أذكر أن بعض الشباب كانوا يقتبسون بعض السطور من بعض الروايات العاطفية وخاصة روايات الرومانسيين الفرنسيين والألمان وذلك ليضمنوها خطاباتهم لمن يحبون. فقد ارتبطت شخصيات الروايات بشخصيات الواقع بل أصبحت شخصيات الروايات وشخصيات الواقع ما هي إلا شخصيات واحدة وفقا لخيال كل قارئ وكل عاشق. فغادة الكاميليا علي سبيل المثال تختلف عن غادة الكاميليا عند كل قارئ. وشارلوت في أحزان فيرتر لجوتة يتمثلها كل قارئ فيمن يحب أو يهوي. ويختلف روميو في مسرحية شيكسبير روميو وجولييت بالنسبة لكثير من الفتيات حسب خيال كل واحدة منهن بالنسبة للغة الأحلام في الحقيقة أو في الخيال.
إن ما كتبه الكسندر دوماس الابن أو ما كتبه جوتة أو ما كتبه شيكسبير هو محرك لخيال القارئ أو مؤثر يعمل علي إبعاد تصوره عما كتبه هؤلاء المبدعون ويقر به من صورة فتي الأحلام أو فتاة الأحلام عند الجنسين من القراء.
ويختلف الأمر اختلافا كبيرا بالنسبة للفنون المرئية أو كما يحب أن يطلق عليها البعض الفنون البصرية ومنها السينما والمسرح والتليفزيون. ففي هذه الفنون لا يتأتي الانفصال أو التأثر من خيال المتلقي أو المتفرج. فإن الفيلم أو العرض المسرحي أو العمل الدرامي التليفزيوني يحدد للمتلقي كل شئ بالصورة. يحدد المكان من خلال الديكور والزمان من خلال الملابس والديكورات. كما يحدد أشكال الشخصيات وأعمارهم عن طريق الممثلين الذين يقومون بأداء هذه الشخصيات من الرجال والنساء والأطفال. أي أن العمل الفني في كل من هذه الوسائل الفنية يحدد للمتلقي كل ما كان يثير خياله في العمل الأدبي ويعطيه الحرية في التصور والتخيل. فإن غادة الكاميليا مرجريت جوتييه التي طالما تخيلها كل قارئ علي هواه جريتا جاربو أو غيرها من الممثلات اللاتي قمن بهذا الدور في السينما أو سارة برنار التي قامت بهذا الدور علي المسرح وغيرها من الممثلات اللاتي قمن بعدها بتمثيل هذا الدور إذا ما تكرر إنتاج الفيلم أو إنتاج المسرحية ويجد المتلقي أمامه عالما كاملا محددا بممثليه وأماكنه وملابسه وزمنه دون أن يعطي الفيلم أو المسرحية علي خشبة المسرح الفرصة للمتفرج أن يتخيل شيئا غير ذلك. وهذا ما يحدث أيضا في الأعمال الدرامية التليفزيونية. فالأعمال المرئية وخاصة المأخوذة عن أعمال أدبية تبدو كالديكتاتور المستبد الذي يملي علي شعبه النظام الذي يحكم به. ويرضي المتفرج بما يشاهده ولا يملك سوي أن يتذوق ما يراه أو يرفضه لأنه يختلف عما كان يتخيله. وإني أعترف بأنني قد مررت بهذه المحنة عندما كنت أيام دراستي الثانوية ألتهم القصص