ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


    المهندس جورج فارس رباحية

    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع

    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 65
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65979
    تم شكره : 59
    الجوزاء
    18092013

    المهندس جورج فارس رباحية  Empty المهندس جورج فارس رباحية

    مُساهمة من طرف waell

    لسبت 10 كانون الثاني 2009


    «كلمات متقاطعة بأسماء أدباء وروايات هي أول ما نشرت على الرغم من أني كنت أكتب خواطري باستمرار». هذه الكلمات للكاتب والباحث في تاريخ "حمص" الأستاذ "جورج فارس رباحية" هذا الرجل الذي قسّم حياته ما بين الهندسة الزراعية التي درسها وعمل بها أكثر من ثلاثين عاماً وبين نشاطه المتميز في البحوث التاريخية التي تخصّ مدينته "حمص".

    المهندس جورج فارس رباحية  085302_2009_01_10_12_08_49
    حيث كتب مئات المقالات الأدبية والتاريخية والعملية ويعد أحد المراجع الهامة في تاريخ "حمص" لأنه يملك أرشيفاً متميزاً من الصور الأثرية للمدنية. موقع eHoms التقى المهندس "جورج فارس رباحية" بتاريخ 9/1/2009 لنتعرف على حياته حيث قال عن بدايات اهتمامه بالكتابة: «أنا من عائلة تعشق القراءة وتأثرت جداً بعمي "سليم رباحية" حيث كان يعيش من مهنة النجارة ويمارس القراءة لأكثر من /8/ ساعات يومياً أما أنا فقد بدأت بالكتابة منتصف الستينيات تقريباً حيث قمت بتركيب كلمات متقاطعة بأسماء أدباء وروايات ونشرتها بمجلة "الفصائل" على الرغم من أني كنت أكتب خواطري وأقوم بتلخيص لحياة الكثير من الأدباء وخصوصاً أدباء المهجر حيث كنت أحب الشاعر الحمصي "نسيب عريضة" جداً وأمير الشعراء "أحمد شوقي" من "مصر"».

    اختار الشاب "جورج" أن يدرس في كلية الزراعة بـ"حلب" عام
    المهندس جورج فارس رباحية  085302_2009_01_10_12_08_49.image1
    الشهادة التي نالها بأستراليا
    /1963/ لأن مجموعه في الثانوية العامة لم يسمح له إلا بذلك وفي السنوات الأولى لم يتأقلم مع فكرة أنه سيصبح مهندساً زراعياً لكنه فيما بعد أحبها وتخرج من الكلية /1967/ عن هذا الموضوع قال: «أحببت مهنتي لأنها أصبحت مصدر رزقي فبعد تدريس لمادة العلوم لسنة واحدة في ثانوية الحرس القومي بدأت بالعمل مع مديرية زراعة "حلب" عينت رئيساً لمصلحة زراعة "اعزاز" وبقيت فيها عاماً واحداً ثم انتقلت إلى مديرية زراعة "درعا" وبقيت حتى عام/1973/ ثم إلى مديرية "حمص" حتى عام /2002/ في هذه السنوات أجريت العديد من الدراسات على البادية وعملت مع المركز العربي لدراسة المناطق الجافة (أكساد) التابع للجامعة العربية وتصنيف نباتات البادية إلى أن أصبحت خبيراً محلفاً لدى المحاكم بالشؤون الزراعية وشؤون البادية».

    حصل المهندس "جورج" على المركز الأول بدارسته
    المهندس جورج فارس رباحية  085302_2009_01_10_12_08_49.image2
    المقارنة بين البادية السورية والاسترالية في "استرالية" وكانت باللغة الانكليزية عام/1981/م كما أجرى العديد من الدورات في المجال الزراعي بكل من (مصر وأستراليا والأردن) من جانب آخر كان الأستاذ "جورج" يهتم بآثار "حمص" ويبحث في تاريخها يتحدث عن ذلك فيقول: «أعتبر نفسي باحثاً تاريخياً قبل أي شيء آخر وبداياتي كانت بنشر المقالات في جريدة "حمص" وكتبت عن الأمثال في الفصول والأشهر ثم بجريدة العروبة حيث نشرت مقالات أدبية وخواطر وسلسلة "أحداث لا تنساها حمص" ومنذ نهايات التسعينيات كنت أعمل على تدوين الأمثال الشعبية المتداولة في "حمص" (الريف والمدينة) واستطعت من خلال رحلاتي أن أوثق الأمثال عند البدو وسكان الريف وهنا في المدنية».

    رأى كتاب "أمثال حمص الشعبية" النور عام /2006/ كأول كتاب من هذا النوع يوثق الأمثال الحمصية أما عن الكتاب
    المهندس جورج فارس رباحية  085302_2009_01_10_12_08_49.image3
    الذي يحضّر له حالياً الأستاذ "جورج" فقال: «هو كتاب بعنوان "اسم على مسمى" يبحث في تاريخ الأسماء ومعانيها ونستطيع تسميته بدليل الأسماء اعتمدت بشرحه على معاجم مثل "المنجد" كما هناك أفكار لكتب كثيرة مثل كتاب مشترك بيني وبين الباحث الأستاذ "فيصل شيخاني" عن تاريخ مساجد وكنائس "حمص" أشعر أن لدي الكثير من المشاريع التي لم أنجزها بعد».

    ولابد من الإشارة المهندس "جورج رباحية" مهتم جداً بالصور الضوئية ولديه أكثر من /350/ صورة عن تاريخ وآثار "حمص" وأجرى عدداً من المعارض بهذا الشأن كما أن له عدداً من الأبحاث في المجال الزراعي مثل "كتاب الإبل" (سفينة الصحراء) كتاب "عروق الأغنام في الدول العربية". وأخيراً الأستاذ "جورج" متزوج من السيدة "جورجيت طانيوس شمّاس" وله من الأولاد: (هبة ـ هلا ـ فارس ـ دانا) وهو من مواليد 9/1/1942.
    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    waell

    مُساهمة الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 12:12 من طرف waell

    شعراء من حمص
    وصفـــي قرنفـــلي

    1911 ـ 1972

    المهندس جورج فارس رباحية




    وُلِدَ وصفي بن كامل قرنفلي في مدينة حمص عام 1911 وتلقّى دراسته الابتدائية في المدارس الأرثوذكسية بحمص ولم يتمكّن من متابعة دراسته ، وأنهاها عند الصف الحادي عشر والتحق بالعمل في دائرة المساحة بحمص عام 1929 . لم ينقطع عن المطالعة فانكبَّ عليها بحُبٍّ وشغف ، وتلقّى بعض الدروس باللغة العربية على يد أستاذه يوسف شـــاهين

    ( 1853 ـ 1944 ) الذي كان مديراً للمدارس الأرثوذكسية بحمص كما تلقّى بعض الدروس على يد الأستاذ جرجس كنعان . بدأ ينظم الشعر بقصائد وطنية وغزلية وهو في السادسة عشر من عمره .

    سافر فترة إلى مصر واطّلع على الحركة الأدبية فيها ونشر بعض إنتاجه في الصحف والمجلات التي تصدر في القاهرة . عاد إلى حمص وتوطّدت علاقته مع الأديب نصوح فاخوري ( 1924 ـ 2002 ) والأديب عبد السلام عيون السود ( 1922 ـ 1954 ) وفي عام 1954 أصدر كُرَّاساً مع صديقه نصوح فاخوري بعنوان ( موعد وعهد ) .

    لم يدخل وصفي القفص الزوجي طيلة حياته ، بدأ المرض يتغلغل في جسمه منذ عام 1957 وأهمل نفسه في العِلاج فاستفحل المرض واستحال الطب شفاءه ، فأصيب بالشلل بنهاية عام 1967 وبقي طريح الفراش حتى وافته المنية صباح يوم الثلاثاء في 12/كانون الأول / 1972 . وانطلقت الجنازة من بيته إلى كنيسة القديس إليان يوم الأربعاء الساعة 11بتاريخ 13/12/1972 ورثاه على القبر :

    الأستاذ عبد الرحيم الحمصي فقال :
    أفنيتَ عمركَ في النضال مُجالِداً وعَبَرْتَ ريعان الشباب مُجاهدا
    وعملتَ للوطن المُحَبّب عـندما كان الظلام على المـربع سائدا
    مهلاً رفيق العمر شِعرك لم يزل للواهنين مفاخــراً . وقلائـدا
    قم تشهد الأحبابَ حولكَ خُشّـعاً ينسـاب دمهمُ عليـك روافـدا


    وقال محي الدين الدرويش :
    شاعر الحُب والجــمال توارى ولقد كان ملء عين الزمـان
    بورِكَ الشِعر قد تسامى بــناء يبهر الناظـرين بالعنـفوان
    لاتقولوا : قد غاب بانيه ولكـن هو في القلب حاضر واللّسان
    إيه وصفي والعمر سرّ عجيب هات شِعراً مطيّـباً بالمثـاني
    قم كعهدي طلق المحيا ضحوكاً ناضر الوجه ألمعي الجنــان
    قم تأمّـل تجد ليـوثاً حيـارى وظباء مقروحـة الأجــفان


    هو شاعر تقدّمي رومانسي النزعة صاحب مدرسة التجديد في الشِعر العربي المُعاصر



    وظّفَ قصائده في خدمة قضايا الوطن والإنسان ومحاربة الاستعمار والدفاع عن الفقراء والكادحين ، لقّبوه بشاعر حمص . لكنّه كان يكره الألقاب فصاح بهم :
    أنا لستُ شاعر حمص ، في ما يدّعي قومٌ ، ولســتُ بشاعرِ الناسِ
    أنا شاعــري ، أنا عالمي أنا أمّتي وهناك شِعري في ضمير الكاس
    وعلى ظـلال الهدب أيقظ في دمي خدراً ، ولف مفاصـلي بنعاس


    قال عنه صديقه الأديب ممدوح سكاف في مجلة الثقافة الأسبوعية عام 1969 :

    ( إن وصفي يملك موهبة ممتازة في التعبير عن خلجات النفس الإنسانية والعواطف المتلهّفة والأحاسيس الطاغية ، فالكلمة عنده شحنة من الشعور المتدفّق والصدى الرمزي المسموع في اللفظة والصورة . والصورة في شعره وليدة الكلمة وضلع من حروفها ، فهي أحياناً مُثقلة بالضباب ، مضمّخة بالغموض وأحياناً أخرى صافية كالصباح الجميل ) .

    كما كتبت الأديبة الدكتورة نجاح العطّار دراسة قيّمة عنه في مجلة المعرفة العدد 129 لشهر تشرين الثاني عام 1972 .

    ونشرت جريدة ( الرأي ) الأردنية يوم الثلاثاء في 9/كانون الثاني 1973 في عددها رقم 525 مقالاً للأستاذ عيسى الناعوري بعنوان ( وردة من بعيد على قبر الشاعر الراحل وصفي قرنفلي ) شارحاً بإسهاب عن موهبة الشاعر الراحل وأسلوبه في كتابة الشِعر مستشهداً بمقاطع من قصائده ومداخلاته عنها .

    وأقام له اتحاد الكتّاب العرب بحمص حفلاً تأبينياً يوم الأحد بتاريخ 25/شباط /1973 في المركز الثقافي بحمص شارك فيه عدد كبيرمن الأدباء منهم :

    نزار قباني ، مراد السباعي ، عبد المعين ملوحي ، حامد حسن ، الياس خليل زكريا ، عبد الرحيم الحصني ، أنطون مقدسي ، محمد الحريري ، خليل هنداوي ، مدحت عكاش ، عبد القادر عيّاش ، محي الدين الدرويش ، عفيف قرنفلي .

    نبين أدناه مقتطفات مما قاله بعض الشعراء والأدباء في حفل التأبين :

    قال نزار قباني :

    ( أيها الشاعر الصديق : لم أقطع مئات الأميال لأبكيك فلا أنا أُجيد حرفة البكاء ولا أنت تقبل مذلّة الدموع ... ولكنني أتيت لأهنِّئك لأن جهازك العصبي قد توقّف عن الفعل والانفعال . وأعصابك لم تعد كأعواد الكبريت ، قابلة للاشتعال في كل لحظة . من حسن حظّك إنك أخذت إجازة من حواسك الخمس .. أما أنا فما زلت يا صديقي مُحاَصراً بحواسي الخمس ... وما زلت مضطرّاً مع الأسف أن أفتح شراييني وأكتب .. يا صديقي وصفي : لقد اتّحد وجعك بوجعي ، وتداخل موتك بموتي ، حتى لم أعد أدري مَن يرثي مَن ...... ) .

    وقال عبد الرحيم الحصني :
    ( سرابك ) العذب هام الظامئون به فيمّموه . ولما مسّهم ســكروا
    وأنت فـوق ذرى الآلام مؤتــلق ومشعل النصر في يُمناكَ يستعر
    في ذمة الخلد والتاريخ ما عـبرت بطيب أنسامك الأعوام والعصر


    *************

    مــــؤلفــاته :

    ـ " موعد وعهد " : بالاشتراك مع نصوح فاخوري عام 1954.

    حيث ضمّنه ثلاث قصائد :

    1 ـ لنا النصر : بمناسبة الاحتفال بيوم الطفل .

    2 ـ موعد وعهد : تحية لمؤتمر بخارست عام 1953 .

    3 ـ مع الســـلم

    ـ ديوان وراء السّـراب: ينقسم إلى قسمين :

    1 ـ وراء السراب : يحتوي على 72 قصيدة .

    2 ـ أوراق مُبعْثرة : يحتوي على 15 قصيدة .

    وتقديراً لدوره الريادي في حركة الشِعر العربي المعاصر :

    ـ منحته الحكومة السورية يوم الثلاثاء بتاريخ 5/ آب / 1969وسام الاستحقاق السوري

    تقديراً لدوره الريادي في حركة الشِعــر المعاصر ومنــاداته بالعدالة الإنســانية

    والاجتماعية والحرية للشعوب المقهورة .

    ـ أصدرت وزارة الثقافة ديوانه ( وراء السّراب ) في نفس العام الذي مُنِحَ فيه الوِسام .

    ـ أطلقت مديرية التربية بحمص اسمه على إحدى مدارسها : ( ثانوية الشاعر وصفي

    قرنفلي ) في حي باب تدمر ـ شارع عمر المختار .

    مقتطفـــات من أعمــاله :



    1 ـ من قصيدة ( موعد وعهد ):
    بـلادنــا ، مُتّكــأ أخضـر غنّــى ، على أقدامـه ، جدولُ
    صحراؤنـا شعر ، وأنجــادنا خمر ، وخصب سهلنا ، مخمـلُ
    ************
    فتياننا الأحرار ، قد أقسمــوا ، ألاّ يسيروا ، في لـواء الظّـلامْ
    عبْر الحدود البُلْه ، عبر الدُّجى ، بينـــكم الشّـام . ونحن الشآمْ


    ************

    2 ـ قصيدة قلب ضــائع :
    يا قلب ويحـكَ ضيّعوك وما برحــت لهم وفِيّــا
    أمسيتَ يا مسكين لا ميّتاً فيسلو في التراب ولستَ حيّا
    قد كان أمس ومات أمس فخــلِّ أمس وعش خليّـا


    3 ـ من قصيدة : فلان .... وتاريخنا .... والغُزاة :
    نحن العروبة ، في أنقى شمــائلها يا من على يدكــم إنسانها صـُلِبا


    والمجد ، نحن العوالي من شوامخه ، والمجد ، إذ ينتخي ، لم يَعْـدنا نسبا
    ليس الأذِلاّء في التاريخ ، من عرب، ـ وأنت منهم ـ ولا مَن يعبد الذهبا
    هذي البلاد لنا ، ليســت لكم أبدا ، ونحن تاريخ هذا الشرق إن كُتبــا
    الحب والسّلم ركــنٌ في حضارتنا ، وكنتم الحقد ، في التاريخ ، والرُعُبا


    4 ـ قصيدة رائحة الصّــوت :
    غليظ ثقيل الظِلِّ ما ضجّ صوته بأذني إلاّ هزّ بي كل جارحه
    وأقســم لم يٌخطىء إلي وإنما تلمّست نفساً بين شدقيه كالحه
    كذلك للأصوات طعم نُحسّــه ولون وراء العين حيّ ورائحه


    5 ـ على ضريحي : نظمَ هذه الأبيات كي تُكتَب على ضريحه :
    لقد غــدوت ترابا ، لايحــــرّّكني بيت من الشـعر أو زهر على غُصنِ
    حسبي ـ ولا حسب خلف القبرـ متّكئي في حضـن أمي وإني في ثرى وطني
    وإنني كنت ـ والأحــرار تعرفني ـ حُرّاً ، أضأت دروب الشِعر في زمني


    ***************



    1/6/2008 المهندس جورج فارس رباحية



    المــراجع والمصــادر :

    ـ ديوان وراء السّراب : وصفي قرنفلي ، وزارة الثقافة 1969

    ـ الحركة الشعرية المعاصرة في حمص : محمد غازي التدمري 1981

    ـ من أعلام حمص ج1 : محمد غازي التدمري 1999

    ـ شعراء حمص ج1 : أحمد الدرويش 1963

    ـ أعلام الأدب والفن ج2 : احمد الجندي 1958

    ـ تاريخ حمص ج2 : منير الخوري عيسى أسعد 1984

    ـ أرشيف جريدة حمص

    ـ مواقع على الإنترنت
    waell

    مُساهمة الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 12:15 من طرف waell

    استاذ وائل اشكرك على هذه العُجالة الرائعة وإني أُدْرِجُ السيرة الذاتية :

    السـيرة الذاتيّــة


    المهندس جورج فارس رباحية  662969548


    1 ـ الإســــــــم : جورج فارس رباحية
    George Fares Rabahieh
    2 ـ مكان وتاريخ الولادة : حمص ـ 9/كانون ثاني / 1942
    3 ـ التأهيل العلمـــي : بكالوريوس علوم زراعية ( مهندس زراعي ) ـ جامعة حلب
    كلية الزراعة ـ سنة التخرّج 1967
    4 ـ الوضــع العائلي : متأهّل
    5 ـ العمل الوظيفــي :ـ موظف لدى وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي من عـام :
    1968 ـ 2002 . في محافظات حلب ، درعا ، حمـــص
    مجال العمل : معاون مدير زراعة درعا ، رئيس قسم الباديـة
    بحمص ، معاون مدير مشروع تنمية البادية فرع حمص
    ـ إحالة على التقاعد 2002
    ـ شهادة تقدير من نقابة المهندسين الزراعيين
    ـ العمل مع مركز ( أكساد ) لدراسة المناطق الجافة
    ـ خبير محلّف لدى المحاكم السورية
    6 ـ التدريب التخصّصي : خلال الوظيفة : اتّباع دورات تدريبية في : استراليا ـ الأردن
    ـ مصر ـ المركز العربي ( أكساد ) دمشق ـ مركز الإيكاردا بحلب
    7 ـ الدراسات الفنية : وضع دراسة فنية لبادية حمص ـ مسح الغطاء النباتي للباديـة
    السورية مع مركز ( إكساد ) .
    8 ـ الأعمال المنشورة :
    1"ـ مقارنة بين البادية السورية والأسترالية 1981 ( باللغة الإنكليزية )
    2"ـ الدراسة الفنية لمشروع تنمية البادية بحمص 1996
    3"ـ كتاب أمثال حمص الشعبية : صدر عام 2006
    4"ـ كلمات متقاطعة : جزءان
    5"ـ مقالات : أدبية ، تاريخية ، علمية ، دينية ، كلمات متقاطعة :
    مصنّفة في 10 أجزاء، تنشر في : جريدة حمص ، العروبة ،
    وفي أكثر من 135 موقع على الإنترنت .
    6"ـ مقالات دينية مسيحية
    7"ـ صور ضوئية تاريخية وأثرية يتجاوز عددها 2500 صورة : تنشر في المواقع وفي
    جريدة حمص والصحف المحليّة
    9 ـ الأعمال غير المنشورة :
    1"ـ كتاب الإبــل ( سفينة الصحراء )
    2"ـ كتاب عروق الأغنام في الدول العربية
    3"ـ كتاب ( إسم على مُسَمّى ) : يتضمّن أسماء الذكور والإناث
    4"ـ نشرة عن الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان
    10ـ الندوات والمعارض :
    1"ـ ندوة عن مشروع تنمية البادية : المقر نقابة المهندسين الزراعيين بحمص 1998
    2"ـ معرض للصور الضوئية لحمص القديمة : المركز الثقافي بحمص 2003
    3"ـ معرض للصور الضوئية لحمص القديمة : نقابة المهندسين الزراعيين بحمص 2005
    11ـ النوادي والجمعيات :
    1"ـ عضو في كشافة سورية ( فوج السريان الأرثوذكس 1960 )
    2"ـ عضو في جمعية العاديات فرع حمص 2003
    12ـ العنــــوان : حمص ـ سورية :
    12/6/2008 المهندس جورج فارس رباحية
    waell

    مُساهمة الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 12:16 من طرف waell

    شخصية اليوم ليست غريبة عن موقع ربوع حبنمرة
    وليست بغريبة عن مواقع الوادي عموماً فقد تشرفنا ومن بداياتنا بوجود هذه الشخصية بيننا
    المهندس جورج فارس رباحية
    عضواً كريماً وكبيراً بعطائه لمدينة حمص متواضعاً ذا بصمة ونكهة خاصة وملفتة
    سطر لنا حروفه عن تاريخ حمص والتاريخ الروحي أيضاً
    لدرجة تظن معها و للوهلة الأولى أن شهادة الهندسة التي يحملها
    تدخل ضمن اختاص " الآثار والتاريخ وعلوم الإجتماع "
    قَسّم حياته ما بين الهندسة الزراعية التي درسها وعمل بها أكثر من ثلاثين عاماً وبين نشاطه المتميز في البحوث التاريخية التي تخصّ مدينته "حمص".
    حيث كتب مئات المقالات الأدبية والتاريخية والعملية ويعد أحد أهم المراجع في تاريخ "حمص"
    و يملك أرشيفاً متميزاً من الصور الأثرية للمدنية.
    ينحدر جورج رباحية من عائلة تعشق القراءة وكان لعمه "سليم رباحية" تأثيراً على اهتماماته الثقافية فعمه وبرغم كونه يعيش من مهنة النجارة فكان يفّرغ ثمانية ساعات باليوم للمطالعة بدأ جورج الكتابة في منتصف الستينيات حيث كان يكتب خواطره ويقوم بتلخيص حياة الكثير من الأدباء وخصوصاً أدباء المهجر يبدي اعجاباً كبير الشاعر الحمصي "نسيب عريضة" وأمير الشعراء "أحمد شوقي" من "مصر"».

    وإن لم يكن الشاب "جورج" مخيّراً في اختيار تخصصه كمهندس زراعي إلا أنه أحب تخصصه هذا وحول ذلك يقول :
    «أحببت مهنتي لأنها أصبحت مصدر رزقي فبعد تدريس لمادة العلوم لسنة واحدة في ثانوية الحرس القومي بدأت بالعمل مع مديرية زراعة "حلب" عينت رئيساً لمصلحة زراعة "اعزاز" وبقيت فيها عاماً واحداً ثم انتقلت إلى مديرية زراعة "درعا" وبقيت حتى عام/1973/ ثم إلى مديرية "حمص" حتى عام /2002/ في هذه السنوات أجريت العديد من الدراسات على البادية وعملت مع المركز العربي لدراسة المناطق الجافة (أكساد) التابع للجامعة العربية وتصنيف نباتات البادية إلى أن أصبح خبيراً محلفاً لدى المحاكم بالشؤون الزراعية وشؤون البادية».

    حصل المهندس "جورج" على المركز الأول بدارسته المفدمة عام / 1981 / في المقارنة بين البادية السورية والاسترالية في "استراليا"
    وكانت الدراسة باللغة الانكليزية

    المهندس جورج فارس رباحية  085302_2009_01_10_12_08_49.image1

    نيل الشهادة في استراليا

    كما أجرى العديد من الدورات في المجال الزراعي بكل من (مصر وأستراليا والأردن)
    ما ميز"جورج" هو اهتمامه اللامحدود بآثار "حمص" والبحث في تاريخها وبخصوص ذلك يعتبر نفسه باحثاً تاريخياً قبل أي شيء آخر حيث كانت بداياته بنشر المقالات في جريدة "حمص" والكتابة عن الأمثال في الفصول والأشهر ثم بجريدة العروبة حيث نشرت له مقالات أدبية وخواطر وسلسلة "أحداث لا تنساها حمص" ومنذ نهايات التسعينيات عمل على تدوين الأمثال الشعبية المتداولة في "حمص" (الريف والمدينة) واستطاع من خلال رحلاته توثيق الأمثال عند البدو وسكان الريف و المدنية

    وكان كتابه "أمثال حمص الشعبية" الصادر عام /2006/ هو أول كتاب من هذا النوع يوثق الأمثال الحمصية
    وله مشاريع كثيرة في هذا الصدد قيد النشر ستتم الإشاره لها أدناه

    ولابد من الإشارة أن"جورج رباحية" له اهتمام لافت م بالصور الضوئية ويمتلك المئات منها عن تاريخ وآثار "حمص"
    وأجرى عدداً من المعارض بهذا الشأن
    و له عدداً من الأبحاث في المجال الزراعي مثل "كتاب الإبل" (سفينة الصحراء) كتاب "عروق الأغنام في الدول العربية"



    المهندس جورج فارس رباحية  085302_2009_01_10_12_08_49.image2



    الإســــــــم : جورج فارس رباحية
    مكان وتاريخ الولادة : حمص ـ 9 /كانون ثاني / 1942
    حاصل على البكالوريوس في العلوم الزراعية ـ جامعة حلب كلية الزراعة ـ سنة التخرّج 1967
    متزوج من السيدة "جورجيت طانيوس شمّاس" وله من الأولاد: (هبة ـ هلا ـ فارس ـ دانا)
    موظف لدى وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي من عـام :
    1968 ـ 2002 . في محافظات حلب ، درعا ، حمـــص
    وكان مجال عمله :
    معاون مدير زراعة درعا ،
    رئيس قسم الباديـة بحمص ،
    معاون مدير مشروع تنمية البادية فرع حمص
    حتى إحالته للتقاعد سنة 2002
    حائز على شهادة تقدير من نقابة المهندسين الزراعيين
    عمل مع مركز ( أكساد ) لدراسة المناطق الجافة
    خبير محلّف لدى المحاكم السورية
    اتّبع دورات تدريبية في : استراليا ـ الأردن مصر ـ المركز العربي ( أكساد ) دمشق ـ مركز الإيكاردا بحلب
    ومن دراساته الفنية : وضع دراسة فنية لبادية حمص ـ مسح الغطاء النباتي للباديـة السورية مع مركز ( إكساد ) .
    أعماله المنشورة :
    1"ـ مقارنة بين البادية السورية والأسترالية 1981 ( باللغة الإنكليزية )
    2"ـ الدراسة الفنية لمشروع تنمية البادية بحمص 1996
    3"ـ كتاب أمثال حمص الشعبية : صدر عام 2006
    4"ـ كلمات متقاطعة : جزءان
    5"ـ مقالات : أدبية ، تاريخية ، علمية ، دينية ،
    كلمات متقاطعة :
    مصنّفة في 10 أجزاء، تنشر في : جريدة حمص ، العروبة ، وفي أكثر من 135 موقع على الإنترنت .
    6"ـ مقالات دينية مسيحية
    7"ـ صور ضوئية تاريخية وأثرية يتجاوز عددها 2500 صورة : تنشر في المواقع وفي جريدة حمص والصحف المحليّة
    أعماله غير المنشورة :
    1"ـ كتاب الإبــل ( سفينة الصحراء )
    2"ـ كتاب عروق الأغنام في الدول العربية
    3"ـ كتاب ( إسم على مُسَمّى ) : يتضمّن أسماء الذكور والإناث
    4"ـ نشرة عن الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان
    ساهم في العديد من الندوات والمعارض أهمها :
    1"ـ ندوة عن مشروع تنمية البادية : المقر نقابة المهندسين الزراعيين بحمص 1998
    2"ـ معرض للصور الضوئية لحمص القديمة : المركز الثقافي بحمص 2003
    3"ـ معرض للصور الضوئية لحمص القديمة : نقابة المهندسين الزراعيين بحمص 2005
    وفي النوادي والجمعيات كان له العديد من النشاطات منها :
    1"ـ عضو في كشافة سورية ( فوج السريان الأرثوذكس 1960 )
    2"ـ عضو في جمعية العاديات فرع حمص 2003
    3"- عضو في العديد من المواقع الألكترونية المحلية والعربية ويسعدنا كونه عضو شرف في موقع ربوع حبنمرة
    waell

    مُساهمة الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 12:19 من طرف waell

    المهندس جورج فارس رباحية  Empty من طرف المهندس جورج فارس رباحية أمس في 11:09 am





    ليـــــلى العفيـــــفة
    المهندس جورج فارس رباحية  
    اشتهرت النساء منذ القدم بكتابة الشعر الجميل والقوي المعنى وأحياناً تفوّقت على الرجل ، ولكن بحكم العادات والتقاليد التي تربّت عليها والتي وقفت حائلاً دون جهر المـــــرأة العربية قديماً بما كانت تبدعه من شعر ، فعند بوحها به كأنّها خرجت عن قيَم الشــــرف والفضيلة ، لذلك احتفظت الذاكرة بالقليل جداً من شعر المرأة . ومن أشهر شــــعر النساء في ديوان الشعر العربي القديم هو شعر ليلى العفيفة هي بنت لُكَيْز بن مرّة بن أسد من ربيعة بن نزار النصرانية وأصغر أولاد لكِيْز. وكانت تامة الحسن كثيرة الأدب وأملح بنات العرب في عصــرها وأجملهن خصالا، وآيــــة في الجمال وشاع ذكرها عند العرب حتى أقاصي اليمن. رفضتهم جميعا لأنها كانت تكره أن تخرج من قومها.  خطــــبها كثيرون من سَــراة ( ساداتهم ورؤسائهم ) العرب منـــهم ابن أحد ملــــوك اليمن عمــرو بن دي صهبان وكانت تكره أن تخرج من قومها وتود لو أن أباها زوّجـها بالبــرَّاق ابن عمــــها وهي تدين بدينه. إلا أنها لم تعصِ أمر أبيها وصــانت نفسـها عن البـراق تعففاً فلُقبت بالعفيــــــفة. وكانت في أثناء ذلك حروب أبلى فيها البراق بلاءَ حسناً. ثم خمدت الحرب وحـــان موعد زواجها ولكن ســــمع عنها وعن جمالها ابن كسرى ملك العجم ؛ فأراد أن يخطبــها لنفســه فكمن لقومها في الطريق ونقلها إلي فارس ، فبقيت هناك أســــيرة لا ترضى بالزواج منه إلى أن انتزعها البرّاق من يد غاصبيها واستحق أن يتزوج بها. توفّي البـــراق نحو عام 479 م وتوفّيت ليلى بعده بأربـــع سنوات عام 483 م .
    مقتطفات من أعمالهـــــا :
    1 ـ ومن أجمل قصائدها : ليت للبراق عيناً(1) تستنجد بالبراق (2) وإخوتها من بحر الرمل عدد أبياتها 14 بيتاً قالت فيها :
    ليتَ للبِــــرّاَقِ عينـــــــا فترى *****  ما أُقاســـــي مِن بــــــلاءٍ وَعَنــــا
    يا كُلَيْــــباً يا عُقـــــــيلاً وَيْلَكُم  *****  يا جُنْيـــــداً ســـــاعدوني بِالبُـــــكا
    عُذِّبَت أخْتُـــــكُمُ يا ويلكـــــــُم  *****  بِعَـــــذابِ النُـــــكرِ صُبْحاً وَمَســـا
    يَكْذِبُ الأعجَـــــمُ ما يَقْــرُبُني  *****  ومعي بعضُ حِســــــاساتِ الحَيـــا
    قَيِّدونــــــي غَلّلونـــي وَافعَلوا  *****  كُلّ ما شِئْتــــم جَميــــــعاً مِن بَـــلا
    فأنا كارِهَـــــــــةٌ بُغيَتُــــــــكُم  *****  وَمَريرُ المــــــوتِ عِندي قد حــــلا
    أتَدُلّـــــون عليـــــنا فارســـــاً  *****  يا بني أنمــــــارَ يا أهــــلَ الخنـــــا
    يا إيادُ خسِــــــرَت صَفقتُـــكُم  *****  وِرمَى المنــــظَرَ من بَـــــرد العمى
    يا بني الأعمـــاصِ إمّا تقطعوا  *****  لِبَني عدنـــــانَ أســــــباب الـــــرّجا
    فاصطِــــباراً وَعَـــــزاءً حَسَناً  *****  كُلُّ نَصـــــــرٍ بعدَ ضُــــرٍ يُرتَـــجى
    قُل لِعَدنــــانٍ فُديتُم شَمــــــِّروا  *****  لِبَني الأعجــــــامِ تشـــــــميرَ الوَحى
    واعقدوا الراياتِ في أقطـارها  *****  وِاشهَروا البيضَ وسيروا في الضُحى
    يا بَني تَغْلِبَ سيروا واِنصروا  *****  وَذروا الغفلــــة عنـــكم والكَــــــــرى
    وَاِحذِروا العــارَ على أعقابِكم  *****  وَعليكـــــُم ما بقيتُـــــم في الــــــورى  
    2 ـ  وقالت هذه الأبيات في مدح البراق :
    أمّ الأغرّ دعي ملامك واسمعي  *****  قولاً يقينـــــاً لســــتُ عنه بمعزلِ
    براق ســــــيّدنا وفــارس خيلنا  *****  وهو المطاعن في مضيق الجحفلِ
    وعماد هذا الحي في مكروهه  *****  ومؤمــــــل يرجــــوه كلّ مؤمــــلِ
    3 ـ ولها أيضاً من الشّعر في وداع البراق :
    تـــــزود بنا زاداً فلــيس براجــــع  ***** إلينـــــا وصال بعد هذا التقــــاطعِ
    وكفكف بأطــراف الــــوداع تمتعا  ***** جفونك من فيض الدموع الهوامع ِ
    ألا فاجزني صاعاً بصاعٍ كما ترى ***** تصــــوب عيني حســرة بالمدامع ِ
    4 ـ وترثي ابن عمها غرسان أخو البراق حين بلغها قتله في الحرب بقصيدة قالت فيها :
    قد كان بي ما كَفى مَن حُزنِ غَرسانِ  *****  والآنَ قد زاد في همّي وأحـزانِي
    ما حالُ بَراقَ مِن بعدي ومَعْشَـــــرِنا  *****  ووالِدَيَّ وأعمـــامي وإِخـــــواني
    قد حـــــالَ دوني يا بَـــــراق مُجتَهِداً  *****  مِنَ النوائب جُـــهْدٌ ليسَ بالفــاني
    ترِبَّعَ الشَــــــوقُ في قلبي وذُبْتُ كما  *****  ذابَ الرَصاصُ إِذا أُصْلِي بنيرانِ
    عن ابنِ رَوحــــانَ راحت وائلٌ كَئياً  *****  عن حامـــــلٍ كُلَّ أَثقــالٍ وأوزانِ
    يا عَينِ فَابكي وجودي بالدمـوعِ ولا  *****  تَمَـــلّ يا قلــبُ أن تُبلى بأشـــجانِ
    فَذِكرُ بَراقَ مَولى الحَيِّ مَن أســــــَدٍ  *****  أنســـــى حياتي بِلا شَكٍّ وإنسانيِ
    =============  
    14/9/2013                                              المهندس جورج فارس رباحية













    المفـــــــــــردات :  
    (1) ـ قصيدة ليت للبراق عيناً وقصة ليلى : فقد أُنتِج أكثر من عمل فني لهما :
    ـــ  من قصّتها استلهمت أحداث فيلم ( ليلى بنت الصحراء ) عام 1937 وكان من بطولة
       حسين رياض و زكي رستم و راقية إبراهيم وبهيجة حافظ  .
    ـــ غَنّت القصيدة المطربة أسمهان بألحان محمد القصبجي وصوّرَت في فيلم ( أمـــــيرة
       الشرق ) عام 1938 وهو يحكي قصة ليلى العفيفة . غير أن اقتران المــــــلك فاروق
      بفريدة أخت شاه إيران أُوقف العمل بالفيلم .
    ـــ وتعبيراً عن إعجاب الشاعرة نازك الملائكة بأداء أسمهان لهذه القصيدة قامت بتسمية
      ابنها الوحيد البراق رغم صعوبة هذا الاسم وندرته .
    (2) ـ البَراق : هو أبو النصر البراق بن روحان ابن أسد بن بكر من مرّة من بني ربيعة وهو
    قرابة المهلهل وكليب وكان شاعراً مشهوراً من أهل اليمن ، وكان في صغره يتبع رُعاة الإبل  ويحلب حليب النوق ويأتي بها إلى راهب فيتعـــلّم منه تلاوة الإنجيــل وكان يدين بدينه  . تولى البراق رئاسة قومه بني تغلب زمناً طويلاً، وصارت قبائل ربيعة بحسن تدبيره أوسع العرب خيراً. توفي نحو عام 479 م.
    المصــــــادر والمــــــراجع :
    ـــ مواقع على الإنترنت :
    waell

    مُساهمة الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 12:22 من طرف waell

     من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الجمعة يوليو 19, 2013 11:40 am



    المُتَنَبّــــي


    915 ــ 965 م
    المهندس جورج فارس رباحية  

       هو
    أبو الطيّب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي

    ويُكَنّى بأبي الطيّب

    وُلِـــدَ ســـنة  ( 303 هـ  ــ  915 م ) بالعراق في مدينة الكوفة بمحلة الكندة التي نُسِبَ إليها وليس هو من قبيلة كِنْدَة بل هو مـــــــــن قبيلة جُعْفي.

    عــــاش المتنبي في أسرة فقيرة ، أبوه سقّاء ماء بالكوفة ، بدأ ينظم الشــعر وهو بعمر 9 سنوات بقي في الكوفة حتى بلغ من العمر 14 عاماً ثم خرج إلى بادية الجزيرة ( السماوة ) وعـــاش فيها سنتين ثم عـــــــاد إلى الكوفة ثم ذهــب إلى بغداد وعمره 17 عاماً ومن بغداد تنقّل بين القبائل في جــوف البوادي وتنقّل ببين حمص واللاذقية وأنطاكــــية وطرابلس وبعلبك ثم انتقل مع والده إلى الشام ونشـأ متــمرّداً على واقعـــــه وغلت في عروقه دمــــــــاء الشباب ، فأصيب بداء الغرور وجنون العظمة واعتقد أن الــــدنيا خادم مطيع لطمـوحاته وهو القائل :
    وكلّ ما خلق الله وما لم يخلق   *****  مُحْتَقَرٌ في همتي كشعرة في مفرقي


    هناك روايتان لتلقيبه بالمتنبي ، الأولى أنه ادّعى النبوة في بادية السماوة (1) بداية شبابه ، وهي الأكثـــــــر شيوعاً ، وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الأخشيدية بمصــر فأسرَه وحبســـه طويلاً ، وتفرّق أتباعه ، وكان قد قرأ على البوادي كلاماً ذكر فيه أنه قرآن أُنزِلَ عليه ومما قاــــل : ( والنجم الســيّار ، والفلك الدوّار ، والليل والنهار ، إن الكافر لفي أخطار ، امضِ على سنّتك ، واقف إثْرَ مَن كان قبلك من المُرسلين ، فإنّ الله قامعٌ بك زيغ مَن ألحدَ في الدّين وضلّ عن السبيل) ويُقال أن ســـــبب سجنه لكونه شيعياً .


     

    والرواية الثانية هي روايـــــــة أبو العلاء المعري حيث يقول في رســـــــالة الغفران عن سبب تلقيبه بالمتنبي : " وحدثت أن المتنبي كـــــان إذا سُئِلَ عن حقيقة هــــذا اللقب كان يقول إنـــه من النَبــــْوة أي المـــرتفع من الأرض وأنه قد طمح في شـــــيء من المُلْك ، ولإبداعه في الشــــــعر لُقِّبَ " بنبي الشعر " .
     مكث بالسجن قرابة السنتين وأطلــــــق سراحه سنة 952 م فقصــد أمير حلب ســـيف الدولة الحمداني (2) وكان لســــيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلّمون بحضرته ، فوقع بين المتنبي وبين ابن خـالويه النحوي كــــــــلام فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان معه ، فشجّه وخرج دمه يســــيل على ثيـــــابه ، فغادر حــلب  سنة 961 م قاصداً كافور الأخشيدي ملك مصر فمدحــــه كما مدح أنوجور بن الأخشيد . وكان يقف أمام كافور وفي رجليْه خُفّان وفي وسطه سيف ومعه حاجبين من مماليكه متمنــــــطقان بالسيوف . ولما لم يرضه هذا التصرّف ، لتعاليه في شعره وسموّه بنفسه ودعوته بالنبوّة . فهجــــــــاه المتنبي وتركه ليلة عيد الفطر سنة  965 م ، فأرسل كافور خلفه جنوده إلى عدة جهات ليقبضوا عليه فلم يفلحـــوا . وقال في هذه المناسـبة ( عيد الفطر ) :
    عيد بأية حال عــــــدت يا عــــيد  *****  بما مضى أم بأمر فيك تجـــــديد
    أما الأحبـــــــة فالبيــداء دونـــهمُ  *****  فليت دونـــــك بـــيداً دونـــها بيدُ
    اني نزلتُ بكـــــــذّابين ضيفــــهمُ  *****  عن القِرى وعن التِرحال محدودُ
    جود الرجال من الأيدي وجودهمُ  *****  من اللسان فلا كانوا ولا الجـــودُ
    ما يقبض المونُ نفْساً من نفوسهمُ  *****  إلاّ وفي يـــده من نتنـــها عـــودُ
    أكلما اغتال عبدُ الســـــــوءِ سيّده  *****  أو خانه فله في مصــــــر تمهيدُ
    صار الخصيّ إمــــام الآبقين بها  *****  فالحُرّ مُستَــــعبدٌ والعبــد معبودُ
    لا تشتر العبد إلاّ والعصــــا معه  ***** إن العبيـــــد لأنجــــاسٌ منـــاكيدُ

     قصد المتنبي بلاد فارس ومدح عضد الدولة ( بن بويه الديلمي ) فكافأه ، ولما رجع من عنده قاصداً بغداد ثم إلى الكوفة في 8 شعبان سنة 350 هـ  ـ 965 م هاجمـــــه ( فاتك بن أبي جهل الأسدي )(3) مع عــــــدد من أصحابه بنحو 30 وقيل 60 ، وكان مع المتنبي جماعـــة من أصحــــابه فقاتلوهم ، فقُتِلَ المتنبي وابنه محسـّد وغُلامه مُفْلِح بالقرب من النعمانية  ، في موضع يُقال له الصافية وقيل حيال الصافية ، من الجانب الغربي من سواد بغـــــــداد عند دير العاقول بينهما مسافة 3 كم .
      عاش المتنبي أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاد سيف الدولة الحمداني في حلب وكان أحــــــد أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكّناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العرب . فيوصف بأنه نادرة زمانه وأعجوبة عصره وبقي شـــــعره إلى يومنا هذا مصــــدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء . هو شاعر حكيم واحد مفاخر الأدب العربي وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك ، شجاع طموح محب للمغامرات صاحب كبرياء ، في شعره اعتزاز للعروبة وتشاؤم وافتخار بنفسه ، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك إذ جاء بصياغة قوية محكمة .
      إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعــــــــاني المبتكرة , وجد الطريق أمامه مُهَيّئاً لموهبته الشعرية لدى الأمراء والحكّام ، ترك المتنبي تراثاً عظيماً من الشــــــــعر القوي الواضح يمثّل عنواناً لسيرة حياته ، صوّرَ فيه الحياة في القرن الرابـــع الهجري ( العاشر الميلادي ) أجمــــل وأوضح تصوير ، له ديوان شرحه مجموعة من كبار الأدباء مثل : عثمان بن جني ( 942 ـ 1002 ) م وأبو
    العلاء المعري ( 973 ـ 1057 ) م و أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي ( توفي 1076 م ) و الشيخ إبراهيم اليازجي ( 1847 ـ 1906 ) م و العكبري . كما أن الكثير من الأدباء المعاصرين لم ينسوا المتنبي منهم :
    ـــ طه حسين في كتابه : مع المتنبي
    ـــ لويس ماسينيون ترجمة د. إبراهيم عوض في كتابه : المتنبي
    ـــ د. عائض القرني في كتابه : إمبراطور الشعراء
    ـــ ممدوح عدوان في كتابه : المتنبي في ضوء الدراما
    ـــ طاهر محسن كاظم في كتابه : التركيب اللغوي لشعر المتنبي
    مقتطفــــــات من أعمــــاله :
    1 ـ من المعلوم أن المتنبي نظم الشعر وهو في التاسعة من عمره ، فأوّل ما قال :
    أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدني  *****  وفرق الهجر بين الجفنِ والوسنِ
    2ـ قال المتنبي عن نفْسه :
    أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي  *****  وأسمعتُ كلــــــماتي من به صممُ
    الخيل والليل والبيداء تعـــرفني *****  والسيف والرمح والقرطاس والقلمُ
    3 ـ قال في الغَزَل :
    وعذلت أهل العشق حتى ذقته  *****  فعجبتُ كيف يموت من لا يعشقُ
    ========
    ما بالُع لاحظتُه فتضرّجتْ   *****  وَجَناتُهُ وفؤادي المجروحُ
    ========
    ورمى وما رَمَتا يداهُ فصابني  *****  سهمٌ يُعَذَبُ والسهام تُريحُ
    ========
    والهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أراقِبُهُ  *****  أنا الغريقُ فما خوفي منَ البَلّلِ
    =========
    4 ـ  وقال في الجهل :
    وفي الجهل قبل الموت موتُ لأهله  *****  فأجســامهم قبل القبور قبورُ
    وإن امرأً لم يحي بالعلــــــــم ميّتٌ   *****  فليس له حتى النشور نشورُ
    5 ـ  قال في الحِكَمْ ، فكان من إبداعاته تحوّل بعض أبيت من شعره إلى حِكَم عربية متداولة على اللسان:
    إذا رأيتَ نيوبَ اللّيْثِ بارزةً  *****  فلا تظنّ أن الليثَ يبتسِمُ
    =========
    لا تحقِرَنَّ صغيراً في مخاصمةٍ  *****  إن البعوضة تُدمي مُقلة الأسدِ
    =========
    وإذا أتتكَ مذمّتي من ناقص  *****  فهي الشهادة لي باني كاملُ
    =========
    إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكته  *****  وإن أنت أكرمتَ اللئيم تمرّدا
    =========
    لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى  *****  حتى يُراق على جوانبه الدمُ

    6 ـ وقال في الإحسان :
    وقَيَّدتُ نفسي في ذراك محبة  *****  ومَن وجدَ الإحسانَ قيداً تقيّدا
    ========
    إذا الجودُ لم يُرْزَقْ خَلاصاً مِنَ الأذى  *****  فلا الحمد مكسوباً ولا المالُ باقيا
    7 ـ  في الإقدامِ قال :
    لولا المشَقّةُ ساد الناس كُلُّهُمُ  *****  الجودُ يُفْقِرُ والإقْدامُ قَتَّالُ

    8 ـ  في المديحِ عند مدحه سيف الدولة الحمداني قال :
    عَلى قَدْرِ أهــلِ العَزْمِ تأتي العزائمُ  *****  وتأتي على قدر الكـــــــرامِ المَكارِمُ
    وتعظمُ في عين الصغيرِ صغارُها  *****  وتصغرُ في عين العظـــــيمِ العظائمُ
    يُكلف سيف الـدولة الجيش هــــمّه  *****  وقد عجزت عنه الجيوش الخضارمُ
    9 ـ وقال في صباه يهجو القاضي الذهبي :
    لما نسبت فكنتَ ابناً لغير أبِ  *****  ثمَّ اختبرت فلــم ترجع إلى أدبِ
    سُمّيتَ بالذهبي اليوم تسـميةً  *****  مُشْتَقّةً من ذهاب العقلِ لا الذهبِ
    10 ـ  ذكر العلاّمة ابن جنّي أن أبا الطيب لُقِّبَ بالمتنبي لأنه قال :
    أنا في أمّةٍ تداركها الله  *****  غريب كصالح في ثمودِ
    ما مقامي بأرض نخلةٍ  *****  كمقام المسيح بين اليهودِ
    11 ـ كان المتنبي في كل شعره يؤمن بأن هناك أصحاب النسب الصريح وهم العرب الغرباء وأدعياء النسب
          من الموالي والعجم والعبيد حيث قال :
    وإنما القـــــوم بالمــــلوكِ وما  *****   تصلح عرب ملوكها عجَـــمُ
    لا أدب عنـــــدهم ولا حســب  *****  ولا عهــــود لــــهم ولا نـــعمُ
    بأي لفظ تقول الشعر زعــنفة  *****  تجوز عنك لا عرب ولا عجمُ
    12 ـ كل المصادر تؤكّد أن المتنبي لم يشرب الخمر ولم يزن ، وفي إحدى المرات دُعِيَ إلى الشراب فقال :
    لا حبتي أن يملأوا   *****   بالصافيات الأكـــوبا
    وعليهم أن يــبذلوا   *****   وعليّ أن لا أشـــربا
    حتى تكون الباترا    *****  ت المسمعات فأطربا
    13 ـ  القصيدة البائية التي قتلت المتنبي عندما هجا ضبة بن يزيد الأسدي العيني وجاء فيها كلاماً بذيـــــــئاً واحتوت القصيدة على أبشع الألفاظ  مما جعل المتنبي ينكر إنشادها كما قال الواحدي أحد شُرّاح ديوان المتنبي
    علمَ فاتك بالقصيدة (خال ضبّة ) فغضب عند سماعها وأراد الانتقام لأخته ابنها ضبّة فكان ما كــان . ونذكر من
    هذه القصيدة عدة أبيات ونترك الباقي لما فيها من أبشع الألفاظ والعبارات البذيئة  :
    ما أنصف القوم ضبّة وأمّه الطرطبّة  *****  فلا بمن مات فخرٌ ولا بمن عاش رغبة
    وإنما قلت ما قلت رحمـــــة لا محبّة  *****  وحيلة لـك حتى عـــــذرت لو كنت تيبة
    وما عليك من القتل إنما هي ضـربة   *****  وما عليك من الغــــدر إنما هو ســـــبّة
    =====================
        7/7/2013                                                                  المهندس جورج فارس رباحية
    المفــــــــردات :
    (1) ــ  السماوة : هي البادية بين الكوفة والشام .
           (2) ــ سيف الدولة الحمداني : هو علي بن عبد الله وُلِدَ في ديار بكر ـ ميافارقين ـ ســنة 915 م وتوفي
       في حلب سنة 965 م . هو اكبر أمراء الحمدانيين حلب (سورية) انتزع حـــــلب من الأخشيديين
       حارب البيزنطيين وانتصر على الإمبراطور فوقاس 953 م ، ازدهرت الآداب والعلوم في عهده
       فنبغ في بلاطه المتنبي وأبو فراس الحمداني وأبو نصر الفارابي الفيلســـــوف الذي قدّم للحمداني
       كتابه الأغاني . توفي على أثر فالج ، خلفه ابنه سعد الدولة .
    (3) ــ فاتك بن أبي جهل الأسدي : هو خال ضبّة بن يزيد الأسدي العيني الذي هجاه المتنبي .

