شــــعراء الصعاليك
المهندس جورج فارس رباحية
الصعلكة في اللغة : هي الفقر ، والصعلوك جمع صعاليك : الفقير ، وصعاليك العرب هم لصوصهم وفقراؤهم .
قال حاتم الطائي وهو يعني الفقر والغنى :
غنينا زماناً بالتصعلك والغِنى ***** فكلا سقاناه بكأسيها الدهر
وقال الأعشى :
على كل أحوال الفتى قد شربتها ***** غنيّاً وصعلوكاً وما إن أقاتها
ويقول جابر بن ثعلبة الطائي :
كأن الفتى لم يَعْرَ يوماً إذا اكتسى ***** ولم يك صعلوكاً إذا ما تموّلا
فالنصوص التي ذكرناها ، لا تدع مجالاً للشك في أن الصعلكة هي الفقر ، وإن كانت دلالـــــــة الكلمة قد تطوّرت ، فأطلقت أيضاً على الفقـــــر المقترن بحس مرهف وإدراك لمـــا بينهم وبين الأغنياء من فوارق ، جعلهم هذا يدركون آلامهم النابع من خلاء أيديهم من المال ، وعجزهم عن الحياة التي يشتهون .
إن الصعاليك لم يجدوا غضاضة في غاراتهم على أموال الأغنياء البخلاء ، بل اعتـقدوا أنهم على الحق قيما يفعلون ، لأنهم يكفلون لأنفسهم وللضعفاء من إخوانهم أسباب الحياة . فنزعاتهم تتضح في عدة مظاهر :
1 ـ كراهية الأغنياء البخلاء ، والسطو على أموالهم ن أما الأغنياء الكرماء فإنهم لا يقربون أموالهم .
2 ـ المساواة في الغنائم ، لأنهم كانوا يقتسمون ما يغنمون ، وكانوا يتساوون في القسمة ، فلا يختص رئيسهم نفسه بنصيب أكبر من غيره .
3 ـ كانوا ذوي نجدة وعطف على الفقراء العاجزين عن الكسب والغارة ، فكانوا يعطوهم من الأسلاب أنصبة مثل أنصبتهم .
4 ـ أغلب أعمال الغزو والسطو كانوا ينفذّونها ليلا . وقصائدهم كانت تشير إلى ذلك .
5 ـ لم يجدوا عيباَ في عملهم ، بل إنهم فاخروا به ، ورأوه نوعاً من الفتوة والقصـــــاص من البخلاء ن والاشتراكية القسرية ، والتضامن الاجتماعي .
لهذا كان الصعاليك يعدّون أنفسهم أحسن حالاً من الحاكم المرتشي ومن القاضي الذي يأكل أموال اليتامى . أم أدبهم فيمتاز بعدّة خصائص :
1 ـ أنه يُصَوّر ضرباً من الأخلاق والنزعات لا نجده في غيره .
2 ـ شعرهم يصوّر نفسياتهم وأعمالهم ، فهو صدى للواقع .
3 ـ يتميّز شعرهم بوحدة الموضوع ، فليس فيه مقدّمات تمهيدية من غزل وبكاء أطلال ووصف لرحيل أو رواحل أو استطراد لموضوع آخر .
4 ـ أكثر شعرهم مقطعات لا قصائد ، ولعل مردّ هذا إلى أنهم ذوو خفة وسرعة واختلاس ، لم يألفوا التمهّل والتروّي والتنميق ، فجاء شعرهم صورة من حياتهم .
5 ـ ليس في شعرهم غزَل ، وكيف يتغزّل مَنْ يقضي نهاره يترقّب ، وليله يترصّد ، ولا يستقرّ في مقام .
6 ـ يكثرون من توجيه الخطاب في شعرهم إلى زوجاتهم .
إن شعراء الصعاليك هم كُثّرْ في العصرين الجاهلي والإسلامي ،واشتــهر منهم في الجاهلية : عروة بن الورد ـ تأبّط شراً ـ الشنفري ـ السليك بن السلكة ـ عمرو بن براقة . وفي الإســــلام : الأحيمر السعدي وغيرهم وقد عُرِفوا جميعاً بسرعة الحركة والخفّة والعدو والخبــــرة بدروب الصحراء . ونورد أدناه موجز عن بعضهم :
1 ـ عروة بن الورد ( ت 616 ) م :
هو عُرْوَة بن الوَرْدْ بن زيد وقيل بن عمرو بن زيد بن عبد الله بن ناشب بن هَرِم بن لـــديم بن عود بن غالب بن قطيعــــة بن عبس بن بغيض بن الرّيث بن غطفــــان بن سعد بن قيس بن عيـلان بن مُضَر بن نزار . هو شاعر من شعراء الجاهلية وفارس من فرسانها وصـــعلوك من صعاليكها المعدودين المقدمين الأجواد ، وكان نصرانياً ولُقِّبَ بأمير الصعاليك لأنه كان يجمعهم ويقوم بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم . قال عبد الملك بن مروان : مَنْ قال إن حاتِماً ( حاتــــــم الطائي ) أســمَحَ النّاس فقد ظلَم عروة بن الورد .
ـــ لم يكن جودُه بمقصورٍ على الصعاليك ، وإنما كان يتناول المَرضى والضعفاء ، وكل ضيفٍ أتاه ، فقد كان بيته بيتَ الضيف وفراشُه فراشَه كما قال :
فِراشي فِراشُ الضّيفِ والبيتُ بيتُه ، ***** لم يُلهِني عنهُ غــــزالٌ مُقنَّعُ
أحَدّثهُ ، إنّ الحــــديثَ من القِــرى ، ***** وتعلمُ نفسي أنّهُ سوفَ يَهجَعُ
ـــ وهذا عروة يصف ليله القاسي :
لحا الله صعلوكاً إذا جنّ ليله ***** مصافي المشــاش آلفا كل مجزرِ
ينام عشاء ثم يُصبح ناعســاً ***** يحتّ الحصى عن جنبه المتعفّرِ
ـــ قيل أن عروة بلغه عن رجل من بني كنانة يُدعى ابن كنانة أنه من أبخل الناس وأكثرهم مالاً فبثَّ عليه عيوناً فأتوه بخبره ن فشدّ على إبله ن فاستقاها ثم قسمها في قومه ، فقال :
ما بالشراءِ يسود كل مُسَـــــوَّدٍ ، ***** مثرٍ ، ولكنْ ، بالفِعالِ ، يسودُ
بل لا أكاثِرُ صاحبي في يُسْرِهِ ، ***** وأصُدُّ إذ في عيشهِ تصــــريدُ
فإذا غنيتُ ، فإنّ جــــــاري نيلُهُ ***** من نائلي ، وميسري معهــودُ
وإذا افتقرتُ ، فلن أرى متخشعاً ***** لأخي غِنى ، معروفه مـكدودُ
ـــ من أجْلِ الأبيات التالية التي قالها عروة بن الورد ، قال عبد الملك بن مروان عن عروة : ما يسرّني أن أحداً من العرب ممن ولدني ، لم يلدني ، إلاّ عروة بن الورد :
إني امرؤ عافى إنائي شـركةٌ ، ***** وأنتَ امــــرؤ عـــافى إنائك واحــــدُ
أتهزأُ مني أن سمنتَ وأن ترى ***** بوجهي شحوب الحقِّ ، والحقّ جاهدُ
أقسم جسمي في جسوم كثيرة ، ***** وأحســــو قراحَ المـاء ، والماءُ باردُ
ـــ والأبيات التالية التي قالها عروة تحمل في طيّاتها فلسفته في الحياة وضرورة الســير في بلاد الله ، خلق الله ، من أجل الثراء والغنى ، بدلاً من شكوى الفقر ، أو الطلب من الذين لا يُثمر فيهم المعروف أو الخير :
إذا المرءُ لم يطلبْ معاشــــاً لنَفْســــهِ ، ***** شكا الفقرَ ، أو لامَ الصديق ، فأكثرا
