انتهت ثورة مصر بعد أن حققت هدفها سلمياً، كان معظمها من الشباب الذين لم يكن مناضلاً سياسياً ولا ينتمي إلى الأوساط التقليدية للمعارضة السياسية ولا إلى الإخوان المسلمين، كما ادعى النظام. بدأت هذه الثورة وتنظيمها وهي تغلي غضباً على قسوة الشرطة والقمع والتعذيب التي يلقاها من النظام السابق، بعد أن أصبح أفراد الأمن فيه يقتلون الناس، من دون أن يحظوا حتى بحق محاسبتهم، كما حدث مع الشاب خالد سعيد. أظهرت هذه الثورة أخلاق الناس الرفيعة، فقد حمى الشبابُ الناس، حين تخلى الأمن عنهم، وانتهت بحملات الشباب لتنظيف المدينة وشوارعها بعد أن نظفوها من النظام الفاسد، ووقف المتحدث باسم الجيش وحيّا الشهداء تحية عسكرية اعترافاً لهم بالشجاعة والشهامة.
اليوم لست بحاجة إلى سماع قناة «الجزيرة» حتى لا يقال بأنني أستقي معلوماتي من قناة «تثويرية»، ولست بحاجة إلى سماع قناة «العربية» حتى لا يقال بأنني أستمع إلى قناة تغالب خوفها تارة ثم تركض لتعوّض ما فاتها في اليوم التالي، أنا أستمع اليوم إلى قنوات مصرية ليل نهار يتحدث فيها خبراؤها السياسيون والاقتصاديون والعسكريون، وإعلاميون ومثقفون، وشباب 25 يناير. لا أحد فيهم قلق كما بدا بعض مثقفونا ومحللونا العرب الذين أطفأ القلق الفرحة في أصواتهم، بحركات التصحيح، فإذا كان المصريون أنفسهم الذين شهدوا الفوضى والخراب وعاشوا أيام الثورة المصرية برصاصها وغازها وشهدائها لم يقلقوا، بل هم مسرورون الآن، فما الذي منع مثقفينا من أن يفرحوا؟!
الحرية في بلادنا العربية سيئة السمعة، لهذا فإن الشباب الذين عاشوا في فضاءات الشبكات الحرة هم من تعلموا ماذا تعني الحرية وهم من قادوا الثورة ومن أنجحها، في حين ظل الكبار الذين عاشوا على نصوص الخوف، يحبون الحرية ويغازلونها، لكنها ما أن تقترب حتى يخافوا منها ويغلقوا الأبواب. قال وزير المالية في الحكومة الانتقالية سمير رضوان في برنامج «العاشرة مساء» على قناة «دريم» إن الشباب أنجزوا في 18 يوماً ما عجزنا عن إنجازه في 30 عاماً، حتى وهم اليوم ينظفون الشوارع.
حين لا تكون الحرية جزءاً من ممارساتك اليومية والثقافية، فإنك تخاف منها، هذا مفهوم. لكن، لماذا ترمي من يتوق إليها بالحجر؟ هل لأن الحرية أصبحت عند كثير منا عنواناً للفوضى، وأصبح السؤال الذين يجعلك تختار بين أمنك وحريتك سؤالاً منطقياً ومشروعاً وواقعياً؟
مسكين هذا المواطن الذي يجب عليه أن يختار أن يعيش في سجن كبير بحجة الأمن أو يخرج من السجن لتأكله وحوش خرافية، هي في حقيقتها وحوش النظام، التي أكلت مصادر عيشه، وغرّبت شبابه، وجعلته نهباً للبطالة وللهروب في قوارب الموت أو في الهجرات بحثاً عن رفاهية العيش أو حرية التعبير، أو أشكال أخرى من العيش الحر.
اضطر المواطن العربي إلى أن يعود ليرتمي في أحضان القبيلة والطائفة والعصبيات الأخرى، لأنها أصبحت مصدر أمنه وقوته وفرصته لانتزاع المكاسب، وعلى رغم هذا فإن النظام استطاع أن يتحالف مع القبيلة والطائفة ليقمع الفرد بطريقة أرخص.
