ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


3 مشترك

    أعلام المسلمين


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 22:36


    أبو العتاهية

    أبو العتاهية

    (ما رأيته إلا توهمت أنه سماوي وأني أرضي).. قالها أبو نواس الشاعر المعروف اعترافًا بفضله وتعظيمًا لقدره وتقديرًا لشعره.
    إنه (إسماعيل بن القاسم بن سويد) المعروف بأبي العتاهية، ولد سنة 130هـ لأبوين فقيرين في قرية صغيرة بالقرب من الكوفة بأرض العراق، ولما اشتدت ظروف الحياة بأسرته واشتكت آلام الفقر، قرر الأب الرحيل إلى الكوفة، لعلَّه يجد بها فرجًا لضيقه ومخرجًا لهمِّه، وكانت الكوفة في تلك الفترة مدينة المتناقضات والأضداد؛ ففي مقابل الغنى الفاحش يوجد الفقر الشديد، وفي مقابل الزهد والتنسك يوجد المجون والاستهتار، وفي مقابل العلم يوجد الجهل.
    فرح إسماعيل بقدومه إلى الكوفة، لأنه كان يهوى الشعر منذ نعومة أظافره، فبحث عن شعراء الكوفة وتردد على مجالسهم وكان يقضي نهاره متجولاً في دروب الكوفة وأزقتها، حاملاً قفصًا مليئًا بالجرار والخزف، ويعود آخر النهار بدراهم قليلة يسد بها جوعه، وكان يهون على نفسه عناء العمل بترديد أشعار يحفظها.
    وذات يوم مرَّ بفتيان يتذاكرون الشعر ويتنافسون في إنشاده، فسلم عليهم، ووضع قفصه عن ظهره، ثم قال: يا فتيان أراكم تتذاكرون الشعر، سأقول شطرًا من بيت فتكملونه، فإن فعلتم فلكم عشرة دراهم، وإن لم تفعلوا فعليكم عشرة
    دراهم، فتعجبوا من بائع جرار يتردد على مجالس الشعراء، وسخروا منه، وقالوا له: مالك والشعر؟! ولكنه أصر على التحدي.. فقال: أكملوا البيت:
    ساكني الأجداث أنتم....
    فلم يستطيعوا أن يكملوا البيت، ولما طال انتظاره لهم سخر منهم، ثم أكمل:
    ساكني الأجداث أنتـــم مثلنا بالأمس كنتــــــم
    ليت شعري ما صنعتُـــم أربِحتم أم خسرتــــــم
    وبدأت شهرة أبي العتاهية تنتشر في الكوفة، وذاع شعره لجودته وحسنه، ولما تميز به من بساطة وبعد عن التعقيد، ورحل بعد ذلك إلى الحيرة، واستقر بها فترة من
    الزمن، واتَّجه أبو العتاهية في بداية حياته الشعرية إلى شعر الغزل الذي كان شائعًا، ثم تركه بعد ذلك إلى حياة الزهد والتعفف، فكتب أرجوزته (ذات الأمثال) التي تتضمن أربعة آلاف مثل يبدو من خلالها عقلاً أدرك ما في الحياة من خير وشر، فأراد تنمية الخير ومقاومة الشر.
    ومن جيد شعره قوله الذي يصلح حكمة في كل العصور:
    إن الشَّبابَ والفراغَ والجِـدَه
    مَفسدةٌ للمـــرء أي مفســـده
    وقال: مذكرًا للعباد:
    الناس فـــي غفلاتهـــمْ
    ورحَـــى المنيةِ تَطْحَــــــنُ
    ما دون دائــرة الــــرَّدى
    حصــــنٌ لمــــــن يتحصَّنُ
    وظل أبو العتاهية على زهده وتنسكه حتى لاقى ربه سنة 213هـ، بعد أن ترك شعرًا مازال يتردد حتى الآن.

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 22:38


    أبو تمام الطائي


    أبو تمام الطائي

    في قرية (جاسم) بالقرب من دمشق، وفي أواخر القرن الثاني الهجري سنة 188هـ ولد (أبو تمام حبيب بن أوس الطائي).. ذهب إلى كُتَّاب القرية ليتعلم القراءة والكتابة، ويحفظ القرآن الكريم، ولأنه كان فقيرًا لا يملك قوت يومه فقد ترك الكُتَّاب ليعمل بمهنة الخياطة، ليساعد أباه العطار على مواجهة أعباء الحياة، لكن أبا تمام في ظل انشغاله بالعمل لم ينس أبدًا حبه للعلم والتعلم، فكان يتردد عقب انتهائه من العمل على حلقات الدرس في مساجد مدينة دمشق بعد أن استقرت بها الأسرة بحثًا عن سعة العيش وينهل من علوم الدين واللغة والشعر، وكان أبو تمام يهوى الشعر والترحال والسفر، يقول في ذلك:

    وطول مقام المرء بالحي مُخْلَـــق
    لديباجتيه فاغترب تتجــــــدد
    فإني رأيت الشمس زيدت محبــة
    إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
    ويقصد أبو تمام أن يقول: اغترب بالترحال والسفر لكي يشتاق إليك أحباؤك، فإن الشمس محبوبة لأنها ليست دائمة الظهور.
    ثم رحل أبو تمام إلى مصر، فأقام في مسجد عمرو بن العاص، وقضى بها خمس سنوات، كان يعمل خلالها في سقاية الماء، كما كان يتعلم من خلال استماعه للدروس التي تعقد في المسجد، فألمَّ بالفقه والتاريخ والشعر والحديث
    والفلسفة، ولكنه كان يميل إلى الأدب والشعر؛ فحفظ أربع عشرة ألف أرجوزة وكثيرًا من القصائد، وحفظ سبعة عشر ديوانًا من الشعر.
    وتفتحت موهبة أبي تمام في نظم الشعر، فأخذ يتكسب به، لكنه مع ذلك لم يحقق ما كان يرجوه من تحسين أحوال معيشته، فاتجه إلى الشام، ثم إلى العراق بعد أن ضاق عليه الرزق، ويقول في ذلك:
    ينال الفتى من عيشه وهو جاهــــل
    ويكدى الفتى في دهره وهو عالـــم
    ولو كانت الأرزاق تجري على الحجى
    هلكن إذًا من جهلن البهائـــــم
    ولم تجتمع شرق وغرب لقاصـــــد
    ولا المجد في كف امرئ والدراهـــم
    وانصرف أبو تمام إلى الرحلات، وأخذ ينشد الشعر في شتى البلاد، فذاع شعره وانتشر، حتى سمع به الخليفة المعتصم، فاستدعاه وقربه منه، فكان ذلك فاتحة خير عليه وتحسنت حالته، ولم يكن أبو تمام شاعرًا فحسب بل كان ذواقًا للشعر، وقد تجلت هذه الموهبة في عدد من الكتب التي اختار فيها ما أعجبه من أشعار القدماء والمحدثين وأشهرها (ديوان الحماسة) الذي ألفه وجمعه في خراسان، بعد أن نزل الثلج فأغلق الطريق، وحال بينه وبين الرحيل، فنزل ضيفًا في دار بها مكتبة ضمت الكثير من الدواوين الشعرية.
    وكان أبو تمام رقيق المشاعر، فدائمًا ما كان يحن إلى قريته (جاسم) يقول فيها:
    نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى
    مــا الحـــب إلا للحبيــب الأول
    كم منزل في الأرض يألفه الفتــى
    وحنيـنـه أبـــدًا لأول منــــزل
    وبعد أن طاف أبو تمام وتنقل في بلاد الله؛ استقر به المقام في الموصل؛ حيث استدعاه (الحسن بن وهب) والي الموصل والكاتب المشهور ليتولى بريد الموصل، فظل بها
    عامًا، حتى توفي بها في عام 231هـ، وقد تميز شعر (أبي تمام) بجودة اللفظ وحسن المعاني، لكنه كان يكثر من استخدام التشبيهات والجناس والألفاظ المتشابهة والغموض في التعبير، وكان إمام الشعراء في عصره، حتى قيل فيه:
    (ما كان أحد من الشعراء يقدر أن يأخذ درهمًا بالشعر في حياة أبي تمام، فلما مات تقاسم الشعراء ما كان يأخذه).


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 22:40



    الخليل بن أحمد

    الخليل بن أحمد

    (اللهم هب لي علمًا لم يسبقني إليه أحد).. قالها وهو يتضرع إلى الله متعلقًا بأستار الكعبة، كان يرجو أن يسبق الناس بوضع علم جديد، فيكون سبَّاقًا إلى الخير، ولم يكن هذا الرجاء وليد تكاسل وتواكل، بل كانت قدراته ومهاراته تؤهله لأن يكون عظيم الشأن.
    هو (الخليل بن أحمد الفراهيدي) الذي وُلِدَ في البصرة عام (100هـ) ونشأ عابدًا لله تعالى، مجتهدًا في طلب العلم، واسع المعرفة، شديد الذكاء، أدرك الخليل بفطرته السليمة أن الإسلام دين شامل لكل جوانب الحياة، فاجتهد في طلب العلم وأخلص في طلبه؛ فكان غيورًا على اللغة العربية (لغة القرآن)؛ مما دفعه إلى العمل على وضع قواعد مضبوطة للغة، حتى عدَّه العلماء الواضع الحقيقي لعلم النحو في صورته النهائية، التي نقلها عنه تلميذه (سِيبوَيه) في كتابه المسمى (الكتاب) فذكره وروى آراءه في نحو ثلاثمائة وسبعين موضعًا معترفًا له بوافر علمه، وعظيم فضله.
    وذات يوم ذهب الفراهيدي إلى الكعبة حاجًّا، فتعلق بأستار الكعبة، ودعا الله أن يهب له علمًا لم يسبقه أحد إليه، ثم عاد إلى وطنه، فاعتزل الناس في كوخ بسيط من خشب الأشجار، كان يقضي فيه الساعات الطويلة يقرأ كل ما جمعه من أشعار العرب، ويرتبها حسب أنغامها، ويضع كل مجموعة متشابهة في دفتر منفرد..
    وذات يوم مَرَّ الخليل بسوق النخَّاسين، فسمع طرقات مطرقة على طَست من
    نحاس، فلمعت في ذهنه فكرة عِلم العَرُوض -ميزان الشعر أو موسيقى الشعر- الذي مَيز به الشعر عن غيره من فنون الكلام، فكان للخليل بذلك فضل على العرب، إذ ضبط أوزان الشعر العربي، وحفظه من الاختلال والضياع، وقد اخترع هذا العلم وحصر فيه أوزان الشعر في خمسة عشر بحرًا (وزنًا) وكما اهتم بالوزن اهتم بضبط أحوال القافية -وهي الحرف الأخير في بيت الشعر، والتي يلتزم بها الشاعر طوال القصيدة- فأخرج للناس هذين العلمين الجليلين كاملين مضبوطين مجهزين بالمصطلحات.
    ولم يكتف الخليل بما أنجزه، وبما وهبه الله من علم؛ استجابة لدعائه وتوسله وتضرعه، فواصل جهوده وأعدَّ معجمًا يعَد أول معجم عرفته اللغة العربية، وامتدت رغبته في التجديد إلى عدم تقليد من سبقوه، فجمع كلمات المعجم بطريقة قائمة على الترتيب الصوتي، فبدأ بالأصوات التي تُنْطَق من الحَلْق وانتهي بالأصوات التي تنطق من الشفتين، وهذا الترتيب هو (ع- ح- هـ- خ- غ...) بدلا من (أ- ب- ت- ث- ج ...) وسمَّاه معجم (العين) باسم أول حرف في أبجديته الصوتية.
    وعُرِف الخليل بالتعبد والورع والزهد والتواضع، وكان إذا أفاد إنسانًا شيئًا لم يشْعِره بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئًا أجزل له الشكر، وأشعره بأنه استفاد منه، وقيل في زهده: أقام الخليل في خُص له بالبصرة لا يقدر على فِلْسَين (قدر ضئيل من المال) وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال، وأرسل إليه سليمان بن علي -والي منطقة البصرة- ليأتيه يؤدب ولده، فأخرج الخليل خبزًا يابسًا، وقال: ما عندي غيره وما دمت أجده فلا حاجة لي في سليمان، ثم قال لرسول سليمان:
    أبلغ سليمان أني عنه فـــي سعــة
    وفي غني غير أني لستُ ذا مــال
    والفقرُ في النّفس لا في المال تعرفه
    ومـثل ذاك الغِني في النفس لا المال
    وقال: إني لأغلق علي بابي فما يجاوزه همي، وذلك لانصرافه عن الدنيا واستغراقه في العلم والعبادة، وذات يوم دخل المسجد وهو شارد البال مستغرق الفكر فاصطدم بسارية (عمود) المسجد فانصدع رأسه ومات سنة 170هـ.

