ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


2 مشترك

    (( أخلاق المسلم ))


    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:25


    --------------------------------------------------------------------------------

    الإيمان باليوم الآخر
    قال تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور} [الملك: 1-2].
    عذاب القبر ونعيمه:
    والمسلم يؤمن باليوم الذي ينتقل فيه من الحياة الدنيا إلى الآخرة عندما يموت، ويؤمن بما أخبر به رسول ( من فتنة القبر وسؤال الملكين، فالعبد يُختبر في قبره، ويسأله الملكان عن ربه ودينه ونبيه (، فإن كان مؤمنًا قال: ربي الله، وديني الإسلام، ومحمد ( نبيي.
    وأما المرتاب فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته. فيضرب ويعذب. عن قتادة عن أنس بن مالك -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله (: (إنَّ العبد إذا وُضع في قبره، وتولى عنه أصحابه -وإنه ليسمع قرع نعالهم- أتاه ملكان، فيُقعدانه فيقولان: ما كنتَ تقول في هذا الرجل (لمحمد ()؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبدالله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به مقعدًا من الجنة، فيراهما جيعًا).
    قال قتادة: وذُكر لنا أنه يُفسح له في قبره، ثم رجع إلى حديث أنس قال: (وأما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين) [البخاري].
    والمسلم يؤمن أن الله -عز وجل- يثبت المؤمنين عند السؤال في القبر، لأنهم استقاموا على أوامر الله -عز وجل- ونهجه، فعن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- عن النبي ( قال: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت)، فقالنزلت في عذاب القبر، فيقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، ونبيي محمد (، فذلك قوله {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} [إبراهيم: 27] [رواه مسلم].
    والمسلم يؤمن -بعد ذلك- بما أخبره الرسول ( في أن العبد وهو في قبره إما أن يكون في نعيم أو في جحيم إلى يوم القيامة، ولقد أشار
    الله -عز وجل- إلى العذاب الذي يحدث بعد الموت، فقال: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون}
    [الأنعام: 93]. قال ابن عباس في تفسيرها: هذا عند الموت، والبسط: الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم.
    والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( من أحاديث كثيرة، يؤكد فيها عذاب القبر، فعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: بينما النبي ( في حائط (حديقة أو بستان) لبني النجار على بغلة له، ونحن معه، إذ حادت به، فكادت تلقيه، وإذا بقبر ستة أو خمسة أو أربعة، فقال (: (من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟). فقال رجل: أنا. قال: (فمتى مات هؤلاء؟) قال: ماتوا في الإشراك. فقال: (إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه).
    ثم أقبل علينا بوجهه فقال: (تعوذوا بالله من عذاب النار). قالوا: نعوذُ بالله من عذاب النار. قال: (تعوذوا بالله من عذاب القبر) قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن) قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال: (تعوذوا بالله من فتنة الدجال). قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال) [مسلم].
    وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر النبي ( على قبرين فقال: (إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير. أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله) [مسلم].
    وقال (: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي؛ إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة) [متفق عليه].
    فهذا حال المؤمن والكافر في القبر، فالمؤمن في نعيم إلى يوم الدين، والكافر في عذاب إلى يوم القيامة، والمؤمن يتمني قيام الساعة حتى يتم له النعيم في جنة الخلد، أما الكافر فيقول: رب لا تُقم الساعة، لخوفه الشديد من عذاب الله -عز وجل- في جهنم، فعلى المسلم أن يعمل على أن يكون من الناجين من عذاب القبر بتقوى الله والعمل الصالح.
    علامات الساعة:
    ولا يعلم وقت الساعة إلا الله وحده، قال تعالى: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} [لقمان: 34]، وقال تعالى: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها} [الأعراف: 187].
    وعندما جاء جبريل -عليه السلام- إلى الرسول ( يسأله عن موعد الساعة. قال له (: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) [البخاري]. وقد أخبرنا ( بعلامات الساعة، وبين لنا أن لها علامات صغرى، وعلامات كبرى.
    العلامات الصغرى: وهي مثل فساد الناس في آخر الزمان، وكثرة القتل، وبعد الناس عن شرع الله -عز وجل-، وبعثة النبي (، فقد قال (: (بُعثتُ أنا والساعة كهاتين. (وأشار بإصبعيه :السبابة والوسطى)) [متفق عليه].
    وسأل رجل الرسول (: متى الساعة؟ فقال: (إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة). قال: وكيف إضاعتها؟ قال: (إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) [البخاري].
    والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( من كثرة القتل والحروب قبل قيام الساعة، قال (: (إن بين يدي الساعة أيامًا يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهَرَج، والهرج القتل) [البخاري]. والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( أن رفع العلم وظهور الجهل وكثرة المعاصي من علامات الساعة، قال (: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزنى، ويشرب الخمر، ويذهب الرجال، وتبقى النساء، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن أن الفتن تكثر في آخر الزمان، وأن الخير له في تجنبها، قال (: (ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي) [مسلم].
    والمسلم يؤمن بأن في آخر الزمان سوف يتمنى الإنسان الموت، ويفضله على الحياة؛ لكثرة الفتن وبُعد الناس عن الله، قال (: (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه) [متفق عليه]. والمسلم يؤمن بأن الساعة لا تقوم إلا على أكثر الناس شرًّا، قال (: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق) [مسلم].
    العلامات الكبرى:
    المسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( من علامات كبرى تقع قبل الساعة مباشرة، وقد جاء عشرة منها في حديث حذيفة بن أسد الغفاري حيث قال: طلع النبي ( علينا ونحن نتذاكر، فقال: (ما تذاكرون؟) قالوا: نذكر الساعة. قال: (إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات). فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم (، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم. [ مسلم].
    الدجال:
    خروج الدجال يكون هو المؤشر بتغير نظام الأرض، وينتهي ذلك بنزول
    عيسى -عليه السلام- وقضائه عليه، ويكون خروج الشمس من مغربها هو المؤشر بتغير الأحوال العلوية للكون.
