هناك نماذج من البشر لا تموت أبداً، وهؤلاء من صدق فيهم المثل العبقرى: لماذا لا يموت أولاد الست اللى مش نضيفة.
وهم قادرون على إعادة إنتاج قذارتهم كل يوم، وكل لحظة وكل ثانية، مهما طالت فترات بياتهم الشتوى، أو الصيفى، أو حتى بياتهم الثورى، حيث تردم الثورة على شخصياتهم القذرة، ثم حين تنتكس الثورات، يجدون من هم أقذر منهم يمد لهم يد العون ليسمح بعودتهم من جديد لنظام الحياة على هذا الكوكب.
والواقع يا عزيزى أنهم لن ينتهوا، ولن يختفوا أو يندثروا، لأن هذه هى دورة الحياة كما خلقها الله عز وجل، والكائنات القذرة تعيش على أخطاء الآخرين، وتأكل الجيف، وتستحل لنفسها تشويه الأعراض، والتخفى خلف أسماء مستعارة فى تعليقات الفيس بوك وتويتر، أو عمل صفحات خاصة مليئة بالهراء الذى يصدقه ذوو الأربع فى عقولهم، حاملين أوزار التعليم المجانى الذى جعل أناساً من أعظم العظماء، وجعل آخرين من (أرمم الرمم) لو جاز التعبير.
وقد عاد الرمم بكل أشكالهم.. فيهم إعلاميون وكتاب أعمدة وشراشيح صحف، ووراءهم جيش كامل من مشجعى البذاءة والقذارة، وأهون ما عندهم سب الأعراض وتشويه الشرفاء، وفيهم سياسيون ماضيهم أسود مهبب، ومستقبلهم يتمدد بالفساد وينكمش بالشرف، وفيهم كلاب سكك بالمعنى الحرفى، وقاطعو طرق أمل على وطن محترم سنحتاج كثيراً من عمال النظافة ليجمعوا قمامته فى أصدأ صفيحة زبالة، وفيهم مدّعون للشرف والوطنية وهم (أوطى) من حشرة (البق)، وفيهم من يحمل رُتَباً، ويبغبغ باسم حفظ الأمن لتنفيذ مخططاته للانتقام من كل من كشفوه ووضعوه فى يوم ما فى حجمه الطبيعى، وهؤلاء منهم من يظن أن التاريخ سينظر له نظرة إكبار واحترام، ولا يعرف أن غدد التاريخ اللعابية اشتكت، وأن ريقه نشف، وأن مزبلته امتلأت حتى بعد أن تعاقد على مزابل جديدة.
والواقع أن عودة هؤلاء الرمم طبيعية جداً لكى يستقر نظام الكون، لكن الغريب أن على رأسهم (بطحة)، وأنك ستجد ردود أفعالهم على هذا المقال مثلاً ردوداً هوجاء، تعرف من خلالها أن الكلام وجعهم، وأنها (جت فيهم)، رغم أننى لم أُسمِّ شخصاً، ولم أصف حتى فعلة مما فعله، ولم أسقط حتى كلامى على إنسان بعينه، أو فصيل سياسى، لكن تعمل إيه فى الرمم؟؟
ستجدهم، والله على ما أقول شهيد، منقسمين حول الانتقام ممن يأتى بسيرتهم أو يحاربهم، سيحاولون مثلاً البحث فى تاريخه عن شىء يلوون فيه عنق الحقيقة، أو مستغلين لأقل هفوة، أو مفبركين لمعانٍ لم يقلها، أو مفتشين فى صوره على الفيس بوك ليكتبوا تعليقاً عليها ينافى الحقيقة، أو يسبونه فى عرضه ويتهمونه اتهامات مخلة بالشرف، أو ينسبونه لجماعة إرهابية أو حركة يرون أنها بنت ستين فى سبعين، أو يتهمون الكاتب نفسه بأنه يدس السم فى العسل مفبركين أسماء وهمية يضعونها فى التعليقات، أو يتهمون الكاتب بالبذاءة مرددين: إزاى عملتوه كاتب هذا المتجاوز قليل الأدب، وكيف يكتب هذا الكلام فى جريدة، مدّعين أن أخلاقهم تأبى أن يقرأوا هذه السطور، رغم أنهم يصفقون لبذاءات حقيقية وهراء ذى رائحة لكتاب يكتبون من معدتهم، ويتقيأون على الورق، حتى تشعر أن مقالاتهم ذات رائحة، وأن الأفضل أن تقول لهم (شُفيتم) بعد أن تقرأ المقال الملىء بالشتائم الصريحة التى يعتبرونها معياراً للوطنية والخوف على البلد!!!
وسيخرج منهم الآن من يعتبر هذا المقال فرش ملاءة، رغم أنه لم يتحدث عن أحد، ولم يأتِ بسيرة أحد، ولم يتكلم حتى عن أحد.. لكن (أحد) دائماً يجد من يتحدث باسمه.
والرمم يجدون من يدافع عنهم أملاً فى أن يكبروا ويصبحوا رمماً كبيرة.
وبصراحة شديدة.. أنا افتقدت هؤلاء الرمم لفترة كبيرة كنا نتشاجر فيها مع بعضنا البعض، فى الوقت الذى كانوا فيه يترممون على أنفسهم وعلى تاريخهم غير المشرف وهم يتساءلون: متى نظهر من جديد، وبصراحة أشد: نحن فرحون أنهم ظهروا الآن، والآن فقط، لأن ذلك سيعجّل بمواجهة حتمية مع هؤلاء الرمم كانوا يرونها بعيدة، ونراها قريبة، لكنها مواجهة بلا نتيجة، حيث سيبقى الشريف شريفاً، ويبقى الرمة.. رمة