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 أبريل 2013 - 22:41


    الفيروزابادي

    الفيروزابادي

    في واحدة من أجمل مدن شيراز وهي (كارزين) ولد أحد أئمة اللغة والأدب
    العظام، إنه (مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الشيرازي الفيروزابادي).
    ولد الفيروزابادي في سنة 729هـ، وحفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره، فقد كان سريع الحفظ، حتى إنه قال: (لا أنام حتى أحفظ مائتي سطر كل يوم) ثم انتقل في الثامنة من عمره إلى شيراز لطلب العلم، وقد اشتهر بالفيروزابادي نسبة إلى (فيروزاباد) وهي مدينة جنوب شيراز كان منها أبوه وجده.
    رحل (الفيروزابادي) في طلب العلم فسافر إلى مصر والشام، ودخل بلاد الروم
    (أي الدولة العثمانية) والهند، وتتلمذ على عددٍ من كبار العلماء أمثال التقي السبكي وابنه عبد الوهاب وابن الخبَّاز محدث دمشق المعروف وغيرهم، حتى ذاع اسمه في الآفاق، وصار مرجع عصره في اللغة والحديث والتفسير.
    عمل (الفيروزابادي) بالتدريس في عدة مدارس منها مدرسة القدس التي بدأ فيها أستاذًا عملاقًا، تلقى عنه كثير من العلماء منهم الصلاح الصَّفْدِي وغيره من علماء القدس، ثم رحل إلى القاهرة ولقي هناك علماءها أمثال ابن عقيل، وابن هشام وهما من أئمة اللغة ثم عاد إلى القدس مرة أخرى.
    والفيروزابادي عالم واسع العلم والثقافة، حافظ لكثير من الشعر والحكايات والنوادر وكان هذا هو سر مكانته عند الملوك والأمراء، ساعده على ذلك معرفته الجيدة باللغتين العربية والفارسية، وحبه الشديد لاقتناء الكتب وقراءتها، فيروى أنه قال: (اشتريت بخمسين ألف مثقال ذهبًا كتبًا) فكان لا يسافر إلا وصحبته عدة أحمال من الكتب يخرجها في كل منزل ينزله، ينظر فيها ويعيدها إذا رحل.
    وبعد أن طاف الفيروزابادي في بلاد كثيرة، انتهي به المطاف في (زبيد) باليمن حين استدعاه صاحبها وأميرها (الأشرف إسماعيل بن العباس) إلى حضرته، فلما جاء
    إليه بالغ في إكرامه، وكان يحضر درسه الذي كان يلقيه، وفي سنة 797هـ ولاه الأشرف إسماعيل منصب القضاء، ثم تزوج السلطان ابنته وبذلك نال الفيروزابادي المكانة العليا عنده، حتى يروى أنه ألف كتابًا وأرسله إليه محمولاً على أطباق فردها السلطان إليه مملوءة بالدراهم، وقد بلغ من إعزاز (الأشرف) به وحرصه على ألا يفارقه أنه حين جاءه يستأذن منه في السفر فمنعه من ذلك بحجة أن في ذلك حرمانًا للبلاد والعباد من علمه، وكان مما قاله له: (كانت بلاد اليمن عمياء فاستنارت
    بك، وقد أحيا الله بك ما كان ميتًا من العلم، فبالله عليك إلا ما وهبتنا
    بقية عمرك).
    وقصده طلاب العلم من جميع بلاد المسلمين، ينهلون من علمه الغزير، ومعرفته الواسعة، واهتم باللغة وعلومها اهتمامًا كبيرًا حتى نبغ ومهر فيها وفاق جميع علماء عصره.. ألف (الفيروزابادي) كثيرًا من الكتب أشهرها (القاموس المحيط) وهو معجم ضخم يضم كمًّا هائلاً من مفردات اللغة العربية وقد أثنى (ابن حجر) على هذا الكتاب فقال: (لا مزيد عليه في حسن الاختصار وكثير الكلمات اللغوية، وكثير أخذوه عنه) ومن مؤلفاته: (الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف) و(سفر السعادة) في التصوف، وكتاب (المصابيح) وكتاب (تنوير المقياس في تفسير
    ابن عباس) وكتاب (تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول) و(بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز).. وكثير من الكتب غيرها.
    وقد أخذ عنه العلم علماء كثيرون من بلاد الإسلام أشهرهم (الجمال المراكشي) و(الحافظ ابن حجر) الذي أخذ عنه القاموس وأذن له أن يروي عنه جميع
    ما كتبه، ومن هنا نرى أن (الفيروزابادي) عاش حياة حافلة بالعلم، وكانت وفاته في ليلة الثلاثاء العشرين من شوال سنة 817هـ بمدينة زبيد باليمن.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف محمد منسى الأربعاء 1 مايو 2013 - 13:35

    إبداع وفكر متحضر ومعلومات قيمه عن هؤلاء الأفذاذ ومجهود مشكور للفاضله مـــآآآري

    سلمتى وسلمت يداكِ أختنا الموقره مآآآري

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأربعاء 1 مايو 2013 - 22:46

    محمد منسى كتب:إبداع وفكر متحضر ومعلومات قيمه عن هؤلاء الأفذاذ ومجهود مشكور للفاضله مـــآآآري

    سلمتى وسلمت يداكِ أختنا الموقره مآآآري

    شكرا لك اخي الفاضل
    مع كل الاحترام لمرورك الراقي
    دمت بخير

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:25


    الماوردي

    الماوردي

    (حفظ الله دينك، كما حفظت علينا ديننا).. كلمة قالها الخليفة العباسي (القادر بالله) وذلك بعد أن قرأ كتابًا للماوردي في الفقه فأعجب به وأثنى عليه، فمن ذلك الرجل الذي حفظ دين الإسلام؟!
    في شوارع البصرة وفي زمن العباسيين، كان هناك طفل صغير لم يتجاوز الرابعة من عمره، ورث عن أبيه صناعة (ماء الورد) يقضي النهار كله أمام أبواب المساجد، يبيع ماء الورد لطلاب العلم ورواد المدارس مقابل دراهم معدودة، يتقوَّى بها على متاعب الحياة.
    وقد أصبح هذا الصبي من قادة الفكر وحملة مشاعل العلم ومن أبرز رجال السياسة، وقاضيًا من أعدل القضاة، وأديبًا ناضجًا ومؤلفًا عظيمًا في شتى فروع ثقافة أمته.. إنه (أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي) الشهير بالماوردي.. ولد
    عام 364هـ-974م في مدينة البصرة، ونشأ فيها يسقي طلاب العلم ماء الورد، ويرتوي من علم العلماء المشهورين في زمانه، وظل في البصرة حتى سمع أن عالمًا ببغداد يقصده الطلاب من كافة الأنحاء هو (أبو حامد الإسفراييني) فتعلم على يديه الفقه والعلوم الشرعية، وأصبح من مريديه، ومازال يرحل ويتنقل في بلاد المسلمين طلبًا للمعرفة حتى عاد إلى بغداد، ليبدأ فيها رحلة الدرس والتأليف، يتلقى عنه الطلاب القادمون من بلاد كثيرة.
    وتولى الماوردي القضاء في البلاد التي رحل إليها، كما تولى وظيفة قاضي القضاة في نيسابور، وذاعت شهرته، ولقب بأقضى القضاة سنة 429هـ، وكان أول من لقب بذلك في تاريخ الإسلام، وعلم الماوردي أن توليه القضاء ليس تشريفًا له، ولكنها رسالة وأمانة في عنقه؛ فكان يتمهل قبل أن يصدر أحكامه، ويقرأ كتاب الله وأحاديث رسوله، حتى لا يضل الطريق؛ فيقضي بحكم فيه ظلم لأحد، كما كان جريئًا عادلاً، لا تأخذه في الله لومة لائم، يحكم بالحق حتى على أولي القربى وأصحاب السلطان.
    فقد أمر الخليفة العباسي أن يلقب (جلال الدين بن بويه) بلقب شاهنشاه الأعظم ملك الملوك، واختلف الفقهاء ما بين موافق، وغير موافق لأن هذا اللقب لا يجوز إلا في حق الله، وانحاز عوام الناس إلى رأي الفقهاء المانعين، وانتظر الجميع رأي القاضي الماوردي الذي كانت تربطه بجلال الدين البويهي صلة ود وصداقة؛ وظهرت شجاعة الماوردي، فانحاز إلى جانب الحق، وضرب مثلا فريدًا في الثبات على الحق، فأفتى بالمنع، وأعجب جلال الدين بصدقه وشجاعته فقال له: (أنا أعلم أنك لو حابيت أحدًا لحابيتني، لما بيني وبينك من أواصر المحبة، وما حملك إلا الدين، فزاد بذلك محلك عندي).
    ولما ذاعت شهرة الماوردي أثناء فترة إقامته ببغداد لما عُرِفَ عنه من فضل وعلم، وحسن رأي، وجلالة قدر؛ اختير ليكون سفيرًا بين رجال الدولة في بغداد، وبني بويه في أصبهان من سنة
    381هـ/ 991م إلى 422هـ/ 1030م، وكان لقربه من الحياة السياسية في عصره، واختلاطه بالأمراء والوزراء أثر كبير، فقام بكتابة العديد من المؤلفات السياسية الرائعة التي صدرت عن خبرة كبيرة ودراسة واسعة مثل (الأحكام السلطانية والولايات الدينية) وكانت له مكانة ممتازة عند الأمراء والملوك في عصره، فكان يتصدر المراسم والاحتفالات الرسمية، وأسندوا إليه عقد قران الخليفة القائم بأمر الله على خديجة بنت داود أخي السلطان (طغرلبك) سنة 448هـ.
    واشتهر الماوردي بالحلم والوقار والأدب والتعفف عن سؤال غيره، كما عرف عنه التدين والتنزه عن اللهو والهزل، وشهد المعاصرون للماوردي بالصلاح والتقوى، وهم محقون في ذلك، فقد أخفى مؤلفاته عن الناس في عصره خوفًا من أن يكون قد خالطها الرياء وهو يؤلفها، وعهد إلى صديقٍ له ألا يظهرها إلا بعد وفاته، وترك الماوردي العديد من المؤلفات منها: كتاب في التفسير و(الحاوي) في الفقه الشافعي و(قانون الوزارة وسياسة الملك) و(أدب الدنيا والدين).
    والماوردي مفكر سياسي إسلامي يعد من أوائل من اهتموا بعلم السياسة وأصول الحكم الإسلامي، يأخذ أفكاره وآراءه من وحي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وظل الماوردي في خدمة العلم إلى أن فاضت روحه إلى بارئها في يوم الثلاثاء آخر شهر ربيع الأول سنة 450هـ، وحضر جنازته جمع من الخطباء والعلماء والقضاة يودعونه إلى مثواه الأخير.


