذا المنطق قد يكون مكسب
    الشركة المعلنة ليس بأبعد من رسوم الاشتراكات الأولى، وشكراً.



    وللموضوعية، قد يُتقبّل
    ظهور الشخصية العامة بصورتها وحجمها في إعلانات الطرقات وتقاطع الإشارات والصحف
    للترويج عن منتج أو للتذكير به، وقد يمرّر دافعها بانتمائه إلى إغراء الشهرة
    والمال، وهو واقع عملي بلا «رتوش»، وسياسة تجارية معروفة ومعمول بها، أما أن تروّج
    لوحة الإعلان عن مشيخة الدين، فأول ما يلح على الخاطر هو الاستفسار عن نوعية
    المنتج المقدم، وهل سيخرج علينا أصحابه بتفاسير دينية غير تلك المألوفة فيضحوا
    بجماهيرهم التقليدية مثلاً! والسؤال: لو أن شيخينا الراحلين ابن باز وابن عثيمين
    هما صاحبا المشهد الحاضر، فهل كانت صورتهما ستظهر في «كلمني على ببلي»؟ بل إن مجرد
    السؤال ليستفز القارئ، يقيناً منه بأن الشيخين أكبر من ضرب المثل نفسه. وهذا صحيح،
    ولكننا إنما نستعين باسميهما - رحمهما الله - للإستدلال على شيوخ الإسلام وزناً
    وثقلاً.



    حين أتى الرجل بزيه
    الرسمي بتصرف شخصي لا يليق بـ «بدلته» ولا بالوطن الذي يمثله، تقدم أحدهم ممن حضر
    الواقعة بشكوى الرجل لدى الجهات المسؤولة، فسئل عن سبب تدخّله وهو غير المعني؟
    فأجاب: «لأن حياة المرء ملكية تخصه، ولكن بعد أن يخلع الزي الرسمي المتمثِّل به».
    وهو المبدأ الذي يُعاتب بمنظوره «شيخا ببلي»، فهل يعقل أن يلوحا بثوب الدين في كل
    محفل، وقال الله، وقال رسوله عليه الصلاة والسلام و«تاليتها ببلي؟» فليهبطا بسلام
    من على منبر الدين، ثم يقدمان نفسيهما تجارياً للجمهور، ولا اعتراض، فهما وما
    يسلكان، تماماً كما اللاعب الرياضي والمذيع الفضائي والممثل التلفزيوني، والشخصيات
    العامة الأخرى غير الدينية، أمّا أن يكون المنتج هو الدين ومن ورائه الشيخ الواعظ،
    فالأولى ألاّ تقدم خدمات النصح الديني نظير الصفقات المادية، هذا على افتراض النية
    الخالصة بالتوجيه والإرشاد.



    كانت للممثل الراحل توفيق
    الدقن جملة مصرية يبرر فيها اختياراته الخارجة عن النص بصوته المميز بقوله:
    «ليّمني على الأوبيّك»!، ويقصد أن تُناوله المال قبل أن تطلب، وهو منطق صريح
    لشخصية واضحة، وتبقى مسألة الوسيلة إلى المادة، وهذه تخضع لتخطيط المرء وقناعاته،
    مثلها مثل قصة الشهرة والأضواء، أمّا أن تمتطي حصان الدين مسرعاً ثم تطالب غيرك
    بالصبر والزهد واحتساب الأجر، وأنت تنظر إليهم من إعلانك العالي، فالصدق ونموذجه
    قد تعكّر لونهما.



    suraya@alhayat.com
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 23:10

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 13256128161
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - مَن بالضبط؟ وماذا بالضبط؟

