اعزائي ارجو ان يتسع صدركم لقراءة هذه النافذة التي تطل علينا من عبر تاريخ مقدارة الف سنة ..لنقرا ونتعرف على معنى الفروسية عند المسلمين من خلال تتبعكم لسيرة الفارس الشاعر والشاعر الفارس ابو فراس الحمداني في ذلك العهد الذي يعتبر عهد النهضة الاسلامية ..زمن الفروسية والنضال ضد هجمات الروم والفرس على المسلمين قاطبة وكيفية مواجهتها رغم قلة العدد والعتاد..سأقوم بنشرها تباعا حتى لا تملوا من القراةة ولو اني على يقين تام ان محبي التاريخ والفرسان منكم سيستمتعوا ايما استمتاع بما يلي...
من هم الحمدانيون؟
الحمدانيون الذين منهم اميرهم وفارسهم ابو فراس الحمداني بدأ نجمهم يسطع حيث خبا نجم العباسين وغلب المركز (بغداد) على امره وأصبح مسرحا لكل طامع من الترك والديلم (بلاد الديلم او بلاد ديلان الواقعة في الدنوب الغربي من شاطئ بحر الخزر وقصبتها روزبار) يسيطر عليه قوادهم بل خدمهم ، ولم يعد الخليفة العباسي سوى لعبة حقيرة تتقاذفها ايدي الاماء، والخدم بتشجيع من هؤلاء القواد احيانا وبتدخل مباشر مهم احيانا اخرى فهم الذين ينصبون الخليفة العربي المسلم اذ كانت امه تركية او ديلمية..وهم الذين يخلعونه اذا انسوا منه بقية من نخوة عربية او حمية اسلامية او ثأرا لكرامة مهدورة .ويأتون بغيره ذا ايقنوا من هذا غفلة او جهالة او ضعفا او ميلا للخنوع والمجون والاستسلام او في الاكثر مقدرة على جباية الاموال لهم باسمه..
كانت هكذا تقوم الدويلات في الاقاليموكان اكثر اراها وملوكها من غير العرب كبنى بويه الديلميين في الري الذين تحكموا بمصائر خمسة خلفاء عباسين هم المستكفي والمطيع والطائع والقادر والقام ومن دهائمهم انهم كانوا يخطبون باسمهم وقامت دويلة القرامطة في عمان والبحرين واليمامة وبادية البصرة .زف الاندلس امتد سلطان بني امية على لاسواحل الاسبانية بقيادة عبد الرحمن الناصر او ا لداخل ولقب بأمير المؤمنين وهو لقب الخليفة اعلانا لاستقلاليته عن بغداد واستهتارا بذلك الخليفة العباسي الذي لم يعد اهلا لهذا اللقب بعد ان انقلب دمية بيد الاتراك والديالمة وسواهم (حتى ان بعض العباسيين الخلفاء بلغ فيهم الخوف والهوان درجة لم يجرؤوا معها من البقاء في بغداد كالمتقي مثلا ..)
وكالفطر كانت تنبت الدويلات في القرن الرابع الهجري فهذه دويلة العبيد في افريقيا تنبت على انقاض الاغالبة والادارسة وعلى رأسهم احد مؤسسيها اسماعيل بن منصور الذي خذا حذو عبد الرحمن الداخل في الاندلس فاستقل عن بغداد ولقب بأمير المؤمنين.
وهذه دويلة الاخشيدين تقوم في مصر والشام برئاسة اميرهم انوجور بن محمد الاخشيد لكن هؤلاء لم يستقلوا عن بغداد ولو صوريا ل ظلوا يخطبون على منابرهم باسمالخليفة العباسي ..اما الدويلة او الامارة العربية الصرف فكانت في الموصل او الجزيرة الفراتية بقيادة الامير العربي ناصر الدولة الحسن بن عبدالله بن حمدان الشيباني الذي لم ينفصل بدوره عنبغداد وبقي يخطب للخليفة وهو ااخو سيف الدلة علي بن عبد الله بن حمدان الشيباني الذي استقل بامارة حلب وثغورها ( اي حدوها وكانت قرى وقلاعا متاخمة شمالا لبلاد الروم اليزنطية (تركيا اليوم) وكانت كلها في حوزة سيف الدولة بالاضافة الى حلب وديار بكر).وظل اخيه يخطب باسم الخليف..
وناصر الدولة هو الذي فتك بعمه سعيد والد ابي فراس بعد ان ارتاب في ولائه وكان شاعرنا يوم فقد اباه في الثالة من عمره فنزحت به امه الى حلب فاحتضنه ابنعمه سيف الدولة اخو ناصر الدولة وتكفل بتربيته وتنشئته واصهر له...اي تزوج اخت الامير الفارس ابو فراس الحمداني.