    المصــــــــادر والمــــراجع  :
    ـــ  أبو الطيّب المتنبي ج1 و ج2 : فؤاد أفرام البستاني . بيروت
    ـــ  تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري
    ـــ  المنجد في اللغة والأعلام  . بيروت 1973
    ـــ شرح ديوان المتنبي : أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي . مكتبة مشكاة الإسلامية
    ـــ مواقع على الإنترنت :

    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    المتنبي
     
    waell

    مُساهمة الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 12:27 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الثلاثاء سبتمبر 03, 2013 10:59 am

    الأخطل الصغير
    1885 ـ  1968
    المهندس جورج فارس رباحية  
       هو بشارة بن عبد الله الخوري (1) وُلِدَ في بيروت عام 1885 واأصل أهله من قرية إهمج في قضاء جبيل درس في مدرسة مطرانية الروم الأرثوذكس وبمدرسة الحكمة المـــــــارونية والفرير وكان من تلاميذ عبد الله ميخائيل البستاني (2) . لُقّبَ بشاعر الحب والهوى كمــا لُقّبَ بالأخطل الصغير لاقتدائه بالشاعر الأموي الأخطل التغلبي (3) .
    أنشأ عام 1908 جريدة البرق ، توقّفت عن الصدور أثناء الحرب العالمــية الأولى ( 1914 ـ 1918 ) ثم تابعت الصدور حتى بداية عام 1933 عندما أغلقتها السلطات الفرنسية وحملَ في جريدته لواء القضية العربية ونشر مقالات عديدة في الدعوة لها ضد التعسّف العثـــماتي كانت حياته عبارة عن سلسلة من المعارك الأدبية والسياسية حيث نذر خلالها قلمه وشعره للدفاع عن أّمّته وإيقاظ هممها ضد الاستعمار والصهيونية ، وكانت اللغــــــة العربية دينه ومدار اعتزازه وفخره . عُيِّنَ مُستشاراً للغة العربية في وزارة التربية الوطنية قي بيروت ، اســـتمرّ يعمل في الصحافة طوال حياته وانتخب عضوا في المجمع العلمي العربي بدمشق . استلم نقابة الصحافة بلبنان عام 1928 ورئيس بلدية برج حمود عام 1930 وأنشأ حزباً سياسياً عُرِفَ باسـم حزب  الشبيبة اللبنانية  . كُرِّمَ بقاعة اليونسكو ببيروت عام 1961 وأُطلِقَ عليه لقب أمير الشـــعراء . وكُرَمَ أيضاً في القاهرة .
     نهل الأخطل الصغير من الثقافة الفرنسية ، وترجم الكثير من القصائد الرومانسية الفرنسية إلى العربية ولكنه كان أمْيَل إلى الثقافة العربية ، وتأثّر بكتاب الأغاني للأصفهاني واستقى منه عدداً من الأقاصيص الشِعْرية .
     اتّسم شعر الأخطل الصغير بالأصالة ، وقوة السبك والديباجة ، وجزالة الأسلوب ، وأنــــــاقة العبارة ، وطرافة الصورة ، بالإضافة إلى تنوّع الأغراض وتعدّدها . كما تأثّر بحركات التجديد في الشعر العربي المعاصر وامتاز شعره بالغنائية الرقيقة والكلمة المختارة بعناية فائقة  .
    غنّى شعره : محمد عبد الوهاب ، فريد الأطرش ، فيروز ، وديع الصافي .
    صدر له : ديوان الهوى والشباب عام 1953 وديوان شعر الأخطل الصغير عام 1961
    توفي الأخطل الصغير في بيروت يوم الأربعاء في 31 / تمـــــوز / 1968 .
    مقتطفــــــــات من أعمـــــاله :
    1 ـ المعروف عن الأخطل الصغير مقته للطائفية والإقليمية فنبدأ بمطلع قصيدة كتبها لهذا الغرض فقال :
    أيها الساــئل عن أدياننا  *****  العيسى أنت أم للمصطفى
    وطني ديني فمن يسالني *****  قــــلت إني عـــربي وكفى
    2ــ  وقال يصف عاقد الحاجبين  وأنشدت هذه القصيدة المطربة فيروز :
    يا عـــاقد الحـاجبين  ***** على الجبين اللجينِ
    إن كنتَ تقصد قتلي  *****  قتلــــتني مـــرّتينِ
    ماذا يريبـــك منّــي  *****  وما هممــت بشينِ
    أصُــفرةٌ في جبيني  *****  أم رعشة في اليدين
    تَمُـــرُّ قفـــزَ غزالٍ  *****  بينَ الرّصيفِ وبيني
    وما نصبتُ شباكي  *****  ولا أذنــــتُ لعينــي
    تبدو كأن لا تراني  *****  ومــلءُ عينكَ عيني
    ومثــلُ فعلك فعلي  *****  ويلي من الأحمــقينِ
    مولاي لم تُبقِ منّي *****  حيّاً ســـــوى رَمَقينِ
    صبرُ حتّى براني  *****  وجـدي وقرب حيني
    ستحرم الشعر منّي *****  وليس هـــــذا بهيـنِ
    أخاف تدعو القوافي *****  عليكَ في المشرقينِ
    3 ـ  وفي قصيدته الوطنية : يا جهاداً صفّق المجدُ لهُ ، قال فيها :
    يا جهادا صــــفّق المجــــدُ لهُ  *****  ليس الغـــــارُ عليهِ الأرجوانا
    شرفٌ باهت فلســــــــطينٌ به  *****  وبنـــــاءٌ للمعــــــالي لا يُدانى
    إن جرحاً ســـــال من جبهتها  *****  لثمتـــــهُ بخشـــــوعٍ شـــــفتانا
    وأنيناً باحـــــت النجــــوى به  *****  عــــــربياً رشفتهــــُ مُقـــــلتانا
    نحن يا أختُ على العهد الذي  *****  قد رضعناه من المـــــهد كلانا
    يثربٌ والقدسُ منذُ احتلمــــــا  *****  كعبتانا وهوى العـــــرب هوانا
    قم إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ  *****  لمســـــة تسبحُ بالطيــــب يدانا
    قم نجعْ يوما من العمــــر لهم  *****  هبهُ صوم الفصح هبهُ رمضانا
    إنّما الحــــقُّ الذي مــــاتوا له  *****  حقّنـــا ، نمشــــي إليه أين كانا
    4 ـ وهذه قصيدته الرائعة : أرقّ الحُسْن ، التي أنشدتها فيروز قال فيها :
    يبكي ويضـــــحكُ لا حُزْناً ولا فرحا  *****  كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
    من بســـــمة النجم همس في قصائده  *****  ومن مُخالســـــة الظَّبي الذي سنحا
    قلبٌ تمــــــرَّس باللّـــــذاتِ وهو فتىً  *****  كبرعمٍ لمســـــتْهُ الريح فانفتــــــحا
    ما للأقاحيّة الســـــمراء قد صــرفت  *****  عنَّا هواها أرقّ الحُسْـــنِ ما سمحا
    لو كنت تدرين ما ألقــــــاه من شجنٍ  *****  لكنت أرفق مَن آســـى ومَن صَفحا
    غــــداةَ لوَّحْتِ بالآمــــــالِ باســـــمةً  *****  لان الذي ثـــار وانقــادَ الذي جمَحا
    ما همّني ولســــــانُ الحب يهتف بي  *****  إذا تبسَّــــــمَ وجه الدهـــــرِ أو كلحا
    فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ إذا حرمت  *****  من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا
    5 ـ وفي الغزل قال :
    بلّــــغوها إذا أتيتـــــم حمـــاها  *****  إنّني مُتُّ في الغـــــرام فداها
    واذكـــــــروني لها بكل جميلٍ  ***** فعســـاها تبكي عليَّ عســـــاها
    وأصبحوها لتُرْبتي ، فعظامي  *****  تشـــــــتهي أن تدوسها قدماها
    لم يشقني يوم القيــــامة ، لولا  *****  أمــــلي أنني هنــــاك أراهــــا
    رحمة ربِّ ، لستُ أسألُ عدلاً  *****  ربّ خذني إن أخطأت بخطاها
    دع سُليمى تكون حيث تراني  *****  أو فدعْــني أكــــون حيث أراها
    6 ـ ومن قصائده الرائعة : الصبا والجمال :
    الصبا والجمال ملـــــك يديك  *****  أيّ تـــاجٍ أعزّ من تاجيـــــكِ
    نصب الحُسْن عرشــه فسألنا  *****  مَنْ تـــــراها له فدَلَّ عليــــكِ
    فاسكبي روحك الحنون عليه  *****  كانسكاب السماء في عينيـــكِ
    كلما نافس الصـــــبا بجمــال  *****  عبقــــري الســــنا نماه إليــك
    ما تغنى اله،،،،زار إلاّ ليلقي  *****  زفــرات الغـــــرام في أذنيكِ
    سكر الروض سكرة صرعته  *****  عند مجرى العبير من نهديك ِ
    قتًلَ الورد نفســه حسداً منكِ  *****  وألقــــى دِمـــــــاه في وجنتيكِ
    والفراشات ملّــت الزهر لمّا  *****  حدّثتها الأنســــــام عن شفتيكِ
    رفعوا منكِ للجمـــــــال إلهاً  *****  وانحنــــــوا سجداً على قدميْكِ
    7ـ وتغنّى فريد الأطرش مع قصيدة : أضنيتني بالهجر :
    أضنيتني بالهجر,,, ما أظلمك!!
    فارحم عسى الرحمن أن يرحمك

    مولاي ,,حكمتك في مهجتي
    فارفق بها يفديك من حكمك!

    ما كان أحلى قبلات الهوى,,
    ان كنت لا تذكر,,,فاسأل فمك

    تمر بي كأنني لم أكن
    قلبك أو صدرك أو معصمك

    لو مرّ سيف بيننا,,لم نكن نعلم
    هل أجرى دمي ,,أم دمك!

    سل الدجى كم راقني نجمه
    لمّا حكى ,,مبسمه مبسمك

    يا بدر,,ان واصلتني بالجفا
    ومتّ في شرخ الصبا ,,مغرمك

    قلّ للدجى مات شهيد الوفا
    فانثر على أكفانه,, أنجمك
    =================

     28/8/2013                                          المهندس جورج فارس رباحية


    المفــــــــــــــردات :
    (1) ـ  بشارة عبد الله الخوري هو الشاعر . بينما بشارة خليل الخوري ( 1890 ـ 1962 )
    هو رئيس جمهورية لبنان ( 1943 ـ 1952 ) ، هذا للتوضيح لعدم الاتباس بينهما .
    (2) ـ عبد الله البستاني ( 1854 ـ 1930 ) وُلِدَ في الدبيّة بلبنان ، يُعتبَر من أئمّة اللغة لـــــه ( البستان ) وهو معجم لغوي .
    (3) ـ الأخطل : (640 ـ 708 ) م شاعر بني أمية  هو : هو غيـاث بن غوث بن طارقة بن عمرو بن سيحان بن الفَدَوْكَس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمــرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاســـــط ، التغلبي من قبيـــــلة تغلب النصرانية (1) يُكَنّى بأبي مالك ولقبه الأخطل وهو اللقب الرئيسي وله ألقابٌ أخرى منها : دوبــــــــل ، وذو العباية ، وذو الصـــــليب ، وبالكبيــر تمييزاً له عن الأخطل الصغير .
    المصـــــــادر والمـــــراجع :
    ــــ  ديوان الهوى والشباب : بشارة الخوري  1953
    ــــ  ديوان الأخطل الصغير : بشارة الخوري  1961
    ـــ  المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ــــ مواقع على الإنترنت :
    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa


    الأخطل الصغير
    مآآآري

    مُساهمة الأربعاء 18 سبتمبر 2013 - 18:24 من طرف مآآآري

    المهندس جورج فارس رباحية  Images?q=tbn:ANd9GcS-yKUDKe3aEqfty5AVVUepEUOtAs6zxpkjU_XnBsfPD3LwxLIopA
    waell

    مُساهمة الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 20:47 من طرف waell

    المهندس جورج فارس رباحية  Empty من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الثلاثاء أغسطس 13, 2013 12:38

    pm

    الأَخْطـَـــــلْ
    640 ـــ  708 م
    المهندس جورج فارس رباحية  
     هو غياث بن غوث بن طارقة بن عمرو بن سيحان بن الفَدَوْكَس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمــــــرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاســـــط ، التغلبي من قبيـــــلة تغلب النصرانية (1) يُكَنّى بأبي مالك ولقبه الأخطل وهو اللقب الرئيسي وله ألقابٌ أخرى منها : دوبل ، وذو العبــــاية ، وذو الصـــــليب ، وبالكبيــر ويمــــكن توضـــــيح هذه الألقـــــاب بما يلـــي :
    1 ـ أبو مالك : نسبة لابنه مالــك .
    2 ـ الأخطل : وهو اللقب الرئيسي  : فحسب ما وردَ فقد سُمّيَ بالأخطل لأن اثنان تحاكما إليه وهما ابنيّ جُعَيل ليحكم بينهما أيّهما أشعر فأجابهما  شِعراٌ  :  
    لعمـــــرك إنّني وإبني جُعيل  *****  وأمّهما لأســــــــتارٌ  لئيــم
    أستار : كلمة فارسية معناها أربعة
    فقيل له أن هذا الخَطَل من قـــــولك ( وفي اللــــغة أخطل في كلامه : أتى بكلام فاســــــــد ) والأخطل جمع خُطْل : طويل الأذنين مُستَرْخيهما .  فسُمّيَ بالأخطل فمن الثابت أن الرعونة والبذاءة وسلاطة اللسان كانت الدافع لتلقيبه بالأخطل .
    3 ـ دوبـــــل : ذكر المؤرخون أن أمّه لقّبته في طفولته ( بدوبل ) والدوبل هو ذكر الخنزير أو الحمار القصير الذَنَب ، لكنه لم يتقبّل هذا اللقب فهجاه قائلاً :
    بكى دوبلٌ ، لا يَرقى الله دمعه  *****  ألا إنما يبكي منَ الذُلِّ دوبَــــــلُ
    4 ـ ذو العبــاية : لقّبه جرير بذي العباية في قصيدة يهجوه فيها حين أُسِرَ في يوم البشر وكانت عليه عباءة قذرة وفي ذلك يقول جرير :
    يا ذا العباية ، إنّ بشراً قد قضى  *****  ألاّ تجــــــوزَ حكــومة النســـوانِ
    5 ـ ذو الصّــــليب : لُقِّبَ أيضاً بذي الصليب ، فقد وردَ في قامـوس المحيط للفيروزابادي مايلي ( ذو الصليب لقب الأخطل التغلبي ) وقال الأب لويس شيخو في كتابه شــــعراء النصرانية بعد الإسلام ، أنّ أمّ الأخطل علّقَت على صدره صليباً ، لم ينزعه حتى كهولته وحتى عند دخــــــوله على الخلفاء فعُرِفَ لذلك ( بذي الصّليب ) .
    6 ـ الأخطل الكبير : وفي القرن العشرين جاءه اللقب السادس وهو ( الأخطل الكبير ) لتمييزه عــن أمير الشعراء بشارة الخوري ( 1885 ـ  1968 ) الذي لُقِّبَ بالأخطل الصغير لاقتدائه بالشاعر الأموي التغلبي . فاكتسبَ الأخطل آخر لقب له بعد وفاته بــ 1250 سنة .
    وُلد الأخطلَ في الحيرة (2) سنة 640م ؟  كان أبوه غوث بن طارقة من وجوه قومه  ، أما أمّه  فاسمها ليلي من قبيلة إياد النصرانية (3)وكانت تحبّـــــــه وتحنو عليه ، أما عن زواجه فقد ذُكِرَ أنه تزوّج أكثر من امرأة ، لكن زوجته الأولى أم مــــالك كانت أشهر نسائه ، فقد تحمّـــلت معه ضيق العيش في أوائل حياته  من أولاد الأخطل لا نعرف إلاّ مالكاً الذي كُنِّيَ باســـــــمه ، والذي أراده أن يكون صــــــــاحب ذوق ودراية وكرم . وكان سفيراً متجوِّلاً لأبيه يرســـله في المهمات الأدبية ويعتمد عليه في هذا المجال  ، فقد روى أبو الفرَج الأصفهـــــــاني في كتابه الأغـــــاني : ( انه لما بلغ الأخطـــــل تهاجي جـرير والفرزدق قال لابنه مالك : انحدر إلى العـــــراق ، حتى تسمع منهما وتأتيني بخبرهما ، فانحدر مالك حتى التقى فيهما وسمع منهما ، ثمّ أتى أباه ، فقال له كيف وجدتهما ؟ قال : وجدت جريراً يغــرف من بحر ، ووجدت الفرزدق ينحت من صــــخر ، فقال الأخطـــــل الذي ينحت من صخر أشعرهما ) وإن قول الأخطل هذا يُبَيّن انه كان متحمّساً للفرزدق .
     لابد من الإشارة إلى أن كعب بن جُعيل له الفضل لدخول الأخطل بــلاط الأمويين وذلك عندما طلب يزيد بن معاوية من كعب أن يهجو الأنصـــــــــار(4) فرفض وقال له سأدلك على غــــلام منَّا نصراني ، لا يُبالي أن يهجوهم ، كأن لسانه لسان ثور قال : مَنْ ؟ قال ( الأخطل ) . هـــــذه الفرصة جعلت الأخطل يمسك بزمام المبادرة ليس فقط ليصبح شاعر تغلب وإنما ليدخل بــلاط الخلفـــــــاء الأمويين من الباب الواسع  ، لكنه آثر أن يحتفظ لنفسه بضمانة من يزيد بن معاوية تجعــــــله في مأمن إذا ما تعرّض للأخطار ، فقال يزيد : لا تخف شيئاً ، لك ذمة أمير المؤمنين وذمّتي ، فأنشد الأخطل قصيدته التي مطلعها :
    ذهبتْ قريشٌ بالسّماحة والنَّدى  *****  واللؤم تحتَ عمائم الأنصارِ
    فدعوا المكارمَ لسـتم من أهلها  *****  وخذوا مساحِيَكُم بني النجَّـارِ
    إن الفوارسَ يعرفون ظُهورَكم  *****  أولادَ كُلِّ مُسفَّحٍ أكَّـــــــــــارِ
    وإذا نسَبْتً ابنَ الفريــعةِ خلتهُ   *****  كالجحشِ بينَ حمارة وحمارِ
      وصل الأمر إلى النعمان بن بشير الأنصاري ، فجاء إلى معاوية بن أبي سفيان يُبلغه بالقصيدة التي قالها الأخطل ، فطلب من معاوية قطع لسان الأخطل فقال له : لك ذلك وطلب أن يؤتى به ، فأسرع الأخطل إلى يزيد وقال له : هذا الذي كنت أخافه . فطمأنه يزيد فدخل إلى معاوية وطلب العفو له ، وطلب من النعمان البيّنة على ما يقول ، فلما عجز عن الإتيان بها ، خلّى معاوية سبيله ، ومن هذه الحادثة استطاع الأخطل أن ينفذ من حدود القبيلة إلى مسرح السياسة ويُصــــــبحَ من نجوم ذلك العصر ، فقد دخل ديوان معاوية ثم مدح يزيد ابنه ثم خالد بن يزيد ثم عبدالله بن معاوية ، ثم انتقلت مدائحه غلى البيت المرواني وله قصائد في عبد الملك بن مروان ن وبشر بن مــروان والحجاج بن يوسف الثقفي ، وعكرمة الفياض ، وخالد بن أسيد والوليد بن عبد الملك وغيرهم من سادات الأمويين وأشرافهم . وهكذا بقي الأخطل شاعر البيت الأموي ، ينال منهم أعطيات جعلته يملك داراً للشراب ، فأسبغوا عليه النِعَم ، ولم ينتقص من رعايته إلاً هشـــــام بن عـــبد الملك لما عُرِفَ به من البخل .
     أما عن الخمرة فكان لها سلطانها عند الأخطل ولها نوادر كثيرة ، فقد أورد أبو الفرَج في كتابه الأغاني نادرة تُعطينا الدلالة على أن الأخطل كان عاشقاً للخمرة يشتهيها ولا ينحرج بطلبها حتى في حضرة امير المؤمنين فقال : (( دخل الأخطل يوماً على عبد الملك بن مروان فاستنجده فقال : قد يَبِسَ حلقي ، فمر مَنْ يسقيني ، فقال اسقوه ماءً . فقال : شراب الحمار ، وهو عندنا كثير ! قال فاسقوه لبناً . قال : عن اللبن فُطِمْتُ ! قال : فاسقوه عسلاً . قال : شراب المريض ! قـــال : فتريد ماذا ؟ قال : خمراً يا أمير المؤمنين . قال : أوعهدتني أسقي الخمر ؟ لا أمَّ لك ! لولا حرمتك عندنا لفعلت بك وفعلت . فخرج فلقي فرّاشاً لعبد الملك فقال : ويلك إن أمير المؤمنين استنشدني ، وقــد صَحِلَ صوتي فاسقني شربة خمر . فسقاه . فقال : أعْدِلهُ بآخر . فســــقاه آخر . فقــــال : تركتهما يعتركان في بطني . اسقني ثالثاً . فسقاه ثالثاً فقال : تركتني أمشي على واحدة . أعْدِلْ ميلي برابعٍ فسقاه رابعاً ، فدخل على عبد الملك فأنشده قصيدة خفّ القطينُ مطلعها :
    خفَّ القطينُ فراحوا منكَ وابتكروا  *****  وأزعجتهم نوى في صرفها غِيَــرُ
     فقال عبد الملك : خذ بيده يا غُلام  فأخرجه، ثم القِ عليه من الخلعِ ما يغمره ، وأحسن جائزته وقال : إن لكل قومٍ شاعراً ، أن شاعر بني أميَّة الأخطل )) .
     لقد حاول خلفاء الأمويين أن يستميلوه للدخول في الإسلام وهو شاعرهم أن يكون نصرانياً بينما هم حُماة الدين وأمراؤه ، فرويَ أن عبد الملك قال له يوماً : لِمَ لا تُسْلِمْ يا أخطل ؟ قال : إن أحللتَ لي الخمر ، ووضعتَ عني صوم رمضان أسلمت ، فقال له عبد الملك : إن أسلمتَ ثم قصّرتَ في شيء من الإسلام ضربتُ الذي في عنقك . فقال الأخطل :
    ولستً بصائمٍ رمضانَ ، يوماً  *****  ولستُ بآكل لحمَ الأضــاحي
    ولستُ بقائــــــمٍ كالعيرِ يدعو   *****  قُبَيْلَ الصّبحِ حيِّ على الفلاحِ
    ولكنّي سأشربُها شمـــــــولاً    *****  واسجدُ عند منبلج الصّبـــاحِ
    أمضى الأخطل حياته بتنقله بين الجزيرة ( الجزيرة السورية ) ـــ حيث يتواجد أقاربه ـــ وبين والشـــام وعاش نيّفاً وسبعين سنة قضاها أبو مالك في تهتك وهجاء وفخر ومديح ، ومات في خلافة الوليد بن عبـــــد الملك ، والدليل على ذلك قول الوليد :
    (( ما أخرج لسان ابن النصرانية  ما في صــــــدره من الشـــــعر حتى مات . وكانت وفاته عام 92 للهجرة ))
     إن منزلة الأخطل في البيت الأمــوي وشهادتهم فيه ، كما رُوِيَ أن عبد الملك بن مروان عندما ســـــمع قصيدة الأخطل ( خفّ القطينُ ) قال : ويحك يا أخطل ، أتريــد أن اكتب إلى الآفاق أنك أشـــعر العرب ، قال : أكتفي بقول أمير المؤمنين ثم خرج به مولى لعبد الملك على الناس يقول : هذا شاعر أمير المؤمنين ، هذا أشعر العرب .
     ورُويَ أن سليمان بن عبد الملك سأل عمر بن عبد العزيز : أجرير أشعر أم الأخطل ؟ فقاــل له إعفني  . قال : والله  لا أعفيك . قال : إن الأخطل ضيّق عليه كفرُهً ، وإن جيرياً وسّع عليه إسلامه قوله ، وقد بلغ الأخطل منه حيث رأيت فقال له سليمان : فضَّلتُ واللهِ الأخطل .
      وسأل هارون الرشيد جماعة من جلسائه وأهله : أيُّ بيت مُدِحَ به الخلفاء منّا ومن بني أميّة أفخر ؟ فقالوا وأكثروا . فقال الرشيد أمدح بيت وأفخره قول ابن النصرانية في عبــــد الملك :
    شمس العداوةِ حتى يُسْتَقادُ لهم  *****  وأعظم الناسِ أحلاماً ، إذا قدروا
    ونشير إلى شهادات شعراء عصره فيه فقال عنه جرير( 653 ــ  733 ) م : ابن النصرانية أرمانا للفرائص  وأمدحنا للملوك وأوصفنا للخمر والحمر. ثم قال ما هُجينا بقول أشـدّ علينا من قول الأخطل :
    قومٌ إذا استنبحَ الأضيافُ كَلْبَهُمُ  *****  قالوا لأمّهم بولي على النارِ  
    الفرائص : مفردها فريصة وهي لحمة عند منبض القلب . الحمر :النساء البيض
    أما شهادة الفرزدق ( 641 ــ 732 ) م فيه يوم سأله ضوء بن اللجلاج في الكوفة : مَنْ أمدحُ أهل الإسلام ؟ قال : الأخطل أمدح العرب . وجوابه لعبد الملك بن مروان حين سأله : مَنْ أشعر الناس في الإسلام ؟ قال الفرزدق : كفاكَ بابن النصرانية إذا مَدَحْ .
     في عصره وجدنا فن شعري جديد عُرِفَ ( بالنقائض ) مع الشعراء الثلاثـــة : جرير والفرزدق والأخطل الذين عُرِفوا ( بالمُثَلّث الأموي ) الذين شغلوا الناس بنقائضهم على مدى عقود طويلة .
       الأخطل شاعر مصقول الألفاظ ، حسن الديباجة ، في شعره إبداع ، أبدعَ في الوصف والمدح والهجاء والفخر والغزل لا سيما الهجاء مع جرير والفرزدق  وحقاً كما قال الأمويون أنه  أشعر العرب .
    مقتطفــــــات من أعمــــــاله :
    1 ـ تُعْتَبَر قصيدة خَفَّ القطين التي مدح فيها عبد الملك بن مروان التي تتكون من 84 بيتاً وعلى البحر البسيط من أجمل قصائده ، وقال الأصفهاني في كتابه الأغاني : زعم الأخطل أنه أفنى في نظم هذه القصيدة حولاً وما بلغَ كل ما أراد ، فقال فيها :
    خَفَّ القَطينُ فراحوا منكَ أوْ بَكَروا  *****  وأزعجَتْهمْ نوَى في صَرفها غِيْرُ
    بني أُميّةَ ، نُعْمــــــاكُمْ مُجَلَّلَـــــــةٌ   *****  تَمَّتْ فلا مِنَّــــــةٌ فيها ولا كَــــدَرُ
    بني أُميَّةَ ، قد ناضلْتُ دونَكُــــــــمُ   *****  أبناءَ قومٍ ، همُ آووا وهمْ نصروا
    بني أُميَّةَ ، إني ناصــــــحٌ لَكـــــُمْ   *****  فلا يَبيتَـــــنَّ فيكـــــمْ آمناً زُفَــــرُ
    2 ـ هذا هو الأخطل يمدح عبد الملك بن مروان بقصيــــــــدة مكوّنة من 55 بيتاً على وزن بحر الطويل قال فيها :
    لعَمري ، لقد أسريتُ لا ليلَ عاجزٍ  *****  بساهمةِ الخدّيْنِ ، طــــــــاوية القُرْبِ
    جُماليّةـــٍ ، لا يُدرِكُ العيسُ رفعَها  *****  إذا كُنَّ بالرًّكبــــان كالقِيَــــــــم النُّكْبِ
    إذا طلعَ العَيُّــــوقُ والنّجمُ أوْلَجَتْ  *****  سوالَفــــــها بيـنَ الســــمَّاكين والقَلْبِ
    إليْكَ ، أمير المؤمنين ، رحَلْتُـــها  *****  على الطائر الميمونِ والمنْزِل الرَّحبِ
    وفي كلِّ عامٍ ، منكَ للرّومِ غزوةٌ  *****  بعيدةٌ آثــــــارِ السَّــــــنابك والسَّـــرْبِ
    وقد جعلَ الله الخـــــلافَةَ فيــــكمُ  *****  بأبْيَضَ ، لا عاري الخِوان ، ولا جَدبِ
    ولمْ ترَ عَيْنـــــي مِثْلَ مُلْكٍ رأيتُه  *****  أتاك بلا طَعْنِ الرِّماح ، ولا الضَّــرْبِ
    ولكِنْ رآكَ اللهُ مَوْضِـــــــعَ حَقّهِ  *****  على رَغْــــــمِ أعداءٍ وصدَّادةٍ كُـــــذْبِ
    3 ـ ومدح الوليد بن عبد الملك بقصيدة عنوانها : دعاني إلى خير الملوك  مكوّنة من 33 بيتاً من الشعر على وزن  بحر الطويل ، جاء فيها :
    دعاني إلى خيرِ المُلُكِ فُضولُهُ  *****  وأنّي امرؤ مُثْنٍ عليِ ونــــــــادِبُهْ
    نساءُ بني عَبْسٍ وكَعْبٍ وَلَدْنَهُ   *****  فنِعْمَ  لعَمــــــري الحالباتُ حوالُبه
    رفيعُ المُنى ، لا يستقِلُّ بهمِّهِ   *****  سؤومٌ ، ولا مُسْتَنْكِشُ البحرُ ناضِبُه
    4 ـ    اجتمع جرير والفرزدق والأخطل في مجلس عبد الملك . فأحضر بين يديه كيساً فيه خمس مائة دينار وقال لهم : ليَقُلْ كلٌّ منكم بيتاً في مدْحِ نفْسه فأيّكم غلب فله الكيس .  
      فقال الفرزدق :
          أنا القطران والشعراء جِرْبى  *****        وفي القطرانِ للجربى شفـاءُ  
      فقال الأخطل:
         فإن تَكُ زِقَّ زاملةٍ فإنّـــــــــي  *****        أنا الطاعونُ ليسَ لـــه دواءُ  
      فقال جرير :
        أنا الموتُ الذي آتي عليكـــــــم  *****        فليسَ لهاربٍ منّـــي نَجَــاءُ

      فقال الخليفة لجرير:
        خُذ الكيس فلعمري انَّ الموتَ يأتي على كلِّ شيء   .
    5 ـ وفي قصيدة قالوا لأُمِّهم بولي على النارِ: التي تتكوّن من 22 بيتاً على وزن بحر البسيط قد هجا الشاعر جرير وقومه  قال فيها :
    ما زالَ فينا رباطُ الخيلِ مُعَلّمةً  *****  وفي كُلَيْبٍ رباط الذُلِّ والعارِ
    النازليــــن بدارِ الذُلِّ إن نَزلوا  *****  وتَسْتَبيحُ كُليْبٌ حُرْمَــة الجارِ
    قَوْمٌ إذا اسْتَنْبَحَ الأضيافُ كَلْبَهُمُ  *****  قالوا لأمّهمِ : بولي على النارِ
    فتُمْسِكُ البَوْلَ بُخلاً أن تجودَ به  *****  وما تبولُ لهم إلاّ بِمـــــــِقْدارِ
    أمّ لئيمةُ نجلِ الفحــــــلِ مُقْرِفةٌ   *****  أدّتْ لفحلٍ لئيمِ النّجلِ شَخّـارِ
    6 ـ وفي هجائه لجرير في قصيدة : طأطأت راسك التي تتكون من 10 أبيات على وزن بحر الكامل قال فيها :
    أذَكَرْتَ عَهْدَكَ ، فأعترَتْكَ صـبابةٌ  *****  وذكــــــرْتَ منـــزِلَةً لآلِ كَنودِ
    ولقدْ شدَدتَ على المراغةِ سَرْجها  *****  حتى نزعْتَ ، وأنت غيرُ مُجيدِ
    وعصرْتَ نُطفَتـــها لتُدْرِكَ دارماً  *****  هَيْهاتَ مِنْ مَهَل عليكَ بعيــــــدِ
    وإذا تعاظَمتِ الأمورُ لــــــــدارمٍ  *****  طَأطَأتَ رأسكَ عن قبائلَ صيدِ
    وإذا وضعتَ أبــــاكَ في ميزانهمْ  *****  رَجَحوا عليكَ وأنتَ غيرُ حَميدِ
    وإذا عدَدْتَ بيوت قومــكَ لم تجدْ  *****  بيتاً كبيــــــْتَ عُطارِدً ولَبيــــدِ
    وأبــوكَ ذو مَحْنيّــــــةٍ وعبــاءةٍ   *****  قَمِلٌ كأجْـــــرَبَ مُنْتَشٍ مَورودِ
    دارم : قوم الفرزدق .  عطارد ولبيد : أجداد الفرزدق .
    7 ـ نظَمَ الأخطل قصيدة وفاء للفرزدق : متفاخراً بأصالته في العرب وبدفاعه عن الدارمييــــــن ( قوم الفرزدق ) وبتنكيله ببني كليب ، وبإطفائه لنار الجعديين ( قوم النابغة الجعدي) وبوفائه لعهد الفرزدق ، تتكوّن من 9 أبيات على بحر الطويل ، قال فيها :
    أَلمْ تعْلموا يا قــــومُ أني وراكـــــمُ  *****  فما يُرْتَقى حِصْني إليكمْ وخندَقي
    وما أنا إن عَدـــــَّتْ مَعدٌّ قديمَــــها  *****  بمنزِلةِ الْمَــــولى ولا المُتَعَــــلِّقِ
    لعَمْري لقد أبلَيْتُ في الشعر دارماً  *****  بلاءً نَمى في كلّ غَرْبٍ ومشرقِ
    هجَوْتُ كُليْباً أن هجــــوا آل دارمِ  *****  وأمسكتُ مِن يربوعهِمْ بالمـخنَّقِ
    بنو يربوع : بطن من كليب وهم  قوم جرير
    8 ـ ويفتخر بنفْسه بقصيدة : فاصبحتُ أسمُو للعُلى والمكارِمِ : تتكوّن من 8 أبيات على وزن البحر الطويل ، قال فيها :
    سعى ليَ قوْمي سَعْيَ قَوْمٍ أعِـزَّةٍ  *****  فأصبحتُ أسمو للعُلى والمَكارِمِ
    تَمَنَّوا لنَبْلي أنْ تَطيشَ رياشُـــها  *****  وما أنا عنهم في النضــــالِ بنائمِ
    وما أنا إنْ جارٌ دعاني إلى التي  *****  تحَمَّلَ أصــحابُ الأمورِ العظائمِ
    ليُسْمعني ، والليل بيني وبينــهُ   *****  عَنِ الجارِ ، بالجافي ولا المُتناوِمِ
    ألم ترَ أني قد ودَيْتُ ابنَ مِـــــرْفقٍ  *****  ولمْ تُـوّدَ قَتْلي عَبْدِ شَمْسٍ وهاشـمِ
    جـــــزى اللهُ فيها الأعوَرَينِ مَذَمَّةً  *****  وعــــــبدةَ ثَفْرَ الثّوْرَةِ المُتضاجِمِ
    فأعيَوْا ، وما الموْلى بمَنْ قلَّ رِفْدُهُ  *****  إذا أجحفتْ بالنّاسِ إحدى العقائمِ
    وما الجارُ بالرَّعيكَ ، ما دُمْتَ سالماً  *****  ويَزحَلُ عندَ المُضْــلِعِ المُتفاقِمِ
    ودّيت : أخذت الديّة .  ابن مرفق : كان أسيراً عند بني ربيعة فقتله رجلان من بين نمر . الأعوران : إثنان من عوران قيس وهم خمسة شعراء . المتضاجم : المعْوَج الفم . العقائم : مفردها العقيمة وهي سنة القحط . المضلع المتفاقم : الأمر الشديد .
    9 ـ وقد وصف الخمرة ( الكأس المُتْرَعة ) ببيتين من الشعر على وزن بحر الوافر :
    وَمُتْرَعَةٍ كأــــنَّ الوَرْدَ فيها  *****  كواكِــــبُ ليلَــةٍ فقدتْ غَماما
    سَقَيْتُ بها عُمارَةَ أو سقاني  *****  إذا ما الجِبْسُ عن ضيفه ناما
    عُمارة : نديم للأخطل .   الجبس : اللئيم الجبان
    10 ـ وقال في الخمرة الصافية ببيتٍ على وزن بحر الطويل :
    شَعَبتُ شؤونَ الرأس بعدَ انفراجه  *****  بصهباء صِرْفٍ من طليَّة رستمِ
    شعبت : جمعتُ  .  الصهباء الخمرة التي صُنِعَت من عنب أبيض . رستم : اسم الساقي
        8/8/2013                                                 المهندس جورج فارس رباحية  
    المفــــــــــــرات :
    (1) ـ قبيلة تغلب : من قبيلة عربية هي وبكر ابنا وائل  يعود نسبها إلى ربيعة بن نــزار بن معد بن عدنان  ، ولها تاريخ مجيد في الجاهلية حتى قيل فيها ( لو أبطأ الإســلام قليلاً لأكلت بنو تغلب الناس ) انتقلت إلى الجزيرة الفراتية ( شمال شرق سوريا ) أما ديانة تغلب فقد كانت الوثنية ثم تنصّرت ، اسلم بعضها بعد ظهور الإســــــلام وبقي البعض الآخر على النصرانية وكان عليهم أسقف في القرن 10"م وبقــــــــــوا على النصرانية حتى أوائل العصر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وقد عُــــــرِفَ من أبناء تغلب شعراء كثيرون نذكر منهم في عصر الجاهلية وصدر الإسلام المهلهل ، عمرو بن كلثوم ، عباد وعبد الله ابنا عمرو بن كلثوم ، وكعب بن جُعيل ، والقطـــــامي ابن أخت الأخطل وأبو حنش عصم بن النعمان ونبغ منــــها في الإســــــلام الحمدانيون ( 892 ـ 991 ) م أصحاب حلب .
    (2) ـ الحيرة : عاصمة ملوك اللخميين ( المناذرة القرن 6" م) تقع بين النجف والكوفة كان أهلها من المسيحيين . أقامت هند أم الملك عمرو ديرا فيها بعد أن تنصّــــــرت العائلة المالكة . فتحها خالد بن الوليد سنة 633 م .
    (3) ـ قبيلة إياد : قبيلة عربية من معد بن عدنان نزحوا في القرن 3" م من تُهامــــة إلى العراق كانوا يغزون الفرس ثم غراهم كسرى أنو شروان ونفاهم عن العراق فتفرّقوا بين الشام والجزيرة وبلاد الروم وتنصّر فريق منهم ، من شعراء القبيلة : أبو دؤاد و قس بن ساعدة .
    (4) ـ الأنصــار : في التاريخ الإسلامي هم أهل يثرب الذين ناصرو الرســــول (ص) وينتمون إلى قبائل الأوس والخزرج .
    المصـــــــادر والمـــراجع :
    ــــ ديوان الأخطل : مهدي محمد ناصر الدين ، بيروت 1994
    ــــ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري
    ــــ الأخطل : سلسلة الروائع ـ فؤاد أفرام البستاني ـ بيروت 1928
    ــــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ــــ مواقع على الإنترنت :
    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    الأخطـــــــل
    waell

    مُساهمة الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 20:52 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الأحد يونيو 30, 2013 11:17

    عَسـَــــــل النَحـْـــــــل
    المهندس جورج فارس رباحية




      عسل النحل هو مادة عطرية سميكة القوام حلوة المذاق تنتج من جمع النحل لرحيق الأزهار وتحويله
    لسائل سميك القوام . وللعسل فوائد كثيرة واستخدامات متعدّدة إذ يدخل في صناعة العديد من المستحضرات الطبية والتجميلية . إن معظم دول العالم تهتم بتربية النحل لإنتاج العسل ، يُقَدَّر إنتاج العالم سنوياً من عسل النحل بحوالي بليون كيلو غرام . وإن العشر دول الأوائل بإنتاج عسل النحل هي :
    1 ـ الصين . 2 ـ الولايات المتحدة الأمريكية . 3 ـ الأرجنتين . 4 ـ تركيا . 5 ـ أوكرانيا . 6 ـ المكســـيك .
    7 ـ روسيا . 8 ـ الهند . 9 ـ إثيوبيا . 10 ـ اسبانيا .
     لكي تنتج نحلة العسل (
    Apis mellifera ) ما مقداره نصف ملعقة صغيرة من العسل تقطع مسافة 750 كم ولكي تُنْتِـــــج كيلو غرام واحد من العسل فإنها تنتقل بين الزهور مسافة تُعادِل 11 دورة حول محيـــــط الأرض عند خط الاستواء وتختلف أنواع العسل باختلاف مصدر الرحيق من حيث اللون والمذاق والرائحة والقابلية للتبلْوُر والكثافة والقلوية .كما أن هناك عوامل أخرى تؤثر على صفات العســــــل مثل نوع التربة والعوامل الجوية وغيرها لذلك من النادر تشابه عيّنتين من العسل ولو كان مصدر الرحيق واحد .
      ينتج اللون الأساسي للعسل من مكوِّنات ذائبة في العسل من أصل نباتي مصدره رحيق الأزهار كما يتأثّر بدرجة الحرارة حيث يميل لونه إلى اللون الداكن إذا اشتدّت الحرارة في موسم الرحيق كما في العسل الجبلي وعسل السدر وحبة البركة . وإن العسل الطبيعي يميل للتبلور عند انخفاض درجة الحرارة عن الحد الأدنى لدرجة حرارة خلية النحل وهي 20 مْ ، وتختلف سرعة تبلور كل نوع من العسل عن النوع الآخر باختلاف المصدر الرحيقي .