    مُساهمة من طرف waell الخميس 2 مايو 2013 - 11:27

    عابر حياة - مَن بالضبط؟
    وماذا بالضبط؟



    ثريا الشهري


    الخميس ٢ مايو ٢٠١٣


    فيلم «التجربة» يروي
    أحداثاً حقيقية لتجربة وقعت في سجن قبو جامعة ستانفورد عام 1971، يقودها مجموعة من
    العلماء والباحثين بموافقة الحكومة الأميركية لدراسة الاستجابات الإنسانية عند
    الأسر، وطبيعة تأثير السلطة في الإنسان. فأتوا بمتطوعين ذوي خلفيات عشوائية، ووعدوهم
    بمكافأة مالية بقيمة 14 ألف دولار في نهاية الـ14 يوماً مدة التجربة، ليبدأ
    الاختبار بتقسيم المتطوعين إلى مجموعتين: الأولى وتضم الحراس، والبقية وتمثِّل
    المساجين، ولأنه ممنوع للجميع اللجوء إلى العنف الجسدي وإلا أضاء النور الأحمر
    المثبت أعلى السقف معلناً انتهاء التجربة، يجب التقيّد بالقوانين والأنظمة. هذه هي
    فحوى الفيلم المنهك نفسياً لمن يتابعه، لا لشيء إلا للتحقّق من فساد طبع المرء
    بالسلطة.



    وبالتوسع قليلاً في تحليل
    شخصيات المتطوعين، كان من ضمن المشتركين ذلك المتدين المعتز بإيمانه، ولكنه التافه
    على الصعيد الشخصي الذي لا يزال يعيش في كنف والدة تحتقره، ولشعوره في قرارة نفسه
    بأنه النكرة، فانظر إليه وقد نسي تعاليم السماء وكان أول من أساء استخدام السلطة،
    حين وقع الاختيار عليه ليكون من فئة الحراس، فانحطّ في تسلّطه وتلذذه بساديته على
    السجناء، فمن نكرة إلى الآمر بإذنه، ولتوهمه بالتآمر ضده لم يطق «كما يعتقد»
    التقليل من هيبته أو مراجعة قراراته، وإن كان في المعارضة حق ومنطق. فتراه وقد
    تسلّط على السجين رقم 77 لروحه المتمردة المناصرة للصواب. فتفنّن في إهانته والنيل
    من عزيمته، لأن الإذلال النفسي «كما يعلم» أقوى من الإيذاء الجسدي. وبمرور الوقت
    تحول النكرة إلى ديكتاتور السجن الذي يقتنص الفرصة لينفِّس عن غضبه المكبوت. فهل
    وافقه زملاؤه الحراس؟ السلطة تغري، وقد أعجبتهم لعبتها ورؤية المتسلط عليهم وهم
    الخانعون الراضخون. حتى إذا أعلن أحدهم «من الحراس» رفضه هذا السلوك المشين، نال
    عقابه ليكون عبرة لمن يعترض.



    ومع كل التجاوزات لم يشعل
    النور الأحمر، ما سمح للديكتاتور المتسلِّط بالتمادي في استغلال موقعه، إلى أن
    أعلن السجناء العصيان، فثاروا عليه ومن معه ضاربين عرض الحائط بالعائد المادي الذي
    قد يخسرونه بانفجارهم، ومع حمل العصيان والاشتباك في عراك شرس انتقاماً لحقوقهم
    المنتهكة. عندها أضاء النور الأحمر، وفتحت أبواب السجن، وانتهت التجربة في يومها
    السادس. حتى إذا أطلت الحافلة لنقل المتطوعين وأخذ الجميع أماكنهم مال أحدهم على
    السجين رقم 77 ذي الروح المتمردة، وسأله: هل لا تزال مصرّاً على قناعتك بأننا من
    فصائل أعلى من فصيلة القرود على مقياس التطور السلوكي؟ فيجيبه السجين 77: «نعم
    لأننا لا نزال نفعل شيئاً تجاهه»، ويقصد أننا لم نستسلم كبشر، ولا نزال في طور
    التعلّم والتجريب للارتقاء بطبيعتنا البشرية.



    ننتقم لأنفسنا ولمخاوفنا
    وعيوبنا بوسائل شتى، منها التسلّط على من نقدر عليهم للتعويض عن بعض نقصنا وضعفنا،
    ثم نزيد الجرعة بلا رادع يوقفنا فنسيء إلى سلطتنا حتى لا نعود نسمع أصوات عقولنا
    ولا محاذير قلوبنا، إلى أن نقع في المصيدة نفسها ويرتد علينا ما اقترفناه وربما
    أبشع منه، لذلك قالوا إن السلطة مغرية ولا ينجو من إغرائها إلا من رحم ربي. فتوازن
    الفكر، وصحة التمييز، ومعرفة الأشياء كما هي مجردة من محسناتها هو ما نسميه عقلاً.
    فإذا تزاوج مع يقظة الضمير، وتذكّر المرء صوت الفطرة السليمة داخله فلا يُخشى عليه
    من تبلّد الذهن أو الاغترار وسوء الرأي والطبع.