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:26


    أبو حامد الغزالي

    أبو حامد الغزالي

    في مدينة (طوس) إحدى مدن بلاد (فارس) وبالتحديد في قرية (غزالة) جلس طفلان صغيران ينظران إلى والدهما وهو يغزل الصوف، أخذا يتأملان أصابعه؛ ويتابعانه في إعجاب شديد، ترك الأب مغزله وأخذ ينظر إلى ولديه (محمد وأحمد).
    شعر الشقيقان أن أباهما يريد أن يقول لهما شيئًا، لقد فهما ذلك من نظرات عينيه، وفجأة.. انهمرت الدموع من عيني الأب الذي عرف بالتقوى والصلاح، فقد تملكه إحساس جارف بأنه سيموت قريبًا، ولم يترك لولديه شيئًا من المال يعينهما على تحمل أعباء الحياة، غادر الأب دكانه، وذهب إلى صديق وفي له؛ فأوصاه بتربية ولديه الصغيرين، وترك له ما كان معه من مال، وكان قليلاً، ومات الأب، فعمل الصديق بالوصية، فنشَّأ الطفلين تنشئة دينية صحيحة، وعاملهما معاملة طيبة وألحقهما بإحدى المدارس، وكانت أمهما ترعاهما بعناية كبيرة، وتتابع دراستهما، فنبغ الطفلان، وتفوَّقا على أقرانهما، وبخاصة (محمد الغزالي) الذي تعلم مبادئ النحو واللغة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم اللغة الفارسية.
    وسافر محمد إلى (جرجان) لسماع دروس الإمام (أبو نصر الإسماعيلي)، وفي أثناء عودته إلى بلدته (طوس) قطع اللصوص عليه الطريق، وأخذوا منه مخلته التي فيها كتبه وكراريسه، ظنًّا منهم أن فيها نقودًا ومتاعًا، وساروا في طريقهم؛ فتبعهم (أبو حامد الغزالي) وأخذ يلح عليهم أن يعطوه أوراقه وكتبه التي هاجر من أجلها ومعرفة ما فيها؛ فضحك كبير اللصوص وقال له: كيف تزعم أنك عرفت
    علمها، وعندما أخذناها منك، أصبحتَ لا تعلم شيئًا وبقيت بلا علم؟! ولكنه أشفق عليه وسلمه الكتب.
    وكان هذا درسًا عظيمًا للغزالي، فعندما وصل إلى طوس مكث ثلاث سنوات يحفظ ما كتب في هذه الأوراق، حتى لا يتعرض علمه للضياع مرة أخرى، وانتقل الغزالي إلى مدينة (نيسابور) سنة 473هـ/1080م، فتعلم الفقه والمنطق والفلسفة، وأصول الفقه وغيرها من العلوم على يد (أبي المعالي الجويني) الملقب بإمام الحرمين وكان الغزالي أحد تلامذته الأذكياء فبرع في الفقه وأتقن الجدل، وبدأ في تصنيف الكتب.
    ولازم الغزالي أستاذه، يتعلم على يديه، حتى انتقل إمام الحرمين إلى ربه سنة 478هـ/1085م، فخرج الغزالي من نيسايور إلى العسكر حيث لقي الوزير السلجوقي (نظام الملك) الذي أكرمه وبالغ في إكرامه، وكان الغزالي حينئذ متزوجًا وله ثلاث بنات وولد اسمه
    (حامد) لذلك كني أبا حامد.
    وناظر الغزالي وناقش فكرة الجهاد ضد الباطل سواء داخل أو خارج بلاد الإسلام مع الأئمة والعلماء في مجلس الوزير، فبهرهم غزارة علمه وقوة منطقه، وأعجب به (نظام الملك) فولاه منصب التدريس في المدرسة النظامية ببغداد سنة 484هـ/1091م، فأقبل عليه الطلاب إقبالا شديدًا، واتسعت حلقاته، وذاع صيته واشتهر؛ حتى لقب بإمام بغداد، فكلفه الخليفة العباسي (المستظهر بالله) بالردِّ على بعض الفرق التي انحرفت عن الإسلام؛ فكتب الغزالي في الرد عليهم: (القسطاس المستقيم) و(حجة الحق).. وغيرهما من الكتب التي كشفت فساد وضلال هذه الفرق.
    وترك (الغزالي) التدريس بالمدرسة النظامية، واتجه إلى طريق الزهد والعبادة، ورحل إلى عدة مدن إسلامية، فرحل إلى (دمشق) وأقام مدة قصيرة، ثم رحل إلى بيت المقدس، ومنها ذهب إلى (مكة) واختار طريق التصوف وفضَّله على كل الطرق، ولم يزل الغزالي على حالته في الزهد والعبادة حتى طلب منه السلطان العودة مرة أخرى إلى نيسابور للتدريس ونشر العلم، لكنه لم يمكث بها مدة طويلة، فقد عاد بعد سنتين إلى طوس، وهناك أنشأ الغزالي زاوية للزهاد والصوفية وطلبة الفقه والعلوم الشرعية، وظل بـ(طوس) حتى توفاه الله في
    14 جمادى الآخرة عام 505هـ/1111م عن خمسة وخمسين عامًا قضاها في العلم والتعلم ونشر الفكر الإسلامي الصحيح بين
    المسلمين، والدفاع عن الإسلام ضد أهل الديانات الأخرى والفرق الضالة، ومن هنا لُقِّب الغزالي بـ (حجة الإسلام).
    وللغزالي مؤلفات كثيرة تزيد على أربعمائة؛ منها: (إحياء علوم الدين) و(الوسيط) في الفقه الشافعي و(تهافت الفلاسفة) و(المستصفي في أصول الفقه).. وغير ذلك، ومع غزارة إنتاج الغزالي، فإن أسلوبه يتسم بالعبارة السهلة،والبعد عن التعقيد.. فجزاه الله خيرًا عما قدم للإسلام من خدمات جليلة.

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:31


    عبد الرحمن الكواكبي

    عبد الرحمن الكواكبي

    نشأ في سوريا، تنفس أول أنسام الحياة في حلب، ولفظ آخر أنفاسه في القاهرة، وفيما بين حلب والقاهرة، وغيرهما من بلاد المسلمين كانت له خطوات، ونظرات، ثم كان له من ذلك كله دعوات جريئة وصريحة إلى الإصلاح.
    ففي حلب تلك المدينة المعطاءة التي أخرجت المعرِّي، وسيف الدولة وأبا فراس، والبحتري، وابن النديم، وعاش في ظلالها
    المتنبي، والفارابي.. وغيرهم من القادة، والشعراء، والمفكرين وُلِد
    عبد الرحمن بن أحمد بن مسعود الكواكبي سنة 1265هـ في أسرة شريفة تنتسب إلى الإمام علي-رضي الله عنه- ولما بلغ عبد الرحمن سن السادسة توفيت أمه، فذاق مرارة الحرمان مبكرًا، فأرسله والده إلى خالته السيدة صفية بنت مسعود النقيب بأنطاكية، كانت تجيد القراءة والكتابة والخط، فأقام عندها ثلاث سنوات تعلم خلالها اللغة التركية والقراءة والكتابة.
    عاد الكواكبي بعدها إلى حلب، ليتولى والده تربيته، فأدخله والده المدرسة الكواكبية ليكون تحت إشرافه حيث كان مدرسًا ومديرًا لهذه المدرسة، فتعلم فيها مبادئ الدين واللغة العربية، ولما كان عبد الرحمن الكواكبي على معرفة تامة باللغة التركية، كان يقرأ الصحف التركية التي تصل إلى حلب بسهولة فاتسع تفكيره وازدادت معارفه، وفي الثانية والعشرين من عمره، عمل بالصحافة فأصبح محررا في جريدة الفرات وهي الجريدة الرسمية التي كانت تصدرها الحكومة باللغتين العربية والتركية، وبعدها أراد الكواكبي أن ينقل تجربته الصحفية إلى الساحة العربية فأنشأ جريدة عربية في حلب سماها (الشهباء) فأغلقها الأتراك، فأنشأ جريدة (الاعتدال) فكان مصيرها كالأولى.
    وشغل الكواكبي العديد من الوظائف، فكان رئيسًا لقلم المحضرين في ولاية حلب، وعضوًا فخريًّا في لجنة امتحان المحامين، ورئيسًا للجنة الأشغال العامة، كما عمل بالقضاء وقام بأعمال عمرانية وتجارية أكسبته خبرة بالناس وتجربة كبيرة بالحياة، وكان في كل أعماله يصطدم بنظام الدولة واستبداد الحكام وفساد الإدارة، وكان سلاحه النزاهة والاستقامة والعدل.
    وكان للكواكبي مكانة مرموقة في بلده يقصده أصحاب الحاجات لقضائها، ويلجأ إليه أرباب المشاكل لحلها، بل كان رجال الحكم يستشيرونه أحيانًا فيبدي رأيه في جرأة وشجاعة، لا يقرُّ ظالمًا على ظلمه ولا يسالم جائرًا، لذلك حاربه ولاة حلب ورجال الدولة في الأستانة، فَزوِّرت عليه التهم فقُدِّم للمحاكمة وهو بريء مما نُسب إليه، الأمر الذي جعله يهاجر سرًّا إلى مصر سنة 1316هـ/1899م لينشر فيها فصولاً من كتابه (طبائع الاستبداد) في
    جريدة (المؤيد).
    قام الكواكبي بزيارة العديد من الدول الإسلامية فطاف بسواحل إفريقيا الشمالية، وسواحل آسيا الغربية ودخل الجزيرة العربية، واتصل برؤساء قبائلها،كما نزل الهند، واستقر به المقام في مصر، وكان ينوي أن يتم رحلته إلى بلاد المغرب، ولكن المنية عاجلته
    سنة 1320هـ/1902م.
    ولم يكن يعرف الاستقرار أو راحة البال، فتراه في تلك البلاد التي يزورها يقابل الزعماء والرؤساء ويجتمع بأفراد الشعب ويدرس أحوال البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وما يشــيع فيــها من نواحي الضعف والفساد وما يدور فيــها من عوامـل الـقوة والنـشاط، فجعل هذه الدراسات أساسًا لدعوته الإصلاحية.
    سجل الكواكبي نتائج دراسته لأحوال المسلمين في زمانه في كتابين له هما: (طبائع الاستبداد) و(أم القرى) وكان الكواكبي يحاول دائمًا أن يجمع شمل الأمة الإسلامية لتكون قوة هائلة ترهب المستبدين، وكان يرى أنه بالعلم وحده يمكن أن يعرف الناس أن الحرية أفضل من الحياة نفسها وأكرم، وأن الشرف أعز من المنصب والمال.
    كما كان يحارب البدع ويرى أنها مرض يجب مداواته، فيقول عن أصحاب البدع الذين شوهوا صورة الإسلام: (فمنهم الذين استبدلوا بالأصنام القبور، فبنوا عليها المساجد والمشاهد، وأرخوا عليها الستور، يطوفون حولها مُقَبِّلين مُسْتَلِمِين أركانها).
    وكان الكواكبي كريم الخلق حتى قيل عنه: إنه مؤدب اللسان، لا تؤخذ عليه هفوة، يزن الكلمة قبل أن ينطق بها وزنًا دقيقًا، هادئ في حديثه، إذا قاطعه أحد سكت، وانتظر حتى يتم حديثه، ثم يصل ما انقطع من كلامه، نزيه النفس لا يخدعه مطمع، ولا يغريه
    منصب، شجاع فيما يقول ويفعل، متواضع للبائسين والفقراء يقف دائمًا بجانب الضعفاء حتى لقبوه بأبي الضعفاء، فكان شعاره:
    أَنَا إِنْ عِشْتُ لَسْتُ أَعْدَمُ قُوتًا وَإِذَا مِتُّ لَستُ أَعْــدَمُ قَبْرَا
    فَعَـلاَمَ أُذِلُّ لِلنَّاسِ نَفْسِي وَعَـلامَ أَخَافُ زَيْدًا وَعُمَرَا
    هِمَّتِي هِمَّةُ الكِبَـــارِ وَنَفْسِي نَفْسُ حُرٍّ تَرَى المَذَلَّةَ كُفْرَا
    وجاءت نهاية رائد الحرية والوعي الإسلامي في الشرق العربي؛ ففي مساء الخميس من شهر ربيع الأول سنة 1320هـ الموافق
    14 يونيو سنة 1902م فارق عبد الرحمن الكواكبي الحياة؛ فأمر الخديوي عباس بدفنه على نفقته الخاصة، ورثاه الكتاب، والشعراء والمفكرون.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:32