متى يصبح المواطن شريكاً في مؤسسات مجتمع مدني يختلف مع السلطة، ويتعاون معها في الوقت ذاته لمصلحة الوطن؟
الكل يُجمع على عجز آليات الأنظمة في معالجة الفساد والبطالة، وعلى سوء الأوضاع، لكنه يخاف من التغيير، فعلى ماذا يخاف من وصل إلى القاع؟
اليوم لست بحاجة إلى سماع قناة «الجزيرة» حتى لا يقال بأنني أستقي معلوماتي من قناة «تثويرية»، ولست بحاجة إلى سماع قناة «العربية» حتى لا يقال بأنني أستمع إلى قناة تغالب خوفها تارة ثم تركض لتعوّض ما فاتها في اليوم التالي، أنا أستمع اليوم إلى قنوات مصرية ليل نهار يتحدث فيها خبراؤها السياسيون والاقتصاديون والعسكريون، وإعلاميون ومثقفون، وشباب 25 يناير. لا أحد فيهم قلق كما بدا بعض مثقفونا ومحللونا العرب الذين أطفأ القلق الفرحة في أصواتهم، بحركات التصحيح، فإذا كان المصريون أنفسهم الذين شهدوا الفوضى والخراب وعاشوا أيام الثورة المصرية برصاصها وغازها وشهدائها لم يقلقوا، بل هم مسرورون الآن، فما الذي منع مثقفينا من أن يفرحوا؟!
الحرية في بلادنا العربية سيئة السمعة، لهذا فإن الشباب الذين عاشوا في فضاءات الشبكات الحرة هم من تعلموا ماذا تعني الحرية وهم من قادوا الثورة ومن أنجحها، في حين ظل الكبار الذين عاشوا على نصوص الخوف، يحبون الحرية ويغازلونها، لكنها ما أن تقترب حتى يخافوا منها ويغلقوا الأبواب. قال وزير المالية في الحكومة الانتقالية سمير رضوان في برنامج «العاشرة مساء» على قناة «دريم» إن الشباب أنجزوا في 18 يوماً ما عجزنا عن إنجازه في 30 عاماً، حتى وهم اليوم ينظفون الشوارع.
حين لا تكون الحرية جزءاً من ممارساتك اليومية والثقافية، فإنك تخاف منها، هذا مفهوم. لكن، لماذا ترمي من يتوق إليها بالحجر؟ هل لأن الحرية أصبحت عند كثير منا عنواناً للفوضى، وأصبح السؤال الذين يجعلك تختار بين أمنك وحريتك سؤالاً منطقياً ومشروعاً وواقعياً؟
مسكين هذا المواطن الذي يجب عليه أن يختار أن يعيش في سجن كبير بحجة الأمن أو يخرج من السجن لتأكله وحوش خرافية، هي في حقيقتها وحوش النظام، التي أكلت مصادر عيشه، وغرّبت شبابه، وجعلته نهباً للبطالة وللهروب في قوارب الموت أو في الهجرات بحثاً عن رفاهية العيش أو حرية التعبير، أو أشكال أخرى من العيش الحر.
اضطر المواطن العربي إلى أن يعود ليرتمي في أحضان القبيلة والطائفة والعصبيات الأخرى، لأنها أصبحت مصدر أمنه وقوته وفرصته لانتزاع المكاسب، وعلى رغم هذا فإن النظام استطاع أن يتحالف مع القبيلة والطائفة ليقمع الفرد بطريقة أرخص.
متى يصبح المواطن شريكاً في مؤسسات مجتمع مدني يختلف مع السلطة، ويتعاون معها في الوقت ذاته لمصلحة الوطن؟
الكل يُجمع على عجز آليات الأنظمة في معالجة الفساد والبطالة، وعلى سوء الأوضاع، لكنه يخاف من التغيير، فعلى ماذا يخاف من وصل إلى القاع؟