وصارَ على الأذنين كلاً ، وأوشــــكتْ ***** صِــــــلاتُ ذوي القربَى له أن تنكرا
وما طالبُ الحاجات ، من كلّ وجهةٍ ، ***** من النـــاس ، إلاّ من أجدَّ وشـــــمّرا
فســـر في بــــلاد الله ، والتمس الغنى ***** تَعِش ذا يسارٍ ، أو تموت فتعــــــذرا
2 ـ الشنفري ( ت 554 ) م :
هو ثابت بن أوس الأزدي يمني الأصـــــل شاعر جاهلي قحطاني وقيل أنه من بني الحارث بن ربيعة ، والشنفري هو لقبه ويعني غليظ الشفتين وهو من أعــــدى العدّائين العرب الذين لم تلحقهم الخيل وجرى المثل بالـنفري فقيل : أعدى من الشنفري ، وهو خال تأبّط شـــراً وقيست قفزاته ليلة مقتله فكانت الواحدة منها حـوالي عشــــــرين خطوة . قيل أنه نشــــأ في قوم الإزد فأغاظوه فهرب إلى بني ســلامان وعن مقتله هناك عدة روايات عن سببها ، إحـداها تقول: أن الشنفري قال يوماً لابنة مولاه أن تغسل رأسه فلطمته فأضمر الشر لبني سلامان وحلف أن يقتل منهم مائة رجل وبالمختصر فقد غزاهم وقتل 99 رجلاً فقتلوه وصـــــلبوه وبقي عاماً أو عامين مصلوبا ، وبقي على ما نذر رجل واحد ، فجـــاء رجل من بني سلامان كان غائبـــاً عن تلـــك الأحداث فمرّ به وركل رأس الشنفري برجـــله فدخل فيها قطعة من عظم رأسه فهاجت عليـــه رجله فمات على الفور ، فعاش هذا الرجل تمام المــائة . وهو صاحب (لامية العرب ) الشهيرة ومطلعها :
أقيموا بني أمي صدور مطيّكم ***** فإني إلى قوم سواكم لأميل
3 ـ تابّط شـــرّاً ( ت 530 ) م :
هو ثابت بن جابر بن سفيان بن عَمَيْثَل بن عدي بن كعب بن حَزن وقيلَ حَرُب بن تَيْم بن سعد بن فهم بن عَمرو بن قيس بن مُضَر بن نزار ، أبو زهير ، الفهمي ، أمّه أميمـــة من بني القَيْن ، بطن من فَهْم ،ولدت خمسة أولاد : تأبّط شراً ، وريش لَغْب ، وريش نَســـر و وكعب جَدَر ، ولآ بواكي ، وقيل أنها ولدت سادساً اسمه عمرو .كان ثابت من شـعراء الجاهلية الصعاليك ، وهناك عـدة روايات عن سبب تسميه بتأبّط شراً منها أنه يوماً أخذ سيفاً تحت إبطه وخرج من بيته فجاء مَنْ سأل عنه أمّه فقالت : تابّط شرّاً وخرج . كان كثير الغارات ، سريع العدو ، كان من أسرع العدّائين فإذا جاع كان يجري خلف الظباء فيأخذ واحداً منها فيذبحه ثم يشويه ويأكلـــه ، تكوّنت عنه الأساطير من فُتّاك العرب في الجاهلية شعره قوي الملاحظة ، دقيق الوصــــف ، بـديهي العاطفة ، ساذج الحكمة . قُتِلَ في بلاد هذيل وأُلقي به في غار يُقال له رخمان . وهذا تأبّط شراً يصف ليل الصعاليك :
قليـــــل غرار النـوم أكبر همّه ***** دم الثـــأر أو يلقى كميـــا مقنعــــا
يبيت بمغنى الوحش حتى ألفنه ***** ويصبح لا يحمي لها الدهر مرتعا
4 ـ السُليّك بن السلكة (توفّي 606 ) م :
هو السُلّيك بن عمير بن يثربي بن سنان السعدي التميمي من بني مقاعس ، شــــاعر أســــود ، عدّاء ، يُلَقّب بالرئبال ( الأسد ) والسلكة هي أمّه أمَة سوداء كانت شاعرة وشعرها أشــعر من شعر ابنــها ، كان أعرف الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها . كان يغير على اليمن فإذا لم يتمكّن أغار على ربيعة . قتله أسد بن مدرك الخثمي ، وقيل قتله يزيد بن رويم الذهلي الشيباني . كــان السليك يصف ليله بدون اهتمام للنوم ولا يُغريه الليل ولا القمر فيقول :
إني لتارك هامات بمجزرة ***** لا يزدهيني سواد الليل والقمر
5 ـ عمرو بن بَرَاقَة ( توفي 634 ) م :
هو عمرو بن الحارث بن عمرو بن منبه البنهمي من همدان ويُعْرَف بعمرو بن بَرَاقَة وهي أمّه ، ويثعْرف أيضاً بعمرو بن براق ، شاعر همدان له أخبار في الجاهلية . عـــاش إلى خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م . قال الكلبي : أذِنَ عمر للناس فدخل عمرو بن براقة وكان شيخاً كبيراً يعرج . له قصيدة تعتبر من أشهر أشعار الصعاليك التي يقول فيها :
متى تجمع القلب الذكي وصارما ***** وأنفا حميماً تتّقيك المظالم
6 ـ خفاف بن ندبة ( توفي 640 ؟ ) م :
هو خفاف بن عمير بن الحارث بن عمرو ( الشريد ) بن قيس بن عيلان السلمي ، أخذ نسبه من أمّه ندبة بنت شيطان ، وكانت سوداء سباها الحارث بن الشريد حين أغارعلى بني الحارث بن كعب ن فوهبها لابنه عمير فولدت له خفّافاً . يُكَنّى بأبي خُراشة ، وهو ابن عم الشـــــــاعرة الخنساء . كان من فرسان العرب المعدودين ، وقد روي عن الأصمعي قوله : خفّاف ودريد بن الصمّة أشعر الفرسان . ادرك الإسلام فأسلم ، شهد فتح مكة وغزوة حنين والطائف ومـــدح أبو بكر الصديق . رُوِيَ أن خفّاف ومعاوية بن الحارث بن الشريد أغارا على بني ذبيان يوم حوزة فلما قتلوا معاوية بن عمرو قال خفّااف : والله لا أريم اليوم أو أقيد به سيدهم فحمل على مالك بن حمار الشخين وهو يومئذ فارس بني فزارة وسيدهم فقتله وقال :
فإن تك خيلي قد أصيب
صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا
أقول له والرمح يأطر متنه
تأمل خفافاً إنّني أنا ذلكا
7 ـ قيس بن الحدادّيــة ( 612 ؟ ) م :
هو قيس بن منقذ بن عمرو السلولي ، من بني سلول بن كعب من خزاعة . كان شجاعاً فتاكاً كثير الغارات ، تبرّأت منه خُزاعة في سوق عكاظ وأشهدت على نفسها أنها لا تحتمل جريرة لهُ ولا تُطالب بجريرة عليه فَنُسِبَ إلى أمّه وهي من بني حِداد من ( محارب ) ، وقال المرزباني : إنه من بني الحُداد من كنانة . شِعْره من الطبقة الثانية في عصره . كان يهوى أم مـــــالك بنت ذؤيب الخزاعي وَلَهُ فيها شِعْر بديع الصنعة . قتله بعض بني مزينة في غارة لهم .