    جمال الدين الأفغاني

    جمال الدين الأفغاني

    (إنني كصقر محلق يرى فضاء هذا العالم الفسيح ضيقًا لطيرانه!! وإنني لأتعجب منكم، إذ تريدون أن تحبسوني في هذا القفص الصغير).
    في قرية (أسعد آباد) إحدى القرى التابعة لكابل عاصمة (أفغانستان) حاليًا، ولد (محمد جمال الدين بن السيد صَفْدَر)
    سنة 1254هـ/1838م، وينتهي نسبه إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعرف بجمال الدين الأفغاني نسبة إلى بلده (أفغانستان).
    انتقل مع والده الذي كان يعمل مدرسًا في (كابل) وهو في الثامنة من عمره، فلفت أنظار من حوله بذكائه الشديد، مما جعل والده يحفزه إلى التعلم قائلاً له: (لقد آن لك أن تتعلم يا جمال).
    وأسرع جمال الدين يتلقى العلم في منزله حتى بلغ سن
    العاشرة، فحفظ القرآن الكريم، وعكف على دراسة اللغة
    العربية، وظهر حبه الشديد للمناقشة في المسائل الدينية، وقرأ في اللغة والأدب والتاريخ والتصوف والشريعة، كما برزت هوايته للرحلات والأسفار.
    وفي سنة 1264هـ/1848م ألحقه والده بمدرسة (قزوين) التي كان يعمل بها، ومكث بها عامين، وفي تلك الفترة ظهر اهتمامه الكبير بدراسة العلوم، فكان يصعد إلى سطح المنزل يتأمل النجوم ويحاول دراستها!! وعندما انتشر مرض الطاعون بقزوين، حاول دراسة أجساد الموتى، رغبة منه في الوصول إلى أسرار المرض وأسبابه، فخاف والده عليه، فانتقل به إلى طهران أوائل سنة 1266هـ/1849م.
    وفي طهران سأل جمال الدين عن أكبر علمائها في ذلك الوقت، فقيل له: إنه (أقاسيد صادق) فتوجه مباشرة إلى مجلسه، فوجده جالسًا بين طلابه يقرأ كتابًا عربيًّا، ويشرح إحدى المسائل العلمية، ولاحظ جمال الدين أنه قد شرحها شرحًا موجزًا، فطلب منه أن يعيد شرحها بصورة أكثر تفصيلاً حتى يتفهمها الجميع، فتعجب الشيخ من جرأته وفضوله، ولكن جمال الدين أجابه بأن طلب العلم لا فضول فيه، ثم قرأ جمال الدين المسألة وفسرها، فتحرك الشيخ من مكانه، وأقبل عليه وضمه إلى صدره وقبله، ثم أرسل إلى والده يستدعيه، وأمره أن يشتري لجمال عباءة وعمامة، ثم قام الشيخ بلف العمامة ووضعها بيده فوق رأس جمال الدين تكريمًا له، واعتزازًا بعلمه.
    ثم ترك جمال الدين طهران، وسافر مع والده إلى النجف بالعراق في نفس العام، ومكث فيها أربع سنوات درس فيها العلوم الإسلامية وغيرها، فدرس التفسير والحديث والفلسفة والمنطق وعلم الكلام وأصول الفقه والرياضة والطب والتشريح والنجوم .. وغير ذلك من العلوم.
    وفي الثامنة عشرة من عمره، سافر إلى الهند، ومكث بها سنة وبضعة أشهر درس خلالها العلوم الرياضية، ثم سافر إلى مكة المكرمة
    سنة 1273هـ/ 1857م، فأدى فريضة الحج، ثم عاد إلى بلده أفغانستان مرة أخرى، وعمل بالحكومة، وكان عمره حينئذ 27 عامًا ووصل إلى درجة كبير الوزراء في عهد الملك (محمد أعظم) الذي نال تأييد الأفغاني، ولكن الملك (محمد أعظم) خُلع، وتولى أخوه
    (شير علي).
    ونظر جمال الدين في أمر نفسه فوجد أن الأفضل له أن يغادر البلاد وبالفعل سافر إلى الهند، وكان ذلك سنة 1285هـ/1868م، وفي الهند استقبله الناس استقبالا حسنًا، لكن الحكومة الهندية خافت من وجوده، فطلبت منه ألا يقيم في الهند طويلاً، ولا يجتمع بالعلماء وأفراد الشعب، حتى لا يشعل نار الثورة، وأجبروه على ترك الهند وقبل أن يغادرها قال لأهلها: (يا أهل الهند، لو كنتم وأنتم مئات الملايين من الهنود وقد مسخكم الله فجعل كلا منكم
    سلحفاة، وخضتم البحر، وأحطتم بجزيرة بريطانيا العظمي لجررتموها إلى القعر وعدتم إلى الهند أحرارًا) فلما انتهى من كلامه تساقطت دموع الحاضرين، فصاح فيهم بصوت عال صيحة قال فيها:
    (اعلموا أن البكاء للنساء، لا حياة لقوم لا يستقبلون الموت في سبيل الاستقلال بثغر باسم).
    وبعد إقامة لم تزد عن شهر واحد،توجه بعدها إلى مصر سنة 1869م فأقام فيها مدة قصيرة لا تزيد عن أربعين يومًا، تردد خلالها على الأزهر منارة العلم، وجاءه الكثيرون يطلبون علمه، واشتهر
    (جمال الدين) وأصبحت له مكانة عالية بين العلماء جعلت السلطان العثماني (عبد العزيز) يدعوه إلى زيارة (الدولة العثمانية) فأجاب
    جمال الدعوة، وسافر إلى (استنبول) فرحب به السلطان خير
    ترحيب، وأكرمه رجال الدولة من العلماء والأدباء والأعيان.
    ولم تمضِ ستة شهور حتى عينه السلطان عضوًا في مجلس
    المعارف، لكن أعداءه شنعوا عليه، مما جعله يغادر البلاد متوجهًا إلى مصر مرة أخرى، وكان ذلك سنة 1286هـ/1871م، أي في زمن الخديوي إسماعيل، وفي مصر رأى ظلم الحكام وجورهم، ووجد نظام الحكم نظامًا استبداديًّا لا تنفذ فيه إلا إرادة الحاكم، كما وجد الخرافات منتشرة في أماكن كثيرة من أرض مصر، فتذكر العهد الذي أخذه على نفسه، فأخذ يدعو الناس إلى الإسلام الصحيح، ويبصرهم بحقوقهم وواجباتهم، مبينًا لهم أن الشعب مصدر القوة، فقال لهم:
    (هبوا من غفلتكم، اصحوا من سكرتكم، انفضوا عنكم الغباوة وشقوا صدور المستبدين لكم كما تشقون أرضكم بمحاريثكم، عيشوا كباقي الأمم أحرارًا سعداء، وموتوا مأجورين شهداء).
    وعندما وجد الفلاحين المصريين يُضربون بالكرباج، والضرائب تفرض عليهم بما لا يقدرون عليه قال: (أنت أيها الفلاح.. يامن تشق الأرض لتستنبت فيها ما تسد به الرمق.. لماذا لا تشق قلب ظالمك؟! لماذا لا تشق قلب الذين يأكلون ثمرة أتعابك؟!).
    وفي مصر، تآمر عليه أعداؤه من الإنجليز وبعض الجاحدين في الفكر فلم يتركوه يسير في طريق الإصلاح، فوشوا به عند الخديوي (توفيق) الذي أمر بنفيه إلى الهند، وبقي في الهند ثلاث سنوات، ثم تركها إلى أوربا، فزار لندن، ثم انتقل إلى باريس، ومن هناك استدعى تلميذه (محمد عبده) ليحضر إليه، فأصدرا معًا جريدة (العروة الوثقى) التي كانت تدعو المسلمين إلى الوحدة الإسلامية، حتى إنه قام بتأسيس جبهة إسلامية عالمية أطلق عليها (أم القرى) كما نشر
    (جمال الدين الأفغاني) أفكاره السياسية التي كان يحارب فيها تدخل الدول الغربية في شئون الأمم الإسلامية.
    وظل جمال الدين ينتقل في أوربا بين باريس ولندن، ويتصل بالعلماء والكتاب ورجال السياسية، إلى أن دعاه الشاه (ناصر الدين) إلى إيران فسافر إليها في 16 شعبان سنة 1303هـ (20 مايو سنة 1886م) واستقبله الشاه في حفاوة بالغة، وجعله مستشاره الخاص في إصلاح شئون بلاده، والتف حوله الإيرانيون لأنهم وجدوا لديه علمًا غزيرًا وإلمامًا بشئون السياسة والحياة والعلوم الحديثة، فبلغ مكانة عالية مما جعل الشاه خاف من التفاف الناس حوله، وأحس (جمال الدين) بذلك فاستأذنه في السفر، فغادر إيران إلى روسيا ومكث بها أربع سنوات، والتقي بالقيصر الذي لم يسترح للقاء هذا المصلح الذي يهاجم الأباطرة والملوك، فطلب من حاشيته إبعاده من روسيا.
    ترك جمال الدين روسيا وأخذ يتجول في أوربا ، فزار باريس ثم توجه إلى (ميونيخ) حيث التقى بالشاه ناصر الدين الذي طلب منه العودة إلى إيران، فعاد برفقته في سنة 1305هـ/1889م ليواصل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولكن الشاه عاد فغضب عليه وطرده شر طردة.
    وفي سنة 1308هـ/1892م ذهب (جمال الدين الأفغاني) إلى لندن مرة أخرى، وفي أثناء وجوده هناك أخذ يهاجم الشاه والاستبداد، فأرسل إليه السلطان (عبد الحميد) في الحضور إلى الأستانة، فقبل وسافر إليها حوالي سنة 1309هـ/1893م، فأكرمه السلطان، ثم ما لبث أن ساءت العلاقات بينهما بفعل الواشين.
    لقد وهب جمال الدين الأفغاني نفسه وحياته في سبيل إيقاظ العالم الإسلامي، وتوحيد كلمة الإسلام والمسلمين، وإزالة الفوارق
    بينهم، وكان أول مسلم شعر بخطر السيطرة الغربية المنتشرة في الشرق الإسلامي، وما سينزل ببلاد المسلمين من المصائب إذا استمروا خاضعين للدول الاستعمارية، فكان لا يمل من الكلام عما ينير
    العقل، ويطهر العقيدة، ويبصر الناس بمالهم من حقوق وما عليهم من واجبات، ومن أجل ذلك قال كلمته المشهورة: (الشرق .. الشرق.. لقد خصصت جهاز دماغي لتشخيص دائه).
    ومن مؤلفاته: (تتمة البيان في تاريخ الأفغان)، و(الرد على الدهريين) و(القضاء والقدر).. وغير ذلك، مرض جمال الدين وهو في الأستانة وظهر في فمه مرض السرطان ، فأُجرِيَت له عملية جراحية ، لكنها لم تنجح ، ثم ما لبث إلا أيامًا حتى فاضت روحه في صبيحة يوم الثلاثاء 9 من مارس سنة 1897م، وظل قبره هناك في تركيا إلى أن نُقِلَ رفاته إلى أفغانستان سنة 1944م.