والروايات والمسرحيات وأطلق لخيالي العنان. وأذكر أنني كنت قرأت رواية مون فليت ثم شاهدتها فيلما بطولة نجم كان محببا لي وهو ستيوارت جرينجر فإذا بي أصاب بإحباط شديد لأن الفيلم كان شديد الاختلاف عن الرواية. وكان من بين قراءاتي في هذه الفترة رواية رد قلبي ليوسف السباعي. وشاهدت الفيلم السينمائي المأخوذ عن الرواية فوجدته وكأنه تلخيص لهذه الرواية الضخمة ولم أتخيل أن يكون شكري سرحان طالبا في المرحلة الثانوية هو وصلاح ذو الفقار وكمال ياسين وهم في الأربعين من أعمارهم. وظل هذا الإحباط عالقا في ذهني سنوات طويلة وأدركت الفرق بين العمل الأدبي والعمل السينمائي. ولكن كان هناك سؤال يلح دائما في ذهني: من أين ينبثق الخيال أو يلعب دوره في هذه الفنون المرئية؟
لا يتأتي الخيال منفصلا عن العمل الفني المرئي, كما يحدث في العمل الأدبي وإنما يتأتي من عملية التماثل أو التوحد بين المتفرج وبين ما يشاهده. فهو أو هي يتخيلان نفسيهما البطل وهو النجم السينمائي أو المسرحي أو التليفزيوني أو البطلة وهي النجمة السينمائية أو المسرحية أو التليفزيونية. وقد لا يهتم المتفرج بالعمل المرئي نفسه قدر اهتمامه بالنجم أو النجمة فهو بالنسبة للسينما إنما يذهب من أجل نجمه الذي يحبه أو نجمته التي يحبها ويتم التماثل معهما طوال الفيلم, فهو البطل الذي يقبل هذه الفتاة او هذه المرأة الفاتنة وهي الفتاة أو المرأة التي يقبلها البطل الوسيم. أو هو البطل القوي الذي يهزم عشرة رجال يحاولون البطش به. ولكن البراعة الفنية للعمل وقيمته قد تعمل علي شحن المتفرج بالعواطف والانفعالات الجميلة وتحيله إلي شخص آخر . وقد يتجاوز تأثير العلم الفني المرئي علي المتلقي كل ما نادي به الشاعر والناقد العظيم ت. سي. إليوت في نظرية المعادل الموضوعي ؟ وذلك عندما تتجاوز العواطف والانفعالات التي يثيرها العمل الفني فيما يعرضه من أحداث بحيث يعجز المبدع عن إيجاد المعادل الموضوعي لها.
لذلك فإن اختيار الممثلين من الرجال والنساء يلعب دورا كبيرا في إحداث التماثل داخل المتفرج ويضرب بنظرية المعادل الموضوعي عرض الحائط من أجل النجم أو النجمة الأثيرة إلي قلبه, بحيث يتمني أن يكون مثله أو تكون مثلها. ولذلك فإن كل ممثل يتمني أن يصبح معبود النساء وتتمني كل ممثلة أن تصبح معبودة الرجال.
إن ما كتبه الكسندر دوماس الابن أو ما كتبه جوتة أو ما كتبه شيكسبير هو محرك لخيال القارئ أو مؤثر يعمل علي إبعاد تصوره عما كتبه هؤلاء المبدعون ويقر به من صورة فتي الأحلام أو فتاة الأحلام عند الجنسين من القراء.
