ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


2 مشترك

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty رد: مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 3 فبراير 2013 - 23:34

    مشاركةرائعة

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty ذكر تاريخ قدوم عمر الجابية

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 5 فبراير 2013 - 23:34

    ذكر تاريخ قدوم عمر الجابية



    قال يزيد بن عبيدة: فتحت بيت المقدس
    سنة ست عشرة. وفيها قدم عمر بن الخطاب الجابية.
    وقال الوليد بن مسلم: ثم عاد في العام المقبل، يعني سنة ثمان عشرة، حتى أتى
    الجابية، يعني بعد عوده من سرغ سنة سبع عشرة، فاجتمع إليه المسلمون، فدفع إليه
    أمراء الأجناد ما اجتمع عندهم من الأموال، فجند ومصر الأمصار ثم فرض الأعطية
    والأرزاق ثم قفل إلى المدينة.
    وقال عبد الله بن صالح في حديثه: إن عمر قدم لجابية سنة ثمان عشرة. قال: وهذا يدل
    على أن عمر قدم الجابية مرتين.
    وعن عبد العزيز بن مروان أنه قال لكريب بن أبرهة: أخضرت عمر بن الخطاب بالجابية?
    قال: لا. قال: فمن يحدثنا عنها? قال: كريب: إن بعثت إلى سفيان بن وهب الخولاني
    حدثك عنها، فأرسل إليه فقال: حدثني عن خطبة عمر بن الخطاب يوم الجابية قال سفيان:
    إنه لما اجتمع الفيء أرسل أمراء الأجناد إلى عمر بن الخطاب أن يقدم بنفسه فقدم
    فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإن هذا المال نقسمه على من أفاء الله
    بالعدل إلا هذين الحيين من لخم وحذام فلا حق لهم فيه، فقام إليه أبو حديدة الأجذمي
    فقال: ننشدك الله يا عمر في العدل. فقال عمر: العدل أريد. أنا أجعل أقواماً أنفقوا
    في الظهر وشدوا العرض، وساحوا في البلاد مثل قوم مقيمين في بلادهم?! ولو أن الهجرة
    كانت بصنعاء أو بعدن ما هاجر إليها من لخم ولا جذام أحد. فقام أبو حديدة فقال: إن
    الله وضعنا من بلاده حيث شاء، وساق إلينا الهجرة في بلادنا فقبلناها ونصرناها،
    أفتلك تقطع حقنا يا عمر? ثم قال: لكم حقكم مع السمين ثم قسم. فكان للرجل نصف
    دينار. فإذا كانت معه امرأته أعطاه ديناراً. ثم دعا ابن قاطورا صاحب الأرض فقال:
    أخبرني ما يكفي الرجل من القوم في الشهر واليوم فأتى بالمدي والقسط فقال: يكيفيه
    هذان لمديان في الشهر وقسط زيت وقسط خل. فأمر عمر بمديين من قمح فطحنا ثم عجنا ثم
    أدمهما بقسطين زيتاً ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلاً فكان كفاف شبعهم، ثم أخذ عمر
    المديين بيمينه والقسط بيساره ثم قال: اللهم لا أخلي لأحد أن ينقصهما بعدي. اللهم
    فمن ينقصهما فأنقص من عمره.
    قال الهيثم بن عمر: إني سمعت جدي يقول:
    لما ولي عمر بن الخطاب
    زار أهل الشام فنزل الجابية، وكانت دمشق تشتعل طاعوناً، فهم أن يدخلها فقال له
    أصحابه: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حل بكم الطاعون فلا تهربوا
    منه ولا تأتوه حيث هو، وقد علمت أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين معك
    قرحانون لم يصبهم طاعون قط، فأرسل عند ذلك رجلاً من جديلة ولم يدخلها هو إلى بيت
    المقدس فافتتحها صلحاً. ثم أتاها عمر ومعه كعب. فقال: أبا إسحاق، الصخرة، أتعرف
    موضعها? قال: إذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعاً وهي مزبلة ثم
    احفر فإنك ستجدها، فحفروا فظهرت لهم. فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد قال:
    اجعله خلف الصخرة فتجمع القبلتين قبلة موسى وقبلة محمد صلى الله عليه وسلم، فقال:
    ضاهيت اليهودية والله يا أبا إسحاق، خير المساجد مقدمها، فبناه في مقدم المسجد.
    فبلغ أهل العراق أنه زار أهل الشام فكتبوا إليه يسألونه أن يزورهم كما زار أهل
    الشام، فهم أن يفعل فقال له كعب؛ أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تدخلها. قال:
    ولم? قال: فيها عصاة الجن وهاروت وماروت يعلمان الناس السحر. وفيها تسعة أعشار
    الشر وكل داء معضل. فقال عمر: قد فهمت كل ما ذكرته غير الداء المعضل، فما هو? قال:
    كثرة الأموال هو الذي ليس له شفاء. فلم يأتها عمر.
    ونزل المسلمون الجابية وهم أربعة وعشرون ألفاً فوقع الطاعون فيهم، فذهب منهم عشرون
    ألفاً، وبقي أربعة آلاف فقالوا: هاذ طوفان وهذا رجز فبلغ ذلك معاذاً فبعث فوارس
    يجمعون الناس، وقال: اشهدوا المدراس اليوم عند معاذ. فلما اجتمعوا قام فيهم فقال:
    أيها الناس، والله لو أعلم أني أقوم فيكم بعد مقامي هذا ما تكلفت اليوم القيام
    لكم. وقد بلغني أنكم تقولون هذا الذي وقع فيكم طوفان ورجز، والله ما هو طوفان ولا
    رجز وإنما الطوفان والرجز كان عذب الله به الأمم. ولكنها شهادة أهداها الله لكم
    استجاب فيكم دعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم. ألا فمن أدرك خمساً فاستطاع أن يموت
    فليمت: أن يكفر الرجل بعد إيمانه، وأن يسفك الدم بغير حقه، وأن يعطى مال الله بأن
    يكذب أو يفجر، وأن يظهر التلاعن بينكم، أو يقول الرجل حين يصبح: والله إن حييت أو
    مت ما أدري ما أنا عليه.
    وقوع هذا الطاعون والوباء مصداق ما روي عن معاذ بن جبل قال: ينزل المسلمون أرضاً
    يقال لها الجابية أو الجويبية فتكثر به أموالهم ودوابهم، فيبعث عليهم جرب كالدمل
    تزكو فيه أموالهم وتستشهد فيه أبدانهم.
    وفي رواية: يصيبكم فيه داء مثل غدة الجمل، فيستشهد الله به أنفسكم وخياركم فيزكي
    أبدانكم




    صفحة 81+82

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty ما اشترط عند فتح الشام على الذمة

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 5 فبراير 2013 - 23:39

    ما اشترط عند فتح الشام
    على الذمة



    عن
    عبد الرحمن بن غنم قال: كتب لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام: بسم الله الرحمن
    الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا، إنكم لما
    قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا، وشرطنا لكم على
    أنفسنا ألا تحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلية ولا صومعة
    راهب، ولا نجدد ما خرب منها ولا نحيي ما كان منها من خطط المسلمين ولا نمنع
    كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم، و لا نؤوي في كنائسنا ولا في
    منازلنا جاسوساً، لوا نكتم غشاً للمسلمين، ولا نعلم أولادنا القرآن، ولا نظهر
    شركاً ولا ندعو إليه أحداً، ولا نمنع من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن
    أرادوه، وأن نوقر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم
    في شيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم،
    ولا نتكنى بكناهم، ولا نركب السرج، ولا نتقلد السيوف، لوا نتخذ شيئاً من السلاح،
    ولا نحمله معنا، ولا تنقش على خواتمنا بالعربية ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم
    رؤوسنا، وأن نلزم زينا حيثما كنا، وأن نشد زنانير على أوساطنا. وألا نظهر الصليب
    على كنائسنا، ولا نظهر كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسوقهم، ولا نضرب
    بنواقيسنا في كنائسنا إلا ضرباً خفياً، ولا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في
    شيء من طريق المسلمين وأسواقهم، ولا نجاوزهم بموتانا، ولا نتخذ من الطريق ما جرى
    عليه سهام المسلمين، ولا نطع عليهم في منازلهم
    فلما أتيت عمر بالكتاب
    زاد فيه: ولا نضرب أحداً من المسلمين. شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا
    عليه الأمان. فإن نحن خالفنا عن شيء مما شرطناه لكم وضمناه على أنفسنا فلا ذمة
    لنا، وقد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة في الشقاق.
    وفي طريق آخر.
    ولا نخرج شعانين ولا باعوثاً ولا نرفع أصواتنا مع أمواتا، ولا نظهر النيران معهم
    في شيء من طريق المسلمين وأسواقهم.
    وروى عبد الله بن المغيرة عن أبيه قال: صالحهم أبو عبيدة على أنصاف كنائسهم
    ومنازلهم وعلى رؤوسهم، وألا يمنعوا من أعيادهم، ولا يهدمون شيئاً من كنائسهم. صالح
    على ذلك أهل المدينة وأخذ سائر الأرض عنوة.
    وقيل: صالحوهم على من فيها من جماعة أهلها على جزية دنانير مسماة، لا تزاد عليهم
    إن كثروا، ولا تنقص منهم إن قلوا. وأن للمسلمين فضول الدور والمساكن عنهم،
    وأسواقها.
    وقال ابن سراقة: كان في كتاب صلح دمشق: هذا كتاب من خالد بن الوليد لأهل دمشق أني
    أمنتكم على دمائكم وأموالكم ومساكنكم وكنائسكم أن تهدم أو تسكن ما لم تحدثوا
    حدثاً، أو تؤووا محدثاً مغيلة.
    وعن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه قال: لما قدم عمر بن الخطاب الشام كان في
    شرطه على النصارى أن يشاطرهم منازلهم فيسكن فيها المسلمون، وأن يأخذ الحيز القبلي
    من كنائسهم لمساجد المسلمين.
    وعن سالم عن أبيه أن عمر بن الخطاب أمر أن تهدم كل كنيسة لم تكن قبل الإسلام، ومنع
    أن تحدث كنيسة، وأمر ألا يظهر صليب خارجاً من كنيسة إلا كسر على رأس صاحبه.
    وعن أسلم مولى عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء أهل الجزية ألا يضعوا الجزية
    إلا على من جرت أو مرت عليه المواسي وجزيتهم أربعون درهماً على أهل الورق منهم،
    وأربعة دنانير على أهل الذهب. وعليهم أرزاق المسلمين من الحنطة مديين وثلاثة أقساط
    زيت لكل إنسان كل شهر من كان من أهل الشام وأهل الجزيرة، ومن كان من أهل مصر إردب
    لكل إنسان كل شهر. ومن الودك والعسل شيء لم نحفظه، وعليهم من البز التي كان يكسوها
    أمير المؤمنين شيء لم نحفظه، ويضيفون من نزل بهم من أهل الإسلام ثلاث أيام، وعلى
    أهل العراق خمسة عشر صاعاً لكل إنسان. وكان عمر لا يضرب الجزية على النساء، وكان
    يختم في أعناق رجال أهل الجزية.
    وفي حديث آخر: فلما قدم عمر الشام شكوا إليه وقالوا: يا أمير المؤمنين، إنهم
    يكلفونا ما لا نطيق، يكلفونا الدجاج والشاء. فقال: لا تطعموهم إلا مما تأكلون مما
    يحل لهم من طعامكم.
    وعن عكرمة أن ابن عباس سئل: هل للعجم أن يحدقوا في أمصار العرب بنياناً أو شيئاً،
    فقال: أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه كنيسة، أو قال: بيعة. ولا
    يضربوا فيه ناقوساً، ولا يشربوا فيه خمراً، ولا يدخلوه خنزيراً، وأيما مصر مصره
    العجم ففتحه الله على العرب، فللعجم ما في عهدهم، وعلى العرب أن يفوا لهم بعهدهم.
    وعن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى على أهل الذمة بضيافة
    ثلاثة أيام للمسلمين ما بصلحهم من طعام ولف دوابهم.
    قال الأوزاعي: كتب عمر بن الخطاب في أهل الذمة أن من لم يطق منهم فخففوا عنه، ومن
    عجز فأعينوه، فإنا لا نريدهم لعام ولا لعامين.
    وعن ضمرة بن جندب قال: قال عمر بن الخطاب في أهل الذمة: سموهم ولا تكنوهم، وأذلوهم
    ولا تظلموهم، وإذا جمعتكم وإياهم طريق فألجئوهم إلى أضيقها.
    وعن عبد الملك بن عمير أن عمر بن الخطاب اشترط على أنباط الشام للمسلمين أن يصيبوا
    من ثمارهم وتينهم ولا يحملوا.
    وعن الأحنف بن قيس أن عمر بن الخطاب اشترط على أهل الذمة إصلاح القناطر، والضيافة
    يوم وليلة، وإن قتل رجل من المسلمين في أرضكم فعليكم ديته.
    وعن ابن أبي نجيح قال: سألت مجاهداً: لم وضع عمر على أهل الشام الجزية أكثر مما
    وضع على أهل اليمن? فقال: لليسار.
    وعن الحكم بن عمر الرعيني قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمصار الشام: لا يمشين
    نصراني إلا مفروق الناصية، ولا يلبسن قباء، ولا يمشين إلا بزنار من جلد، ولا يلبسن
    طيلساناً، ولا يلبسن سراويلاً ذات خدمة، ولا يلبسن نعلاً ذات عذبة، ولا يركبن على
    سرج، ولا يوجد في بيته سلاح إلا انتهب