    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:35


    أبو بكر الرازي

    أبو بكر الرازي

    في مدينة (الري) القريبة من (طهران) ولد (أبو بكر محمد بن زكريا)
    سنة 251هـ/865م وسمي بالرازي نسبة إلى مدينة (الري) التي ولد فيها، أحب الرازي الغناء والضرب على العود في بداية حياته، ثم هجر ذلك كله واتجه إلى الطب والكيمياء، يقرأ فيهما كثيرًا، وأراد أن يجري إحدى التجارب الكيميائية، فاستنشق غازًا سامًّا سبب له مرضًا شديدًا، وعالجه أحد الأطباء حتى شفي، وكان له صديق يعمل بالصيدلة، فأخذ يتردد عليه، وطالع كثيرًا من الكتب عن الطب، حتى أصبح طبيبًا مشهورًا.
    ولما بلغ سن الأربعين، صار أشهر أطباء عصره، فطلب منه الخليفة العباسي
    (المقتدر بالله جعفر بن المعتضد) إنشاء مستشفى في مدينة (بغداد) عاصمة الخلافة ففكر طويلاً واستشار أصدقاءه وتلاميذه، وأخذ يناقش معهم أنسب الأماكن لإقامة المستشفى، وبعد طول بحث ونقاش أدهش الجميع بفكرته الرائعة، حين أخذ قطعة لحم كبيرة، وقطعها إلى قطع صغيرة، ووضعها في أماكن مختلفة من ضواحي مدينة بغداد، وانتظر بضعة أيام، ثم طاف على الأماكن التي وضع القطع فيها ليرى تأثير الجو والزمن عليها، فإذا تَلِفَتْ القطعة بسرعة اعتبر أن هذه المنطقة لا تصلح لإقامة المستشفى، أما إذا ظلت قطعة اللحم كما هي دون أن يصيبها التلف، أو تأخر، فهذا دليل على طيب هواء المنطقة، وصلاحيتها لإقامة المشروع، وهكذا وقع اختياره على المكان المناسب لإقامة مستشفاه.
    ذهب الرازي إلى الخليفة ينصحه ببناء المستشفى في هذا المكان، فأعجب الخليفة بذكائه، وأمر أشهر المهندسين، وأمهر البنائين بتشييدها وبنائها، حتى تمَّ البناء، فكان الرازي هو مدير ذلك المستشفى ورئيس أطبائه بتكليف من الخليفة، واعتاد الرازي أن يشرك تلاميذه في استشاراته الطبية، فكان يجلس في بهو المستشفى الكبير ومن حوله الأطباء أصحاب الخبرة في الدائرة القريبة منه، ثم الأطباء المبتدئون في الدائرة الخارجية، وعند حضور أحد المرضى يعرض حالته أولاً على المبتدئين، فإذا لم يستطيعوا معرفة نوع المرض، انتقل المريض إلى الدائرة الداخلية ليفحصه الأطباء المتمرسون، فإذا لم يعرفوا تشخيص حالة المريض، تولى الرازي بنفسه فحص المريض ومعالجته.
    وكانت طريقة الرازي مميزة في العلاج إذ أنه كان يتعرف أولا على أعراض المرض في دقة وصبر، ثم يحصر الاحتمالات التي تشير إلى حقيقته، ثم يستبعد منها ما توحي خبرته وملاحظاته بضرورة استبعاده، فإذا عرف المرض وتأكد منه، وصف له العلاج، وتتبع حالة المريض، وكان النجاح يحالفه في أكثر الحالات التي عرضت عليه.
    وكان الرازي دائمًا ينصح تلاميذه أن يساعدوا الفقراء بأن يعالجوهم مجانًا، ويعلمهم أن مهنتهم مهنة الرحمة بالضعفاء والمعذبين، وأن عليهم مساعدة مرضاهم على الشفاء بالكلمة الطيبة، وإحياء الأمل في نفوسهم ورفع روحهم المعنوية، كما كان ينصحهم بالمدوامة على القراءة والبحث والاطلاع في المراجع الطبية مهما بلغوا من العمر والخبرة، كما نصحهم بالتعفف عند الكشف على النساء، والالتزام بالشريعة الإسلامية السمحة، ونهاهم عن الكبر والخيلاء.
    وفي مكتبة البيمارستان (المستشفى) كان الرازي يقرأ على تلاميذه ما قاله الفلاسفة من الأطباء القدماء عن الأمراض المختلفة، وكان من رأيه أنه يجب على الأطباء أن يعرفوا تشريح أعضاء الجسم، لذلك كان يأتي بالقرود من بلاد زنجبار في أفريقيا ويجري عليهم تجاربه أمام تلاميذه، فإذا نجحت التجربة على الحيوان يقوم بإجرائها على الإنسان.
    وكان الرازي من أشد المعجبين بجابر بن حيان، فقرأ كتبه، واستطاع أن يطور الكثير مما اكتشفه أستاذه (جابر) وأجرى مئات التجارب الكيمائية، وكان دائم البحث عن أدوية جديدة ووسائل مبتكرة تنفع في علاج المرضى، فحصل على (الكحول) من تقطير المواد النشوية والسكرية المتخمرة، واستعمله في علاج بعض الأمراض، وصنع الأدوية الطبية، واخترع الأنبوب الذي يخرج الدم الفاسد خارج الجرح، ونجحت تجاربه في خياطة أجهزة الجسم الداخلية بخيوط تصنع من أمعاء الحيوانات.
    ومن أهم إنجازات الرازي العلمية والطبية أنه اكتشف مرض الحساسية، وكذلك (اليرقان) الناجم عن تكسر الدم، وميَّز بينه وبين التهاب الكبد المعدي، واكتشف أيضًا مرض الحصبة، وميَّز بينه وبين مرض الجدري، واستعمل الرازي خبرته كعالم كيميائي في إدخال بعض المركبات الكيمائية لأول مرة في العلاج.
    وكان الرازي من أوائل الأطباء الذين يعالجون مرضاهم بأسلوب نفسي بدون أدوية.. ويأتي بالقصاصين إلى المستشفى ليقصُّوا على المرضى القصص والحكايات ليرفهوا عنهم، وينسوهم آلام المرض، واستمر الرازي في خدمة مرضاه، وكلما اكتشف شيئًا جديدًا؛ ازداد تواضعًا وحبًّا لعمله، وظل الرازي يبحث ويفكر ويكتب الكثير من الكتب؛ فترك لنا نحو 224 كتابًا في الطب والصيدلة والكيمياء وغيرها من العلوم المختلفة، ومن أشهر كتبه: كتاب (الحاوي) الذي يعد من الكتب المهمة في مجال الطب، وكان مرجعًا للأطباء، وترجمه الأوربيون واستفادوا منه، وقد سماه (الرازي) الحاوي لأن كتابه هذا يعد موسوعة علمية طبية تحوي كل الكتب والأقاويل الطبية القديمة من أهل صناعة الطب، ويقع في عشرين مجلدًا، ويتناول الكتاب جميع الأمراض الموجودة في جسم الإنسان، ومعالجتها وكيفية الوقاية منها قبل وقوعها.
    ومن كتبه المهمة: (رسالة في الجدري والحصبة) وهي رسالة علمية
    هامة، وكتاب (أخلاق الطبيب) الذي شرح فيه الرازي العلاقة الإنسانية بين الأطباء والمرضي، وبينهم وبين بعضهم، وبينهم وبين الحكام، كما تحدث فيه أيضًا عن نصائح عامة للمرضى في تعاملهم مع الأطباء، وكتاب (المنصوري) وهو أقل حجمًا من الحاوي فقد جعله الرازي عشرة أقسام في أبواب الطب، وفي القسم الثامن تجارب أجراها على الحيوانات لاختبار أساليب جديدة في العلاج، وكتاب
    (سر الأسرار) من أشهر مؤلفاته في الكيمياء.
    ومن كتبه الأخرى: (قصص وحكايات المرضى) و(المدخل الصغير إلى الطب) و(الطب الروحاني) و(رسالة في الداء الخفي) و(المدخل التعليمي) و(مجموعة الرسائل الفلسفية).. وغير ذلك من كتب كثيرة تحتوي على كثير من المعارف والعلوم التي درسها الرازي، واستمر الرازي يجري التجارب حتى أثرت أبخرة المواد الكيميائية على عينيه؛ فضعف بصره، وفي ليلة من ليالي عام 311هـ/923م مات الرازي، بعد أن ترك تراثًا طبيًّا عظيمًا.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:37


    ابن سينا

    ابن سينا

    في بلاد ما وراء النهر، في (أفشنة) تلك القرية من بخارى الواقعة في جمهورية أوزبكستان حاليا، ولد (أبو علي حسين بن عبدالله بن علي بن سينا)
    سنة 370هـ/ 980م، فاعتنى والده بتربيته وتعليمه، واهتم به اهتمامًا بالغًا، وكان الأبُ سعيدًا بولده غاية السعادة، فقد حفظ ابن سينا القرآن وسنَّه لم تتجاوز العاشرة، وأتم دراسة الفقه والحديث، كما درس العلوم المختلفة مثل
    الرياضيات، والفلك والطبيعة، والفلسفة والمنطق.
    كان ابن سينا يصحب والده إلى قصر الأمير نوح بن منصور الساماني حيث يدور الحوار والنقاش في السياسة والدين واللغة، وهو يستمع بشغف إلى العلماء، حتى يتوقف الحديث عند منتصف الليل، وكانت بخارى مدينة عامرة بالقصور والمساجد والمكتبات، فكان العلماء يأتون إليها ضيوفًا في قصر الأمير نوح أو عند عبد الله والد ابن سينا، فكان الصبي يستغل هذه الفرصة ويذهب إلى العلماء يتعلم على
    أيديهم، وينهل من علمهم.
    وأخذ ابن سينا يقرأ ويطالع في فروع العلم المختلفة، لكنه شعر بميل شديد إلى علوم الطب؛ فكان يعتمد على نفسه في دراسته تارة، أو يذهب إلى أبي سهل المسيحي وأبي منصور الحسن بن نوح؛ طبيبي الأمير نوح، يسألهما فيما غمض عليه من المسائل الطبية، انقضت أربع سنوات تفرغ خلالها ابن سينا لدراسة الطب، وفي تلك الأيام انتشرت الأمراض بين الناس في مدينة بخارى واشتد فتكها بالفقراء، ولما كان الأطباء في بخارى قليلي العدد؛ فكانوا يبالغون في أجورهم، لكن ابن سينا كان يبذل جهده في علاج الفقراء في المساجد والمنازل، فاشتهر بين أهل بخارى لرحمته وفضله، وأصبح مصدرًا للدهشة والإعجاب بين أصدقائه وبني قومه، وأقبل عليه الأطباء ليستفيدوا من علمه الغزير، ويتعلموا منه أشياء جديدة في الطب لم يعرفوها ولم يدرسوها من
    قبل وسنه حينذاك لم تتجاوز السادسة عشرة.
    وذاعت شهرة ابن سينا أكثر، عندما مرض الأمير نوح بن منصور ويئس طبيباه من علاجه، فاستدعيا ابن سينا ولم يجدا مفرًّا من استشارته، فجاء الطبيب الصغير إلى مجلس الأمير وقد تغير لون وجهه من الخجل، وقال لأستاذيه: كيف أعالج أميرًا أنتما طبيباه وكلاكما لي أستاذ؟! فقالا له: يا أبا علي، لقد صرت من الطب في مكانة رفيعة ونحن نعرف تواضعك، فذهب وفحص نوحًا، واستطاع أن يصف العلاج الصحيح الذي جعله الله سببًا في شفاء الأمير، فقربه الأمير من مجلسه، وأذن له بالاطلاع على دار كتبه.
    ثم خرج ابن سينا من بخارى إلى مدينة الجرجانية بعد أن فقد أباه والأمير نوحًا، وفي الجرجانية ألف كتبًا عدة؛ منها: (الأرصاد الكلية في الفلك، والحكمة العروضية)
    وبدأ في تأليف كتابه الشهير في الطب: (القانون)، ولم يكد ينتهي من الجزء الأول حتى اضطر إلى الخروج إلى (همدان) حيث قربه الأمير (شمس الدولة)؛ فأعطاه قصرًا وألح عليه ليكون كبيرًا لوزرائه، لكن (ابن سينا) لم ينشغل عن العلم لحظة، فكان ينظم ساعات يومه؛ في النهار يشغل نفسه بأمور الدولة، وفي الليل يكتب ويؤلف ويقرأ الكتب.
    وكان ابن سينا دائمًا شارد الذهن، طويل التفكير، قلقًا مضطربًا، لانشغاله بقضية صعبة من القضايا الفلسفية أو العلمية التي تحير العقل وتشتت الذهن، طويل التفكير وكلما حدث له هذا، توضأ وخرج إلى المسجد؛ فيقضي نهاره في صلاة وعبادة وتضرع إلى الله، ثم يعود إلى داره بعد صلاة العشاء، فيشعل مصباحه ويراجع كتبه ويظل طوال الليل يفكر في الموضوع الذي يحيره، ومن شدة حرصه على إيجاد حل له كان يقرأ حتى يغلبه النوم.
    ومما يدل على شدة حرصه على العلم ما حكاه عن نفسه من أنه قرأ كتابًا للفارابي فلم يفهمه، وذات يوم وهو في السوق عرض عليه أحد البائعين كتابًا، فلم يلتفت إليه، فلما ألح البائع عليه، وعرضه بثمن رخيص اشتراه؛ فإذا به شرح لكتاب الفارابي، فأسرع ابن سينا إلى داره، وأخذ يقرأ الشرح، حتى فهم كل ما فيه، وقال في ذلك: وفرحت بذلك وتصدقت في ثاني يوم بشيء كثير على الفقراء شكرًا لله تعالى.
    لقد كانت حياة ابن سينا حافلة بالنشاط والعمل، حتى إنه ترك لنا الكثير من المؤلفات في الرياضيات والمنطق والطبيعة والإلهيات والفلك والطب والصيدلة والأخلاق والسياسة وغير ذلك من علوم كثيرة، ويعتبر كتابه (الشفاء) من أعظم الكتب في تاريخ الفلسفة؛ فقد درسها ابن سينا دراسة عميقة، وقرأ الكثير من كتب الفلاسفة القدماء من العرب والعجم، أما كتابه (القانون في الطب) فيعتبر من أعظم مؤلفاته على الإطلاق، وقد تناول فيه علم وظائف الأعضاء، وعلم الأمراض ومعالجتها
    وعلم الأدوية، كما بين فيه أخطاء الأطباء السابقين عليه من يونان
    وهنود.. وغيرهم.
    وقد درس الأوربيون كتاب ابن سينا، وطوروا الطب من خلاله، ولشدة اهتمامهم بهذا الكتاب طبعوا منه ست عشرة طبعة في القرن الخامس عشر، ثم طبعوا منه عشرين طبعة في القرن السادس عشر، ثم تسعًا وثلاثين طبعة في النصف الأول من القرن السابع عشر، في الوقت الذي لم يطبعوا فيه من كتب (جالينوس) الطبيب اليوناني غير طبعة واحدة.
    وبفضل جهود ابن سينا في مجال الطب، تقدمت تلك المهنة بسرعة كبيرة، وظهرت أجيال أخري من عباقرة الطب الإسلامي الذين طوروا الكثير من الأجهزة العلمية واكتشفوا الكثير من الأمراض مع بيان طرق علاجها والوقاية منها، ولابن سينا العديد من الاكتشافات، فقد اكتشف الديدان المعوية والدود المستدير (وهي ما نسميه الآن الإنكلستوما) وكان أول من نبه إلى أثر حالة المريض النفسية على جهازه الهضمي، وقرحة المعدة، والدورة الدموية وسرعة النبض، كما استطاع ابن سينا أن يصنف بدقة الأعضاء المختلفة لجسم الإنسان، كذلك سمى كل عضلة وعرق وعصب باسمه المشهور به، وابتكر عملية التخدير التي يجب أن تتم قبل إجراء أية عملية جراحية.
    ولم يقتصر اهتمام ابن سينا على الطب، لكنه اهتم بعلم المنطق الذي ينظم تفكير الإنسان، وكتب في علمي النبات والحيوان، وكتب أيضًا في علم الكيمياء، كما كانت له دراسات في علم الفلك؛ فقد قرر حركة دوران الأرض وانجذابها إلى مركز العالم، كما تحدث عن سرعة الضوء والصوت، ولم يقف اهتمام ابن سينا على هذا الكم من العلوم، فقد اهتم أيضًا بدراسة النفس الإنسانية، وكانت أقواله في علم النفس ذات شأن كبير في العالم الإسلامي والأوربي، وقد استفاد من كتبه النفسيَّة كل من اطلع عليها في الشرق والغرب، وشهد أهل زمانه من العلماء والمفكرين بعلمه وفضله؛ حتى لقبوه بالشيخ الرئيس، ولقبه علماء الغرب (أبو الطب).
    وفي(همدان) مرض ابن سينا واشتد عليه المرض، فاشتاق للقاء ربه وتصدق
    بكل ماله، ولفظ أنفاسه الأخيرة في يوم الجمعة الأولى من رمضان
    سنة 428هـ/1037م.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:38