    مكوّنات العسل

    تكوين العسل : يتكوّن عسل النحل من مواد حسب النسب التالية :
    فركتوز 41% ــ  جلوكوز 34 % ــ  ماء 16 % ــ  مواد غير معدنية 3.43 % ــ  ســــكر قصب 3 %
    ــ دكسترين 1.7 %  ــ  رماد (أملاح) 0.81 %  ــ  نيتروجين 0.4 %  ــ  بروتين 0.3 %  . ويلاحظ أن مجموع التكوين يساوي 100.64 % حسب ما جاء في المصدر : منتديات نحال تافوغالت .
     يعتبر العسل من أكثر المواد تعقيدا في تركيبه فيحتوي على أكثر من 800 مركّب بمـــا فيها كمية كبيرة ومتنوعة من الفيتامينــــات والســــــكريات والأنزيمات والأملاح المعدنيــة والأحمـــــاض والبروتينات :
      مجموعة الفيتامينات : ثيامين ب1 ، ريبوفلافين ب 2 ، بانتوتينيك ب 3 ، نيكوتيك ب 4 ، نياسين ب 5 ، ب 6 ، ب 8 ، ب 9 ، ب 12 ، فيتامين ك ، الأسكوربيك ج ، الكاروتيـــــن الذي يتحوّل في الكبــــد إلى فيتامين أ ، البيوتين هـ .
      مجموعة السكريات : الجلوكوز ، الفركتوز ، دكستراترابوز ، رافنيوز ، ميليزيتوز ، كستوز ، أرلوز ،
    إيزوملتوز ، ملتولوز ، نيجروز ، كوجبيوز ، جونتبيوز ، لاميناريبوز ، ميليزيتوز .
      مجموعة الأنزيمات : الأنفرتيز ، الأميليز ، الكاتاليز ، الفوسفاتيز ، جلوكوسيديز جلوكوز أوكســــــيديز ،
      مجموعة الأملاح المعدنية : الحديد ، النحاس ، الفوسفور ، الماغنيزيوم ، الصوديوم ، الكالسيوم ، اليود ، الكبريت ، المنغنيز ، البوتاسيوم ، السيلنيوم ، السلكا ، الكلور ، الفلور .
     مجموعة الأحماض : الستريك ، الخليـــــك ، اللكتيك ، الفورميــــك ، البيوتريك ، التانيك ، الأكســـــاليك . الطرطريك ، الأسيناميك ، الكافيك .
     مجموعة البروتينات : غلوبيلين ، بيبتون ، بيمين ، نيكيلو بروتين .

    فوائـــد العســل
    ثبت أن كيلو غرام واحد من العسل يُفيد الجسم بما يُعادل 3.5 كغ لحم أو 12 كغ خضار أو 5 كغ حليب
       يُعْتَبَر عسل النحل مادة علاجية ووقائية وغذائية كبيرة الأهمية وتنطبق عليــــه الآيـــــــة القرآنيــــــة ( وفيـــه شِفَـــــاءٌ للنَــــاسْ ) وسنذكر أهم فوائده :
    ــ علاج اضطرابات الجهاز الهضمي فيزيد من نشاط الأمعاء ، فلا يُسبّب تخمّر لمرضى الجهاز الهضمي
             ولا يُسبّب تهيّج لجدران الأمعاء ويعمل على تنشيط التمثيل الغذائي ويجعل عملية الإخراج سهلة .
    ــ علاج التهاب الكبد المزمن والتهاب المرارة والمساعدة في تفتيت الحصى بالتناول يومياً عسل مع حبوب
            اللقــاح (1)
    ــ علاج ضعف بنية الجسم وفقر الدم ورفع نسبة الهيموغلوبين بالدم .
    ــ علاج الصداع والالتهاب العصبي لاحتوائه على فيتامين ب 1 .
    ــ علاج الروماتيزم والتهاب المفاصل بتناول العسل مع حبوب اللقاح  والغذاء الملكي (2)
    ــ علاج الالتهابات والأمراض الجلدية ويمنع حدوثها لاحتوائه على فيتامين ب 3 .
    ــ علاج ناجح جداً للحروق والتهابات الغدد العرقية وغدة الثدي .
    ــ علاج أمراض الصدر كالربو المزمن والزكام وغيره لاحتوائه على الماغنيزيوم .
    ــ علاج البلغم ومنع تكوّنه في الرئتين خاصة عند المدخّنين .
    ــ علاج التهابات الكلى والحالب والمثانة وحصى الكلى بتناول العسل مع حبوب اللقاح وصمغ النحل
             ( البروبوليس ) (3)
    ــ علاج التهابات اللثة واللسان وتسوّس الأسنان وتشقٌق الشفاه لاحتوائه على الفلور .
    ــ علاج آلام الطمث وانقباض الرحم .
    ــ علاج سرطان الثدي .
    ــ علاج سيولة الدم ويُساعد على تجلّطه لاحتوائه على فيتامين ك . وتناوله مع حبوب اللقاح .
    ــ علاج أمراض الحساسية والحساسية المصاحبة للربو بتناوله مع حبوب اللقاح .
    ــ علاج بزيادة عدد الكريات الحمراء والبيضاء في الدم .
    ــ علاج أمراض الكبد وتقويته ومنع ترسّب الدهون فيه وتحسين وظائفه .
    ــ علاج التسمّم والتسمّم الكحولي وتسمّم الحمل .
    ــ علاج ضربة الشمس بوضع العسل على الشعر .
    ــ علاج تهيّج وتبقّع الجلد بدهن الجلد بالعسل مع حبوب اللقاح .
    ــ علاج الإمساك والبواسير بالدهن الموضعي بالعسل مع حبوب اللقاح مع تناولهما .
    ــ علاج أمراض القلب وتقوية عضلة القلب .
    ــ علاج ناجح جداً للإدمان .
    ــ علاج ناجح للأمراض العصبية .
    ــ علاج التهاب الكبد المزمن
    ــ علاج سرطان الجلد حيث يخترق الجلد ويُعالج المرض بشكل تعجز عنه أفضل الأدوية .
    ــ علاج القروح بدون ألم وبدون آثار جانبية .
    ــ علاج تنميل الأطراف لاحتوائه على فتامين ب 1 ، ب2 .
    ــ يعمل على تعويض السكريات المستهلكة بالمجهود الجسمي أو الذهني لاحتوائه على الجلوكوز السهل
      الامتصاص والتمثيل بالجسم والفركتوز البطيء الامتصاص الذي يحفظ سكر الدم .
    ــ يعمل على تحسين نمو العظام والأسنان لاحتوائه على الكالسيوم والفوسفور .
    ــ يُلغي تأثير الحموضة الزائدة في المعدة فيمنع الإصابة بقرحة المعدة والإثني عشر .
    ــ مُزيل جيد للكحّة وذو تأثير مُلَطِّف لالتهاب اللوزتين والحلق .
    ــ يُفيد في حالات السعال الجاف وجفاف الحلق وصعوبة البلع وعلاج القيء .
    ــ يُفيد في حالة الغيبوبة وفي تغذية المرضى في دور النقاهة ومقاومة الشيخوخة .
    ــ يُفيد الحوامل أثناء الحمل والولادة ويعمل على تقوية انقباض الرحم أثناء الولادة .
    ــ يُفيد جداً لبشرة النساء حيث يعمل على تنعيمها وتقليل التجاعيد بها  .
    ــ يُفيد جداً للإلتهابات الرئوية وأمراض الجهاز التنفسي ونزلات البرد والسل الرئوي .
    ــ يُفيد في تسكين الآلام ممزوجاً مع حبوب اللقاح وغذاء الملكات ( دَهْن مكان الألم ) .
    ــ يُفيد الأم المرضع حيث يُعَوّضها على ما تفقده من فيتامينات وأملاح معدنية وسكريات .
    ــ يُفيد الرياضيين حيث إنه مصدر جيد للطاقة والفيتامينات .
    ــ يزيد من إدرار حليب الأم .
    ــ يزيد من المحتوى الغذائي والأجسام المضادة لحليب الأم .
    ــ مضاد للبكتريا والجراثيم والفطريات لاحتوائه على حمض الفورميك .
    ــ يُخَفّف من حدّة الأرق ويُساعد على النوم السريع .
    ــ مقاومة الضعف الجنسي والعقم
    ــ مضاد للميكروبات الشديدة المقاومة مثل : السلمونيلا ، الستافيلوكوكس ، ميكروكوكس باسيليس .
    ــ يُستَخدم في علاج السرطان حيث يحتوي على حامضيّ الأسيناميك والكافيك حيث يؤثّران على الحامض
      النووي للخلايا السرطانية فقط دون ان يؤثر على الخلايا السليمة .
    ــ يُستخدم في إنقاص الوزن حيث ثبت علمياً إنه يُنَشّط هرمون مضاد للسمنة بالجسم ويعمل على تحريك
      الدهون بالجسم .
    ــ تقوية جهاز المناعة بالجسم لاحتوائه على الكاروتين ، الكلوروفيل ومشتقّاته ، الزانتوفيلات ، التانينات
      كما تعمل تلك المواد كمضادات للأكسدة ومضادة للسموم والأورام ومانعة للأورام .
    ــ الوقاية من العديد من الأمراض لوجود مادة البروستاجلاندين به التى يؤدي نقصها بالجسم لتعرّضه إلى
      الكثير من الأمراض .
    ــ الوقاية من العشى الليلي والتهابات القرنية والملتحمة وحافة الجفن لاحتوائه على فيتامين أ .
    ــ الوقاية من مرض الإسقربوط وتلف العضلات وخاصة بالقلب لاحتوائه على فيتامين ج .
    ــ معَقِّم ومُطهّر قوي لاحتوائه على مادة هيدروجين بيروكسايد .
    ــ يُساعد في عملية تمثيل البروتين والمحافظة على التبادل الغذائي داخل الأنسجة لاحتوائه على فيتامين ب6

    فوائد العسل للأطفال
     إن عسل النحل مهم جداً للأطفال :
       على الطفل الذي بعمر دون السنة أن يتناول كمية صغيرة منه ، ومضغ القليل من شمع النحل (4) مع العسل الصافي يدعم مقاومة الطفل للأمراض فيعمل على :
    ــ الوقاية من فقر الدم وخطر الكساح .
    ــ الوقاية من شلل الأطفال وضعف الذاكرة .
    ــ يساعد في علاج الزكام والتهاب الحلق والسعال .
    ــ علاج التبوّل اللا إرادي عند الأطفال .
    ــ علاج الإرهاق العضلي والتشنجات العضلية .
    ــ علاج الإسهال المعدي ومطهّر ومليّن للأمعاء ويقلّل من إصابتهم بالمغص المعوي .
    ــ زيادة نسبة الهيموغلوبين بالدم .
    ــ زيادة وزن الطفل الضعيف البنية لاحتوائه على فيتامين ج وفيتامين ب 12 .
    ــ يساعد في شفاء الجيوب الأنفية وحساسية الأنف .
    ــ يُفيد علاج أمراض الكبد وحالات التسمّم .
    ــ يُفيد الأطفال الرضّع فيقوّي مناعتهم .
    ــ يُفيد الأطفال عند التسنين

    كشف غش العســــل
      إن العلاج بالعسل يتوقّف بالدرجة الأولى على كون العسل طبيعياً وخالياً من مواد أخرى لأن العســـل الحقيقي هو وحده الذي يحمل الصفات الشفائية.
       فموضوع غش العسل موضوع حساس جداً ويُشغل بال المستهلكين وهناك طرق كثيرة ومتعدّدة لغش العسل . يتواجد في الأسواق العديد من أنواع العسل منها ما هو طبيعي ومنها ما هو مغشوش بإضافة مواد غريبة إليه  . وهناك طرق كثيرة ومتعدّدة لعملية غش العسل ويزيد التحايل يوماً بعد يوم وسنذكـــر بعض
    المواضيع القديمة والحديثة التي تتعلّق بغش العسل .
    1 ــ في بعض الدول المتقــدّمة عندما عــــرف بعض تجار العسل ــ ســـنة 1880 ــ شــــراب سكر الذرة
     
    Corn sugar syrup     القريب في تركيبه من العسل ، بدأ بعضهم بإضافته على العسل لرخص سعره
        لهذا السبب صدر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1906 أول قانون خاص بغش العسل ومن ذلك
       التاريخ وبتقدّم طرق التحليل أصبح بالإمكان اختبار العسل لمعرفة غشّه من عدمه .
    2 ـ في بلاد الشرق الأوسط لجأ بعض تجّار العسل إلى الطرق التالية في غش العسل :
        ــ إضافة محلول سكر السكروز .
        ــ إضافة محلول سكر الجلوكوز التجاري .
        ــ إضافة محلول السكر المحوّل .
        ــ إضافة العسل الأسود (5)
        ــ إضافة الماء .
        ــ تغذية النحل قبل قطاف العسل على شراب الببسي كولا فيخزّنه النحل مع العسل فيكسبه طعماً خاصاً
           ولوناً بنياً .
      يعتقد الكثير إن تغذية النحل على محلول السكروز أو سكّر محوّل ينتج عسل مغشوش فإن هذا الاعتقاد خاطئ ، فإن تغذية النحل تعتبر عنصر هام في فترات عدم تواجد الأزهار للحفاظ على حياة النحل مـــع
    التنويه بأن رحيق الأزهار يتكوّن بشكل عام في المتوسّط من 30% سكروز (سكر القصب) و 60% ماء
      يحاول بعض مروّجي العسل شرح بعض الاختبارات البدائية للمستهلكين الخاصة بفحص العسل وكلها اختبارات خاطئة يمكن تلخيصها بما يلي :  
    1 ــ إن العسل ذو اللون القاتم قد تمّ جمعه ناتج عن الأزهار البرية ، والحقيقة إن اكتسابه اللون القاتم ينتج عن عدة عمليات :
           أ ـ يتم إنتاجه من الخلايا البلدية في أقراص قديمة وهذه تكسبه لوناً داكناً .
     ب ـ يتم تسخينه على درجة حرارة عالية لفصل الشمع عنه أو تعريضه للشمس وهذه العملية تعمل  
               على تكسير جزيء الفركتوز فينتج عن ذلك مادة الهيدروكسي ميثايل فيرفورال التي تعطيـــه
               اللون الداكن .
          ج ـ إن عسل الناتج عن أزهار السدر (أشجار السدر) يُعطيه لوناً داكناً ويطلبون فيه أسعاراً كبيرة
           د ـ يلجأ بعض النحّالين بإضافة العسل الأسود  أو الدبس لإكسابه اللون والطعم .
    2 ــ يعمل بعض المستهلكين بغمس ملعقة بالعسل وسحبها إلى أعلى فإنها تعمل مع سطح العسل خيطــاً لا ينقطع ،وإذا انقطع كان العسل مغشوشاً . وهذا الاختبار غير سليم لأن ذلك يعتمد على نسبة الرطوبة فــي العسل ( نسبة الماء فيه ) وفي المتوسط فإن نسبة الرطوبة بالعسل بمدى يتراوح بين 12 ـ 32 % ومــــن المعروف أن العسل لزج جداً ويُكَوّن خيطاً لا ينقطع ، لذلك لا يُمكن الاعتماد على هذا الاختبار .
    3 ــ كما يعمل بعضهم على غمس عود ثقاب في العسل ومحاولة إشعاله فإن اشتعـــل دل على إنه غـــــير مغشوش وإن لم يشتعل دلّ على أنه مخلوط بالماء .هذا الاختبار لا يمكن الاعتماد عليه ويعود إلى نســــبة الرطوبة في العسل .
    4 ــ ويعمل آخرون اختبار يعتقدون أنه يعتمد على نظرية التوتر السطحي وذلك بإلقاء قطرة من العسل على الرمل فإذا تكوَّرَت فذلك يعني أن العسل غير مغشوش وإذا حدث العكس فإنه يكون مغشوشاً . وهذا الاختبار أيضاً خاطئ لأنه يعتمد على نسبة الرطوبة في العسل .
      من هنا يتساءل المستهلك كيف نعرف بطريقة سهلة كشف غش عسل النحل ؟ . إن الإجابـــة على هــــذا السؤال صعبة . فالطريقة السليمة لمعرفة غش العسل هي التحليل الكيميائي ، ولكن بعض الذوّاقة الذيـــن لديهم خبرة طويلة في العسل يمكنهم معرفة ذلك عن طريق ما يلي :
    1"ــ لدى تناول العسل يعرف الذوّاق طعم شمع العسل الذي يدل على أن العسل أتى فعلاً من قرص العسل .
    2" ــ نكهة العسل تدل على مصدره إن كان عسل البابونج أو اليانسون أوالحمضيات أو الكينا وغير ذلك من الأزهار حيث تظهر هذه النكهة بوضوح في العسل .
    3" ــ إن العسل المغشوش بالسكر يكون خفيف القوام ( اللزوجة ) ، وهذا ينطبق أيضاً على العسل الطبيعي الذي تزيد نسبة الرطوبة فيه عن 18 %  الذي يسقط في اختبار المواصفات القياسية بالرغم من عدم احتوائه على أية إضافات .

       إذا تركنا موضوع الخبرة ، فإن هناك عدة طرق سهلة للكشف على غش العسل :  
    ا" ــ نأخذ كأس ماء بارد ونضيف إليه عسل طبيعي على شكل خيط فالعسل الطبيعي يُشَكّل خيط سميك
         في قاع الكأس دون أن يختلط بالماء ، وهذا يدل على عدم احتواء العسل على مواد غير طبيعية .
    ب" ــ نأخذ كأس ماء بارد آخر ونضيف إليه عسل يحتوي على سكر 70% فنلاحظ تشتّت العسل داخل
          داخل الكأس بمجرد امتزاجه بالماء وهذا يد على أن العسل مغشوش .
    ج" ــ إن العسل الجيد له ميل إلى التجمّد كنقطة ليّنة غير ناعمة وعندما نحلّها بمقدار ضعف وزنها من
          الماء تصبح سائلاً رائقاً غير خيطي .
    د" ــ تُذاب كمية من العسل بخمسة أضعافها ماء مقطّراً ويُترك إلى ويُترك 24 ساعة فإن وُجِدَت به مواد
         مواد غريبة ترسّبت في القاع ، أما إذا كان المحلول رائقاً هذا يعني أن العسل غير مغشوش .
    هـ" ــ يُذاب العسل في الكحول المُخَفّف ( عيار 55 درجة ) ويُترَك 24 ساعة ، فإن وجــــــــدت رواسب
           صحيفية في أسفل الإناء كان العسل مغشوشاً .
    و" ــ نضع كمية من العسل مع كمية من الماء في إناء على النار حتى يغلي ثم يُترك ليبرد نضيف للمزيج
          قليلاً من اليود فإذا ظهر لون أزرق أو أخضر فهذا دليل على وجود النشاء في العسل .
    ز" ــ نضع كمية من العسل ومثلها ماء في وعاء ثم يُضاف للمزيج محلول البوتاسيوم فإذا ظهر لون أحمر
          أو بنفسجي دل ذلك على وجود الجلوكوز التجاري بالعسل .  

    ح" ــ  تَذَوَّق نصف ملعقة صغيرة من العسل في فمك ولاحظ سرعة ذوبانها بالفم فإذا ذابت بسرعة في الفم
           فهذا دليل على سلامته من الغش والعكس بالعكس .
    ط" ــ تَذَوَّق ملعقة صغيرة من العسل في فمك وانتظر دقيقتان فإذا وجدتَ طعم العسل في فمك واضحة فهذا
          معناه أن العسل مغشوشاً ، لأن العسل الطبيعي بعد دقيقتين أو ثلاث لا يبقى له طعم بالفم .

    13/3/2013                                                              المهندس جورج فارس رباحية

    المفــــــردات :
    (1) ـ حبوب اللقاح : ويُسَمّى خبز النحل وهي عبارة عن غبار الطلع وتعتبر أم مـادة ينتجها النحـــل من الأزهار خلال تجواله بينها لجمع الرحيق ثم يخلطها بالرحيق وينقلها للخليـــــة حيث تتغذى عليــــها
    الملكة لإمداد الغدد التي تُفرِز الغذاء الملكي . تُستَعمل في علاج الكثير من الإمراض .
    (2) ـ الغذاء الملكي : هو مادة غروية غنية بالبروتين والدهون ومواد معدنية وسكريات وأحماض أمينية .
    (3) ـ صمغ النحل : ويُسَمّى البروبوليس والعكبر وغراء النحل  وهو مادة حمضي لزجة ينتجها النحل عن طريق تجميع مواد راتنجية صمغية من قلف الأشجار وبراعمها ومعالجتها وإضافة بعض المواد إليها مثل حبوب اللقاح وبعض إفرازات يخرجها النحل من بطونه ، وهو مضاد حيوي طبيعي فوائده كثيرة
    (4) ـ شمع النحل : هو إفراز غدّي لشغّالات نحل العسل من غدّة ( الأسترنات ) التي تقع على الســـــطح السفلي لحلقات بطن الشغّالة . له فوائد علاجية كثيرة .
    (5) ـ  العسل الأسود : هو السائل المتبقي من صناعة السكر الأبيض من قصـــــب السكر بعد تكـــــريره
      ويُسَمّى ( الدبس ) له فوائد علاجية كثيرة أهمّها إنه يُعيد للشعر الأبيض لونه الطبيعي خلال أشهر
    لكن على مرضى السكري تجنّب استخدامه كونه غني بالمواد السكرية .

    المصـــــــادر والمـــراجع :
    ــ
    Honey Wikipedia  
    ــ  مواقع على الإنترنت :    
    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    عسل النحل
    waell

    مُساهمة الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 20:56 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الخميس أبريل 25, 2013 9:57
    الخُمْســـانَاتْ في حمص
    المهندس جورج فارس رباحية

    قسّم السوريّون الشتاء بأشهره الثلاثة إلى قسمين :
    1 ـ أربعينية الشتاء : وسموّها المربعينية, مدتها أربعون يوماً من 21كانون الأول إلى 30 كانون الثاني .
    2 ـ خمسينية الشتاء : ومدتها خمسون يوماً من 31كانون الثــــاني إلى 21آذار . وتقسم الخمسينية إلى أربعة سعود : سعد دبح ( دابح ) – سعد بلع – سعد السعود – سعد الخبايا . وإنّ كل سعد مدّته 12 يوماً ونصف , مع المستقرضات 7 أيام، وتقع ضمن الخمسينية .
    بعد انتهاء أربعينية الشتاء وبدء الخمسينية مع السعود الأربعة يتخلّلهما ســــــــبعة أخمسة
    ( الخمسانات كما يُسميّها أهل حمص ) وتلك الأخمسة التي يحتفل بها أهل حمص فقط وتقع
    في فترة الصوم الكبير لدى المسيحيين الشرقيين ، وهي :
    ـ خميس التايه ( الضائع ) .
    ـ خميس الشعنونة .
    ـ خميس المجنونة .
    ـ خميس القطاط ( القطط ) .
    هذه الأخمسة الأربعة ليس فيها مواسم أو مناسبات احتفالية لوقوعها في أواخر الشتاء بين شباط وآذار .
    ـ خميس النبات ( القلعة ) .
    ـ خميس الحلاوات ( الأموات ) .
    ـ خميس المشايخ ( البيض ) .
    هذه الأخمسة الثلاثة فيها مواسم واحتفالات :
    خميس النبات : أو خميس القلعة وهو يُصادف يوم الخميس الذي يسبق أحد الشعانين لدى المسيحيين الشرقيين واسمه مأخوذ من ( بئر ) كانت موجودة في قلعة حمص وكانت البئر عميقة وكان أهالي حمص ( ينبتون ) يُجرّبون حظهم في البئر بأن يُلقوا فيها حجراً ، فإن تركت دًوِيّاً وطنيناً معنى ذلك أن حظ صاحب الحجرة أو صاحبتها ( يفلق الصخر ) ، وإذا لم يصدر إي صوت دلّ ذلك على أن حظّه أو حظّها هامد ( خائب ) . والقلعة كانت مكان احتفال هذا الخميس فكان يتم بعد زوال الشمس وجنوح النهار إلى الأصيل بأن تتوافد على القلعة أفواج النسوان والصبايا والصبيان ، ويقبل عليها جموع الباعة وتتجمّع هذه الأفواج عند سفح القلعة الغربي والمجاور للطريق الذي يوصل للقلعة ، فيصعد من يريد الكشف عن حظّه إلى ظهر القلعة حيث البئر . ويمتاز خميس النبات بأن بعض الناس كانوا ينقعون بالماء بعض الأزاهير مساء الأربعاء وتبقى منقوعة حتى صباح الخميس إذ يغسلن بمائها وجوههم . بقيت هذه العادة حتى دخول الفرنسيين في الساعة العاشرة من يوم الأربعاء في 28 تموز 1920 .
    خميس الحلاوات : أو خميس الأموات : وهو خميس الحلاوة وتُصنع فيه الحلاوة على أنوعها المختلفة :
    البشمينة : تُصنع من الطحين المحمّص بالسمن العربي ( سمن غنم ) تحميصاً خفيفاً ويُعمَل منها عجنية يُشَكّل منها رقائق كبيرة تُفرَش على طاولة رخامية يتخلّل الرقائق القطر السميك مع رشّات خفيفة من الطحين ثم تُقَطّع بشكل مكعّبات .
    السمسميّة : تُصنَع من الناطف مع السمسم وتُشَكّل بشكل أصابع .
    الخبزيـّة : تُصنَع من رقائق العجين وتٌقلى بزيت السارج ويُضاف إليها القطر وتُصـبَغ بلونين
    الأحمر والأبيض .
    الجوزيّـة : تُصنَع من الناطف مع الجوز .
    الشوشيّة : تُصْنَع من السكّر مع الطحينة .
    الغـريْبة :وتُسمّى أيضاً ( بلاط جهنّم ) تُصْنَع من السميد والسكّر والزيت وتُكَوَّن على شكل
    طبقتين حمراء وبيضاء .
    الهريسة : تُصنع من النشاء والسكّر .
    المسكيّة : تُصنَع بالصينية ومكوّنها القطر بشكل رئيسي وتُصبَغ بلون أبيض وأحمر ويُضاف
    لها العطر ( المسك ) ويُسميّها الأولاد ( المسكي ) ويُنادى عليها : مسك وعنبر .
    الرّاحـة : متنوّعة وقد يُضاف إليها الفستق أو الجوز أو اللوز .
    يخرجن النساء بعد ظهر الخميس إلى التربة ( المقابر ) لزيارة القبور وتوزيع ما حملن معهن من الحلاوة وتوزيعها على القُـرّاء والفقراء . وكان بائعو الحلاوة يُنادون : ( الله يرحم الأموات كانوا يحبّوا الحلاوات ) ، كما كان صانعوها ينشدون بين البسطاء من الناس : اللي ما بياكل من حلاوة الخميس بيصيبو الجَرَبْ ، لِحَثّهم على الشراء .
    خميس المشـايخ : وهو آخر الأخمسة ويُصادف يوم الخميس الذي يسبق أحد الفصح على التقويم الشرقي حيث يليه ( الجمعة العظيمة فسبت النور فعيد الفصح ). حيث بدء الاحتفال به بحمص دون سائر المدن منذ أيام السلطان صلاح الدين الأيوبي (1) . فقد كانت تبرز قوة المشايخ ( أصحاب الطرق الدينية بالمحافظة ) من خلال مواكب خاصة لكل " شيخ طريقة " وتسير في الشوارع ويتقدّم كل موكب سنجق ( علم ) ثم تليه جوقة ( فرقة ) من المنشدين يضربون على الدفوف والمزاهر والطبول والصنيجات ينشدون نغمات دينية ، تواكبهم راية الشيخ المصنوعة من القماش اللاّمع والمزينة بكتابات دينية ( باسم الله ومحمد ( ص ) وأسماء الخلفاء الراشدين وبعض الآيات القرآنيـة )، تأخـذ هذه الراية شكل مثلّث قاعدته من 4 ـ 6 م وارتفاعه من 3 ـ 4 م وخلف الراية يحتشد الناس حول شيخهم وقد اعتلى حصاناً يليه خليفته معتلياً حصاناً آخر . كانت هذه المواكب تنطلق منفردة من منزل الشيخ أو من زاويته (2) نحو مسجد بابا عمرو ( حي في ضواحي حمص ) حيث يُصلّى صلاة الظهر ، وتعود بعدها المواكب بشكل استعراض باتجاه جامع خالد بن الوليد لصلاة العصر هناك بعدها ينتهي الاحتفال . وقد ألغي هذا الاحتفال رسمياً بعد الاستقلال . يترافق هذا الخميس مع احتفالات عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية ذات التقويم الشرقي حيث تعمل هذه الطوائف على سلق البيض ( كناية على استمرار الحياة ) وصبغه بألوان مختلفة وتزيينه برسوم وكلمات دينية والآن أخذت تحل محلّ بيض الدجاج بيض من الشوكولا يوزّع على الأطفال بعيد الفصح .

    14/4/2011 المهندس جورج فارس رباحية

    المفــردات :
    (1) ـ صلاح الدين الأيوبي : (1138 ـ 1193 ) م وُلِدَ في تكريت بالعـــــراق وتوفي فــي
    دمشق ، انتصر على الفرنجة في معركة حطين 1187 وفتح بيت المقدس ، ويُرجع
    الرواة أصل خميس المشايخ إلى أيامه عندما استرجع القدس وجعل موعده متزامنـاً
    مع عيد الفصح ، حيث كان الناس في القدس يخرجون بالمزاهر والطبــول والأعلام
    وهم يُنشِدون الأناشيد الدينية والمدائح النبويّة .
    (2) ـ الزاوية : قد تكون غرفة واحدة في دار الشيخ يًخصّصها لإقامة الذكر( جمع أذكار )
    وفي القديم كانت مكاناً لإقامة بعض الصالحين للتعبّد بين جدرانها . وكان في حمص
    حوالي 12 زاوية .

    المًصــادر والمــراجع :
    ـ ربوع محافظة حمص : الدكتور عماد الدين الموصلي 1981
    ـ حمص دراسة وثائقية : السباعي والزهراوي الجزء 1 سنة 1992
    ـ على جناح الذكرى : رضا صافي 1984
    ـ مدينة حمص : محمد غازي حسين آغا 2005
    ـ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973

    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa
    الخمسانات في حمص
    waell

    مُساهمة الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 20:59 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الجمعة أبريل 05, 2013 10:40

    إنتاج الحرير الطبيعي

    المهندس جورج فارس رباحية

    لا يُمكِن لأحد أن يُحَدِّد متى اكتُشِفَ الحـرير ، وطبقاً للإســـــــــطورة الصينية ، لقد عُرِفَ الحرير حوالي سنة 2700 قبل الميلاد في حديقة الإمبراطور ( هوانجدي ) فقد أمر الإمبراطور زوجته ( زيلتش ) بمحاولة معرفة سبب تلف أشجار التوت الخاصة به . فاكتشفت زيلتش أن ديدان بيضاء تتغذى بأوراق التوت وتــقوم بغزل شرانق لامــــــعة . فقامت الإمبراطورة بالصـــــدفة بإسقاط شرنقة بماء ســـــاخن ، وبينما هي تلعب بالشرنقة بالماء لاحظت خيطاً عنكبـــــــوتياً يتشابك وينفصل من الشرنقة . فقامت بسحب الخيط من الشرنقة ، فوجدت أن الخيـط الرفيع يتـفكّك من الشرنقة وبهذه النتيجة التي حصلت عليها فقد طلبت من زوجـــها أن يُخَصّص لها مساحة من الأرض المزروعة بأشجار التوت لتتمكّن من تربية الآلاف من دود الحرير ، وقيل إنها اخترعت بَكَرات الحرير التي تجمع هذه الخيـــــــوط الرفيعة معاً ليصبح الخيــــط أسمك وأقوى ليمكن استخدامه في أعمال النسيج ، لا يمكن لأحد أن ينفي أو يؤكّد صحة هذه الرواية ، لكن المؤرّخين يؤكّدون أن الحرير قد اكشف في الصين أوّلاً، وفيها كانت بداية اكتشاف الحرير . فأتقن الصينيون صنعه ونسجه حتى كانوا يُبادلون عليه مقابل وزنه بالأحجار الكريمة .
    انتشار صناعة الحرير : استفادت الصين كثيراً من تجارة الحرير لا سيما منذ عهد أسرة أباطرة (هـــان )
    التي حكمت الصين مدة تزيد عن 400 عام ( 206 ق.م ـــ 220 م ) لا سيما في عهد الإمبراطور( وو دي ) ( 140 ق.م ـــ 87 م ) فازدهـــــرت الصين في عدة مجالات منها العــــلوم والآداب وأضحت تشــــــــبه الإمبراطورية الرومــــانية ولا يزالا الصينيون يسمّون أنفسهم ( آل هان ) وذلــك اعترافاً بالإنجازات التي حقّقتها الصين في تلك الفترة ، واستمرّت التجارة عن طريق الحرير على كل مساراته البرية والبحـــــرية ، احتفظ الصينيون بسرّ صناعة الحرير حوالي ثلاثة آلاف سنة ثم انتقلت هذه الصناعة إلى اليابان خلال القرن الثالث قبل الميلاد ، عندما هاجر عدد كبير من صناع الحرير إلى اليابان حيث ساهموا بنقل هذه الصنـــاعة إلى اليابانيين واستمرّت اليابان في صناعة الحرير إلى الآن إذ تُعتَبر االيابان من أهم الدول المنتجة له ، وفي عام 120 ميلادي قامت إحدى الأميرات الصينيات المخطوبة لأحد أمراء الهند بنقل بيوض ديدان الحــرير وبذور التوت إلى الهند ، ودرّبت بعض الهنود على تربية دودة الحرير ، فانتشرت صناعة الحرير في الهند وعرف تجار بلاد فارس ( إيران ) أهمية صناعة الحرير فاشتروا الألوان الجميلة من الحرير الطبيعي من التجار الصينيين وتحكّموا بتجارته حتى عام 550 ميلادي حيث اعترض الإمبراطور البيزنطي جوستنيان (483 ــ 565 ) م على دفع مبالغ باهظة للفرس لاحتكارها تجارة الحرير ، وكان تقكيره في الوصول إلى الصين بطريق لا يمرّ ببلاد فارس فلم يتمكن من ذلك فقام بإرسال راهبين إلى الصين حيث تمكّنا من إخفاء بيض دودة الحرير وبذور التوت داخل عصا مجوّفة ( قصبة ) حتى وصلا إلى القسطنطينة (اسطنبــــــول حالياً) فانتشرت هذه الصناعة في حوض البحر الأسود واليونان وإيطاليا ولبنان وفلسطين والعراق ومصر ودخلت سورية من بصرى الشام وبصر الحرير ودمشق حيث ملتقى الشرق والغرب ،وفي مدينة حمص كان سوق القيصرية ( سوق الحرير )(1) مركزاً هاماً لتجارة الحرير الطبيعي ومنسوجاته إلى المحــافظات السورية وإلى لبنان وكانت بلدة مشتى الحلو غرب حمص مركزاً مهماً لإنتاج الحرير الطبيعي وتسويقه في حمص حيث كان في حمص ما يُقرب 10000 نول يدوي تختص بتصنيع الحرير الطبيعي واشتهرت حلب بتسويق المنسوجات الحريرية ففي العصر العباسي أنشئ في حلب معمل لنسج الحرير وتجارته في خـــان الحرير حيث كانت تعتمد الحرير المنتج في مدن منبج وأنطاكية ، وفي دمشق أنشأ الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان معمل لنسج الحرير في قصره بدمشق عام 665 م وفي العهد المملوكي والعثماني بقيت دمشق مشتهرة بإنتاج الحرير في سوق الحرير الذي تأسس في العهد العثماني وخان الحرير الذي أنشئ في القرن السادس عشر الميلادي وكــــــان الحرير يؤخذ من دمشق إلى الإمبراطورية الرومانية عن طريق أنطاكية حيث يتم تبادله مع بضـــــائع مختلفة .
    الحرير الطبيعي : يعتبر الحرير الطبيعي الناتج من دودة الحرير من أفضل الألياف الطبيعية الحيوانيــــــــة ( صوف الأغنام ، شعر الماعز ، وبر الإبل ، العنكبوت وبعض الحشرات المجنّحة ) . والحرير هو عبارة عن خيوط تفرزها دودة الحرير من فمها حيث تقوم غدتان بالقرب من الفك السفلي بإفراز سائل يتجمّد على شكل خيوط حريرية رفيعة عند ملامسته الهواء وبنفس الوقت تقوم الدودة بإفراز مادة صمغية تعمل عــلى لصق خيوط الحرير مع بعضها البعض وتستمر في ذلك حتى تنتهي الدودة من إفراز السائل بعدها تكتــمل الشرنقة وتصبح ككرة بيضاء منتفخة وتتحول الدودة إلى يرقة . ولإنقاذ الحرير لابد من قتل اليرقات داخل الشرنقة قبل أن تتحوّل إلى فراشة وتخرج من الشرنقة . فتُعَرَّض الشرانق إلى بخار ماء يغلي لعدة ساعات ، بعد ذلك توضع الشرانق في حوض فيه ماء مغلياً لبضع دقائق لتصبح الشرنقة ليّنة وطريّة فتُضرَب الشرانق بعصا فتبدأ أطراف الخيوط بالظهور فيقوم العامل بتمريرها إلى فتحة صغيرة تشبه فتحة إبرة الخيـــــــاطة فتخرج الخيوط من الفتحة فتصبح خيطاً واحداً فيُمرّر على بكرة وهذه تمرّ إلى دولاب يدور لتصبح شُـــلَّة . بعد الحصول على شلل الحرير لا بد من غليها بالماء الساخن مع الصابون لإزالة المادة الصمغية منه ، أما عملية الصباغ فيمكن أن تتم للشلل قبل عملية النسج أو تتم في بعض أنواع الحرير بعد النسج .
    دورة حياة دودة الحرير : تربّى دودة الحرير في سورية في موسمين ربيعي وخريفي في المناطق الغربية والمحاذية للأنهار. يعيش ذكر الدودة لفترة قصيرة تكفي لتضع الأنثى بيضها ( 500 بيضة أو أكثر وهــي ذات حجم صغير جداً بحجم رأس الدبوس ) خلال أربعة أو خمسة أيام ، تفقس البيوض خلال فترة من 7 ـ 10 أيام وتخرج يرقاتها بطول نصف سم فتتغذى على أوراق أشجار التوت الأبيض (الشــــجرة الذكر الغير حامــــلة لثمار التوت) مدة من 25 ـ 30 يوماً تبدأ بعدها اليرقة بالتشرنق وفيها تصوم الدودة عن الطعام مدة من 3 ـ 4 أيام وتصبح ككرة بيضاء منتفخة وقد يصل طول خيط الحرير فيها إلى 600 متر، تأتي بعـــــدها مرحلة التحول داخل الشرنقة إلى فراشة ومدة هذه الفترة من 10 ـ 14 يوماً ، تأتي الآن مرحـــــــــلة الرشد والكمال وهي مرحلة الخروج من الشرنقة بفترة من 3 ـ 5 أيام . ثم التزاوج فوضع البيض فالموت . وبذلك يكون مجموع دورة حياة دودة الحرير من 48 ـ 63 يوماً .
    إن التصنيف العلمي لدودة الحرير :
    ـ الاسم العربــــي : دودة الحرير ( دودة القز )
    ـ الاسم الإنكليزي : Silk worm
    ـ الرتبـــــــــــــــة : Lipidoptera
    ـ الفصيــــــــــــلة : Bombycidae
    ـ الجنـــــــــــــس : Bombyx
    ـ النــــــــــــــــوع : B. mori
    ـ الاسم العلمـــــي : Bombyx mori
    ميّزات الحرير الطبيعي : يُعْتَبَر الحرير الطبيعي الناتج من دودة الحرير من أفضــــــــل الألياف الطبيعية الحيوانية وأغلاها ثمناً وأحسنها استعمالاً ومن ميزات الحرير :
    ـ تبلغ سماكة خيط الحرير 30 ميكرون ونحتاج إلى 3500 ــ 4500 متر ليصبح وزن الخيط غراماً واحداً
    وعادة بتم جمع 5 ــ 8 خيوط للحصول على خيط واحد مناسب لأعمال النسج .
    ـ للحصول على كيلو غرام واحد من الحرير الخام نحتاج إلى 50 ألف شرنقة .
    ـ يُعْتَبَر خيط الحرير من أقوى الألياف الطبيعية متانة ، حيث قُدِّرَت متانة الخيط الواحـد الخيط بثلث متانة سلك من الفولاذ وبالقطر نفسه . ويُقال أن متانة الحرير تزداد بغسله بالماء .
    ـ خيط الحرير ذو مرونة عالية عند شدّه ويستعيد حالته الأصلية عند إزالة قوة الشد .
    ـ الملابس الحريرية خفيفة الوزن وأدفأ من الملابس القطنية أو المصنوعة من الكتّان أو الحرير الصناعي
    ، ناعمة الملمس ، تُقاوم التجَعُّد ومتينة
    ـ الحرير الطبيعي شديد الامتصاص للرطوبة ، إذ يمتصّ الماء بنسبة 11% من وزنه .
    ـ يمتصّ عَرَق الجسم والمواد الدهنية لذلك فهو صحّي جداً لجسم الإنسان .
    ـ يعزل الحرير الطبيعي حرارة الجسم ويحفظها من تأثير المحيط الخارجي .
    ـ إن المادة الصمغية الموجودة بخيط الحرير تُقَلِّل من درجة لمعانه ، وبعد إزالتها تبدو الخيوط لامعة .
    ـ تؤثر الحرارة العالية على الحرير الطبيعي فتحوّله إلى اللون المصفرّ بدرجة حرارة 80 ـ 90 مْ .
    ـ الحرير الطبيعي من الصعب اشتعاله ويتحوّل مباشرة إلى رماد ، لذلك يقول الناس عن الحرير الطبيعي
    النار وعند احتراقه تصدر عنه رائحة مميّزة تشبه رائحة قرن حيواني محروق .
    ـ تدوم قطعة النسيج المصنوعة من الحرير الطبيعي أكثر من 50 سنة دون أن تُصاب بالتلف .
    المنسوجات الحريرية : دوَلٌ كثيرة اشتهرت بنسج الحرير الطبيعي بدءاً من الصين فالهند وإيران ومصــر وأوروبا أما في سوريا فاشتهرت منذ قرون عديدة بهذه الصناعة فقد وُجدَت أقمشة من الحرير الطبيعي في مقابر تدمر ملفوفة فوق المومياء التدمرية ومزخرفة بزخارف محلية تدمرية كما وُجدَت قطع من أقمشــــة صوفية وحريرية في أحد المقابر البرجية بتدمر وترجع هذه الأقمشة إلى القرنين الأول قبل الميلاد والثالث الميلادي .بقيت سوريا على شهرتها بإنتاج المنسوجات الحريرية على اختلاف أنواعها لاسيما في مدنـــها الرئيسية : دمشق ـ حمص ـ حماه ـ حلب ، وسنذكر بإيجاز أهم أنواع المنتجات الحريرية فيها :
    دمشق : اشتهرت بإنتاج منسوجات البروكار والجاكار(2) ـ الدامسكو (3) ـ الأغباني (4) وغيرها .
    حمص : اشتهرت بإنتاج منسوجات الحطاطة ( الحطّة ) الرجالية والنسائية (5) على الأنوال اليدوية مــع
    العباءات (6) التي تُزَيّن بتطريز أطرافها بخيوط حريرية ومُقَصّبة والشالات وتطريز الصرمة (7) .
    حـمـاه : حياكة المناشف وبرانس الحمام ذات سدى من القطن ولُحمة من الحرير الطبيعي على أنوال يدوية
    حــلب : حياكة الصاية (8) والشال (9)
    نظراً لارتباط صناعة الحرير بمراحل كثيرة قبل التصنيع ، نجد أسماء عائلات تُكَنَّى باسم مصلحتهم مثل
    عائلات : الفتّال ـ المْسَدّي ـ الصبّاغ ـ الحايك ـ النوّال ـ البزّاز ـ الربّاط ـ الملقي ـ الحريري ـ القزّي ... الخ
    وهذا يدلّ على ارتباط الناس بهذه المهنة .
    كما أن في التراث الشعبي السوري أمثال شعبية وأهازيج الأفراح مستوحاة من صناعة الحرير اليدوية
    الأمثال الشعبية :
    ـ اللي بيصبر ع ورق التوت بيلبس أطلس منقوش ( من الحرير الطبيعي ) .
    ـ رايح جاي متل مكّوك الحايك .
    ـ إذا ضربت اضرب أمير ، وإذا سرقت اسرق حرير ، وإذا عاشرت عاشــــر وزير ، حتى إذا عيَّـــروك
    تستاهل التعيير .
    ـ الغزّالة الشاطرة بتغزل ع دنب كلب .
    ـ مال وجمال وبنت الفتّال .
    ـ عطوا الدبّ حرير يْكُبّ ( يلف الحرير على بكَر ) .
    ـ إيديها ناعمة متل الحرير .
    ـ هذا ضد النار متل الحرير .
    أهازيج الأفراح :
    1 ـ قامت النخلة تميـــل ***** وملبوس النخلة حـرير ( النخلة هي العروس )
    ويا نخلة مين كساكِ ***** أبو ...... عمره طويل ( كساك أي لبَّسِك )

    2 ـ نحنا بيت ....... وعاداتنا ركوب الخيل ****** نلبس حرير بحرير ونرخي أكمامنا للديل
    مينو سـجيع القلب دقّ أبوابنا بالليـــــــل ****** لنسِّيه صـــريخه ونجعل حالتـــه بالويـــل

    3/3/2013 المهندس جورج فارس رباحية

    المفــــــــردات :
    (1) ـ سوق القيصرية : سوق في حمص مخصّص التجارة الحرير الطبيعي وتسويق منتجات الحرير
    وهو من الأسواق الأثرية يتكوّن من طابقين الأول بُني عام 1300م والثاني عام 1850 م ،
    عدد المحلات 40 محلاً متخصّصة بتجارة الخيوط الحريرية ومنتجاتها ، تُشرِف المحلات على
    فسحة سماوية تتوسّطها بركة ماء وللسوق باب يُغلَق ليلاً .
    (2) ـ البروكار والجاكار : القماش الحريري المعروف عالمياً اشتهرت به دمشــــــق منذ القرن11"
    الميلادي ، وأول من أدخله في العصر الحديث إلى دمشق ( أنطون مزَنَّر ) الذي لُقِّبَ بمــــلك
    البروكار وكان ذلك عام 1890 على النول اليدوي ثم أدخل النول الآلي عام 1910 وأدخل معه آلة الجاكار لحياكة النقش والرسوم ، وإن الرســـــــوم المستخدمة في النسج غالبيتها مستوحاة من الحياة اليومية ومن الطبيعة كالأزهــار والطيور ومن هذه الرسوم :
    ـ طيري الحب العاشق والمعشوق ، حيث انتقت هذا الرسم الملكة إليزابيت الثانية ( الحاليــــة )
    لتصنيع ثوب زفافها .
    ـ روميو وجولييت من التراث الأوروبي .
    ـ البُندقة واللوزة والوردة الصغيرة مستوحاة من البندق واللوز والورود .
    ـ سفينة نوح من الكتب الدينية .
    ـ معركة صلاح الدين الأيوبي من التاريخ العربي .
    ـ مشاهد من صيد الغزلان ورقص الجواري وجلسات الرجال وتدخينهم النرجيلة
    (3) ـ االدامسكو اسم مشتقّ من مدينة دمشق Damascus وهو نسيج حريأأأأري يُعْرَف ( بالوَشْيْ) المُوَشّى أو المُطَرَّز برسوم الفرسان والصيادين والأشجار والنباتات والثمار يستعمَل في تنجيد
    المفروشات والستائر .
    (4) ـ الأغبــــاني : هو نسيج من الحرير الطبيعي يتم تطريزه يدوياً بالإبرة بشد القمـــــــاش مكان
    التطريز على طارة خشبية . عُرِفَ في حلب وحمص ثم انتقل إلى دمشق .
    (5) ـ الحطاطة ( الحطّة ) : تشتهر حمص بنسجها على النول اليدوي وهي من الحرير الطبيــــعي
    وهي عبارة عن غطاء للرأس يلبسها الرجال ( لون أبيض أو أسود مع إدخال خيوط ملوّنة
    وقصبية وحسب الطلب ) كما تلبسها النساء ( بألوان مختلفة ومطرّزة بخيوط قصبية وملوّنة )
    ومنها أنواع كثيرة مثل :
    ـ المحرداوية : تلبسها نساء محردة ( محافظة حماه )
    ـ المُصَوَّرة والعريجتين تلبسان في محافظة السويداء
    ـ الكبسة : تلبسها النساء والعبدة : يلبسها الرجال في منطقة القلمون ( ريف دمشق )
    ـ الصدّية : تُلبس في بلدة صدد
    ـ الشُكرية : تُلبَس في حلب وإدلب
    ـ السلمونية : تُلبَس في منطقة السلمية ( محافظة حماه )
    ـ الكرديـة : تُلبَسها النساء في المناطق الكردية
    ـ العكّـارية : تُلبَس في منطقة عكار ( لبنان )
    ويُدْخَل على الحطّات رسومات مختلفة وحسب الطلب مثل : الوردة السباعية ـ العريشة ـ حب
    البندق ـ الفلّة ـ زهرة الغريب ـ عرق الآس ـ الزيتونة ـ كعب الغزال ـ حب الصنوبر وغيرها
    وتضاف هذه الرسوم بخيوط حريرية ذات ألوان متعدّدة وأحياناً بخيوط ممزوجة بماء الذهب أو الفضة حسب الطلب مما يعطيها قيمة مادية عالية .