    ومع كل هذا لا بد من تحديد
    سلطات الإنسان، فلا ننتظر - كما سحب اليانصيب - أن يكون صاحب الحظ والسلطة عاقلاً
    واعياً موضوعياً متبصِّراً بضميره، ولكن نعينه على نفسه وعلى تآمرها عليه بتقييد
    سلطاته، وبمحاسبته إن أخلّ بهذا التقييد، وهذا هو القانون الذي سنّه الآخر في
    مجتمعه، أو يحاول، وهذا هو القانون الذي لم نقتنع ولو من بعيد بصلاحياته، ونتوهم
    أننا نحاول، وسنظل ندور في الفراغ. والحكم على الشيء فرع من تصوره! فلو عشت في
    أجواء الارتقاء وتنعّمت بمردود الحق والعدل بلا تفريط ولا محسوبية، لتذوّقت الحرية
    وكرهت أن ترتد إلا أن تكون ممن لا يتنفس إلا في التردي. فمن نحن بالضبط بلا
    مواربة؟ وماذا نريد بالضبط بلا مزايدة؟
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - عقلان متناقضان

    مُساهمة من طرف waell الخميس 9 مايو 2013 - 14:33

    عابر حياة - عقلان
    متناقضان



    ثريا الشهري


    الخميس ٩ مايو ٢٠١٣


    سئلت الرسامة المكسيكية
    فريدا كالو عن صبرها واحتمالها لزوجها غير المخلص، فكان جوابها: «لا يسعني إلا أن
    أحبه لما هو عليه، فلا يمكنني أن أحبه لما هو ليس عليه». وفي هذه الجزئية وليس في
    غيرها كان أن سألها زوجها دييغو عن رأيها على اعتبار أن جسده - كما في اعتقاده -
    غير مهيأ للإخلاص لامرأة واحدة، فكانت قناعة فريدا أن الولاء أهم من الإخلاص.
    فافعل ما شئت، أمّا ولاؤك فلي وحدي. ولكنه رأي لا توافق عليه غالبية النساء،
    فالخيانة بالنسبة إلى المرأة هي عقل وجسد. بعكس مفهومها في تفكير الرجل، الذي يخون
    المرأة التي يحبها «بل ويعشقها» مع نساء عدة، ولا يصله كيف لا تسامحه إن أخبرها
    أنهن مجرد نسوة عابرات في حياته، وقد يصادف إحداهن في الطريق ولا يتذكرها لأنه
    بأمانة لا يتذكرها. بالنسبة إلى المرأة هو منطق حيواني أحمق، وبالنسبة إلى الرجل
    هذا هو المنطق. ونحن هنا لا نقحم موضوع الحلال بنقيضه الحرام. فمن الجلي أنه - ومع
    كل دروس الحلال التي تلقنها الرجل وتشربها منذ صغره - إلا أنه أحل الخطيئة لنفسه
    وعدها من الفحولة والسجل العريض، ولن تجد من يؤنِّب «الفحل» الذكوري في السر، ولكن
    في العلن ستستمع إلى الناصحين ووقار صوتهم وهم يحكون عن فضيلة العفة واحتساب
    الأجر.