    والمسلم يؤمن- أيضًا-بطلوع الشمس من مغربها، قال (: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس، آمنوا أجمعون، وذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها، ثم قرأ الآية) [متفق عليه]. فإذا خرجت الشمس من مغربها، ورآها الناس آمنوا بالله جميعًا، ففي هذا الوقت لا ينفع الإيمان، ولا تنفع التوبة إلا أن يكون الإنسان قد آمن من قبلُ، وإلى هذا المعنى أشار
    الله -عز وجل- فقال: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا} [الأنعام: 158].
    والمسلم يؤمن بما أخبر الرسول ( من خروج الدابة، وهي دابة يخرجها الله -عز وجل- ويجعلها من العلامات التي تشير إلى قرب الساعة، فهي دابة تكلم الناس، وتميز بينهم، فتشير إلى المؤمن وتقول له: يا مؤمن. وتشير إلى الكافر، وتقول له: يا كافر. قال تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون} [النمل: 82].
    والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( عن الدجال، وحذرنا منه، ويؤمن أن كل نبي حذر قومه منه،. فقد قام ( في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر الدجال فقال: (إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذره قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور وإن الله ليس بأعور) [متفق عليه].
    والرسول ( يبين ما يمد الله به الدجال من الخوارق التي يفتن العباد بها. قال (: (لأنا أعلم بما مع الدجال منه. معه نهران يجريان، أحدهما- رأي العين- ماء أبيض، والآخر- رأي العين- نار تأجج، فإما أَدْرَكَنَّ أحدٌ فلْيأتِ النهر الذي يراه نارًا، ولْيغمض، ثم لْيطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد. وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة -جلدة تغشى البصر- غليظة مكتوب بين عينيه: كافر. يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب) [مسلم].
    والمسلم يعلم كيف يقي نفسه من فتنة الدجال، قال (: (...فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف) [مسلم].
    وعندما سئل الرسول ( عن الفترة التي يقضيها الدجال في الأرض قال: (أربعون يومًا: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم) [مسلم].
    والمسلم يعلم أن الدجال سيدَّعي الألوهية، ويأتي على القوم فيدعوهم إلى عبادته، فإن أجابوه إلى ذلك كثر عندهم الخير، وإن لم يجيبوه أصبحوا في جفاف وفقر، ويأمر الأرض الخراب أن تخرج كنوزها، فتخرج. ويأمر السماء أن تمطر، فتمطر. والأرض فتنبت، وهذا كله على سبيل الفتنة للعباد، وسوف ينزل عيسى- عليه السلام- إلى الأرض في آخر الزمان قرب وقوع الساعة، أثناء وجود الدجال، فيقتله، ويحكم بشريعة الإسلام.
    يأجوج ومأجوج:
    والمسلم يؤمن بما أخبر الرسول ( من خروج أمة مفسدة في آخر الزمان، وهي يأجوج ومأجوج، قال الله -تعالى-: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين} [الأنبياء: 96-97].
    وعن زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أن رسول الله دخل عليها يومًا فزعًا يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا (حلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها)). قالت زينب بنت جحش: يا رسول الله، أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم إذا كثر الخبث) [البخاري].
    وقد أخبر الله عنهم في القرآن الكريم موضحًا ما صنعه العبد الصالح ذو القرنين معهم، وكيف حمي الناس من شرهم، قال تعالى: {حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قومًا لا يكادون يفقهون قولاً. قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا. قال ما مكني فيه ربي خيرًا فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردمًا. آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارًا قال آتوني أفرغ عليه قطرًا. فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا. قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقًّا} [الكهف: 93-98].
    إن الله مكن لذي القرنين في الأرض، فأخذ بالأسباب، وتجول في الأرض حتى وصل إلى قوم لا يكادون يفقهون قولا، فرأوا على وجهه علامات الصلاح، ووجدوا فيه القوة، فعرضوا عليه أن يمنع عنهم هذه الأمة المفسدة التي كانت تظلمهم، وتأخذ خيراتهم مقابل جزء من المال، فأسرع ذو القرنين- الذي يعلم أن هذه القدرة إنما هي من عند الله تعالى، فقبل أن يحميهم من شر يأجوج ومأجوج فردم الفجوة التي كانت بين السدين بالحديد والنحاس المنصهر. فلم يستطع هؤلاء المفسدون أن يقفزوا من فوق هذا السد، ولن يستطيعوا أن يهدموه، حتى تقترب الساعة فيأذن الله -عز وجل- لهؤلاء المفسدين بالخروج، فيمرون على بحيرة طبرية في فلسطين فيشربون ماءها كله لكثرة عددهم حتى إن آخرهم يتعجب ويقول لقد كان بهذه مرة ماء!!
    كما قال (: (ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حَدَب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: قد كان بهذه مرة ماء) [مسلم].

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:28

    أهوال القيامة:
    والمسلم يؤمن بما أخبر الرسول ( من خروج نار من أرض الحجاز، قال (: (لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن بأن هناك مؤشرات أخرى ليوم القيامة مثلما يحدث من تغيير شامل للكون من انشقاق السماء، وتصادم الكواكب، وتفتت الأرض، وتناثر النجوم، وتخريب كل شيء، وتدمير كل ما عرفه الناس في هذا الوجود. قال تعالى: {إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1]. وقال: {إذا السماء انفطرت. وإذا الكواكب انتثرت} [الانفطار: 1-2] وقال تعالى: {إذا الشمس كورت} [التكوير: 1]. وقال سبحانه: {فإذا النجوم طمست} [المرسلات: 8]. وقال: {إذا رجت الأرض رجًا. وبست الجبال بسًا. فكانت هباء منبثًا} [الواقعة: 4-6]. وقال: {يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبًا مهيلاً} [المزمل: 14]. وقال: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نفسًا. فيذرها قاعًا صفصفًا. لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا} [طه: 105- 107]. وقال: {وإذا البحار فجرت} [الانفطار: 3] وقال: {وإذا البحار سجرت} [التكوير: 6]. وقال: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} [إبراهيم: 48].