    البيروني

    البيروني

    شهد له الناس في الشرق والغرب بعلمه وفضله، وأشاد الناس في كل مكان باكتشافاته ومؤلفاته، وحفر اسمه بحروف من نور على صفحات التاريخ !!
    ولد (أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني) في شهر ذي الحجة سنة 362هـ/ 3 من سبتمبر 973م، في إحدى ضواحي خوارزم، وهي مدينة (كاث) التي توجد مكانها حاليا بلدة صغيرة تابعة لجمهورية أوزبكستان، وكانت مدينة (خوارزم) مركزًا عظيمًا من مراكز الثقافة الإسلامية، ازدادت شهرتها بعد انهيار الخلافة الإسلامية في بغداد.
    ونشأ (البيروني) في هذا الجو الذي يحث على طلب العلم ويدفع إلى التعلم، فحفظ القرآن الكريم ودرس الفقه والحديث النبوي الشريف، وفي (بيرون) خالط أبو الريحان التجار الهنود واليونانيين وغيرهم، فتعرف على طباعهم، وتعلم لغتهم، فاتسع إدراكه وازدادت خبرته وتعمقت تجارته، التقى أبو الريحان بمعلم أعشاب استطاع أن يتعلم منه شيئًا عن تحضير النباتات الطبية، وأن يعرف أسماء النباتات، الأمر الذي دفعه إلى الاهتمام بالعلوم الطبيعية.
    وتمكن (أبو الريحان) من أن يتصل بأبي نصر منصور بن علي، ذلك العالم الذي يمت بصلة قرابة إلى العائلة المالكة بخوارزم، وكان عالمًا كبيرًا في الرياضيات
    والفلك، فأطلعه على هندسة إقليدس، وفلك بطليموس، فأصبح العالم الشاب
    أبو الريحان مؤهلاً لدراسة الفلك، كما اكتسب دراية كبيرة بالعلوم الهندسية والفلك والمثلثات من أبي الوفاء العالم الفلكي الشهير وصاحب مرصد بغداد.
    اشتهر (البيروني) وذاع صيته حتى وصلت أخباره إلى أمير (خوارزم) فأعجب
    به، وضمه إلى علماء قصره، وضمن له ما يكفيه للعيش عيشة كريمة ليتفرغ للعلم والاستنباط والاستكشاف، وفكر (أبو الريحان) في بناء مرصد فلكي، فعرض الأمر على الأمير، فرصد له ما يشاء من مال، وأحضر له جميع المستلزمات التي طلبها، ثم شرع (البيروني) مع أساتذته في بناء المرصد.
    كان البيروني يجلس كل ليلة في مرصده، يتابع حركات الشمس والقمر والنجوم ويرسم على أوراقه خريطة لقبة السماء الزرقاء، يضع عليها مواقع المجرات والنجوم وأخذ كل يوم يكتشف الجديد في علم الفلك، وتغيرت الأحوال عندما رحلت العائلة المالكة في خوارزم والتي كانت عونًا له وسندًا، بعد أن جاءت العائلة المالكة الجديدة عائلة (مأمون بن محمد) فكان عليه أن يرحل هو الآخر من (خوارزم) فرحل عنها وظل يتنقل من بلد إلى بلد، وإذا سمع بعالم رحل إليه وأخذ العلم عنه.
    وأخذ يكتب في أوراقه كل ملاحظاته عن المد والجزر في البحار، وعن حركات النجوم والأفلاك وغيرها مما يتعلق بعلم الطبيعة، وكان الملوك والأمراء يتنافسون في إكرام العلماء، ومن بينهم أمير (جرجان وطبرستان) (شمس المعالي قابوس) ذلك الأمير الذي شغله العلم، وامتلأ قصره بالعلماء، ولما علم ذلك الأمير بقصة أبي الريحان وكثرة ترحاله، شمله بعطفه ورعايته وأعطاه الأموال الكثيرة، حتى تفرغ للعلم واستطاع أن يكتب كتابه الشهير (الآثار الباقية عن القرون الخالية) وقدم هذا الكتاب هدية إلى الأمير (قابوس) سنة 390هـ.
    وكان أبو الريحان البيروني على اتصال بابن سينا الذي كان من أشهر علماء عصره وكثرت الرسائل بينهما في خدمة العلم، فأعجب به ابن سينا إعجابًا شديدًا واستمرت رسائلهما حوالي خمس سنوات يتبادلان الرأي حول قضايا
    علمية كثيرة، ولـمَّا عُزِلَ قابوس عن الإمارة سنة 400هـ/1009م لم يجد
    أبو الريحان البيروني إلا أن يعود إلى بلده (خوارزم) مرة أخرى.
    وفي جرجان عاصمة الدولة الخوارزمية، لقى أبو الريحان كل التقدير من أمير البلاد أبو العباس مأمون بن مأمون، وأتيحت له الفرصة لأن يجتمع بكبار العلماء مثل
    ابن سينا وغيره، وبدأ العالم الكبير (أبو الريحان البيروني) في إجراء بحوثه ودراساته الفلكية والجغرافية، وشرع هو وتلاميذه في إنشاء مرصد في القصر الملكي لرصد حركة الشمس والقمر والنجوم.
    وفي حديقة القصر بنى نصف كرة من الحجارة والطين قطرها أربعة أمتار تقريبًا ووضع عليها صور البلدان كما تخيلها، ورسم على تلك البلدان خطوط الطول والعرض، كما اشتغل مع علماء المجمع في حساب مساحة الكرة الأرضية، لكن الحياة لا تستقر على حال، فقد قتل الأمير عاشق العلم، واستولي السلطان محمود الغزنوي على البلاد سنة 407هـ/1016م، فأخذ كل الذخائر العلمية التي تضمها مكتبة القصر، كما اصطحب معه العلماء، وكان من بينهم أبو الريحان البيروني، حيث استقر في القصر الملكي بغزنة (أفغانستان حاليًّا).
    وفي قصر السلطان (محمود الغزنوي) التقى البيروني بعدد من الفلاسفة والأدباء المشهورين، وأتيحت له الفرصة أن يشهد غزوات السلطان التي قادها، وصحبه في أكثر من ثلاث عشرة غزوة، وكانت إقامة البيروني بغزنة من العوامل التي ساعدته على القيام بعدة رحلات علمية إلى الهند، وكان قصده من ذلك القيام بدراسة علمية دقيقة على الطبيعة لأحوال هذه البلاد، من حيث تاريخها وثقافتها وأديانها، ورأى البيروني أن الفرصة لن تتهيأ له إلا إذا درس اللغة السنسيكريتية (لغة الهند)؛ ففتحت له هذه الدراسة أبواب الثقافة الهندية من جميع نواحيها العلمية والدينية، ووضع كتابًا مهمًّا عن حضارة الهند وتاريخها، أسماه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل
    أو مرذولة) ذكر فيه الجغرافيا الخاصة بالهند، كما ذكر لنا العقائد الدينية والمعارف العلمية عند الهنود، من رياضة وفلك وتاريخ وغيرها من علوم مختلفة.
    وقد كتب البيروني أكثر من (146) كتابًا في علوم مختلفة، فقد كتب في الحساب وشرح الأرقام الهندسية شرحًا وافيًا، وهي الأرقام التي اتخذت أساسًا للأرقام العربية كما يعد الواضع الحقيقي للقواعد الأساسية لعلم الميكانيكا، وكانت له نظريات في استخراج الأوتار من الدائرة، واستطاع أن يبتكر معادلة لمعرفة محيط الأرض.
    ويعد البيروني أبا الصيدلة العربية في العالم الإسلامي، فقد كتب عن الصيدلة كتبًا عديدة جعلته يحتل هذه المكانة المهمة في تاريخ الطب الإسلامي، وقد سجل البيروني في كتبه كثيرًا من فوائد النباتات الطبية والعقاقير والأدوية، كما كتب كتابًا أسماه (الصيدلة في الطب) وتجمعت لدي البيروني معلومات جغرافية كثيرة وضعها في كتاب سماه (نهاية الأماكن) وأثبت فيه أشياء لم تكن معروفة من قبل مثل:
    أن وادي السند كان في العصور القديمة حوض بحر قديم كونته الرواسب التي حملها النهر.
    وقال البيروني بدوران الأرض، وأنكر أن تكون الأرض مسطحة، وأنشأ مرصدًا خاصًّا به، وافترض أن الأرض ربما هي التي تدور حول الشمس، كما قال إن
    الأزمان الجيولوجية تتعاقب في صورة دورات زمانية، كما اهتم البيروني أيضًا بدراسة التكوين الطبقي للصخور والأنهار والمحيطات، وابتكر نظامًا خاصًّا لرسم الخرائط
    رسمًا مجسمًا، وللبيروني جهود علمية طيبة في الترجمة عن لغات أخري مثل: اللغة الهندية والفارسية .. وغيرها، وقد قام بترجمة اثنين وعشرين كتابًا إلى اللغة العربية أهمها: ترجمة كتاب (أصول إقليدس) وكتاب (المجسطي) لبطليموس
    الفلكي.. وغيرهما.
    وكان البيروني مفكرًا وفيلسوفًا إسلاميًّا؛ فهو يرى أن طلب العلم هو أسمى هدف للحياة البشرية، وأن مطالب الحياة تستلزم مراعاة أداء الفرائض الدينية والتمسك القوي بالدين الإسلامي، لكي تساعد الإنسان المسلم في تصريف الأمور، وتمييز الخير من الشر والصديق من العدو، وكان البيروني يقدر آراء العلماء الذين سبقوه ويسجلها في كتبه بأمانة وموضوعية، ويرُجع الفضل إلى أهله، كما كان يحترم تقاليد الشعوب الأخرى وعاداتها، وطرائقها في التفكير والمعيشة، ويظهر تسامح البيروني ومرونة عقله ونزاهته وموضوعيته في تقديره لعلوم اليونان والهنود
    والفرس.. وغيرهم.
    ولم يلق البيروني تقديرًا من المسلمين فحسب، بل إن الأوربيين كانوا يرون أن البيروني أكبر عقلية علمية في التاريخ، وأنه من أعظم العلماء الذين ظهروا على مر العصور، وأن اسمه يجب أن يوضع في لوحة الشرف التي تضم أكابر العلماء، وأنه من المستحيل أن يكتمل أي بحث في الرياضيات أو الفلك أو الجغرافيا أو المعادن أو العلوم الإنسانية، دون الإقرار بإسهاماته العظيمة في كل علم من تلك العلوم، ومرت الأيام وأصبح البيروني شيخًا كبيرًا؛ فأراد أن يجمع تجاربه ومشاهداته العلمية في كتاب فكتب كتابًا أسماه (القانون المسعودي) وهو موسوعة ضخمة في العلوم نسبة إلى السلطان (مسعود) وفاءً وإخلاصًا له، فكافأه السلطان بأن أرسل له ثلاثة جمال محملة بالنقود والفضة، فرد أبو الريحان الهدية قائلاً: إنه يخدم العلم للعلم لا للمال.
    وظل أبو الريحان يكتب البحوث المفيدة والقيمة، وينتقل من اكتشاف إلى اختراع إلى كتابة مؤلفات جديدة، وظل وفيًّا للعلم؛ فيذكر أنه وهو على فراش الموت زاره أحد أصدقائه فسأله البيروني عن مسألة سبق أن ناقشه فيها، فقال له صديقه: أفي مثل
    هذه الحال تسأل ؟!! قال البيروني: يا هذا، الأفضل أن أودع الدنيا وأنا عالم بهذا
    المسألة !!
    وقد أشاد بمكانة البيروني العلمية كبار مؤرخي العلم، وأنشئت باسمه جامعة في (طشقند) عاصمة جمهورية أوزبكستان الإسلامية تقديرًا لمآثره العلمية، كما اختير من بين (18) عالمًا إسلاميًّا أطلقت أسماؤهم على بعض معالم القمر، ومات البيروني وشيعه كبار رجال العلم ومحبوه ممن تتلمذوا على يديه، وكان ذلك
    سنة 440هـ.. رحم الله ذلك العالم المسلم الكبير بقدر ما قدم للإنسانية من علم ومعرفة.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:38