    يقول شكسبير: «البعض
    ترفعه الخطيئة، والبعض تسقطه الفضيلة». وهي عبارة واقعية في علاقة الرجل بالمرأة.
    فيرتفع الرجل بخطيئته إلى مراتب من اللذة والتمتّع، لا يساعده عليهما سوى التفسير
    الجاهز في عقله، يصور له المبرر ويعرضه عليه ليتصالح مع فعله، فيستمر وكل امرأة في
    حياته تظن أنها هي ولا أحد غيرها، إلى أن يقرر ذات يوم أغبر «عليه قبل غيره»
    الارتفاع بمراتب الفضيلة والضمير والاعتراف للأولى بخيانته لها مع الثانية، ندماً
    «وليس توبة» وطلباً لغفرانها، ليسقط الرجل بفضيلته كنبوءة شكسبير. فالمرأة لا تغفر
    الخيانة، وإن ادعت العكس فهي الكاذبة. لذلك هي تخدع الرجل وتوهمه أنها سامحته،
    لأنها بعد تقويمها الموقف تتجه محصِّلة حساباتها نحو الاحتفاظ بالخائن «وأحياناً
    حتى حين»، واستعادة ما كان ملكها من منافستها، ليس حباً فيه ولكن كرهاً بالأخرى،
    والتزاماً بالبيت والأبناء إن وجدا في مكان ما. أمّا الرجل الذي تحوّل قدره وصار
    هو المخدوع في القصة، فيصدِّق أنه المغفور له، لا لشيء إلا لرغبته في التصديق
    وإغلاق صندوق «وجع الرأس»، فيدفع في سبيل راحته وسذاجته ثمناً باهظاً لم يتوقعه.
    فلا أصعب من العيش مع امرأة تشك في زوجها، وانظر إلى وداعتها وهي تسترجع مع
    ذاكرتها الحديدية «تاريخك المجيد» الذي ستسرده أمامك وسط ذهولك عند أول «احتمال
    غلطة»، وطبعاً بصوتها الحنون «الجهوري».



    تقول أحلام مستغانمي على
    لسان شخصياتها: «تحاشي معي الأسئلة، كي لا ترغميني على الكذب. يبدأ الكذب حقاً
    عندما نكون مرغمين على الجواب، ماعدا هذا فكل ما سأقوله من تلقاء نفسي فهو صادق».
    فهو لا يريدها أن تعرف كي لا يجرحها، ولكنها تصر وتحاصره إلى أن يقر ويعترف، فتصدم
    وتشعر بالتعاسة وبكثير من عدم الثقة، ومن الشك فيه إلى عدم الإحساس بالأمان معه،
    وعندها تبدأ بالتخطيط لنفسها ومصلحتها، وقد توفّق إلى شيء، وقد لا تنجح إلا في
    الفشل. وعلى العموم المرأة التي تنفِّس عن غضبها آمن من أخرى غامضة لا تدري ما
    يدور في عقلها وتحجبه عنك. يقول برناردشو: «احذر من الشخص الذي لا ينتقم منك. فهو
    لم يسامحك، ولم يسمح لك أن تسامح نفسك».



    حسناً جداً، وبعد الغضب
    والتنفيس ألا نعود إلى قناعة فريدا كالو في أن ولاء الرجل لكِ أهم من إخلاص جسده!
    فلا تعيشي بعقلين متناقضين: واحد للحب، وآخر للكره وعقد المؤامرات، فإن كان رجلك
    فيه من العاطفة نحوك، ومن الصفات التي تتوافق معك، ومن الذكريات المشتركة بينكما
    ما يستحق أن تواصلي معه، «فلا تخربيها وتقعدي على تلها». فإذا هو لم يفكر في
    العواقب في وجود امرأة أخرى، فهذا هو منذ أن أصبح رجلاً، أمّا أنتِ فلك عقل يفكر
    وقلب يحب ويحن. فوظِّفي الأول وأطيعي الثاني.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف waell الأحد 19 مايو 2013 - 1:26

    عابر حياة - مجتمع وصاية


    ثريا الشهري


    الأحد ١٩ مايو ٢٠١٣


    ما الذي يدفع الإنسان
    ليكره نفسه؟ ربما خوفه من أن يكون على خطأ! أو لجُبنه عن القيام بما يجب! وأحياناً
    لضآلة نفسه في نظر نفسه لعدم اضطلاعه بما يتوقع الآخرون منه! أو لأي أمر آخر في
    الدنيا. ولو تأملنا الأسباب لاقتنعنا أنها إنما تعني ما يلحقه الآخرون بك من أذى،
    فليس كل امرئ باستطاعته إحاطة نفسه بأسوار دفاعية محصّنة بحيث يصبح من العسير
    النفاذ إليه من خلالها. هذه العملية الدفاعية تحتاج إلى قوة كافية ليكون المرء
    عليها. ومن الطبيعي أن قوى البشر تختلف وتتفاوت. ومن الطبيعي أكثر أنها أقل دفاعاً
    حين يتعلق الأمر بالمحيطين والدائرة القريبة. ومن هنا يأتي التأثر. من وصاية الآخر
    عليك وتدخّله في تفاصيل حياتك. وتبرّعه من تلقاء نفسه بإبداء آرائه فيها، وانتقاداته
    لما تفعله وتقوله. فتهتز ثقتك بنفسك، وتلومها على سلوكها وقرارها، ومن اللوم إلى
    العتاب والندم، ومنها جميعاً إلى الشعور بالضيق من نفسك، والذي لا تستبعد أن يتحول
    إلى كره هذه النفس لإحساسك بأنها خذلتك.