8 ـ الأُحيمَر السعدي ( توفي 787 ) م :
هو الأحيمر بن فلان بن الحارث بن يزيد السعدي ، من سعد بن زيد مناة بن تميم , شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية ( 660 ـ 750 ) م والعباسية ( 750 ـ 1258 ) م كان لصاً فاتكاً مارداً من أهل بادية الشام ، وهو صاحب البيت السائر على كل لسان :
عَوى الذِئبُ فاستأنَسْتُ بالذئب إذ عوى ***** وصَوَّتَ إنســـــانٌ فَكِدتُ أطيـــرُ
يــــرى اللهُ إنّــــي للأنــــيسِ لَكَــــــارِهٌ ***** وِتَبْغِضُهُم لي مُقلَـــــةٌ وضــــميرُ
فَلِلَّيــــــلِ إن وارانــــــي اللَّــــيلُ حكمُهُ ***** وِللشَمْسِ إن غـــــابَت عليَّ نُذورُ
وإنـــــــي لأَســــــتحي مِنَ اللهِ أن أُرَى ***** أُجَرِّرُ حَبْــــلاً ليسَ فيــــه بعـــيرُ
وأن أســـــــألَ المــــــرْءَ اللئــ يمَ بَعيرَهُ ***** وَبَعرانُ رَبِّــي في البــــلاد كثيرُ
معي فِتْيــــــةٌ بيضُ الوجــــوهِ كأنّهــــم ***** على الرَحلِ فَوقَ الناعجاتِ بُدورُ
أيا نخـــــلات الكَـرمِ لا زالَ رائِحــــــاً ***** عَلَيكُــــــنَّ مَنْــــــهَلُّ الغَمَامِ مَطـيرُ
9 ـ مالك بن الريب ( ) م :
هو مالك بن الرّيب بن حَوْط بن قُرْط بن حُسَيْل ( أو حِسْل )بن ربيعة بن كابية بن حُرقُوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم .وأمّه بنت سنيح بن الحرّ بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن . يقول القني في وصف مالك : ( وكان مالك بن الريب فيما ذُكِر من أجمـــل العرب جمالاً ، وأبينهم بياناً فلما رآه سعيد بن عثمان بن عفان واللي خراسان أُعجبَ يه ) .
نشأ مالك في بادية تميم بالبصرة في أول الدولة الأموية ( 660 ـ 750 ) م فمسـرحه الأول كات البادية وحريّتها التي فهمها بطريقة البدوي الذي لا يجد حداً يوقفها وكانت السبب الرئيسي في لصوصيّته وتزعمه مجموعة من اللصوص سارت على هواه في تحقيق رغبته ورغباتهم . كان لصاً فاتكاً يُصيب الطريق مع شظاظ الضبي الذي يُضرب به المــــثل ( ألصُّ من شظاظ ) .هرب من الحجاج بن يوسف الثقفي لأنه هجاه ، فآمنه بشر بن مروان واســـــتصحبه سعيد بن عثمان بن عفان والي خراسان . اتصفت شخصيّته بالشجاعة والثبات بالمعركة فهو خبير بفنون القتال يعطف بالخيل عندما يثدبر الآخرون ، يُنجِد المستغيث ، كل تلك الصفات يُقابله ضـــعف وًرِقّة أمام أبناء العم والجيران ، وهذا ما ظهر في يائيّه المشهورة :
ألا ليْتَ شِــــــعْري هَـــــــل أبِيتَنَّ ليلًــــةً ***** بجنبِ الغَضا أزجي القِلاصَ النَواجيا
فًليْتَ الغضا لم يقطـــعِ الرّكبُ عَرضَـهُ ***** ولَيتَ الغَضـــا ماشى الرِّكــــابَ لياليا
ولَيْتَ الغضا والأثـــــــلَ لم ينبُتا مــــعاً ***** فأنّ الغضــــا والأثـــــلَ قد قَتَـــــلانِيا
وقد كـــنت عطــــافاً إذا الخيــل أدبرت ***** سريعاً إلى الهيجا إلى مَنْ دعــــــانيا
وقد كنت صبّاراً على القرن في الوغى ***** وعن شتمي ابن العم والجار وانيــــا
إن الله يرجعنــــي من الغــــزو لا أرى ***** وإنْ قلّ مـــالي طــــالباً ما ورائيــــا
تقــــول ابنتي لما رأت طــــول رحلتي ***** ســـــفارك هذا تاركـــي لا أبً ليــــا
لعمري لئن غــالت خراســـــان هامتي ***** لقد كنت عن بابأأأي خراســــان نائيا
فإن أنج من بـــابي خراســـــان لا أعد ***** إليـــها وإن منيتــــــــموني الأمــــانيا
تذكّــــرت من يبكي علــــي فلم أجــــد ***** سوى السيف والرمـــح الرديني باكيا
وأشـــــقر محـــــبوكاً يجــــرّ عنــــانُه ***** إلى الماء لم يترك له المـــوت ســاقيا
ولكن بأطـــــــراف الســــــمينة نسوة ***** عزيز عليهـــنّ العيشــــــة ما بيـــــــا
يقول الأصفهني عن موت مالك : ( مرض مالك بن الريب عند قفول ســــــعيد بن عثمان من خراسان في طريفه ، فلما أشرف على الموت ، تخلّف معه مُرَّة الكاتب ، ورجل من قومه من بني تميم وهما اللذان يقول فيهما :
أيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا ***** برابية إنّي مُقيمٌ لياليا
وبعضهم يقول أنه مات في غزو مع سعيد ويقول آخرون أنه مات في خان فرثته الجن لما رأت من غربته ووحدته .
10 ـ شِظاظُ الضَّبّيُّ ( ) :
هو شظاظ الضبيّ ، مولى لبني تميم . كان أخبث الشعراء اللصوص مع أبو حردبة وغويث الذين كانوا مع مالك الريب . كانوا يجتمعون ويتحدّثون عن أعجب ما فعلوه وأخذوه ورأوه في أعمالهم اللصوصية . قال أبو الهيثم في كتاب الأغاني : ( ..... ثمّ صَلبَ الحجّاج رجـــــلاً من الشراة بالبصرة ، ، وراح عشيّاً ، لينظر إليه ، فإذا برجلٍ بإزائه مُقبلٌ بوجهه عليه ، فدنا منه ، فسمعه يقول للمصلوب : طال ما ركبتَ فأعقبْ ، فقال الحجّاج : من هذا ؟ قالوا : هــذا شِظاظ اللّص ، قال : لا جَرَم ! والله ليُعقبنكَ ، ثم وقف ، وأمر بالمصلوب ، فأُنزِل ، وصَـــلَبَ شِظاظ مكانه ) فكانت هذه نهاية شِظاظ . وبالنسبة إلى شِعْرِه نذكر هذه الأبيات :
مَنْ مُبْلِغٌ فِتيانَ قومي رِسـالةً ***** فلا تَهْلِكُـــــوا فَقْــــراً عِرْقِ ناهِقِ
فإنّ به صَيْداً عَزيزاً وهَجْمَةً ***** طِــــوالَ الهوادي بائناتِ المرافقِ
نجائبَ عِيْدِيَّ يكونُ بُغــــاؤُهُ ***** دُعاءً وقدْ جاوَزْنَ عُرْضَ الشَّقائقِ
11 ـ أبو حَرْدَبَة ( ) :
هو أبو حردبة ـ أحد بني أثالة بن مازن . يذكر صاحب الأغاني خبراً له مع مالك بن الرّيب يقول : ( وكان السبب الذي من أجله وقع مالك بن الريب إلى ناحية فارس ، انه كـــان يقطـــع الطريق هو وأصحابٌ له ، منهم : شِظاظ وأبو حربة وغويث ، فساموا الناس شراً ، وطلبـــهم مروان بن الحَكَم ، وهو عامل على المدينة ، فهربوا فكتبَ إلى الحارث بن حاطب الجمحي ، وهو عامله على بني عمرو بن حنظلة يطلبهم ،فهربوا منه ..... ) . ومن شعره قال :
فَهَلِ الإلهُ يَشِيْعُني بفوارسٍ ***** لِبَني أُميّةَ في سَرارِ جَمِيرِ