جو حربي فروسي مثير:
لم يكن منتظرا وقد خبت الشعلة العربية في بغداد وبهت وميض النخوة العربية من زمان أن يقوم من بين الدويلات الهجينة دويلة عربية صرف ..لا تزال سيوفها بأيد عربية لابطال عرب لا يكتفي قائدهم بإمارة مسكينة مستكينة قانعة يأتيها رزقها من خراج بعض الدساكر والقرى التباعة لها كامرة بد بن عمار في طبريا او امارة ابي العشار الحمداني في انطاكية اقصى مطامحها اغارات وغزوات داخلية ومصادرات ..بل كان لسيف الدلة همة من نوع اخر ادنى مطامحها اغلاها عند غيره..لا يقنع ولا ينام علىضيم وبعد كل هزيمة تراه امضى سلاحا واشد رغبة في التقحم والمغامرة يدفعه دائما ذلك الشعور بالانتماء الى امة كانت خير امة اخرجت للناس الى جانب شعور الفارس بأن عليه ان يغزو ويصارع ويسلب وينهب على الدوام شيمة الالى من اجداده التغليين وبني تميم وشيبان فيحقق مجد الفرسان ولغيره ان ينام او يحقق مجد اللئام..
في سنة 337 هـ سار سيف الدولة بنفسه الى بلاد الروم بجيش ضئيل فاجأته جيوش ..لكن الفارس الاصيل لا ينهزم ..او يُهزم ولا ثالث لهما..
وتدور معركة غير متكافئة يُهزم فيها سيف الدولة ويستولي الروم على مرعش ، ويوقعون بأهل طرسوس .زلكن الفارس العربي يتلقى الصفعة ليرها في العامالتالي نصر كبيرا يوغل معه في عمق بلاد الروم..غير انه لم يحسب حساب العودة وما ينتظره عن\ها من مفاجآت العدو الذي كمن له في المضايق ..ودارت معركة ..لم ينج فيها سوى سيف الدولة ونفر قليل من جنده وذهب الباقون بين قتيل واسير وتائه..واسترد الروم الغنائم والسبي كما غنموا أثقاف المسلمين وأموالهم ..وفي سنة 341 هـ اكتسح الروم مدينة سروج وسبوا اهلها وهدما مساجدها..
صفعات ثلاث متتالية لم يطق امير حلب احتالها فأعد العدة لجولة رابعة مع الروم بدأها سنة 343 هـ فغزا البلاد الرومية غزو منتقم...وكان النصر حليفه هذه المرة.. قتل في لمعركة قسطنطين بن الدمستق : قيصر بيزنطه آنذاك فشق مقتله على ابيه فراح الاب يجمع عساكره من الروم والروس والبلغار ليزحف بهم على الثغور الاسلامية التقى الجمعان عند قلعة الحدث وكان سيف الدولة يتابع اكمال بنائها فاشتد القتال وصبر المسلمون وصابورا على قلتهم وكان سيف الدولة يثير في نفوسهم النخوة والشجاعة ويتقدمهم في شق صفوف الاعداء
حتى انكشف للروم فأعمل المسلمون السيف في رقابهم الى ان قتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا صهر الدمستق وابن بنته وكثيرا من بطارقته...
وفي سنة 345 هـ زحف سيف الدولة بجيش قليل لكنه مدرب وخال من المرتزقة على عكس جيوش الروم الخليطة وصل حتى خرشنة وفتح عدة حصون ثم رجع الى أظنه فأقام بها الى ان جاءه رئيس طرسوس فخلع عليه وأعطاه مالا كثيرا ثم قفل راجعا الى حلب..
ما ان سمع الروم بما فعل سيف الدولة حتى جمعوا له الجموع وساروا الى ميافرقين بديار ربيعة فأحروا سوادها ونهبوها وأوقعوا بأهلها وقتلوا من رجالها 1800 رجل كما احرقوا القرى امجاورة ..لكن سيف الدولة كان لهم بالمرصاد فكر عليهم سنة 349 هـ وبلغ خرشنة مرة ثانية وفتح حصونا لهم عديدة دون ان يؤمن كالعادة سلامة العودة الامر الذي كان يقلب النصر الى هزيمة في أغلب الاحيان..