    طاقة الندم المدمرة تلك
    التي ترشح من الخارج إلى داخلك، لو تعمّقت فيها لوجدت أن أكثرها نابع من رغبتك في
    أن تكون عند ظن الآخرين بك، وعندما لم ينعم الغير عليك بوسام الاستحسان والتطمين،
    وزادوا في تأنيبهم لك. تضخّم في عقلك شعورك بالذنب تجاه أكثر من جهة، فيعيش
    الإنسان ويتحرك في دائرة الذنب، وما أبشعها من أيام تمضي بهذا الشعور المزعج.
    وسؤالي: لِمَ يسمح الآخر لنفسه، خصوصاً في عالمنا العربي، بالتدخّل في أخص خصوصيات
    غيره مدّعياً النصح والتوجيه؟ لم تسود ثقافة الوصاية هذه في مجتمعاتنا وبين أهلنا
    ومعارفنا؟ والمحزن أن الواحد منا مهما تخلى عما يحب ويحلم به لينال رضا الآخرين
    عنه، يظل في نظرهم المقصِّر. فهل هذا مفهومنا عن السلام؟ أن يوافق الابن مزاج
    أبويه، والصديق هوى صديقه، والموظف لون مديره. كله بالزخارف نفسها، مع أن أياً منا
    يملك صفاته التي تميّزه. ورغباته في خوض أموره بالطريقة التي يفكر بها عقله، فلِمَ
    على المجتمع أن يفرض عليه دوماً أسلوباً جماعياً في كل شيء؟ ولا يكف أن يتساءل
    لِمَ لمْ تحاكه في حياتك؟



    نحتاج إلى الشجاعة
    للتميّز عن الآخرين، والتجرّؤ للقفز فوق الحواجز المتعارف عليها. فهل المطلوب من
    كل امرئ أن يمتلك هذا القدر من الشجاعة فقط لأنه «غير»؟ لم لا يدعه الآخرون في
    حاله يخوض تجربته ونتائجها؟ فكل امرئ يتمتع بشخصية مختلفة كاختلاف بصمات الأصابع،
    لكننا لا نود أن نصدق ذلك. ثم نتساءل عن الإبداع ونتذمر من سياسة القطيع! فأي
    تناقض؟ أمّا الأكيد فهو أن قوانيننا لم توضع لتحل مشكلاتنا، ولكن لتطيل فترة
    خلافنا وحيرتنا، ومعهما تعبنا النفسي وإرهاقنا العضوي. فعلاً، بلاء الإنسان من
    الإنسان، والأجهل من هذا كله أن تجد من يجازف فيكون مختلفاً ولكن بأحط أنواع
    الاختلاف وأسخفها على وجه الأرض. على أنه يبقى اختلافاً على أي حال.



    يقول الشاعر الداغستاني
    رسول حمزاتوف: «لا تَلُمْ الحصان. لُم الطريق. فلا يمكن أن تحصل على ظل مستقيم من
    عصى معوجّة». أمّا نحن فنبذل جهدنا طوال الوقت للضغط على الظل بدل أن نجعل الطريق
    مستقيماً، فنقضي على الجميع ناسين أنهم ظلال. وهذه الطريق المعوجّة هي مجتمعك
    الفوضوي بقوانينه المعطّلة وعقوباته المتحيّزة، بفقر نوعية تعليمه وثقافته،
    وبتفاهة طموحاته وتطلّعاته، ومع ذلك كله، وعلى افتراض مثالي وغير واقعي بأن هذا
    المجتمع استفاق يوماً فوجد أن طريقه مستقيمة، وأن حاله انصلحت في أمور كثيرة، إلاّ
    أن هذا لا يعني أن من حق أحد أن يكون وصياً على أحد إن شذّ عن الطريق العام مثلاً.
    فالإنسان حرّ في الخروج عن المسار، كما أنه حرّ في تحمّل تبعات خروجه، فليس عليك
    أن توصيه على اعتبار أن عقلك أعلى مرتبة من عقله، فتشعر بأنك الأفضل المتفضِّل
    عليه. احرص فقط على سن القوانين وعقوباتها ثم دعه، مع العلم أن القوانين العرفية
    غير تلك التنظيمية، فلا يترتب على مخالفة هذه ما تستحقه مخالفة تلك!
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty رد: ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...!