12 ـ يَـعْـلَى الأحول الأَزْدِيّ ( ) :
هو يعلى الأحول بن مُسلم بن أبي قيس الزدي ، أحد بني يشـكر بن عمــــــرو بن رالان ، ورالان هو يشكر ــ ويشكر هو لقبه ــ بن عمران بن عمرو بن عدي بن حــارثة بن لوذان بن كهف الظلام بن ثعلبة بن عمرو بن عامر . كان لصّاً فاتكاً خراباً خليعاً ، يجمع صعاليك الأزد وخلعاءهم ، فيغيرون على أحياء العرب ويقطع الطريق على السابلة فشكوا إلى نافع بن علقمة وكان والي مكة فطلب من عشيرته إحضاره فلما أتوا به ، قيّده وأودعه السجن . ومن شِعْره :
ألا ليتَ حاجاتي اللّواتي حبسْنني ***** لدى نافعٍ قُضِّينَ منذ زمـانِ
ومــا بي بُغْضٌ للبــــلادِ ولا قِلًى ***** ولكِنَّ شوقاً في سواه دعاني
فليتَ القِلاصَ الأدْمَ قدْ وَخَدَتْ بنا ***** بوادِ يمانٍ ذي رُبّى ومَحـانِ
بوادِ يمانٍ يُنْبتُ السّـــــِدْرَ صَدْرُهُ ***** وأسفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبُـــهانِ
13 ـ مالك بن حريمٍ الهَمْدَانيّ ( ) :
هو مالك بن حريم بن بم مالك بن حريم بن دألان بن سابقة بن ناشج بن دافع بن مالك جشم بن حاشد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان . ومالك شاعر فحل مخضرم جاهلي إسلامي ، ولص مشهور . ونورد مقطعاً من قصيدته الشهيرة يصف الشيب الذي خطَّ شَعْره :
جَزَعْتَ ولم تَجْزَعْ مِنَ الشَّيْبِ مَجْزعا ***** وقد فاتَ رِبْعِيُّ الشَّبابِ فَوَدَّعا
ولاح بيــــاضٌ في ســــــوادٍ كأنّــــــه ***** صِوارٌ بِجَوِّ كان جَدْباً فأمْرَعــــا
فإن يَكُ شـــــابَ الرأسُ مِنّي فإنّنــــي ***** أبَيْتُ على نفسي مَناقِبَ أربعــــا
فواحِـــــــدةٌ : أن لا أبيــــــتَ بِغِــــرَّةٍ ***** إذا ما سَوامُ الحَيِّ حَوْلي تَضَوَّعا
وثانيــــــــةٌ : أن لا أُصَمّـــــِتَ كَلْبَنــا ***** إذا نَزَلَ الأضيافُ حِرْصاً لِنُودَعا
وثالثــــــــةٌ : أن لا تُقَـــــذّعَ جــارتي ***** إذا كان جارُ القَومِ فِيـــهم مَقّذعـا
ورابعــــــةٌ : أن لا أُحَجِّــــلَ قِـــتدْرَنا ***** عِلى لَحْمِها حينَ الشِّتاءِ لِنَشْبَـــعا
14 ـ أبو الطَّمحان القَيْنيّ ( ) :
هو أبو الطمحان ، واسمه حنظَلة بن الشَّرْقيّ ، أحد بني القَيْن بن جسر بن شَيْع الله بن الأسد بن وَبْرَة بن تغلب بن حُلوان بن عمران بن الحافِ بن قضاعة . جميع المصــادر تقول أنه كان شاعراً جاهلياً من المخضرمين ( أدرك الجاهلية والإسلام ) . لم تذكر المصادر شيئاً عن نشأته كل الذي تذكره هو حياته ، وهو رجــــــل كبير ، وقال عنه صــــاحب الأغاني أنه : ( كان أبو الطمحان شاعراً خارباً صعلوكاً ..... وكان ترباً للزبير بن عبد المطلب في الجاهلية ونديماً له ) وقال عنه صاحب كتاب الشعر والشعراء : أنه كان فاسقاً .وذكره صاحب كتاب المعمّرين فقال : ( وعاش أبو الطمحان القيني بن الشّرقي .... مائتي سنة ) . وقد وُصِفَ شِعْره بالجَيِّد ، ومنه :
وبالحيْرَةِ البيضاءِ شيْخٌ مُسَلَّطٌ ***** إذا حـلف الإيمانَ باللهِ بَرَّتِ
لقد حلقــــوا مِنيّ غُــدافاً كأنّهُ ***** عناقيدُ كَرْمٍ أبنَعَتْ فاسْبَطَرَّتِ
فَظَلَّ العذارى يومَ تُحْلَقُ لِمَّتي ***** على عَجَلٍ يلقُطْنَها حيثُ خَرَّتِ
ذكرنا أعلاه إن شعراء الصعاليك هم كُثّرْ في العصرين الجاهلي والإسلامي ، وتناولنا البعض منهم بالتفصيل ونبيّن أدناه أسماء البعض الآخر :
1 ـ الحارث بن ظالم المري ، توفي نحو 600 م .
2 ـ حاجز بن عوف الأزدي ن توفي قبيل الإسلام بفترة قصيرة .
3 ـ أبو منازل السعدي ، من بني تميم ، توفي في خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م
4 ـ الخطيم بن نويرة ، عاش في صدر الإسلام ، وربما أدرك أوائل العصر الأموي .
5 ـ القتال الكلابي ، من بني عامر بن صعصعة ، توفي نحو 688 م .
6 ـ فضالة بن شريك الأسدي ، توفي عام 686 م
7 ـ صخر الغي من هذيل ، توفي في صدر الإسلام .
8 ـ الأعلم الهذلي ، هو حبيب بن عبد الله الهذلي ، شقيق صخر الغي ، توفي في صدر الإسلام
9 ـ أبو خراش الهذلي ، هو خويلد بم مُرّة أشهر صعاليك هذيل شعر مخضرم توفي في خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م من لدغة أفعى .
10 ـ مسعود بن خرشة من بني حرقوص بن مازن من تميم شاعر بدوي إسلامي .
ولا بد من تعداد أسماء بعض شعراء الصعاليك :
أبو النشناش النهشلي ـ الخطيم المحرزي ـ حُرَيْث عنّاب الطائي ـ دوير دُؤالة العقيلي ـ أيمن بن الهماز ـ سليمان عياش ـ بدر سعد الفقعي ـ الســــمهري العقيلي ـ بكر النطاح الحنفي ـ تليـــــد الظبّي ـ الشمردل بن حاجر ـ حجدر العكلي ـ طهمان عمرو الكلابي ـ عبد الله السعدي ـ جعفر علبة الحارثي ـ حبيب عوف العبدي ـ عبيد أيوب العنبري ـ طريف العنبري ـ جعدة طـــــريف السعدي ـ عبيد عياش البكري ـ عرقل بن الخطيم ـ محمد أنس الأسدي ـ عُطارد قَران ـ مسعود التميمي ـ المرار سعيد الفقعسي ـ العطاف العقيلي ـ عياش الضبي ـ معاوية الفزاوي ـ غيــــلان الربيع ـ فرعان السعدي ـ الهفوان العقيلي ـ القتال الباهلي ـ الهيردان ـ وبرة المعني الطائي ـ أبو لطيفة العقيلي ـ يزيد الصقيل العقيلي ـ لوط الطائي ـ مالك حريم الهمذاني ـ عمرو بن مسعود .
6/10/2013 المهندس جورج فارس رباحية
المـــــراجع والمـصــــادر :
ــــ شعراء النصرانية في العصر الجاهلي ج1 : الأب لويس شيخو اليسوعي بيروت 1891
ــــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973 .
ــــ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري
ــــ ديوان عروة بن الورد : أسماء أبو بكر محمد ، بيروت 1998
ــــ ديوان عروة بن الورد والسموأل : دار بيروت للطباعة 1982
ــــ ديوان تأبّط شراً : علي ذو الفقار شاكر ، دار الغرب الإسلامي 1984
ــــ مواقع على الإنترنت :
المهندس جورج فارس رباحية
الصعلكة في اللغة : هي الفقر ، والصعلوك جمع صعاليك : الفقير ، وصعاليك العرب هم لصوصهم وفقراؤهم .