    صفحة 82+83

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty رد: مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور

    مُساهمة من طرف مآآآري الأربعاء 6 فبراير 2013 - 12:15

    مشاركةرائعة

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty ذكر حكم الأرضين وما جاء فيه

    مُساهمة من طرف waell الخميس 7 فبراير 2013 - 0:11

    ذكر حكم
    الأرضين وما جاء فيه



    قال: لا خلاف بين الأئمة أن كل بلد
    صولح أهله على الخراج المعلوم أنه لا يجوز تغيير ما استقر عليه. وقد صح أن عمر بن
    الخطاب رضي الله عنه أمضى لأهل مدينة دمشق الصلح، لكنه لما أشكل عليه الحال في
    الفتح وهل سبق من دخلها عنوة أو من دخلها بالصلح أمضاها كلها صلحاً لأهلها، وقبل
    منهم شروطاً بذلوها، فأما ما ظهر عليه المسلمون عنوة من أعمالها ونواحيها، وحووه
    بالقهر والغلبة من أرضيها فقد اختلف فيه: فذهب عمر وعلي ومعاذ بن جبل إلى أنها وقف
    على المسلمين، لا تقسم بين من غلب عليها من الغانمين، وتجري غلتهم عليهم وعلى من
    بعدهم. وذهب الزبير بن العوام وبلال بن رباح إلى أنها ملك للغانمين، فتقسم بينهم
    على ما يراه الإمام. وذهب أبو حنيفية وسفيان الثوري إلى أن الإمام في ذلك بالخيار،
    إن شاء وقفها، وإن شاء قسمها ووزعها على ما يراه بين من غنمها. وذهب مالك إلى أنها
    تصير وقفاً بنفس الاغتنام. ولا يكون فيها اختيار للإمام. وذهب الشافعي إلى أنه ليس
    للإمام أن يقفها بل يلزمه أن يقسمها إلا أن يتفق على وقفها المسلمون، فيرضى ببذلك
    من غنمها.
    فأما ما روي عن عمر وعن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: لولا آخر المسلمين ما
    فتحت عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر.
    وعنه أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: أما والذي نفسي بيده، لولا أن أترك آخر الناس
    بباناً ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه
    وسلم خيبر، ولكن أتركها لهم حراثة.
    ومعنى بباناً أي باجاً واحداً وشيئاً واحداً.
    وعن يزيد بن أبي حبيب قال: كتب عمر إلى سعد حين افتتح العراق: أما بعد. فقد بلغني
    كتابك، تذكر أن الناس سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عز وجل عليهم،
    فإذا أتاك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس به عليك إلى العسكر من كراع أو مال
    فاقسمه بن من حضر من المسلمين. واترك الأرضين والأنهار لعمالها ليكون ذلك في
    أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شيء.
    وعن إبراهيم السلمي قال: لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر: اقسمه بيننا فإنا
    فتحناه غنوة. فأبي وقال: فما لمن جاء بعدكم من المسلمين? وأخاف إن قسمته أن
    تفاسدوا بينكم في المياه. قال: فأقر أهل السواد في أرضيهم، وضرب على رؤوسهم الجزية
    وعلى أرضيهم الطسق.
    قال أبو عبيدة: يعني بالطسيق: الخراج.
    وعن عتبة بن فرقد قال: اشتريت عشرة أجربة من أرض السواد على شاطئ الفرات لقضب
    لدوابي فذكرت ذلك لعمر فقال لي: اشتريتها من أصحابها? قلت: نعم. قال: رح إلي فرحت
    إليه فقال: يا هؤلاء، أبعتموه شيئاً? قالوا: لا، قال: ابتغ مالك حيث وضعته.
    وأما ما روي عن علي رضي الله عنه وعن حارثة بن مضرب عن عمر أنه أراد أن يقسم
    السواد بني المسلمين فأمر أن يحصوا، فوجد الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين، فشاور في
    ذلك فقال له علي بن أبي طالب: دعهم يكونوا مادة للمسلمين فتركهم. وبعث عليهم عثمان
    بن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر، وبهذا كان يأخذ سفيان
    بن سعيد وهو معروف من قوله إلا أنه كان يقول: الخيار في أرض الغنوة إلى الإمام إن
    شاء جعلها غنيمة فخمس وقسم، وإن شاء جعلها فيئاً عاماً للمسلمين ولم يخمس ولم
    يقسم.
    قال أبو عبيد: وليس الأمر عندي إلا على ما قال سفيان إن الإمام مخير في العنوة
    بالنظر للمسلمين والحيطة عليهم بين أن يجعلها غنيمة أو فيئاً.
    وأما ما روي عن معاذ ولما قدم عمر الجابية أراد قسم الأرضين فقال له معاذ: والله
    إذن ليكونن ما تكره، إنك إن قسمتها اليوم كان الربع العظيم في أيدي القوم، ثم
    يبيدون فيصير ذلك إلى الرجل الواحد أو المرأة، ثم يأتي من بعدهم قوم يسدون من
    الإسلام مسداً وهم لا يجدون شيئاً. فانظر أمراً يسع أولهم وآخرهم. فسار عمر إلى
    قول معاذ.
    وأما ما روي عن الزبير قال سفيان بن وهب الخولاني: لما افتتحنا مصر بغير عهد قام
    الزبير بن العوام فقال: يا عمرو بن العاص، أقسمها، فقال عمرو: لا أقسمها، فقال
    الزبير: والله لتقسمنها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خبير، قال عمرو:
    والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر أن أقرها
    حتى يغزو منها حبل الحبلة.
    وأما ما روي عن بلال
    وعن نافع مولى ابن عمر قال: أصاب الناس فتح الشام فيهم بلال، قال: وأظنه ذكر معاذ
    بن جبل فكتبوا إلى عمر بن الخطاب: إن هذا الفيء الذي أصبنا، لك خمسه، ولنا ما بقي،
    ليس لأحد منه شيء. كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، فكتب عمر: ليس علي ما
    قلتم، ولكني أقفها للمسلمين، فراجعوه الكتاب وراجعهم، يأبون ويأبى، فلما أبوا قام
    عمر فدعا عليهم فقال: اللهم، أكفني بلالاً وأصحاب بلال. قال: فما حال الحول عليهم
    حتى ماتوا جميعاً.
    قال البيهقي: قوله إنه ليس علي ما قتم ليس يريد إنكار ما احتجوا به من قسمة خيبر،
    ويشبه أن يريد به: ليست المصلحة فيما قلتم، وإنما المصلحة في أن أقفها للمسلمين،
    وجعل يأبى قسمتها لما كان يرجو من تطييبهم ذلك له، وجعلوا يأبون لما كان لهم من
    الحق، فلما أبوا لم يبرم عليهم الحكم بإخراجها من أيديهم، ووقفها، ولكن دعا عليهم
    حيث خالفوه فيما رأى من المصلحة، وهم لو وافقوه وافقه أفناء الناس وأتباعهم.
    وفي رواية أن بلالاً قال: لتقسمنها أو لنضاربن عليها بالسيف، فقال عمر: لولا أني
    أترك الناس بباناً، لا شيء لهم ما فتحت قرية إلا قسمتها سهماناً كما قسم رسول الله
    صلى الله عليه وسلم خيبر.
    زاد البيهقي والخشنامي إلى آخر الحديث: ولكن أتركها لمن بعدهم جزية يقتسمونها.
    قال البيهقي: وفي أحاديث عمر التي لم ير فيها القسمة دلالة على أن عمر كان يرى من
    المصلحة إقرار الأراضي، وكان يطلب استطابة قلوب الغانمين، وإذا لم يرضوا بتركها
    فالحجة في قسمه قائمة بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قسمة خيبر وقد
    خالف الزبير بن العوام وبلال وأصحابه، ومعاذ، على شك من الراوي، عمر فيما رأى.
    والله أعلم.
    حدث أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو قال: حضرت عند أبي الحسن بن محمد بن مدبر، أحضر
    ذلك المجلس هشام بن عمار ودحيماً ومحمود بن خالد وعبد الله بن ذكوان وأحضرني فيمن
    أحضر فقال: إنكم لا تتهمون على الفيء، وإنما يتهم عليه أهل البدع، لأنكم تعلمون
    أنه ينفق في بيضة الإسلام وفي حج البيت ومجاهدة العدو وأمن السبل، فتكلم يومئذ
    أحمد بن محمد بن مدبر في ذلك فأبلغ، وقال: أخبروني عن مدائن الساحل: هل ترون من مستغلها
    حقاً للفيء? فقال: لا حق للفيء في مستغلها. وأعلموه أن دمشق فتحت صلحاً، وأن صلح
    حصونها بصلحها من أجل أنها الأم، وإن ساحلها تبع لها.
    قال أبو زرعة: وأعلمته يومئذ أن بعلبك صلح، وأن الوليد بن مسلم قد أثبت صلحها عن
    إسماعيل بن عياش. فقال ابن مدبر للمشيخة: هكذا تقولن? قالوا: نعم، فقبل ذلك منهم.