    مُساهمة من طرف waell الأحد 19 مايو 2013 - 1:40

    عابر حياة - وعاد طفلاً!


    ثريا الشهري


    الأحد ١٢ مايو ٢٠١٣


    يقول باولو كويلو في إحدى
    رواياته: «يستطيع الطفل دوماً تعليم الناضجين ثلاثة أشياء، وهي: الإحساس بالسعادة
    من دون سبب، والانشغال بشيء ما، ومعرفة أن يطلب بكل قواه ما يرغب فيه». وهذا صحيح
    فالطفل لا ماضي له، وفي ذلك يعود كويلو ويقول: «إذا كان لديك ماض ولم تكن راضياً
    عنه، فانسه وتخيّل قصة جديدة لحياتك وآمن بها. احصر اهتمامك فقط باللحظات التي
    وُفقت فيها للحصول على ما تشتهيه. وهذه القوة ستساعدك على نيل ما تريد». فوفقاً
    لرأيه فإن ما هو محتوم في حياتنا ونعتقده ثابتاً، هو في الحقيقة عابر. أمّا
    الثابت، فهي العِبر التي نتعلمها من المحتوم الذي يمر بنا أو نمر به، ومن هذه
    العِبر نتعلم فضيلة الصبر في حكمنا المتأني على الأمور.



    جميل كلام كويلو، ورائعة
    تلك المعاني التي يقدمها لقارئه، ولكن تطبيقها ليس بسهولة قراءتها، وخصوصاً حين
    تبحث لأسئلة حياتك عن أجوبة، فاصعد الجبل ومن قمته سترى كل شيء صغيراً، وستنظر إلى
    السماء والأفق اللامتناهي، وستتأمل خساراتك وأحزانك على أهميتها، فتضمحل في نظرك
    لسبب لا تدري كنهه، ربما لأنك تركت كل شيء في الأسفل فصار بعيداً، أو لأنك صرت
    عالياً. على أية حال، كل انسان وله جبل يصعد إليه، وكل عمر وله همومه، ويجب أن
    نعرف متى ننتهي من مرحلة وندخل في الأخرى بكل همومها، فإذا رحّلنا الهموم القديمة
    إلى الجديدة فالوزن سيتضاعف إلى أثقل من قدرتنا على التحمّل، ثم ألم نسمع بنظرية
    الانتقاء؟ فلا بد من أن نحتفظ بأشياء ونتخلى عن أشياء، وإلاّ فسنتحدى أنفسنا
    ونستفزها، فلمَ نصر على اعتبار العابر محتوماً؟ من تعليمات السلامة في الطائرة أن
    تضع قناع الأوكيسجين أولاً، ثم تضعه لغيرك كي تنقذه. إنه المبدأ نفسه، فلا بد من
    أن تُسرع بالتخفيف من حمولتك الزائدة، لتكون مستعداً لأي شيء آخر بعده.



    هل نحب الماضي أم نكرهه؟
    الأكيد أننا إن تذكرنا بعضه فبابتسامة، وربما بحب، ولكن هذا الماضي بعينه لو عاد
    اليوم لكرهناه، وقد كان للأديب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو معنى جاء فيه أنك قد
    تحِن إلى الميت، وقد تشعر بحبك نحوه، وهذا على خلاف شعورك تجاهه وهو حي يرزق. فلم
    ذاك؟ لأن عبئه زال عنك ومعه التزامك، فتحررت في إحساسك تحرراً يشبه إحساسك بالماضي
    وكأنك تتحسر على فواته، بينما لم تكن بهذه الحماسة وأنت تعيشه، ذلك أنك اليوم
    تحررت من ضغوطه ومخاوفه، فعرفت كيف تنتقي منه، وتحِن إلى ما استقطعت بخيالك.