    (6) ـ العباءة : منها نسائية ومنها رجالية تُلبس فوق الثياب تُصنع من الحرير الطبيـــــــعي وبألوان
    مختلفة وتُطَرّز أطرافها بخيوط قصبية حسب الطلب .
    (7) ـ الصـــرمة : هي عبارة عن تطريز بالحرير على المناشف والبرانس والمــــــــلاءات فيرسم
    زهور وأقمار وهلال وحسب الطلب واشتهرت حمص وحماه بهذا النوع من التطريز.
    (8) ـ الصـــاية : عبارة عن ثوب يرتديه الرجال يشبه الجلابية كان يُصنع من الحرير الطبيـــــــعي
    للسدى وخيوط قطن للُحمة والآن يُصنع من القطن وقليل من الحرير واشتهرت بهذه الصناعة
    حمص وحماه وحلب ودمشق وللصاية أنواع منها : الباذنجانية والناعورة والجنزير والهبرية
    وتكون بألوان مختلفة .
    (9) ـ الشــال : من أنواع لباس الخصر ويُلفّ على الخصر ويُصنع من الحرير الطبيعي أو من القطن
    والحرير وبألوان مختلفة وحسب الطلب ، يُصنع فيحمص وحلب ـ

    المصــــــادر والمـــــــراجع :
    ـ كتاب طريق الحرير : د. ريم منصور الأطرش ـ وزارة الثقافة
    ـ كتاب أمثال حمص الشعبية : المهندس جورج فارس رباحية 2006
    ـ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ـ موسوعة المعرفة : القاهرة 1973
    ـ مقال نول النسيج اليدوي الحمصي : المهندس جورج فارس رباحية 2012
    ـ مقال طريق الحرير : المهندس جورج فارس رباحية 2013
    ـ مقال سوق القيصرية : المهندس جورج فارس رباحية 2007
    ـ مواقع على الإنترنت :

    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aaنتاج الحرير الطبيعي
    waell

    مُساهمة الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 21:01 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الأربعاء مارس 06, 2013 1:12
    طــــــريق الحــــرير
    المهندس جورج فارس رباحية
    (( ليس هناك نهر من ماء يمكن مقـــــــارنته بهذا النهر الدائم مــــــن القوافل ، الذي حمــل نصـــف تاريخ العالم من مرحلة إلى أُخرى ، ومن قِفار إلى قِفار ، ومن إقليمٍ إلى إقلـــيم بقوة البشر الضئيلة )) .
    هذا ما قالته الصحافية والمؤرّخة فرياستارك ( 1893 ـ 1993 ) التي أمضــت فترة طويلة فـي عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين بمناطق طريق الحرير ، حيث كان المحور العالمي الأكـثر أهمية للتجارة الدولية في العالم القديم يمتد من الشر إلى الغرب ويليه في الأهمية محور أخر يسير بعكسه من الغرب إلى الشرق ، وكانت التجارة المتداولة في هذين المحورين على طرق بريـــــة وبحرية أطلق عليها بعض الباحثين والأوروبيين اسم ( طرق الحرير ) نسبة إلى الحرير الصــيني الذي كان يُعَدّ أنفس سلعة ينقلها التجار على هذه الطرق , وكان لطرق الحرير المتجهة من الصين شرقاً مساران رئيسيان :
    المسار الأول : وهو شمالي المعروف بطريق الحرير البري الذي يبدأ من الصين وينتهي بأوروبا ماراً ببلاد آسيا الوسطى والأناضول حتى ينتهي إلى أنطاكية على الشاطئ الشرقي للبحر الأبـيض المتوسّط ويواصل المسير بحراً إلى ساحل إيطاليا ومنها يستمرّ براً إلى البلاد الأوروبية حتى يصل إلى اسبانيا . وثمة طرق فرعية مرتبطة بطريق الحرير أهمها بالنسبة لمنطقتنا الذي يتّجه نحــــــو الجنوب الغربي أي إلى بلاد فارس والرافدين وبلاد الشام ويتجه أحد هذه الفروع نحو مدينة تدمـر في بادية حمص التي كانت مركزاً تجارياً هاماً بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ، فكــــانت نقطة التقاء الجميع لقربها من مراكز التجارة في جنوب الأناضول والبحر المتوسط والبتراء والبحر الأحمر في الطريق إلى الإسكندرية ، إن الاتجاه الرئيسي لطريق الحرير في البرهو المحور الذي يتجه براً من حلب إلى حمص فدمشق فبصرى الحرير إلى بلاد الحجاز ومصر جنوباً وأنطــــاكية واسكندرونة شمالاً وغرباً نحو البحر المتوسط فأوروبا .
    المسار الثاني : يُعرَف بالمسار الجنوبي وهو طريق الحرير البحري يبدأ من مينـــــــاء كانتون في الصين ويعبر بحار الصين ثم يلتفّ حول سواحل الهند ليدخل في البحار المحيطة بالجزيرة العربية فيدخل أحد فروعه الخليج العربي فيدخل إلى بلاد فارس ثم الكويت إلى بلاد الرافــــــدين والفرع الآخر يتّجه إلى عُمان فاليمن متجهاً نحو البحر الأحمر إلى أوروبا وشمال أفريقيا ومسار آخر يتجـه نحو الحبشة .
    يتفرّع عن هذين المسارين الرئيسيين طرق فرعية كثيرة منها الطريق الصيفي والشتوي تذهــب في جميع الاتجاهات فتصل إلى الأمم الواقعة إلى الشرق من الصين وإلى أقصى شــــمال أوروبــا وأواسط أفريقيا فهو بطبيعة الحال مسالك للقوافل المتجهة من الشرق إلى الغرب .
    بعد أن حدّدنا تقريباً مسارات طرق الحرير البرية والبحرية نعود إلى تاريخ هذه الطرق وأهميتها نشأة طريق الحرير البري : لا يُمكِن لأحد أن يُحَدِّد متى اكتُشِفَ الحـرير ، وطبقاً للإســــطورة الصينية ، لقد عُرِفَ الحرير حوالي سنة 2700 قبل الميلاد في حديقة الإمبراطور ( هوانجدي ) فقد أمر الإمبراطور زوجته ( زيلتش ) بمحاولة معرفة سبب تلف أشجار التوت الخاصة به . فاكتشفت زيلتش أن ديدان بيضاء تتغذى بأوراق التوت وتقوم بغزل شرانق لامــــــعة . فقامت الإمبراطورة بالصدفة بإسقاط شرنقة بماء ساخن ، وبينما هي تلعب بالشرنقة بالماء لاحظت خيطاً عنكبـــــــوتياً يتشابك وينفصل من الشرنقة . فقامت بسحب الخيط من الشرنقة ، فوجدت أن الخيـط الرفيع يتـفكّك من الشرنقة وهكذا كانت بداية اكتشاف الحرير . فأتقن الصينيون صنعه ونسجه حتى كانوا يُبادلون عليه مقابل وزنه بالأحجار الكريمة . وكان هذا بداية نشوء طريق الحرير البري . وعلى الرغم من إطلاق تسميات مختلفة على بعض أجزاء منه كـ ( طريق الأحجار الكريمة ) و( طريق الفخاريات والخزفيات ) و ( طريق الدين البوذي ) وغيرها من تسميات ، ولكن في الأخير لا يُمكن تبديل اسم طريق الحرير . نشأة طريق الحرير البحري :تشكّل طـــريق الحرير البحري منذ عهد أســــرة أباطــرة (هــان ) التي حكمت الصين مدة تزيد عن 400 عام ( 206 ق.م ـــ 220 م ) لا سيما في عهد الإمبراطور ( وو دي ) ( 140 ق.م ـــ 87 م ) فازدهـــــرت الصين في عدة مجالات منـها العــــلوم والآداب وأضحت تشبه الإمبراطورية الرومــــانية ولا يزالا الصينيون يسمّون أنفسهم ( آل هان ) وذلـــك اعترافاً بالإنجازات التي حقّقتها الصين في تلك الفترة ، فبدأت التجارة الخارجيـــــــة البـحرية وفق المسارات التي ذُكِرَت أعلاه . أهميّة الطريق : ســـــار بهذا الطريق على مدى آلاف السنين ملوك وأنبياء ودعاة ورحّالــــــة وفنّانون ومتصوِّفون وقادة جيوش وفرسان وحرفيون وقوافل تجارية وأضحى من أهم المـــــــراكز الحضارية بين الأمم والشعوب القديمة التي أسهمت في التواصل الاجتماعي والثقافي بين الشعوب على مــرّ التاريخ كما تجاوز التجارة إلى آفــــــــاق إنسانية أخرى ، فانتقلت الزراعـــــــة والكتابة والنســــيج والورق والبارود وانتقل إلى الصين من الخارج على سبيل المثال لا الحصـــر : الفلفل والجــــــزر والبصل والبطيخ وأيضا النحاس والقصدير والفيروز والذهب والفراء والصــــــــوف والجـــــلود كما انتقلت بعض الأوعية الزجاجية من روما وكان يتم التبادل بالبضــــائع عن طريق النقايضة وانتـــقل الرقص والموسيقى وكان أيضاً معبراً لانتشار الديانات كالبوذية والزرادشتيـــــة والمانوية والمـزدكية والكونفوشية والتاوية والمسيحية والإسلام . ففي القرن الأول قبل الميلاد عندما ظهر الحــــرير في روما سمّاه الرومانيون : ( سيريس ) . وقد تكون هذه التسمية جاءت من كلمة : ( سي ) التي تعني في اللغــــــــة الصينية : ( الحرير ) والتي تحوّلت على ألسنة التجّار إلى كلمة : (سيريس) فاعتقدوا أن الحــــرير من إنتاج دولـــــــة الحرير البعيدة : شينا أو الصين التي تكتنفها الأسرار . ويكــــــفي لبيان أهمية هذا الطريق فإنه أدّى إلى تراكم المخزون العالمي للذهب ، في الصين ، حتى أنه بحلول القرن العاشر الميلادي ، صارت الصين وحدها تمتلك من مخــــــزون الذهب قدراً أكبر مما تمتلكه الدول الأوروبية مجتمعة .
    25/1/2013 المهندس جورج فارس رباحية
    المصـــادر والمراجــــع :
    Microsoft Encarta 2009 ــــ
    ــــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ـــ طريق الحرير : د . ريم منصور الأطرش . منشورات وزارة الثقافة
    ـــ موسوعة المعرفة ـ القاهرة ـ 1973
    ـــ مواقع على الإنترنت :
    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    طريق الحرير
    waell

    مُساهمة الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 21:07 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الأحد مارس 03, 2013 12:02 p

    ماذا تعرف عن الثـــوم
    المهندس جورج فارس رباحية

    الاسم العربـي : ثُـــوم
    الاسم الشائـع : فـوم ـ الثـوم
    الاسم العلمـي : Allium sativum L.
    الاسم المٌرادف : THOM
    الفصيلة النباتية : النرجسية Amaryllidaceae
    الخواص الزراعية : ـ نبات عشبي بصلي مُعَمِّر ، يُزرع حوليّاً ، يتكاثر بالأبصال والبذور
    يزهر بالربيع وينضج في الصيف وتبعاً لعوامل المناخ المحلي .
    ـ الجزء المستعمل : الفصوص ، الأوراق ، النبات الخضر .
    ـ المعاملة والحفظ : يُقلع النبات ويُجمَع ويُنظّف ثم يُنشر ليجفّ ويٌحفَظ
    بعيداً عن الرطوبة والتلوّث .
    ـ البيئة : ينمو في البيئات الجافة ونصف الجافة وشبه الرطبــة في
    في المناطق المعتدلة والدافئة واللطيفة والباردة في الأراضي الخفيفة
    والمتوسّطة .
    ـ التوزّع : يٌزرع في الحقول والبساتين والمدرّجات والحواكير .
    ـ الموطن الأصلي : غرب آسيا ، شمال أفريقيـــا ، حوض البحر
    المتوسّط ، مناطق كثيرة من العالم .
    غرض الاستعمال : مٌهَيّج ، مُعَقِّم ، آلام الروماتيزم ، طارد للغازات ، مُطهِّر معوي ، حالة
    السعال والربو ، يُفيد الأعصاب ، تصلّب الشرايين وتنقية الدم ، معًرِّق ،
    مُدِرّ للبول ، منظِّم للضغط ، ضد العفونة ، خافض لـدرجة الحرارة .
    طبيعة الاستعمال : داخلي وخارجي .
    طريقة الاستعمال : طازج ، منقوع ، مطبوخ ، مرهم ، كمادات ، محلول ، مسحوق .
    عناصر فعّــالة : آلينار Alinar ، آليين Aliine ، إينولين Inuline ، آليسيـــن
    Alicine ، فيتامين C , B1,B2, B3 ، آليل بروبيل ثنائي الكبريت ،
    آليل ثنائي الكبريت .
    محاذير الاستعمال : لا يستعمله أصحاب المعدات الحسّاسة والضعيفة باعتباره عسير الهضم
    ومٌهَيِّج .

    28/6/2010 المهندس جورج فارس رباحية


    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    ماذا تعرف عن الثوم
    waell

    مُساهمة الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 21:11 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الأحد يناير 27, 2013 1:19

    ماذاتعرف عن الـكَــمْـأة
    المهندس جورج فارس رباحية
    نبات فطري ينمو في البوادي ويتطفّل على جذور نبات يسمىّ: ( جْريد أو جْريدة والإسم العلمي له : Helianthemum salicifolium ) وهو النبات الذي يدلّ على وجود الفــطر الـــذي يدعى ( بالنبات الدالّ ) ويظهر في فصل الشتاء وأواخره اذا توفرت له البيئة المناسبة .
    يسمّى هذا الفطر بعدّة أسماء : كمْأة – كماي – الفقع – بنت الرعد – طرفاس .
    وهو من الفصيلة النباتية التي تدعى : Tuberaceae والإسم العلمي لهذا الفطــــــــــر :
    Tuber terfezia L . .
    مواقع تواجده والظروف البيئيّة المناسبة له :
    ينمو في البيئات الصحراوية وشبه الصحراوية والهامشية ( المحاذية لأراضي البادية ) والجافّة مثل سهوب الصحراء العربية وشبه الجزيرة العربية والحَمَاد والبادية السورية . وينمو في الظروف البيئية المناسبة لاسيما المُرعدة والممطرة في الأراضي الصحراوية بأواخر فصل الخريف فيقال أن الأرض ( انهرفَتْ ) , يكون الفطر بعدها مهيأ للنمو لاسيما في حال استمرار الأمطار , فيظهر نبات الْجريد ( النبات الدالْ ) .
    وفي حال عدم استمرارية الظروف الجوية المُلائمة يعود الفطر للضُمور مع الصُرَّة التي توجد في كل حبَّة وتعود إلى فترة السكون لِعام مُقبِل لتظهر من جديد إذا توفرت الظروف الملائمة .
    ويكون الفطر على أنواع : عبيدية – بيضا – حمرا – سودا – زبيديّة – ( زبيدة ) – هوبر
    وتكون بأحجام مختلفة تصل إلى مايقارب كرة القدم . وتجمع في أواسط شهر شباط وآذار من تحت سطح التربة والتي تتطلّب خبرة نتيجة الممارسة . وحيث انّه لايمكن مطلقاً جمع الكمأة بشكل كلّي, فإن الفطر المتبقي بالأرض يعود للضمور ويؤثّر على ذلك أيضاً ارتفاع درجات الحرارة , حيث تبقى بالأرض لسنة قادمة وهكذا .... ومما يجدر ذكره إن هذا الفطر لايمكن تكاثره زراعياً بالرغم من إجراء تجارب وأبحاث عديدة
    ويعتبر موسم الكمأة مورد رزق لسكان البادية في السنين التي تتواجد فيها .
    ويتكون الفطر من عدّة عناصر فعّالة : ليبيدات – بروتين – فيتامين ب1 – سكريات – آزوت
    -كالسيوم – صوديوم – فحم – هيدروجين – أوكسجين .

    9/3/ 2003 المهندس جورج فارس رباحية
    المصدر :
    - المعجم الطبي النباتي : العماد مصطفى طلاس
    - زيارات ميدانية لسكان البادية : للمهندس جورج رباحية 
    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    ماذا تعرف عن الكمأة
    waell

    مُساهمة الجمعة 27 سبتمبر 2013 - 2:43 من طرف waell

    من طرف المهندس جورج فارس رباحية في الأربعاء فبراير 27, 2013 12:52 pm

    ماذا تعرف عن جوز الهند
    المهندس جورج فارس رباحية

    الاسم العــــــربي : جوز الهند
    الاسم بالإنكليزية : COCONUT
    الاسم العـــــلمي : Cocos nucifera
    الفصيــــــــــــــلة : Cocos
    الموطن الأصــلي : هناك جدل حول الموطن الأصلي لشجرة جوز الهند ، بعض المؤرخين يقــــــولون أن الموطن الأصلي يعود إلى شمال غرب أمريكا الجنوبية والبعض الآخر يقول لقد دلّت الحفريات إلى وجود آثار له في نيوزيلاندا يعود تاريخها إلى 15 مليون سنة وعثر أيضاً على آثار قديمة في راجستان والتـــاميل وفي ولاية كيرالا (تعني ارض جوز الهند) وأيضا في الهند وبنغلاديش ، وينمو بالولايات المتحدة الأميركية في جزر الهاواي وفلوريدا وجنـوب تكساس وبعض مناطق كاليفورنيا ، وذكر ابن بطوطة وجوده في عُمان وظفار وصلالة كما بدأت تنتشر زراعته في الإمارات العربية والسعودية على الخطوط الساحلية .
    وصف النبــــات : شجرة دائمة الخضرة ساقها ملساء أوراقها ريشية طول الورقة حوالي 5م وعرضــــــها 5ر1م ، تظهر الأزهار متجمّة بشكل عناقيد طويلة بحدود 1 م ، قطر الجوزة حوالي 10 سم مغطّاة بليف بني ، الجذور ليفية سميكة تنتشر حول الجذع ، يصل ارتفاع الشجرة إلى 35 م . لشجرة جوز الهند 200 جنس و 1500 نوع ، تتميز بإنتاجها المستمر على مدار العام وتنتج الشجرة حوالي 35 جوزة .
    البيئــــــــــــــة : تعيش أشجار جوز الهند خاصة في جنــــــوب القارة الآسيوية وفي المنـــــــاطق المشمسة وكثيرة الأمطار ، ونظراً لإرتفاع الشجرة وجمالها قيل عنها الكثير من الخرافات والأساطير والحــــكايات الشـــــعبية في القارة الآسيوية .
    فـــــــــوائده :
    الأوراق : لها تأثير قابض ومعَقِّم ــ تستعمل لعلاج أمراض الجلد مثل الإلتهابات الفيروســـــية Herpes ــ يستعمل في صناعة الورق .
    القشــرة : الخضراء والخشبية التي تليها ذات تأثير مُعَرِّق ومُلَيِّن ــ القشرة الخضراء غير الناضجة تقتــــل الديدان المعوية وتساعد على إزالة مسامير الأقدام بتدليك المسامير بالقشرة الخضراء ــ القشـــــرة القاســية تُحَمَّص وتُطْحَن لتُسْتَعمل في تييض الأسنان وتقوية اللثّة وإزالة رائحة الفم
    مــــــــــاؤه : يُساهم ماؤه بغسل الكلى والمسالك البولية ــ مقوي للشعر ويمنع سقوطه .
    ثمــــــــاره : تؤكَل بعد نزع القشرة الخشبية عنها ويمكن تحليتها بالسكر ، مغذية وفاتحة للشهية ومنشّــطة للكبد ــ مقوي للطاقة الجنسية ( باستعمال الثمرة الخضراء الصغيرة والطرية ) ــ مُقّشِّع وطارد للبــلغم ــ يساعد في معالجة آلام القلب ــ يخفّف آلام الظهر والتهابات الوِرْك ــ يُنَشِّط الدورة الدموية ــ مُهَدّئ للحالات النفسية ــ يُعالج قروح المعدة والأمعاء ــ يُعالج الباسور الداخلي والخارجي والنازف ــ معالج لمرض الربو يمنع الترهّل والضعف يُساعد على التئام الجروح ــ تُجَفّف الثمـــار وتُطحَن حيث لها استعمالات كثيرة في صناعة الحلوى .
    زيتــــــــــه : يُستَخَلص زيت جوز الهند من ماء الثمرة ، فيوضع ماء الثمار في إناء عميق مع تغطيته مدة 24 ساعة أو 36 ساعة بعدها ينفصل الزيت بشكل تلقائي ويكون بلون صافٍ ورائحة وطعم لذيذين ، خالٍ من الأحماض الدهنية ويمكن تخزينه لفترة طويلة لاحتوائه على مواد مضادّة للأكسدة يُستَخدم هذا الزيت في الطهي ــ ملطّف للشعر ــ مضاد للقشرة ــ يعمل على تخفيف الوزن ــ مضاد لالتهـاب الكولون وطفيليات الأمعاء ــ منشّط لعملية التمثيل الغذائي ـ مضاد للبكتريا والفيروسات ــ يساهم في علاج مرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) والسرطان ــ يعتبر من زيوت التدليك ــ تدخل مكوّناته في صناعة الصابون الخــــاص بالتجميل والعناية بالجلد والشعر .
    التركيب الكيماوي : تحتوي الثمرة على بروتينــــــات ـ سكريات ـ معـــــادن ( فوسفور ، حديد ، بوتاسيوم ، كالسيوم )

    2/2/2013 المهندس جورج فارس رباحية


     

    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    ماذا تعرف عن جوز الهند
    avatar

    مُساهمة السبت 28 سبتمبر 2013 - 11:53 من طرف المهندس جورج فارس رباحية

    تعجز الأنامل عن شكركم لهذه البادرة الرائعة
    اتمنى لموقعكم كل التقدم والنجاح
    عبد الوهاب الريس

    مُساهمة السبت 5 أكتوبر 2013 - 9:39 من طرف عبد الوهاب الريس

    a2 a2 a2 
    waell

    مُساهمة الأحد 10 نوفمبر 2013 - 15:25 من طرف waell

    المهندس جورج فارس رباحية  Empty من طرف المهندس جورج فارس رباحية اليوم في 12:57 pm




    النابِغَة الذبياني
    535 ـ 604 م
    المهندس جورج فارس رباحية  
       هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرّة بن عوف بن ســــعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر ، والدته عاتكــة بنت أنيس الأشجي وعرف من بناته  أمامة و تمامة وعقربة  ويُكَنّى بابي أمامة وأبي تمامة  ابنتـــاه على عادة العرب آنذاك . وُلِدَ في قبيلة بني ذبيان وعاش على الأغلب ما بيـــن أعوام ( 535 ـ 604 ) م وعاش في بيئة نصرانية بين أهله على الوفاء والولاء لهم والتفــاخر بقبيلته وحلفائها وشِعره يُثبِت ذلك  وهو من أشراف القبيلة ، كما لُقِّب بالنابغة الذبياني وهنــاك عدة آراء حول سبب هذا اللقب منها :
    1" ـ لُقِّب بالنابغة لأنه نبغ في الشِعر دفعة واحدة .
    2" ـ يقول أبو قتيبة إن سبب لقبه بالنابغة لقوله :
    وحلّت في بني القين بن جسر *****  فقد نبغت لهم منا شؤون
    3" ـ وفي رأي البغدادي : أن هذا اللقب لحقه لأنّه لم ينظم الشعر حتى أصبح رجلاً
    4" ـ وعلى حد قول العرب  ربما كان اللقب مجازاً : فنبغت الحمامة ، إذا أرسلت صـــــوتها في الغناء ونبغ الماء إذا غزر ، ونبغ الشاعر ، والشاعر نابغة ، إذا غزر شعره  وكثر .
    5" ـ ويُروى أنه لم يقل الشعر إلاً بعد أن تجاوز عمره الأربعين تقريباً ولهذا يصفونه بالنبوغ .
    6" ـ وجاء في كتاب الأغاني : انه بفضل أدباء يثرب استقام شـــــــعر النابغة حيث قال : دخلت يثرب وفي شعري عاهة وخرجت منها وأنا أشعر الناس .
    والنابغة لقب لشعراء عديدين ، منهم النابغة الجعدي والنابغة الشيباني وشاعرنا النابغة الذبياني ، هو أشعرهم دون مُنازع .شبَّ شاعرنا في نجد بين قيبلته ونشأته غامضة في حداثته وشبابه ، إلاّ حادثة حبه لمعاوية زوجة حاتـــــم الطائي . كان يحتـــــرم أمّه عاتكة بنت أنيس الأشجي ورثاها بقصيدة عند وفاتها .
    قد ذكر بعض المؤرخين أن النابغة اتصل بالغساسنة قبل أن يتّصل بالمناذرة بيـــد أن الثابت أنه اتصل بملوك الحيـرة  (جنوب العراق) وأقام فيها منذ عام 530 م حيث عقد صلة وثيقة بأميرها المنذر بن ماء السماء ( 514 ـ 554 ) م ومدحه ولمّا آل العرش إلى عمرو بن هند عام 554 م وقعت بينهما وحشة ونفور فغادر الذبياني الحيرة إلى جُلّق في حوران ولما قتل عمرو بن هنـــد عام 578 م عاد النابغة إلى الحيرة  ودخل قصر لنعمان بن المنذر أبو قابوس ( 580ـ 602 ) م فاســـتخصّه وأسبغ نعمته وجوائزه عليه حتى أكل وشرب في آنية الذهب والفضـــــة واســـتمّر على هذا النعيــم حتى دخـــل بينهما بعض حســـاّده متذرّعين للوشاية بقصــــــيدته في وصف  (المُتجرّدة ) زوجة النعمان فغضب الملك وتوعّده بالقتل فنجا شــاعرنا بنفســــه ولاذ بعمرو بن الحارث الأصـغر الغساني بالشام فزاد حقد النعمان عليه لالتجائه إلى أعدائه ومنافسيه وبقي عند بني غســـان يمدحهم ويُغدقون عليه المال والذهب حتى بلغه مرض النعمان فرجـــــع إليه يطلب منة الشفاعة ويرجو البراءة عنده مقدّما قصائده الخالدة بالاعتذار منه فقبلها وعــــادت مكانته في القصر .
     بعد أن مات النعمان ترك النابغة البلاط راجعاً إلى ديار بين ذبيان وهناك اعتزل الشعر ومات سنة 604 م . وقد ذكر المستشرق ( ديرنبرغ ) أن النابغة توفّي عام 605 م قبل الهجرة بـ 18 عاماً متأثراً بمرض الحمّى ، حيث قضى أواخر أيامه في أرض اليمن فقيراً معدماً وقد جلّلـــــه الشيب وضعفت قواه  .
     كان النابغة الذبياني شعر وناقد في آن واحد ، فقد كانت تُضرَب له من جلد أحمر خيمة تنصبها قريش وملوك الغساسنة في سوق عكاظ  بمكة وفيها يجري النقد لأهم مظاهر الثقافة الجمـــالية ، فتقصده الشعراء وتعرض عليه أشعارها وكان من بين الشعراء الذين يعرضون شــــعرهم على النابغة ( الأعشى وحسان بن ثابت والخنساء ) وكان هو الحَكَم فيها وكذلك كانت مجالســـــه في يثرب ، وقال عنه ابن سلام الجمحي في الطبقات ( كان النابغة أحسن الشعراء ديباجة شــــــعر ويمتاز شعره بالرونق والطلاوة والمتانة وجزيل اللفظ وليس فيه تكلّف ) . وامتاز شــعره برقة المشاعر وقوة العاطفة في آن واحد كما في خياله الخصب في الصور والتشابيه والاستعراضات الجمالية لهذا الخيال . يعتَبَر النابغة أحد فحول الشعراء في الجاهلية وَعَدّه ابن سلام في الطـــبقة وقارنه بامرئ القيس والأعشى وزهير وتقدم الخلاف في أيّهم أشـــــعر وهو الذي كان أحســنهم ديباجة وأكثرهم رونقاً وكلاماً وأجزلهم بيتاً .
     تراوحت أشعار النابغة بين النُتَف والقصائد الطِوال رَبَت على السبعين وهي ممّا وُثِّقَ به أنه له لأن شعره تعرّض إلى أكثر من محاولة للدسّ والنحل ، فنجد في ديوانه قصـــائد مؤلّفة من بيتين اثنين كم نجد مطوّلات تزيد على أربعين بيتاً مثل المعلّقــــــة التي تُعَدّ من عيون شعره خاصـــة والشعر العربي عامة .
      تنوّعت أغراض الشعر لدى النابغة في موضوعات شتّى وأشهرها المديح والهجاء إلى جانب الاعتذار والرثاء والغزل والوصف  . وسنذكر بعض أعماله :
    1 ـ أن شاعرنا من أصحاب المعلّفات (1) ، نبدأ أعمله بمعلّقته الشهيرة :
    يَـا دَارَ مَيَّـةَ بالعَليْـاءِ ، فالسَّنَـدِ  *****  أَقْوَتْ ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِـفُ الأَبَـدِ

    وقَفـتُ فِيـهَا أُصَيلانـاً أُسائِلُهـا  *****  عَيَّتْ جَوَاباً ، ومَا بالرَّبـعِ مِنْ أَحَـدِ

    إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْيـاً مَـا أُبَـيِّـنُــهَا  *****  والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومـةِ الجَلَـدِ

    رَدَّتْ عَليَـهِ أقَـاصِيـهِ ، ولـبّــدَهُ  ***** ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَـاةِ فِي الثَّـــأَدِ

    خَلَّتْ سَبِيـلَ أَتِـيٍّ كَــــــانَ يَحْبِسُـــــهُ  *****  ورفَّعَتْهُ إلـى السَّجْفَيـنِ ، فالنَّضَــــدِ

    أمْسَتْ خَلاءً ، وأَمسَى أَهلُهَا احْتَمَلُوا  *****  أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَـــى عَلَى لُبَـدِ

    فَعَدِّ عَمَّا تَرَى ، إِذْ لاَ ارتِجَـــــاعَ لَـهُ  *****  وانْـمِ القُتُـــودَ عَلَى عَيْرانَـــــةٍ أُجُـدِ

    مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحـضِ ، بَازِلُهَــــا  *****  لَهُ صَريفٌ ، صَريفُ القَعْـوِ بالمَسَـدِ

    كَأَنَّ رَحْلِي ، وَقَدْ زَالَ النَّــــهَارُ بِنَـا  *****  يَومَ الجليلِ ، عَلَى مُســـتأنِـسٍ وحِـدِ

    مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ ، مَوْشِيٍّ أَكَارِعُـهُ  *****  طَاوي المَصِيرِ كَسَيفِ الصَّيقل الفَرَدِ

    سَرتْ عَلَيهِ  مِنَ الجَـوزَاءِ  سَارِيَـةٌ  *****  تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيـهِ جَامِــــــدَ البَـرَدِ

    فَارتَاعَ مِنْ صَوتِ كَلاَّبٍ فَبَاتَ لَـهُ  *****  طَوعَ الشَّوَامتِ مِنْ خَوفٍ ومِنْ صَرَدِ

    فبَـثّـهُـنَّ عَلَيـــــهِ ، واسـَــــمَـرَّ بِـهِ  *****  صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَـــــاتٌ مِنَ الحَـرَدِ

    وكَانَ ضُمْرانُ مِنـهُ حَيـثُ يُوزِعُـهُ  *****  طَعْنَ المُعارِكِ عِندَ المُحْجَـــرِ النَّجُـدِ

    شَكَّ الفَريصةَ بالمِـدْرَى ، فَأنفَذَهَـا  *****  طَعْنَ المُبَيطِرِ ، إِذْ يَشفِي مِنَ العَضَـدِ

    كَأَنَّه ، خَارجَا مِنْ جَنـبِ صَفْحَتِـهِ  *****  سَفّودُ شَرْبٍ نَسُــــــوهُ عِنـدَ مُفْتَــــــأَدِ

    فَظَـلّ يَعْجُمُ أَعلَى الـرَّوْقِ مُنقبضـاً *****  فِي حالِكِ اللّونِ صَدْقٍ ، غَيرِ ذِي أَوَدِ

    لَمَّا رَأَى واشِـقٌ إِقعَـاصَ صَاحِبِـه  *****  وَلاَ سَبِيلَ إلـى عَقْـــــلٍ ، وَلاَ قَـــــوَدِ

    قَالَتْ لَهُ النَّفسُ إنِّي لاَ أَرَى طَمَـعاً  *****  وإنَّ مَولاكَ لَمْ يَســـــلَـمْ ، ولَمْ يَصِـدِ

    فَتِلكَ تُبْلِغُنِي النُّعمَانَ  إنَّ لهُ فَضـلاً  *****  عَلَى النَّاس فِي الأَدنَى ، وفِي البَعَـدِ

    وَلاَ أَرَى فَاعِلاً  فِي النَّاسِ  يُشبِهُـهُ  *****  وَلاَ أُحَاشِي ، مِنَ الأَقوَامِ ، مِنْ أحَـدِ

    إلاَّ سُــــليـمَانَ ، إِذْ قَـــالَ الإلـهُ لَـهُ  *****  قُمْ فِي البَرِيَّة ، فَاحْدُدْهَـا عَنِ الفَنَـــدِ

    وخيّسِ الجِنّ ! إنِّي قَدْ أَذِنْـــتُ لَهـمْ  *****  يَبْنُـونَ تَدْمُــــرَ بالصُّفّـــــاحِ والعَمَـدِ

    فَمَـن أَطَاعَـكَ ، فانْفَعْـهُ بِطَاعَتِـهِ  *****  كَمَا أَطَاعَكَ ، وادلُلْــــــهُ عَلَى الرَّشَـدِ

    وَمَـنْ عَصَـاكَ ، فَعَاقِبْـهُ مُعَاقَبَـةً  *****  تَنهَى الظَّلومَ ، وَلاَ تَقعُدْ عَلَى ضَمَـــدِ

    إلاَّ لِمثْـلكَ ، أَوْ مَنْ أَنـتَ سَابِقُـهُ  *****  سَبْقَ الجَوَادِ ، إِذَا استَولَى عَلَى الأَمَـدِ

    أَعطَـى لِفَارِهَـةٍ ، حُلـوٍ تَوابِعُـهَا  *****  مِنَ المَواهِـبِ لاَ تُعْطَـى عَلَى نَكَـــــدِ

    الوَاهِـبُ المَائَـةِ المَعْكَـاءِزَيَّنَـــهَا  *****  سَعدَانُ تُوضِـــــحَ فِي أَوبَارِهَـا اللِّبَـدِ

    والأُدمَ قَدْ خُيِّسَـتْ فُتـلاً مَرافِقُـهَا  *****  مَشْـدُودَةً بِرِحَـــــــالِ الحِيـرةِ الجُـدُدِ

    والرَّاكِضاتِ ذُيـولَ الرّيْطِ فانَقَـهَا  *****  بَرْدُ الهَوَاجـرِ ، كالغِـزْلاَنِ بالجَـرَدِ

    والخَيلَ تَمزَعُ غَرباً فِي أعِنَّتهَا كالطَّيـرِ *****تَنجـو مِـنْ الشّؤبـوبِ ذِي البَـرَدِ

    احكُمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ ، إِذْ نظـرَتْ  *****  إلـى حَمَامِ شِـرَاعٍ ، وَارِدِ الثَّمَـــدِ

    يَحُفّـهُ جَـانِبـا نِيـقٍ ، وتُتْبِعُـــــــهُ  *****  مِثلَ الزُّجَاجَةِ ، لَمْ تُكحَلْ مِنَ الرَّمَـدِ

    قَالَتْ : أَلاَ لَيْتَمَا هَـذا الحَمَـامُ لَنَـا  *****  إلـى حَمَــــــامَتِنَـا ونِصفُـــــهُ ، فَقَـدِ

    فَحَسَّبوهُ ، فألفُـوهُ ، كَمَا حَسَبَـتْ  *****  تِسعاً وتِسعِينَ لَمْ تَنقُـصْ ولَمْ تَــــزِدِ

    فَكَمَّلَـتْ مَائَـةً فِيـهَا حَمَامَتُــــــهَا  *****   وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِـي ذَلكَ العَــــــدَدِ

    فَلا لَعمرُ الَّذِي مَسَّحتُ كَعْبَتَهُ وَمَـا ***** هُرِيقَ ، عَلَى الأَنصَابِ ، مِنْ جَسَـدِ

    والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرَ ، تَمسَحُـهَا  *****  رُكبَانُ مَكَّةَ بَيـنَ الغَيْـلِ والسَّعَـدِ

    مَا قُلتُ مِنْ سيّءٍ مِمّـا أُتيـتَ بِـهِ  *****  إِذاً فَلاَ رفَعَتْ ســـَوطِـي إلَـيَّ يَـدِي

    إلاَّ مَقَـالَـةَ أَقـوَامٍ شَـــــقِيـتُ بِهَـا  *****  كَانَتْ مقَالَتُهُـمْ قَرْعـاً عَلَى الكَبِـــــدِ

    إِذاً فعَـاقَبَنِـي رَبِّـي مُعَـاقَـبَــــــةً  *****  قَرَّتْ بِهَا عَيـنُ مَنْ يَأتِيـــــكَ بالفَنَـدِ

    أُنْبِئْـتُ أنَّ أبَـا قَابُـوسَ أوْعَدَنِـي  *****  وَلاَ قَـرَارَ عَلَـى زَأرٍ مِـنَ الأسَــــدِ

    مَهْلاً ، فِـدَاءٌ لَك الأَقـوَامُ كُلّهُـمُ  *****  وَمَا أُثَمّـرُ مِنْ مَـــــالٍ ومِـنْ وَلَـــــدِ

    لاَ تَقْذِفَنّـي بُركْـنٍ لاَ كِفَـاءَ لَـــهُ  *****  وإنْ تأثّـفَـــــكَ الأَعـــــدَاءُ بالـــرِّفَـدِ

    فَمَا الفُراتُ إِذَا هَـبَّ الرِّيَـاحُ لَـهُ  *****  تَرمِـي أواذيُّـــــهُ العِبْرَيـنِ بالـزَّبَـدِ

    يَمُـدّهُ كُـلُّ وَادٍ مُتْـــــرَعٍ ، لجِـبٍ *****  فِيهِ رِكَـــامٌ مِنَ اليِنبـوتِ والخَضَـدِ

    يَظَلُّ مِنْ خَوفِـهِ المَلاَّحُ مُعتَصِـماً  ***** بالخَيزُرانَة ، بَعْـدَ الأيـنِ والنَّجَــدِ

    يَوماً ، بأجـوَدَ مِنـهُ سَيْـبَ نافِلَــةٍ  *****  وَلاَ يَحُولُ عَطـاءُ اليَـومِ دُونَ غَـدِ

    هَذَا الثَّنَـاءُ ، فَإِنْ تَسمَعْ بِـهِ حَسَنـاً  *****  فَلَمْ أُعرِّضْ  أَبَيتَ اللَّعنَ بالصَّفَـدِ

    هَا إنَّ ذِي عِذرَةٌ إلاَّ تَكُــنْ نَفَعَـتْ  *****  فَـإِنَّ صَاحِبَــــــها مُشَـارِكُ النَّكَـدِ
    2 ـ وهاهو ذا تخونه الأيام وترمي به وحيداً يطوي على همٍّ كبير ونفْسٍ كسيرة فيقول :
    المَرْءُ يأمُـــلُ أن يعيشَ  *****  وطولُ عيشٍ قَد يَضُرُّه
    تَفْنى بشـــــاشَتُهُ ويبقى  *****  بَعْدَ حُلـــــوِ العَيْشِ مُرُّه
    وَتَخُونُهُ الأيَــــــام حَتّى  *****  لا يَـــــرى شَيْئاً يَسُــرُّه
    كم شامِتٍ بي إِن هَلِكْتُ  ***** وقائِـــــــل للـّــــــه دَرُّه
    3 ـ وأنشد في مدح النعمان بن المنذر في قصيدة : له بحرٌ يُقَمَّصُ بالعَدَوْلي ، قال فيها :
    نَهضْتُ إلى عُذافِرَةٍ صَمُوتٍ ،  *****  مُذَكَّرَةٍ ، تَجِـــــلّ عَنِ الكَلالِ
    فِداءٌ ، لامرئٍ ســـــارت إلــيه  *****  بِعَذرَةِ رَبها ، عمّي وخــالي
    ومَن يَعْرفْ من النعمان سَجلاً  *****  فليسَ كمنْ يُتَيِّهُ في الضـلالِ
    فإنْ كنتَ امرأً قد ســـؤتَ ظَنّاً  *****  ولا تَعْجَلْ إليّ عنِ الســــؤالِ
    لَمَا أغفَلْتُ شُكْرَكَ فانتصِحني  *****  وكيفَ  ومِنْ عطائكَ جُلُّ مالي
    لهُ بحـــــرٌ يُقَمِّصُ بالعَدَوْلي ،  *****  وبالخَلَــــجِ المُحَمَّـــلَةِ ، الثّقالِ
    4 ـ وهذه قصيدته الجميلة : بانت سعاد ، قال فيها :
    بانت سُعــــــاد وأمسى حبْلها انجذما  *****  واحتلّت الشرع فالأجزاع من إضما
    ليست من السّودِ أعقاباً إذا انصرفت  *****  ولا تبيــــــع بجنبي نخــــــلة البرما
    غراء أكمل من يمشــــي على قَـــدِمٍ  *****  حسنا وأملح من حاورته الكلمـــــــا
    قالت : أراكَ أخا رحـــل وراحــــلة  *****  تغشى متالف لن ينطرنّك الهـــــرما
    حيّــــاك ربي فإنـــــا لا يحـــــل لنا  *****  لهو النســـــاء وإن الدين قد عزمـــا
    من قول حرميــــة قالت وقد طعنوا  *****  هل في مخفيــــــكم من يشتري أدما
    قلت لها وهي تســــــعى تحت لبتها  *****  لا تحطّمــــنك إن البيــــــع قد زرما
    باتت ثلاث ليـــــــال ثم واحـــــــدة  *****  بذي المجـــــــاز تراعي منزلا زيما
    فانشقّ عنها عمـــود الصبح جافلة  *****  عدو النحوص تخاف القانص اللحما
    5 ـ ويُنْشِد قصيدة أطلال هِنْد فيقول :
    تُذَكّرني أطـــــلالُ هنــــدٍ مع الهـوى  *****  دعــــائم منـــها قائـــــم وَمُنــــــَزَّعُ
    على العُصُـــــرِ الخالي كأنّ رسومها  *****  بتهنيَـــــةِ الرّكنيـــن وشيٌ مُرَجــــّعُ
    وعَنْسٍ بـــــــراها رحلتــــي فكـــأنّما  *****  إذا جنــــــأت فوق الذراعيْنِ شرجَعُ
    أناخـــــت بِغُبْرِ البـــيدِ مغشيةِ الردى  ***** على كلّ نَشــــــزٍ هامــــُها يتفجَّـــــعُ
    غِشاشاً كَنَوْمِ العينِ تفضى على القذى  *****  وقد شقَّ أعلى الصبْحِ أو كاد يسْطَعُ
    وقد قلبتْ عن لــــونٍ أحمــــرَ قاتــــمٍ  *****  أســــــابي ليْـــــلٍ لم تـــكدْ تتــــرفَّعُ
    6 ـ وقال في قصيدة : حَسْبُ الخليلين ، يرثي فيها أمُه عاتكة بنت أنيس الاشجي :
    ( ماذا رُزِئْنا بهِ من حيّــــــة ذكَرٍ ،  *****  نَضناضةٍ بالرذايا ، صِلّ أصلالِ )
    لا يهنىءِ الناسَ ما يرْعَونَ من كلإٍ  *****  وما يســــوقون من أهلٍ ومن مالِ
    بعدَ ابنِ عاتكةَ الثاوي على أبَوَى ،  *****  أضحى بـــــبلدةٍ لا عَــــمّ ولا خالِ
    حسبُ الخليلينِ نأيُ الأرضِ بينهما  *****  هذا عليــــها ، وهذا تحتــــَها باليِ
    7 ـ  وهجا النعمان بن المنذر بقصيدة  حَدِّثوني ، قال فيها :
    حّدِّثــــــوني بني الشقيقــةِ ما يَمـ  *****    ـنَعُ فَقْـــــعاً بقرقـــرٍ أن يزولا
    لا أرى الفـــارسَ المُدَجَّجَ فيـــــكم  *****  آل نصـــــــر ولا الفتى البهلولا
    جمعــــوا من نوافل الناس ســــيباً  *****  وحميــــراً موســــومةً وخيولا
    وبراذــــين كابيـــــاتٍ رأُتْنـــــــــاً  *****  وخنـــــاذيذ خِصْيـــــــَةً وفحولا
    لا أرى حـــاجزاً عن الفحش فيهم  *****  وحمــــــاراً عن أمّه مشـــكولا
    قد رأينـــا مكان أمّكَ إذ تمــــــــ    ***** ـنع من دِرَّةِ اللّـــــــــقوح فصيلا
    قَبَّــــحَ اللــــــهُ ثمّ ثَنَّــــى بلَــــعْنٍ  *****  وارثَ الصائغِ الجبـــانَ الجهولا
    مَنْ يضرّ الأدنى ويعجزُ عن ضرِّ  *****  الأقاصي ، ومن يخونُ الخَلــــيلا
    يجمعُ الجيشَ ، ذا الألوفَ  ويغزو  *****  ثمّ لا يرزأُ العَــــــدوَّ فَتيــــــــلا
    الشقيقة : جدّة النعمان . الفقع : الكمأة . القرقر : الأرض المستوية . نصر : الجد الأكبر للنعمان . الخناذيذ : الخيول الكريمة . الصائغ : هي عطية أبي سلمى لأم النعمان ، وكان ابو سلمى صائغاً
    8 ـ وقال مُفْتَخِراً بابياتٍ شعرٍ مطلعها : إنَّا نُقَدِّمُ
    إنّا نُقّدّــــــِمُ للفَخَـــــارِ ثلاثـــةً  ***** هَرِماً وعَوْفاً عمّه وســـنانا
    ونعدُّ خارجَةَ المكارِمِ إذْ سعى  *****  بِحَمالةٍ فاستخلَصَتْ غطفانا
    والحارِثَيْن معاً نَعُدُّ وهاشِــــماً  *****  ويزيدَ إن عُدَّ الكُمَاةُ طِـعانا  
    الكُماة : جمع كَمِيّ وهو الرجل المقاتل .
    8 ـ وقال في قصيدة : هم خَيْرُ مَنْ يشربُ ، يمدح فيها العمان بن الحارث الأصغر الغساني :
    هذا غُــلامٌ حَســـــَنٌ وَجهُهُ ،  *****  مُسْتَقْبِلُ الخَيْرش ، سريعُ التّمامْ
    للحارِثِ الأكبرِ ، والحـــارِثِ   ***** الأصغرِ ، والأعرجِ خيـــــرِ الأنامْ
    ثُمَّ لهـــــندٍ ، ولهـــــندٍ ، وقد  *****  أسرع ، في الخيراتِ ، منه إمامْ
    خمســــــةُ آبائِــــهِمُ ما هُمُ ؟  ***** هُمْ خيرُ مَن يشربُ صوبَ الغمامْ
    هند : الأولى هي بنت عمرو آكل المرار الكندي ، وهند : الثانية هي أمامة بنت سلمى بن الحارث
    9 ـ ولما بلغ النابغة مرض النعمان ، اتاه وكان يُحْمَلُ النعمان في مرضه على ســــرير يُنْقَلُ بين قصوره في الحيرة ، ولما اراد الدخول دفعه عصام بن شهبرة الجرمي حاجب النعمان بحجّة أنه عليل فأنشد قصيدة : ولكنْ ، ما وراءَك يا عصامُ ؟ :
    ألَمْ أُقْسِمْ عليْكَ لتُخْبِرَني ،  *****  أمَحْمُولٌ ، على النّعشِ ، الهُمامِ
    فإنّي لا أُلامُ على دُخُولٍ ؛  *****  ولكِن ما وراءَكَ يا عِصــــــامُ ؟
    فإنْ يَهْلِكْ أبُو قابوسَ يَهْلِكْ  *****  ربيعُ النّاسِ ، والشهرُ الحرامُ
    ونُمْسِكُ ، بعدَه ، بذِبابِ عَيْشٍ  *****  اجبّ الظَّ÷ْرِ ، ليسَ لهُ سنَامُ
    أبو قابوس : كنية النعمان . ربيع الناس : كناية عن العطاء كما يخصب ويعطي الربيع . أجب الظهر : أي لا سنام له . ذناب الشيء : طرفه ونهايته .