وكانت نهاية صراعه الدامي وجهاده المتواصل ان انهكت الحروب قواه وارهق جيشه الضئيل ومل المسلمون الجهاد معه فسهل على الروم اخيرا ان يدخلوا حلب سنة 351هـ فخرج منها سيف الدولة منهزما بعد ان قتل اكثر اهل بيته وظفر الدمستق بأموال الامير وكنوزه وأسلحه وصيح بداره نبها وحرقا وسبيا
ومهما يكن من امر سيف الدولة وهزائمه المتواصلة امام الروم الا انه كان الامير الوحيد تقريبا الذي يتصدى لهم ويقع فيهم ويحتل اكثر ثغورهم وبعدهم ما استطاع عن الديار الاسلامية..وقد ظل يجاهد الروم ويصارعهم بين كر وفر نيفا وستين عاما..في حين كان امراء الدويت الاسلامية الاخرى في شبه غيبوبة..وحين يستفيقون ..لا يرون سوى سيف الدولة الحمداني..يقاتلونه ويضعفون مؤخرة جيوشه ام العدو المشترك ..اما الروم فلا يكادون يعرفون عنهم شيئا.. الا حين تطأ سنابك خيولهم ديارهم وتبقر حرابهم بطون نسائهم وأطفالهم..
__________________
وابو فراس اين موقعه بين كل هذه الاحداث الجسام؟
مما لا شك فيه ان ابا راس كان فارس الميدان العربي وم القواد القلائل الذين اختارهم سيف الدلة ووثق بهم..ودربهم على الفروسية وملحقاتها..لا سيما وهو من خاصة انسباء الامير وابن عمه وشقيق زوجته وحين شب جعله على رأس مقاتليه..وأعطعه ولاية منبج فبنى فيها داراله ولآمه..وكان طبيعيا ان يخصه ابن عمه بعطف خاص حتى تساوى ابو فراس بذلك معاب سيف الدولة الاكبر ابي المعالي شريف ..ففضلا عما بدر من ابي فراس من اخلاص ووفاء وتفان..وما لاح عليه من سمات شاعرية اصيلة ومبكرة.. تباهى بها على المتنبي وتحداه حتى ان ابا الطيب فيما روي ، كان يتحاشاه..ويتوجس من مناظرته الى جانب ادب رفيع ولغة سليمة وشمائل فروسية عالية كان امير حلب معجبا بها..
في الفرسان الشعراء العرب متذوقا لها اذ كان هو اديبا وشاعرا ولغويا الى حد كبير ناهيك بالفروسية والمغامرة واباء الضيم وحب الغزو والمدافعة التي كان يتميز بها هذاالامير العربي ..ودع عنك ما نسب اليه من التهور وحب التفرد بالرأي.. وعدم احترام رأي مستشاريه من واده وأخذ اقرب الناس بالظنة وتصديق الوشاة والحساد اى درجة الفتك بأخلض الخلصاء ( يقول المستشرق آدم متز في كتابه : الحضارة لاسلامية في القرن الرابع الهجري او عصر النهضة في الاسلام: لم يظهر احد من الحمدانين بشئ من الفروسية والاعمال العظيمة الا سيف الدولة.زعلى ننا نلاحظ انه كان فيحربه مع الروم يقع دائما في نفس الفخ ...ولذلك يقول ابو الفدا: " وكان سيف الدولة معجبابنفسه يحب ان يستبد لا يشاور احد لئلا يقال انه اصاب برأي غيره وكثيرا ما صب القائدان التركيان توزون وبجكم على رأسه الهزائم".
كل هذه النقائض ليست نقائض اذا ما قيست بمقياس العصر ، والوضع الخاص ومفهوم القيم الفروسية القديم..والشمائلا لبدوية عند العرب الاقحاح: كالاعتماد على النفس،والتفرد او التوحش (اي عدم الاستئناس بالناس وبرأيهم) والتسرع في الاقتحام والغزو. والاسراع في حسم الموقف بالقتل او الاسر دون رحمو والاعجاب بالنفس الى درجة الغلو والمكابرة والتعفف عن السلب والمله (تشويه جثث العدو بعد قتله) وادعاء اللشاعرية ورقة الاحساس الى ماهنالك من صفات وشمائل ( سأقوم بشرح مفهوم الفروسية والبطولة عندالعرب تحت عنوان الفتوة.. ) قد ننكر اكثرها اليوم ولكنها في عصور الفروسيات والبطولات الفردية تعتبر من المقدسات ومن ايات البطولة والشرف..