    وقال أيضًا: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} [الحج: 1-2]. ويكون ذلك على أثر النفخة الأولى التي يأمر الله -عز وجل- بها إسرافيل الملك الموكل بالنفخ في الصور، فيصعق كل من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، قال تعالى: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر: 68].
    وقال أيضًا: {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة. وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة. فيومئذ وقعت الواقعة. وانشقت السماء فهي يومئذ واهية}
    [الحاقة: 13-16].
    وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (: (يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟) [البخاري].
    والمسلم يؤمن بما أخبر به الله -عز وجل- وأخبر به الرسول ( عن البعث وخروج الناس من قبورهم مرة أخرى، ويكون ذلك بعد أن ينفخ إسرافيل النفخة الثانية، فيقوم الناس للحساب. قال (: (يصعق الناس حين يصعقون فأكون أول من قام، فإذا موسى آخذ بالعرش فما أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله) [البخاري].
    قال تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعًا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد} [المجادلة: 6].
    وتعود الأرواح إلى الأبدان كما كانت في الدنيا، فيقول الكافرون والمنافقون: {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}
    [يس: 52]. ويقول المؤمنون: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} [يس: 52]
    البعث:
    والمسلم يؤمن بما أخبر به الرسول ( حيث قال: (يبعث كل عبد على ما مات عليه) [مسلم]. وقد أنكر المشركون البعث والإحياء بعد الموت فقالوا: {أئذا متنا وكنا ترابًا ذلك رجع بعيد} [ق: 3].
    وقال تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} [الجاثية: 24].
    فهم أنكروا حقيقة ذلك اليوم، ولكن الله -عز وجل- ردَّ عليهم وبيَّن لهم أن
    الله -عز وجل- قادر على أن يعيدهم مرة أخرى كما خلقهم فقال تعالى: {والله أنبتكم من الأرض نباتًا. ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجًا} [نوح: 17-18]، فليس من المعقول أن يعيش الناس في الحياة الدنيا، فيظلم الظالم ويفجر الفاجر، ثم يموتون فلا يبعثون، ليجزيهم الله على أعمالهم، هذا يتنافى مع عدل الله -عز وجل-، لذلك أمر الله نبيه محمدًا ( أن يقسم بالله على حدوث البعث، قال تعالى: {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن} [التغابن: 7]. فما أعظمه من قسم يؤكد الله -عز وجل- به إحياء الناس وحسابهم على كل صغيرة وكبيرة فعلوها في دنياهم.
    الحشر:
    والمسلم يؤمن بما أخبر الله به عن الحشر، حيث يُحشر الناس على أرض بيضاء مستوية لا ارتفاع فيها ولا انحراف، قال (: (يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء) [متفق عليه]. وأنه سبحانه يحشر الناس حفاة لا يلبسون نعالا في أقدامهم، ويحشرهم عراة ليس عليهم ملابس، غرلا غير مختونين، كما ولدتهم أمهاتم، قال (: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا). قالت عائشة: يا رسول الله، النساء والرجال جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال (: (يا عائشة، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض) [مسلم].
    والناس يوم القيامة يحشرون على أصناف، فمنهم الماشي، ومنهم الراكب، ومنهم الذين تسحبهم الملائكة على وجوههم. قال (: (يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف، صنفًا مشاة، وصنفًا ركبانًا، وصنفًا على وجوههم). قيل: يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: (إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يُمشيهم على وجوههم) [الترمذي].
    الموقف العظيم:
    المسلم يؤمن بتبشير الملائكة للمؤمنين برضا الله ودخول الجنة قال تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون. نزلاً من غفور رحيم} [فصلت: 30-32].
    والمسلم يؤمن بأن الموقف يوم القيامة يكون عظيمًا، يذهل الناس ويفزعهم، لما فيه من مصاعب وأهوال، قال الله -عز وجل-: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}
    [الحج: 1-2].
    ويكون الناس في كرب عظيم حينما تدنو الشمس من الرءوس، ويكثر العرق، كل بحسب عمله قال (: (تُدْنَى الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه (وسطه)، ومنهم من يُلْجِمه العرق إلجامًا). وأشار الرسول ( بيده إلى فيه (فمه) [مسلم] .
    وفي هذا الموقف الرهيب يوجد أناس آمنون في ظل عرش الرحمن، وهم سبعة أصناف كما أخبر النبي (: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه) [مسلم].
    الشفاعة يوم القيامة:
    والمسلم يؤمن بشفاعة الرسول ( للمؤمنين حتى ينقذهم
    الله -عز وجل- من صعوبة هذا الموقف، وتلك هي الشفاعة الكبرى، وهي أعظم الشفاعات وهي المقام المحمود لنبينا محمد (، قال تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79]. فبعدما يذهب الناس إلى الأنبياء طلبًا للشفاعة، يحيلهم كل نبي إلى من بعده، حتى يأتوا الرسول ( فيسجد تحت العرش، ويشفع عند الله لعباده المؤمنين، قال (: (إن الشمس تدنو يوم القيامة، حتى يبلغ العرق نصف الأذن، فبينما هم كذلك، استغاثوا بآدم، فيقول: لست بصاحب ذلك، ثم بموسى فيقول كذلك، ثم محمد ( فيشفع ليقضي بين الخلق، فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقامًا محمودًا يحمده أهل الجمع كلهم) [البخاري].
    والمسلم يؤمن أن الشفاعة تكون للأنبياء والعلماء والشهداء، قال (: (يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء) [ابن ماجه]. وهذه الشفاعات لا تكون إلا لمن أذن الله -عز وجل- له، قال تعالى: {يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً} [طه: 109]. وقال ( عن ثواب الشهيد: (يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويُزَوَّج حواريُّون ويشفع في سبعين من أهل بيته) [الطبراني].