    17/7/2013                                         المهندس جورج فارس رباحية
    المفـــــــــــردات :
    (1) ـ المعلّقات : إن تسميتها بالمعلّقات أو المُذَهَّبات ، أو السُّموط ( العقود ) فمختلف فيه ، إذ قال بعضهم  أنّ العرب لشدّة إعجابهم بها ، كتبوها بمــــاء الذهب ، وعـــلّقوها على جدران الكعبة  ، فَسُمِّيت بذلك المُعلَّقات أو المُذهّبات . ونفى بعضهم تعليقـــها على جدران الكعبة وزعم آخرون أنّ حمّاداً الراوية  هو الذي جمع القصـائد الطِّوال، وقال للناس : هذه هي المشهورات وقال آخرون إنّها سُمِّيَت بذلك لأنها من القصائد المســتجادة التي كانت تُعَلَّق في خزائن الملوك . والراجح اليوم انها سُمِّيَت أيضـــاً بالمعلَّقات لتشبيهها بالسّــــموط ، أي العقود التي تُعَلَّق بالأعناــــق ، وقد سُمِّيَت أيضاً بالمذهّبات لأنها جـــديرة بأن تُكْتَب بماء الذّهب لنفاستها . والمعلّقات هي من أجمل صور الشعر الجاهلي وأعذبه وكان ( حماد الراوية ) أوّل من جمعها في أواخـــــر عصر بني أميّة في الشــــــــام ( 660 ـ 750 ) م وأواخر العصـر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وأصحاب المعلّقات هم : امرؤ القيس ـ طرفة بن العبد ـ زهير بن ابي سّلمى ـ لبيد بن أبي ربيعة ـ عمرو بن كلثوم ـ عنترة بن شدّاد ـ الحارث بن حلزة ـ النابـــغة الذبياني ـ الأعشى الأكبر ـ عبيد بن الأبرص .
    المصـــــــادر والمــــراجع :
    ـــ شعراء النصرانية في العصر الجاهلي ج 1 : الأب لويس شيخو اليسوعي ، بيروت 1890
    ـــ ديوان النابغة الذبياني : حمدو طماس ، بيروت ، الطبعة الثانية 2005
    ـــ النابغة الذبياني : سلسلة الروائع فؤاد أفرام البستاني ، بيروت   1930
    ـــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ـــ مواقع على الإنترنت :

    للذهاب للموضوع ألأصلي والتعليق عليه
    المهندس جورج فارس رباحية  A7ssass.comfe07d011aa

    النابغة الذبياني


    المهندس جورج فارس رباحية
    waell

    مُساهمة الثلاثاء 19 نوفمبر 2013 - 13:05 من طرف waell

    حـــــاتم الطَـــــائي

    المهندس جورج فارس رباحية
      
       هو حاتم بن عبد الله بن سَعد بن الحشْرَج بن امرئ القيس بن عَدِيّ بن أخزَم بن أبي أخْزَم _ واسمه هرومة ـــ  بن ربيعة بن جَرْوَل بن ثُعَل بن عمرو بن الغَوْث بن طئ الطائي القحطـاني . يُكَنّى أبا سفّانة وأباعدي . وُلِدَ حاتم في أواخر النصف الأول من القرن الســـادس الميلادي أي حوالي عام 544 م وسكن وقومه وعاش على نصرانيته بين جبــلي ( أجا وسلمى) وتـــوفّي في بلدة (توارن) في منطقة حائل شمال السعودية (1) عام 605 م. ولا يُعْرَف شـــيئاً عن أبيه عبد الله ويعود ذلك لكونه توفّي وكان حاتم صغيراً ، فاسـتلمه جدّه سعد بن الحَشْرَج واعتنى بأمـــره ويقي عنده حتى شَبَّ وذهب في الجود مَذهَبه المعروف فاعتزله جدّه وتحوّل عنه لِما رأى من إفراطه .وأمّا أمّــه غَنِيَّة بنت عفيف بن عمرو بن امرئ القيس بن عدِيّ بن أخزم ، يلتــــــــقي نســبها مع نسـب أبيه امرئ القيس بن عدي ، كانت ســــخيّة اليد لا ترُدّ سائلاً، ولا تُليقُ شيئاً لجودها ، وهــذا ما أغضب إخوتَها ، فمنعوها مالها وحجروا عليها ســـنة يُطعمونها قوتها لا يزيدون ، وإذا مـا وجدوها كفّت عن جودها ، أعطوها عدداً من الإبــل ، لكن تصرّف إخوتها زاد من عزهما أن لا تقصُر ، وكيف تترك الكرَم والجود وقد عانت ما يُقاســــــيه كل أرمـــل محتـاج من ألم الفقر . فقد أتتها امرأةٌ من (هوزان) تطلب حاجـــة منها ، فوهبتـــــها ما أعطاه لها أخوتها من الإبل وقالت :
    لَعَمْري لَقِدْ ما عَضّني الجوعُ عضَّةً  *****  فآلَيْتُ ألا أمنــــعَ الدَّهـــــرَ جائعا
    فماذا عَسَيْتم أن تقـــــولوا لأختِكـــمْ  *****  سوى عَذْلِكم أوعَذْلِ مَنْ كانَ مانِعا
    فقولا لهذا اللّائمي اليوم : أعفنـي ،  *****  وإن أنت لم تفعلْ فعّضِّ الأصابعا
    ولا ما تروْنَ اليـــــــومَ إلاّ طبيعـة ً  *****  فكيف بتَرْكي يا ابن أُمِّ الطَّبـــائعا  
    أما امرأته : فلم يُعْرَف لحاتم سوى زوجتين هما  : ماوية بنت حجرالغسانية والنوَّار هي بنـــت ثُرْمُلة البحترية من بني سلامان ثُعَل . وهناك أراء متباينــــة حول حاتم هل تزوّج ماوية قبــــل النَّوار أم بالعكس ، ولن ندخل بالتفاصيل لتشعّبها . أما أولاده فهـــم : سفّانة  وعّدي ( رُوِي أن عدي كان يُشاهد وفي عنقه صليب من ذهب ) وعبـدا لله وينـفرد ابن كَثِير بذكر ولد رابع عن أقوال بعض المُحَدِّثين اسمه ثَوابة , فابنته سفّانــــــة وابنه عَدِي فقد أدركـا الإسلام ودخلاه أمـا ابنه عبدالله  فلم يُعْرَف عنـه بشيء يُذكَرْ . وأيضاً لن ندخـل بالتفاصيل عن الأولاد للتبـــاين في رأي المؤرّخين هل يعودوا إلى ماوية أم إلى النَّـوار أم لكلتيهما  إن أول ملك من ملوك الحيرة اتصل به حاتم كان عمرو بن هند ( توفي 578 م ) وكان حـــاتم في مقتبل العمر وهو بـــــهذه السن حقّق لنفسه مكانة واحترام  والدليل على ذلك أنه حين دخــــل على عمرو بن هند، قال له ( بايعني ) ، ولا يُعقَل أن يسأل الملك شخصاً مغمورا من سُـــــوقَة قومه أن يُبايعه ، والأشبه ان يكون من نجباء قومه ، الكلمة بينهم ،فإذا بايع الملك ، سمع قومـه وأطاعوا وألزموا أنفســـهم ما أعطى صاحبهم من العهد والبيعة . هذا وليس لحاتم أخبـــار مع مَنْ خلَفوا عمرو بن هند ، حتى نصل إلى أبي قابوس النعمان بن المنذر ( 580 ـ 602 ) م ، حيث قــال لجلسائه يوماً : لأفسِدن بين حــــاتم الطائي و أوس بن حارثة ـــ وهو ســيد مـن سادات قومه ــ قــالوا لا تقدر على ذلك . قال بلى ، فدخل عليه أوس . فقال : يا أوس ما الذي يقول ؟ قال : وما يقـول؟ قال : إنه أفضل منك وأشــــرف . قال : أَبَيْتَ اللعنَ ، صــدق . والله لو كنت أنا وأهلي وولدي لحاتم لأنْهَبَنَا في مجلس واحد . ثم دخل عليه حاتم ، فقـال له النعمان مثلمـا قال لأوس فقـال حاتم : صدق ، وأين أقع من أوس ، له عشرة ذكور أخَسّـهم أفضل مني ، ثم خرج وهــو يقول :
    يُسائلني النعمان كي يســـتزلني  *****  وهيهات لي أن أُستضام فأُصرعا
    كفاني نقصاً أن أُضيم عشيرتي  *****  بقول أرى في غيـــــره متوســـعا
    فدهش النعمان وتحقّقت له مظاهر هذه السيادة ، وأعطى كل واحد منهم مائة من الإبل .
     إن أخبار حاتم مع أمراء المناذرة قليلة على الرغم من الصِــــلات الطيبة التي كانت تربطــهم بطيء ، خاصة في عهد النعمان بن المنذر الذي أصهر إليهم  ، كما كانت علاقة طيء بملــــوك الفرس وطيدة ، فالمعروف أن كسرى2" أبرويز ( 590 ـ 628 ) م قرَّبَ سيِّداً من ســــــــادات طيء ، وهو إياس بن قَبِيصة ، و ولاّه على عين التمر وأقطعه ثلاثين قرية على شاطئ الفرات ، ولما مات عمرو بن هند ولاّه الحيرة إلى أن جاء النعمان بن المنذر . ولما قُتِلَ النعمان عَيَّـــن كِســـرى إياس بن قبيصة ملكاً على الحيرة ، وجعله قائد جنده يوم ذي قار ( 610 ) م
     وإذا كنّا لا نجد لحاتم شِعْراً في المناذرة ، فإننا نرى له مديحاً في الغساســــنة . وأن حاتماً لم يمدح هؤلاء ولا هؤلاء طمعاً في المال أو مَحبّة للعطاء ، وإنما كان يتشفّع بشِعره لقومـــــــه . فصِلات طيء بالمناذرة كانت قوية يشوبها السلام خلا الغارة التي شنّها عمرو بن هند. فلم يكن لحاتم أن يمدحهم ، حيث لا مُبَرِّر للمديح . أما علاقة طيء بالغساسنة فكانت غير مُستقرّة ، وقد حاول الحارث بن جبلة ( 529 ـ 569 ) م أن يُصْلِح بين عشائرها ليضع حداً للحــــــرب ضد بعضها ، لكن طيئاً عادت للحرب فيما بينها بعد موت الحارث . كما أغارت على الغســـاسنة ، وأغاروا عليها بدورهم وأسروا منهم .
     وكان مديح حاتم في ملوك عصره ، فيه ترَفُّع وإباء ، شِعْر رئيس شــــريف ، جاء يفكّ عُناة قومه ، وليس شعر مُجْتَد عافٍ كما يتبيّن من من مخاطبة ابن عمّه : وَهْم بن عمـــرو وهو في الأسر :
    فأبشِرْ وقَرَّ العين منك ، فإنّني  *****  أجيء كريماً ، لا ضعيفاً ولا حَصِر
     كان حاتم مولعاً بكريم الفِعال ، ما ترك شيئاً محموداً إلاّ أتاه ، وما رأى أمراً معيباً إلاّ تحاشاه ، فطر على حب الخير ، واجتناب الشر ، وتلك مكرمة لا تتحقّق إلاّ لأفذاذ الرجال فالجود صفة لازمة للإنسان الكريم اكتسبها من أمّه غَنِيَّة ، فالجــواد يُعطي مَنْ يقصده ، عرفه أو لم يعرفه ، ويبذل ما فــي يده على شدّة حاجته إليه . وقال العرب أن أجوَد العـــرب ثلاثة حـــــاتم الطائي وكعب بن إمامة وهَرِم بن سنان . وقد أنصفَ أبو هلال العسـكري حين قـــال : (( وقد علمت أن حاتماً وكعباً وهَرِماً لم يُجعلوا أمثالاً في الجود لِعِظَم عطاياهم في القدر، لأن الواحـــد منهم إنما كان يقري ضيفاً أو يهب بعيراً ، أو عدداً من الشاة ، ولكن ذهب صيتهم في السماح ، وبَعُدَ ذكرهم في الجود لأنهم كانوا يعطون وهم محتاجين )) . ولكرم حاتم ونبله أبى أن يطعم ضيفه في وقت الجدب إلاّ ما يُطعمه الضيفان في وقت الرخاء ، فكان فعله شاهداً لقوله :
    أَلَمْ تَعْلَمِي أنّي إذا الضيف نابني  *****  وعَزَّ القِرَى ، أقري السَّديفَ المُسَرْهَدا
    وهذا ما تبيّن لنا من أن جود حاتم إنما صدر عن حب لفعل الخير ورغبة في مساعدة المحتاج ، فالوسيلة الأولى لجلب الضيف كانت إيقاده النار بمكان مرتَفع حتى يراها المُدْلِج فيأوي اليها ، فإيقاده النار ليس مقصوراً في زمن الرخاء ، بل أكثر ما كان في وقت الجدب والمجاعة فقال :
    أوْقِدْ ، فإنَّ الليــلَ ليلٌ قَرُّ  *****  والريحُ يا موقِدُ ريحٌ صِرُّ
    عَسَى يرى نارك مَن يَمُرَّ *****  إنْ جَلَبْتَ ضيفاً فأنتَ حُرُّ
      أما الوسيلة الثانية لجلب ضيفه ، كانت كلابه  فتُحَقّق له أمانيه في إغاثة الناس وعونـــهم  ، فتخرج كلاب حاتم وقد أحسّت أن عليها عملاً وُكِّلَ بها فتدلّهم بنباحها وتهديهم إلى مكانه .
      ومن قصص جوده وكرَمه ، فقد ضافه ضيف في سنة مَحْل وجَـــهَد الناس ، وتعلّقوا بما في أيديهم من يسير القوت  وضَنّوا به ، ووقفت كلابهم للطُرَّاق كأنها تُشارك أصحابها في الحفاظ على زهيد القوت ، فلم يمسك حاتم يده كما أمسكوا ، ولم يُبقِ هذا القليل الذي يملك بل جادَ به . فلم يكن عنده سوى ناقة ــ يُقال لها أَفْعَى ــ يُسافر عليها ، فنحرها ، فكيف أن يطيق الكريم بأن يرى ضرّاً قد حاق بالناس ، ولا يرفعه :
    لمّا رايتُ الناسَ هَرَّت كِلابُهُم  *****  ضربتُ بسيفي ساقَ أَفْعَى فَخَرَّتِ
    ولا يتْركُ المرءُ الكريمُ عِيالَه  *****  وأضيافَهُ ما ســـــاقَ مالاً بِضَرَّتِ
    وكان مما تكلفه حاتم فَقْده امرأته ماويّة ، وقد تكاتفت ماوية مع النَّوار ــ رغم ما يكون عادة بين الضرّتين من تبــــاعد وتباغض ــ على عذل حاتم ولومه ، فقد رأيا في جــــوده خطراً يُهَدّدهما فاشتدّا عليه وألحّتا على أن يُغَيّر من إلْفه الذي ألِف . فلم يأبه بكلامهما . وأتى ماوية ابن عــــمٍ لها فقال لها ما تصنعين بحاتم ؟ فو الله لن يُغَيّر من جوده وكرمه  ، فأصرّت ماوية على فعلــها حتى هجرته ، أما النَّوار فلم تهجره كما فعلت ماوية ، فأكثرت من لومـــــه وأطالت في عذله ، ورأت أن أهله وعياله أحقّ بما يُعطيه للناس ، فما الذي يخافه عليه هذا البذل ؟ قفال لها حاتم : هل المـــال ــ إذا أبقاه ــ نافع له ؟ كلا ، سيأخذه غيره إذا مات ، ولن يبقى له غير سـوء الثناء كلما  ذُكِر لبخله وامتناعه عن عون المحتاج :
    مهلا نوار ، أقلي  اللوم والعـذلا  *****  ولا تقــــولي لشيء فات : ما فعــــلا
    ولا تقولي لمـــال كنت مهلكـه :  *****  مهلا ، وإن كنت أعطي الجنَّ والخَبَلاَ
    يرى البخيل سبيل المـــــال واحدة  *****  إنّ الجواد يرى ، في ماله ، ســـبلا
    ليت البخــــــيل يراه النـــاس كلّهم  *****  كما يراهم ، فلا يقرى ، إذا نـــــزلا
    إن البخيـــل إذا ما مات يتبـــــــعه  *****  سوءُ الثناء ، ويحوي الوارثُ الإبـلاَ
     وعن الوضّاح بن معبد الطائي قال : وَفَدَ حاتم الطائي على النعمان بن المنذر فأكرَمه وأدناه ، ثم زوّده عند انصرافه جملين ذهباُ ، وورقاً غير ما أعطاه من طرائف بلده فرحل ، فلما أشرف على أهله تلقّته أعاريب طيء ، فقالت : يا حاتم أتيت من عند الملك وأتينا من عند أهلنا بالفقر ! فقال حاتم : هلم فخذوا ما بين يدي فَتَوَزّعوه ، فوثبوا إلى ما بين يديه من حباء النعمان فاقتسموه فخرجت إلى حاتم جاريته طريفة فقالت له : اتّق الله وابقِ على نفْسك ، فما يدع هؤلاء دينــــاراً ولا درهماً ولا شاة ولا بعيراً . فقال :
    قالت طريفة ما تبقي دراهمـــنا  *****  وما بنا ســــرف فيها ولا خرق
    إن يفنِ ما عنـــــدنا فالله يرزقنا  *****  ممن ســوانا ولسنا نحن نرتزق
    ما يألف الدرهم الكاري خِرقَتَنا  *****  إلا يمــــرّ عليــــها ثم ينطـــــلق
    إنا إذا اجتمعت يومـــاً دراهمنا  *****  ظلت إلى سبل المعروف تستبقُ
     وقيل عن كرم وجود حاتم إن أحد قياصرة الروم بلغته أخبار جود حاتم فأستغربها فبلغه أن لحاتم فرسا من كرام الخيل عزيزة عنده فأرسل إليه بعض حجابه يطلبون الفرس فلمــا دخل
    الحاجب دار حاتم أستقبله أحسن استقبال ورحب به وهو لا يعلم أنه حاجب القيصر وكـــانت المواشي في المرعى فلم يجد إليها سبيلا لقرى ضيفه فنحر الفرس وأضرم النار ثم دخل إلى ضيفه يحادثه فأعلمه أنه رسول القيصر قد حضر يستميحه الفرس فساء ذلك حاتم وقال :هل أعلمتني قبل الآن فأنى فد نحرتها لك إذ لم أجــد جزورا غيرها فعجب الرسول من ســـخائه وقال: والله لقد رأينا منك أكثر مما سمعنا .
      إن جرثومة الجود والكرم التي انتقلت من غَنِيَّة إلى حاتم ما لبثت أن أصابت ابنته ســـــفّانة أيضاً ويُقال إنها كانت  من أجوَد نساء العرب ، فقد ذكر احدهم أن أباها كان يُعطيها الصــرمة ( جزء من الإبل ) من إبله ولكنها لم تكن تحتفظ بها بل تهبها للناس ، وذات يوم اســـــــتدعاها والدها وقال لها : يا بُنَيّة ، إن القرينين إذا اجتمعا في المال اتلفاه ، فإما أن أعطي وتمســكي أو امسك وتُعطي ، فإنه لا يبقى على هذا شيء ، فاجابته : والله لا أمسك أبداً قال : وأنا لا امـسك . قالت : لا نتجاور فقاسمها ماله وتباينا . أما ابنه عَدِي شديد الوفاء ـ ســـــليم الفطرة ،متواضعاً وكريمـــاً كآل حاتم ، كان يُكَنّى أبا طريف ، وأبا وَهْب وكان طويلا جســـيماً ، إذا ركب الفرس كادت رجـــلاه تَخُطَّان في الأرض ، وقيل عن كرَمه : أن الشعث بن قيس أرسل إليه يســـتعير قُدُر حاتم ، فملأها عَدِي وحملها إليه . فقال الأشعث : إنما أردناها فارغة .
     هذا غيض من فيض عن كرم وجود حاتم وعائلته . فقد كان حاتم : كريم ، جواد ، صـــفوح ، عفيف ، صدوق ، وَفِيّ ، مُسالِم ، مُتواضِع ، أبِيّ ، شريف ، طويل الصمت مُحِبّ لقومـــــــه . ولقد صــــدق قول العرب أنه كان كريماً في حياته وفي مماته ، حتى ضُرِبَ فيه المثل فقال أبو بكــر الخرائطي عن مُحَدّثيه : مَرَّ نفَرٌ من عبد القيس بقبر حاتم طيء فنزلوا قريبـــــاً منه ، فقام إليه بعضهم يُقــــال له : أبو الخيبري فجــــعل يركض قبره (2) برجله . ويقول : يا أبا جــــعد أقرنا  فقال له بعض أصحابه : ما تُخاطب من رمّــــة وقد بُلِيَت ؟ وأجنهم الليل فناموا ، فقـــام صاحب القول فَزِعاً يقول : يا قوم عليكم بمطيــــكم فإن حاتماً أتاني في النوم وأنشدني شـــعراً وقد حفظته يقول :
    أبا الخيبــري وأنت امــــرؤ  *****  ظلوم العشـــيرة شتّــــامها
    أتيت بصــحبك تبغي القِرى  *****  لدى حفرة قد صَدَت هامَها
    أتبغي لي الذنْب عند المبيت  *****  وحولك طيء وأنعـــــامها
    وإنا لنشــــــبع أضيـــــــافنا  *****  وتأتي المطي فنعتــــــامها
    قال  وإذا ناقة صاحب القول تكوس ( تتكوّم ) عقيراً فنحروها  وقاموا يشتوون ويأكلـون وقالوا : والله لقد أضافنا حاتم حياً وميتاً . قال : وأصبح القوم وأردفوا صاحبهم وساروا ، فإذا رجـــل ينوه بهم راكباً جمَلاً ويقود آخر . فقال : أيكم أبو الخيبري ؟ قال : أنا. قال : إن حاتماً أتاني في النـوم فأخبرني أنه قراكم بناقتك ، وأمرني أن أحملك وهذا بعير فخذه ، ودفعه إليه . بعد هــذه الحادثة ، أنّ ابنَ دَارَةَ أتى عَدِيّ بن حاتمٍ فقال :
    أبوكَ أبو سَفَّانــــة الخَيْرِ لَم يَــزَلْ  *****  لَدُنْ شَبَّ حتى ماتَ في الخيرِ راغبا
    بهِ تُضْرَبُ الأمثالُ في الناس ميّتاً  *****  وكان له ، إذْ كانَ حَيَّاً ، مُصــــاحِبا
    قَرَى قبرُهُ الأضيــافَ إذ نَزَلوا بهِ  *****  ولم يَقْـــــرِ قيرٌ قَبْلَـــــه قَطُّ راكِــــبا
     بقي أن نذكر وصيّة حاتم ، فيُروى عن أبي صـــالح أن حاتماً أوصــــى عند مـوته فقال : إني أعهدكم من نفسي بثلاث :
    1 ـ ما خاتلت جارة لي قط أريدها عن نفسها .
    2 ـ ولا اؤتمنتُ على أمانة إلاّ قضيتها .
    3 ـ ولا أُتيَ أحدٌ من قبلي بسوءة أو قال بسوء .
    لقد ذكرنا الكثير من شعره في هذه العُجالة ونذكر الآن مقتطفات أخرى :
    مقتطفـــــــــات من أعمـــــاله :
    1 ـ روى أبو صالح عن مُحَدِّثيه أن حاتم قال :
    أم والذي لا يَعْــــــلُمُ الغَيْــبَ غَيْـــرَهُ  *****  ويُحْي العِظامَ البيضَ وهْيَ رميمُ
    لقدْ كنتُ أطوي البطْنَ والزادُ يُشْتَهَى  *****  مَخَافَــــةَ يومـــاً أن يُقالَ : لَئيــمُ
    وما كان بي ما كان والّليـــــلُ مُلْبِسٌ  *****  رِواقٌ لهُ فَــــوْقَ الإكــــارِمِ بَهيمُ
    أَلُفُّ بحلسي الزادَ مِن دونِ صحْبَتي  *****  وقَــــد آبَ نَجْمٌ واستـــــقَلَّ نُجُومُ
    2 ـ وحاتم يرثي ملحان بن حارثة بن سعد بن حشرج ، الذي كان لا يُفارق حاتماً :
    لبَيْكِ على مِلْحَــــانَ ضيــفٌ مُدَفَّعٌ  *****  وأرمَلَةٌ تُزْجي مع الليــــلِ أرْمَلا
    إذا ارْتَحَــــــلا لمْ يجـــدا بيتَ ليْلةٍ  *****  وَلَمْ يَلْبَســــا إلاّ بِجاداً وَخَيْــــعَلا
    وأوصَيْتَني أن أرفَع الظن صاعداً  *****  وصاتَكَ واستُودِعْتَ تُرْباً وجندَلا
    فلا انْفَكَّ رَمْسٌ بينَ أضْرُعَ فالّلوَى *****  يَصُــــبُّ عليه اللهُ وَدْفاً مُجَـــــلّلا
    3 ـ وهذا حاتم يخاطب الحرث بن عمر الجفني ، وكان قد اسر عدداً من قومه :
    أتْبَعْ بَني عبدِ شَمْسٍ أمْرَ إخوَتهِمْ  *****  أهلي فِداؤكَ إن ضَرُّوا وإن نَفَعوا
    لا تَجْعَلنَّا ، أبيْتَ الّعنَ ، ضاحيةً  ***** كَمَعْشَرٍ صُلِمــُوا الآذانُ أو جُدِعوا
    أو كالجَناحِ إذا سُلَّتْ قَوادِمُــــــهُ  *****  صار الجناحُ لفَضـلِ الرِّيشِ يَتَّبِع‘
    4 ـ ويقول لزوجته ماويّة أن تسأله وتسأل الأعراب عن كرَمه وجوده :
    سَلي الأقوامَ يا مــــاويَّ عَنّي  ***** وإن لم تســــأليهُمْ فاســـأليني
    يُخَبِّرْكِ المُعاشِرُ والمُصــافي  *****  وذو الرِّحْمِ الذي قد يَجْتَديني
    بأني لا يَهِرُّ الكَلْبُ ضيـــــفي  *****  ولا يُقْضَى نجِيُّ القَوْمِ دُونِي
    ولا أعتَـــلُّ مِن فَنَــــعٍ بمَنــعٍ  *****  إذا نابــتْ نوائــبُ تَعْتريــني
    وإنيّ ، قد عَلِمْتِ ، إزاءُ طيٍّ  *****  وتأبى طَــــيٌّ أن تسْتَـــطِني
    إذا أنا لمْ أرَ ابنَ العَـــمِّ فوقي  *****  فإنيّ لا أرى ابنَ العمِّ دُوني
    ومِنْ كَرَمٍ يجورُ عليّ قومـي  *****  وأيُّ الدَّهْرِ ذُو لمْ يَحْسـِدُوني
    5 ـ أبيـــــات متفرّقـــــة :
    إذا قَلَّ مالي أو نُكِبْتُ بنكبةٍ  *****  قَنَيْتُ حيائي عِفَّةً وتَكَرُّما
                            --------------------------

    ما ضـــر جـــاراً لي أجاوره  *****  أن لا يكون لبابه ســـــــتر
    أغضي إذا ما جارتي برزت  *****  حتى يواري جارتي الخدر
                            ---------------------------
    سِلاحُكَ مَرْقِيٌّ ، فلا أنت ضائرٌ  *****  عَدُوّاً ، ولكن وَجهَ مولاكَ تَقْطِفُ
                             ------------------------
    إذا ما عَزَمْتَ اليأسَ ألفيْتَهُ الغِنى  *****  إذا عرفَتْهُ النَّفْسُ ، والطَّمعُ الفَقْرُ
    1/10/2013                                           المهندس جورج فارس رباحية
    المفــــــــــــــردات :
    (1) ـ منطقة حائل : تقع شمال المملكة العربية الســـــعودية وشمال منطقة القصـــيم وعلى السفح الشرقي من جبل شُمَّر وتُحاذي من الشمال صحراء النفوذ الكبرى ، هي المنطقة التي عاش فيها حاتم وسكن وقومه بين جبلي ( أجا وسلمى) . إن بين أطلال الآثـار في حائل وهي كثيرة كان قصر للطائي موجوداً في توارن  ، لكن عاتيات الزمن لم تترك منه إلاّ القليل ويكاد يتداعى .
    (2) ـ قبر حاتم : يقع القبر في بلدة توارن التي تبعد عن حائل المدينة بحوالي 42كم باتجاه شمال غرب وتقع بين جبلي أجا وسلمى المجاورين لصحراء النفوذ الكبرى . وقبــــره ليس ككل القبور لأنه طويل أكثر مما ينبغي والتأكيد بأنه للطائي كما ذكر مدير السياحة والآثار بمنطقة حائل
    المصــــــــادر والمــــــــــراجع :  
     ــــ شعراء النصرانية في العصر الجاهلي ج 1 : الأب لويس شيخو اليسوعي ، بيروت 1890
    ــــ ديوان حاتم الطائي : دراسة وتحقيق د. عادل سليمان جمال – القاهرة
    ــــ حاتم الطائي : سلسلة الروائع ، فؤاد إفرام البستاني ـ بيروت 1930
    ــــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ــــ مواقع على الإنترنت :

    لمتابعة الموضوع الأصلي للمهندس جورج والرد عليه
    المهندس جورج فارس رباحية  Aalove10
    حاتم الطائي
    waell

    مُساهمة الإثنين 6 يناير 2014 - 3:51 من طرف waell

    المهندس جورج فارس رباحية  Empty من طرف المهندس جورج فارس رباحية أمس في 12:15
    عَنْتَــــرة العَبْســي
    525 ـ 615 م
    المهندس جورج فارس رباحية
    هو عنترة بن شدّاد وقيل ابن عمرو بن شدّاد وقيل عنترة بن شدّاد بن عمرو بن معاوية بن قواد ( وقيل قراد بالراء ) بن مخزوم بن ربيعة وقيل مخزوم بن عوف بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيـلان بن مضر . وله لقب يُقــــال له ( الفلحاء ) لوجود فلح أي شقّ في شفته الســـــفلى ، وُلَقّب أيضاً ( بأبي المغلس ) لسواده والغلس جمع أغلاس وهو ظلمة آخر الليل . ويُقال له : بأبي أوفى ، بأبي عبلة وبعنترة الفوارس ، وكلمة عنتر هو نوع من الذباب وإن كانت النون فيه زائدة فهو من العَتْر ، والعَتْر يعني الذبح . وكلمـــة العنترة : تعني السلوك في الشدائد والشجاعة في الحرب . وجدير بالذكْر أنّ اســم عنترة ورد في معلّقته في مكانين بحذف التاء المربوطة وذلك في قوله :
    ولقدْ شَفى نفْسي وأبْرَأ سُقْمَها ***** قيل الفوارسِ وَيكَ عَنْتَرَ أقْدِمِ
    يدعونَ عنْتَرَ والرِّمـاحُ كأنّها ***** أشـــطانُ بِئْرٍ في لَبانِ الأدْهمِ كانت أمّه أمَةٌ سوداء حبشية مسيحية الديانة ( قيل اسمها تاتا ابنة ميجو ) ويُقال لها زبيبة ســـباها أبوه في إحدى غزواته فأنجبت له عنترة أســـــود اللون من جهة أمّه وكان لها وُلْدٌ عبيد من غـير عنترة وكانوا إخوته لأمّه ، وكانت العرب تُعَيّره بذلك بدليل ذلك قوله :
    يُعيبون لوني بالسّــــواد جهــالةً ***** ولولا سواد الليل ما طلع الفجرُ
    وإن كان لوني أسوَداً فخصائلي ***** بياضٌ ومن كفيَّ يستنزل القطرُ
    ولمّا كثرت الأقاويل في ذلك قال يشرح حاله بهذين البيتين :
    لَئن أكُ اسوداً فالمسك لوني ***** وما لســـواد جلدي من دواءِ
    ولكن تبعد الفحشــــاءَ عنّي ***** كبعد الأرض عن جوّ السّماءِ
    وها هو عنترة نفسه يُحدّثنا في شعره عن أمّه وأنّها من آل حام فقال :
    إِنِّي لَتُعْرَفُ في الحُروبِ مواطِني ***** في آلِ عبْسٍ مَشْهَدي وفِعالي
    مِنْهُــــمْ أبي حقَــــا فهُمْ لي والـــدُ ***** والأمُ من حـــامٍ فهم أخــوالي
    بعد الرجوع للعديد من المصادر تم التأكّد من أنّ عنترة حضر حرب داحس والغبراء (1) بــين عبس وذبيان وشارك فيها من أول يوم الذي سُمّي يوم المريقب ( من أيام العرب ) حتى آخر يوم فيها الذي سُمّي بيوم شعواء وقد دامت الحرب 40 عاماً حيث بدأت حــــوالي منتصف القرن 6" الميلادي أي بحدود550 ـ 555 م وانتهت قبل نهاية القرن الســـادس بين 590 ـ 595 م وأنّ عنترة كان عمره يقرب من 30 عاماً عند بدء الحرب فولادته كانت بين أعـوام 520 ـ 525 م
    كانت العرب في الجاهلية إذا كان للرجل ولد من أمَةٍ استعبده ويبقى على العبودية حتى تُرْفَع عنه باعتراف الوالد . كان أبوه ينكره ولا ابناً له أنفة منه لكونه ابن أمَةٍ فكـان عنده بمنزلة العبيد يرعى الإبل والغنم مع العبيد وهو يأنف من ذلك ،فانطلق يرعى وباع منها ذوداً واشـترى بثمنه سيفاً ورمحاً وتُرْساً ودرعاً ومغفراً ودفنها في الرمل وكان له مهر يسقيه ألبان الإبـل ، حتى أغار بعض الأحياء من طيّ على بني عبس وكانت منازل عبس يومئذٍ بأرض الشــربة والعلم السعدي ( هو مكان بأطراف نجد على حدود بلاد الحجاز بين مكة ويثرب ) فأصابوا منهم وقتلوا أنفــاراً من الحيّ وسبوا نساءً كثيرة ، وكــــان عنترة مُعتزلاً عنهم فتقاعد عن المُدافعة حتّى مَرَّ به أبوه فقال : ويك يا عنتر كرّ ، فقال عنترة : العبد لا يُحسِن الكرّ وإنّما يُحسِن الحَلب والصَرّ فقال أبوه : كرّ وأنت حُرّ ، فَكرّ وهو يقول :
    كلُ امرىءٍ يحمي حِره ***** أســـودَهُ وأحمَــــرَهْ
    والوارِداتِ مِشْفَرهْ
    وما زال به حتى ثار في أوجه القوم وهبّت في إثــره رجال عبس فهزم السرية المغيرة وردَّ الغنائم والسبايا التي اكتسبها القوم . فاشتهرت شجاعته بين العرب من ذلك اليوم .
    كان عنترة أحسن العرب شيمة وأعلاهم همّة وأعزّهم نفْساً ، وكان مع شدّة بطشه حليماً كريماً شديد النخوة لطيف المحاضرة رقيق الشعر ، لا يأخذ مأخذ الجاهلية في ضخامة الألفاظ ونفورها وكان بصيراً بأساليب الشعر وفنونه وحسن التصرّف في المعاني ويتّصف بالخلق الكريم والعفّة السامية والشجاعة الفذّة والبطولة الرائعة ، وكثيراً ما يتوقّف الإنسان عند قوله :
    وأغضّ طرفي ما بدت لي جارتي ***** حتى يُواري جارتي مأواها
    أو قوله :
    أغشى فتاة الحيّ عند حليلها ***** وإذا غزا في الحرب لا أغشاها
    وهذا ما يسعنا ننظر في واقعنا ، وحياة شبابنا اليوم فيتملّكنا العجب العجاب ، أيعفّ ذلك الجاهلي ونركب نحن متن الدنيّة ؟
    نشأ عنترة بتعلّم فنون القتال والتمرّس عليها وقد أورثه هذا التمرّس خبرة استخدمها في حروبه مع أعدائه وأكسبته شهرة عظيمة وجعلت منه فارساً مرمــــوقاً يتحدّث عنه وتُضْرَب بشـــجاعته الأمثال . وكانت حروب داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان ، الميدان الفسيح الذي ظــهرت فيه فروسيته وشجاعته ، وليس هذا غريباً فشاعرنا من فرسان فبيلة عبس المعدودين الذين دافعوا عن وجودهم كما دافعوا عن قبيلتهم . عاش عنترة على نصرانيته كما جاء في مصادر كثيرة وباعترافه بأمر الله وقدره فقـــــــال في إحدى قصائده :
    إذا كــــان أمــــر اللهِ أمْرا يُقــــدّرْ ***** فكيفَ يفِرُّ المرءُ منه ويحْذرُ
    وَمَنْ ذا يردُّ الموْتَ أو يدفع القضا ***** وضرْبَتْهُ محتومةٌ ليسِ تعبرُ
    لقد هانَ عنـــدي الدّهرُ لمّا عرفتُهُ ***** وإني بما تأتي الملمّات أخبرُ
    وقال في قصيدته التي يرثي فيها الملك زهير بن جذيمة العبسي :
    قسماً بالذي أمات وأحيا ***** وتَوَلّى الأرواح والأجساما
    الذي يقصد فيه الله عزّ وجلّ فهو الذي يُحيي ويُميت .
    وقال أيضا قي قصيدة يصف فيها حسامه ويذكر فيها الله عزّ جلاله :
    ولي من حسامي كل يوم على الثرى ***** نقوش دم تغني الندامى عن الورد ِ
    وليسَ يعيب الســــيف أخــلاق غمده ***** إذا كان في يوم الوغى قاطع الحدِّ
    فَلِلَّهِ دَرّي كـــمْ غُبــــــار قطعتـــــــه ***** على ضـــامر الجنبين مُعتدلِ القَدِّ
    وهنا يُقسمُ بالله عزّ وجلّ في بيت من قصيدة يُرثي تماضر زوجة الملك زهير بن جذيمة :
    باللهِ ما بال الأحبّة أعرضت ***** عنا ورامت بالفراقِ صدودها
    إن الأخبار عن فروسيّته وشجاعته كثيرة ولم تكن عبثاً عند عنترة ، وإنما هي نتيجــــــة الخبرة الطويلة التي اكتسبها في القتال والتي وأعطته الشهرة . فقيل لعنترة : ( أنت أشجع الناس وأشدّها ؟! قال : لا قيل : فبم إذاً شاع لك هذا في الناس ؟ قال : كنت أقدم إذا رأيت الإقدام عزماً ،وأحجم إذا رأيت الإحجام حزماً ولا أدخل موضعاً لا أرى لي فيه مخرجاً ، وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطير لها قلب الشجاع ، فأثني علية فأقتله )
    لقد بلغ من شهرة عنترة في فروسيّته أن هابته الفرسان والأبطال ، وحســبت له حساباً ،وخافت على حياتها منه ، وهذا ما قال عنه الفرس الشجاع عمرو بن معد يكرب : ( ما أبالي من لقيت من فرســـان العرب ما لم يلقني حراها وهيجانها ) ، ويقصـــد بالحرين " عامر بن الطفيل وعتبة بن الحارث " وبالهجينين " عنترة والسليك بن السلكة " . والفروســــية عند عنترة كثيـــرة الجوانب والمظاهر ، فهو لا يضع فروسيّته وشجاعته دائماً في خدمة قبيلته ، بل قد يجعل في خدمة غيرها ، إذا اضطرته إلى ذلك الظروف وقد يعدل عن القتال إلى التهديد والوعيد ونقرأ ذلك في الكثيـــر من قصائده ، وقد يجمع إلى صفة البطولة صفات أخرى تُتَمّم صورة البطل الفارس وكانت معظم قصائد عنترة التهديد والوعيد لأعدائه ووصف الوقعات والمعـــــارك التي نقع بين عبس والقبائل الأخرى مثل طئ وبني زبيد والعجم ووعامر وبني حريقة وغـــــيرهم وطبعاً لا تخلو قصيدة من قصائده إلاّ ويذكر فيها عبلة . ولشــهرته في الفروسية كُتِبَت عنه السِـيَرْ المعروفة بسيرة عنترة (2) فلا يسـع المجال هنا لذكرها بالتفصيل . وقبل أن نتـرك حديثنا عن فروسيّته لا بدّ أن نتطرّق للحديث عن أفراسه ، لما لها من صـلة بوجود عنترة فارساً وبطلاً ، فقد ذكــــر هذه الأفراس في قصائده :
    فأوّل أفراسه الأبجر ، فقال فيه :
    لا تَعْجَلي . أشدد حزامَ الأبْجَرِ ***** إني إذا الموتُ دنا لَمْ أضْجَرِ
    ( ولم أُمنِّ النَّفْسَ بالتأخّرِ )
    وثاني أفراسه الأدهم وهو من خيل غطفان بن سعد ، فقال فيه :
    يدعون عَنْتَرَ والرِماحُ كأنّها ***** أشطانُ بئرٍ في لَبانِ الأدْهَمِ
    وثالث أفراسه الأغَرّ ، فهذا عنترة يذكره وإحسانه إليه :
    أراه أهْلَ ذلك حين يَسْعى ***** رعاءُ الناسِ في طَلَبِ الحَلوبِ
    فيخفقُ مَرَّةً ويفيد أُخـرى ***** ويفجـــع ذا الضــغائِنِ بالأريبِ
    إن الحديث عن زواج عنترة أمر معجب ، فالذين ترجموا للشــــاعر كابن قتيبة والأصمعي وان الكلبي ، والمفضل وابن حبيب وأبي عبيدة ، لم بتطرّقوا لأمر زواجـــــه ، ربما كانوا يرون هذه الناحية من الأمور البسيطة وركّزوا اهتمامهم على شعره . لكن هناك بعض النصوص تذكر أمر زواجه . منها عند أبي هلال العسكري في كتابه ( ديوان المعاني ) عندما ذكر خبر اتنزاع عنترة لحريته فقال : ( فاستلحقه أبوه وزوّجه عمّه عبلة ابنته ) وهذا السـيوطي ينقل قول عم عنتـــــرة : ( إنّك ابن أخي وقد زوّجتك ابنتي عبلة ) وفي مصدر ثلث نقله الميداني على لســــان والد عنترة وهو (قال له كرّ وقد زوّجتك عبلة فكرَّ وأبلى ، ووفى له أبوه بذلك فزوّجه عبلة) من تلك الأقوال التي ذكرناها يظن المرء أن عنتــــرة تزوّج عبلة ، لولا أننا نجد في إحدى قصــائده أنه لا يزال متعلّقاً بعبلة ولا يزال يُنشدها الهوى ويطلب ودّها فيقول :
    لا تصرميني يا عُبَيْل وراجعي ***** فِيَّ البصـيرةَ نظرةَ المُتأمِّلِ
    فلربَّ أمــــلحَ منك دلاً فاعلمي ***** وأقرَّ في الدنيا لعينِ المُجْتَلي
    وَصَلَتْ حِبالي بالذي أنا أهْلُـــهُ ***** مِنْ وُدِّها وأنا رَخِيُّ المِطْوَلِ
    كانت امراة من بيت كندة سألته يوماً أن يُقيمَ معها في ديار قومها ووعدته بأن تزوّجه بمن يريد من بناتها فقال هذه الأبيات التي أنشدتها المطربة فيروز :
    لو كان قلبي معي ما اخترتُ غيركم ***** ولا رضيتُ سِواكم في الهوى بدلا
    لكـــــنه راغــــبُ في مــن يُعَــــذّبه ***** فليس يقبـــــل لا لومـــــاً ولا عذلا
    أحب عنترة عبلة بنت عمه مالك بن قراد العبسي ، وكانت من أجمل نساء قومها في نضــارة الصبا وشرف الأرومة ، وكان عمه قد وعده بها ولكنه لم يف بوعده، وإنمـــا كان يتنقل بها في قبائل العرب ليبعدها عنـــه. وحب عبلة كان له تأثير عظيم في نفس عنترة وشـــعره، وهي التي صيرته بحبها، ذلك البطل المغامر في طلب المعالي، وجعلته يزدان بأجمل الصــــفات وأرفعها، والتي رققت شعره كما رققت عاطفته، ونفحته بتلك العذوبة، وكان سبب تلك المرارة واللوعـــة اللتين ربما لم تكونا في شعره لولا حرمانه إياها. وجاء ذكر زواجه من عبلة في كتــــاب ( ديوان عنتر ) إصدار مكتبة الجامعة ببيروت بما يلي : ( وكان يهوى ابنة عمه عبلة بنت مالك بن قراد وكثيراً ما يذكرها في شعره حتى لا تكاد قصيدة له من ذكرها وكان أبوها يمنعه من زواجها فهام بها واشتدّ وجده ثم تزوّج بها بعد جهد طويل ومات عنها فعاشت بعده زمناً يسيراً ) .
    فيبقى عدم زواج عنترة من عبلة . هو أمر معقول ، وهناك رأي آخر بزواجه من امــرأة أخرى من بجيلة ، وقصة هذا الزواج غير معروفة إلا أن ابن السكيت يقول ( كان لعنترة امرأة بخيلة ، لا تزال تلومه في فرس كان يؤثره بالغبوق ـ وهو شرب العشي ـ في قوله :
    لا تذكري فَرَسي وما أطْعَمْتُه ***** فيكون جلدُكِ مثلَ جِلدِ الأجْرَبِ
    إن الْغبوقَ له وأنت مســـوءة ***** فتأوّهي ما شــــئتِ ثم تَحَـــوَّبي
    كذب العتيقُ ومــاءُ شَنٍّ بارِدٍ ***** إن كنتِ ســائلتي غَبوقاً فاذهبي
    فالأصمعي وأبو عبيدة ينكران كون هذه الأبيات لعنترة ويجعلانها لخزز بن لوزان ( شاعر جاهلي ) فضلاً عن معانيه التي لا تتناسب مع طريقة محادثة عنترة للمرأة ، وعلى الأرجح أن عنترة قد تزوّج بمحض طبيعة الحياة القبلية آنذاك ، ولكنه لم يتزوّج عبلة على التخصيص .
    إن كتب الأدب والأخبار قد خلت تقريباً من ذكر وجود أولاد لعنترة أو إذا وُجِدوا لم يكن لهم أيّة مكانة . ونجد أن كل من الأب لويس شيخو في ( شعراء النصرانية ) ومكتبة الجامعة في بيروت التي أصدرت عام 1893 ( ديوان عنتر) ذكرا أن عنترة بلغه أسْر ولديه غصوب وميســــرة مع صديقه عروة بن الورد (أمير الصعاليك ت616م) من بني عبس في اليمن بحصن العقاب فخرج يريد خلاصهم وقال في ذلك :
    أحرقني نـــــار الجــوى والبعادِ ***** بعد فقد الأوطــــان والأولادِ
    شابَ رأسي فصــار أبيض لونِ ***** بعد ما كان حالكاً بالســـــوادِ
    وتذكّــــرت عبلــةً يوم جـــاءتِ ***** لوداعـي والهـمّ والوجـد بــادِ
    وهي تذري من خيفة البعد دمعاً ***** مســـــتهلاً بلوعـــةٍ وسُـــهادِ
    قلت كفّي الدّمـــــوع عنك فقلبي ***** ذاب حزناً ولوعتي في ازدياد
    ويح هذا الزمــــان كيف رماني ***** بسهامٍ أصــابت صميم فؤادي
    قلَّ صبري على فراقِ غصوبٍ ***** وهو قد كان عدّتي واعتمادي
    وكذا عــــروةٌ وميســرةٌ حـــــا ***** مي حمانا عند اصطدامِ الجيادِ
    لأفُكْنَ أســــرهم عن قريـــــبِ ***** من أيـــادي الأعـــدا والحُسّـادِ
    عاش عنترة من العمر تسعين عاماً وتوفّي قتيلاً قبل ظهور الإسلام بـ 7 سنوات أي في عام 615 م . واختلفوا بقاتله والأصحّ أن قاتله ( وزر بن جابر النبهاني ) الملقّب بالأسد الرهيص ، وذلك أن عنترة كان قد أغار على بني نبهان فأطرد لهم طريدة وهو إذ ذاك شيخ كبير وكان وزر بن جابر في فتوة فرماه بسهم مســـموم وقال خذها وأنا ابن سلمى فقطع صلبه ( ظهره ) فتحامل
    بالرمية حتى أتى أهله مجروحاً وهو يقول :
    وإن ابن سلمى عنده فاعلموا دمي ***** وهيهات لا يُرجى ابن سلمى ولا دمي
    رمـــــاني ولم يدهش بأزرق لهذَمٍ ***** عشــــــيةَ حَلوا بين نعْـــفِ ومخْــــرمِ
    وفي رواية أخرى : فبعد أن أحسّ أنه ميت لا محالة، فاتخذ خطة المناضل - حتى بعد مماته - فظل ممتطيًا صهوة جواده، مرتكزًا على رمحه السمهري، وأمر الجيش بأن يتراجع القهقـــرى وينجو من بأس الأعداء، وظل في وقفته تلك حاميًا ظهر الجيش والعدو يبصر الجيش الهارب ، ولكنه لا يستطيع اللحاق به لاستبسال قائده البطل في الذود عنه ووقوفه دونه ، حتى نجا الجيش وأسلم عنترة الروح ، باقيًا في مكانه ، متكئًا على الرمح فوق جواده الأبجر .
    مقتطفـــــات من أعمــــاله :
    1 ـ أول ما نبدأ ذكر أعماله هي معلّقته الشهيرة ،وهو من أصحاب المعلّقات (3) فقد بدأ عنترة حياته الأدبية شاعراً مقــلاً حتى عيّره رجل من بني عبس بسواده وسواد أمّه وإخوته وبأنّه لا يقول الشعر ، فردّ عنترة عن نفسه وابتدر بنشر المعلّقة فصار بعدها من فطاحل الشعراء . والمعلقة على بحر الكامل وعــدد أبيتها يتراوح بين 75 و 69 بيتاَ حسب المصدر الواردة فيه ، ننشرها بأبيات عددها 75 بيتاً :
    هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ = أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

    يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي = وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

    فَوَقَّفْـتُ فيها نَاقَتي وكَأنَّهَـا = فَـدَنٌ لأَقْضي حَاجَةَ المُتَلَـوِّمِ

    وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا = بالحَـزن ِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ

    حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ = أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ

    حَلَّتْ بِأَرض الزَّائِرينَ فَأَصْبَحَتْ = عسِراً عليَّ طِلاَبُكِ ابنَةَ مَخْـرَمِ

    عُلِّقْتُهَـا عَرْضاً وأقْتلُ قَوْمَهَـا = زعماً لعَمرُ أبيكَ لَيسَ بِمَزْعَـمِ

    ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ = مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ

    كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا = بِعُنَيْـ زَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ

    إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا = زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ

    مَـا رَاعَنـي إلاَّ حَمولةُ أَهْلِهَـا = وسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ

    فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً = سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ

    إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ = عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ

    وكَـأَنَّ فَارَةَ تَاجِرٍ بِقَسِيْمَـةٍ = سَبَقَتْ عوَارِضَها إليكَ مِن الفَمِ

    أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا = غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ

    جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ = فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ

    سَحّـاً وتَسْكاباً فَكُلَّ عَشِيَّـةٍ = يَجْـرِي عَلَيها المَاءُ لَم يَتَصَـرَّمِ

    وَخَلَى الذُّبَابُ بِهَا فَلَيسَ بِبَـارِحٍ = غَرِداً كَفِعْل الشَّاربِ المُتَرَنّـمِ

    هَزِجـاً يَحُـكُّ ذِراعَهُ بذِراعِـهِ = قَدْحَ المُكَبِّ على الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ

    تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ = وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ

    وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى = نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ

    هَـل تُبْلِغَنِّـي دَارَهَا شَدَنِيَّـةَ = لُعِنَت ْ بِمَحْرُومِ الشَّرابِ مُصَـرَّمِ

    خَطَّـارَةٌ غِبَّ السُّرَى زَيَّافَـةٌ = تَطِـسُ الإِكَامَ بِوَخذِ خُفٍّ مِيْثَمِ

    وكَأَنَّمَا تَطِـسُ الإِكَامَ عَشِيَّـةً = بِقَـريبِ بَينَ المَنْسِمَيْنِ مُصَلَّـمِ

    تَأْوِي لَهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَما أَوَتْ = حِـزَقٌ يَمَانِيَّةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ

    يَتْبَعْـنَ قُلَّـةَ رأْسِـهِ وكأَنَّـهُ = حَـرَجٌ على نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ

    صَعْلٍ يعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَـةُ = كَالعَبْدِ ذِي الفَرْو الطَّويلِ الأَصْلَمِ

    شَرَبَتْ بِماءِ الدُّحرُضينِ فَأَصْبَحَتْ = زَوْراء َ تَنْفِرُ عن حيَاضِ الدَّيْلَـمِ

    وكَأَنَّما يَنْأَى بِجـانبِ دَفَّها الـ = وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ

    هِـرٍّ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَتْ لـهُ = غَضَبَ اتَّقاهَا بِاليَدَينِ وَبِالفَـمِ

    بَرَكَتْ عَلَى جَنبِ الرِّدَاعِ كَأَنَّـما = بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

    وكَـأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلاً مُقْعَـداً = حَشَّ الوَقُودُ بِهِ جَوَانِبَ قُمْقُـمِ

    يَنْبَاعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَةٍ = زَيَّافَـةٍ مِثـلَ الفَنيـقِ المُكْـدَمِ

    إِنْ تُغْدِفي دُونِي القِناعَ فإِنَّنِـي = طَـبٌّ بِأَخذِ الفَارسِ المُسْتَلْئِـمِ

    أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي = سَمْـحٌ مُخَالقَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ

    وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ = مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

    ولقَد شَربْتُ مِنَ المُدَامةِ بَعْدَمـا = رَكَدَ الهَواجرُ بِالمشوفِ المُعْلَـمِ

    بِزُجاجَـةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِـرَّةٍ = قُرِنَتْ بِأَزْهَر في الشَّمالِ مُقَـدَّمِ

    فإِذَا شَـرَبْتُ فإِنَّنِي مُسْتَهْلِـكٌ = مَالـي وعِرْضي وافِرٌ لَم يُكلَـمِ

    وإِذَا صَحَوتُ فَما أَقَصِّرُ عنْ نَدَىً = وكَما عَلمتِ شَمائِلي وتَكَرُّمـي

    وحَلِـيلِ غَانِيةٍ تَرَكْتُ مُجـدَّلاً= تَمكُو فَريصَتُهُ كَشَدْقِ الأَعْلَـمِ

    سَبَقَـتْ يَدايَ لهُ بِعاجِلِ طَعْنَـةٍ = ورِشـاشِ نافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ

    هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ = إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي

    إِذْ لا أزَالُ عَلَى رِحَالـةِ سَابِـحٍ = نَهْـدٍ تعـاوَرُهُ الكُمـاةُ مُكَلَّـمِ

    طَـوْراً يُـجَرَّدُ للطَّعانِ وتَـارَةً = يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْـرِمِ

    يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي = أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

    ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ = لامُمْعـن ٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ

    جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ=بِمُثَقَّـف ٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ

    فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ = ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ

    فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ = يَقْضِمْ ـنَ حُسْنَ بَنانهِ والمِعْصَـمِ

    ومِشَكِّ سابِغةٍ هَتَكْتُ فُروجَهـا = بِالسَّيف عنْ حَامِي الحَقيقَة مُعْلِـمِ

    رَبِـذٍ يَـدَاهُ بالقِـدَاح إِذَا شَتَـا = هَتَّـاكِ غَايـاتِ التَّجـارِ مُلَـوَّمِ

    لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ = أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ

    عَهـدِي بِهِ مَدَّ النَّهـارِ كَأَنَّمـا = خُضِـبَ البَنَانُ ورَأُسُهُ بِالعَظْلَـمِ

    فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ = بِمُهَنّدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَمِ

    بَطـلٌ كأَنَّ ثِيـابَهُ في سَرْجـةٍ = يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَـوْأَمِ

    ياشَـاةَ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لـهُ = حَـرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَها لم تَحْـرُمِ

    فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لها اذْهَبـي = فَتَجَسَّسِ ي أَخْبارَها لِيَ واعْلَمِـي

    قَالتْ : رَأيتُ مِنَ الأَعادِي غِـرَّةً = والشَاةُ مُمْكِنَةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمـي

    وكـأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايـةٍ = رَشَـاءٍ مِنَ الغِـزْلانِ حُرٍ أَرْثَـمِ

    نُبّئـتُ عَمْراً غَيْرَ شاكِرِ نِعْمَتِـي = والكُـفْر ُ مَخْبَثَـةٌ لِنَفْسِ المُنْعِـمِ

    ولقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى = إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ

    في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي = غَمَـرَات ِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ

    إِذْ يَتَّقُـونَ بـيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِـمْ = عَنْـها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمـي

    لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ = يَتَـذَا مَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ

    يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا = أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ

    مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ = ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ

    فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ = وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

    لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى = وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

    ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا = قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ

    والخَيـلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِسـاً = مِن بَيْنَ شَيْظَمَـةٍ وَآخَرَ شَيْظَـمِ

    ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي = لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ

    ولقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ ولَم تَـدُرْ= للحَرْبِ دَائِرَةٌ على ابْنَي ضَمْضَـمِ

    الشَّـاتِمِيْ عِرْضِي ولَم أَشْتِمْهُمَـا = والنَّـاذِرَيْـنِ إِذْ لَم أَلقَهُمَا دَمِـي

    إِنْ يَفْعَـلا فَلَقَدْ تَرَكتُ أَباهُمَـا = جَـزَرَ السِّباعِ وكُلِّ نِسْرٍ قَشْعَـمِ
    2 ـ قال عنترة في صباه يصف ابنة عمه عبلة بنت مالك وكان مغرماً بها :
    رمـــت الفؤادَ مليحة عـــذراءُ ***** بســهامِ لحظٍ ما لهُــــنَّ دواءُ
    مـــرت أوان العيد بين نواهــد ***** مثل الشموسِ لحاظِهِّنَّ ظباءُ
    ورنت فقلت غزالة مذعــــورة ***** قد راعها وسط الفلاة بــلاءُ
    وبدت فقلت البــــدر ليـــلة تمه ***** قد قلّدته نجومها الجــــوزاءُ
    بسمت فلاح ضياءُ لؤلؤِ ثغرها ***** فيه لداءِ العاشــــقين شـــفاءُ
    سجدت تعظـــــم ربها فتمايلت ***** لجـــلالها أربابنا العظمـــاءُ
    يا عبلَ مثلُ هواكِ أو أضـعافه ***** عندي إذا وقع الاياس رجاءُ
    إن كان يسعدني الزمان فإنّني ***** في همّتي لصــــروفه إزراءُ
    3 ـ وكان في بعض أسفاره مع الأمير شأس بن زهير فرأى في المنام طيف عبلة فاستفاق حائراً مدهوشاً وقال في ذلك :
    زار الخيال خيال عبلة في الكرى ***** لمتيّم نشوان محلول العــــــرى
    فنهضتُ أشـــــكو ما لقيت لبعدها ***** فتنفست مسـكاً يُخالِط عنبــــــرا
    عربيـــــةً يهتــــــزُ لين قوامــــها ***** فتخاله العشّاق رمحاً أســــــتمرا
    وكشــــفت برقعها فأشرق وجهها ***** حتى أعاد الليل صبحاً مســـــفرا
    يا عبلَ أن هواكِ قد جـــاز المدى ***** وأنا المعنى فيكِ من دون الورى
    4 ـ وقال في إغارته على بني عامر :
    سَـلي يا عبْلَ عَنَّا يوْمَ زُرْنا ***** قبائلَ عامـــر وَبَني كِــــــلابِ
    وَكَم من فارسٍ خليْت مُلْقى ***** خضيبَ الراحتينِ بلا خِضابِ
    يُحَرِّكُ رِجــــله رعباً وفيه ***** ســــنان الرّمحِ يَلْمَعُ كالشّهابِ
    قتلنــــا منهمُ مئَتينِ حُـــرّا ***** وألفاً في الشّعاب وفي الهضابِ
    5 ـ وقال يمدح الملك كسرى أنو شروان :
    يا أيهـــــا الملك الذي راحاتــــهُ ***** قامت مقام الغيث في أزمانهِ
    يا قبلة القصــــاد يا تاج العُــــلا ***** يا بدر هذا العصر في كيوانهِ
    يا خاجِلاً نوَ الســــّماءِ بجــــودهِ ***** يا مُنقذ المحزون من أحزانه ِ
    ملكٌ حوى رتب المعــــالي كلّها ***** بســــموّ مجدٍ حلَّ في إيوانهِ
    ملكٌ إذا ما جــــــال في يومِ اللقا ***** وقف العدوّ محيراً في شانهِ
    والنصر من جلسائه دون الورى ***** والسعد والاقبال من أعوانهِ
    فلا شكرن صنيــــعهُ بين الورى ***** وأطاعن الفرسان في ميدانهِ
    6 ـ وقال يرثي الملك زهير بن جذيمة العبسي :
    خُسِــفَ البَدْرُ حيـــنَ كانَ تماما ***** وخَفِي نورهُ فعاد ظلامـــا
    وَدَرَاري النجومِ غارت وغابتْ ***** وضِياءُ الآفاقِ صارَ قَتاما
    حين قالــــوا زُهَيْـــر ولّى قتيلا ***** خيّمَ الحـــزنُ عندنا وأقاما
    قد ســــــقاهُ الزّمـــــانُ كأس حِمامٍ ***** وكذاك الزمانُ يسقي الحمــاما
    قســــماً بالـــــــذي أمــــات وأحيا ***** وتَــــوَلّى الأرواح والأجســـاما
    لا رفعتُ الحسامَ في الحربِ حتّى ***** أترُك القوْم في الفياــــفي عظاما
    يا بني عامـــــر ستلقــــون بـــرقاً ***** من حُسامي يجري الدّماء سحاما
    وَتَضجُّ النســــــاء من خيفة السّبي م وتبكي على الصّـــــغار اليتامــى
    7 ـ وهنا يفتخر ويعتَزّ بنفْسه فيقول :
    أنا العبدُ الذي بديـــــــارِ عبس ***** ربيتُ بعِـــزَّةِ النفْس الأبيّه
    سلوا النّعمانَ عنّي يوْمَ جاءتْ ***** فوارس عُصْبةِ النَّار الحميّه
    أقمتُ بِصارمي ســـوق المنايا ***** ونِلْتُ بذابلي الرُّتبِ العاليه
    ============
    12/12/2013 المهندس جورج فارس رباحية
    المفــــــــــــردات :
    (1) ـ حرب داحس والغبراء : هي حرب من حروب الجاهليـــــة كانت بين قبيلتي بين عبس وذبيان . و داحس والغبراء: هما اسما فرسين و قد كان " داحس" حصانا لـ قيس بن زهير ، و " الغبراء " فرسا لـ حمل بن بدر . اتفق قيس و حمل على رهان قدره مائة من الإبل لمن يسبق من الفرسين . كانت المسافة كبيرة تستغرق عدة ايام تقطع خلالها شعب صـــحراوية وغابات, أوعز حمل ابن بدر نفر من أتباعه يختبئوا في تلك الشعاب قائلا لهم : إذا وجدتم داحس متقدما على الغبراء في السباق فردوا وجهه كي تسبقه الغبراء فلما فعلوا تقدمت (الغبراء ) حينــــــما تكشف الأمر بعد ذلك اشتعلت الحرب بين عبس وذبيان التي عرفت باسم ( داحس و الغبراء) دامت تلك الحرب أربعين سنة وهي الحرب التي أظهرت قدرات عنترة بن شداد القتالية . بدأت في منتصف القرن السادس الميلادي أي حوالي عام 550 م .
    (2) ـ سيرة عنترة : قيل أنه نشأ بمصر رجل من أفاضــــل الرواة يُقال له الشـــــــيخ يوسف بن اسماعيل وكان بتصل بباب العزيز بالقاهرة . فاتفق أن حدثت ريبة في دار العزيز ولهجت الناس بها في المنازل والأسواق فساء العزيز ذلك وأشار إلى الشيخ يوسف أن يطرف الناس بما عساه أن يُشغلهم عن هذا الحديث . وكان الشيخ يوسف واسع الرواية في أخبار العرب ، كثيــر النوادر والأحاديث . وكان قد أخذ روايات شتّى عن أبي عبيدة ونجد بن هشام وجُهينة اليمــــاني المُلَقّب بجُهينة الأخبار وعبد الملك بن قريب المعروف بالأصمعي وغيرهـــم من الـــرواة . فأخذ يكتب قصة لعنترة ويوزّعها على الناس فأُعْجِبوا بها واشتغلوا عما سواها .ومن تلطّفه في الحيـــلة أنه قسّمها إلى اثنين وسبعين كتاباً ، والتزم في آخر كل كتاب أن يقطع الكلام عند معظم الأمر الذي يشتاق القارئ إلى الوقوف على تمامه فلا يفترعن طلب الكتاب الذي يليه ، فإذا وقف عليه انتهى بهِ إلى مثل ما انتهى الأول ، وهكذا إلى نهاية القصة . وقد أثبت في هذه الكتب ما وردَ من أشعار العرب المذكورين فيها . غير أنه لكثرة تداول الناسخين لها ، فسدت روايتها بما وقــــع فيها من الأغلاط المكرّرة بتكرار النسخ . وتتشابه هذه السيرة مع السيرة الهلالية وسيرة الظاهر بيبرس
    (3) ـ المعلّقات : هي من أجمل صور الشعر الجاهلي وأعذبه وكان ( حماد الراوية ) أوّل من جمعها في أواخر عصـــــر بني أميّة في الشــام ( 660 ـ 750 ) م وأواخر العصــــر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وأصــــحاب المعلّقات هم : امرؤ القيس ـ طرفة بن العبد ـ زهير بن ابي سّلمى ـ لبيد بن أبي ربيعة ـ عمرو بن كلثوم ـ عنتـــرة بن شدّاد ـ الحارث بن حلزة ـ النابـــغة الذبياني ـ الأعشى الأكبر ـ عبيد بن الأبرص إن تسميتها بالمعلّقات أو المُذَهَّبات ، أو السُّـــموط ( العقود ) فمختلف فيه ، إذ قال بعضهم أنّ العــرب لشــدّة إعجابهم بها ، كتبوها بمــاء الذهب ، وعلّقوها على جدران الكـعبة فَسمــِّيت بذلك المُعلَّقات أو المُذهّبات ونفى بعضـــهم تعليقها على جدران الكعبة وزعم آخـرون أنّ حمّاداً الراوية هوالذي جمع القصائد الطِّوال، وقال للناس : هذه هي المشهورات وقال آخرون إنّها سُمِّيَت بذلك لأنها من القصـــائد المســـتجادة التي كانت تُعَلَّق في خـــزائن الملـــوك والراجح اليوم انها سُمِّيَت أيضاً بالمعلَّقـات لتشبيهها بالسّـموط ، أي العقود التي تُعَلَّق بالأعناق ، وقد سُمِّيَت أيضاً بالمذهّبات لأنها جـديرة بأن تُكْتَب بماء الذّهب لنفاستها .
    المصــــــادر والمـــــــراجع :
    ــ شعراء النصرانية في العصر الجاهلي : الأب لويس شيخو اليسوعي ، بيروت 1890
    ــ مجاني الأدب الجزء 6 : الأب لويس شيخو اليسوعي ، بيروت 1888
    ــ ديوان عنتر : مكتبة الجامعة ، بيروت 1893
    ــ عنترة بن شدّاد : فؤاد افرام البستاني ، سلسلة الروائع . بيروت 1930
    ــ ديوان عنترة : محمد سعيد مولوي ، القاهرة 1970
    ــ شرح القصائد العشر : الإمام الخطيب التبريزي
    ــ شرح المعلّقات العشر : الإمام أبو عبد الله وتحسين الحسين . بيروت 1983
    ــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ــ مواقع على الإنترنت :



    المهندس جورج فارس رباحية


    لمعاينة الموضوع الأصلي والتعليق عليه

    المهندس جورج فارس رباحية  Aalove10
    عنترة العبسي
    waell

    مُساهمة الإثنين 10 فبراير 2014 - 23:22 من طرف waell

    المهندس جورج فارس رباحية كتب:خليل مردم بك

    1895 ـ 1959
    المهندس جورج فارس رباحية

    وُلِدَ خليل بدمشق سنة 1895 والده أحمد مختار مردم بك والدته فاطمة محمود الحمزاوي مفتي دمشق وعلاّمتها . ينحدر خليل من أسرة تركية عريقة تناسلت من جدّهم التركي : (مصطفى لالا باشا ) (1).لم يكن لخليل إخوة ذكور وإنما كان له خمس شقيقات .
    بدأ الدراسة في الكُتَّاب في سن السابعة ، وفي العاشرة من عمره التحق بمدرسة " الملك الظاهر " الابتدائية الرسمية وبعد ثلاث سنوات انتقل إلى المدرسة الإعدادية الرسمية حيث مكث فيها سنة ونيّفاً ثم تركها وارتأى أن يأخذ علوم اللغة والدين عند ثلاثة من أشهر علماء دمشق فدرس الحديث على يد المحدّث الشيخ بدر الدين الحسني ، والفقه من مفتي الشام عطا الكسم والصرف والنحو من الشيخ عبد القادر الإسكندراني ، وبدأ ينظم الشِعْر قبل أن يبلغ الخامسة عشرة من عمره . توفي والده ولم يُتِم الخامسة عشرة من عمره ، وبعد أربع سنوات توفّيت والدته . وقد طبعه اليتم بطابع الصمت والعزلة والحياء والانطواء على النفس والابتعاد المجتمع ، ولازمه هذا الطبع طوال حياته .
    وبجلاء الأتراك عن سورية عام 1918 وقيام الحكومة العربية (السبت في 5/10/1918برئاسة رضا الركابي ) عُيِّنَ مُميّزاً لديوان الرسائل العامة ، وفي عام 1919 عُيِّنَ مدرّساً في مدرسة الكتاب والمُنشئين التي أنشأتها الحكومة لتدريب موظّفيها ، ولما أُعْلِن استقلال سورية وبويع الملك فيصل الأول ملكاً عليها ( الإثنين في 8/3/1920 ) وتألّفت أول وزارة سورية ، نُقِلَ من ديوان الرسائل العامة ، وسُمّيَ معاوناً لمدير ديوان مجلس الوزراء ، وبعد أن دخل الجيش الفرنسي سورية الأحد في 25 تموزعام 1920، صُرِفَ من العمل في الحكومة.
    في عام 1921 أسّس مع مجموعة من الأدباء (2) جمعية "الرابطة الأدبية" على غِرار الرابطة القلمية (3) في نيويورك ، وانتُخبَ رئيساً لها وعقدت أول اجتماع لها يوم الجمعة في 4 آذار 1921 ، وكانت أهدافها توحيد قوى الأدباء المتفرّقة وتنظيم صفوفهم ليتسنى لهم الفوز في معترك الحياة الأدبية . ولإظهار نشاط الأدباء أنشأت الرابطة مجلة ناطقة باسمها دعتها : ( مجلة الرابطة الأدبية ) وصدر العدد الأول منها يوم الخميس في 1 إيلول 1921 لكنها توقّفت بعد العدد التاسع لأن الاحتلال الفرنسي بدأ يُضيق الخناق على الرابطة والمجلة معاً ، فحلّ الرابطة وأغلق المجلة .
    في عام 1925 انتُخِبَ عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق بعد أن تقدّم إليه برسالة عن شعراء الشام في القرن الثالث الهجري ، وفي هذا العام اندلعت نيران الثورة السورية ، فأخذ يغذيها بقصائده الوطنية التي تدعو إلى إثارة الشعب ، ورد الطغيان ، ورفع الظلم ، فطاردته السلطات الفرنسية ففر إلى لبنان وتخفّى بقرية المروج بمساعدة الشاعر أديب مظهر،ولما علِمَت بوجوده هناك غادر إلى الإسكندرية عام 1926 وأقام عند صهره الدكتور أحمد قدري ، وبعد أربعة أشهر غادر الإسكندرية إلى لندن لدراسة اللغة الإنكليزية وآدابها ، فمكث فيها ثلاث سنوات حصل في نهايتها على شهادة عُليا تعادل الدكتوراه . وفي عام 1929 عاد إلى دمشق مٌشتاقاً لها ولغوطتها الغنّاء .
    حين استقرّ به المقام في دمشق عُيِّنَ مساعداً لرئيس الأدب العربي في " الكلية العلمية الوطنية " وبقي فيها تسع سنوات ( 1929 ـ 1938 ) ألّف خلالها سلسلة " أئمّة الأدب العربي " نشر منها خمسة أجزاء هي : الجاحظ ، ابن المقفّع ، ابن العميد ، الصاحب بن عباد , الفرزدق .
    في عام 1933 أصدر مع الدكاترة جميل صليبا وكامل عياد وكاظم الداغستاني مجلة : "الثقافــة" فعاشت سنة واحدة . وفي عام 1941 انتخبَ أمين سر عام للمجمع العلمي العربي فعمل مع رئيسه محمد كرد علي بمنتهى الإخلاص والانسجام والصفاء ، وفي عام 1942 عُيِّنَ وزيراً للمعارف والشؤون الاجتماعية لكنه لم يلبث أن عاد إلى الأدب والبحث في كتب التراث العربي فأنجز :
    ديوان ابن عنين عام 1946 وديوان علي بن الهجم عام 1949 وديوان ابن حيوس عام 1951 وديوان ابن الخيّاط عام 1958 ووضع لكل ديوان مقدّمة في حوالي خمسين صفحة .
    بعد أن عمّت شهرته العالم العربي وأوروبا ، تهافتت عليه المجامع اللغوية تطلب منه قبول عضويتها ، فانتخبه مجمع اللغة العربية بمصر عضواً عام 1948 ، والمجمع العلمي العراقي عضواً عام 1949 ، ودائرة المعارف الإسلامية للمستشرقين عضواً في تحريرها عام 1951 ، ومدرسة الدراسات الشرقية بلندن عضواً عام 1951 ومجمع البحر المتوسط في مدينة "باليرمو Palermo " بإيطاليا عضواً عام 1952 ، والمجمع العلمي السوفياتي عضواً عام 1958 .
    في عام 1951 عُيِّنَ وزيراً مفوّضاً في السفارة السورية ببغداد ، فتحوّلت السفارة خلال السنوات الثلاث التي قضاها هناك إلى منتدى أدبي للطبقة العالية من رجال الفكر والسياسة والأدب ، بعدها استدعته الحكومة السورية عام 1953 ليتسلّم وزارة الخارجية ، وانتخب عام 1953 رئيساً للمجمع العلمي العربي بدمشق بعد وفاة مؤسسه محمد كرد علي .
    بلغ خليل مردم بك أعلى ما يطمح به عالم وأديب ، ثم اعتزل السياسة والناس والاجتماعات إلاّ ما دعت الضرورة القصوى إليه حتى أنس بهذه الوحدة واطمأنّ إليها ليتفرّغ إلى الأدب حيث اقتصر في أواخر حياته على التنقّل بين المجمع العلمي وداره القريبة منه مختاراً الطريق الأقصر والبعيد عن الزحام .
    لكن القدر كان له بالمرصاد فاعتلّت صحته وحدّت من نشاطه إثرَ مرض لازمه شهوراً إلى أن توفي يوم الثلاثاء في 21 تموز 1959 ، ودُفِنَ في مقبرة ( الباب الصغير ) بدمشق .
    كان لنشأة خليل وحياته مع عائلته الميسورة مادياً والعزلة التي رغبها سبباً في تهيئة تقافته الذاتية ، وكان طبيعياً أن يستمدّ من الأدب العربي القديم ـ نثره وشعره ـ نسغ شاعريته ، وعناصر طريقته الشعرية ، فهو كما يقول الدكتور إبراهيم الكيلاني :" لم يتأثر بأي ثقافة أو فكر أجنبيين ، ولم يذهب إلى لندن للدراسة إلا بعد أن تحدّدت شخصيّته نهائياً ، ولم يقرأ نتاج الفكر الأوروبي ، وكان بحكم محافظته لا يحب الأجانب ، ولا يعجب بثقافتهم أو لغاتهم أو آدابهم ، وهو مثال واضح للأديب العربي المحافظ التقليدي" . تأثر خليل وأُعْجِبَ بالبحتري إلى حد بعيد لأنه زعيم الطريقة الشامية التي تقوم على الوصف أوّلاً ، ولأن أسلوبه يقوم على العناية بالموسيقا والديباجة وأحكام الصنعة والاهتمام باللفظ دون الغوص في المعاني المُبتكَرة والأفكار المُختَرعَة ثانياً ، وقد سألة الشاعر حافظ إبراهيم :" مَن تُفَضّل من الشعراء : أبا تمّام أم البحتري أم المتنبي ؟ فأجاب دون تردّد : البحتري ". فكان في نظره مقياساً للجودة فسلك سبيله وتأثّر في خطاه . لم يكن شاعراً صخّاباً ولا قائد جماهير فإن قارئ شعره يجد كيف تدرّج هذا الإنسان الهادئ من موضوعات المناسبات التي عجّت في صدره إبان صباه وإقباله على الحياة إلى شعر أوسع آفاقاً ، يجمع الفلسفي والاجتماعي والسياسي والقومي . كان شاعراً مُرهَفاً وطنياً مُخلِصاً لعروبته وأديباً تعمّق في دراسة تاريخ أدبنا العربي وبحاثة حقّق ونشر جملة من المخطوطات النفيسة ، وإدارياً برزت مواهبه في السفارة والوزارة ، وكاتباً فحلاً لم يرعف قلمه إلاّ لغير العربية والعروبة . فكانت شخصيّته تتميّز : بهدوء الطبع وسماحة النفس وصلابة الإرادة وقوة الإصرار .
    وتكريماً لأعماله الأدبية والوطنية فقد أقامت له وزارة الثقافة والإرشاد القومي يوم الخميس في 10 آذار 1960 حفلة تأبين على مدرّج جامعة دمشق شارك فيها أدباء وشعراء من سورية والوطن العربي مع أسرة الفقيد (4) ألقوا فيها كلمات وقصائد ، ذكروا فيها ما يستحق هذا الأديب والشاعر والوطني كل تقدير وإجلال . وهو الذي نظم كلمات النشيد الوطني لسورية .
    مــؤلّفاتــه :
    ـ ديوان خليل مردم بك : طبع عام 1960 بعد وفاته .
    ـ شعراء الشام في القرن الثالث الهجري( العتابي ، ديك الجن الحمصي ، أبو تمام ،البحتري)
    ـ شعراء الإعراب : وقد ضم أربعين شاعراً من شيوخ العربية ورواد فقه اللغة منــهم :
    النابغة الشيباني ، مالك بن الريب ، بيهس الجرمي ، أبو نخيلة ، جرير ، مزاحم العقيلي ،
    ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة معاوية وأم يزيد .
    ـ الشعراء الشاميون : ضم هذا الكتاب سبعة من شعراء الشام الذين عاشوا في عصـــور
    مختلفة : الطرماح بن عدي ، ابن حيوس ، ابن الخياط ، ابن عنين ، عبد الملك بن عبد
    الرحيم الحارثي ، الوليد بن يزيد ، عدي بن الرقاع .
    ـ سلسلة أئمة الأدب العربي : صدر منها : الجاحظ ، إبن المقفّع ، إبن العميد ، الصاحب ،
    الفرزدق .
    ـ دمشق والقدس في العشرينات : ضم مجموعة من المقالات التي نشرها الصحف والمجلات
    في عشرينات القرن الماضي .
    ـ الشاعر أبو نواس .
    ـ الشاعر ابن الرومي .
    ـ يوميات الخليل
    ـ رسائل الخليل الدبلوماسية .
    ـ محاضرات الخليل في الإنشاء العربي .
    ـ جمهرة المغنين .
    ـ الإعرابيات .
    ـ مجلة الرابطة الأدبية 1921
    ـ مجلة الثقافة 1933
    مقتطفات من أعمـاله :
    1 ـ تعبيراً لوطنيته وعروبته فقد نظم كلمات النشيد الوطني لسورية ولحّنه : محمد فليفل :
    حُمــاة الديــارِ عليــــكم ســلام ***** أبت أن تذِلَّ النفـــــــوسُ الكرام
    عرين العـــروبة بيتٌ حَــــرام ***** وعرش الشموسِ حِمىً لا يُضام
    ربوع الشـــآمِ بروجُ العُـــــــلا ***** تُحاكي السماءَ بعــــــــالي السَّنا
    فأرضٌ زهتْ بالشّموسِ الوِضا ***** سماءٌ لَعَمْـــرِكَ أو كالسَـــــــــما
    رفيفُ الأماني وخَفقُ الفـــــؤادْ ***** على علَمٍٍ ضـمَّ شَمْلَ البــــــلادْ
    أما فيهٍ منْ كُلِّ عينٍ ســـــــوادْ ***** ومن دمِ كُلِّ شَــهيدٍ مِــــــتتداد ؟
    نفــوسٌ أُباةٌ وماضٍ مجيـــــــدْ ***** وروحُ الأضــاحي رقيـبٌ عَتيـدْ
    فمِنّـَا الوليـدُ ومِنّـَا الرَّشيــــــدْ ***** فلـِمَ لا نَســـــــودُ ولِـمَ لا نُشيدْ ؟
    2 ـ لما عاد إلى دمشق مُشتاقاً لها ولغوطتها قال :
    تلاقوا بعد ما افترقوا طويلاً ***** فما ملكوا المدامع أن تسيلا
    بقيــة فتنة لم تبـقِ منــــــهم ***** صروف زمانهم إلاّ قليـــلا
    دمشق ولست بالباغي بديلا ***** وعن عهد الأحبة لن أحولا
    ذكرتك واللهيب له وميـض ***** ينشر من شائقـه ذيـــــــولا
    3 ـ لم يترك نازلة بالأمة والأرض العربية ألاّ وجدت أصداءها في حنايا قلبه فقال
    في معركة ميسلون :
    مصيبة ميسلون وإن أمضّت ***** أخف وقيعة مما تــــلاها
    فما من بقعة من دمشـق إلاّ ***** تمثل ميسلون وما دهاها
    فسـل عما تصبب من دماء ***** تخبرك الحقيقة غوطتاها
    ولم أر جنــة أمســى بنوها ***** وقود النار فائرة ســواها
    عبدناها نعيمـاً أو جحيمـاً ***** وألهمت النفوس بها هداها
    4 ـ ويلوي على فلسطين فيقول :
    ياليت شعري ماذا يستفــــــزّكم ***** حمى مبــــــاح واذلال وافقــار
    أرى الحجارة أحمى من أنوفكم ***** كم ارسلت شرراً بالقدح أحجار
    إخوانكم في فلسطين تنــــــالهم ***** بالسوء والعسف أنياب وأظفـار
    5 ـ كان دقيق الملاحظة في تصوير الطبيعة ومخلوقاتها كما في قصيدته ( الفراشتان ):
    الناظرين تسـرّ فراشتــــان ***** بـروض ناعــم تتغـــــــــازلان
    تبرّجتــا بنفض من ســـواد ***** على أعطـاف حلة أرجـــــوان
    تحيــّرتا هنا وهناك طيشــاً ***** كما في الريح حارت ريشتــان
    وضمت من جناحيها فكانت ***** كعرف الديك أو حرف السنـان
    ودومتا صعوداً أو هبـــوطاً ***** كأنــهما هنـالك معـــــــــــزلان
    فما يرتدّ طـرف العـــتين إلاّ ***** دراكاً تعــلوان وتهـــــــــويان
    6 ـ وبعد أن انطوى على نفسه وتراءت له الدنيا على حقيقتها فرآها دار همٍّ وفجائع
    وأحزان فقال :
    ولم أر كالدنيا ولا مثل شأنــها ***** على كل حال دار هم وأحزان
    فجعت بنفسي إن تراءت منيّتي ***** وإن مدّ بعمري فجعت بخلاّني

    15/10/2010 المهندس جورج فارس رباحية

    المفــردات :
    (1) ـ مصطفى لالا باشا : كان وزيراً ومربياً لأولاد السلطان ثمّ والياَ على دمشق 1563 ـ 1569 وهو صاحب جامع مصطفى لالا باشا الأثري المشهور بدمشق
    ومما يُنسَب لهذه العائلة من معالم دمشق الأثرية ( خان مردم يك ) الذي كان قائماً
    في العهد العثماني و(خان مصطفى لالا باشا) الذي كان قائماً في سوق الهال القديم
    ثم هُدِمَ عام 1928 . وهو فاتح قبرص .
    (2) ـ أدباء الرابطة الأدبية : خليل مردم بك ، محمد الشريقي ، سليم الجندي ، قبلان
    الرياشي ، الشمّاس أبيفانيوس زائد ، عبد الله النجار ، نسيب شهاب ، مـاري
    عجمي ، نجيب الريس ، سيمون لويس ، ميشيل سعد ، فيليب سعد ، إبراهيم
    حلمي ، حبيب كحالة وغيرهـــم .
    (3) ـ أدباء الرابطة القلمية في نيويورك : نسيب عريضة ، جبران خليل جبران ،
    ميخائيل نعيمة ، ندرة حداد ، عبد المسيح حداد ، رشيد أيوب ، إيليا أبو ماضي
    أمين الريحاني ، وليم كاتسفيلد .
    (4) ـ الأدباء الذين شاركوا في حفلة التأبين :
    1 ـ الدكتور إبراهيم الكيلاني : مدير التأليف والترجمة في وزارة الثقافة
    2 ـ الأمير مصطفى الشهابي : رئيس المجمع العلمي العربي
    3 ـ الدكتور حكمة هاشم : مدير جامعة دمشق
    4 ـ الشيخ محمد بهجة الأثري : عضو المجمع العلمي العراقي
    5 ـ محمد الشريقي : سفير المملكة الأردنية الهاشمية بالقاهرة
    6 ـ محمود تيمور : عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة
    7 ـ الدكتور جميل صليبا : عميد كلية التربية بجامعة دمشق
    8 ـ الشاعر القروي ( رشيد سليم الخوري )
    9 ـ نجله عدنان مردم بك : عن أسرة الفقيد

    المصـــادر والمراجــــع :
    ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي : كتيّب حفل تكريم خليل مردم بك 1960
    ـ مجلة الموقف الأدبي العدد 261 سنة 1993
    ـ المعرفة : الموسوعة الحرة لخلق وجمع المحتوى العربي
    ـ هؤلاء حكموا سورية : د سليمان المدني 1996
    ـ شعراء سورية : أحمد الجندي 1965
    ـ مواقع على الإنترنت :
    waell

    مُساهمة الأربعاء 2 أبريل 2014 - 3:07 من طرف waell

    المهندس جورج فارس رباحية  Empty من طرف المهندس جورج فارس رباحية أمس في 10:09 am


    ــــعراء الصعاليك
    المهندس جورج فارس رباحية  
      الصعلكة في اللغة : هي الفقر ، والصعلوك جمع صعاليك : الفقير ، وصعاليك العرب هم لصوصهم وفقراؤهم .
    قال حاتم الطائي وهو يعني الفقر والغنى :
    غنينا زماناً بالتصعلك والغِنى  *****  فكلا سقاناه بكأسيها الدهر
    وقال الأعشى :
    على كل أحوال الفتى قد شربتها  *****  غنيّاً وصعلوكاً وما إن أقاتها
    ويقول جابر بن ثعلبة الطائي :
    كأن الفتى لم يَعْرَ يوماً إذا اكتسى  *****  ولم يك صعلوكاً إذا ما تموّلا
    فالنصوص التي ذكرناها ، لا تدع مجالاً للشك في أن الصعلكة هي الفقر ، وإن كانت دلالـــــــة الكلمة قد تطوّرت ، فأطلقت أيضاً على الفقـــــر المقترن بحس مرهف وإدراك لمـــا بينهم وبين الأغنياء من فوارق ، جعلهم هذا يدركون آلامهم النابع من خلاء أيديهم من المال ، وعجزهم عن الحياة التي يشتهون .
     إن الصعاليك لم يجدوا غضاضة في غاراتهم على أموال الأغنياء البخلاء ، بل اعتـقدوا أنهم على الحق قيما يفعلون ، لأنهم يكفلون لأنفسهم وللضعفاء من إخوانهم أسباب الحياة . فنزعاتهم تتضح في عدة مظاهر :
    1 ـ كراهية الأغنياء البخلاء ، والسطو على أموالهم ن أما الأغنياء الكرماء فإنهم لا يقربون  أموالهم .
    2 ـ المساواة في الغنائم ، لأنهم كانوا يقتسمون ما يغنمون ، وكانوا يتساوون في القسمة ، فلا يختص رئيسهم نفسه بنصيب أكبر من غيره .
    3 ـ كانوا ذوي نجدة وعطف على الفقراء العاجزين عن الكسب والغارة ، فكانوا يعطوهم من الأسلاب أنصبة مثل أنصبتهم .
    4 ـ أغلب أعمال الغزو والسطو كانوا ينفذّونها ليلا . وقصائدهم كانت تشير إلى ذلك .