    قال أبو زرعة: وسألني أبى مدبر عن بيع الكلأ فأعلمته أن الأوزاعي يقول: الناس فيه
    أسوة، فتظلم إلى ابن مدبر رجل من الرعية على رجل رعى كلأ له، فلم يعده. وقال: فقيه
    أهل الشام لا يرى لك حقاً.
    قال أبو زرعة: ورأيت أحمد بن محمد بن مدبر شديداً في الأرض، مذهبه فيها مذهب السلف
    في إيقافها.
    قال: فحدثته بحديث أرويه عن الهيثم بن عمران قال: كتب هشام بن عبد الملك إلى كلثوم
    بن عياض وبلغه أن خالداً القسري اشترى أرضاً من أرض الغوطة بغير إذنه فقال: أتشتري
    أرضاً بغير إذني? فأمر سالماً الكاتب أن يكتب إلى كلثوم بن عياض: عزمت عليك ألا
    تضع كتابي من يدك حتى تغرم الوليد بن عبد الرحمن عاملي على الغوطة أربع مئة دينار،
    وتبعث بها إلي إذا اشتريت أرض بغير إذنه، وكتب إلى كلثوم أن اضرب وكيلي القسري مئة
    مئة. وأطفء بهما، ومر من ينادي عليهما: هذا جزاء من اشترى أرضاً بغير إذن أمير
    المؤمنين. وذلك أنه وجد فيما وضع عمر بن عبد العزيز حين استخلف قال: هل نهت الولاة
    قبلي عن شراء الأرض من أهل الذمة? قالوا: لم ينهوا. قال: فإني قد سلمت لمن اشترى،
    ولكن من اليوم أنهى عن بيعها، إنها أرض المسلمين، دفعت إلى أهل الذمة على أن يأكلوا
    منها ويؤدوا خراجها، وليس لهم بيعها، ومن اشترى بعد اليوم. فيعاقب البيع والمشتري،
    وترد الأرض إلى النبطي، ويؤخذ الثمن من المسلم، فيجعل في بيت المال، لما انتهكوا
    من المعصية، ويدخل المال الذي أخذ النبطي بيت مال المسلمين لما وضع عمر في ذلك
    الديوان فهي المدة. ما كان قبل المدة، يعني قبل عمر بن عبد العزيز، وما كان بعد
    المدة، يعني بعد عمر.
    قال أبو زرعة: فاستحسن أحمد بن محمد بن مدبر هذا الحديث، وأنكر العقوبة، فقلت له:
    لا تبتذله رأيه، وأخبرته بحديث رويته عن إسحاق بن مسلم، وكان عاملاً لعمر بن عبد
    العزيز على خراج الأردن. فكتب إلى عمر: أما بعد. فإني وجدت أرضاً من أرض أهل الذمة
    بأيدي أناس من المسلمين فما يرى أمير المؤمنين فيها? فكتب إليه أن تلك أرض أوقفها
    أول المسلمين على آخرهم، فامنع ذلك البيع. إن شاء الله والسلام.
    وحدثته ما رويته عن القاسم بن زياد وعن عاملاً لعمر بن عبد العزيز على الغوطة،
    فكتب إلى عمر: أما بعد: فإن قبلنا أرضاً من أرض أهل الذمة بأيدي ناس من المسلمين
    قد ابتاعوها منهم، وهم يؤدون العشر مما يخرج منها، أفضل مما كان عليها، فما يرى
    أمير المؤمنين? قال: وأنا أريد بدا وذات بدا، أرضاً من أرض الجبل اتخذها عمر، فكتب
    إليه عمر أن تلك أرض حبسها أول المسلمين على آخرهم، فليس لأحد أن يتمولها دونهم،
    فامنع ذلك البيع إن شاء الله.
    قال أبو زرعة: فحدثت بهذا الحديث عبد الملك بن الأصبغ من أصحاب الوليد بن مسلم
    فأخبرني أن عمر بن عبد العزيز لم يمت عن ضيعة بقيت في يده غير بدا وحزين من أرض
    بعلبك، وأنه أورثها عشراً وعدلها على ذلك أبو جعفر المنصور فصارت بأيدي ورثة عمر.
    قال أبو زرعة: فقال لي أحمد بن محمد بن مدبر: قد جاء فيها: من أخذ أرضاً بجزيتها
    فقد أتى بما يأتي به أهل الكتاب من الذل والصغار.
    وأما قول الثوري فقد روي عن سفيان بن سعيد قال: إذا ظهر على بلاد العدو فالإمام
    بالخيار إن شاء قسم البلاد والأموال والسبي، بعد ما يخرج الخمس من ذلك، وإن شاء من
    عليهم فترك الأرض والأموال، وكانوا ذمة للمسلمين كما صنع عمر بن الخطاب بأهل
    السواد، فإن تركهم صاروا عهداً توارثوا وباعوا أرضهم.
    قال يحيى بن آدم أحد رواة هذا الحديث: وسمعت حفص بن غياث يقول: تباع ويقضى بها
    الدين، وتقسم في المواريث.
    وأما قول مالك فإنه ذهب إلى أن من أسلم من أهل الصلح فهو أحق بما له وأرضه، وأما
    أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم فإن أرضه وماله للمسلمين، لأن أهل
    العنوة قد غلبوا على بلادهم وصارت فيئاً للمسلمين، وأما أهل الصلح فإنهم قوم منعوا
    أموالهم وأنفسهم حتى صالحوا عليها، فليس عليهم إلا ما صلحوا عليه.
    وروى عنه يحيى بن عبد الله بن بكير قال: قال مالك: كل أرض فتحت صلحاً فهي لأهلها،
    لأنهم منعوا بلادهم حتى صالحوا عليها، وكل بلاد أخذت عنوة فهي فيء للمسلمين.
    وقال يحيى بن آدم: كل أرض كانت لعبد الأوثان من العجم أو لأهل الكتاب من العجم أو
    العرب ممن يقبل منهم الجزية فإن أرضهم أرض خراج إن صالحوا على الجزية على رؤوسهم،
    والخراج على أرضيهم، فإن ذلك يقبل منهم، وإن ظهر عليهم المسلمون فإن الإمام يقسم
    جميع ما أجلبوا به في العسكر من كراع أو سلاح أو مال بعدما يخمسه، وهي الغنيمة
    التي لا يوقف شيء منها، وذلك قوله عز وجل: "ما غنمتم من شيء فإن لله
    خمسه" وأما القرى والمدائن والأرض فهي فيء كما قال الله عز وجل: "ما
    أفاء الله على رسوله من أهل القرى" فالإمام بالخيار في ذلك: إن شاء وقفه
    وتركه للمسلمين، وإن شاء قسمه بين حضره.
    قال أبو بكر الخطيب: اختلف الفقهاء في الأرض التي يغنمها المسلمون فيقهرون العدو
    عليها، فذهب بعضهم إلى أن الإمام بالخيار بين أن يقسمها على خمسة أسهم، فيعزل منها
    السهم الذي ذكره الله تعالى في آية الغنيمة فقال: "واعلموا أن ما غنمتم من
    شيء فإن لله خمسه" الآية. ويقسم السهام الأربعة الباقية بين الذين افتتحوها،
    فإن لم يختر ذلك وقف جميعها، كما فعل عمر بن الخطاب في أرض السواد.
    وممن ذهب إلى هذا القول سفيان بن سعيد الثوري وأبو حنيفة النعمان بن ثابت.
    وقال مالك: تصير الأرض وقفاً بنفس الاغتنام، ولا خيار فيها للإمام.
    وقال محمد بن إدريس الشافعي: ليس للإمام إيقافها. وإنما يلزمه قسمتها، فإن اتفق
    المسلمون على إيقافها ورضوا أن لا تقسم جاز ذلك، واحتج من ذهب إلى هذا القول بما
    روي عن عمر بن الخطاب أنه قسم أرض السواد بين غانمها وحائزها، ثم استنزلهم بعد ذلك
    عنها، واسترضاهم منها، ووقفها. فأما الأحاديث التي وردت عن عمر أنه لم يقسمها فإنه
    محمولة على أنه امتنع من إمضاء القسم واستدامته بأن انتزع الأرض من أيديهم، أو أنه
    لم يقسم بعض السواد وقسم بعضه، ثم رجع فيه.
    قال أبو عبيد: وجدنا الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده قد
    جاءت في افتتاح الأرضين بثلاثة أحكام: أرض أسلم عليها أهلها فهي لهم، وملك
    أيمانهم، وهي أرض عشر، لا شيء عليهم فيها غيره، وأرض افتتحت صلحاً على خراج معلوم
    فهي على ما صولحوا عليه، لا يلزمهم أكثر منه، وأرض أخذت عنوة فهي التي اختلف
    المسلمون فيها. فقال بعضهم: سبيلها سبيل الغنيمة تخمس، وتقسم، فيكون أربعة أخماسها
    خططاً بني الذين افتتحوها خاصة، ويكون الخمس الباقي لمن سمى الله تعالى، وقال
    بعضهم: بل حكمها والنظر فيها للإمام: إن رأى أن يجعلها غنيمة فيخمسها ويقسمها كما
    فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، فتلك له، وإن رأى أن يجعلها فيئاً فلا
    يخمسها ولا يقسمها، ولكن تكون موقوفة على المسلمين عامة، ما بقوا كما صنع عمر
    بالسواد، فعل ذلك.
    فأما حكم الدور التي هي داخل السور فقد روي عن بنت واثلة قالت: سمعت رجلاً يقول
    لواثلة: أرأيت هذه المساكن التي أقطعها الناس يوم فتحوا مدينة دمشق أماضية هي
    لأهلها? قال: نعم. قال: فإن ناساً يقولون هي لهم سكنى، وليس لهم بيعها ولا إتلافها
    بوجه من الوجوه، من صدقة ولا مهر ولا غير ذلك. فقال واثلة: ومن يقول ذلك! بل هي
    لهم ملك ثابت، يسكنون، ويمهرون، ويتصدقون.
    وأما القطائع فقد روي عن عامر قال: لم يقطع أبو بكر ولا عمر ولا علي، وأول من أقطع
    القطائع عثمان، وبيعت الأرضون في خلافة عثمان.