__________________
لنحاول معا ان نتعرف على ما هيه الفارس (دراسة شارك بها الاستاذ جمال النجار)
جرى العرف على اطلاق تلك الكلمه على نوعيه خاصه من المقاتلين
فلكى يترقى المقاتل الى رتبه فارس كان حتما عليه ان يبرع فى القتال واستخدام السيف وان يبرع ايضا فى ركوب الخيل
فالفرسان هم القوة الضاربه السريعه فى الجيوش
وكانت قوة الجيش تقاس بكم الفرسان به
ثم تطور المعنى فقد كان الكثير من القتله والسفاحين يشاركون الفرسان براعتهم فى القتال وركوب
فتم تمييز الفرسان بانهم تلك الفئه التى نذرت قوتها وبراعتها فى نصرة قضيه الحق والعدل وامتازوا بالشرف فى القتال وكانت رتبه الفارس تسقط عنه اذا تخلى عن الشرف فى القتال فكان يحرم على الفارس ان يتعرض لامراة او جريح او طفل صغير او شيخ كبير
وكان الفارس مطالبا دائما ان تكون قوته وبراعته لنجدة المحتاج ودفع الظلم
اى ان القوة والبراعه كان يجب ان تكون مرتبطه بالشرف
شراسه فى القتال وعطف ولين فى غيره
ومع تطور وسائل القتال واختفاء السيوف والخيل من ميادين القتال انتقلت صفه الفرسان لتكون من حق رجال المدرعات ( الدبابات ) بعد ان اصبحوا هم القوة الضاربه السريعه فى الجيوش
فاذا اعدنا استعراض التاريخ
وحكمنا صفات الفرسان من شرف ونبل وتسخير قوتهم وبراعتهم لنصرة قضيه الحق والخير والعدل
سجل التاريخ يمتلىء بالسفاحين واللصوص والقتله الذين لا يمكن باى حال ان نصفهم بالفرسان رغم براعتهم فى القتال وانتصاراتهم العسكريه المدويه
فجانكيز خان لا يمكن نسبه الى الفرسان رغم براعته وانتصاراته الكبيرة
وكل جيوش الرومان رغم انتصارااتها التى جعلت روما تسود العالم القديم لالف عام لا يمكن ان تنسب اليهم صفه الفرسان
بينما نجد الاسكندر المقدونى يقف شامخا فى رحاب عالم الفرسان فقد كانت قضيته نشر العلم والثقافه ونمحاوله توحيد العالم فى دوله واحدة للقضاء على الحروب والظلم الذى ساد عصره
وينازعه فى الفروسيه هانيبال ذلك القائد القرطاجنى الشهير الذى قاد قواته لمحاربه روما لمنعها من القضاء على وطنه ورغم هزيمته فى النهايه الا انه يقف شامخا فى عالم الفرسان
والمدهش والغريب ان تاريخ امه العرب يقف شامخا فى قمه عالم الفرسان فصفه الفرسان كان اكبر تجسيد لها هو تلك الجيوش العربيه التى انطلقت تحمل رايه الاسلام ومعها قيم العدل والمساواه والحريه الى العالم
لقد كان فرسان الجيوش الاسلاميه هم اروع وادق واكمل تجسيد لكلمه الفرسان
بينما كانت الجويش الفارسيه والرومانيه هى اوضح تجسيد للقتله والسفاحين فى التاريخ القديم
فاذا انتقلنا الى التاريخ الحديث نجد الجيش الالمانى رغم براعه رجال المدرعات به فالالمان هم ابرع من استخدم الدبابات
كان ذلك الجيش عصابه من السفاحين والقتله فقد كانت قوتهم وبراعتهم فى خدمه قضيه عنصريه بغضيه تعلى شا، الجنس الارى فوق جميع البشر
وفى تاريخ مصر القريب يقف الزعيم المصرى ورجاله على قمه عالم الفرسان
واسمحوا لى ان اخص منهم الاميرالاى محمد عبيد
وفى عصرنا الحديث تاتى العصابات الصهيونيه فى اسرائيل لتكون اكمل وادق تجسيد للسفاحين المجرمين القتله رغم براعتهم فى استخدام المدرعات
بينما يقف الفريق سعد الدين الشاذلى شامخا نبيلا فى قمه الفرسان رغم انه لم يكن من رجال المدرعات
بينما لا يمكن ان نناقش الجيش الامريكى فهو جيش من القتله والسفاحين ولم يقترلاب يوما من قضيه العدل والخير والحق فهو جيش من السافحين القتله دائما يقف بجانب الظلم يسانده
وهو جيش بلا شرف
مما سبق يتضح ان هناك عدة صفات يمتاز بها الفرسان
البراعه فى القتال واستخدام معدات القتال