قال حاتم الطائي وهو يعني الفقر والغنى :
غنينا زماناً بالتصعلك والغِنى ***** فكلا سقاناه بكأسيها الدهر
وقال الأعشى :
على كل أحوال الفتى قد شربتها ***** غنيّاً وصعلوكاً وما إن أقاتها
ويقول جابر بن ثعلبة الطائي :
كأن الفتى لم يَعْرَ يوماً إذا اكتسى ***** ولم يك صعلوكاً إذا ما تموّلا
فالنصوص التي ذكرناها ، لا تدع مجالاً للشك في أن الصعلكة هي الفقر ، وإن كانت دلالـــــــة الكلمة قد تطوّرت ، فأطلقت أيضاً على الفقـــــر المقترن بحس مرهف وإدراك لمـــا بينهم وبين الأغنياء من فوارق ، جعلهم هذا يدركون آلامهم النابع من خلاء أيديهم من المال ، وعجزهم عن الحياة التي يشتهون .
إن الصعاليك لم يجدوا غضاضة في غاراتهم على أموال الأغنياء البخلاء ، بل اعتـقدوا أنهم على الحق قيما يفعلون ، لأنهم يكفلون لأنفسهم وللضعفاء من إخوانهم أسباب الحياة . فنزعاتهم تتضح في عدة مظاهر :
1 ـ كراهية الأغنياء البخلاء ، والسطو على أموالهم ن أما الأغنياء الكرماء فإنهم لا يقربون أموالهم .
2 ـ المساواة في الغنائم ، لأنهم كانوا يقتسمون ما يغنمون ، وكانوا يتساوون في القسمة ، فلا يختص رئيسهم نفسه بنصيب أكبر من غيره .
3 ـ كانوا ذوي نجدة وعطف على الفقراء العاجزين عن الكسب والغارة ، فكانوا يعطوهم من الأسلاب أنصبة مثل أنصبتهم .
4 ـ أغلب أعمال الغزو والسطو كانوا ينفذّونها ليلا . وقصائدهم كانت تشير إلى ذلك .
5 ـ لم يجدوا عيباَ في عملهم ، بل إنهم فاخروا به ، ورأوه نوعاً من الفتوة والقصـــــاص من البخلاء ن والاشتراكية القسرية ، والتضامن الاجتماعي .
لهذا كان الصعاليك يعدّون أنفسهم أحسن حالاً من الحاكم المرتشي ومن القاضي الذي يأكل أموال اليتامى . أم أدبهم فيمتاز بعدّة خصائص :
1 ـ أنه يُصَوّر ضرباً من الأخلاق والنزعات لا نجده في غيره .
2 ـ شعرهم يصوّر نفسياتهم وأعمالهم ، فهو صدى للواقع .
3 ـ يتميّز شعرهم بوحدة الموضوع ، فليس فيه مقدّمات تمهيدية من غزل وبكاء أطلال ووصف لرحيل أو رواحل أو استطراد لموضوع آخر .
4 ـ أكثر شعرهم مقطعات لا قصائد ، ولعل مردّ هذا إلى أنهم ذوو خفة وسرعة واختلاس ، لم يألفوا التمهّل والتروّي والتنميق ، فجاء شعرهم صورة من حياتهم .
5 ـ ليس في شعرهم غزَل ، وكيف يتغزّل مَنْ يقضي نهاره يترقّب ، وليله يترصّد ، ولا يستقرّ في مقام .
6 ـ يكثرون من توجيه الخطاب في شعرهم إلى زوجاتهم .
إن شعراء الصعاليك هم كُثّرْ في العصرين الجاهلي والإسلامي ،واشتــهر منهم في الجاهلية : عروة بن الورد ـ تأبّط شراً ـ الشنفري ـ السليك بن السلكة ـ عمرو بن براقة . وفي الإســــلام : الأحيمر السعدي وغيرهم وقد عُرِفوا جميعاً بسرعة الحركة والخفّة والعدو والخبــــرة بدروب الصحراء . ونورد أدناه موجز عن بعضهم :
1 ـ عروة بن الورد ( ت 616 ) م :
هو عُرْوَة بن الوَرْدْ بن زيد وقيل بن عمرو بن زيد بن عبد الله بن ناشب بن هَرِم بن لـــديم بن عود بن غالب بن قطيعــــة بن عبس بن بغيض بن الرّيث بن غطفــــان بن سعد بن قيس بن عيـلان بن مُضَر بن نزار . هو شاعر من شعراء الجاهلية وفارس من فرسانها وصـــعلوك من صعاليكها المعدودين المقدمين الأجواد ، وكان نصرانياً ولُقِّبَ بأمير الصعاليك لأنه كان يجمعهم ويقوم بأمرهم إذا أخفقوا في غزواتهم . قال عبد الملك بن مروان : مَنْ قال إن حاتِماً ( حاتــــــم الطائي ) أســمَحَ النّاس فقد ظلَم عروة بن الورد .
ـــ لم يكن جودُه بمقصورٍ على الصعاليك ، وإنما كان يتناول المَرضى والضعفاء ، وكل ضيفٍ أتاه ، فقد كان بيته بيتَ الضيف وفراشُه فراشَه كما قال :
فِراشي فِراشُ الضّيفِ والبيتُ بيتُه ، ***** لم يُلهِني عنهُ غــــزالٌ مُقنَّعُ
أحَدّثهُ ، إنّ الحــــديثَ من القِــرى ، ***** وتعلمُ نفسي أنّهُ سوفَ يَهجَعُ
ـــ وهذا عروة يصف ليله القاسي :
لحا الله صعلوكاً إذا جنّ ليله ***** مصافي المشــاش آلفا كل مجزرِ
ينام عشاء ثم يُصبح ناعســاً ***** يحتّ الحصى عن جنبه المتعفّرِ
ـــ قيل أن عروة بلغه عن رجل من بني كنانة يُدعى ابن كنانة أنه من أبخل الناس وأكثرهم مالاً فبثَّ عليه عيوناً فأتوه بخبره ن فشدّ على إبله ن فاستقاها ثم قسمها في قومه ، فقال :
ما بالشراءِ يسود كل مُسَـــــوَّدٍ ، ***** مثرٍ ، ولكنْ ، بالفِعالِ ، يسودُ
بل لا أكاثِرُ صاحبي في يُسْرِهِ ، ***** وأصُدُّ إذ في عيشهِ تصــــريدُ
فإذا غنيتُ ، فإنّ جــــــاري نيلُهُ ***** من نائلي ، وميسري معهــودُ
وإذا افتقرتُ ، فلن أرى متخشعاً ***** لأخي غِنى ، معروفه مـكدودُ
ـــ من أجْلِ الأبيات التالية التي قالها عروة بن الورد ، قال عبد الملك بن مروان عن عروة : ما يسرّني أن أحداً من العرب ممن ولدني ، لم يلدني ، إلاّ عروة بن الورد :
إني امرؤ عافى إنائي شـركةٌ ، ***** وأنتَ امــــرؤ عـــافى إنائك واحــــدُ
أتهزأُ مني أن سمنتَ وأن ترى ***** بوجهي شحوب الحقِّ ، والحقّ جاهدُ
أقسم جسمي في جسوم كثيرة ، ***** وأحســــو قراحَ المـاء ، والماءُ باردُ
ـــ والأبيات التالية التي قالها عروة تحمل في طيّاتها فلسفته في الحياة وضرورة الســير في بلاد الله ، خلق الله ، من أجل الثراء والغنى ، بدلاً من شكوى الفقر ، أو الطلب من الذين لا يُثمر فيهم المعروف أو الخير :
إذا المرءُ لم يطلبْ معاشــــاً لنَفْســــهِ ، ***** شكا الفقرَ ، أو لامَ الصديق ، فأكثرا
وصارَ على الأذنين كلاً ، وأوشــــكتْ ***** صِــــــلاتُ ذوي القربَى له أن تنكرا