    جابر بن حيان

    جابر بن حيان

    درس الأوربيون كتبه، واستفادوا من تجاربه، وبنوا حضارتهم على جهده العلمي الوافر هو وغيره من العلماء المسلمين.. عاش (حيان) في أواخر الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية، وتنقل في بلاد الله، وعندما وصل إلى بلدة (طوس) ببلاد العجم رزقه الله بمولود سماه (جابرًا) ولما مات حيان أصبح جابر يتيم الأب، لكنَّ أقاربه أخذوه وتولوا تربيته وتعليمه، فدرس الرياضيات، ثم رحل (جابر) إلى الكوفة، فتلقى دروس الكيمياء على يد الإمام (جعفر الصادق) ورحب العباسيون بجابر وأكرموه؛ فوالده (حيان) قد ضحى بحياته من أجل قيام دولتهم، فأرادوا أن يجازوه على حسن صنيع أبيه معهم، فظل جابر في بغداد مقر الخلافة حتى أصبحت له مكانة كبيرة ومنزلة عظيمة في قصر الخليفة، وفي عهد الخليفة هارون الرشيد، كان جابر بن حيان على علاقة قوية بالبرامكة وعندما نكبهم الخليفة رحل جابر إلى الكوفة خوفًا
    على حياته.
    درس جابر بن حيان علومًا كثيرة، منها: علوم الكيمياء، والتاريخ الطبيعي، والطب والفلسفة، وكان ماهرًا في كل هذه العلوم، لكنه مال إلى الكيمياء وأتقنها، حتى أنشأ معملا خاصًّا به؛ يقيم فيه تجاربه على المعادن، ويتعرف على خصائصها عن طريق التجربة والمشاهدة الدقيقة، ويكرر تجاربه أكثر من مرة حتى يصل إلى جوهر الحقيقة لذلك كان يتخير الوقت والظرف المناسب حتى يتفرغ لإجراء تجاربه العديدة في هدوء، كما أنه كان شديد الملاحظة، صادق التأمل.
    ذات مرة جاء بحجر من المغناطيس، فوجد أن المغناطيس يمكن أن يجذب كتلة من الحديد تزن مائة درهم، وبعد مدة من الزمن أراد أن يختبر حجر المغناطيس، فقربه من قطعة أخرى من الحديد فلم يجذبها، فظن أن القطعة الثانية أثقل من الأولى، فوزنها فوجدها أقل من ثمانين درهمًا، فاستنتج بذلك أن قوة المغناطيس تضعف
    بمرور الزمن، وقد سبق جابر بن حيان عصره، فقد كان خبيرًا بالعمليات الكيميائية كالإذابة والتقطير والاختزال، وتمكن من تحضير مجموعة كبيرة من المواد
    الكيميائية، وشرحها في كتبه بأسلوب سهل، يستطيع الإنسان أن يجربها بنفسه إذا أراد، وتوصل (جابر بن حيان) إلى اكتشاف العديد من طرق تنقية المعادن، ودبغ الجلود، كما تمكن من صنع ورق غير قابل للاحتراق، وتوصل أيضًا إلى نوع من الطلاء يمنع الحديد من الصدأ، كما استطاع أن يتعرف قبل غيره من علماء أوروبا على فوائد المواد المعدنية والحيوانية والنباتية في بعض الأمراض.. وغيرها من الاكتشافات التي لازالت موضع إعجاب العالم كله، وقد اعترف علماء الغرب بفضل هذا العالم الكبير، وتمثل إعجابهم في ترجمة كتبه إلى لغتهم، فلا تخلو أية مكتبة شهيرة في أوروبا مثلا من مؤلفاته، ويوجد في مكتبة باريس أكثر من 50 كتابًا له وبعض هذه الكتب يبلغ ألف صفحة.
    وقد عرف جابر أهمية التجربة في العلم، ووضعها جزءًا هامًّا من المنهج العلمي، فكان ينصح تلاميذه قائلاً: (وأول واجب أن تعمل وتجري التجارب؛ لأن من لا يعمل ويجري التجارب لا يصل إلى أدنى مراتب الإتقان، فعليك يا بني بالتجربة لتصل إلى المعرفة) وقال ناصحًا أحد تلاميذه: (إياك أن تجرب أو تعمل حتى تعلم).
    وتظهر عظمة جابر بن حيان في استخدامه المنهج العلمي الدقيق والذي يتلخص في تحديد الهدف من التجربة العلمية، وتجنب المستحيل والذي لا فائدة منه، واختيار الوقت المناسب لإجراء التجربة، والتحلي بالصبر والمثابرة، والصمت والتحفظ، وعدم الاغترار بالظواهر حتى لا يؤدي ذلك إلى نتائج خاطئة، وهو بهذا قد سبق الغرب إلى معرفة المنهج العلمي، وإن ادعوا أنهم أصحابه.
    ومؤلفات جابر بن حيان في الكيمياء كثيرة ومتنوعة أشهرها: (الإيضاح) وهو مدخل لفهم كثير من أصول الكيمياء عنده و(الخواص الكبير) و(الأحجار) و(السر المكنون) و(الموازين) وعاش جابر بن حيان ينتقل بين تجاربه وبحوثه، ومن نجاح إلى نجاح إلى أن لقى ربه بعد أن ترك بين أيدينا تراثًا علميًّا لا يزال موضع فخر المسلمين، وتوفي رحمه الله سنة 200هـ/ 815م.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:39


    ابن النفيس

    ابن النفيس

    ازدهر العلم في دمشق بفضل حكامها الأيوبيين، الذين جعلوا منها مركزًا للعلوم والفنون، فجاء إليها العلماء من كل مكان، وخصوصًا الأطباء الذين اجتذبهم بيمارستان (دمشق) وكان أغلبهم من تلاميذ الطبيب الشهير (أمين الدولة ابن التلميذ) البغدادي الأصل، وقد حمل هؤلاء معهم كتبًا من أشهر الكتب في الطب ومن أهمها كتب (ابن سينا) وغيره من كتب كبار الأطباء.
    وفي دمشق ولد (ابن النفيس علاء الدين علي بن أبي الحزم) ليجد هذا الاهتمام بدراسة الطب، فتتلمذ على يد (مهذب الدين عبد الرحيم) المسمي (بالدخوار) والذي كان طبيبًا للعيون في (البيمارستان النوري) بدمشق، ثم عينه السلطان
    سيف الدين أخو صلاح الدين الأيوبي وخليفته رئيسًا لأطباء سوريا ومصر، وتتلمذ ابن النفيس أيضًا على يد (عمران الإسرائيلي) الذي عالج مرضى قد يئسوا من الشفاء، وظل ابن النفيس يتدرب على مهنة الطب، يفحص المرضى، ويتابع مراحل علاجهم إلى أن أرسله الأيوبيون مع مجموعة من زملائه إلى مصر، وجاء
    (ابن النفيس) إلى القاهرة، فوجدها غاية في الجمال، وكان يذهب إلى الأماكن
    الهادئة ليبحث المسائل العلمية المعقدة، وعاش (ابن النفيس) في داره المهيأة له
    بالقاهرة، وأخذ العلماء والأطباء والأمراء والأعيان يترددون عليه، يتناقشون معه في المسائل العلمية.
    أحب (ابن النفيس) كتب (ابن سينا) وبسطها للتلاميذ والطلاب حتى يسهل عليهم فهمها ومعرفة ما جاء بها، ولم يبخل على أحد بعلمه، بل إنه أوصى بما جمعه من الكتب القيمة للبيمارستان المنصوري بالقاهرة، وكان لا يحجب نفسه عن الإفادة لمن قصده ليلا أو نهارًا، ولم يكن ابن النفيس الذي لقب بابن سينا زمانه طبيبًا فقط، بل قام بتدريس الفقه بمدرسة المسرورية بالقاهرة، وكتب في الحديث والسيرة النبوية الشريفة والنحو.
    وكان أعظم ما كتبه ابن النفيس كتابه (شرح تشريح القانون) وهو شرح لكتاب (القانون) لابن سينا، وكان يهدف من شرح هذا الكتاب الإعانة على إتقان العلم بفن التشريح، وقد اهتم ابن النفيس في هذا الكتاب بالقسم المتعلق بتشريح القلب والحنجرة والرئتين، كما توصل إلى كشف الدورة الدموية الصغرى قبل أن يكتشفها (هارفي) الذي ينسب إليه اكتشافها.
    وقد استفاد علماء أوروبا من نظريات وكتب (ابن النفيس) ففي مدينة (البندقية) نشر طبيب إيطالي اسمه (الباجو) ترجمة باللغة اللاتينية لأجزاء كثيرة من كتاب
    (شرح تشريح القانون) كما استفاد منه (هارفي) الذي وصف الدورة الدموية، ومن أهم المؤلفات التي تركها (ابن النفيس) كتاب: (الشامل في الطب) الذي يعد موسوعة طبية، وكان يعتزم إصدارها في ثلاثمائة جزء إلا أنه توفي ولم يكتب منها سوي ثمانين.
    ومن كتبه الأخرى كتاب (المهذب في الكحل) وهو كتاب يصف علاج أمراض العيون، وشرح فصول أبقراط.. وغيرها، وكان ابن النفيس سريع التأليف، قيل: إنه إذا أراد أن يؤلف شيئًا وضعت له الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ثم يكتب بسرعة شديدة، فإذا تلف القلم رماه وتناول غيره حتى لا يضيع الوقت في بري
    القلم !!
    ومرض ابن النفيس، فزعم له بعض أصحابه من الأطباء أن تناوله لشيء من الخمر سيشفيه، فرفض ذلك وقال: (لا ألقى الله تعالى وفي جوفي شيء من الخمر) وظل
    ابن النفيس الطبيب الشهير مريضًا ستة أيام، ثم توفي وكان ذلك في ذي الحجة
    سنة 687هـ بالقاهرة.
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:41