    وروي عن أبي عمرو وغيره أن عمر وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمع رأيهم
    على إقرار ما كان بأيديهم من أرضهم يعمرونها ويؤدون منها خراجها إلى المسلمين، فمن
    أسلم منهم رفع عن رأسه الخراج، وصار ما كان في يده من الأرض وداره بين أصحابه من
    أهل قريته، يؤدون عنها ما كان يؤدى من خراجها، ويسلمون له ماله ورقيقه وحيوانه،
    وفرضوا له في ديوان المسلمين، وصار من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، ولا
    يرون أنه وإن أسلم أولى بما كان في يديه من أرضه من أصحابه من أهل بيته وقرابته،
    لا يجعلونها صافية للمسلمين، وسموا من ثبت منهم على دينه وقريته ذمة للمسلمين،
    ويرون أنه لا يصلح لأحد من المسلمين شرى ما في أيديهم من الأرض كرهاً، لما احتجوا
    به على المسلمين من أن إمساكهم كان عن قتالهم وتركهم مظافرة عدوهم من الروم عليهم،
    فهاب لذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولاة الأمر قسمهم، وأخذوا ما كان
    في أيديهم من تلك الأرضين، وكرهوا للمسلمين أيضاً شراءها طوعاً لما كان من ظهور
    المسلمين على البلاد، وعلى من كان يقاتلهم عنها، ولتركهم، كان، البعثة إلى
    المسلمين وولاة الأمر في طلب الأمان قبل ظهورهم عليهم. قالوا: وكرهوا شراءها منهم
    طوعاً بما كان من إيقاف عمر وأصحابه الأرض محبوسة على آخر هذه الأمة من المسلمين
    المجاهدين لا تباع ولا تورث قوة على جهاد من لم يظهروا عليه بعد من المشركين، ولما
    ألزموه أنفسهم من إقامة فريضة الجهاد لقوله عز وجل: "وقاتلوهم حتى لا تكون
    فتنة" إلى تمام الآية.
    قال: فقلت لغير واحد من مشيختنا ممن كان يقول هذه المقالة: فمن أين جاءت هذه
    القطائع التي بين ظهراني القرى الراخية والمزارع التي بيد غير واحد من الناس?
    فقال: إن بدء هذه القطائع أن ناساً من بطارقة الروم إذا كانت ظاهرة على الشام كانت
    هذه القرى التي منها هذه القطائع، كانت من الأرضين التي كانت بأيدي أنباط القرى،
    فلما هزم الله الروم هربت تلك البطارقة عما كان في أيديها من تلك المزارع، فلحقت
    بأرض الروم، ومن قتل منها في تلك المعارك التي كانت بين المسلمين والروم فصارت تلك
    المزارع والقرى صافية للمسلمين موقوفة يقبلها والي المسلمين كما يقبل الرجل مزرعته.
    قالوا: فمنها أندركيسان يعني بدمشق. وقبيس بالبلقاء، وما على باب حمص من جبعاثا
    وغيرها. قالوا: فلم تزل تلك المزارع موقوفة مقبلة، تدخل قبالتها بيت المال، فتخرج
    نفقة مع ما يخرج من الخراج، حتى كتب معاوية في إمرته على الشام إلى عثمان أن الذي
    أجراه عليه من الرزق في عمله ليس يقوم بمؤن من يقوم عليه من وفود الأجناد ورسل
    أمرائهم، ومن يقدم عليه من رسل الروم ووفودها، ووصف في كتابه هذه المزارع الصافية
    وسماها له، فسأله أن يقطعه إياها ليقوى بها على ما وصف له، وأنها ليست من قرى أهل
    الذمة ولا الخراج فكتب إليه عثمان بذلك كتاباً.
    قالوا: فلم تزل بيد معاوية حتى قتل عثمان، وأفضى إلى معاوية الأمر، فأقرها على
    حالها، ثم جعلها من بعده حبساً على فقراء أهل بيته والمسلمين.
    قالوا: ثم إن ناساً من قريش وأشراف العرب سألوا معاوية أن يقطعهم من بقايا تلك
    المزارع التي لم يكن عثمان أقطعه إياها، ففعل، فمضت لهم أموالاً يبيعون، ويمهرون،
    ويورثون.
    فلما أفضى الأمر إلى عبد الملك بن مروان وقد بقيت من تلك المزارع بقايا لم يكن
    معاوية قد أقطع منها أحداً شيئاً سأله أشراف الناس القطائع منها ففعل.
    قالوا: إن عبد الملك سئل القطائع، وقد مضت تلك المزارع لأهلها، فلم يبق منها شيء،
    فنظر عبد الملك إلى أرض من أرض الخراج قد باد أهلها، ولم يتركوا عقباً أقطعهم
    منها، ورفع ما كان عليها من خراجها عن أهل الخراج، ولم يحمله أحداً من أهل القرى
    وجعلها عشراً، ورآه جائزاً له مثل إخراجه من بيت المال الجوائز للخاصة.
    قالوا: فلم يزل يفعل ذلك حتى لم يجد من تلك الأرض شيئاً. فسأل الناس عبد الملك
    والوليد وسليمان قطائع من أرض القرى التي بأيدي أهل الذمة، فأبوا ذلك عليهم، ثم
    سألوهم أن يأذنوا لهم في شرى الأرضين من أهل الذمة فأذنوا لهم على إدخال أثمانها
    بيت المال، وتقوية أهل الخراج به على خراج سنتهم مع ما ضعفوا عن أدائه، وأوقفوا
    ذلك في الأرضين، ووضعوا خراج تلك الأرضين عمن باعها منهم، وعن أهل قراهم، وصيروها
    لمن اشتراها يؤدي العشر، يبيعون ويمهرون ويورثون.
    قالوا: فلما ولي عمر بن عبد العزيز أعرض عن تلك القطائع التي أقطعها عثمان ومعاوية
    وعبد الملك والوليد وسليمان، فلم يردها عمر على ما كانت عليه صافية، ولم يجعلها
    خراجاً، وأبقاها لأهلها تؤدي العشر.
    قال: وأعرض عمر عن تلك الأشرية بالإذن لأهلها فيها، لاختلاط الأمور فيها، لما وقع
    فيها من المواريث، ومهور النساء، وقضاء الديون، فلم يقدر على تخليصه ولا معرفة
    ذلك. قال: وأعرض عن الأشرية التي اشتراها المسلمون بغير إذن ولاة الأمر، لما وقع
    في ذلك من المواريث واختلاط الأمور، وجعل الأشرية سواء، وأمضاه لأهله ولمن كان في
    يديه كالقطائع للأرض عشراً ليس عليها ولا على من صارت إليه بميراث أو شراء جزية.
    قالوا: وكتب بذلك كتاباً قرئ على الناس في سنة مئة وأعلمهم أنه لا جزية عليها،
    وأنها أرض عشر. وكتب أن من اشترى شيئاً بعد سنة مئة فإن بيعه مردود، وسمي سنة مئة
    المدة، فسماها المسلمون بعده: المدة. فأمضى ذلك فبقية ولايته، ثم أمضاه يزيد وهشام
    ابنا عبد الملك.
    قالوا: فتناهى الناس عن شراها بعد سنة مئة بسنيات، ثم اشتروا أشرية كثيرة كانت
    بأيدي أهلها، يؤدون العشر، ولا جزية عليها.
    فلما أفضى الأمر إلى أبي جعفر عبد الله بن محمد أمير المؤمنين رفعت إليه تلك الأشرية
    وأنها تؤدي العشر، ولا جزية عليها، وأن ذلك أضر بالخراج وكسره، فأراد ردها إلى
    ألها. قيل له: قد وقعت في المواريث والمهور واختلط أمرها، فبعث المعدلين إلى كور
    الشام سنة أربعين أو إحدى وأربعين منهم: عبد الله بن يزيد إلى حمص، وإسماعيل بن
    عياش إلى بعلبك، في أشباه لهم، فعدلوا تلك الأشرية على من هي بيده شرى أو ميراث أو
    مهر، فعدلوا ما بقي بأيدي الأنباط من بقية الأرض على تعديل مسمى، ولم تعدل الغوطة
    في تلك السنة، وكان من كان بيده شيء من تلك الأشرية من أهل الغوطة يؤدي العشر حتى
    بعث أمير المؤمنين عبد الله بن محمد، هضاب بن طوق، ومحرز بين زريق، فعدلوا
    الأشرية، وأمرهم ألا يضعوا على شيء من القطائع القديمة ولا الأشرية خراجاً، وأن
    يمضوها لأهلها عشرية، ويضعوا الخراج على ما بقي منها بيد الأنباط وعلى الأشرية
    المحدثة من بعد سنة مئة إلى السنة التي عدل فيها.
    حدث سليمان بن عتبة أن أمير المؤمنين عبد الله بن محمد سأله في مقدمة الشام سنة
    ثلاث أو أربع وخمسين ومئة عن سبب الأرضين التي بأيدي أبناء الصحابة، ويذكرون أنها
    قطائع لآبائهم قديمة، فقلت: يا أمير المؤمنين، إن الله تبارك وتعالى لما أظهر
    المسلمين على بلاد الشام، وصالحوا أهل دمشق وأهل حمص كرهوا أن يدخلوها دون أن يتم
    ظهورهم وإثخانهم في عدو الله عسكروا في مرج بردى ما بين المزة وبين مرج شعبان جنبي
    بردى، وكانت مروجاً مباحة فيما بين أهل دمشق وقراها ليست لأحد منهم، فأقاموا بها،
    حتى أوطأ الله المشركين ذلاً، وقهراً، وأحيا كل قوم محلتهم، وهيؤوا فيها بناء،
    فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمضاه لهم، فبنوا الدور، ونصبوا الشجر، ثم أمضاه
    عثمان، ومن بعده إلى ولاية أمير المؤمنين، فقال: قد أمضيناه لأهله.