    وقال (: (إن من أمتي من يشفع للفئام (الجماعة من الناس)، ومنهم من يشفع للقبيلة، ومنهم من يشفع للعصبة، ومنهم من يشفع للرجال حتى يدخلوا الجنة) [الترمذي].
    والمسلم يؤمن بأن العمل الصالح يشفع لصاحبه مثل الصيام وقراءة القرآن، قال (: (القرآن والصيام يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان) [أحمد].
    محاسبة الناس يوم القيامة:
    والمسلم يؤمن أنَّ الله -عز وجل- يحاسب الناس على ما كسبوه في الحياة الدنيا من خير أو شر، قال تعالى: {من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي الذين ظلموا إلا ما كانوا يعملون} [القصص: 84].
    وهذه الأعمال هي التي أحصتها ملائكة الله.. قال الله -عز وجل- في حديثه القدسي: (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) [مسلم].
    والمسلم يؤمن أن الجزاء يوم القيامة يكون بعد محاكمة عادلة تُعرض فيها الأعمال، ويطلع الناس على أعمالهم، ويقرأ كل واحد منهم كتابه، قال تعالى: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} [الإسراء: 13-14].
    والمسلم يعلم أن كل واحد سيقف أمام الله -عز وجل- ليحاسب على أعماله، قال تعالى: {لقد أحصاهم وعدهم عدًا. وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا}
    [مريم: 94-95].
    وقال (: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه الله يوم القيامة، ليس بين الله وبينه ترجمان) [البخاري].
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- لا يناقش إلا من كثرت معاصيه. فعن
    عائشة -رضي الله عنها- أن الرسول ( قال: (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك). فقلتُ: يا رسول الله أليس قد قال الله -تعالى-: {فأما من أوتي كتابه بيمينه. فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا} [الانشقاق: 7-8]. فقال رسول الله (: (إنما ذلك العَرْض، وليس أحد يُنَاقَش الحساب يوم القيامة إلا عُذِّب) [البخاري] . ومناقشة الحساب هي أن يحاسب الله -عز وجل- العبد على كل صغيرة وكبيرة فعلها ويترك مسامعته.
    والمسلم يؤمن بأنه في يوم القيامة يأخذ كل إنسان كتابه الذي دونت فيه الملائكة أعماله في الدنيا من حسنات وسيئات، فالمؤمن يأخذ كتابه بيمينه، فيفرح ويسعد. أما الكافر، فيأخذه بشماله، فيدرك أن مكانه في دار الجحيم، قال تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه. إني ظننت أني ملاق حسابيه. فهو في عيشة راضية. في جنة عالية. قطوفها دانية. كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية. وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه. ولم أدر ما حسابيه. يا ليتها كانت القاضية. ما أغنى عني مالي. هلك عني سلطانيه. خذوه فغلوه. ثم الجحيم صلوه} [الحاقة: 19-31].
    والمسلم يؤمن بأن الناس يتفاوتون في الحساب، فمنهم من يحاسب حسابًا يسيرًا، فيعرض الله عليه أعماله، ويُطْلعه عليها دون أن يَطَّلع عليها أحد غيره، ويستره
    الله -عز وجل- ويعفو عنه، ثم يأمر به إلى الجنة، ومنهم من يُنَاقَش في حسابه، ويُسْأل عن كل شيء، ويُفتضح أمره بين الناس جميعًا، قال تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} [الزلزلة: 7-8].
    ويقول (: (لا تزولُ قدما عبد يوم القيامة حتى يُسْأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) [الترمذي].
    والمسلم يؤمن أن هناك أناسًا يدخلهم الله -عز وجل- الجنة بغير حساب، قال (: (يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفًا بغير حساب) [مسلم].
    والمسلم يؤمن أن هناك شهودًا تشهد عليه أمام الله -عز وجل- يوم القيامة، مثل: السمع، والبصر، والجلد، والأيدي، والأرجل، والمال، والأيام، والحفظة الكرام، والأرض، والليل، والنهار. قال تعالى: {حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون} [فصلت: 20]. وقال: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [النور: 24].
    والمسلم يؤمن بما جاء عن شهادة الأرض، وإخبارها عما حدث على ظهرها، قال تعالى: {إذا زلزلت الأرض زلزالها. وأخرجت الأرض أثقالها. وقال الإنسان ما لها. يومئذ تحدث أخبارها. بأن ربك أوحى لها. يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره. ومن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره}
    [سورة الزلزلة].
    وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قرأ الرسول (: {يومئذ تحدث أخبارها} [الزلزلة: 4]. قال: (أتدرون ما أخبارها؟) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: (فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا. قال: فهذه أخبارها) [الترمذي والنسائي] .
    والمسلم يؤمن أن المال يشهد على صاحبه إذا لم يؤدِّ حقه، قال (: (إن هذا المال خضرة حلوة، ونعم صاحب المسلم، هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل، وإنه من يأخذه بغير حقه، كان كالذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة) [مسلم].
    كما أن المسلم يعلم أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله قال (: (إن أول ما يُنظر فيه من عمل يوم القيامة الصلاة، فإن وجدت تامة، قبلت منه وسائر عمله، وإن وجدت ناقصة، ردت عليه وسائر عمله) [الحاكم].
    وأول ما يُحاسب به الناس يوم القيامة من حقوق العباد هي الدماء، قال (: (أول ما يقضى بين الناس في الدماء) [متفق عليه]. ثم يسأل الإنسان عن عمره وعلمه وماله.
    الميزان:
    والمسلم يؤمن بأن أعمال العباد توزن بالميزان العادل، فلا يظلم الله -عز وجل- أحدًا، قال تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئًا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} [الأنبياء: 47]. وقال سبحانه: {فأما من ثقلت موازينه. فهو في عيشة راضية. وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ماهيه. نار حامية} [القارعة: 6-11].
    وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت النار فبكت، فقال لها رسول الله (: (ما يبكيك؟). قالت: ذكرت النار فبكيت، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال رسول الله (: (أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدًا: عند الميزان، حتى يعلم أيخف ميزانه أو يثقل، وعند الكتاب حين يقال: {هاؤم اقرءوا كتابيه} [الحاقة: 19] . حتى يعلم أين يقع كتابه، في يمينه أم في شماله أم من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم) [أبو داود].
    الحوض:
    المسلم يؤمن أن لكل نبي حوضًا ولكن أكبرهم وأعظمهم هو حوض النبي (، فقد قال (: (حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء، من شرب منها، فلا يظمأ أبدًا) [متفق عليه].
    وعن أنس -رضي الله عنه قال: بينا رسول الله ( ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسمًا، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: (أُنزلت علي آنفًا سورة). فقرأ: إنا أعطيناك الكوثر. ثم قال: (أتدرون ما الكوثر؟). فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال: (فإنه نهر وعدنيه ربي -عز وجل- عليه خير كثير، هو حوض تَرِدُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: إنه من أمتي. فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك) [ مسلم].
    الصراط:
    المسلم يؤمن بأنه لابد للإنسان أن يمر على الصراط حتى ينجو من عذاب الله في الآخرة، وهذا الصراط منصوب على جهنم، يكون أمام الكافر أدقَّ من الشعرة، وأحدَّ من السيف، تحته خطاطيف تخطف الكافرين والعاصين إلى قعر جهنم، ويمر على الصراط جميع الناس حتى الأنبياء، والصديقون، والمؤمنون، والكفار، ومن يحاسب ومن لا يحاسب، قال تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًا. ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًا} [مريم: 71-72].
    وتكون سهولة المرور على الصراط بحسب عمل الإنسان في الحياة الدنيا، فمنهم من يمر بسرعة سقوط الشهب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر يزحف يقع في النار مرة، ويخرج مرة حتى إذا مروا قالوا: الحمد لله الذي نجانا.
    رد المظالم:
    والمسلم يؤمن بأن يوم القيامة هو يوم القصاص، وفيه تُرَدُّ الحقوق إلى أصحابها، فيأخذ الله من الظالم للمظلوم حقه، فيأخذ من حسنات الظالم ويضعها على حسنات المظلوم، وإن لم يكن له حسنات؛ أُخذ من سيئات المظلوم، فتوضع على سيئات الظالم. قال (: (من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم (هناك) دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات، أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه) [متفق عليه].
    وقال (: (يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبُوا ونُقُّوا، أُذِن لهم في دخول الجنة. فالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أُهْدِي بمنزله في الجنة، منه بمنزله الذي كان في الدنيا) [البخاري].

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:30


    --------------------------------------------------------------------------------

    الإيمان بالجنة
    الإيمان بوجود الجنة:
    المسلم يؤمن أن في الآخرة دارًا أعدها الله للمحسنين والمؤمنين من عباده. فيها من كل الخيرات، فيها أنهار من ماء عذب، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين، يأكلون فيها ويشربون، ويطوف عليهم ولدان مخلدون، وهم فيها خالدون، نزع الله الغل من صدورهم، إخوانًا على سرر متقابلين، تحيتهم فيها سلام، قال سبحانه في الحديث القدسي: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) [البخاري] .كما قال تعالى في كتابه: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} [السجدة: 17].
    والمسلم يؤمن بأن الجنة درجات، وأن هذه الدرجات أعدها الله -عز وجل- للمؤمنين على قدر أعمالهم الصالحة، قال تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار} [البقرة: 25].
    وقال (: (في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس) [أحمد والترمذي].
    والمسلم يؤمن أن للجنة ثمانية أبواب تسمى بأسماء الأعمال الصالحة، فهناك باب للصائمين يدعي( الريان) وهناك باب الصلاة، وباب الإحسان، وباب الصدقة، وباب الجهاد.
    والمسلم الذي كان يكثر من الصيام يدخل من باب الصيام، وكثير الصلاة يدخل من باب الصلاة.. وهكذا، وهناك أناس يدعون من جميع الأبواب، قال (: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دُعي من
    أبواب -الجنة-: يا عبدالله، هذا خير. فمن كان من أهل الصلاة؛ دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة، دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام، دُعي من باب الصيام، وهو باب الريان) فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: هل يُدْعَى أحد منها كلها يا رسول الله؟ قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن أن من أبواب الجنة بابًا يسمى الريان، جعله الله -عز وجل- للصائمين خاصة، قال (: (إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق، فلم يدخل منه أحد) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن أن هناك أعمالا تُدخل أصحابها الجنة من جميع الأبواب، قال (: (ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبد الله ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) [مسلم].
    والمسلم يؤمن أن في الجنة غرفًا أعدها الله -عز وجل- للمؤمنين، قال تعالى: {لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية} [الزمر: 20]. وقال (: (إن في الجنة لغرفًا يُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، فقام إليه أعرابي، فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: هي لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام) [الترمذي].
    وقال: (إن أهل الجنة ليتراءون (يشاهدون) أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدُّرِّي الغابر من الأفق من المشرق أو من المغرب، لتفاضل ما بينهم). قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: (بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) [مسلم].
    والمسلم يؤمن أن تربة الجنة الزعفران، وأن بناءها لَبِنَة من ذهب ولبنة من فضة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، ممَّ خُلق الخلق؟ قال: (من الماء). قلنا: الجنة ما بناؤها؟ قال: (لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، ومن دخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تَبلى ثيابهم، ولا يَفنى شبابهم) [الترمذي].
    والمسلم يؤمن أن في الجنة بيوتًا وقصورًا، قال (: (بينا أنا نائم في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر. قلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب) [البخاري].
    وقال: (إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد) [الترمذي].
    والمسلم يؤمن أن في الجنة خيامًا جعل الله فيها الحور العين، قال تعالى: {حور مقصورات في الخيام} [الرحمن: 72]. وقال (: (في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل، ما يرون الآخرين، يطوف عليهم المؤمن) [مسلم].