    ثقافتنا حجبت بظلال القلق
    والشك والخوف والروتين فرصتنا في أن نتحرر من ظلالنا ونعيش، فنطاق فهمنا محدود
    ومتدرِّج، يتسع شيئاً فشيئاً، وحين يبلغ مدى نعرف معه ما «كان» يجب علينا أن
    نعرفه، ونحن تحت وصاية الظلال، نكتشف عندها أننا ضيعنا الكثير، وسحبنا معنا
    الكثير، ولم يكن يلزم كل ما ضيعنا، ولا كل ما سحبنا و«جرّجرنا»، فنجلس على أول
    مقعد صامتين نسأل حالنا: أي جزء من الحاضر نكرهه اللحظة، ولو مرّ عليه الوقت
    لتذكرناه لاحقاً بابتسامة وحب؟ نعصر تفكيرنا لأننا نريد أن نميزه منذ اليوم،
    فلربما لا يسعفنا الزمن ونعود إليه بذكرياتنا عنه، ولنتخيل أن نتبنّى في هذا الوضع
    المرتبك فلسفة الطفل! فنكون سعداء بلا مبرر، بينما نحن مشغولون ومصرون على اكتشاف
    ما يستحق حبنا واحتوائنا، مما يهدر وقتنا وطاقتنا، وهو متنكِّر وسط الظلال!



    الحياة أقصر من ماض
    نكدِّس فيه الأشياء، ومستقبل نكدِّس فيه المزيد، ولو انتقيت وبأمانة من بين هذا
    الخزين المكدّس لعثرت على عدد محدود جداً من ذكريات تخطفها فتقفل عليها في صندوقك،
    أمّا بقية «العفش» فمجرد خردة مكانها النفايات، فلم هذا المخزن المتنقِّل في عقلك
    تأخذه معك أينما ذهبت وارتحلت؟ نظِّف مخزنك مما علُق به حتى لا تتعثر يوماً بقطعة
    مهملة فتقع وتقضي عليك، فلربما كانت في بعض التنظيف حياتك، حين تنعتق روحك من
    ظلالها، ولا تكن ممن تزداد تعاسته كلما استطاع الشعور بسعادة أكبر، أو فلنقُل
    «براحة أكبر» بعد حملة الجرد التي شنّها على مخزونات عقله وذكرياته.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ثريا الشهري /عابر حياة - فلا بأس ...! - صفحة 3 Empty عابر حياة - عندما كنت صغيراً

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 21 مايو 2013 - 2:34



    عابر حياة - عندما كنت صغيراً

    ثريا الشهري

    الثلاثاء ٢١ مايو ٢٠١٣


    كتبت أكثر من مرة عن الطرب العربي الأصيل، فسألني أحد القراء عن الأغاني الأجنبية إن كنت أستمع إليها. ولا أعتقد أن القارئ يعنيه كثيراً أن يتعرّف على مزاج الكاتب، إلا بمقدار ما يخاطبه هذا المزاج ويشترك معه. وعليه، فلنتذوق معاني أغنية الستينات القديمة وعنوانها «بالأمس، عندما كنت صغيراً». وإن حصل وبدافع الفضول واللحن المؤثر في زمن اختفت فيه بصمة النغمات، أن بحث القارئ عن الأغنية، فليسمعها بصوت المغني شارل أزنافور، لأنه أجمل من تعاقب على غنائها. وإن أجادت بشدوها وكعادتها المغنية شيرلي باسي بنبرتها المميزة، ولكن يظل صوت أزنافور في هذه الأغنية بالذات، أعمق من صوتَي باسي وألتون جون فيها. وعلى رغم أن مغزى الكلمات قد يفقد جزءاً من حكمتها مقارنة بلغتها الأصلية، ولكن لندع الترجمة تقرِّب إلى القارئ شيئاً من عذوبتها. فماذا تقول أغنيةYesterday, when I was young