    صفحة 83+84+85+86+87+88+89

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty الصوافي التي استصفيت عن بني أمية

    مُساهمة من طرف waell الخميس 7 فبراير 2013 - 0:33

    الصوافي التي استصفيت
    عن بني أمية


    فقد
    روي عن همام بن مسلم قال: سئل مالك بن أسن عن دار من دور الصوافي، أسكنها? قال: ما
    أدري. وسألت ابن أبي ذئب فقال: ما أدري، وسئل عباد بن كثير فقال: في هذا ما فيه.
    وسئل سفيان الثوري فقال: لا تنزلها، فقال له الرجل: فإن أبي في صافية ويأبى أن
    يخرج منها فقال سفيان: فارق أباك، قيل: فإن كان فيها مسجد، قال: فلا تصل فيه. قال:
    فإن كان فيها مريض? قال: فلا تعده. قلت: فإن كنت أعرف أهلها أشتريها منهم? قال:
    نعم.
    وروي عن سفيان الثوري قال: إن كانت، يعني الصوافي، لبني أمية حلالاً فهي على بني
    هاشم حرام، وإن كانت على بني أمية حراماً فهي على بني هاشم أحرم وأحرم.

    صفحة 89

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty بعض ما ورد من الملاحم والفتن

    مُساهمة من طرف waell الخميس 7 فبراير 2013 - 0:36

    بعض ما ورد من الملاحم
    والفتن



    يتعلق بدمشق


    عن
    أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" منعت العراق درهمها
    وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث
    بدأتم. قالها ثلاثاً. شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه.
    قال أبو عبيد الهروي في هذا الحديث: قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يكن،
    وهو في علم الله كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي لأنه ماض في علم الله عز وجل. وفي
    إعلامه بهذا قبل وقوعه ما دل على إثبات نبوته، ودل على رضاه من عمر ما وظفه على
    الكفرة من الجزي في الأمصار. وفي تفسير المنع وجهان: أحدهما أن النبي صلى الله
    عليه وسلم علم أنهم سيسلمون فيسقط عنهم ما وظف عليهم بإسلامهم، فصاروا مانعين
    بإسلامهم ما وظف عليهم. والدليل على ذلك قوله في الحدث: وعدتم من حيث بدأتم، لأن
    بدا أهم في علم الله، وفيما قدر. وفيما قضى أنهم سيسلمون، فعادوا من حيث بدؤوا.
    وقيل في قوله: منعت العراق درهمها: إنهم يرجعون عن الطاعة. قال: وهذا وجه، والأول
    أحسن.
    وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يغلب
    أهل المدي على مديهم، وأهل القفيز على قفيزهم، وأهل الإردب على إردبهم، وأهل
    الدينار على دينارهم، وأهل الدرهم على درهمهم، ويرجع الناس إلى بلادهم.
    قال أبو عبيد: فمعناه والله أعلم: إن هذا كائن. وإنه سيمنع بعد في آخر الزمان،
    فاسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدرهم والقفيز كما فعل عمر بأهل
    السواد، فهو عندي الثبت. وفي تأويل فعل عمر أيضاً حين وضع الخراج، ووظفه على أهله
    من العلم أنه جعله شاملاً عاماً على كل من لزمته المساحة وصارت الأرض في يده من
    رجل أو امرأة أو صبي أو مكاتب أو عبد، فصاروا متساوين فيها، لم يستثنى أحد دون
    أحد. ومما يبين ذلك قول عمر في دهقانة نهر الملك حين أسلمت فقال: دعوها في أرضها،
    تؤدي عنها الخراج، فأوجب عليها ما أوجب على الرجال.
    وفي تأويل حديث عمر من العلم إنما جعل الخراج على الأرضين التي تغل من ذوات الحب
    والثمار، والتي تصلح للغلة من العامر والغامر، وعطل منها المساكن والدور، التي هي
    منازلهم، فلم يجعل عليهم فيها شيئاً.
    وعن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم
    قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذلك? قال: من قبل العجم يمنعون ذلك. ثم قال: يوشك أهل
    الشام ألا يجبى إليهم دينار ولا مدي، قلنا: من أين ذلك? قال: من قبل الروم يمنعون
    ذلك، ثم أسكت هنيهة ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون في آخر الزمان
    خليفة يحثي المال حثيثاً، لا يعده عداً.
    قال الجريري: فقلت
    لأبي نضرة وأبي العلاء: أتريانه عمر بن عبد العزيز? فقالا: لا.
    وعن عبد الله بن عمرو قال: تجيش الروم فيخرجون أهل الشام من منازلهم، فيستغيثون
    بكم، فتغيثونهم، فلا يتخلف عنهم مؤمن، فتقتتلون، فيكون بينكم قتل كثير ثم تهزمونهم
    فينتهون إلى أسطوانة، إني لا أعلم مكانها عليهم، عندها الدنانير، فيكالونها
    بالتراس فيلقاهم الصريخ. إن الدجال يحوش ذراريكم فيلقون ما في أيديهم، ثم يأتون.
    وعن أبي الدرداء أنه قال: ليخرجنكم الروم من الشام كفراً كفراً حتى يوردوكم
    البلقاء. كذلك الدنيا تبيد وتفنى، والآخرة تدوم وتبقى.
    وعن أبي هريرة قال: يا أهل الشام، ليخرجنكم الروم منها كفراً كفراً حتى تلحقوا
    بسنبك من الأرض. قيل: وما ذاك السنبك? قال: حسمي جذام، ولتسيرن الروم على كوادنها،
    متعلقي جعابها بين بارق ولعلع.
    وعن خالد أنه قال: لا يذهب الليل والنهار حتى يطرد الروم أهل الشام من الشام،
    فيموت منهم ناس كثير من العيال بالفلاة جوعاً وعطشاً.
    وعن الضحاك بن مزاحم قال: هلاك دمشق نزول السفياني بين أظهرهم، ثم الروم.
    حدث الصنابحي أنه سمع كعباً يقول: سيعرك العراق عرك الأديم، وتفت مصر فت البعر.
    وروي عن واهب المعافري أنه قال: وتشق الشام شق الشعرة.
    قال عمر بن يزيد النصري: يقتل أصيهب قريش في دمشق، ومعه سبعون صديقاً.
    وكانوا يقولون: أسعد الناس بالرايات السود من أهل الشام أهل حمص، وأشقى الناس بالرايات
    السود من أهل الشام أهل دمشق، واسعد الناس بالرايات الصفر من أهل الشام أهل دمشق،
    وأشقى الناس بالرايات الصفر من أهل الشام أهل حمص.
    قال خالد بن معدان: يهزم السفياني الجماعة مرتين ثم يهلك. وقال: لا يخرج المهدي
    حتى يخسف بقرية بالغوطة تسمى حرستا.

    صفحة 89+90

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty ذكر بعض أخبار الدجال

    مُساهمة من طرف waell الخميس 7 فبراير 2013 - 0:40

    ذكر بعض أخبار الدجال


    وعن
    النواس بن سمعان الكلابي قال:







    ذكر رسول الله صلى
    الله عليه وسلم الدجال فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة من النخل فقال: غير
    الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم
    فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. إنه شاب قطط، عينه قائمة يشبه عبد
    العزي بن قطن، فمن رآه منكم فليقرأ فاتحة الكتاب وفاتحة سورة أصحاب الكهف، ثم
    قال: إنه يخرج من خلة ما بين الشام والعراق، فعاث يميناً وشمالاً، يا عباد الله
    اثبتوا، قلنا: يا رسول الله، ما لبثه في الأرض? قال: أربعين يوماً، يوم كسنة،
    ويوم كشهر، ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قلنا: يا رسول الله، أرأيت ذلك اليوم
    الذي كالسنة يكفينا فيه صلاة يوم? قال: لا، اقدروا له. قلنا: يا رسول الله، ما
    إسراعه في الأرض? قال: كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم،
    فيؤمنون، ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر، ويأمر الأرض فتنبت، فتروح عليهم
    سارحتهم أطول ما كانت دراً، وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر، ثم يأتي على القوم
    فيدعوهم، ويردون عليه قوله، فينصرف عنهم تتبعه أموالهم، فيصبحون ممحلين ليس
    بأيديهم شيء، يمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فينطلق فتتبعه كنوزها كيعاسيب
    النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف، ويقطعه جزلين رمية الغرض،
    ثم يدعوه فيقبل، يتهلل وجهه ويضحك. فبينا هو كذلك إذ بعث المسيح عيسى بن مريم
    عليهما السلام، ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين أو مبرودتين،
    واضع كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر. وإذا رفعه تحدر منه كجمان لؤلؤ،
    ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات. ونفسه ينتهي حين ينتهي طرفه، فيطلبه حتى
    يدركه عند باب لد، فيقتله الله. ثم يأتي عيسى بن مريم قوماً قد عصمهم الله منه،
    فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة. فبينا هو كذلك إذ أوحى الله إليه:
    يا عيسى، قد أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم، فجوز عبادي إلى الطور، فيبعث
    الله يأجوج ومأجوج من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة الطبرية فيشربون ما
    فيها، فيمر آخرهم فيقول: لقد كان في هذه ماء مرة، فيحصر نبي الله عليه السلام
    حتى يكون رأس الثور خيراً لأحدهم من مئة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله
    عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس
    واحدة، فيهبط نبي الله عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون موضع شبر
    إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم، فيرغب نبي الله صلى الله عليه وسلم عيسى
    وأصحابه إلى الله عز وجل، فيرسل عليهم طيراً كأعناق البخت تحملهم فتطرحهم حيث
    شاء الله. ثم يرسل الله مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، يغسل الأرض حتى يتركها
    كالزلفة ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة،
    ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس
    واللقحة من البقر لتكفي القبيل، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ. فبينا هم كذلك إذ
    بعث الله ريحاً طيبة تأخذ تحت آباطاهم فتقبض روح كل مسلم، ويبقى شرار الناس
    يتهارجون كما تتهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة.
    وعن أبي سعد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:




    إنه لم يكن نبي إلا وقد أنذر الدجال
    قومه، وإني أنذركموه. إنه أعور ذو حدقة جاحظة ولا تخفى كأنها نخاعة في جنب جدار،
    وعينه اليسرى كأنها كوكب دري، ومعه مثل الجنة والنار، فجنته غبراء ذات دخان، وناره
    روضة خضراء، وبين يديه رجلان ينذران أهل القرى، كلما خرجا من قرية دخل أوائلهم
    فيسلط على رجل، لا يسلط على غيره فيذبحه ثم يضربه بعصا وفي رواية: بعصاه ثم يقول:
    قم فيقوم، فيقول لأصحابه: كيف ترون ألست بربكم? فيشهدون له بالشرك. فيقول الرجل
    المذبوح: يا أيها الناس، ها إن هذا المسيح الدجال الذي أنذرنا رسول الله صلى الله
    عليه وسلم فيعود أيضاً فيذبحه ثم يضربه بعصاه فيقول له: قم فيقوم، فيقول لأصحابه:
    كيف ترون ألست بربكم? فيشهدون له بالشرك. فيقول المذبوح: يا أيها الناسن ها إن هذا
    المسيح الدجال الذي أنذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زادني هذا فيك إلا
    بصيرة، فيعود فيذبحه الثالثة ويضربه بعصاه فيقول: يا أيها الناس، إن هذا المسيح
    الدجال الذي أنذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زادني هذا فيك إلا بصيرة، ثم
    يعود فيذبحه الرابعة، فيضرب الله تعالى على حلقه بصفيحة من نحاس فلا يستطيع ذبحه.
    قال أبو سعيد: فوالله ما دريت ما النحاس، إلا يومئذ. قال: فيغرس الناس بعد ذلك
    ويزرعون.
    قال أبو سعيد: كنا نرى ذلك الرجل عمر بن الخطاب. لما نعلم من قوته وجلده.
    وعن أبي أمامة الباهلي قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أكثر خطبته
    ما يحدثنا عن الدجال ويحذرناه، فكان من قوله: يا أيها الناس، إنها لم تكن فتنة على
    وجه الأرض أعظم من فتنة الدجال، إن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدحال، وأنا
    آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج فيكم وأنا فيكم
    فأنا حجيج كل مسلم، وإن يخرج بعدي فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم.
    إنه يخرج من خلة بين الشام والعراق، فيعيث يميناً ويعيث شمالاً. يا عباد الله،
    اثبتوا فإنه يبتدئ فيقول: أنا نبي، ولا نبي بعدي، ثم يبتدئ فيقول: أنا ربكم، ولن
    تروا ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه:
    كافر، يقرأه كل مؤمن، فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه، وإن من فتنته أن معه جنة
    وناراً، فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتلى بناره فليقرأ فواتح سورة الكهف، ويستغث
    باله تكن عليه برداً وسلاماً، كما كانت على إبراهيم صلى الله عليه وسلم. وإن من
    فتنته أن معه شياطين تتمثل على صور الناس، فيأتي للأعرابي فيقول: أرأيت إن بعثت لك
    أباك وأمك، أتشهد أني ربك? فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانه على صورة أبيه وأمه،
    فيقولان له: يا بني ابتعه فإنه ربك. وإن من فتنتة أن يسلط على نفس فيقتلها ثم
    يحييها، وأن يعود بعد ذلك وأن يصنع ذلك بنفس غيرها. يقول: انظروا إلى عبدي هذا،
    فإني أبعثه الآن يزعم أن له رباً غيري، فيبعثه فيقول له: من ربك? فيقول ربي الله
    وأنت عدو الله الدجال. وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك إبلك،
    أتشهد أني ربك? فيقول: نعم، فيتمثل له شيطانه على صورة إبله. وإن من فتنته أن يأمر
    السماء أن تمطر فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت. وإن من فتنته أن يمر بالحي
    فيكذبوه، فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت، ويمر بالحي فيصدقوه، فيأمر السماء أن تمطر
    فتمطر، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، فتروح عليهم مواشيهم من يومها ذلك أعظم ما كانت
    وأسمنه خواصر، وأدره ضروعاً. وإن أيامه أربعون يوماً، فيوم كالسنة، ويوم دون ذلك،
    ويوم كالشهر، ويوم دون ذلك، ويوم كالجمعة ويوم دون ذلك، ويوم كالأيام، ويوم دون
    ذلك، وآخر أيامه كالشرارة في الجريدة، يضحي الرجل بباب المدينة، فلا يبلغ بابها
    الآخر حتى تغرب الشمس. قالوا: يا رسول الله، فكيف نصلي في تلك الأيام القصار? قال:
    تقدرون في هذه الأيام القصار كمنا تقدرون في الأيام الطوال ثم تصلون. وإنه لا يبقى
    شيء من الأرض إلا وطئه وغلب عليه إلا مكة والمدينة، فإنه لا يأتيها من نقب من
    أنقابها إلا لقيه ملك مصلت بالسيف، فينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة عند
    مجتمع السيول. ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا
    خرج، فتنفي المدينة يومئذ خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد. يدعى ذلك اليوم يوم
    الإخلاص.
    فقالت أم شريك