    5 ـ لم يجدوا عيباَ في عملهم ، بل إنهم فاخروا به ، ورأوه نوعاً من الفتوة والقصـــــاص من البخلاء ن والاشتراكية القسرية ، والتضامن الاجتماعي .
     لهذا كان الصعاليك يعدّون أنفسهم أحسن حالاً من الحاكم المرتشي ومن القاضي الذي يأكل أموال اليتامى . أم أدبهم فيمتاز بعدّة خصائص :
    1 ـ أنه يُصَوّر ضرباً من الأخلاق والنزعات لا نجده في غيره .
    2 ـ شعرهم يصوّر نفسياتهم وأعمالهم ، فهو صدى للواقع .
    3 ـ يتميّز شعرهم بوحدة الموضوع ، فليس فيه مقدّمات تمهيدية من غزل وبكاء أطلال ووصف لرحيل أو رواحل أو استطراد لموضوع آخر .
    4 ـ أكثر شعرهم مقطعات لا قصائد ، ولعل مردّ هذا إلى أنهم ذوو خفة وسرعة واختلاس ، لم يألفوا التمهّل والتروّي والتنميق ، فجاء شعرهم صورة من حياتهم .
    5 ـ ليس في شعرهم غزَل ، وكيف يتغزّل مَنْ يقضي نهاره يترقّب ، وليله يترصّد ، ولا يستقرّ في مقام .
    6 ـ يكثرون من توجيه الخطاب في شعرهم إلى زوجاتهم .
     إن شعراء الصعاليك هم كُثّرْ في العصرين الجاهلي والإسلامي ،واشتــهر منهم في الجاهلية : عروة بن الورد ـ تأبّط شراً ـ الشنفري ـ السليك بن السلكة ـ عمرو بن براقة . وفي الإســــلام : الأحيمر السعدي وغيرهم  وقد عُرِفوا جميعاً بسرعة الحركة والخفّة والعدو والخبــــرة بدروب الصحراء . ونورد أدناه موجز عن بعضهم :
    1 ـ عروة بن الورد ( ت 616 ) م  :
        هو عُرْوَة بن الوَرْدْ بن زيد وقيل بن عمرو بن زيد بن عبد الله بن ناشب بن هَرِم بن لـــديم بن عود بن غالب بن قطيعــــة بن عبس بن بغيض بن الرّيث بن غطفــــان بن سعد بن قيس بن عيـلان بن مُضَر بن نزار . هو شاعر من شعراء الجاهلية وفارس من فرسانها وصـــعلوك من صعاليكها المعدودين المقدمين الأجواد ، وكان نصرانياً ولُقِّبَ بأمير الصعاليك لأنه كان يجمعهم ويقوم بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم . قال عبد الملك بن مروان : مَنْ قال إن حاتِماً ( حاتــــــم الطائي ) أســمَحَ النّاس فقد ظلَم عروة بن الورد .
    ـــ لم يكن جودُه بمقصورٍ على الصعاليك ، وإنما كان يتناول المَرضى والضعفاء ، وكل ضيفٍ أتاه ، فقد كان بيته بيتَ الضيف وفراشُه فراشَه كما قال :  
    فِراشي فِراشُ الضّيفِ والبيتُ بيتُه ،  *****  لم يُلهِني عنهُ غــــزالٌ مُقنَّعُ
    أحَدّثهُ ، إنّ الحــــديثَ من القِــرى ،  *****  وتعلمُ نفسي أنّهُ سوفَ يَهجَعُ
    ـــ وهذا عروة يصف ليله القاسي :
    لحا الله صعلوكاً إذا جنّ ليله  *****  مصافي المشــاش آلفا كل مجزرِ
    ينام عشاء ثم يُصبح ناعســاً  *****  يحتّ الحصى عن جنبه المتعفّرِ
    ـــ قيل أن عروة بلغه عن رجل من بني كنانة يُدعى ابن كنانة أنه من أبخل الناس وأكثرهم مالاً   فبثَّ عليه عيوناً فأتوه بخبره ن فشدّ على إبله ن فاستقاها ثم قسمها في قومه ، فقال :
    ما بالشراءِ يسود كل مُسَـــــوَّدٍ ،  *****  مثرٍ ، ولكنْ ، بالفِعالِ ، يسودُ
    بل لا أكاثِرُ صاحبي في يُسْرِهِ ،  *****  وأصُدُّ إذ في عيشهِ تصــــريدُ
    فإذا غنيتُ ، فإنّ جــــــاري نيلُهُ  *****  من نائلي ، وميسري معهــودُ
    وإذا افتقرتُ ، فلن أرى متخشعاً  *****  لأخي غِنى ، معروفه مـكدودُ
    ـــ من أجْلِ الأبيات التالية التي قالها عروة بن الورد ، قال عبد الملك بن مروان عن عروة : ما يسرّني أن أحداً من العرب ممن ولدني ، لم يلدني ، إلاّ عروة بن الورد :
    إني امرؤ عافى إنائي شـركةٌ ،  *****  وأنتَ امــــرؤ عـــافى إنائك واحــــدُ
    أتهزأُ مني أن سمنتَ وأن ترى  *****  بوجهي شحوب الحقِّ ، والحقّ جاهدُ
    أقسم جسمي في جسوم كثيرة ،  *****  وأحســــو قراحَ المـاء ، والماءُ باردُ  
    ـــ والأبيات التالية التي قالها عروة تحمل في طيّاتها فلسفته في الحياة وضرورة الســير في بلاد الله ، خلق الله ، من أجل الثراء والغنى ، بدلاً من شكوى الفقر ، أو الطلب من الذين لا يُثمر فيهم المعروف أو الخير :
    إذا المرءُ لم يطلبْ معاشــــاً لنَفْســــهِ ،  *****  شكا الفقرَ ، أو لامَ الصديق ، فأكثرا
    وصارَ على الأذنين كلاً ، وأوشــــكتْ  *****  صِــــــلاتُ ذوي القربَى له أن تنكرا  
    وما طالبُ الحاجات ، من كلّ وجهةٍ ،  *****  من النـــاس ، إلاّ من أجدَّ وشـــــمّرا
    فســـر في بــــلاد الله ، والتمس الغنى  *****  تَعِش ذا يسارٍ ، أو تموت فتعــــــذرا
    2 ـ الشنفري (  ت 554 ) م :
       هو ثابت بن أوس الأزدي يمني الأصـــــل شاعر جاهلي قحطاني وقيل أنه من بني الحارث بن ربيعة ، والشنفري هو لقبه ويعني غليظ الشفتين وهو من أعــــدى العدّائين العرب الذين لم تلحقهم الخيل وجرى المثل بالـنفري فقيل : أعدى من الشنفري ، وهو خال تأبّط شـــراً وقيست قفزاته ليلة مقتله فكانت الواحدة منها حـوالي عشــــــرين خطوة  . قيل أنه نشــــأ في قوم الإزد فأغاظوه فهرب إلى بني ســلامان وعن مقتله هناك عدة روايات عن سببها ، إحـداها تقول: أن الشنفري قال يوماً لابنة مولاه أن تغسل رأسه فلطمته فأضمر الشر لبني سلامان وحلف أن يقتل منهم مائة رجل وبالمختصر فقد غزاهم وقتل 99 رجلاً فقتلوه وصـــــلبوه وبقي عاماً أو عامين مصلوبا ، وبقي على ما نذر رجل واحد ، فجـــاء رجل من بني سلامان كان غائبـــاً عن تلـــك الأحداث فمرّ به وركل رأس الشنفري برجـــله فدخل فيها قطعة من عظم رأسه فهاجت عليـــه رجله فمات على الفور ، فعاش هذا الرجل تمام المــائة . وهو صاحب (لامية العرب ) الشهيرة ومطلعها :
    أقيموا بني أمي صدور مطيّكم  *****  فإني إلى قوم سواكم لأميل
    3 ـ تابّط شـــرّاً ( ت 530 ) م :
      هو ثابت بن جابر بن سفيان بن عَمَيْثَل بن عدي بن كعب بن حَزن وقيلَ حَرُب بن تَيْم بن سعد بن فهم بن عَمرو بن قيس بن مُضَر بن نزار ، أبو زهير ، الفهمي ، أمّه أميمـــة من بني القَيْن ، بطن من فَهْم ،ولدت خمسة أولاد : تأبّط شراً ، وريش لَغْب ، وريش نَســـر و وكعب جَدَر ، ولآ بواكي ، وقيل أنها ولدت سادساً اسمه عمرو .كان ثابت من شـعراء الجاهلية الصعاليك ، وهناك عـدة روايات عن سبب تسميه بتأبّط شراً منها أنه يوماً أخذ سيفاً تحت إبطه وخرج من بيته فجاء مَنْ سأل عنه أمّه فقالت : تابّط شرّاً وخرج . كان كثير الغارات ، سريع العدو ، كان من أسرع العدّائين فإذا جاع كان يجري خلف الظباء فيأخذ واحداً منها فيذبحه ثم يشويه ويأكلـــه ، تكوّنت عنه الأساطير من فُتّاك العرب في الجاهلية  شعره قوي الملاحظة ، دقيق الوصــــف ، بـديهي العاطفة ، ساذج الحكمة . قُتِلَ في بلاد هذيل وأُلقي به في غار يُقال له رخمان . وهذا تأبّط شراً يصف ليل الصعاليك :
    قليـــــل غرار النـوم أكبر همّه  *****  دم الثـــأر أو يلقى كميـــا مقنعــــا
    يبيت بمغنى الوحش حتى ألفنه  *****  ويصبح لا يحمي لها الدهر مرتعا
    4 ـ السُليّك بن السلكة (توفّي 606 ) م :
      هو السُلّيك بن عمير بن يثربي بن سنان السعدي التميمي من بني مقاعس ، شــــاعر أســــود ، عدّاء ، يُلَقّب بالرئبال ( الأسد ) والسلكة هي أمّه أمَة سوداء كانت شاعرة وشعرها أشــعر من شعر ابنــها ، كان أعرف الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها . كان يغير على اليمن فإذا لم يتمكّن أغار على ربيعة . قتله أسد بن مدرك الخثمي ، وقيل قتله يزيد بن رويم الذهلي الشيباني . كــان السليك يصف ليله بدون اهتمام للنوم ولا يُغريه الليل ولا القمر فيقول :
    إني لتارك هامات بمجزرة  ***** لا يزدهيني سواد الليل والقمر  
    5 ـ عمرو بن بَرَاقَة ( توفي 634 ) م :
       هو عمرو بن الحارث بن عمرو بن منبه البنهمي من همدان ويُعْرَف بعمرو بن بَرَاقَة وهي أمّه ، ويثعْرف أيضاً بعمرو بن براق ، شاعر همدان له أخبار في الجاهلية . عـــاش إلى خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م . قال الكلبي : أذِنَ عمر للناس فدخل عمرو بن براقة وكان شيخاً كبيراً يعرج . له قصيدة تعتبر من أشهر أشعار الصعاليك التي يقول فيها :
    متى تجمع القلب الذكي وصارما  *****  وأنفا حميماً تتّقيك المظالم
    6 ـ خفاف بن ندبة ( توفي 640 ؟ ) م :
       هو خفاف بن عمير بن الحارث بن عمرو ( الشريد ) بن قيس بن عيلان السلمي ، أخذ نسبه من أمّه ندبة بنت شيطان ، وكانت سوداء سباها الحارث بن الشريد حين أغارعلى بني الحارث بن كعب ن فوهبها لابنه عمير فولدت له خفّافاً . يُكَنّى بأبي خُراشة ، وهو ابن عم الشـــــــاعرة الخنساء . كان من فرسان العرب المعدودين ، وقد روي عن الأصمعي قوله : خفّاف ودريد بن الصمّة أشعر الفرسان . ادرك الإسلام فأسلم ، شهد فتح مكة وغزوة حنين والطائف ومـــدح أبو بكر الصديق . رُوِيَ أن خفّاف ومعاوية بن الحارث بن الشريد أغارا على بني ذبيان يوم حوزة فلما قتلوا معاوية بن عمرو قال خفّااف : والله لا أريم اليوم أو أقيد به سيدهم فحمل على مالك بن حمار الشخين وهو يومئذ فارس بني فزارة وسيدهم فقتله وقال :
    فإن تك خيلي قد أصيب
    صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا
    أقول له والرمح يأطر متنه
    تأمل خفافاً إنّني أنا ذلكا
    7 ـ قيس بن الحدادّيــة ( 612 ؟ ) م :
       هو قيس بن منقذ بن عمرو السلولي ، من بني سلول بن كعب من خزاعة . كان شجاعاً فتاكاً كثير الغارات ، تبرّأت منه خُزاعة في سوق عكاظ وأشهدت على نفسها أنها لا تحتمل جريرة لهُ ولا تُطالب بجريرة عليه فَنُسِبَ إلى أمّه وهي من بني حِداد من ( محارب ) ، وقال المرزباني : إنه من بني الحُداد من كنانة . شِعْره من الطبقة الثانية في عصره . كان يهوى أم مـــــالك بنت ذؤيب الخزاعي وَلَهُ فيها شِعْر بديع الصنعة . قتله بعض بني مزينة في غارة لهم .
    8 ـ الأُحيمَر السعدي ( توفي 787 ) م :
       هو الأحيمر بن فلان بن الحارث بن يزيد السعدي ، من سعد بن زيد مناة بن تميم , شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية  ( 660 ـ 750 ) م والعباسية ( 750 ـ 1258 ) م كان لصاً فاتكاً مارداً من أهل بادية الشام ، وهو صاحب البيت السائر على كل لسان :
    عَوى الذِئبُ فاستأنَسْتُ بالذئب إذ عوى  *****  وصَوَّتَ إنســـــانٌ فَكِدتُ أطيـــرُ
    يــــرى اللهُ إنّــــي للأنــــيسِ لَكَــــــارِهٌ  *****  وِتَبْغِضُهُم لي مُقلَـــــةٌ وضــــميرُ
    فَلِلَّيــــــلِ إن وارانــــــي اللَّــــيلُ حكمُهُ  *****  وِللشَمْسِ إن غـــــابَت عليَّ نُذورُ
    وإنـــــــي لأَســــــتحي مِنَ اللهِ أن أُرَى  *****  أُجَرِّرُ حَبْــــلاً ليسَ فيــــه بعـــيرُ
    وأن أســـــــألَ المــــــرْءَ اللئــ يمَ بَعيرَهُ  *****  وَبَعرانُ رَبِّــي في البــــلاد كثيرُ
    معي فِتْيــــــةٌ بيضُ الوجــــوهِ كأنّهــــم  *****  على الرَحلِ فَوقَ الناعجاتِ بُدورُ
    أيا نخـــــلات الكَـرمِ لا زالَ رائِحــــــاً  *****  عَلَيكُــــــنَّ مَنْــــــهَلُّ الغَمَامِ مَطـيرُ
    9 ـ مالك بن الريب (         ) م :
       هو مالك بن الرّيب بن حَوْط بن قُرْط بن حُسَيْل ( أو حِسْل )بن ربيعة بن كابية بن حُرقُوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم .وأمّه بنت سنيح بن الحرّ بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن . يقول  القني في وصف مالك : ( وكان مالك بن الريب فيما ذُكِر من أجمـــل العرب جمالاً ، وأبينهم بياناً فلما رآه سعيد بن عثمان بن عفان واللي خراسان أُعجبَ يه ) .
      نشأ مالك في بادية تميم بالبصرة في أول الدولة الأموية ( 660 ـ 750 ) م فمسـرحه الأول كات البادية وحريّتها التي فهمها بطريقة البدوي الذي لا يجد حداً يوقفها وكانت السبب الرئيسي في لصوصيّته وتزعمه مجموعة من اللصوص سارت على هواه في تحقيق رغبته ورغباتهم . كان لصاً فاتكاً يُصيب الطريق مع شظاظ الضبي الذي يُضرب به المــــثل ( ألصُّ من شظاظ ) .هرب من الحجاج بن يوسف الثقفي لأنه هجاه ، فآمنه بشر بن مروان واســـــتصحبه سعيد بن عثمان بن عفان والي خراسان . اتصفت شخصيّته بالشجاعة والثبات بالمعركة فهو خبير بفنون القتال يعطف بالخيل عندما يثدبر الآخرون ، يُنجِد المستغيث ، كل تلك الصفات يُقابله ضـــعف وًرِقّة أمام أبناء العم والجيران  ، وهذا ما ظهر في يائيّه المشهورة :
    ألا ليْتَ شِــــــعْري هَـــــــل أبِيتَنَّ ليلًــــةً *****  بجنبِ الغَضا أزجي القِلاصَ النَواجيا
    فًليْتَ الغضا لم يقطـــعِ الرّكبُ عَرضَـهُ  *****  ولَيتَ الغَضـــا ماشى الرِّكــــابَ لياليا
    ولَيْتَ الغضا والأثـــــــلَ لم ينبُتا مــــعاً  *****  فأنّ الغضــــا والأثـــــلَ قد قَتَـــــلانِيا
    وقد كـــنت عطــــافاً إذا الخيــل أدبرت  *****  سريعاً إلى الهيجا إلى مَنْ دعــــــانيا
    وقد كنت صبّاراً على القرن في الوغى  *****  وعن شتمي ابن العم والجار وانيــــا
    إن الله يرجعنــــي من الغــــزو لا أرى  *****  وإنْ قلّ مـــالي طــــالباً ما ورائيــــا
    تقــــول ابنتي لما رأت طــــول رحلتي  *****  ســـــفارك هذا تاركـــي لا أبً ليــــا
    لعمري لئن غــالت خراســـــان هامتي  *****  لقد كنت عن بابأأأي خراســــان نائيا
    فإن أنج من بـــابي خراســـــان لا أعد  *****  إليـــها وإن منيتــــــــموني الأمــــانيا
    تذكّــــرت من يبكي علــــي فلم أجــــد  *****  سوى السيف والرمـــح الرديني باكيا
    وأشـــــقر محـــــبوكاً يجــــرّ عنــــانُه  *****  إلى الماء لم يترك له المـــوت ســاقيا
    ولكن بأطـــــــراف الســــــمينة نسوة  *****  عزيز عليهـــنّ العيشــــــة ما بيـــــــا  
    يقول الأصفهني عن موت مالك : ( مرض مالك بن الريب عند قفول ســــــعيد بن عثمان من خراسان في طريفه ، فلما أشرف على الموت ، تخلّف معه مُرَّة الكاتب ، ورجل من قومه من بني تميم وهما اللذان يقول فيهما :
    أيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا  *****  برابية إنّي مُقيمٌ لياليا
    وبعضهم يقول أنه مات في غزو مع سعيد ويقول آخرون أنه مات في خان فرثته الجن لما رأت من غربته ووحدته .
    10 ـ شِظاظُ الضَّبّيُّ (         ) :  
      هو شظاظ الضبيّ ، مولى لبني تميم . كان أخبث الشعراء اللصوص مع أبو حردبة وغويث الذين كانوا مع مالك الريب . كانوا يجتمعون ويتحدّثون عن أعجب ما فعلوه وأخذوه ورأوه في أعمالهم اللصوصية . قال أبو الهيثم في كتاب الأغاني : ( ..... ثمّ صَلبَ الحجّاج رجـــــلاً من الشراة بالبصرة ، ، وراح عشيّاً ، لينظر إليه ، فإذا برجلٍ بإزائه مُقبلٌ بوجهه عليه ، فدنا منه ، فسمعه يقول للمصلوب : طال ما ركبتَ فأعقبْ ، فقال الحجّاج : من هذا ؟ قالوا : هــذا شِظاظ اللّص ، قال : لا جَرَم ! والله ليُعقبنكَ ، ثم وقف ، وأمر بالمصلوب ، فأُنزِل ، وصَـــلَبَ شِظاظ مكانه ) فكانت هذه نهاية شِظاظ . وبالنسبة إلى شِعْرِه نذكر هذه الأبيات :
    مَنْ مُبْلِغٌ فِتيانَ قومي رِسـالةً  *****  فلا تَهْلِكُـــــوا فَقْــــراً عِرْقِ ناهِقِ
    فإنّ به صَيْداً عَزيزاً وهَجْمَةً  *****  طِــــوالَ الهوادي بائناتِ المرافقِ
    نجائبَ عِيْدِيَّ يكونُ بُغــــاؤُهُ  *****  دُعاءً وقدْ جاوَزْنَ عُرْضَ الشَّقائقِ
    11 ـ أبو حَرْدَبَة (          ) :
      هو أبو حردبة ـ أحد بني أثالة بن مازن . يذكر صاحب الأغاني خبراً له مع مالك بن الرّيب يقول : ( وكان السبب الذي من أجله وقع مالك بن الريب إلى ناحية فارس ، انه كـــان يقطـــع الطريق هو وأصحابٌ له ، منهم : شِظاظ وأبو حربة وغويث ، فساموا الناس شراً ، وطلبـــهم مروان بن الحَكَم ، وهو عامل على المدينة ، فهربوا فكتبَ إلى الحارث بن حاطب الجمحي ، وهو عامله على بني عمرو بن حنظلة يطلبهم ،فهربوا منه ..... ) . ومن شعره قال :
    فَهَلِ الإلهُ يَشِيْعُني بفوارسٍ  *****  لِبَني أُميّةَ في سَرارِ جَمِيرِ
    12 ـ يَـعْـلَى الأحول الأَزْدِيّ (         ) :
       هو يعلى الأحول بن مُسلم بن أبي قيس الزدي ، أحد بني يشـكر بن عمــــــرو بن رالان ، ورالان هو يشكر ــ ويشكر هو لقبه ــ بن عمران بن عمرو بن عدي بن حــارثة بن لوذان بن كهف الظلام بن ثعلبة بن عمرو بن عامر . كان لصّاً فاتكاً خراباً خليعاً ، يجمع صعاليك الأزد وخلعاءهم ، فيغيرون على أحياء العرب ويقطع الطريق على السابلة فشكوا إلى نافع بن علقمة وكان والي مكة فطلب من عشيرته إحضاره فلما أتوا به ، قيّده وأودعه السجن . ومن شِعْره :
    ألا ليتَ حاجاتي اللّواتي حبسْنني  *****  لدى نافعٍ قُضِّينَ منذ زمـانِ
    ومــا بي بُغْضٌ للبــــلادِ ولا قِلًى  *****  ولكِنَّ شوقاً في سواه دعاني
    فليتَ القِلاصَ الأدْمَ قدْ وَخَدَتْ بنا  *****  بوادِ يمانٍ ذي رُبّى ومَحـانِ
    بوادِ يمانٍ يُنْبتُ السّـــــِدْرَ صَدْرُهُ  *****  وأسفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبُـــهانِ
    13 ـ مالك بن حريمٍ الهَمْدَانيّ (          ) :
       هو مالك بن حريم بن بم مالك بن حريم بن دألان بن سابقة بن ناشج بن دافع بن مالك جشم بن حاشد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان . ومالك شاعر فحل مخضرم جاهلي إسلامي ، ولص مشهور . ونورد مقطعاً من قصيدته الشهيرة يصف الشيب الذي خطَّ شَعْره :
    جَزَعْتَ ولم تَجْزَعْ مِنَ الشَّيْبِ مَجْزعا  *****  وقد فاتَ رِبْعِيُّ الشَّبابِ فَوَدَّعا
    ولاح بيــــاضٌ في ســــــوادٍ كأنّــــــه  *****  صِوارٌ بِجَوِّ كان جَدْباً فأمْرَعــــا
    فإن يَكُ شـــــابَ الرأسُ مِنّي فإنّنــــي  *****  أبَيْتُ على نفسي مَناقِبَ أربعــــا
    فواحِـــــــدةٌ : أن لا أبيــــــتَ بِغِــــرَّةٍ  *****  إذا ما سَوامُ الحَيِّ حَوْلي تَضَوَّعا
    وثانيــــــــةٌ : أن لا أُصَمّـــــِتَ كَلْبَنــا  *****  إذا نَزَلَ الأضيافُ حِرْصاً لِنُودَعا
    وثالثــــــــةٌ : أن لا تُقَـــــذّعَ جــارتي  *****  إذا كان جارُ القَومِ فِيـــهم مَقّذعـا
    ورابعــــــةٌ : أن لا أُحَجِّــــلَ قِـــتدْرَنا  *****  عِلى لَحْمِها حينَ الشِّتاءِ لِنَشْبَـــعا
    14 ـ أبو الطَّمحان القَيْنيّ (        ) :
        هو أبو الطمحان ، واسمه حنظَلة بن الشَّرْقيّ ، أحد بني القَيْن بن جسر بن شَيْع الله بن الأسد بن وَبْرَة بن تغلب بن حُلوان بن عمران بن الحافِ بن قضاعة . جميع المصــادر تقول أنه كان شاعراً جاهلياً من المخضرمين ( أدرك الجاهلية والإسلام ) . لم تذكر المصادر شيئاً عن نشأته كل الذي تذكره هو حياته ، وهو رجــــــل كبير ، وقال عنه صــــاحب الأغاني أنه : ( كان أبو الطمحان شاعراً خارباً صعلوكاً ..... وكان ترباً للزبير بن عبد المطلب في الجاهلية ونديماً له ) وقال عنه صاحب كتاب الشعر والشعراء : أنه كان فاسقاً .وذكره صاحب كتاب المعمّرين فقال : ( وعاش أبو الطمحان القيني بن الشّرقي .... مائتي سنة ) . وقد وُصِفَ شِعْره بالجَيِّد ، ومنه :
    وبالحيْرَةِ البيضاءِ شيْخٌ مُسَلَّطٌ  *****  إذا حـلف الإيمانَ باللهِ بَرَّتِ
    لقد حلقــــوا مِنيّ غُــدافاً كأنّهُ  *****  عناقيدُ كَرْمٍ أبنَعَتْ فاسْبَطَرَّتِ
    فَظَلَّ العذارى يومَ تُحْلَقُ لِمَّتي  *****  على عَجَلٍ يلقُطْنَها حيثُ خَرَّتِ  
    ذكرنا أعلاه  إن شعراء الصعاليك هم كُثّرْ في العصرين الجاهلي والإسلامي ، وتناولنا البعض منهم بالتفصيل ونبيّن أدناه أسماء البعض الآخر :
    1 ـ الحارث بن ظالم المري ، توفي نحو 600 م .
    2 ـ حاجز بن عوف الأزدي ن توفي قبيل الإسلام بفترة قصيرة .
    3 ـ أبو منازل السعدي  ، من بني تميم ، توفي في خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م
    4 ـ الخطيم بن نويرة ، عاش في صدر الإسلام ، وربما أدرك أوائل العصر الأموي .
    5 ـ القتال الكلابي ، من بني عامر بن صعصعة ، توفي نحو 688 م .
    6 ـ فضالة بن شريك الأسدي ، توفي عام 686 م
    7 ـ صخر الغي من هذيل ، توفي في صدر الإسلام .
    8 ـ الأعلم الهذلي ، هو حبيب بن عبد الله الهذلي ، شقيق صخر الغي ، توفي في صدر الإسلام
    9 ـ أبو خراش الهذلي ، هو خويلد بم مُرّة أشهر صعاليك هذيل شعر مخضرم توفي في خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م من لدغة أفعى .
    10 ـ مسعود بن خرشة من بني حرقوص بن مازن من تميم شاعر بدوي إسلامي .
    ولا بد من تعداد أسماء بعض شعراء الصعاليك :
    أبو النشناش النهشلي ـ الخطيم المحرزي ـ حُرَيْث عنّاب الطائي ـ دوير دُؤالة العقيلي ـ أيمن بن الهماز ـ  سليمان عياش ـ بدر سعد الفقعي ـ الســــمهري العقيلي ـ بكر النطاح الحنفي ـ تليـــــد الظبّي ـ الشمردل بن حاجر ـ حجدر العكلي ـ طهمان عمرو الكلابي ـ عبد الله السعدي ـ جعفر علبة الحارثي ـ حبيب عوف العبدي ـ عبيد أيوب العنبري ـ طريف العنبري ـ جعدة طـــــريف السعدي ـ عبيد عياش البكري ـ عرقل بن الخطيم ـ محمد أنس الأسدي ـ عُطارد قَران ـ مسعود التميمي ـ المرار سعيد الفقعسي ـ العطاف العقيلي ـ عياش الضبي ـ معاوية الفزاوي ـ غيــــلان الربيع ـ فرعان السعدي ـ الهفوان العقيلي ـ القتال الباهلي ـ الهيردان ـ وبرة المعني الطائي ـ أبو لطيفة العقيلي ـ يزيد الصقيل العقيلي ـ لوط الطائي ـ مالك حريم الهمذاني ـ عمرو بن مسعود .
    6/10/2013                                             المهندس جورج فارس رباحية
       المـــــراجع والمـصــــادر :
    ــــ شعراء النصرانية في العصر الجاهلي ج1 : الأب لويس شيخو اليسوعي بيروت 1891
    ــــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973 .
    ــــ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري
    ــــ ديوان عروة بن الورد : أسماء أبو بكر محمد ، بيروت 1998
    ــــ ديوان عروة بن الورد والسموأل : دار بيروت للطباعة 1982
    ــــ ديوان تأبّط شراً : علي ذو الفقار شاكر ، دار الغرب الإسلامي 1984
    ــــ مواقع على الإنترنت :

    المهندس جورج فارس رباحية 

    لمتابعة الموضوع والرد

     عليهمن

     هناالمهندس جورج فارس رباحية  Aalove10

    شعراء الصعاليك
    waell

    مُساهمة الأربعاء 28 مايو 2014 - 4:39 من طرف waell

    [size=32]طرفة بن العبد[/size]
    [size=32]المهندس جورج فارس رباحية  Empty[/size] من طرف المهندس جورج فارس رباحية اليوم في 12:36 am

    =4900d829e41d8417b62d14b1f12aa9b3&cvf[1]=2187aabf62dade43268ded153f3978d5&eval=plus&p_vote=128812]+
    ----
    =5679bd20caf9007f438ce9ffb8de566e&cvf[1]=60d09037f3748fe0fc9df33abbd258ab&eval=minus&p_vote=128812]-

    طَـــــرَفَة بنِ العَبْدْ
    (538 ـ 564) م ؟
                                                                         المهندس جورج فارس رباحية  
        هو أبو عمرو بن العبد بن سفيان بن حرملة بن سعد بن مالك بن ضُبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عُكابــــة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ، لُقِّبَ بطرفة (1) ولقبه الثاني الغلام القتيل (2) وُلِدَ  في قريــة المالكية في البحـرين حوالي سنة 538 م  (3) مـن أبوين شريفين وهو ابن أخت جرير بن عبد المسيح المعـروف بالمُتَلَمِّس . نشـأ طرفة على نصــــرانيّته  وفي بيئة كلها شــــعر فأبوه و المرقش الأكبر عم والده والمرقش الأصغر عمّه والمتلمس الضبيعي خاله كلهم شعراء وأختـه الخرنق شاعرة (توفيت 570 م ) أيضاً رثته حين وفاته . بالنسبة لعمره لم يختلف عليـــه الرواة كثيراً ، فقد اجمع الكثيرون على أن طرفة لم يَعِش أكثر من ربع قرن إلاّ بقليل ، فقيل عــاش 26 عاماً وقيل أقلّ من ذلك بقليل وقيل أكثر من ذلك بقليل أيضاً ، وعلى كل حال بين أيدينا بيتان من الشعر لأخت طرفة قد رثته بهما :
    عَددْنا له سِتّاً وعشرين حِجَّةٌ  *****  فلمّا تَوافاها استوى سيّداً ضخما
    فُجِعْنا به لما رَجَــــوْنا إيابه  *****  على خير حالٍ لا وليداً ولا قحما
     تَيَتَّمَ طرفة باكِراً بأبيه وترَبّى بين أعمامه ولا قى منهم العنت ، وجَفَوْهُ وأمّه وردة أخت المتلمس  وحرموه كثيراً من حقّه ممّا أجّج الشعر في نفسه ، وانطلق لســــانه بتهديد ووعيد لهم ، وممّا قاله فيهم :
    ما تنظـــــرون بحقّ وردة فيكم  *****  صغر البنون ورهط وردة غيّبُ
    قد يبعث الأمـر العظيم صغيره  *****  حتى تظــــــل له الدماء تصبّبُ
    أدّوا الحقوق تفِرْ لكم أعراضكم  *****  إنّ الكريم إذا يُحَـــرَّبُ يَغْضَبُ                             إن هذا الغضب العارم لم يؤد إلى ثورة بل أفضى إلى تناسيه والانغماس في حياة اللهو والمجون فَبَدَّد كلّ مالِه ن ممّا دعا بقوْمه إلى نبذه وزجره ن مما جعله يحـــقد عليهم ، وقد ســــاءت حالته الماديّة ممّا دفعه ـــ  وهو السيّد في قومه ـــ إلى رعي إبِل أخيه ( معبد ) من أبيـــه . لم يدم هــذا الأمر طويلاً  وبعض المصادر ذكرت أنه شارك في حرب البسوس (494 ـ 534) م التي جرت بين تغلب وبكر. وكان طرفة معاصراً لملك الحيرة عمرو بن هند وصديقاً لأخيه عمرو بن مامة  فبدأ الترحال حتى بلغ أطراف جزيرة العرب ثم عاد إلى قومه بعد ذلك استقرّت به الأحوال في بلاط ملك الحيرة عمـــرو بن هند فنادمه مع خاله المتلَمّس ، وعايشاهولكن هذه العلاقة لم تستمرّ فسرعان ما هجا طرفة عمراً وممّا قاله طرفة :    
     فليت لنا مكان الملك عمرو  *****  رغوثاً حول قبتنا تخورُ
     لعمــرك أن قابوس بن هندٍ  *****  ليَخلطُ ملكَــه نوكٌ كثيرُ
                                                                                                               