    ابن ماجد

    ابن ماجد

    جلس (شهاب الدين أحمد بن ماجد) يتأمل والده باهتمام بالغ وهو يحكي مغامراته في البحار، ويسرد العجائب التي رآها في رحلاته، فقد كان والده ربانًا
    (قائدًا للسفن) أطلق عليه البحارة (ربان البرَّيْن) أي بر العرب وبر العجم.
    وما إن انتهى الوالد من حكاياته حتى قال (شهاب الدين أحمد): يا أبي إني أريد أن أكون معك في الرحلة القادمة، أريد أن أرى بلاد العجم، وأشاهد بعيني العجائب التي ترويها لنا، ابتسم الأب في وجه ابنه، ومسح رأسه بحنان ثم قال: عندما تكبر
    يا ولدي سوف أصحبك معي، ثم تركه وانشغل بترتيبات السفر والاستعداد للرحلة القادمة التي اقترب موعدها، وحان وقت الرحيل إلى بلاد الله الواسعة، ومضت السفينة ورفع البحَّارة الأشرعة، وظل شهاب الدين أحمد يلوح لأبيه مودعًا، حتى غابت السفينة عن الأنظار، ثم عاد حزينًا إلى بيته، لكنه تذكر أن والده قد وعده باصطحابه في الرحلة القادمة إذا أتقن القراءة والكتابة وأتم حفظ القرآن، وقرأ كل الكتب التي كتبها الأب عن رحلاته وكتب البحارة الآخرين؛ حتى يكون مهيئًا لركوب البحر، فأخذ شهاب الدين أحمد يحفظ القرآن الكريم ويتعلم الحساب، وجاء بكتاب من كتب والده واسمه (الأرجوزة الحجازية) التي تضم أكثر من ألف بيت في وصف الملاحة في البحر الأحمر، يقرؤه ويحفظ ما فيه.
    وكبر شهاب الدين، وازداد خبرة وعلمًا في البحر وأسراره، حتى أصبح أشهر ربان في الخليج العربي، وأطلق عليه البحارة: (أسد البحار) ولم تشغله شهرته الواسعة ومهامه الكثيرة عن معرفة حق ربه، فكان يبدأ رحلاته دائمًا بالصلاة، ويدعو من معه إلى كثرة الذكر والتطهر وعدم التغافل عن آيات الله، فيقول: (وينبغي إذا ركبت البحر أن تلزم الطهارة، فإنك في السفينة ضيف من ضيوف الباري فلا تغفل
    عن ذكره).
    وكان شهاب الدين أحمد بحَّارًا ماهرًا، شديد الحرص والأخذ بالأسباب؛ فقد كان لا يطمئن قلبه قبل أن يفحص المركب بعد صنعها، وقبل أن تنزل البحر لضمان سلامة الركاب والأمتعة، ويتأكد من صلاحية أجهزة السفينة وأدوات الملاحة للعمل قبل أن يبحر، أما فوق ظهر السفينة، فقد كان ربانًا حكيمًا، لينًا في قوله، عادلا في
    حكمه، لا يظلم أحدًا، صبورًا ثابت القلب، دائم اليقظة قليل النوم.
    وكان شهاب الدين أحمد بارعًا في علم الفلك، وكان له طريقة بسيطة في التعرف على اتجاه الريح؛ حيث ينصب على المركب عامودًا تعلق عليه قطعة من القماش المصنوع من الحرير ليعرف به اتجاه الريح، ولا ترجع شهرة شهاب الدين
    أحمد بن ماجد إلى كونه مَلاحًا قديرًا ولا إلى مؤلفاته في علوم البحار
    والملاحة فقط، وإنما اكتسب أيضًا شهرة دوليَّة حينما قاد سفينة الملاح البرتغالي (فاسكو دي جاما) من ميناء (ماليندي) في مملكة (كامبايا)
    (كينيا الآن) إلى الهند.
    وقد ترك (ابن ماجد) مؤلفات كثيرة عن الملاحة بصفة عامة، والملاحة العربية بصفة خاصة، ووضع قواعدها، ووصف الطرق البحرية للملاحة، وتصل مؤلفاته إلى أربعين مؤلفًا من أهمها كتاب: (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد) وهو كتاب يفيد الربان والبحارة في الوصول إلى البلد المطلوب دون ميل أو انحراف، كما تعرف به خطوط الطول والعرض، ومنها يمكن تحديد القبلة، وكتاب: (حاوية الاختصار في أصول علم البحار) .. وغيرهما من الكتب المهمة.
    وكأن شهاب الدين أحمد بن ماجد ذلك البحار العظيم كان يعلم أن المؤرخين والأجيال القادمة بعده سيعرفون قدره، وما قدمه للملاحة العربية من خدمات جليلة فأخذ يقول :
    فإن تجهلوا قدري حياتي فإنمــا
    سيأتي رجال بعدكم يعرفوا قدري
    وقد اعترفت حكومة البرتغال بفضل مساعدة ابن ماجد لفاسكو دي جاما حتى وصل إلى الهند من بلدة (ماليندي بكينيا) على الساحل الإفريقي؛ فأقامت له هناك نصبًا تذكاريًا يخلد هذه المناسبة، كما يحكي عن بحَّارة أهل عدن، أنهم كانوا إذا أرادوا السفر، قرءوا الفاتحة لابن ماجد؛ لأنه اخترع البوصلة المغناطيسية.

    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

     أعلام المسلمين  - صفحة 3 Empty رد: أعلام المسلمين

    مُساهمة من طرف مآآآري الأحد 12 مايو 2013 - 16:41


    ابن بطوطة

    ابن بطوطة

    في درب صغير بمدينة (طنجة) بالمغرب، كان يعيش فتى عربي مسلم يهوى قراءة كتب الرحلات، والاستماع إلى أخبار الدول والناس، وعجائب الأسفار من الحجاج والتجار الذين يلقاهم في ميناء (طنجة) أو من أصدقاء أبيه.. هذا الفتي هو
    (محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي) الشهير بـ(ابن بطوطة) ولد في (طنجة) في شهر رجب عام 703 هـ/1304م.
    كان أبوه فقيهًا يشتغل بالقضاء وكان يعد ولده ليكون خلفًا له، لذلك حفظ ابن بطوطة القرآن، ودرس العلوم الدينية، والأدب والشعر، فشبَّ تقيًّا، ورعًا، محبًّا للعلماء والأولياء، ولكنه لم يُتِمَّ دراسة الفقه بسبب رغبته في السفر والترحال؛ فكان خروجه إلى الحج، وهو في الثانية والعشرين من عمره، نقطة التحول في حياته، إذا ارتدى منذ ذاك الحين ثوب الترحال وأخذ يجوب أرجاء العالم الإسلامي، وحين خرج ابن بطوطة من (طنجة) سنة 725هـ/ 1325م قاصدًا الكعبة، وزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم، لم يخرج مع قافلة الحج، بل خرج مع قوم لا يعرفهم، ولم يستقر مع جماعة منهم، فأخذ ينتقل من مركب إلى آخر، ومن قافلة إلى أخرى، فقد كان اهتمامه برؤية أصناف الناس، والغرائب التي يصنعونها هو شغله الشاغل.
    كان مما لاحظه ابن بطوطة أن أصحاب كل حرفة ينزلون ضيوفًا على أصحاب نفس الحرفة في البلاد الأخرى؛ فالقاضي ينزل على القاضي، والفقيه على الفقيه، لذلك فقد فرح ابن بطوطة عندما قدمه الناس على أنه من القضاة، ومنذ ذاك الحين أصبح ينزل على القضاة والفقهاء في كل بلدٍ يذهب إليه.
    ومن خلال رحلات ابن بطوطة، يظهر مدى ترابط الأمة الإسلامية وقوة وحدتها حيث إنه خرج لرحلته الطويلة بمال قليل ولكن ترابط الأمة وتآخيها عمل على معاونته في رحلته، وإمداده بما يريد، كانت رحلته الأولى من سنة 725هـ/1325م إلى 749هـ/1349م وقضى فيها 24 سنة، ومر فيها بمراكش والجزائر وتونس وطرابلس ومصر ثم إلى فلسطين ولبنان وسوريا والحجاز، فحج حجته الأولى ومن مكة غادر إلى بلاد العراق وإيران وبلاد الأناضول، ثم عاد إلى مكة فحج حجته الثانية، ثم غادرها إلى اليمن ثم إفريقية الشرقية، ثم زار عمان والبحرين والإحْساء، ثم رجع مكة فأدى مناسك الحج.
    خرج ابن بطوطة إلى الهند وخراسان وتركستان وأفغانستان وكابول والسند، وتولى القضاء في (دلهي) على المذهب المالكي، ولما أراد السلطان محمد شاه أن يرسل وفدًا إلى ملك الصين خرج ابن بطوطة فيه، وفي عودته مر بجزيرة (سرنديب) والهند والصين، ثم عاد إلى بلاد العرب عن طريق (سومطرة) سنة 748هـ/ 1347م، فزار بلاد العجم والعراق وسوريا وفلسطين ومنها لمكة فحج حجته الرابعة إلى بيت الله، ثم رأى أن يعود إلى وطنه فمر بمصر وتونس والجزائر ومراكش فوصل فاس
    سنة 750هـ/ 1349م.
    وقد كان ابن بطوطة إذا ما ذَكَرَ ما تمتع به في حياته من نعمة وجاه يقول: (إنما كان لأنني حججتُ أربع حجات) ثم ما لبث أن قام برحلته الثانية بعد أن أقام في فاس فترة قصيرة لكنه وجد في نفسه شوقًا إلى السفر إلى بلاد الأندلس، فمر في طريقه
    بـ(طنجة) و(جبل طارق) و(غرناطة) ثم عاد إلى فاس، وفي سنة 753هـ/1352م كانت رحلة ابن بطوطة الثالثة إلى بلاد السودان، ثم مالي (تومبوكتو) وكثير من بلاد إفريقية ثم رجع إلى فاس، وظلت مدة عامين، فقد انتهت 755هـ/ 1354م.
    وكانت لابن بطوطة معرفة بطب الأعشاب التي كان الناس يتداوون بها من الأمراض الشائعة، وكان يداوي نفسه بنفسه، ولقد أعانه على رحلته قوة بدنه، فكان يأكل أي طعام -عدا المحرمات- وقد أصابته الحمى أكثر من مرة، وكاد دوار البحر أن يهلكه لولا رعاية الله له، وقد استغرقت رحلاته أكثر من ثمانية وعشرين عامًا كشفت هذه الرحلات عن أسرار كثيرة من البلاد التي زارها ابن بطوطة، إذ يعد أول من كتب شيئًا عن استعمال ورق النقد في الصين، وعن استخدام الفحم الحجري وكان صادقًا في أغلب أوصافه،حتى إن المستشرق (دوزي) أطلق عليه
    (الرحالة الأمين) وقد أتقن ابن بطوطة خلال رحلته اللغتين الفارسية والتركية، وقطع مائة وأربعين ألف كيلو متر، أكثرها في البحر، وتعرض للأخطار والمهالك في الصحاري والغابات، وقطاع الطريق في البر، وقراصنة البحر، ونجا مرارًا من الموت والأسر.
    وقد كان ابن بطوطة سريع التأثر يدل على ذلك قوله: وعندما وصلت إلى تونس برز أهلها للقاء الشيخ (عبد الله الزبيدي) ولقاء الطيب ابن القاضي أبي عبد الله النفراوي فأقبل بعضهم على بعض بالسلام والسؤال، ولم يُسَلِّمْ على أحد لعدم معرفتي بهم فوجدت من ذلك في النفس ما لم أملك معه سوابق الْعَبْرَة، واشتد بكائي، فشعر بحالي بعض الحجاج، فأقبل على بالسلام والإيناس ومازال يؤانسني بحديثه حتى دخلت المدينة، وأما حبه لوالديه فقد أفصح عنه أيما إفصاح حيث يقول في مقدمة رحلته: إنه تركهما فتحمل لبعدهما المشاق كما لقى من الفراق نصبًا، فلما عاد من رحلته الأولى وبلغه موت أمه حزن حزنًا شديدًا قطعه عن كل شيء، وسافر لزيارة قبر والدته.
    اتصل ابن بطوطة بالسلطان أبي عنان المريني، وأقام في حاشيته يُحَدِّثُ الناس بما رآه من عجائب الأسفار، ولما علم السلطان بأمره وما ينقله من طرائف الأخبار عن البلاد التي زارها أمر كاتبه الوزير محمد بن جُزَي الكلبي أن يكتب ما يمليه عليه الشيخ ابن بطوطة فانتهى من كتابتها سنة 1356م، وسماها (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) وقد ظلت رحلة ابن بطوطة موضع تقدير كثير من العلماء والباحثين فترة طويلة، وتُرجِمَت إلى اللغة الإنجليزية، ونُشِرَت في لندن
    سنة 1829م، وتُرجِمَت إلى اللغة الفرنسية، وطُبِعَت في باريس
    سنة 1853م وتُرجِمَت إلى الألمانية، وطُبِعَت سنة 1912م، وكذلك تُرجِمَت إلى اللغة التركية.
    وفي عام 779هـ/1378م كان وداع ابن بطوطة للدنيا بمدينة طنجة، ومن يزور المغرب اليوم سيجد بمدينة طنجة دربا (طريقًا) اسمه درب ابن بطوطة حيث كان يعيش، وسيجد بالقرب من سوق طنجة ضريحه الذي دفن فيه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 16:10