    يا رسول الله، فأين
    المسلمون? فال: ببيت المقدس، يخرج حتى يحاصرهم، وإمام المسلمين يومئذ رجل صالح،
    فيقال له: صل الصبح، فإذا كبر ودخل في الصلاة نزل عيسى بن مريم. قال: فإذا رآه
    ذلك الرجل عرفه، فيرجع يمشي القهقرى ليتقدم عيسى عليه السلام فيضع يده بين كتفيه
    ثم يقول: صل، فإنما أقيمت الصلاة لك، فيصلي عيس عليه السلام وراءه، فيقول:
    افتحوا الباب فيفتحونه. ومع الدجال يومئذ سبعون ألف يهودي كلهم ذو سلاح وسيف
    محلى، فإذا نظر إلى عيسى عليه السلام ذاب كما يذوب الرصاص في النار، وكما يذب
    الملح في الماء، ثم يخرج هارباً فيقول عيسى: إن لي فيك ضربة لن تفوتني بها،
    فيدركه عند باب الشرقي فيقتله، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا
    أنطق الله عز وجل ذلك الشيء لا شجرة ولا حجر ولا دابة إلا قال: يا عبد الله
    المسلم، هذا يهودي فاقتله إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق قال الشيخ: شوك يكون
    بناحية بيت المقدس قال: ويكون عيسى في أمتي حكماً عدلاً وإماماً مقسطاً، فيقتل
    الخنزير، ويدق الصليب، ويضع الجزية، ولا يسعى على شاة ولا بعير ويرفع الشحناء
    والبغضاء التباغض، فتنزع حمة كل ذي دابة حتى تلقى الوليدة الأسد فلا يضرها،
    ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، ويملأ الأرض من الإسلام، ويسلب الكفار ملكهم،
    فلا يكون ملك إلا الإسلام وتكون الأرض كفاثور الفضة، ينبت نباتها كما كانت على
    عهد آدم عليه السلام، يجتمع النفر على القطف. فيشبعهم، ويجتمع النفر على
    الرمانة. ويكون الثور بكذا وكذا من المال، وتكون الفرس بالدريهمات.
    وعن أبي نضرة قال: أتينا عثمان بن أبي العاص يوم جمعة لنعرض على مصحفه مصحفاً،
    فلما حضر الجمعة أمر لنا بماء فاغتسلنا، وطيبنا ثم، رحنا إلى الجمعة، فجلسنا إلى
    رجل يحدث ?، ثم جاء عثمان بن أبي العاص فتحولنا إليه، فقال: سمعت رسول الله صلى
    الله عليه وسلم يقول: يكون للمسلمين ثلاثة أمصار: مصر بملتقى البحرين، ومصر
    بالحيرة، ومصر بالشام. فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في أعراض جيش، فيهزم
    من قبل المشرق. فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين، فيصير أهله ثلاث فرق:
    فرقة تنزل بشامة وتنظر ما هو، وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي
    يليهم ومعهم سبعون ألفاً عليهم السيجان، وأكثر تبعه اليهود والنساء حتى يأتي
    المصر الذي يليهم فيصير أهله ثلاث فرق: فرقة تقيم تنزل بشامة، وتنظر ما هو،
    وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق المصر الذي يليهم، ثم يأتي الشام فينحاز
    المسلمون إلى عقبة أفيق، فيبعث المسلمون بسرح لهم فيصاب سرحهم فيشهد عليهم،
    وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد، حتى إن أحدهم ليحزق وتر قوسه فيأكله، فبينا هم كذلك
    إذ نادى مناد من السحر: أتاكم الغوث يا أيها الناس. فيقول بعضهم لبعض: إن هذا
    لصوت رجل شبعان، فينزل عيسى عليه السلام الفجر، فيقول له أمير الناس: تقدم يا
    روح الله فصل بنا، فيقول: إنكم معشر هذه الأمة أمراء بعضكم على بعض، فتقدم أنت
    فصل بنا، فيتقدم أمير الناس فيصلي لهم، فإذا انصرف أخذ عيسى عليه السلام حربته،
    ثم ذهب نحو الدجال، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص، وضع حربته بين ثندوته فيقتله
    فينهزم أصحابه، فليس شيء يومئذ يجن منهم حتى الشجرة تقول: يا مؤمن، هذا كافر.
    وعن أسماء بنت يزيد بن السكن، وهي ابنة عم معاذ بن جبل قالت: أتاني رسول الله
    صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه وذكر الدجال. فقال رسول الله صلى الله
    عليه وسلم: إن قبل خروجه ثلاث سنين تمسك السماء قال رسول الله صلى الله عليه
    وسلم حتى إن دوابهم تسمن وتبطر مما تأكل لحومهم. أو كما قال.
    وعن عبد الله بن مسعود قال:




    لما أسري ليلة أسري بالنبي صلى الله
    عليه وسلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، فتذاكروا الساعة، فبدؤوا
    بإبراهيم فسألوه عنها، فلم يكن عنده منها علم، ثم موسى، فلم يكن عنده منها علم،
    فتراجعوا الحديث إلى عيسى فقال عيسى: عهد الله إلي فيما دون وجبتها يعني: أما
    وجبتها فلا نعلمها. قال: فذكر من خروج الدجال فأهبط فأقتله، ويرجع الناس إلى
    بلادهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون، فلا يمرون بماء إلا شربوه
    ولا يمرون بشيء إلا أفسدوه، فيحارون إلى الله تبارك وتعالى، فيدعو الله فيميتهم
    فتحار الأرض إلى الله من ريحهم، ويحارون إلي فأدعو، فترسل السماء بالماء فتحمل
    أجسامهم فتقذفها في البحر. ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم، فعهد الله عز وجل
    إلي إذا كان ذلك فإن الساعة من الناس كالحامل المتم، لا يدري أهلها متى تفجأهم
    بولادها ليلاً أو نهاراً.
    قال عبد الله: فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: "حتى إذا فتحت يأجوج
    ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق" الآية.
    قال: وجمع الناس من كل مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب.

    صفحة 90+91+92+93+94

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty ذكر شرف جامع دمشق وفضله

    مُساهمة من طرف waell الخميس 7 فبراير 2013 - 0:45


    ذكر شرف جامع دمشق
    وفضله



    قال
    يزيد بن ميسرة: أربعة أجبل مقدسة بين يدي الله عز وجل: طور زيتا، وطور سينا، وطور
    تينا، وطور تيمنانا. قال: فطور زيتا: بيت المقدس، وطور سينا: طور موسى، وطور تينا:
    مسجد دمشق، وطور تيمنانا: مكة.
    وعن قتادة قال: أقسم الله تعالى بمساجد أربعة: قال: "والتين" وهو مسجد
    دمشق. "والزيتون" وهو مسجد بيت المقدس "وطور سنين" وهو حيث
    كلم الله موسى، "وهذا البلد الأمين" وهو مكة.
    قال محمد بن شعيب: سمعت غير واحد من قدمائنا يذكرون أن التين مسجد دمشق، وأنهم
    أدركوا منه شجراً من تين قبل أن يبنيه الوليد.
    قال عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر: كان خارج باب الساعات صخرة
    يوضع عليها القربان، فما تقبل منه جاءت نار فأخذته، وما لم يتقبل بقي على حاله.
    وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به صلى في موضع مسجد دمشق.
    وعن القاسم أبي عبد الرحمن قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى جبل قاسيون أن هب ظلك
    وبركتك لجبل بيت المقدس، قال: ففعل. فأوحى الله إليه: أما إذا فعلت فإنني سأبني لي
    في حضنك بيتاً، أي في وسطك. وهو هذا المسجد، يعني: مسجد دمشق أعبد فيه بعد خراب
    الدنيا أربعين عاماً، ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد عليك ظلك وبركتك، قال: فهو
    عند الله بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع.
    وقال كعب الأحبار: ليبنين في دمشق مسجد يبقى بعد خراب الدنيا أربعين عاماً.
    قال عبد الرحمن بن إبراهيم: حيطان مسجد دمشق الأربعة من بناء هود عليه السلام، وما
    كان من الفسيفساء إلى فوق فهو من بناء الوليد بن عبد الملك.
    ولما أمر الوليد عبد الملك ببناء مسجد دمشق وجدوا في حائط المسجد القبلي لوحاً من
    حجر فيه كتاب نقش، فأتوا به الوليد فبعث إلى الروم فلم يستخرجوه، ثم بعث إلى
    العبرانيين فلم يستخرجوه، ثم بعث إلى كل من كان بدمشق من بقية الأشبان فلم
    يستخرجوه، فدل على وهب بن منبه فبعث إليه، فلما قدم عليه أخبره بموضع ذلك اللوح فوجدوه
    في ذلك الحائط، ويقال: ذلك الحائط بناه هود النبي صلى الله على نبينا وعليه وسلم،
    فلما نظر إليه وهب حرك رأسه، فإذا هو: بسم الله الرحمن الرحيم. ابن آدم، لو رأيت
    يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طويل ما ترجو من أملك، وإنما تلقى ندمك لو قد زلت بك
    قدمك، وأسلمك أهلك وحشمك، وانصرف عنك الحبيب، وودعك القريب، ثم صرت تدعى فلا تجيب،
    فلا أنت إلى أهلك عائد، ولا في عملك زائد، فاعمل لنفسك قبل يوم القيامة وقبل
    الحسرة والندامة، وقبل أن يحل بك أجلك، وتنزع منك روحك، فلا ينفعك مال جمعته، ولا
    ولد ولدته، ولا أخ تركته، ثم تصير إلى برزخ الثرى ومجاورة المولى، فاغتنم الحياة
    قبل الموت، والقوة قبل الضعف، والصحة قبل السقم، قبل أن تؤخذ بالكظم، ويحال بينك
    وبين العمل. وكتب في زمان سليمان بن داود عليهما السلام.
    وعن زيد بن واقد قال:









    وكلني الوليد على
    العمال في بناء جامع دمشق فوجدنا فيه مغارة، فعرفنا الوليد ذلك. فلما كان الليل
    وافى وبين يديه الشمع، فنزل فإذا هي كنيسة لطيفة ثلاث أذرع في ثلاث أذرع، وإذا
    فيها صندوق ففتح الصندوق فإذا فيه سفط، وفي السفط رأس يحيى بن زكريا عليهما
    السلام مكتوب عليه: هذا رأس يحيى بن زكريا، فأمر به الوليد فرد إلى المكان،
    وقال: اجعلوا المود الذي فوقه مغيراً من الأعمدة. فجعل عليه عمود مسفط الرأس.
    وعن زيد بن واقد قال: رأيت رأس يحيى بن زكريا حيث أرادوا بناء مسجد دمشق، أخرج
    من تحت ركن من أركان القبلة، وكانت البشرة والشعر على رأسه لم يتغير.
    وسأل رجل الوليد بن مسلم: يا أبا العباس، أين بلغك رأس يحيى بن زكريا? قال:
    بلغني أنه ثم، وأشار بيده إلى العمود المسفط الرابع من الركن الشرقي.
    وعن زيد بن واقد قال: حضرت رأس يحيى بن زكريا وقد أخرج من الليطة القبلية
    الشرقية التي عند مجلس بجيلة، فوضع تحت عمود للسكاسك.
    وقد روي البلاطة بدل الليطة.
    وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل في بيته
    بصلاة، وصلاته بمسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة. وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه
    بخمس مئة، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسة آلاف، وصلاته في مسجدي بخمسين ألفاً،
    وصلاته في المسجد الحرام بمئة ألف.
    وعن أبي زياد الشعباني أو أبي أمية الشعباني قال: كنا بمكة فإذا رجل في ظل
    الكعبة، وإذا هو سفيان الثوري فقال رجل: يا أبا عبد الله، ما تقول في الصلاة في
    هذه البلدة? قال: بمئة ألف صلاة. قال: ففي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم?
    قال: بخمسين ألف. قال: ففي بيت المقدس? قال: أربعين ألف صلاة. قال: ففي مسجد
    دمشق? قال: ثلاثين ألف صلاة.
    وعن معاوية بن قرة قال: قال عمر بن الخطاب: من صلى صلاة مكتوبة في مسجد مصر من
    الأمصار كانت له كحجة متقبلة، وإن صلى تطوعاً كانت له كعمرة مبرورة.
    وعن كعب بمعناه، وزاد: فإن أصيب في وجهه ذلك حرم لحمه ودمه على النار أن تطعمه،
    وذنبه على من قتله. في المسجد، فلا تتركوا فيه أحداً حتى أصلي الليلة، ثم إنه
    أتى إلى باب الساعات فاستفتح الباب ففتح له، فدخل من باب الساعات فإذا برجل قائم
    بين باب الساعات وباب الخضراء الذي يلي المقصورة قائماً يصلي، وهو أقرب إلى باب
    الخضراء منه إلى باب الساعات، فقال القوام: ألم آمركم ألا تتركوا أحداً يصلي
    الليلة في المسجد? فقال له بعضهم: يا أمير المؤمنين، هذا الخضر عليه السلام يصلي
    في المسجد كل ليلة.
    خرج واثلة بن الأسقع من باب المسجد الذي يلي باب جيرون فلقي كعب الأحبار فقال
    له: أين تريد? فقال له: واثلة بن الأسقع يريد بيت المقدس، فقال له: تعال حتى
    أريك موضعاً في هذا المسجد، من صلى فيه فكأنما صلى في بيت المقدس قال: فذهب به
    فأراه ما بين الباب الأصفر الذي يخرج منه الوالي إلى الحنية، يعني القنطرة
    الغربية. قال: من صلى فيما بين هذين فكأنما صلى في بيت المقدس.
    قال واثلة: إنه لمجلسي ومجلس قومي. قال: هو ذاك.
    قال أبو زرعة: مسجد دمشق خطه أبو عبيدة بن الجراح وكذلك مسجد حمص. وأما مسجد مصر
    فإنه خطه عمرو بن العاص زمن عمر.
    قال أبو ثوبان: ما ينبغي أن يكون أحد أشد شوقاً إلى الجنة من أهل دمشق، لما يرون
    من حسن مسجدهما.
    لما قدم المهدي يريد بيت المقدس دخل مسجد دمشق ومعه أبو عبيد الله الأشعري
    كاتبه، فقال: يا أبا عبيد الله، سبقتنا بنو أمية بثلاث. قال: وما هن يا أمير
    المؤمنين? قال: بهذا البيت، يعني: المسجد، لا أعلم على ظهر الأرض مثله، وبنبل
    الموالي، فإن لهم موالي ليس لنا مثلهم، وبعمر بن عبد العزيز، لا يكون والله فينا
    مثله أبداً. ثم أتى بيت المقدس فدخل الصخرة فقال: يا أبا عبيد الله وهذه رابعة.
    ولما دخل المأمون مسجد دمشق ومعه أبو إسحاق المعتصم ويحيى بن أكثم قال: ما أعجب
    ما في هذا المسجد? فقال له أبو إسحاق؛ ذهبه وبقاؤه. فإنا نهيئه في قصورنا فلا
    تمضي به العشرون سنة حتى يتغير. قال: ما ذاك أعجبني منه. فقال له يحيى بن أكثم:
    تأليف رخامه، فإني رأيت فيه عقداً ما رأيت مثلها. قال: ما ذاك أعجبني فقالا له:
    ما الذي أعجبك? قال: بنيانه على غير مثال متقدم.
    قال المأمون لقاسم التمار:
    اختر لي اسماً حسناً أسمي به جاريتي هذه. قال: سمها
    مسجد دمشق، فإنه أحسن شيء.
    قال الشافعي: عجائب الدنيا خمسة أشياء: أحدها منارتكم هذه، يعني منارة ذي القرنين،
    والثاني أصحاب الرقيم الذين هم بالروم اثنا عشر رجلاً أو ثلاثة عشر رجلاً،
    والثالث مرآة ببلادة الأندلس معلقة على باب مدينتها الكبيرة، فإذا غاب الرجل من
    بلادهم على مسافة مئة فرسخ في مئة فرسخ فإذا جاء أهله إلى تلك المنارة فقعد
    تحتها ونظر في المرآة يرى صاحبه بمسافة مئة فرسخ، والرابع مسجد دمشق وما يوصف من
    الإنفاق عليه. والخامس الرخام والفسيفساء، فإنه لا يدرى له موضع، فيقال إن
    الرخام كلها معجونة. والدليل على ذلك أنه لو وضعت على النار لذابت.

    صفحة 94+95+96


    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24308
    تم شكره : 33
    الاسد

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty رد: مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 7 فبراير 2013 - 2:30

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 488515
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 65
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65967
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty ما ذكر من هدم بقية كنيسة مريحنا وإدخالها في الجامع

    مُساهمة من طرف waell السبت 9 فبراير 2013 - 23:01

    ما ذكر من هدم بقية كنيسة مريحنا وإدخالها في الجامع
    عن كعب في قول الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" فقال: إذا هدمت كنيسة دمشق فبنيت مسجداً وظهر لبس القصب، فحينئذ تأويل هذه الآية. وهدمها الوليد بن عبد الملك.
    وكان معاوية أراد أن يبني مسجد دمشق فقال له كعب: ذلك أخنس قريش وما اجتمع أبواه. فلما كان الوليد بن عبد الملك بعث إلى النصارى وقال لهم في كنيستهم وسألهم إياها فأبوا، فقال لهم: ائتونا بالعهد فأتوه به فقال لهم: قد رضيتم، فأنا أسجل البعض عليكم. فنظروا فإذا كنيسة كذا، وكنيسة كذا، وكنيسة كذا. ورضوا بأن أعطوا الكنيسة وكف عن كنائسهم.
    قالوا: وكان معاوية بن أبي سفيان يخرج إلى الصلاة في المسجد من الموضع الذي يصلي فيه الغرباء عند باب جيرون من عند الزجاجة الخضراء فجعلت الزجاجة علامة لما سد الباب من شرق المسجد خارج الباب.
    قال يعقوب بن سفيان: سألت هشام بن عمار عن قصة مسجد دمشق وهدم الكنيسة قال: كان الوليد قال للنصارى من أهل دمشق: ما شئتم، إنا أخذنا كنيسة توما غنوة وكنيسة الداخلة صلحاً، فأنا أهدم كنيسة توما. قال هشام: وتلك أكبر من هذه الداخلة. قال: فرضوا أن هدم كنيسة الداخلة، وأدخلها في المسجد. قال: وكان بابها قبلة المسجد، اليوم المحراب الذي يصلى فيه.
    قال: وهدم الكنيسة في أول خلافة الوليد سنة ست وثمانين، وكانوا في بنيانه سبع سنين حتى مات الوليد ولم يتم بناؤه، فأتمه هشام من بعده.
    وفي حديث آخر: لما هم بهدم الكنيسة، كنيسة مريحنا ليزيدها في المسجد، دخل الكنيسة، ثم صعد منارة ذات الأضالع المعروفة بالساعات، وفيها راهب يأوي في صومعة له فأحدره من الصومعة، فأكثر الراهب كلامه، فلم تزل يد الوليد في قفاه حتى أحدره من المنارة ثم هم بهدم الكنيسة، فقال له جماعة من نجاري النصارى: ما نجسر على أن نبدأ في هدمها يا أمير المؤمنين، ونخشى أن نعز أو يصيبنا شيء، فقال الوليد: تحذرون وتخافون! يا غلام، هات المعول، ثم أتى بسلم فنصبه على محراب المذبح، وصعد فضرب بيده المذبح حتى أثر فيه أثراً كبيراً، ثم صعد المسلمون فهدموه، وأعطاهم الوليد مكان الكنيسة التي في المسجد، الكنيسة التي تعرف بحمام القاسم بحذاء دار أم البنين في الفراديس، فهي تسمى مريحنا مكان هذه التي في المسجد. وحولوا شاهدها فيما يقولون إليها، إلى تلك الكنيسة.
    وكان أراد أن يبني المسجد اسطوانات إلى الكوى يعني الطاقات فدخل بعض البنائين فقال: لا ينبغي أن يبنى كذا ولكن ينبغي أن تبنى فيه قناطر ويعقد أركانها بعضها إلى بعض ثم تجعل أساطين، ويجعل عمد، ويجعل فوق العمد قناطر تحمل السقف، ويخفف عن العمد البناء، ويجعل بين كل عمودين ركن. قال: فبني كذلك.
    قالوا: ودخل المغيرة بن عبد الملك يوماً على الوليد بن عبد الملك بن مروان، فرآه مغموماً فقال له: يا أمير المؤمنين، ما سبيلك? قال: فأعرض عنه، ثم إنه عاوده فقال: يا أمير المؤمنين، ما سبيلك? قال: فقال له: يا مغيرة، إن المسلمين قد كثروا وقد ضاق بهم المسجد، وقد بعثت إلى هؤلاء النصارى أصحاب هذه الكنيسة لندخلها في المسجد فتأبوا علينا، وقد أقطعتهم قطائع كثيرة، وبذلت لهم مالاً فامتنعوا، فقال له المغيرة: يا أمير المؤمنين، لا تغتم قد دخل خالد من باب الشرقي بالسيف، وباب الجابية دخل منه أبو عبيدة بن الجراح في الأمان فماسحهم إلى أي موضع بلغ السيف، فإن يكن لنا فيه حق أخذناه، وإن لم يكن لنا فيه حق داريناهم حتى نأخذ باقي الكنيسة فندخله في المسجد فقال له: فرجت عني، فتول أنت هذا. قال: فتولاه، فبلغت المسحة إلى سوق الريحان حتى حاذى من القنطرة الكبيرة أربعة أذرع وكسر بالذراع القاسمي، فإذا باقي الكنيسة قد دخل في المسجد، فبعث إليهم فقال لهم: هذا حق قد جعل الله عز وجل لنا، لم يصل المسلمون في غصب ولا ظلم، بل نأخذ حقنا الذي جعله الله لنا، فقالوا: يا أمير المؤمنين، قد أقطعتنا أربع كنائس وبذلت لنا من المال كذا وكذا، فإن رأيت يا أمير المؤمنين أن تتفضل به علينا ففعل، فامتنع عليهم حتى سألوه وطلبوا إليه. قال: فأعطاهم كنيسة حميد بن درة، وكنيسة أخرى حيث سوق الجبن، وكنيسة مريم، وكنيسة المصلبة. ثم إن الوليد بعث إلى المسلمين حتى اجتمعوا لهدم الكنيسة، واجتمع النصارى فقال للوليد بعض الأقساء والفأس على كتفه وعليه قباء سفرجلي وقد شد برقبة قبائه فقال له: إني أخاف عليك من الشاهد يا أمير المؤمنين. قال: ويلك ما أضع فأسي إلا في رأس الشاهد، ثم إنه صعد، فأول من وضع فأسه في هدم الكنيسة الوليد. وسارع الناس في هدم الكنيسة، وكبر الناس ثلاث تكبيرات وزادها في المسجد.
    وقيل: إنه قيل للوليد: لا يهدمها أحد إلا جن، فقام يزيد بن تميم فجع له وجوه أهل البلد حتى علا الكنيسة ثم التفت إلى يزيد فقال: أين الفأس فأتاه به فقال: إن هؤلاء الكفرة يزعمون أن أول من يهدمها يجن وأنا أول من يجن في الله، فأخذ برقبة قبائه فوضعها في منطقته ثم أخذ الفأس فضرب به ضربات، ثم تناوله القوم وكل من حضر، ولم يجدوا من ذلك بداً إذ فعله أمير المؤمنين، وصاح النصارى على الدرج وولولوا، ثم التفت إلى يزيد بن تميم وهو على خراجه فقال: ابعث إلى اليهود حتى يأتوا على هدمها. ففعل فجاء اليهود فهدموها