وما طالبُ الحاجات ، من كلّ وجهةٍ ، ***** من النـــاس ، إلاّ من أجدَّ وشـــــمّرا
فســـر في بــــلاد الله ، والتمس الغنى ***** تَعِش ذا يسارٍ ، أو تموت فتعــــــذرا
2 ـ الشنفري ( ت 554 ) م :
هو ثابت بن أوس الأزدي يمني الأصـــــل شاعر جاهلي قحطاني وقيل أنه من بني الحارث بن ربيعة ، والشنفري هو لقبه ويعني غليظ الشفتين وهو من أعــــدى العدّائين العرب الذين لم تلحقهم الخيل وجرى المثل بالـنفري فقيل : أعدى من الشنفري ، وهو خال تأبّط شـــراً وقيست قفزاته ليلة مقتله فكانت الواحدة منها حـوالي عشــــــرين خطوة . قيل أنه نشــــأ في قوم الإزد فأغاظوه فهرب إلى بني ســلامان وعن مقتله هناك عدة روايات عن سببها ، إحـداها تقول: أن الشنفري قال يوماً لابنة مولاه أن تغسل رأسه فلطمته فأضمر الشر لبني سلامان وحلف أن يقتل منهم مائة رجل وبالمختصر فقد غزاهم وقتل 99 رجلاً فقتلوه وصـــــلبوه وبقي عاماً أو عامين مصلوبا ، وبقي على ما نذر رجل واحد ، فجـــاء رجل من بني سلامان كان غائبـــاً عن تلـــك الأحداث فمرّ به وركل رأس الشنفري برجـــله فدخل فيها قطعة من عظم رأسه فهاجت عليـــه رجله فمات على الفور ، فعاش هذا الرجل تمام المــائة . وهو صاحب (لامية العرب ) الشهيرة ومطلعها :
أقيموا بني أمي صدور مطيّكم ***** فإني إلى قوم سواكم لأميل
3 ـ تابّط شـــرّاً ( ت 530 ) م :
هو ثابت بن جابر بن سفيان بن عَمَيْثَل بن عدي بن كعب بن حَزن وقيلَ حَرُب بن تَيْم بن سعد بن فهم بن عَمرو بن قيس بن مُضَر بن نزار ، أبو زهير ، الفهمي ، أمّه أميمـــة من بني القَيْن ، بطن من فَهْم ،ولدت خمسة أولاد : تأبّط شراً ، وريش لَغْب ، وريش نَســـر و وكعب جَدَر ، ولآ بواكي ، وقيل أنها ولدت سادساً اسمه عمرو .كان ثابت من شـعراء الجاهلية الصعاليك ، وهناك عـدة روايات عن سبب تسميه بتأبّط شراً منها أنه يوماً أخذ سيفاً تحت إبطه وخرج من بيته فجاء مَنْ سأل عنه أمّه فقالت : تابّط شرّاً وخرج . كان كثير الغارات ، سريع العدو ، كان من أسرع العدّائين فإذا جاع كان يجري خلف الظباء فيأخذ واحداً منها فيذبحه ثم يشويه ويأكلـــه ، تكوّنت عنه الأساطير من فُتّاك العرب في الجاهلية شعره قوي الملاحظة ، دقيق الوصــــف ، بـديهي العاطفة ، ساذج الحكمة . قُتِلَ في بلاد هذيل وأُلقي به في غار يُقال له رخمان . وهذا تأبّط شراً يصف ليل الصعاليك :
قليـــــل غرار النـوم أكبر همّه ***** دم الثـــأر أو يلقى كميـــا مقنعــــا
يبيت بمغنى الوحش حتى ألفنه ***** ويصبح لا يحمي لها الدهر مرتعا
4 ـ السُليّك بن السلكة (توفّي 606 ) م :
هو السُلّيك بن عمير بن يثربي بن سنان السعدي التميمي من بني مقاعس ، شــــاعر أســــود ، عدّاء ، يُلَقّب بالرئبال ( الأسد ) والسلكة هي أمّه أمَة سوداء كانت شاعرة وشعرها أشــعر من شعر ابنــها ، كان أعرف الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها . كان يغير على اليمن فإذا لم يتمكّن أغار على ربيعة . قتله أسد بن مدرك الخثمي ، وقيل قتله يزيد بن رويم الذهلي الشيباني . كــان السليك يصف ليله بدون اهتمام للنوم ولا يُغريه الليل ولا القمر فيقول :
إني لتارك هامات بمجزرة ***** لا يزدهيني سواد الليل والقمر
5 ـ عمرو بن بَرَاقَة ( توفي 634 ) م :
هو عمرو بن الحارث بن عمرو بن منبه البنهمي من همدان ويُعْرَف بعمرو بن بَرَاقَة وهي أمّه ، ويثعْرف أيضاً بعمرو بن براق ، شاعر همدان له أخبار في الجاهلية . عـــاش إلى خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م . قال الكلبي : أذِنَ عمر للناس فدخل عمرو بن براقة وكان شيخاً كبيراً يعرج . له قصيدة تعتبر من أشهر أشعار الصعاليك التي يقول فيها :
متى تجمع القلب الذكي وصارما ***** وأنفا حميماً تتّقيك المظالم
6 ـ خفاف بن ندبة ( توفي 640 ؟ ) م :
هو خفاف بن عمير بن الحارث بن عمرو ( الشريد ) بن قيس بن عيلان السلمي ، أخذ نسبه من أمّه ندبة بنت شيطان ، وكانت سوداء سباها الحارث بن الشريد حين أغارعلى بني الحارث بن كعب ن فوهبها لابنه عمير فولدت له خفّافاً . يُكَنّى بأبي خُراشة ، وهو ابن عم الشـــــــاعرة الخنساء . كان من فرسان العرب المعدودين ، وقد روي عن الأصمعي قوله : خفّاف ودريد بن الصمّة أشعر الفرسان . ادرك الإسلام فأسلم ، شهد فتح مكة وغزوة حنين والطائف ومـــدح أبو بكر الصديق . رُوِيَ أن خفّاف ومعاوية بن الحارث بن الشريد أغارا على بني ذبيان يوم حوزة فلما قتلوا معاوية بن عمرو قال خفّااف : والله لا أريم اليوم أو أقيد به سيدهم فحمل على مالك بن حمار الشخين وهو يومئذ فارس بني فزارة وسيدهم فقتله وقال :
فإن تك خيلي قد أصيب
صميمها فعمداً على عيني تيممت مالكا
أقول له والرمح يأطر متنه
تأمل خفافاً إنّني أنا ذلكا
7 ـ قيس بن الحدادّيــة ( 612 ؟ ) م :
هو قيس بن منقذ بن عمرو السلولي ، من بني سلول بن كعب من خزاعة . كان شجاعاً فتاكاً كثير الغارات ، تبرّأت منه خُزاعة في سوق عكاظ وأشهدت على نفسها أنها لا تحتمل جريرة لهُ ولا تُطالب بجريرة عليه فَنُسِبَ إلى أمّه وهي من بني حِداد من ( محارب ) ، وقال المرزباني : إنه من بني الحُداد من كنانة . شِعْره من الطبقة الثانية في عصره . كان يهوى أم مـــــالك بنت ذؤيب الخزاعي وَلَهُ فيها شِعْر بديع الصنعة . قتله بعض بني مزينة في غارة لهم .