النبل فى القتال
الحرص على الشرف فى القتال
ان كل جهود الفارس وبراعته مسخرة لخدمه قضيه العدل والخير والحق
ان الفارس لا يعمل لصالح نفسه بل لصالح الاخرين
فهو يضحى بحياته من اجل الاخرين
ان الفارس لا يخشى فى الحق لومه لائم
وصفه لافروسيه هى صفه اصيله فى الانسان
فهناك اناس مهوبون
هم فرسان بالفطرة
ولكنها ايضا صفه يمكن اكتسابها بترويض النفس على الشرف والامانه والنبل والرقى والعطاء ومجاهدة النفس لترتقى فوق الضعف البشرى
اتمنى الا اكون قد اطلت عليك
نلتقى فى رحاب عالم الشعراء
يتبع::
من هم الحمدانيون؟
الحمدانيون الذين منهم اميرهم وفارسهم ابو فراس الحمداني بدأ نجمهم يسطع حيث خبا نجم العباسين وغلب المركز (بغداد) على امره وأصبح مسرحا لكل طامع من الترك والديلم (بلاد الديلم او بلاد ديلان الواقعة في الدنوب الغربي من شاطئ بحر الخزر وقصبتها روزبار) يسيطر عليه قوادهم بل خدمهم ، ولم يعد الخليفة العباسي سوى لعبة حقيرة تتقاذفها ايدي الاماء، والخدم بتشجيع من هؤلاء القواد احيانا وبتدخل مباشر مهم احيانا اخرى فهم الذين ينصبون الخليفة العربي المسلم اذ كانت امه تركية او ديلمية..وهم الذين يخلعونه اذا انسوا منه بقية من نخوة عربية او حمية اسلامية او ثأرا لكرامة مهدورة .ويأتون بغيره ذا ايقنوا من هذا غفلة او جهالة او ضعفا او ميلا للخنوع والمجون والاستسلام او في الاكثر مقدرة على جباية الاموال لهم باسمه..
كانت هكذا تقوم الدويلات في الاقاليموكان اكثر اراها وملوكها من غير العرب كبنى بويه الديلميين في الري الذين تحكموا بمصائر خمسة خلفاء عباسين هم المستكفي والمطيع والطائع والقادر والقام ومن دهائمهم انهم كانوا يخطبون باسمهم وقامت دويلة القرامطة في عمان والبحرين واليمامة وبادية البصرة .زف الاندلس امتد سلطان بني امية على لاسواحل الاسبانية بقيادة عبد الرحمن الناصر او ا لداخل ولقب بأمير المؤمنين وهو لقب الخليفة اعلانا لاستقلاليته عن بغداد واستهتارا بذلك الخليفة العباسي الذي لم يعد اهلا لهذا اللقب بعد ان انقلب دمية بيد الاتراك والديالمة وسواهم (حتى ان بعض العباسيين الخلفاء بلغ فيهم الخوف والهوان درجة لم يجرؤوا معها من البقاء في بغداد كالمتقي مثلا ..)
وكالفطر كانت تنبت الدويلات في القرن الرابع الهجري فهذه دويلة العبيد في افريقيا تنبت على انقاض الاغالبة والادارسة وعلى رأسهم احد مؤسسيها اسماعيل بن منصور الذي خذا حذو عبد الرحمن الداخل في الاندلس فاستقل عن بغداد ولقب بأمير المؤمنين.
وهذه دويلة الاخشيدين تقوم في مصر والشام برئاسة اميرهم انوجور بن محمد الاخشيد لكن هؤلاء لم يستقلوا عن بغداد ولو صوريا ل ظلوا يخطبون على منابرهم باسمالخليفة العباسي ..اما الدويلة او الامارة العربية الصرف فكانت في الموصل او الجزيرة الفراتية بقيادة الامير العربي ناصر الدولة الحسن بن عبدالله بن حمدان الشيباني الذي لم ينفصل بدوره عنبغداد وبقي يخطب للخليفة وهو ااخو سيف الدلة علي بن عبد الله بن حمدان الشيباني الذي استقل بامارة حلب وثغورها ( اي حدوها وكانت قرى وقلاعا متاخمة شمالا لبلاد الروم اليزنطية (تركيا اليوم) وكانت كلها في حوزة سيف الدولة بالاضافة الى حلب وديار بكر).وظل اخيه يخطب باسم الخليف..
وناصر الدولة هو الذي فتك بعمه سعيد والد ابي فراس بعد ان ارتاب في ولائه وكان شاعرنا يوم فقد اباه في الثالة من عمره فنزحت به امه الى حلب فاحتضنه ابنعمه سيف الدولة اخو ناصر الدولة وتكفل بتربيته وتنشئته واصهر له...اي تزوج اخت الامير الفارس ابو فراس الحمداني.
