يرفض مساعدة أُمِّها في إدخالها المستشفى رداً على طلبها الطلاق
"مدمن" يُفضِّل موت ابنته بـ"ضمور في المخ" على منحها شهادة ميلاد!
ريم سليمان – سبق – جدة: سردت سيدة من محافظة جدة معاناتها مع زوجها المدمن، وكيف أنه كان شاباً متعاوناً طيباً، وتحول إلى آخَر مدمن تجرّد من مشاعر الأبوة؛ وذلك عندما طُلب من طفلته المريضة التي لم تكمل عامها الثاني شهادة ميلاد لعلاجها في أحد المستشفيات إثر إصابتها بضمور في جزء من المخ؛ حيث رفض المستشفى البدء في علاج الطفلة إلا بإثبات، وعندما توجّهت والدة الطفلة (الزوجة)، التي تحدثت إلى "سبق" في إحدى محاكم محافظة جدة، إلى الأحوال المدنية؛ لتسجيل ابنتها مصطحبة معها الأوراق اللازمة، قوبل طلبها بـ "الرفض".
وفيما يأتي تفاصيل القصة المؤلمة:
رفقاء السوء
بصوت منتحب بدأت (س. م) سرد معاناتها، وتحدثت عن زواجها، وكيف كان زوجها شاباً متعاوناً طيباً لبقاً يرعى بيته وأسرته، حتى تعرف على مجموعة من رفقاء السوء، عندها تغيّر حاله تماماً؛ فبدأ يتغيب عن المنزل، ويرفض مساعدها، وقالت: "وكنت أتحمل مسؤولية المنزل بنفسي، وأحاول أن أقنع نفسي بأن ظل رجل أفضل من ظل حيطة، ورغم ذلك لم أصل معه إلى أي نتيجة إيجابية".
وتضيف قائلة: "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ فقد بدأ زوجي يوماً بعد يوم يتحول من سيئ إلى أسوأ، واكتشفتُ لاحقاً أنه يتعاطى المخدرات التي تسببت في تحوله إلى شخص آخر لا نعرفه ولا يعرفنا؛ فقد كان في عالَم ونحن في عالَم آخر، وعندها حاولتُ مراراً وتكراراً علاجه وإقناعه بالمصير الأسود الذي يخيم على منزلنا، وكان يستجيب للحظات، لكنه سرعان ما يعود ثانية إلى الإدمان".
رحلة العلاج
صمتت (س.م) ثم عاودت سرد معاناتها، وقالت: "أصبح زوجي يعاملني معاملة سيئة للغاية، فيما يأخذ أموالي بعد تعنيفي ليصرفها على السموم، وباءت كل محاولات إصلاحه بالفشل حتى قررتُ طلب الطلاق".
وأضافت: "عندما علم بذلك أخذ يبكي ويطلب مني أن أساعده، وهو ما تم شريطة أن يبدأ فعلياً رحلة العلاج، وبدأتُ أشعر بسعادة بالغة لرغبته الملحة وسعيه إلى العلاج من الإدمان، بيد أنه سرعان ما عاود الكرَّة وعاد إلى (شلة السوء) وتعاطي المخدرات؛ الأمر الذي أثّر في عمله حتى تركه نهائياً". وتابعت: "الظروف القاسية التي حلّت بنا بعد ترك زوجي عمله دفعتني إلى النزول إلى العمل من أجل توفير لقمة العيش، لكنه لم يتركني في حالي؛ حيث كان يسطو على أموالي ليصرفها على السموم التي دمرت مستقبل عائلتي".
وبعدما وصلت إلى مرحلة اليأس منه ومن علاجه، قالت (س.م): "قررت الانفصال عنه، عندها اكتشفت بأني حامل؛ فأخذت أبكي كثيراً على مصير طفلي المسكين الذي سيأتي إلى الدنيا من أب مدمن، وأخذت أتحدث معه مراراً وتكراراً بأن حالنا قد تبدل، وهناك طفل لا ذنب له سيأتي إلى الدنيا، ويجب أن نخطط لحياتنا، وبعد ذلك أخذ يستجيب حيناً ويعود أحياناً أخرى إلى ما هو عليه حتى فقدتُ الأمل نهائياً في شفائه، وبات من المستحيل البقاء معه خلال فترة حملي؛ لخوفي منه لحظة هياجه أن يفعل بي وبطفلي الذي لم يرَ الدنيا بعد أي مكروه، وانتقلتُ إلى بيت أسرتي، واستمر بي الحال إلى أن وضعتُ طفلتي، فيما كان أهلي من يتحملون مسؤوليتي تماماً رغم ظروفهم المادية الصعبة".