8 ـ الأُحيمَر السعدي ( توفي 787 ) م :
هو الأحيمر بن فلان بن الحارث بن يزيد السعدي ، من سعد بن زيد مناة بن تميم , شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية ( 660 ـ 750 ) م والعباسية ( 750 ـ 1258 ) م كان لصاً فاتكاً مارداً من أهل بادية الشام ، وهو صاحب البيت السائر على كل لسان :
عَوى الذِئبُ فاستأنَسْتُ بالذئب إذ عوى ***** وصَوَّتَ إنســـــانٌ فَكِدتُ أطيـــرُ
يــــرى اللهُ إنّــــي للأنــــيسِ لَكَــــــارِهٌ ***** وِتَبْغِضُهُم لي مُقلَـــــةٌ وضــــميرُ
فَلِلَّيــــــلِ إن وارانــــــي اللَّــــيلُ حكمُهُ ***** وِللشَمْسِ إن غـــــابَت عليَّ نُذورُ
وإنـــــــي لأَســــــتحي مِنَ اللهِ أن أُرَى ***** أُجَرِّرُ حَبْــــلاً ليسَ فيــــه بعـــيرُ
وأن أســـــــألَ المــــــرْءَ اللئــ يمَ بَعيرَهُ ***** وَبَعرانُ رَبِّــي في البــــلاد كثيرُ
معي فِتْيــــــةٌ بيضُ الوجــــوهِ كأنّهــــم ***** على الرَحلِ فَوقَ الناعجاتِ بُدورُ
أيا نخـــــلات الكَـرمِ لا زالَ رائِحــــــاً ***** عَلَيكُــــــنَّ مَنْــــــهَلُّ الغَمَامِ مَطـيرُ
9 ـ مالك بن الريب ( ) م :
هو مالك بن الرّيب بن حَوْط بن قُرْط بن حُسَيْل ( أو حِسْل )بن ربيعة بن كابية بن حُرقُوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم .وأمّه بنت سنيح بن الحرّ بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن . يقول القني في وصف مالك : ( وكان مالك بن الريب فيما ذُكِر من أجمـــل العرب جمالاً ، وأبينهم بياناً فلما رآه سعيد بن عثمان بن عفان واللي خراسان أُعجبَ يه ) .
نشأ مالك في بادية تميم بالبصرة في أول الدولة الأموية ( 660 ـ 750 ) م فمسـرحه الأول كات البادية وحريّتها التي فهمها بطريقة البدوي الذي لا يجد حداً يوقفها وكانت السبب الرئيسي في لصوصيّته وتزعمه مجموعة من اللصوص سارت على هواه في تحقيق رغبته ورغباتهم . كان لصاً فاتكاً يُصيب الطريق مع شظاظ الضبي الذي يُضرب به المــــثل ( ألصُّ من شظاظ ) .هرب من الحجاج بن يوسف الثقفي لأنه هجاه ، فآمنه بشر بن مروان واســـــتصحبه سعيد بن عثمان بن عفان والي خراسان . اتصفت شخصيّته بالشجاعة والثبات بالمعركة فهو خبير بفنون القتال يعطف بالخيل عندما يثدبر الآخرون ، يُنجِد المستغيث ، كل تلك الصفات يُقابله ضـــعف وًرِقّة أمام أبناء العم والجيران ، وهذا ما ظهر في يائيّه المشهورة :
ألا ليْتَ شِــــــعْري هَـــــــل أبِيتَنَّ ليلًــــةً ***** بجنبِ الغَضا أزجي القِلاصَ النَواجيا
فًليْتَ الغضا لم يقطـــعِ الرّكبُ عَرضَـهُ ***** ولَيتَ الغَضـــا ماشى الرِّكــــابَ لياليا
ولَيْتَ الغضا والأثـــــــلَ لم ينبُتا مــــعاً ***** فأنّ الغضــــا والأثـــــلَ قد قَتَـــــلانِيا
وقد كـــنت عطــــافاً إذا الخيــل أدبرت ***** سريعاً إلى الهيجا إلى مَنْ دعــــــانيا
وقد كنت صبّاراً على القرن في الوغى ***** وعن شتمي ابن العم والجار وانيــــا
إن الله يرجعنــــي من الغــــزو لا أرى ***** وإنْ قلّ مـــالي طــــالباً ما ورائيــــا
تقــــول ابنتي لما رأت طــــول رحلتي ***** ســـــفارك هذا تاركـــي لا أبً ليــــا
لعمري لئن غــالت خراســـــان هامتي ***** لقد كنت عن بابأأأي خراســــان نائيا
فإن أنج من بـــابي خراســـــان لا أعد ***** إليـــها وإن منيتــــــــموني الأمــــانيا
تذكّــــرت من يبكي علــــي فلم أجــــد ***** سوى السيف والرمـــح الرديني باكيا
وأشـــــقر محـــــبوكاً يجــــرّ عنــــانُه ***** إلى الماء لم يترك له المـــوت ســاقيا
ولكن بأطـــــــراف الســــــمينة نسوة ***** عزيز عليهـــنّ العيشــــــة ما بيـــــــا
يقول الأصفهني عن موت مالك : ( مرض مالك بن الريب عند قفول ســــــعيد بن عثمان من خراسان في طريفه ، فلما أشرف على الموت ، تخلّف معه مُرَّة الكاتب ، ورجل من قومه من بني تميم وهما اللذان يقول فيهما :
أيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا ***** برابية إنّي مُقيمٌ لياليا
وبعضهم يقول أنه مات في غزو مع سعيد ويقول آخرون أنه مات في خان فرثته الجن لما رأت من غربته ووحدته .
10 ـ شِظاظُ الضَّبّيُّ ( ) :
هو شظاظ الضبيّ ، مولى لبني تميم . كان أخبث الشعراء اللصوص مع أبو حردبة وغويث الذين كانوا مع مالك الريب . كانوا يجتمعون ويتحدّثون عن أعجب ما فعلوه وأخذوه ورأوه في أعمالهم اللصوصية . قال أبو الهيثم في كتاب الأغاني : ( ..... ثمّ صَلبَ الحجّاج رجـــــلاً من الشراة بالبصرة ، ، وراح عشيّاً ، لينظر إليه ، فإذا برجلٍ بإزائه مُقبلٌ بوجهه عليه ، فدنا منه ، فسمعه يقول للمصلوب : طال ما ركبتَ فأعقبْ ، فقال الحجّاج : من هذا ؟ قالوا : هــذا شِظاظ اللّص ، قال : لا جَرَم ! والله ليُعقبنكَ ، ثم وقف ، وأمر بالمصلوب ، فأُنزِل ، وصَـــلَبَ شِظاظ مكانه ) فكانت هذه نهاية شِظاظ . وبالنسبة إلى شِعْرِه نذكر هذه الأبيات :
مَنْ مُبْلِغٌ فِتيانَ قومي رِسـالةً ***** فلا تَهْلِكُـــــوا فَقْــــراً عِرْقِ ناهِقِ
فإنّ به صَيْداً عَزيزاً وهَجْمَةً ***** طِــــوالَ الهوادي بائناتِ المرافقِ
نجائبَ عِيْدِيَّ يكونُ بُغــــاؤُهُ ***** دُعاءً وقدْ جاوَزْنَ عُرْضَ الشَّقائقِ
11 ـ أبو حَرْدَبَة ( ) :
هو أبو حردبة ـ أحد بني أثالة بن مازن . يذكر صاحب الأغاني خبراً له مع مالك بن الرّيب يقول : ( وكان السبب الذي من أجله وقع مالك بن الريب إلى ناحية فارس ، انه كـــان يقطـــع الطريق هو وأصحابٌ له ، منهم : شِظاظ وأبو حربة وغويث ، فساموا الناس شراً ، وطلبـــهم مروان بن الحَكَم ، وهو عامل على المدينة ، فهربوا فكتبَ إلى الحارث بن حاطب الجمحي ، وهو عامله على بني عمرو بن حنظلة يطلبهم ،فهربوا منه ..... ) . ومن شعره قال :