    «بالأمس عندما كنت صغيراً، كان طعم الحياة حلواً كما لسعة زخات المطر على لساني. وكنت أمازح الحياة وأغيظها وكأنها لعبة حمقاء. وكنت أحلم بآلاف الأحلام. وأخطط لأروع الأشياء. وكنت دائماً أبني، وللأسف كما البناء على الرمال. وكم عشت بصحبة الليل، وحجبت عني نور النهار العاري! لأصحو فإذا بالسنين مرت وعدت. عندما كنت صغيراً، كثير من الأغاني انتظرت غنائي. وكثير من المتع العنيدة كانت في الصندوق أمامي. تماماً كما الآلام التي كانت هناك، ولكن عيوني المنبهرة بما حولها لم تكن لتراها. ركضت... ركضت بسرعة حتى نفد مني الوقت والشباب. ركضت ولم أتوقف لأفكر في الحياة وماذا تعنيه. عندما كنت صغيراً، كان القمر لونه أزرق. وكل يوم مجنون يأتي بشيء جديد ومجنون مثله. فأعيشه وكأن عمري مثل العصا السحرية أفعل به ما أشاء. فلم أرَ الفراغ والفناء وهما يقبعان خلفه. حتى لعبة الحب لكم كان يحلو لي أن ألعبها بكبرياء وغرور! فما أن أضيء شعلة حتى أطفئها خطفاً. والآن على ما يبدو حتى الأصدقاء قد تلاشوا. ولم يبقَ غيري على الخشبة لإنهاء المسرحية. وكثير من الأغاني التي في داخلي ستظل بلا غناء. فاليوم لا أشعر إلا بطعم الدموع ومرارتها على لساني. لقد أتى وقتي لأدفع ثمن أمسي».

    يعزّ على الإنسان أن يغادر مرحلة الشباب. خصوصاً إن كان رحيله عنها بانتصارات متواضعة. وحتى النصر لو جاء بعد صعوبة شاقة، فإنه يأتي ومعه الإحساس بالمرارة. فلا يعود يفهم المرء شعوره!! فها هو يحصل على مبتغاه، فماذا دهاه؟ ذلك أن المعاناة المرهقة من شأنها تضليل إحساسك بالفرح والزهو. فيتولد من ذلك ما شئت من مجموعة الأحاسيس المختلطة. وكما كلمات الأغنية: ركضت بسرعة حتى نفد مني الوقت والشباب. وربما معهما الإحساس بالانتصار. ومن «زود» وصاية مجتمعنا على أفراده لا يسمح لهم بالعيش مع أنفسهم وشخصياتهم الحقيقية بسلام، فيتقنّع الناس بأقنعة ليست لهم. وعندما يضيقون ذرعاً بها لا يكون سنهم ولا مكانهم ولا جسدهم بوضع يفسح لهم بالتعويض. وحتى لو صار، فالأكيد أن طعم الأشياء يكون قد تبدّل مذاقه. ورقصة الصغير ليست كما رقصة الكبير.

    لا نكاد نتغلب على عيوبنا وتفاصيل دنيانا المتشعبة حتى تتحدانا أمور لاحقة بالغة الأهمية، فنستعد لها، ونجتازها ولكن منهكين ولا شك. ومن تحدٍّ إلى آخر. ومن موجة إلى أخرى. ونحن متشبثون بالمركب نحاول ألا نغرق. فننسى في رحلة الصمود أغنيتنا التي كنا ندندن بها ونحن صغار لا نزال على «الشط». وربما في هذا النسيان يكمن خطؤنا الذي لم نفكر به على أنه خطأ. ولكنه كذلك. فمن يرغب في إنهاء المسرحية وحيداً محبطاً بلا أغنية؟ على أن من الأمانة التنويه إلى أن المراهقة يجوز أن تطل على حياة المرء بزيارة ثانية، غير أن الشباب ليس له سوى زيارة واحدة. أمّا المربك حقاً فهو أن يسخر الواحد منّا من تصرفات المراهق وينتقدها في أحكامه المسبقة، ثم لا يجد غضاضة في الإتيان بأكثر طيشاً منها. فلِمَ الإصرار على أغنية الأمس بأسلوبنا بالأمس؟ ومن قال إن أغنيتنا لا تغنّى إلا كالأمس..؟! فذاك بالأمس.

    suraya@alhayat.com

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل 2024 - 13:33