جو حربي فروسي مثير:
لم يكن منتظرا وقد خبت الشعلة العربية في بغداد وبهت وميض النخوة العربية من زمان أن يقوم من بين الدويلات الهجينة دويلة عربية صرف ..لا تزال سيوفها بأيد عربية لابطال عرب لا يكتفي قائدهم بإمارة مسكينة مستكينة قانعة يأتيها رزقها من خراج بعض الدساكر والقرى التباعة لها كامرة بد بن عمار في طبريا او امارة ابي العشار الحمداني في انطاكية اقصى مطامحها اغارات وغزوات داخلية ومصادرات ..بل كان لسيف الدلة همة من نوع اخر ادنى مطامحها اغلاها عند غيره..لا يقنع ولا ينام علىضيم وبعد كل هزيمة تراه امضى سلاحا واشد رغبة في التقحم والمغامرة يدفعه دائما ذلك الشعور بالانتماء الى امة كانت خير امة اخرجت للناس الى جانب شعور الفارس بأن عليه ان يغزو ويصارع ويسلب وينهب على الدوام شيمة الالى من اجداده التغليين وبني تميم وشيبان فيحقق مجد الفرسان ولغيره ان ينام او يحقق مجد اللئام..
في سنة 337 هـ سار سيف الدولة بنفسه الى بلاد الروم بجيش ضئيل فاجأته جيوش ..لكن الفارس الاصيل لا ينهزم ..او يُهزم ولا ثالث لهما..
وتدور معركة غير متكافئة يُهزم فيها سيف الدولة ويستولي الروم على مرعش ، ويوقعون بأهل طرسوس .زلكن الفارس العربي يتلقى الصفعة ليرها في العامالتالي نصر كبيرا يوغل معه في عمق بلاد الروم..غير انه لم يحسب حساب العودة وما ينتظره عن\ها من مفاجآت العدو الذي كمن له في المضايق ..ودارت معركة ..لم ينج فيها سوى سيف الدولة ونفر قليل من جنده وذهب الباقون بين قتيل واسير وتائه..واسترد الروم الغنائم والسبي كما غنموا أثقاف المسلمين وأموالهم ..وفي سنة 341 هـ اكتسح الروم مدينة سروج وسبوا اهلها وهدما مساجدها..
صفعات ثلاث متتالية لم يطق امير حلب احتالها فأعد العدة لجولة رابعة مع الروم بدأها سنة 343 هـ فغزا البلاد الرومية غزو منتقم...وكان النصر حليفه هذه المرة.. قتل في لمعركة قسطنطين بن الدمستق : قيصر بيزنطه آنذاك فشق مقتله على ابيه فراح الاب يجمع عساكره من الروم والروس والبلغار ليزحف بهم على الثغور الاسلامية التقى الجمعان عند قلعة الحدث وكان سيف الدولة يتابع اكمال بنائها فاشتد القتال وصبر المسلمون وصابورا على قلتهم وكان سيف الدولة يثير في نفوسهم النخوة والشجاعة ويتقدمهم في شق صفوف الاعداء
حتى انكشف للروم فأعمل المسلمون السيف في رقابهم الى ان قتلوا منهم مقتلة عظيمة وأسروا صهر الدمستق وابن بنته وكثيرا من بطارقته...
وفي سنة 345 هـ زحف سيف الدولة بجيش قليل لكنه مدرب وخال من المرتزقة على عكس جيوش الروم الخليطة وصل حتى خرشنة وفتح عدة حصون ثم رجع الى أظنه فأقام بها الى ان جاءه رئيس طرسوس فخلع عليه وأعطاه مالا كثيرا ثم قفل راجعا الى حلب..
ما ان سمع الروم بما فعل سيف الدولة حتى جمعوا له الجموع وساروا الى ميافرقين بديار ربيعة فأحروا سوادها ونهبوها وأوقعوا بأهلها وقتلوا من رجالها 1800 رجل كما احرقوا القرى امجاورة ..لكن سيف الدولة كان لهم بالمرصاد فكر عليهم سنة 349 هـ وبلغ خرشنة مرة ثانية وفتح حصونا لهم عديدة دون ان يؤمن كالعادة سلامة العودة الامر الذي كان يقلب النصر الى هزيمة في أغلب الاحيان..
وكانت نهاية صراعه الدامي وجهاده المتواصل ان انهكت الحروب قواه وارهق جيشه الضئيل ومل المسلمون الجهاد معه فسهل على الروم اخيرا ان يدخلوا حلب سنة 351هـ فخرج منها سيف الدولة منهزما بعد ان قتل اكثر اهل بيته وظفر الدمستق بأموال الامير وكنوزه وأسلحه وصيح بداره نبها وحرقا وسبيا
ومهما يكن من امر سيف الدولة وهزائمه المتواصلة امام الروم الا انه كان الامير الوحيد تقريبا الذي يتصدى لهم ويقع فيهم ويحتل اكثر ثغورهم وبعدهم ما استطاع عن الديار الاسلامية..وقد ظل يجاهد الروم ويصارعهم بين كر وفر نيفا وستين عاما..في حين كان امراء الدويت الاسلامية الاخرى في شبه غيبوبة..وحين يستفيقون ..لا يرون سوى سيف الدولة الحمداني..يقاتلونه ويضعفون مؤخرة جيوشه ام العدو المشترك ..اما الروم فلا يكادون يعرفون عنهم شيئا.. الا حين تطأ سنابك خيولهم ديارهم وتبقر حرابهم بطون نسائهم وأطفالهم..