زوجة مُعلَّقة
"وعندما علم زوجي بولادتي حضر إلى المستشفى، وطلب مني أن أعود إلى المنزل، لكنني رفضت نهائياً العودة معه، وطلبت الطلاق باعتباره الحل الأفضل لما نحن عليه، إلا أنه رفض بشدة، وتركني مُعلَّقة؛ فلا أنا زوجة ولا أنا مُطلَّقة. وبعد فترة من الولادة، أصيبت طفلتي بحمى شوكية، ومَرِضتْ، وأصبح عندها ضمور في جزء من المخ، عندها بدأت رحلة العلاج، وبدأت معاناة جديدة ما زلتُ أعانيها حتى اللحظة؛ فابنتي الرضيعة ليس لها شهادة ميلاد، وزوجي يعاند ويرفض أن يثبتها ويستخرج لها شهادة ميلاد؛ حيث ظللت فترة أعالجها ببلاغ الولادة الذي استلمته من المستشفى حتى تعقدت الأمور، وأصبح من الضروري أن تُحجز ابنتي وتُعالج في أحد المستشفيات، وعندما كنت أحدثه في أن تكاليف العلاج مُكلِّفة ولا تقدر عليها أسرتي كان يرفض تماماً المساعدة، ويقول: أنت وأسرتك السبب في تعبها، والمرض وراثي في عائلتكم، وعليكم أن تتحملوا".
وأضافت: "حصلتُ على موافقة لعلاج ابنتي في مستشفى حكومي، وعندما ذهبتُ رفضوا علاجها؛ لأنها لا تحمل شهادة ميلاد، فأخذتُ قراري بأن أذهب إلى الأحوال المدنية لأسجل ابنتي بنفسي، فيما صُدمت عندما ذهبت إلى المسؤول بالأوراق اللازمة، وذلك بعد رفضه الحديث معي، وقال: لا بد من وجود الزوج ليسجِّل شهادة ابنته. فأخذتُ أبكي وأقول أنا أُمّها، أليس من حقي تسجيل ابنتي ومعي عقد زواج شرعي وإخطار الولادة؟ لكن لا حياة لمن تنادي؛ لأن ذلك هو القانون، هكذا يقولون لي".
دعوى طلاق
"وبعد أن استبد بي اليأس وعلمت أنه لا مفر من الرجوع إلى زوجي، الذي أصبح مدمناً للمخدرات، ذهبت إليه باكية استحلفه بالله أن يأتي معي ويُسجِّل ابنته المريضة؛ حتى نتمكن من إدخالها المستشفى للعلاج، فرفض بكل قسوة وعناد، عندها أيقنتُ أن دم المخدر الفاسد أحاله إلى شخص قاسي القلب عديم الإحساس بالأبوّة، وأنه لا أمل في شفائه".
وأتبعت: "نُصِحت برفع دعوى طلاق في المحكمة، وبالفعل جئت إلى المحكمة لرفع الدعوى، وكلي أمل بأن يُنظر إليها بعين الرحمة والشفقة، وأن يتم تطليقي بأسرع وقت ممكن، ولكني لا أعلم هل طلاقي من زوجي المدمن سيجعل من السهل أن أقوم باستخراج شهادة ميلاد لابنتي أم سأستمر في القضاء إلى أن تضيع مني ابنتي وفلذة كبدي؟".
الموقف القانوني
وبسؤال الحقوقية فريال كينج: "كيف لا يمكن للأم أن تستخرج شهادة ميلاد لطفلتها وهي تملك عقد زواج رسمياً ووثيقة من المستشفى؟ وما الموقف القانوني لمثل هذه الحالات؟" استنكرت كينج بشدة ما فعله الزوج، وأكدت أن تطليقها سيتم بسرعة؛ بسبب إدمان الزوج، وهذا سبب كافٍ وصريح، ونصحت صاحبة القضية بأن تتجه مباشرة إلى الإمارة، وعرض الأمر أمامهم، وإيضاح الخطورة الواقعة على الطفلة المسكينة، وستقوم الإمارة في الحال بإعطائها ورقاً عاجلاً لتسوية شهادة الميلاد بإذن الله.
وتساءلت كينج: "لماذا لا تُفرض عقوبات وغرامات على من لا يستخرج شهادات ميلاد لأطفاله أو يتأخر في تسجيلهم؛ لما له من أثر بالغ على الأسرة؟". مضيفة أنه لو وُجدت العقوبات لما رأينا كل هذه المشاكل داخل مجتمعنا.
أما المحامي أحمد الهاجر فقال إنّ الطفل لا يُضاف من قِبل الأم إلا إذا كان أبوه متوفَّى؛ حيث إن سِجِل الأُسْرة يتيح للأب فقط أن يضيف أبناءه، وفي حالة وفاته يُتاح للأم أن تستخرج لابنتها شهادة ميلاد، وفي هذه الحالة تحديداً على الأم أن تتجه مباشرة إلى الحاكم الإداري لإثبات نسب الطفلة وعمل تحليل الحمض النوويDNA وإلزام الأب باستخراج الشهادة وإجراء الخطوات القانونية اللازمة، ومن حقها أن تطلب من القاضي بعد الطلاق إعطاءها مستنداً يُثبت نسب ابنتها، وأن تطليقها كان لإدمان الأب ورفضه إثبات ابنته، وفوراً سيتم استخراج شهادة ميلاد للطفلة