ويختلف الأمر اختلافا كبيرا بالنسبة للفنون المرئية أو كما يحب أن يطلق عليها البعض الفنون البصرية ومنها السينما والمسرح والتليفزيون. ففي هذه الفنون لا يتأتي الانفصال أو التأثر من خيال المتلقي أو المتفرج. فإن الفيلم أو العرض المسرحي أو العمل الدرامي التليفزيوني يحدد للمتلقي كل شئ بالصورة. يحدد المكان من خلال الديكور والزمان من خلال الملابس والديكورات. كما يحدد أشكال الشخصيات وأعمارهم عن طريق الممثلين الذين يقومون بأداء هذه الشخصيات من الرجال والنساء والأطفال. أي أن العمل الفني في كل من هذه الوسائل الفنية يحدد للمتلقي كل ما كان يثير خياله في العمل الأدبي ويعطيه الحرية في التصور والتخيل. فإن غادة الكاميليا مرجريت جوتييه التي طالما تخيلها كل قارئ علي هواه جريتا جاربو أو غيرها من الممثلات اللاتي قمن بهذا الدور في السينما أو سارة برنار التي قامت بهذا الدور علي المسرح وغيرها من الممثلات اللاتي قمن بعدها بتمثيل هذا الدور إذا ما تكرر إنتاج الفيلم أو إنتاج المسرحية ويجد المتلقي أمامه عالما كاملا محددا بممثليه وأماكنه وملابسه وزمنه دون أن يعطي الفيلم أو المسرحية علي خشبة المسرح الفرصة للمتفرج أن يتخيل شيئا غير ذلك. وهذا ما يحدث أيضا في الأعمال الدرامية التليفزيونية. فالأعمال المرئية وخاصة المأخوذة عن أعمال أدبية تبدو كالديكتاتور المستبد الذي يملي علي شعبه النظام الذي يحكم به. ويرضي المتفرج بما يشاهده ولا يملك سوي أن يتذوق ما يراه أو يرفضه لأنه يختلف عما كان يتخيله. وإني أعترف بأنني قد مررت بهذه المحنة عندما كنت أيام دراستي الثانوية ألتهم القصص والروايات والمسرحيات وأطلق لخيالي العنان. وأذكر أنني كنت قرأت رواية مون فليت ثم شاهدتها فيلما بطولة نجم كان محببا لي وهو ستيوارت جرينجر فإذا بي أصاب بإحباط شديد لأن الفيلم كان شديد الاختلاف عن الرواية. وكان من بين قراءاتي في هذه الفترة رواية رد قلبي ليوسف السباعي. وشاهدت الفيلم السينمائي المأخوذ عن الرواية فوجدته وكأنه تلخيص لهذه الرواية الضخمة ولم أتخيل أن يكون شكري سرحان طالبا في المرحلة الثانوية هو وصلاح ذو الفقار وكمال ياسين وهم في الأربعين من أعمارهم. وظل هذا الإحباط عالقا في ذهني سنوات طويلة وأدركت الفرق بين العمل الأدبي والعمل السينمائي. ولكن كان هناك سؤال يلح دائما في ذهني: من أين ينبثق الخيال أو يلعب دوره في هذه الفنون المرئية؟
لا يتأتي الخيال منفصلا عن العمل الفني المرئي, كما يحدث في العمل الأدبي وإنما يتأتي من عملية التماثل أو التوحد بين المتفرج وبين ما يشاهده. فهو أو هي يتخيلان نفسيهما البطل وهو النجم السينمائي أو المسرحي أو التليفزيوني أو البطلة وهي النجمة السينمائية أو المسرحية أو التليفزيونية. وقد لا يهتم المتفرج بالعمل المرئي نفسه قدر اهتمامه بالنجم أو النجمة فهو بالنسبة للسينما إنما يذهب من أجل نجمه الذي يحبه أو نجمته التي يحبها ويتم التماثل معهما طوال الفيلم, فهو البطل الذي يقبل هذه الفتاة او هذه المرأة الفاتنة وهي الفتاة أو المرأة التي يقبلها البطل الوسيم. أو هو البطل القوي الذي يهزم عشرة رجال يحاولون البطش به. ولكن البراعة الفنية للعمل وقيمته قد تعمل علي شحن المتفرج بالعواطف والانفعالات الجميلة وتحيله إلي شخص آخر . وقد يتجاوز تأثير العلم الفني المرئي علي المتلقي كل ما نادي به الشاعر والناقد العظيم ت. سي. إليوت في نظرية المعادل الموضوعي ؟ وذلك عندما تتجاوز العواطف والانفعالات التي يثيرها العمل الفني فيما يعرضه من أحداث بحيث يعجز المبدع عن إيجاد المعادل الموضوعي لها.
لذلك فإن اختيار الممثلين من الرجال والنساء يلعب دورا كبيرا في إحداث التماثل داخل المتفرج ويضرب بنظرية المعادل الموضوعي عرض الحائط من أجل النجم أو النجمة الأثيرة إلي قلبه, بحيث يتمني أن يكون مثله أو تكون مثلها. ولذلك فإن كل ممثل يتمني أن يصبح معبود النساء وتتمني كل ممثلة أن تصبح معبودة الرجال.