__________________
وابو فراس اين موقعه بين كل هذه الاحداث الجسام؟
مما لا شك فيه ان ابا راس كان فارس الميدان العربي وم القواد القلائل الذين اختارهم سيف الدلة ووثق بهم..ودربهم على الفروسية وملحقاتها..لا سيما وهو من خاصة انسباء الامير وابن عمه وشقيق زوجته وحين شب جعله على رأس مقاتليه..وأعطعه ولاية منبج فبنى فيها داراله ولآمه..وكان طبيعيا ان يخصه ابن عمه بعطف خاص حتى تساوى ابو فراس بذلك معاب سيف الدولة الاكبر ابي المعالي شريف ..ففضلا عما بدر من ابي فراس من اخلاص ووفاء وتفان..وما لاح عليه من سمات شاعرية اصيلة ومبكرة.. تباهى بها على المتنبي وتحداه حتى ان ابا الطيب فيما روي ، كان يتحاشاه..ويتوجس من مناظرته الى جانب ادب رفيع ولغة سليمة وشمائل فروسية عالية كان امير حلب معجبا بها..
في الفرسان الشعراء العرب متذوقا لها اذ كان هو اديبا وشاعرا ولغويا الى حد كبير ناهيك بالفروسية والمغامرة واباء الضيم وحب الغزو والمدافعة التي كان يتميز بها هذاالامير العربي ..ودع عنك ما نسب اليه من التهور وحب التفرد بالرأي.. وعدم احترام رأي مستشاريه من واده وأخذ اقرب الناس بالظنة وتصديق الوشاة والحساد اى درجة الفتك بأخلض الخلصاء ( يقول المستشرق آدم متز في كتابه : الحضارة لاسلامية في القرن الرابع الهجري او عصر النهضة في الاسلام: لم يظهر احد من الحمدانين بشئ من الفروسية والاعمال العظيمة الا سيف الدولة.زعلى ننا نلاحظ انه كان فيحربه مع الروم يقع دائما في نفس الفخ ...ولذلك يقول ابو الفدا: " وكان سيف الدولة معجبابنفسه يحب ان يستبد لا يشاور احد لئلا يقال انه اصاب برأي غيره وكثيرا ما صب القائدان التركيان توزون وبجكم على رأسه الهزائم".
كل هذه النقائض ليست نقائض اذا ما قيست بمقياس العصر ، والوضع الخاص ومفهوم القيم الفروسية القديم..والشمائلا لبدوية عند العرب الاقحاح: كالاعتماد على النفس،والتفرد او التوحش (اي عدم الاستئناس بالناس وبرأيهم) والتسرع في الاقتحام والغزو. والاسراع في حسم الموقف بالقتل او الاسر دون رحمو والاعجاب بالنفس الى درجة الغلو والمكابرة والتعفف عن السلب والمله (تشويه جثث العدو بعد قتله) وادعاء اللشاعرية ورقة الاحساس الى ماهنالك من صفات وشمائل ( سأقوم بشرح مفهوم الفروسية والبطولة عندالعرب تحت عنوان الفتوة.. ) قد ننكر اكثرها اليوم ولكنها في عصور الفروسيات والبطولات الفردية تعتبر من المقدسات ومن ايات البطولة والشرف..