      وعلم عمرو بن هند بالقصيدة فتوعّده بالقتل وإنّ قصـــة مقتله مشهورة تناقلتــــها الكتب كالعقد الفريد والأغاني ونسوق هذه الرواية كما وردت في كتاب الأغاني :                                                    
      (( قال : حدّثني المتلمس ، قال : قدمت أنا وطرفة بن العبد ، وكان غُلاماً مُعجباً تائهاً يتخلّج في مشيته بين يديه ، فنظر إليه نظرة كادت تقتلــــعه من الأرض . وكان عمرو بن هند لا يبتســم ولا يضحك ، وكانت العرب تهابه هيبة شديدة .                                                                فكتب لنا كتـــاباً إلى المكعبَر ( عامله على عُمان والبحرين ). كُتِبَ ولم نَرَه ، وخُتِمَ ولم نَرَه ، لي كتاب وله كتاب .                                                                                               قال المتلمّس : فقلت لطرفة : إنّي لأخاف عليـــك من نظـــرته إليك هذه مع ما قلت . قال : كلا , فخرجنا .. فإذا غلام من أهل الحيرة ، فقلت يا غـلام ، تقرأ ؟ قال : نعم ، قلت اقــرأه ، فإذا فيه : من عمرو بن هند إلى المكعبر ، إذا جاءك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً فألقيت الصحيفة في النهر ، وقلت يا طرفة معك مثلـــها . قال كلاّ ، ما كان ليفعــل ذلك في عقر داري . قال فأتى المكعبر فقطع يديه ورجليه ودفنه حيّاً ))
     ومن الثابت على وجه اليقين أن طرفة بطبعه الحاد لم يقبل وصاية ولا رعاية من أقربائه بـعد وفاة والده ، وساقته نفسيته إلى شيء من الغرور فتفرّد بنفسه لا يستمع لأحد ولا ينتصـح لأحـد ، فكانت النتيجة انعزاله التام عن القوم وهذا ما انعكسَ على شخصيّته ، فنراه ينفر من المنــافقين ، ويَسِمُ من حوله بالخداع وبدا هذا في شعره لما كان في سجن ذات مرّة وطلب النجدة من أصحابه فخذلوه  فقال :
    أسلمني قومي ولم يغضبوا  *****  لِسَوْءةٍ حلّتْ بهم فادحهْ
    كلّ خليــــــلٍ كنت خـاللْته  *****  لا ترك الله له واضـحهْ
    كلّهـــــم أروَغ من ثعــلبٍ  *****  ما أشبه الليلـةَ بالبارِحهْ
    لقد قال عنه لبيد بن ربيعة العامري : انّه من أشعر ثلاثة في عصره وهم ( الملك الضليــل امرؤ القيس ) و ( الغلام القتيل طرفة ) و ( الشيخ أبو عقيل وقصد به نفسه ) . تعتبر معلّقته من أجمل ما حوى ديوانه من شعر وعدد أبياتها يتراوح بين 74 و 105 بيتاً وذلك حسب ما  المراجع فيها . ويعتبر نقّاد الشعر القدامى والمعاصرين أن معلّقته من أفضل أشعار الجاهلية قاطبة .
    مقتطفـــات من أعمـــــاله :
    1 ـ المعلّقة : وهو من أصحاب المعلّقات (4) عندما أنفق ماله ونبذته عشيرته وطاف في بلاد العرب حتى ملّ وعاد إلى قومه ، فحمله أخوه معبد على رعي إبله فكان يُهملها ولم يطل المر حتى أخذت فسأل ابن عمّه مالكاً أن يعينه في طلبها ، فلامه وقال له : فرطت فيها ثم أقبلت تتعب في طلبها فأنشد معلّقته هذه على وزن بحر الطويل بـ 105 أبيات ، فبدأها باسم خولة  وهي امرأة قيل أنها من بني كلب :  
    لخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ =   تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ
    وُقُوْفَاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُـمْ =   يقوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَلَّدِ
    كَأَنَّ حُـدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُـدْوَةً =   خَلاَيَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِـفِ مِنْ دَدِ
    عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِيْنِ ابْنِ يَامِنٍ =   يجُوْرُ بِهَا المَلاَّحُ طَوْرَاً وَيَهْتَدِي
    يَشُقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَـا   = كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلَ بِاليَدِ
    وفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ =   مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدِ
    خَذُولٌ تُرَاعِي رَبْرَباً بِخَمِيْلَـةٍ   = تَنَاوَلُ أَطْرَافَ البَرِيْرِ وتَرْتَدِي
    وتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَـوِّراً   = تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ لَهُ نَدِ
    سَقَتْهُ إيَاةُ الشَّمْسِ إلاّ لِثَاتِـهِ =   أُسِفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ
    وَوَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ أَلْقَـتْ رِدَاءَهَا =   عَلَيْهِ نَقِيِّ اللَّوْنِ لَمْ يَتَخَدَّدِ
    وَإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَـارِهِ   = بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي
    أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُـهَا =   عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ
    جَمَالِيَّةٍ وَجْنَاءَ تَرْدِي كَأَنَّـهَا   = سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي لأزْعَرَ أَرْبَدِ
    تُبَارِي عِتَاقَاً نَاجِيَاتٍ وأَتْبَعَـتْ =   وَظِيْفَاً وَظِيْفَاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعْبَّدِ
    تَرَبَّعْتِ القُفَّيْنِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِـي   = حَدَائِقَ مَوْلِيَّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
    تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ وَتَتَّقِـي   = بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَفَ مُلْبِدِ
    كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَـا   = حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيْبِ بِمِسْرَدِ
    فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيْلِ وَتَـارَةً   = عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ
    لَهَا فَخِذَانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيْهِمَـا =   كَأَنَّهُمَا بَابَا مُنِيْفٍ مُمَرَّدِ
    وطَيُّ مَحَالٍ كَالحَنِيِّ خُلُوفُـهُ   = وأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ
    كَأَنَّ كِنَاسَيْ ضَالَـةٍ يَكْنِفَانِهَا   = وَأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ
    لَهَا مِرْفَقَانِ أَفْتَلانِ كَأَنَّهَـا   = تَمُرُّ بِسَلْمَيْ دَالِجٍ مُتَشَدِّدِ
    كَقَنْطَرةِ الرُّومِيِّ أَقْسَمَ رَبُّـهَا   = لَتُكْتَنِفَنْ حَتَى تُشَادَ بِقَرْمَدِ
    صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُوْجَدَةُ القَـرَا   = بَعِيْدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ
    أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَـتْ =   لَهَا عَضُدَاهَا فِي سَقِيْفٍ مُسَنَّدِ
    جَنُوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَـتْ   = لَهَا كَتِفَاهَا فِي مُعَالىً مُصَعَّدِ
    كَأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَيَاتِهَـا   = مَوَارِدُ مِن خَلْقَاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
    تَلاقَى وأَحْيَاناً تَبِيْنُ كَأَنَّهَـا   = بَنَائِقُ غُرٌّ فِي قَمِيْصٍ مُقَدَّدِ
    وَأَتْلَعُ نَهَّاضٌ إِذَا صَعَّدَتْ بِـهِ   = كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ
    وجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلاةِ كَأَنَّمَا   = وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إِلَى حَرْفِ مِبْرَدِ
    وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَـرٌ   = كَسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ
    وعَيْنَـانِ كَالمَاوِيَّتَيْـنِ اسْتَكَنَّتَـا   = بِكَهْفَيْ حِجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ
    طَحُورَانِ عُوَّارَ القَـذَى فَتَرَاهُمَا   = كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
    وصَادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّـرَى   = لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أَوْ لِصوْتٍ مُنَدَّدِ
    مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ العِتْـقَ فِيْهِمَا =   كَسَامِعَتَي شَاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْـرَدِ
    وأَرْوَعُ نَبَّاضٌ أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ =   كَمِرْدَاةِ صَخْرٍ فِي صَفِيْحٍ مُصَمَّـدِ
    وأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِنَ الأَنْفِ مَارِنٌ   = عَتِيْقٌ مَتَى تَرْجُمْ بِهِ الأَرْضَ تَزْدَدِ
    وَإِنْ شِئْتُ لَمْ تُرْقِلْ وَإِنْ شِئْتُ أَرْقَلَتْ   = مَخَافَةَ مَلْوِيٍّ مِنَ القَدِّ مُحْصَـدِ
    وَإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكَوْرِ رَأْسُهَا   = وَعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ
    عَلَى مِثْلِهَا أَمْضِي إِذَا قَالَ صَاحِبِي   = ألاَ لَيْتَنِي أَفْدِيْكَ مِنْهَا وأَفْتَدِي
    وَجَاشَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ خَوْفاً وَخَالَهُ =   مُصَابَاً وَلَوْ أمْسَى عَلَى غَيْرِ مَرْصَدِ
    إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّنِي =   عُنِيْتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّـدِ
    أَحَلْتُ عَلَيْهَا بِالقَطِيْعِ فَأَجْذَمَتْ =   وَقَدْ خَبَّ آلُ الأمْعَزِ المُتَوَقِّـدِ
    فَذَالَتْ كَمَا ذَالَتْ ولِيْدَةُ مَجْلِسٍ   = تُرِي رَبَّهَا أَذْيَالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ
    وَلَسْتُ بِحَلاَّلِ التِّلاَعِ مَخَافَـةً   = وَلكِنْ مَتَى يِسْتَرْفِدِ القَوْمُ أَرْفِدِ
    فَإِنْ تَبْغِنِي فِي حَلْقَةِ القَوْمِ تَلْقَنِي   = وَإِنْ تَلْتَمِسْنِي فِي الحَوَانِيْتِ تَصْطَدِ
    وَإِنْ يَلْتَقِ الحَيُّ الجَمِيْعُ تُلاَقِنِي   = إِلَى ذِرْوَةِ البَيْتِ الشَّرِيْفِ المُصَمَّدِ
    نَدَامَايَ بِيْضٌ كَالنُّجُومِ وَقَيْنَـةٌ   = تَرُوحُ عَلَيْنَا بَيْنَ بُرْدٍ وَمَجْسَدِ
    رَحِيْبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيْقَـةٌ   = بِجَسِّ النَّدامَى بَضَّـةُ المُتَجَرَّدِ
    إِذَا نَحْنُ قُلْنَا أَسْمِعِيْنَا انْبَرَتْ لَنـا =   عَلَى رِسْلِهَا مَطْرُوقَةً لَمْ تَشَدَّدِ
    إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا   = تَجَاوُبَ أَظْآرٍ عَلَى رُبَـعٍ رَدِ
    وَمَا زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ وَلَذَّتِي   = وبَيْعِي وإِنْفَاقِي طَرِيْفِي ومُتْلَـدِي
    إِلَى أنْ تَحَامَتْنِي العَشِيْرَةُ كُلُّهَا   = وَأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيْـرِ المُعَبَّـدِ
    رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لاَ يُنْكِرُونَنِي   = وَلاَ أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَـدَّدِ
    أَلاَ أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الوَغَـى   = وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي
    فَإِنْ كُنْتَ لاَ تَسْطِيْعُ دَفْعَ مَنِيَّتِي =   فَدَعْنِي أُبَادِرُهَا بِمَا مَلَكَتْ يَـدِي
    وَلَوْلاَ ثَلاثٌ هُنَّ مِنْ عَيْشَةِ الفَتَى   = وَجَدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُـوَّدِي
    فَمِنْهُنَّ سَبْقِي العَاذِلاتِ بِشَرْبَـةٍ   = كُمَيْتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالمَاءِ تُزْبِـدِ
    وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُجَنَّبـاً   = كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَهُ المُتَـورِّدِ
    وتَقْصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ   = بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الخِبَاءِ المُعَمَّـدِ
    كَأَنَّ البُرِيْنَ والدَّمَالِيْجَ عُلِّقَـتْ =   عَلَى عُشَرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يُخَضَّـدِ
    كَرِيْمٌ يُرَوِّي نَفْسَـهُ فِي حَيَاتِـهِ =   سَتَعْلَمُ إِنْ مُتْنَا غَداً أَيُّنَا الصَّدِي
    أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بَخِيْـلٍ بِمَالِـهِ =   كَقَبْرِ غَوِيٍّ فِي البَطَالَةِ مُفْسِدِ
    نَرَى جُثْوَتَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهِمَـا   = صَفَائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيْحٍ مُنَضَّـدِ
    أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِي  = عَقِيْلَةَ مَالِ الفَاحِشِ المُتَشَـدِّدِ
    أَرَى العَيْشَ كَنْزاً نَاقِصاً كُلَّ لَيْلَةٍ   = وَمَا تَنْقُصِ الأيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَـدِ
    لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَـى   = لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْيَاهُ بِاليَـدِ
    مَتَى مَا يَشَأْ يَوْماً يَقُدْهُ لِحَتْفِـهِ =   وَمَنْ يَكُ فِي حَبْلِ المَنِيَّةِ يَنْقَـدِ
    فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّيَ مَالِكَـاً   = مَتَى أَدْنُ مِنْهُ يَنْأَ عَنِّي ويَبْعُـدِ
    يَلُوْمُ وَمَا أَدْرِي عَـلامَ يَلُوْمُنِـي   = كَمَا لامَنِي فِي الحَيِّ قُرْطُ بْنُ مَعْبَدِ
    وأَيْأَسَنِي مِنْ كُلِّ خَيْـرٍ طَلَبْتُـهُ =   كَأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَـدِ
    عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ قُلْتُهُ غَيْـرَ أَنَّنِـي   = نَشَدْتُ فَلَمْ أُغْفِلْ حَمَوْلَةَ مَعْبَـدِ
    وَقَرَّبْتُ بِالقُرْبَى وجَـدِّكَ إِنَّنِـي =   مَتَى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيْثَةِ أَشْهَـدِ
    وإِنْ أُدْعَ للْجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُمَاتِهَا   = وإِنْ يِأْتِكَ الأَعْدَاءُ بِالجَهْدِ أَجْهَدِ
    وَإِنْ يِقْذِفُوا بِالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ   = بِشُرْبِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَدُّدِ
    بِلاَ حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْـدَثٍ =  هِجَائِي وقَذْفِي بِالشَّكَاةِ ومُطْرَدِي
    فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ إِمْرُءاً هُوَ غَيْرَهُ   = لَفَرَّجَ كَرْبِي أَوْ لأَنْظَرَنِي غَدِي
    ولَكِنَّ مَوْلايَ اِمْرُؤٌ هُـوَ خَانِقِـي =   عَلَى الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أَوْ أَنَا مُفْتَدِ
    وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً =   عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ
    فَذَرْنِي وخُلْقِي إِنَّنِي لَكَ شَاكِرٌ   = وَلَوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِياً عِنْدَ ضَرْغَدِ
    فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بنَ خَالِدٍ   = وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْروَ بنَ مَرْثَدِ
    فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيْرٍ وَزَارَنِـي =   بَنُونَ كِرَامٌ سَـادَةٌ لِمُسَـوَّدِ
    أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ   = خَشَاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّـدِ
    فَآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَةً   = لِعَضْبٍ رَقِيْقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّـدِ
    حُسَامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِـهِ   = كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ
    أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيْبَةٍ   = إِذَا قِيْلَ مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ قَدِي
    إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَنِي   = مَنِيْعاً إِذَا بَلَّتْ بِقَائِمَهِ يَـدِي
    وَبَرْكٍ هُجُوْدٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي =   بَوَادِيَهَا أَمْشِي بِعَضْبٍ مُجَـرَّدِ
    فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلالَةٌ =   عَقِيلَةُ شَيْخٍ كَالوَبِيْلِ يَلَنْـدَدِ
    يَقُوْلُ وَقَدْ تَرَّ الوَظِيْفُ وَسَاقُهَا   = أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ
    وقَالَ أَلا مَاذَا تَـرَونَ بِشَارِبٍ   = شَدِيْدٌ عَلَيْنَا بَغْيُـهُ مُتَعَمِّـدِ
    وقَالَ ذَرُوهُ إِنَّمَا نَفْعُهَـا لَـهُ   = وَإِلاَّ تَكُفُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ
    فَظَلَّ الإِمَاءُ يَمْتَلِلْـنَ حُوَارَهَـا   = ويُسْعَى عَلَيْنَا بِالسَّدِيْفِ المُسَرْهَدِ
    فَإِنْ مُتُّ فَانْعِيْنِي بِمَا أَنَا أَهْلُـهُ   = وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ
    ولا تَجْعَلِيْنِي كَأَمْرِىءٍ لَيْسَ هَمُّـهُ   = كَهَمِّي ولا يُغْنِي غَنَائِي ومَشْهَدِي
    بَطِيءٍ عَنْ الجُلَّى سَرِيْعٍ إِلَى الخَنَى   = ذَلُولٍ بِأَجْمَاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ
    فَلَوْ كُنْتُ وَغْلاً فِي الرِّجَالِ لَضَرَّنِي  = عَدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ والمُتَوَحِّدِ
    وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالَ جَرَاءَتِي  = عَلَيْهِمْ وإِقْدَامِي وصِدْقِي ومَحْتِدِي
    لَعَمْرُكَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ بُغُمَّةٍ =   نَهَارِي ولا لَيْلِي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ
    ويَوْمٌ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِهِ   = حِفَاظاً عَلَى عَوْرَاتِهِ والتَّهَـدُّدِ
    عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى   = مَتَى تَعْتَرِكْ فِيْهِ الفَرَائِصُ تُرْعَدِ
    وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ =  عَلَى النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
    أَرَى المَوْتَ أَعْدَادَ الُّنفُوْسِ ولا أَرَى   = بَعِيْداً غَدًا مَا أَقْرَبَ اليَوْمَ مَنْ غَدِ
    سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً   = ويَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
    وَيَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَهُ   = بَتَاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ
    2 ـ وقد مَدَحَ ذات مَرّة بني المنذر بن عمرو بقصيدة بعنوان ( يزعون الجهل في مجلسهم على وزن بحر الرّمل فقال :
    ورَكـــــوبٍ تَعْزِفُ الجِــــنُّ به  *****  قبل هذا الجيلِ من عَهْدٍ أَبَدْ
    وَضِبـــــابٍ ســـَفَرَ المـــاءُ بها  *****  غَرِقَتْ أولاجُها غَيْرَ السُّدَدْ
    فَهْيَ مَوتى لَعِـــبَ المــــاءُ بها  *****  في غُثاءٍ ساقَهُ السَّــيْلُ عُدَدْ
    قد تَبَطّنْــــــتُ بِطِرْفٍ هَيكَـــلٍ  *****  غَيــــرِ مَرباءٍ ولا جأبٍ مُكَدْ
    قَــائداً قَــــدَّامَ حَــــيٍّ سَـــــلَفُوا  *****  غّيْرِ أنكـاسِ ولا وُغْــلٍ رُفُدْ
    نُبَلاءِ السّـــعي من جرثومـــــةٍ  *****  تتـــرُكُ الدنيـــا وتَنْمي للبَعَدْ
    يَزَعـــونَ الجَهْــلَ في مجلِسِهِمْ  *****  وهُم أنصارُ ذي الحِلْمِ الصَّمَدْ
    حُبُسٌ في المَحْلِ حتى يُفْسِحوا  *****  لابتغاءِ المجدِ أو تَـــركِ الفَنَدْ
    سُـــمَحاءُ الفقْرِ أجـــوادُ الغِنى  *****  سادةُ الشِّيبِ مَخاريقُ المُــرُدْ
    ( يزعون : يكفّون ويصدّون )
    3 ـ كان طرفة يشرب يوماً مع الملك عمرو بن هند إذ أشرفت أخته فرآها طرفة فقال فيها هذين البيتين على وزن بحر الوافر :
    ألا يا ثاني الظبي الــ  ***** ــذي يبرق شـــنفاه
    ولولا الملـــــك القـــا  ***** عد ، قد ألثمني فاه
    4 ـ ورأى مرّة خيلاً فأنشد في وصفها على وزن بحر الكامل :
    ولقد شهِدْتُ الخيلَ وِهْيّ مُغيرةٌ  *****  ولَقد طَعَنْتُ مجامِعَ الرَّبِلاتِ
    رَبِلاتِ جُودٍ ، تحتَ قدّ بـــارِعٍ  *****  حُلْوِ الشمائلِ خيرةِ الهلكاتِ
    رَبِلاتِ خَيلٍ ، ما تزالُ مُغيـرةً  *****  يُقطِرنَ من عَلَقٍ على الثُّنّاتِ
    الرِبِلات : جمع رِبلة ، وهي باطن الفخذ ، أو كلّ لحمة غليظة .
    5 ـ ومن شعرِه الغَزَلي أنشد سلمى  بقصيدة (سما لك من سلمى خيال) على وزن بحر الطويل :
    أتعْرِفُ رسمَ الـدارِ قَفْراً منازِلُهُ  *****  كجَفْنِ اليمانِ زَخْرَفَ الوَشيَ ماثلُهْ
    دِيارٌ لِسلمى إذ تصـيدُكَ بالمُنى  *****  وإذ حبْلُ سلمى منكَ دان توَاصُلُه
    وإذ هي مثلُ الرّئمِ صِيدَ غزالُها  *****  لها نَظَرٌ ســــاجٍ إليكَ تُوَاغِـــــلُهْ
    سَما لك من سلْمى خَيالٌ ودونَها  *****  سَوَادُ كَثِيبٍ عَرْضُـــهُ فأمــــايِلُهْ
    وأنّى اهتدتْ سلمى وسائلَ ، بيننا  *****  بشاشةُ حُبِّ ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ
    وما خِلْتُ سلمى قبلها ذات رِجلةٍ  *****  إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سِـرِابلهْ
    وقد ذهَبتْ ســــــلمى بعَقْلِكَ كُلّهِ  *****  فهلْ غيرُ صـــيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلُهْ
    كما أحرَزَتْ أسماءُ قلبَ مُرَقّشٍ  *****  بحُبٍّ كلمعِ البَرْقِ لاحتْ مَخــايلُهْ
    فوجدي بسلمى مثلُ وَجْدِ مُرَقِّشٍ  *****  بأسماءَ إذ لا تستــــــفيقُ عَواذِلُهْ
    قضى نحْبَهُ وَجداً عليــها مُرَقِّشٌ  *****  وعُلّقْتُ من ســـلمى خَبالاً أُماطلُهْ
    لعمري لمــــوْتٌ لا عقوبةَ بعدَهُ  *****  لذي البثِ أشفى من هوًى لا يزايِلُهْ  
    6 ـ وهنا يفتخر بنفْسه وبقومه بقصيدة ( والمجد ننميه ونتلده ) على وزن بحر الكامل :
    إني مــن القــومِ الذين ، إذا  *****  أزِمَ الشّتاءُ ودوخِلَتْ حُجَرُهْ
    يوماً ، ودونِيَتِ البـيوتُ له  *****  فثَنى قُبَيلَ رَبيــــعِهمْ قِرَرُهْ
    رفعُوا المَنيحَ وكان رِزْقَهُمُ  *****  في المُنْقِياتِ يُقيمُهُ يَسَــــرُهْ
    إنّا لنعـــلَمُ أنْ سَيُــــدْركُنا   *****  غَيْثٌ يُصيبُ سَوامنا مَطَرُهْ
    إنّا لنكســوهم وإن كرِهوا  *****  ضربْاً يطيرُ خِلالَهُ شــرَرُهْ
    والمجــــدُ نَنْمِيه ونُتْلــــِدُه  *****  والحمدُ في الأكْفــاءِ نَدّخِرُهْ
    إنّ التبالي في الحيـاة ولا  ***** يُغْني نوائبَ مــــــاجدٍ عُذَرُهْ
    كُلُّ امــــــرئ فيما ألَمّ به  *****  يَوماً يبينُ من الغِنـــى فُقُرُهْ
    7 ـ وذكر الموت ذات مرّة بأبياتٍ على وزن بحر الكامل فقال :
    وتقول عاذِلَتي ولَيس لهــا  *****  بِغَدٍ ولا ما بَعْـــدَهُ عِلْـــــــمُ
    إنّ الثراءَ هو الخـلودُ وإنّ  *****  المَرْءَ يُكْرِبُ يومَهُ العُــــدْمُ
    ولَئِنْ بَنَيْتُ إلى المُشَقَّرِ في  *****  هَضْبٍ تُقَصِّرُ دونّهُ العُصْمُ
    لَتُنَقِّبَنْ عَنّـــــي المَنِيّــة إنّ  *****  اللهّ لَيْسَ لِحُكْمِــــهِ حُكْــــــمُ  
    8 ـ وها هو يصف حاله :
    خليليّ ! لا واللهِ ، ما القلبُ سالِمٌ  *****  وإنْ ظَهَرَتْ مِنّي شَمائِلُ صاحِ
    وإلاّ فما بالي ، ولم أشهد الوغى  *****  أبِيتُ ، كأنّي مُثْقَلٌ بجــــــراحِ
    9 ـ  وقال في الحِكَــــمْ :
    خالِطِ النّاسَ بخُلْقٍ واسِعٍ  *****  لا تكُنْ كلباً على الناس تَهِرّ
                               ========
    ألَم ترَ أنّ المالَ يُكْسِـــــــبُ أهلُهُ  *****  فُضوحاً إذا لم يُعْطَ منه نَوَاسِبُهْ  
    أرى كُلَّ مالٍ لا محــــــالةَ ذاهباً  *****  وأفضلُه ما وُرِّثَ الحمدَ كاسِبُهْ
    فكيفَ يُرْجِّي المـَرْءُ دهراً مُخَلَّداً  ***** وأيامـــــه عمّا قليلٍ تُحاســِبُهْ ؟
                          ===========
    ولو نالَ ما نالَ نوحُ بها  *****  وعاشَ كما عاشَ في أمّتهْ
    للاقى المنيّةَ من يومــهِ  *****  إذا حُـــــمّ ذلك أو ليلتِـــــهْ  
                         ===========
    الخيرُ خَيْرً ، وإن طال الزّمانُ بِهِ  *****  والشَّرُّ أخْبَثُ ما أوْعَيْتَ من زادِ
                          ==========
    مَنْ يَسْتَعِن بالصّمتِ يوماً فإنّهُ  *****  يُقالُ لهُ لُبٌّ نَهَاهُ أصــــيلُ  
                           ==========
    20/11/2013                                                         المهندس جورج فارس رباحية
    المفــــــــــــــردات :
    (1) ـ طرفة : هو لقبه الأول ولم يُعْرَف ما مصدر هذا اللقب ، ولا من لقّبه إياه بيد أن الثابت والمرجّح ، أنه ورثه في حياته القصيرة .
    (2) ـ الغلام القتيل : فمن الثابت أنه اشتهر به أو اكتسبه بعد مقتله .
    (3) ـ مولده ووفاته : لم تُحَدِّد كتب التاريخ والتراجم عاماً محَدّداً لمولده ، بيد أن الكثير من الرواة ذكروا أنه توفي في حوالي 70 عاماً قبل الهجرة أو قبل بضعةً وستين عاماً قبل الهجرة وهذه السنون توازي حوالي 552 م أو558 م . والبحث في مصـادر تاريخية تبيّن أن بعضها ذكرت مولده في 529 م ووفاته 552 م ومصدر آخر ذكر أن مــولده 538 م ووفاته 564 م ومصدر ثالث حدّد مولده 543 م ووفاته 569 م .
    (4) ـ المعلّقات : هي من أجمل صور الشعر الجاهلي وأعذبه وكان ( حماد الراوية ) أوّل من جمعها في أواخر عصر بني أميّة في الشام ( 660 ـ 750 ) م وأواخر العصــــر العباسي ( 750 ـ 1258 ) م وأصحاب المعلّقات هم : امرؤ القيس ـ طرفة بن العبد ـ زهير بن ابي سّلمى ـ لبيد بن أبي ربيعة ـ عمرو بن كلثوم ـ عنترة بن شدّاد ـ الحارث بن حلزة ـ النابـــغة الذبياني ـ الأعشى الأكبر ـ عبيد بن الأبرص إن تسميتها بالمعلّقات أو المُذَهَّبات ، أو السُّموط ( العقود ) فمختلف فيه ، إذ قال بعضهم  أنّ العــرب لشــــدّة إعجابهم بها ، كتبوها بمـــــاء الذهب ، وعلّقوها على جدران الكـــعبة  ، فَسمــِّيت بذلك المُعلَّقات أو المُذهّبات ونفى بعضهم تعليقها على جدران الكعبة وزعم آخـرون أنّ حمّاداً الراوية هوالذي جمع القصائد الطِّوال، وقال للناس : هذه هي المشهورات وقال آخرون إنّها سُمِّيَت بذلك لأنها من القصـــائد المسـتجادة التي كانت تُعَلَّق في خـــزائن الملـــوك والراجح اليوم انها سُمِّيَت أيضاً بالمعلَّقـات لتشبيهها بالسّـــــموط ، أي العقود التي تُعَلَّق بالأعناق ، وقد سُمِّيَت أيضاً بالمذهّبات لأنها جـديرة بأن تُكْتَب بماء الذّهب لنفاستها .    
    المصـــــــادر والمـــــــراجع :
    ــ طرفة بن العبد : فؤاد افرام البستاني ، سلسلة الروائع . بيروت 1930
    ــ ديوان طرفة بن العبد : عبد الرحمن المصطاوي . بيروت 2003
    ــ ديوان طرفة بن العبد : شرح الأعلم الشنتمري . بيروت 2000
    ــ مختارات شعراء العرب : العلاّمة هبة الله بن علي. 1958
    ــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ــ شرح القصائد العشر : الإمام الخطيب التبريزي
    ــ شرح المعلّقات العشر : الإمام أبو عبد الله وتحسين الحسين . بيروت 1983
    ــ مواقع على الإنترنت :

    المهندس جورج فارس رباحية


    المهندس جورج فارس رباحية  Empty المهندس جورج فارس رباحية  Empty
    waell

    مُساهمة الثلاثاء 4 نوفمبر 2014 - 18:30 من طرف waell

    إيليا أبو ماضي

    1889 ـ 1957

    المهندس جورج فارس رباحية


    وُلِدَ إيليا ضاهر أبو ماضي عام 1889 (1) في قرية المحيدثة منطقة المتن الشــــمالي بلبنان ، نشأ في عائلة أرثوذكسية فقيرة الحال لذلك ل م يستطع أن يدرس في قريته سوى المرحلة الابتدائية في مدرسة القرية المجاورة للكنيسة ، وعندما اشتد الفقر به وبعائلته ، ترك المدرســــة وهو في ســن الحادية عشر وسافر إلى مصر متوجّها إلى الإسكندرية عام 1902 كانت مصر مركزاً للمفكرين اللبنانيين الهاربين من قمع الأتراك ســاعياً لتحصيل رزقه فاشتغل في بيع السجائر بمساعدة عمه الذي كان يمتهن تجارة التبغ ، مستغلاً أوقات فراغه في الدرس والمطالعة ونظم الشِعر . وهناك التقى بأنطون الجميل، الذي كان قد أنشأ مع أمين تقي الدين مجلة "الزهور" فاُعجب بذكائه وعصاميته إعجابا شديدا ودعاه إلى الكتابة بالمجـــــلة، فنشر فيها أولى قصائده ، وتابع فيها نشر أعماله وفي المجلات اللبنانية التي كانت تصدر في مصـــر أهمّها ( العـــلم ) و ( الإكسبريس ) ، وقبل أن يبلغ العشرين من العمر أصدر بواكير شعره في ديوان أطلق عليه اسم " تذكار الماضي "أو ديوان إيليا ضاهر أبو ماضي الذي أصدره في عام 1911م عن المطبعة المصرية ، وأهداه إلى الأمة المصرية بهذه الكلمة : (( أيتها الأمة الودودة . هذا ديواني الذي نظمته تحت سمائك وبين مغانيك أرفعه إليك لا طلباً للمثوبة ولا ابتغاء للشكر ولكن إظهاراً لما تكنه جوانحي من العطف عليك والتعلّق بك )) .

    كان شعره السياسي والوطني عرضةً لمضايقات السلطة الرسمية ، فهاجر عام 1912 إلى أمريكا الشمالية، فوصل أولاً إلى مدينة سنسيناتي بولاية أوهايو حيث أقام فيها أربع سنوات ، بعيداً عن دنيا الأدب منصرفاً إلى العمل التجاري مع أخيه البكر مراد في التجارة، وتنقل بعــدها في الولايات المتحدة إلى أن استـــــقر في مدينــــة نيويورك عام 1916 " بعد ثلاث سنوات أصدر الجزء الثاني من ديوانه مع مقدّمة لجبران جاء فيها : (( في ديوان أبو ماضي سلالم بين المنظور وغير المنظور . وحبال تربط مظاهر الحياة بخفاياها ، وكؤوس تملأه بتلك الخمرة التي إن لم ترشفها تظل ظمآن حتى تملّ الآلهة البشر فتغمرهم ثانية بالطوفان ))

    شارك في تأسيس الرابطة القلمية في نيويورك عام 1920مع إخوانه أساطين الأدب العربي في المهجر: نسيب عريضة – ميخائيل نعيمة – ندرة حداد – عبد المسيح حداد – رشيد أيوب –أمين الريحاني – وليم كاتسفيلد .

    عمل في نيويورك محرّراً في جريدة ( زحلة الفتاة ) ثم من عام 1917 ـ 1927 نائباً لتحرير جريدة ( مرآة الغرب ) لصاحبها نجيب دياب. تزوج من ابنته دوروتي دياب وأنجبت له ثلاثة أولاد هم ريتشارد وإدوارد وروبرت (بوب) . في عام 1927 اصدر ديوان ( الجداول ) وفيه تجلذى منتهى نضجه الشعري ، فمن النادر أن يجتمع في ديوان واحد ما اجتمع في الجداول من القصائد الرائعة الغنية بالشعور الإنساني وجمال الصور وعذوبة الأنغام فضلاً عن جلال المواضيع وطرافة التخيّلات كقصائد : العنقاء ـ العميان ـ الطين ـ تعالي ـ الزمان ـ الطلاسم التي أدهشت المفكرين وأعجزت المقلّدين . في عام 1929 ترك العمل الصحفي المأجور وأنشأ لحسابه مجلة ســــماها " السمير" واتخذ مكتباً له في حي السوريين وفي عام 1939 أصبحت جريدة يومية والتي تعد مصدراً أولياً لأدب إيليا أبي ماضي، كما تعد مصدراً أساسياً من مصادر الأدب المهجري، حيث نشر فيها معظم أدباء المهجر، وبخاصة أدباء المهجر الشمالي كثيراً من إنتاجهم الأدبي شعراً ونثراً . واستمرت في الصدور حتى وفاته . في عام 1946 أصـدر ديوان (الخمائل) فدعم تليد الشهرة بالطريف فكان روعة تضاهي روعة الأنغام في الجداول ، ولكنها لا تزايدها . إنها امتداد لجداول الفكر والعاطفة كقصائد : أمنية الآلهة ـ الدمعة الخرساء ـ الفراشة المحتضرة ـ ابتسم ـ كن بلسماً ـ الشاعر في السماء ـ بنت الطلاسم الصغرى التي تعتبر الأسطورة الأزلية . توفّي شاعرنا يوم الأربعاء في 27 تشرين الثاني عام 1957إثرَ إصابته بنوبة قلبية .

    أهم أعمــــــــاله :

    ــ تذكار الماضي ـ الاسكندرية 1911

    ــ إيليا أبو ماضي ـ نيويورك 1918

    ــ الجداول ـ نيويورك 1927

    ــ الخمائل ـ نيويورك 1946

    ــ تبر وتراب

    ــ الغابة المفقودة

    ــ مجموعة من القصائد متناثرة في بعض الصحف و خاصة صحيفة "العصبة"

    يعتبر إيليا من الشعراء المهجريين الذين تفرغوا للأدب والصحافة، ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولاسيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران. خلف أبو ماضي تراثا شعريا جيدا بدأ بنشره في الصحف المصرية ثم تابع إنتاجه في أمريكا . تميزت أشعاره بالرقة والعذوبة والحنين إلى الوطن ووصف الطبيعة. قالت عنه فدوى طوقان: )) إنني أرفع أبو ماضي إلى القمة ولا أفضّل عليه شاعراً عربياً آخر لا في القديم ولا في الحديث. فالشعر العربي لم يعرف له من نظير)) .

    إن أهم العوامل التي أثّرت في شعره : الفقر ، فنشأته في قسوة الفقر، جعلت منه رسولاً للفقراء، فكتب دوماً عن المساواة الاجتماعية، فكلنا من تراب، لا غني ولا فقير . الهجرة، والاغتراب ، كان التشرد في الغربة ثاني مدماك في اتجاه أبي ماضي، ومن التشرد تعلم الوفاء للوطن، فأغزر في الشوق اليه والعناية بطيفه الباق في قلبه. الاختلاط بالنخب، ففي المهجر، كان أبي ماضي منغمساً في علاقته برواد النهضة العربية وقادة الفكر التحرري الأدبي، فاستفاد منهم، وبنى منهجه الشعري وأسلوبه الأدبي .

    وفي قراءتنا لشعره : فقد سمّاه النقاد ( شاعر الأمل والتفاؤل ) حيث قال :

    قال الســــماء كئيبةً وتجهمـــاَ ***** قلت ابتسم يكفي التجهم في السما

    قال الصبا ولّى فقلت له ابتسم ***** لن يُرجع الأسف الصبا المتصرّما

    و لم ينس أوجاع الفقراء والمسحوقين فكتب لهم كثيراً وجعلهم من ثوابت قلمه المبدع فقال :

    لهفــــي ولو أجدى التعيس تلهفـــي ***** لسفكن دمعي عنده ودمــائي

    علّمتنـي الحيـــــاة في الفقـــــر إني ***** أينما كنت ساكن في التراب

    خلت أني في الفقر أصبحت وحدي ***** فإذا الناس كلـــــّهم في ثيابي

    أما الوطن، فلم يغب، فكان لبنان محور يوميات ايليا أبو ماضي ، فقال في قصيدة ( لبنان ) : اثنان أعيا الدهر أن يبليهما ***** لبنان والأمل الذي لذويه وأجاد مع الحرب العالمية في ترجمة الحنين إلى العائلة والأرض شعراً: يا جارتي كان لي أهلٌ وإخوان ***** فنبّت الحرب ما بيني وبينــهم كما تقطــــــع أمراس وخيطان ***** فاليوم كل الذي فيه مهجتي ألم وكل ما حولهم بؤس وأحــزان ***** وكان لي أمل إذا كان لي وطن

    نصل إلى الحب، كانت تجارب أبي ماضي قاسيةً عاطفياً، ولكنه احتفظ بالأمل الذي لم يفارق كتاباته، فكان يخرج دوماً حالماً مبرراً القسوة والانكسار جاعلاً منه قلعة تفاؤل وتمسك بالحب، رغم انه لم ينف الحزن في قلبه، إلإ إنه ميزه عن اليأس . فقال في الحب :

    تعالي إن ربّ الحب يدعونا إلى الغاب

    تعالي قبلما تسكت في الروض الشحارير

    تعالي قبلما تطمر أحلامي الأعاصير

    فقال في السياسة :

    واهجر أحاديث السياسة والألى ***** يتعلّقــــون بحبـــل كل ســــياسي

    إني نبذت ثمـــــارها مذ ذقتـــها ***** ووجدت طعم الغدر في أضراسي

    أما نظرته إلى الحياة فنظرة المتفائل المؤمن بجمال الحياة ، يريد أن يُشرك البشر في بركات هذه النظرية فقال :

    إذا أنا لم أجد حقلاً مريعاً ***** خلقت الحقل من روحي وذهني

    فكادت تملأ الأزهار كفي ***** ويعلق بالشــــــذا الفوّاح رُدني

    ==============

    لتكن حيــــــاتك كلّها ***** أملاً جميــــلاً طيّبا

    ولتملأ الأحلام نفسك ***** في الكهولة والصبا

    وعلّمنا أن نفتح قلوبنا إلى الحياة ونأخذ منها أجمل ما فيها ونمرّ مرور الكرام عل شرورها وآلامها وأحاجيها فقال :

    أيها الشاــــكي الليالي ***** إنّما الغبطــــة فكره

    أيها العابس لن تعطى ***** على التقطيب أجره

    لا تكن مُرّاً ولا تجعل ***** حيـــاة الناس مُــــرّه

    فإيليا أبو ماضي ، هو الشاعر الفيلسوف، كان ذو رؤيةٍ فلسفية لكل شيء ، فله في الموت فلسفة وفي الكون والوجود، وفي السياسة وفي المجتمع وفي الحب، آمن أن الإنسان خالد وأن الموت ليس آخر المطاف، بل تكملة للمسيرة، شارك جبران خليل جبران في إيمانه بالتقمص والعودة بأشكالٍ حياتية أخرى، خصص مساحةً من شعره للماورائيات، عادى التعصب والطائفية، ونبذها في قصائده مبشراً بديانة الإنسان !

    ونورد أدناه مقتطفات من قصائده :

    1 ـ ما قاله في قصيدة الطلاسم من ديوان الجداول :

    جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت

    ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت

    وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت

    كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟

    لست أدري!

    أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود

    هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود

    هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود

    أتمنّى أنّني أدري ولكن...

    لست أدري!

    وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟

    هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور

    أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير

    أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟

    لست أدري!

    ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين

    أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين

    وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون

    أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟

    لست أدري!

    أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا

    أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا

    ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا

    لست أدري... ولماذا لست أدري؟

    لست أدري!

    البحر:

    قد سألت البحر يوما هل أنا يا بحر منكا؟

    هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟

    أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟

    ضحكت أمواجه مني وقالت:

    لست أدري!

    أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا

    وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا

    وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكا

    ما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟

    لست أدري!

    أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك

    أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك

    أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك

    فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟ ..

    لست أدري!

    ترسل السّحب فتسقي أرضنا والشّجرا

    قد أكلناك وقلنا قد أكلنا الثّمرا

    وشربناك وقلنا قد شربنا المطرا

    أصواب ما زعمنا أم ضلال؟

    لست أدري!

    قد سألت السّحب في الآفاق هل تذكر رملك

    وسألت الشّجر المورق هل يعرف فضلك

    وسألت الدّر في الأعناق هل تذكر أصلك

    وكأنّي خلتها قالت جميعا:

    لست أدري!

    برفض الموج وفي قاعك حرب لن تزولا

    تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا

    قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميل

    ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..

    لست أدري!

    كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح

    أنفقا السّاعات في الشّاطىء ، تشكو وهو يشرح

    كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح

    أخفيف الموج سرّ ضيّعاه؟..

    لست أدري!

    كم ملوك ضربوا حولك في اللّيل القبابا

    طلع الصّبح ولكن لم نجد إلاّ الضّبابا

    ألهم يا بحر يوما رجعة أم لا مآبا

    أم هم في الرّمل ؟ قال الرّمل إني...

    لست أدري!

    فيك مثلي أيّها الجبّار أصداف ورمل

    إنّما أنت بلا ظلّ ولي في الأرض ظلّ

    إنّما أنت بلا عقل ولي ،يا بحر ، عقل

    فلماذا ، يا ترى، أمضي وتبقى ؟..

    لست أدري!

    يا كتاب الدّهر قل لي أله قبل وبعد

    أنا كالزّورق فيه وهو بحر لا يجدّ

    ليس لي قصد فهلل للدهر في سيري قصد

    حبّذا العلم، ولكن كيف أدري؟..

    لست أدري!

    إنّ في صدري، يا بحر ، لأسرار عجابا

    نزل السّتر عليها وأنا كنت الحجابا

    ولذا أزداد بعدا كلّما أزددت اقترابا

    وأراني كلّما أوشكت أدري...

    لست أدري!

    إنّني ،يا بحر، بحر شاطئاه شاطئاكا

    الغد المجهول والأمس اللّذان اكتنفاكا

    وكلانا قطرة ، يا بحر، في هذا وذاك

    لا تسلني ما غد، ما أمس؟.. إني...

    لست أدري!

    الدير:

    قيل لي في الدّير قوم أدركوا سرّ الحياة

    غير أنّي لم أجد غير عقول آسنات

    وقلوب بليت فيها المنى فهي رفات

    ما أنا أعمى فهل غيري أعمى؟..

    لست أدري!

    قيل أدرى النّاس بالأسرار سكّان الصوامع

    قلت إن صحّ الذي قالوا فإن السرّ شائع

    عجبا كيف ترى الشّمس عيون في البراقع

    والتي لم تتبرقع لا تراها؟..

    لست أدري!

    إن تك العزلة نسكا وتقى فالذّئب راهب

    وعرين اللّيث دير حبّه فرض وواجب

    ليت شعري أيميت النّسك أم يحيي المواهب

    كيف يمحو النّسك إثما وهو إثم؟..

    لست أدري!

    أنني أبصرت فيّ الدّير ورودا في سياج

    قنعت بعد النّدى الطّاهر بالماء الأجاج

    حولها النّور الذي يحي ، وترضى بالديّاجي

    أمن الحكمة قتل القلب صبرا؟..

    لست أدري!

    قد دخلت الدّير عند الفجر كالفجر الطّروب

    وتركت الدّير عند اللّيل كاللّيل الغضوب

    كان في نفسي كرب، صار في نفسي كروب

    أمن الدّير أم اللّيل اكتئابي؟

    لست أدري!

    قد دخلت الدّير استنطق فيه الناسكينا

    فإذا القوم من الحيرة مثلي باهتونا

    غلب اليأس عليهم ، فهم مستسلمو

    وإذا بالباب مكتوب عليه...

    لست أدري!

    عجبا للنّاسك القانت وهو اللّوذعي

    هجر النّاس وفيهم كلّ حسن المبدع

    وغدا يبحث عنه المكان البلقع

    أرأى في القفر ماء أم سرابا؟..

    لست أدري!

    كم تمارى ، أيّها النّاسك، في الحق الصّريح

    لو أراد اللّه أن لا تعشق الشّيء المليح

    كان إذ سوّاك بلا عقل وروح

    فالّذي تفعل إثم ... قال إني ...

    لست أدري!

    أيها الهارب إن العار في هذا الفرار

    لا صلاحٌ في الذي تصنع حتى للقفار

    أنتَ جانٍ أي جانٍ قاتل في غير ثار

    أفيرضى الله عن هذا و يعفو ؟

    لست أدري!

    بيــن المقابر

    ولقد قلتُ لنفسي و أنا بين المقابر

    هل رأيتِ الأمن و الراحة إلا في الحفائر

    فأشارت فإذا اللدود عيثٌ في المحاجر

    ثم قالت : أيها السائل إني

    لست أدري!

    انظري كيف تساوى الكل في هذا المكان

    و تلاشى في بقايا العبـد ربٌ الصولجان

    و التقى العاشق و القالي فما يفترقان

    أفهذا منتهى العدل ؟ فقالت :

    لست أدري!

    ان يك الموت قصاصـا ً اي ذنـب للطهـارة

    واذا كـان ثوابـا ً ، اي فضـل ٍ للـدعـارة

    واذا كـان ومـا فيـه جـزاءٌ او خـسـارة

    فـلـمَ الاسـمـاء اثـــم ٌ وصـــلاح ٌ

    لست أدري!

    ايهـا القبـر تكلـم واخبرينـي يـا رمـام

    هل طوى احلامك الموت وهل مـات الغـرام

    من هو المائت من عام ومـن مليـون عـام

    ايصيـر الوقـت فـي الارمـاس مـحـوا ً

    لست أدري!

    ان يك الموت رقـاداً بعـده صحـوٌ جميـل

    فلماذا ليس يبقـى صحونـا هـذا الجميـل

    ولماذا المرء لا يدري متـى وقـت الرحيـل

    ومـتـى ينكـشـف السـتـر فـنــدري

    لست أدري!

    ان يك الموت هجوعا يمـلأُ النفـس سلامـا

    وانعتاقـا لا اعتقـالا وابتـداءً لا ختـامـا

    فلمـاذا اعشـق النـوم ولا اهـوى الحمـام

    ولـمــاذا تـجــزع الارواح مــنــه

    لست أدري!

    أوراء القبـر بعـد المـوت بعـث ونشـور

    فحـيـاة فخـلـود أم فـنــاءٌ فـدثــور

    أكلام النـاس صـدقٌ ام كـلام النـاس زور

    أصحيـح ٌ إن بـعـض الـنـاس يــدري

    لست أدري!

    إن أكن ابعث بعـد المـوت جثمانـا وعقـلا

    اتـرى ابعـث بعضـا ام تـرى ابعـث كـلا

    اترى ابعـث طفـلا ام تـرى ابعـث كهـلا

    ثـم هـل اعـرف بعـد البـعـث ذاتــي

    لست أدري!

    يـا صديقـي لا تعللنـي بتمزيـق الستـور

    بعدما اقضـي فعقلـي لا يبالـي بالقشـور

    إن أكن في حالـة الإدراك لا ادري مصيـري

    كـيـف ادري بعـدمـا افـقـد رشـــدي

    لست أدري!

    إننـي جئـتُ وامضـي وأنــا لا اعـلـم ُ

    أنـا لغـزٌ، وذهابـي كمجيـئـي طلـسـمُ

    والـذي اوجـد هـذا اللغـز لغـزٌ مبـهـمُ

    لا تجـادل ..ذو الحجـى مـن قـال إنــي

    لست أدري!

    .................


    2 ـ وقال في قصيدة الطين :

    نسي الطين ساعة أنه طين ***** حقيــــر فصــال تيهاً وعربــــَدْ

    وكسا الخز جســمه فتباهى ***** وحوى المــــال كيســــه فتمرّدْ

    يا أخي لا تمل بوجهك عني ***** ما أنا فحمـــــة ولا أنت فرقـــدْ

    أأمانيّ كلـــــــها من تراب ***** وأمانيــــك كلــــها من عســـجدْ

    أنت مثلي من الثـرى وإليه ***** فلماذا يا صاحبي التيه والصدْ ؟

    3 ـ وكان شاعرنا رائد المتفائلين فقال :

    أيهـــا الشـــــــــاكي وما بــك داء ***** كيف تغـــدو إذا غدوت عليــــلا

    هــــو عبء الحيــــــــاة ثقيــــــل ***** من يظــــنّ عبء الحياة ثقيـــلا

    والذي نفســـــــه بغيــــر جمــــال ***** لا يرى في الوجود شيئاً جميلا

    كن هـــــزاراً في عشـــــّه يتغنّــى ***** لا غُراباً في الليل يبكي الطلولا

    كن غديرا يسير في الأرض رقراقاً ***** ويســـقي من جانبيــــه الحقولا

    لا وعــــــاء يقيــــّد المــــــاء حتّى ***** تستحيــــل الميــــاه فيه وحولا

    أيهـــــا الشــــــاكي وما بــــك داء ***** كن جميــــلاً تر الوجود جميلا


    4 ـ ونقرأ هذا الوصف الجميل للغني الفقير :

    يا عابد المال قل لي هل وجدت به


    روحا تؤانسك أو روحا تؤاسيها


    حتّى م ، يا صاح ، تخفيه و تطمره


    كأنّما هو سوءات تواريها ؟


    و تحرم النفس لذات لها خلقت


    و لم تصاحبك ، يا هذا ، لتؤذيها


    أنظر إلى الماء إنّ البذل شيمته


    يأتي الحقول فيرويها و يحميها


    فما تعكّر إلاّ و هوم منحبس


    و النفس كالماء تحكيه و يحكيها


    ألسجن للماء يؤذيه و يفسده


    و السجن للنفس يؤذيها و يضنيها


    و انظر إلى النار إنّ الفتك عادتها


    لكنّ عادتها الشنعاء ترديها


    تفني القرى و المغاني ضاحكة


    لجهلها أنّ ما تفنيه يفنيها


    أرسلت قولي تمثيلا و تشبيها


    لعلّ في القول تذكيرا و تنبيها


    لا شيء يدرك في الدنيا بلا تعب

    5 ـ وقال في الغـــزل :

    اسألوها ، أو فاسألوا مضناها


    أيّ شيء قالت له عيناها ؟


    فهو في نشوة و ما ذاق خمرا


    نشوة الحبّ هذه إيّاها


    ذاهل الطرف شارد الفكر ،


    لا يلمح حسنا في الأرض إلاّ رآها


    ألسواقي لكي تحدّث عنها


    و الأقاحي لكي تذيع شذاها


    و حفيف النسيم في مسمع


    الأوراق نجوى تبثّها شفتاها


    يحسب الفجر قبسه من سناها


    و نجوم السماء بعض حلاها


    و كذلك الهوى إذا حلّ في الأرواح


    سارت في موكب من رؤاها


    كان ينهى عن الهوى نفسه الظمأى


    فأمسى يلوم من ينهاها


    لمس الحبّ قلبه فهو نار


    تتلظّى و يستلذّ لظاها !


    كلّ نفس لم يشرق الحبّ فيها


    هي نفس لم تدر ما معناها


    6 ـ وعلّمنا شعره الاندماج في الطبيعة حيث طهارة الجو تنتقل إلى الأرواح وبشاشة الأرض تقشع الكآبة عن الصدور فقال :

    فليكُ الليل راهبي وشموعي ***** الشهب . والأرض كلّها محرابي

    وكتابي الفضـــــــاء أقرا فيه ***** سوراً ما قرأتــــها في كتـــــاب

    وصلاتي التي تقول السواقي ***** وغنائي صوت الصبا في الغاب

    ولتكحل يد السمــــاء جفوني ***** ولتعـــــانق أحلامـــه أهدابــــي

    وليقبّل فم الصبـــــاح جبيني ***** وليعطّــــر أريجـــــه جلبــــابي

    7 ـ وقال في تحيته إلى الشام :

    حيّ الشآم مهندا و كتابا


    و الغوطة الخضراء و المحرابا


    ليست قبابا ما رأيت و إنّما


    عزم تمرّد فاستطال قبابا


    فالثم بروحك أرضها تلثم عصورا


    للعلى سكنت حصى و ترابا


    و اهبط على بردى يصفّق ضاحكا


    يستعطف التلعات و الأعشابا


    روح أطلّ من السماء عشية


    فرأى الجمال هنا .. فحنّ ، فذابا


    و صفا و شفّ فأوشكت ضفاته


    تنساب من وجد به منسابا


    با أدمع حور الجنان ذرفنها


    شوقا ، و لم تملك لهنّ إيابا


    بردى ذكرتك للعطاشى فارتووا


    و بنى النهى فترشّفوك رضابا

    8 ـ إن الحيرة في أسرار الوجود بدأت تُخامر ذهنه منذ وصوله إلى مدينة سنسيناتي في ولاية أوهايو قبل أن يعرف نيويوك ويتصل بجبران وبأعضاء الرابطة القلمية فقال :

    أفكّر كيف جئت وكيف أمضي ***** على رغمي فأعيا بالجواب

    أتيت ولم أكـــــن أدري مجيئي ***** وأذهب غير دار بالإيــاب

    إذا كان المصــير إلى التلاشي ***** فلمَ جئنا وكنا في حجاب ؟

    وإن كان المصــــير إلى خلود ***** فما معني المنيّة والتبــاب

    أمور لا يحيـــــط بهــــن فكر ***** ولو أمسى يحيط بكلّ باب

    9 ـ ونقرأ في ديوان الخمائل قصيدة كن بلسماً :

    كـن بـلـسماً إن صار دهرك أرقما وحـلاوة إن صـار غـيـرك عـلـقما

    إن الـحـيـاة حـبـتـك كـلَّ كـنـوزهـا لا تـبخلنَّ على الحياة ببعض ما ..

    أحـسـنْ وإن لـم تـجـزَ حـتى بالثنا أيَّ الجزاء الغيثُ يبغي إن همى؟

    مَــنْ ذا يــكـافـئُ زهـرةً فـواحـةً؟ أو مـن يـثـيـبُ الـبـلـبل المترنما؟

    يـا صـاحِ خُـذ عـلـم الـمـحبة عنهما إنـي وجـدتُ الـحـبَّ عـلـمـا قـيـمـا

    لـو لـم تَـفُـحْ هذي ، وهذا ما شدا، عـاشـتْ مـذمـمـةً وعـاش مـذمـمـا

    أيـقـظ شـعـورك بـالـمـحبة إن غفا لـولا الـشعور الناس كانوا كالدمى

    أحبب فيغدو الكوخ كونا نيرا وابغض فيمسي الكون سجنا مظلما

    10 ـ ونقرأ ما قال في قصيدة ( المســاء ) :

    السحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين

    و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين

    و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين

    لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد

    سلمى ... بماذا تفكّرين ؟

    سلمى ... بماذا تحلمين ؟

    * * *

    أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟

    أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟

    أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟

    أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما

    أظلالها في ناظريك

    تنمّ ، يا سلمى ، عليك

    إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق

    يرجو صديقاً في الفلاة ، وأين في القفر الصديق

    يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق

    بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام

    لا يستطيع الانتصار

    و لا يطيق الانكسار

    * * *

    هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك

    فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك

    لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك

    و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب

    مثل اكتئاب العاشقين

    سلمى ... بماذا تفكّرين ؟

    * * *

    بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟

    أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟

    أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟

    أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى

    و الكوخ كالقصر المكين

    و الشّوك مثل الياسمين

    * * *

    لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع

    يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع

    إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع

    لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى

    أحلامه و رغائبه

    و سماؤه و كواكبه ؟

    * * *

    إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها

    لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها

    كلا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها

    ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها

    و العندليب صداحه

    لا ظفره و جناحه

    * * *

    فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح

    واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح

    و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح

    من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان

    لا تبصرين به الغدير

    و لا يلذّ لك الخرير

    * * *

    لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا

    و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى

    مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى

    ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته

    أزهاره لا تذبل

    و نجومه لا تأفل

    * * *

    مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات

    إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة

    فدعى الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاه

    قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا

    فيه البشاشة و البهاء

    ليكن كذلك في المساء


    ======================

    1/10/2014 المهندس جورج فارس رباجية

    المفــــردات :

    (1) ـ ورد في جريدة السائح عام 1927 أن تاريخ ولادته كان عام 1889 . وهجرته إلى أميركا عام 1911 .

    ـ وفي مصدر آخر أنه ولد عام 1891

    ـ وفي كتاب أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأميركية لجورج صيدح : أن ولادته كانت عام 1891 .

    المصـــــادر والمراجـــــع :

    ــ أدبنا وأدباؤنا في المهاجر الأميركية : جورج صيدح ، الطبعة 2 ـ 1957 بيروت

    ــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973

    ــ شعراؤنا ( إيليا أبو ماضي ) : دار صادر ـ بيروت

    ــ مواقع على الإنترنت :

    www.adab.com

    www.metarab.com

    www.konouz.com

    www.ar.wikipidia.org

    www.goodreads.com

    www.alhakawati.net

    www.syrianstory.com


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 23:25