    صفحة 96+97
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 65
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65967
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty ما ذكر في بنائه واختيار موضعه

    مُساهمة من طرف waell السبت 9 فبراير 2013 - 23:06

    ما ذكر في بنائه واختيار موضعه
    في كتاب أخبار الأوائل أن هذه الدار المعروفة بالخضراء مع الدار المعروفة بالمطبق مع الدار المعروفة بدار الخيل مع المسجد الجامع أقاموا وقت بنائها يأخذون الطالع لها ثمان عشرة سنة. وقد حفر أساس الحيطان، حتى وافاهم الوقت الذي طلع فيه الكوكبان اللذان أرادوا أن المسجد لا يخرب أبداً ولا يخلو من العبادة. وأن هذه الدار إذا بنيت لا تخلو من أن تكون دار الملك أو السلطنة والضرب والحبس وعذاب الناس والقتل ومأوى الجند والعساكر والبلاء والفتنة، فبني على هذا، والله أعلم. وكانت في ذلك الزمان كلها داراً واحدة.
    ولما أراد الوليد بن عبد الملك بناء مسجد دمشق احتاج إلى صناع كثير، فكتب إلى الطاغية أن وجه إلي بمئتي صانع من صناع الروم فإني أريد أن أبني مسجداً لم يبنى من مضى قبلي ولا يكون بعدي مثله. فإن أنت لم تفعل غزوتك بالجيوش وأخربت الكنائس في بلدي وكنيسة بيت المقدس وكنيسة الرها وسائر آثار الروم في بلدي، فأراد الطاغية أن يفضه عن بنائه ويضعف عزمه، فكتب إليه: والله لئن كان أبوك فهمها فأغفل عنها إنها لوصمة عليه، ولئن كنت فهمتها وغيبت عن أبيك إنها لوصمة عليك، وأنا موجه إليك ما سألت. فأراد أن يعمل له جواباً فجلس له عقلاء الرجال في حظيرة المسجد يفكرون في ذلك، فدخل عليهم الفرزدق فقال: ما بال الناس! أراهم مجتمعين حلقاً، فقيل له: السبب كيت وكيت، فقال: أنا أجيبه من كتاب الله. قال الله تعالى: "ففهمناها سليمان، وكلاً أتينا حكماً وعلمناً" فسري عنهم.
    وروى أبو حفص أن هود النبي صلى الله على نبينا وعليه وسلم أسس الحائط الذي قبلة دمشق.
    ولما بنى الوليد بن عبد الملك القبة يعني: قبة مسجد دمشق فلما استقلت وتمت وقعت فشق ذلك عليه، فأتاه رجل من البنائين فقال له: أنا أتولى بنيانها على أن تعطيني عهد الله ألا يدخل معي أحد في بنيانها ففعل ذلك، فحفر موضع الأركان حتى بلغ الماء ثم بناها، فلما استقلت على وجه الأرض غطاها بالحصر وهرب عن الوليد، فأقام يطلبه ولا يقدر عليه. فلما كان بعد سنة لم يعلم الوليد إلا وهو على بابه فقال له: ما دعاك إلى ما صنعت! قال: تخرج معي حتى أريك، فخرج الوليد والناس معه حتى كشف الحصر فوجد البنيان قد انحط حتى صار مع وجه الأرض فقال: من هذا كنت تؤتى، ثم بناها بنيانها الذي عليه حتى قامت.
    وقيل: لما حفر لأركانها حتى بلغ الحفر إلى الماء ألقى على الماء جران الكرم، وبني الأساس عليه.
    قال إبراهيم بن أبى حوشب النصري وكان جده أحد قومة المسجد في بنائه قال: حدثت أن الوليد بن عب الملك بعث إليه يوماً عند فراغه من القبة الكبيرة، فلم يبق منها إلا عقد رأسها فقال له: إني عزمت أن أعمدها بالذهب قال: فقال له: يا أمير المؤمنين، اختلطت?! هذا شيء تقدر عليه?! قال له: يا ماجن تقول لي هذا?! فأمر به فشق عنه وضرب خمسين سوطاً. قال: ثم قال: اذهب فافعل ما أمرت به قال: فذكر لي أنه عمل لبنة من ذهب فحملها إليه، فلما نظر إليه وعرف ما فيها وما تحتاج القبة إلى مثلها قال: هذا شيء لا يوجد في الدنيا، ورضي عنه وأمر له بخمسين ديناراً.
    ولما قطع الوليد بن عبد الملك بالرصاص لمسجد دمشق لأهل الكور كانت كورة الأردن أكثرهم في ذلك، فطلبوا الرصاص من النواويس الغادية وانتهوا إلى قبر حجارة في داخله قبر من رصاص، فأخرجوا الميت الذي فيه فوضعوه فوق الأرض، فوقع رأسه في هوة من الأرض وانقطع عنقه فسأل من فيه دم. فهالهم ذلك، فسألوا عنه فكان فيمن سألوا عنه عبادة بن نسي الكندي فقال لهم: هذا القبر قبر طالوت الملك.
    وقيل: إنه لما فرغ الوليد بن عبد الملك من بناء المسجد قال له بعض ولده: أتعبت الناس في طينه كل سنة ويخرب سريعاً، فأمر أن يسقف بالرصاص، فطلب الرصاص في كل بلد وصل إليه، فبقي عليه موضع لم يجد له رصاصاً، فكتب إلى عماله يحرضهم في طلبه، فكتب إليه بعض عماله أن قد وجدنا عند امرأة منه شيئاً، وقد أبت أن تبيعه إلا وزناً بوزن، فكتب إليه: خذه، وإن أبت إلا وزناً بوزن، فأخذه منها وزناً بوزن، فلما وفاها قالت له: هو هدية مني للمسجد. قال لها: أنت أبيت أن تبيعي إلا وزناً بوزن شحاً منك، فتهدينه للمسجد?! فقالت: أنا فعلت ذلك ظننت أن صاحبكم يظلم الناس في بنائه ويأخذ رحالهم، فلا رأيت الوفاء منكم علمت أنه لم يكن يظلم فيه أحداً ثم، ويبتاع وزناً بوزن، فكتب إلى الوليد في ذلك، فأمر أن يعمل في صفائحه: لله، ولم يدخله في جملة ما عمله. فهو إلى اليوم مكتوب عليه: لله. طبع بطابع على السقف.
    وقيل: إن المرأة كانت يهودية، وأنه كتب على الرصاص الذي أعطتهم: للإسرائيلية وذكر أنه رؤي منه شيء قبل الحريق عليه: للإٍسرائيلية.
    ولما أراد الوليد بناء المسجد بدمشق كان سليمان بن عبد الله هو القيم مع الصناع.
    وكان المشايخ يقولون: ما تم مسجد دمشق إلا بآداء الأمانة. لقد كان بفضل عند الرجال من القوام عليه الفأس ورأس المسمار، فيجيء فيضعه في الخزانة.
    وقيل: إن قبة دمشق الرخام التي فيها فوارة الماء أقيمت في سنة تسع وستين وثلاث مئة.
    وقيل: أنشئت الفوارة المنحدرة وسط جيرون في سنة ست عشرة وأربع مئة، وجرت ليلة الجمعة لسبع ليال خلون من شهر ربيع الأول من سنة سبع عشرة وأربع مئة، بما أمر بجر القصعة من ظاهر قصر حجاج إلى جيرون وإجراء مائها القاضي فخر الدولة أبو يعلى حمزة بن الحسن بن العباس الحسيني. جزاه الله على ذلك خيراً.
    وتحته بخط محمد بن أبي نصر الحميدي: وسقطت في صفر من سنة سبع وخمسين وأربع مئة من جمال تحاكت بها، فأنشئت كرة أخرى، ثم سقطت عمدها وما عليها في حريق اللبادين ورواق دار الحجارة ودار خديجة، في شوال سنة اثنتين وستين وخمس مئة.


    كيفية ترخيمه ومعرفة المال المنفق عليه


    قال إبراهيم بن هشام: ما في مسجد دمشق من الرخام شيء إلا رخامتا المقام، فإنه يقال إنهما من عرش سبأ، وأما الباقي فكله مرمر.
    قيل: هو المقام الغربي.
    وقيل: هما من عرش بلقيس.
    وقيل: كان في مسجد دمشق اثنا عشر ألف مرخم.
    وعن عمرو بن مهاجر، وكان على بيت مال الوليد بن عبد الملك أنهم حسبوا ما أنفق على الكرمة التي في قبلة مسجد دمشق فكان سبعين ألف دينار، وحسبوا ما أنفقوا على مسجد دمشق فكان أربع مئة صندوق في كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار.
    قال: وأتاه حرسيه فقال: يا أمير المؤمنين، إن أهل دمشق يتحدثون أن الوليد أنفق الأموال في غير حقها، فنادى بالصلاة جامعة وخطب الناس فقال: إنه بلغني حرسي أنكم تقولون إن الوليد أنفق الأموال في غير حقها، ألا يا عمرو بن مهاجر، قم فأحضر ما قبلك من الأموال من بيت المال، قال: فأتت البغال تدخل بالمال وتصب في القبة على الأنطاع حتى لم يبصر من في الشام من في القبلة، ولا من في القبلة من في الشام.
    وقال: الموازين، فوزنت الأموال. وقال لصاحب الديوان: أحضر من قبلك من يأخذ رزقنا، فوجدوا ثلاث مئة ألف ألف في جميع الأمصار، وحسبوا ما يصيبهم فوجدوا عند رزق ثلاث سنين. ففرح الناس وكبروا وحمدوا الله عز وجل وقال: إلى ما تذهب هذه الثلاث السنين أتانا الله بمثله، وبمثله، ألا وإني إنما رأيتكم أهل دمشق تفخرون على الناس بأربع خصال فأحببت أن يكون مسجدكم الخامس. تفخرون على الناس بهوائكم ومائكم وفاكهتكم وحماماتكم، فأحببت أن يكون مسجدكم الخامس، فاحمدوا الله، فانصرفوا شاكرين داعين.
    وقيل: إن الوليد بن عبد الملك اشترى العمودين الأخضرين الكبيرين اللذين تحت النسر من حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية بألف وخمس مئة دينار.
    قال أبو مسهر: عملت المقصورة لسليمان بن عبد الملك حين استخلف.


    صفحة 97+98+99
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24308
    تم شكره : 33
    الاسد

    مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور - صفحة 4 Empty رد: مختصر تاريخ دمشق / إبن منظور

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 10 فبراير 2013 - 1:30

    سلمت يدك

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 21 نوفمبر 2024 - 18:25