    والمسلم يؤمن بما في الجنة من ثمار وأشجار، وهذه الثمار لا تشبه بعضها البعض في الطعم واللون، وهي موجودة على الدوام. قال تعالى: {وفاكهة كثيرة. لا مقطوعة ولا ممنوعة} [الواقعة: 32-33].
    وقال (: (إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام، واقرءوا إن شئتم: {وظل ممدود}) [الحديث رواه البخاري].
    والمسلم يؤمن بأن هناك زرعًا لمن أراد أن يزرع في الجنة، قال النبي ( وكان عنده رجل من البادية: (إن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع. فقال: أو لست فيما شئت؟ - أي متمتعًا بما تريد- قال: بلى، ولكني أحب أن أزرع. فأسرع وبذر، فتبادر الطرف نباته، واستواؤه، واستحصاؤه وتكويره أمثال الجبال، فيقول الله -تعالى-: دونك يا ابن آدم، فإنك لا يشبعك شيء). فقال الأعرابي: يا رسول الله: لا تجد هذا إلا قرشيًّا أو أنصاريًّا، فإنهم أصحاب زرع، فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع. ضحك النبي ( [البخاري].
    والمسلم يؤمن بأن في الجـنة أنهارًا من ماء غير متغير الطعم، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشـاربين، وهـذه الأنهار ماؤها أشـد بـياضًا من اللبن، وأجمل طعمًا من العسـل، لا يمل الإنسان من الشرب منها، قال تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار} [البقرة: 25].
    وقال -عز وجل-: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنها من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم} [محمد: 15].
    والمسلم يؤمن أن من أنهار الجنة النيل والفرات، قال (: (النيل والفرات من أنهار الجنة) [مسلم]. ومن أنهارها أيضًا الكوثر، وهو نهر أعطاه
    الله -عز وجل- لرسوله (، ماؤه أبيض من الثلج، وأعذب من العسل، قال (: (الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، ومجراه على الدر والياقوت، تربته أطيب من المسك، وماؤه أحلى من العسل، وأبيض من الثلج) [الترمذي وابن ماجه].
    والمسلم يؤمن أن في الجنة أسواقًا يذهب إليها المؤمنون، لقوله (: (إن في الجنة لسوقًا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال (ريح المطر)، فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسنًا وجمالا، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالا) [مسلم والترمذي].
    والمسلم يؤمن بأن للجنة سررًا وآنية وفرشًا من الحرير، قال تعالى: {فيها سرر مرفوعة. وأكواب موضوعة. ونمارق مصفوفة. وزرابي مبثوثة}
    [الغاشية: 13-16]. وقال تعالى: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير. قوارير من فضة قدروها تقديرًا} [الإنسان: 15-16].
    والمسلم يؤمن أن أهل الجنة يلبسون ثيابًا من الحرير، ويتزينون باللؤلؤ والذهب والفضة، قال تعالى: {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير} [الحج: 23]. وقال تعالى: {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة} [الإنسان: 21].
    والمسلم يعلم أن هذه الثياب لا تبلى ولا تتمزق، وتبقى على جمالها ودقة صنعها كما هي، قال (: (من يدخل الجنة، ينعم لا يَبْأس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه) [مسلم والترمذي].
    والمسلم يؤمن بأن الملائكة يدخلون على المؤمنين يحيونهم ويسلمون عليهم، قال تعالى: {والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} [الرعد: 23-24].
    وقال: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا. إلا قيلاً سلامًا سلامًا}
    [الواقعة: 25-26]. وقال:{دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} [يونس: 10].
    والمسلم يؤمن بأن في الجنة ولدانًا يخدمون المؤمنين، قال تعالى: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤًا منثورًا} [الإنسان: 19].
    وقال: {يطوف عليهم ولدان مخلدون. بأكواب وأباريق وكأس من معين. لا يصدعون عنها ولا ينزفون. وفاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون}
    [الواقعة: 17-21].
    والمسلم يؤمن أن الله -عز وجل- ينـزع الغل والحسد من قلوب أهل الجنة، ويجعل بينهم المودة والمحبة، قال تعالى: {إن المتقين في جنات وعيون. ادخلوها بسلام آمنين. ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانًا على سرر متقابلين. لا يمسهم فيها نصب ولا ما هم منها بمخرجين} [الحجر: 45-48].
    وقال (: (إن أول زمرة تدخل الجنة، على صورة القمر ليلة البدر، والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة. قلوبهم على قلب رجل واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض) [متفق عليه].
    والمسلم يعلم أن آخر أهل النار دخولا الجنة رجل يأتي بعد دخول الناس الجنة والنار، فيأمره الله -عز وجل- أن يدخل الجنة، قال (: (إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها، وآخر أهل الجنة دخولا، رجل يخرج من النار حبوًا، فيقول الله: اذهب فادخل الجنة. فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى. فيقول: اذهب. فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى، فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى. فيقول: اذهب فادخل الجنة، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها -أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا- فيقول: تسخر أو تضحك مني وأنت الملك؟!). فلقد رأيت رسول الله ( ضحك حتى بدت نواجذه، وكان يقول: (ذلك أدنى أهل الجنة منزلة) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن بخلود أهل الجنة في الجنة، وبخلود أهل النار في النار، قال (: (إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يُجعل بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة لا موت. يا أهل النار لا موت. فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- يمنُّ على المؤمنين بالنظر إلى وجهه الكريم، وقال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة} [القيامة: 22-23].
    وعن جرير بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه قال: كنا عند النبي ( فنظر إلى القمر ليلةً -يعني البدر- فقال: إنكم سترون ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته) [البخاري وأبو داود وأحمد].
    وفي الحديث أن الرسول ( تلا هذه الآية: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: 26] . ثم قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول
    الله -تبارك وتعالى-: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم -عز وجل-) [مسلم والترمذي وأحمد].