__________________
لنحاول معا ان نتعرف على ما هيه الفارس (دراسة شارك بها الاستاذ جمال النجار)
جرى العرف على اطلاق تلك الكلمه على نوعيه خاصه من المقاتلين
فلكى يترقى المقاتل الى رتبه فارس كان حتما عليه ان يبرع فى القتال واستخدام السيف وان يبرع ايضا فى ركوب الخيل
فالفرسان هم القوة الضاربه السريعه فى الجيوش
وكانت قوة الجيش تقاس بكم الفرسان به
ثم تطور المعنى فقد كان الكثير من القتله والسفاحين يشاركون الفرسان براعتهم فى القتال وركوب
فتم تمييز الفرسان بانهم تلك الفئه التى نذرت قوتها وبراعتها فى نصرة قضيه الحق والعدل وامتازوا بالشرف فى القتال وكانت رتبه الفارس تسقط عنه اذا تخلى عن الشرف فى القتال فكان يحرم على الفارس ان يتعرض لامراة او جريح او طفل صغير او شيخ كبير
وكان الفارس مطالبا دائما ان تكون قوته وبراعته لنجدة المحتاج ودفع الظلم
اى ان القوة والبراعه كان يجب ان تكون مرتبطه بالشرف
شراسه فى القتال وعطف ولين فى غيره
ومع تطور وسائل القتال واختفاء السيوف والخيل من ميادين القتال انتقلت صفه الفرسان لتكون من حق رجال المدرعات ( الدبابات ) بعد ان اصبحوا هم القوة الضاربه السريعه فى الجيوش
فاذا اعدنا استعراض التاريخ
وحكمنا صفات الفرسان من شرف ونبل وتسخير قوتهم وبراعتهم لنصرة قضيه الحق والخير والعدل
سجل التاريخ يمتلىء بالسفاحين واللصوص والقتله الذين لا يمكن باى حال ان نصفهم بالفرسان رغم براعتهم فى القتال وانتصاراتهم العسكريه المدويه
فجانكيز خان لا يمكن نسبه الى الفرسان رغم براعته وانتصاراته الكبيرة
وكل جيوش الرومان رغم انتصارااتها التى جعلت روما تسود العالم القديم لالف عام لا يمكن ان تنسب اليهم صفه الفرسان
بينما نجد الاسكندر المقدونى يقف شامخا فى رحاب عالم الفرسان فقد كانت قضيته نشر العلم والثقافه ونمحاوله توحيد العالم فى دوله واحدة للقضاء على الحروب والظلم الذى ساد عصره
وينازعه فى الفروسيه هانيبال ذلك القائد القرطاجنى الشهير الذى قاد قواته لمحاربه روما لمنعها من القضاء على وطنه ورغم هزيمته فى النهايه الا انه يقف شامخا فى عالم الفرسان
والمدهش والغريب ان تاريخ امه العرب يقف شامخا فى قمه عالم الفرسان فصفه الفرسان كان اكبر تجسيد لها هو تلك الجيوش العربيه التى انطلقت تحمل رايه الاسلام ومعها قيم العدل والمساواه والحريه الى العالم
لقد كان فرسان الجيوش الاسلاميه هم اروع وادق واكمل تجسيد لكلمه الفرسان
بينما كانت الجويش الفارسيه والرومانيه هى اوضح تجسيد للقتله والسفاحين فى التاريخ القديم
فاذا انتقلنا الى التاريخ الحديث نجد الجيش الالمانى رغم براعه رجال المدرعات به فالالمان هم ابرع من استخدم الدبابات
كان ذلك الجيش عصابه من السفاحين والقتله فقد كانت قوتهم وبراعتهم فى خدمه قضيه عنصريه بغضيه تعلى شا، الجنس الارى فوق جميع البشر
وفى تاريخ مصر القريب يقف الزعيم المصرى ورجاله على قمه عالم الفرسان
واسمحوا لى ان اخص منهم الاميرالاى محمد عبيد
وفى عصرنا الحديث تاتى العصابات الصهيونيه فى اسرائيل لتكون اكمل وادق تجسيد للسفاحين المجرمين القتله رغم براعتهم فى استخدام المدرعات
بينما يقف الفريق سعد الدين الشاذلى شامخا نبيلا فى قمه الفرسان رغم انه لم يكن من رجال المدرعات
بينما لا يمكن ان نناقش الجيش الامريكى فهو جيش من القتله والسفاحين ولم يقترلاب يوما من قضيه العدل والخير والحق فهو جيش من السافحين القتله دائما يقف بجانب الظلم يسانده
وهو جيش بلا شرف
مما سبق يتضح ان هناك عدة صفات يمتاز بها الفرسان
البراعه فى القتال واستخدام معدات القتال
النبل فى القتال
الحرص على الشرف فى القتال
ان كل جهود الفارس وبراعته مسخرة لخدمه قضيه العدل والخير والحق
ان الفارس لا يعمل لصالح نفسه بل لصالح الاخرين
فهو يضحى بحياته من اجل الاخرين
ان الفارس لا يخشى فى الحق لومه لائم
وصفه لافروسيه هى صفه اصيله فى الانسان
فهناك اناس مهوبون
هم فرسان بالفطرة
ولكنها ايضا صفه يمكن اكتسابها بترويض النفس على الشرف والامانه والنبل والرقى والعطاء ومجاهدة النفس لترتقى فوق الضعف البشرى
اتمنى الا اكون قد اطلت عليك
نلتقى فى رحاب عالم الشعراء
يتبع::