فَهَلِ الإلهُ يَشِيْعُني بفوارسٍ ***** لِبَني أُميّةَ في سَرارِ جَمِيرِ
12 ـ يَـعْـلَى الأحول الأَزْدِيّ ( ) :
هو يعلى الأحول بن مُسلم بن أبي قيس الزدي ، أحد بني يشـكر بن عمــــــرو بن رالان ، ورالان هو يشكر ــ ويشكر هو لقبه ــ بن عمران بن عمرو بن عدي بن حــارثة بن لوذان بن كهف الظلام بن ثعلبة بن عمرو بن عامر . كان لصّاً فاتكاً خراباً خليعاً ، يجمع صعاليك الأزد وخلعاءهم ، فيغيرون على أحياء العرب ويقطع الطريق على السابلة فشكوا إلى نافع بن علقمة وكان والي مكة فطلب من عشيرته إحضاره فلما أتوا به ، قيّده وأودعه السجن . ومن شِعْره :
ألا ليتَ حاجاتي اللّواتي حبسْنني ***** لدى نافعٍ قُضِّينَ منذ زمـانِ
ومــا بي بُغْضٌ للبــــلادِ ولا قِلًى ***** ولكِنَّ شوقاً في سواه دعاني
فليتَ القِلاصَ الأدْمَ قدْ وَخَدَتْ بنا ***** بوادِ يمانٍ ذي رُبّى ومَحـانِ
بوادِ يمانٍ يُنْبتُ السّـــــِدْرَ صَدْرُهُ ***** وأسفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبُـــهانِ
13 ـ مالك بن حريمٍ الهَمْدَانيّ ( ) :
هو مالك بن حريم بن بم مالك بن حريم بن دألان بن سابقة بن ناشج بن دافع بن مالك جشم بن حاشد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان . ومالك شاعر فحل مخضرم جاهلي إسلامي ، ولص مشهور . ونورد مقطعاً من قصيدته الشهيرة يصف الشيب الذي خطَّ شَعْره :
جَزَعْتَ ولم تَجْزَعْ مِنَ الشَّيْبِ مَجْزعا ***** وقد فاتَ رِبْعِيُّ الشَّبابِ فَوَدَّعا
ولاح بيــــاضٌ في ســــــوادٍ كأنّــــــه ***** صِوارٌ بِجَوِّ كان جَدْباً فأمْرَعــــا
فإن يَكُ شـــــابَ الرأسُ مِنّي فإنّنــــي ***** أبَيْتُ على نفسي مَناقِبَ أربعــــا
فواحِـــــــدةٌ : أن لا أبيــــــتَ بِغِــــرَّةٍ ***** إذا ما سَوامُ الحَيِّ حَوْلي تَضَوَّعا
وثانيــــــــةٌ : أن لا أُصَمّـــــِتَ كَلْبَنــا ***** إذا نَزَلَ الأضيافُ حِرْصاً لِنُودَعا
وثالثــــــــةٌ : أن لا تُقَـــــذّعَ جــارتي ***** إذا كان جارُ القَومِ فِيـــهم مَقّذعـا
ورابعــــــةٌ : أن لا أُحَجِّــــلَ قِـــتدْرَنا ***** عِلى لَحْمِها حينَ الشِّتاءِ لِنَشْبَـــعا
14 ـ أبو الطَّمحان القَيْنيّ ( ) :
هو أبو الطمحان ، واسمه حنظَلة بن الشَّرْقيّ ، أحد بني القَيْن بن جسر بن شَيْع الله بن الأسد بن وَبْرَة بن تغلب بن حُلوان بن عمران بن الحافِ بن قضاعة . جميع المصــادر تقول أنه كان شاعراً جاهلياً من المخضرمين ( أدرك الجاهلية والإسلام ) . لم تذكر المصادر شيئاً عن نشأته كل الذي تذكره هو حياته ، وهو رجــــــل كبير ، وقال عنه صــــاحب الأغاني أنه : ( كان أبو الطمحان شاعراً خارباً صعلوكاً ..... وكان ترباً للزبير بن عبد المطلب في الجاهلية ونديماً له ) وقال عنه صاحب كتاب الشعر والشعراء : أنه كان فاسقاً .وذكره صاحب كتاب المعمّرين فقال : ( وعاش أبو الطمحان القيني بن الشّرقي .... مائتي سنة ) . وقد وُصِفَ شِعْره بالجَيِّد ، ومنه :
وبالحيْرَةِ البيضاءِ شيْخٌ مُسَلَّطٌ ***** إذا حـلف الإيمانَ باللهِ بَرَّتِ
لقد حلقــــوا مِنيّ غُــدافاً كأنّهُ ***** عناقيدُ كَرْمٍ أبنَعَتْ فاسْبَطَرَّتِ
فَظَلَّ العذارى يومَ تُحْلَقُ لِمَّتي ***** على عَجَلٍ يلقُطْنَها حيثُ خَرَّتِ
ذكرنا أعلاه إن شعراء الصعاليك هم كُثّرْ في العصرين الجاهلي والإسلامي ، وتناولنا البعض منهم بالتفصيل ونبيّن أدناه أسماء البعض الآخر :
1 ـ الحارث بن ظالم المري ، توفي نحو 600 م .
2 ـ حاجز بن عوف الأزدي ن توفي قبيل الإسلام بفترة قصيرة .
3 ـ أبو منازل السعدي ، من بني تميم ، توفي في خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م
4 ـ الخطيم بن نويرة ، عاش في صدر الإسلام ، وربما أدرك أوائل العصر الأموي .
5 ـ القتال الكلابي ، من بني عامر بن صعصعة ، توفي نحو 688 م .
6 ـ فضالة بن شريك الأسدي ، توفي عام 686 م
7 ـ صخر الغي من هذيل ، توفي في صدر الإسلام .
8 ـ الأعلم الهذلي ، هو حبيب بن عبد الله الهذلي ، شقيق صخر الغي ، توفي في صدر الإسلام
9 ـ أبو خراش الهذلي ، هو خويلد بم مُرّة أشهر صعاليك هذيل شعر مخضرم توفي في خلافة عمر بن الخطاب ( 634 ـ 644 ) م من لدغة أفعى .
10 ـ مسعود بن خرشة من بني حرقوص بن مازن من تميم شاعر بدوي إسلامي .
ولا بد من تعداد أسماء بعض شعراء الصعاليك :
أبو النشناش النهشلي ـ الخطيم المحرزي ـ حُرَيْث عنّاب الطائي ـ دوير دُؤالة العقيلي ـ أيمن بن الهماز ـ سليمان عياش ـ بدر سعد الفقعي ـ الســــمهري العقيلي ـ بكر النطاح الحنفي ـ تليـــــد الظبّي ـ الشمردل بن حاجر ـ حجدر العكلي ـ طهمان عمرو الكلابي ـ عبد الله السعدي ـ جعفر علبة الحارثي ـ حبيب عوف العبدي ـ عبيد أيوب العنبري ـ طريف العنبري ـ جعدة طـــــريف السعدي ـ عبيد عياش البكري ـ عرقل بن الخطيم ـ محمد أنس الأسدي ـ عُطارد قَران ـ مسعود التميمي ـ المرار سعيد الفقعسي ـ العطاف العقيلي ـ عياش الضبي ـ معاوية الفزاوي ـ غيــــلان الربيع ـ فرعان السعدي ـ الهفوان العقيلي ـ القتال الباهلي ـ الهيردان ـ وبرة المعني الطائي ـ أبو لطيفة العقيلي ـ يزيد الصقيل العقيلي ـ لوط الطائي ـ مالك حريم الهمذاني ـ عمرو بن مسعود .
6/10/2013 المهندس جورج فارس رباحية
المـــــراجع والمـصــــادر :
ــــ شعراء النصرانية في العصر الجاهلي ج1 : الأب لويس شيخو اليسوعي بيروت 1891
ــــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973 .
ــــ تاريخ الأدب العربي : حنا الفاخوري
ــــ ديوان عروة بن الورد : أسماء أبو بكر محمد ، بيروت 1998
ــــ ديوان عروة بن الورد والسموأل : دار بيروت للطباعة 1982
ــــ ديوان تأبّط شراً : علي ذو الفقار شاكر ، دار الغرب الإسلامي 1984
ــــ مواقع على الإنترنت :