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- يرضي عن المؤمنين الذين دخلوا الجنة فلا يسخط عليهم أبدًا، قال تعالى: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكين طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم} [التوبة: 72].
    وقال (: (إن الله -تبارك وتعالى- يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة. فيقولون: لبيك ربنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعطِ أحدًا من خلقك! فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا) [متفق عليه].

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:31

    تحقيق التوحيد
    التوحيد هو الأمر الذي خلق الله الجن والإنس من أجله، وخلق الجنة والنار ليجازي عليه، وقام الحساب والجزاء عليه، ولابد له من عناصر تحققه.
    كيف يتحقق التوحيد؟
    الإخلاص في العبادة: فعبادة الله هي الخضوع الكامل له، والحب التام لما يحب، والتقرب إليه بكل ما يحب من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، وهذه هي غاية وجود الخلق، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
    [الذاريات: 56].
    والمسلم يعلم أن العبادة ليست محصورة في أركان الإسلام الخمسة: الشهادة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج. ولكن العبادة لها صور كثيرة، فالمسلم يتوجه بالدعاء إلى الله -عز وجل- لأن الدعاء من العبادة، قال (: (الدعاء هو العبادة) [الترمذي].
    والمسلم لا يتوجه بالدعاء إلى غير الله، ويعلم أن غير الله لا يملك ضرًا ولا نفعًا، قال تعالى: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفك ولا يضرك} [يونس: 106].
    والمسلم قد تعلَّم ذلك من قول الرسول (: (وإذا سألت فاسأل الله) [الترمذي]. والمسلم يعلم أن الله لا يرضى أن يشاركه غيره، قال تعالى: {فلا تدع مع الله إلهًا آخر فتكون من المعذبين} [الشعراء: 213].
    والمسلم يخلص في عبوديته لله،ولا يتخذ من دون الله وليا ولا شريكًا، ويعلم أن الله هو المستحق للولاية. قال تعالى {أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير} [الشورى: 9]. والمسلم يحذر من الوقوع في الشرك، ويجب عليه أن يتعرف على أنواعه، والطرق المؤدية له، حتى لا يقع فيه.
    البراءة من الطواغيت: المسلم يتبرأ من الطواغيت -كل ما يعْبَد من دون الله- ويعلم أن توحيده لا يتحقق إلا بذلك، قال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} [البقرة: 256].
    والمسلم يعلم أن الرسل جميعًا حذروا أقوامهم من عبادة الطواغيت، قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: 36].
    والمسلم يعلم أن الطاغوت مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد؛ لذلك فإن المسلم يوحد ربه، ويتبرأ من كل ما عبد من دون الله، قال (: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله) [مسلم].
    لذلك فإن خليل الرحمن إبراهيم- عليه السلام- تبرأ مما يعبد قومه من دون الله، وأعلن عداوته لأصنامهم، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون. إلا الذي فطرني فإنه سيهدين} [الزخرف: 26-27].
    تنفيذ أحكام الله: المسلم ينفذ أحكام الله -عز وجل-، فيحل ما أحل الله، ويحرم ما حرم الله بلا زيادة أو نقصان، قال (: (إن الله حدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وترك أشياء من غير نسيان من ربكم ولكن رحمة منه لكم فاقبلوها، ولا تبحثوا عنها) [الحاكم] . فالمسلم يتوقف عند حدود الله -عز وجل-، فيقيم شعائره من صلاة وزكاة وصيام وحج، ولا يتوجه بهذه العبادات إلى غيره -سبحانه-.
    التوكل على الله: المسلم يعلم أن التوكل على الله من تمام التوحيد، قال تعالى: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} [المائدة:32] وقال: {وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً} [الأحزاب: 3]. وهو يعلم كذلك أن التوكل على الله -عز وجل- سبب من أسباب جلب الرزق، قال (: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا)
    [الترمذي والحاكم وابن ماجه وأحمد].
    الخوف من الله: المسلم لا يخاف إلا الله، ولا يخشى غيره؛ لأنه يعلم أن غير الله لا يملك ضرًا ولا نفعًا إلا بمشيئة الله -عز وجل-، قال (: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) [الترمذي] . وقال تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} [آل عمران: 175].
    الاستعانة بالله: المسلم يستعين بالله -عز وجل- ولا يستعين بغيره، فهو يقرأ في كل صلاة: {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة: 5] والرسول ( يوصي ابن عباس فيقول له: (إذا استعنت فاستعن بالله) [الترمذي].
    والمسلم يفرق بين استعانتين؛ استعانة بالله، وهي في الأمور التي لا يصرفها ولا يقدر عليها إلا الله، كطلب الشفاء، واستعانة المسلم بأخيه، وهي في شيء يقدر عليه، وهذا لا حرج فيه.
    مراقبة الله: المسلم يراقب ربه، ويعلم أن الله مطلع عليه ويراه، وسوف يحاسبه على كل شيء، قال تعالى: {وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}
    [الحديد: 4]؛ لذا فهو دائم المراقبة لله، يعبده كأنه يراه، ويتقرب إليه بكل ما يحب ويرضي، ويبتعد عما يغضب الله -عز وجل- هذا هو تحقيق التوحيد الذي أمره الله به، فهو كمال الحب، وكمال الطاعة له -سبحانه-.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:32

    نواقض الإيمان
    الله -عز وجل- جعل للإسلام بابًا يدخل منه الإنسان، وهو الإقرار والتصديق بالشهادتين، فمن دخل من هذا الباب كان مسلمًا، ولا يخرج من الإسلام إلا أن يصدر عنه قول أو عمل أو اعتقاد يناقض إقراره السابق وتصديقه بالشهادتين، ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله: توحيد الله في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته، وأفعاله، وعدم التوجه بالعبادة إلى غيره. ومعنى شهادة أنَّ محمدًا رسول الله: الإقرار والتصديق بكل ما جاء به النبي ( من الشرائع، وما أخبر به من أمور الغيب، والاعتراف له بجميع أخلاق النبوة من أمانة وصدق وعصمة وتبليغ.
    فمن قال قولا أو فعل فعلا يطعن في ربوبية الله، أو في ألوهيته، أو في أسمائه وصفاته، أو طعن في الرسول (، أو في شيء جاء به واتفق عليه الصحابة والتابعون، فقد نقض بذلك إقراره السابق، وخرج من دين الله تعالى.
    نواقض الربوبـية:
    سبق معرفة أن توحيد الربوبية هو اعتقاد المسلم بأن الله هو رب كل شيء ومليكه، وخالق كل شيء، ورازق كل حي، ومدبر كل أمر...، فكل قول أو اعتقاد فيه إنكار لهذه الخصائص التي يختص بها الله -عز وجل- أو بعضها هو من نواقض الإيمان، التي يصبح فاعلها مرتدًا عن دين الله -عز وجل-.
    ويدخل في هذا إنكار الخلق للخالق، أو إسناد الخلق إلى غير الله، كالقول بأن الكون خلق صدفة، أو أن الطبيعة هي الخالقة، والقول بقدم العالم، أو ادعاء الرزق من غير الله، أو إشراك غيره معه في ذلك، أو الادعاء بأن الله قد خلق الخلق وأهملهم، كل ذلك مما يمس ربوبية الله -تعالى-، وكذلك من الكفر أن يدعي شخص لنفسه شيئًا من هذه الخصائص كما ادعى فرعون الربوبية وقال: {أنا ربكم الأعلى} [النازعات: 24].وكذلك يكفر كل من صدقه في هذه الدعوى وآمن به.
    نواقض الألوهية:
    وتوحيد الألوهية هو أن يعتقد المسلم بأن الله هو المعبود بحق وأن غيره لا يستحق أي شيء من هذه العبادة، فمن قال قولا، أو فعل فعلا، أو اعتقد اعتقادًا يتضمن إنكار هذا الحق لله -عز وجل-، فقد كفر وارتد عن دين الله. وخروج الناس وارتدادهم عن دين الله -عز وجل- كثيرًا ما يرجع إلى هذا النوع، فإن أكثر الناس في الماضي والحاضر يعترفون لله بربوبيته وخلقه ورزقه وتدبيره، قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولون الله فأني يؤفكون} [الزخرف: 87].
    ولكنهم أنكروا استحقاق الله للعبادة وانفراده بها فكانوا من الكافرين، لذلك جعل الله -عز وجل- توحيده في عبادته موضع امتحان لعباده، فمن نفى استحقاق الله العبادة، وأثبت استحقاق العبادة لأي مخلوق من مخلوقات الله -عز وجل-، فقد خرج من دين الله وارتد، فكل قول أو فعل أو اعتقاد يتضمن أحد هذين الأمرين يدخل صاحبه في الكفر والردة.
    فمن نفى بقول أو عمل أو اعتقاد استحقاق الله لهذه المعاني كفر، فيكفر من قال أو اعتقد أن الله سبحانه لا يخشى أو لا يستعان به...، ويكفر من سخر أو استخف بعبادة من العبادات كالصلاة والصوم والزكاة والطواف، أو أي فعل أو قول يعده الشارع عبادة، ويكفر من نفى استحقاق البارئ -عز وجل- لهذه العبادات، وكذلك يكفر من أنكر استحقاقه للطاعة ولم يمتثل أمره ويجتنب نهيه، وكذلك يكفر من ادَّعى أن شرع الله -عز وجل- لا يصلح في زمن معين أو لا يستحق الامتثال أو التطبيق، لأن الأمر والحكم والتشريع من خصائص الألوهية، {إن الحكم إلا لله} [يوسف: 40]، {فالحكم لله العلي الكبير} [غافر: 12].
    ويكفر كل من أثبت شيئًا من هذه العبادات لغير الله، فيكفر من ادعى لنفسه استحقاقه لتلك العبادات، أو أمر الناس بممارستها من أجله، ويكفر كل من صدقه في ذلك، وكذلك من أحب أن يعبد من دون الله، كمن أحب أن يسْجَد له، أو يرْكَع له، أو يتَوَكَّل عليه، أو غير ذلك من المعاني التي لا ينبغي التوجه بها إلا إلى الخالق وحده.
    وكذلك من ادعى لنفسه الحق في تشريع لم يأذن به الله، فيدعي لنفسه تحليل الحرام، وتحريم الحلال، ومن ذلك وضع القوانين التي تبيح الزنى والربا وغيرهما من الجرائم التي جعل الله -عز وجل- لها عقوبات محددة في كتابه أو في سنة الرسول (.
    نواقض الأسماء والصفات:
    توحيد الله في أسمائه وصفاته يتضمن إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ( من صفات الكمال والجلال، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله من صفات النقصان، وعلى ذلك يكون من نفى شيئًا مما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ( كمن نفى قدرة الله، أو قيوميته أو بصره أو استواءه أو علمه أو كلامه، وغير ذلك مما هو ثابت لله في القرآن وفي السنة فقد كفر، ويدخل في ذلك من أنقص من صفات كمال الله -عز وجل-، كمن قال -مثلا-: إن الله عليم، ولكنه علم إجمالي، وأنه سبحانه لا يعلم بالجزئيات والتفصيلات.
    وكذلك من شبه صفات الله بصفات المخلوقين، كمن ادعى أن الله يبصر كما يبصر البشر، أو يسمع كسمع البشر، أو يتكلم ككلام البشر، وفي ذلك قدح فيما نفاه الله-عز وجل- عن نفسه من صفات النقصان، وكذلك يكفر من أثبت
    لله -عز وجل- أية صفة نفاها سبحانه عن نفسه أو نفاها عنه الرسول (، كمن أثبت لله الصاحبة أو الولد أو البنات، أوْمن أثبت لله النوم أو الموت أو الغفلة، وكل هذه النواقص لا تجوز في حق الله -تعالى-، وكذلك يكفر كل من ادعى لنفسه صفة من صفات الله، أو أثبت هذه الصفة لأي مخلوق، كقول من قال: عندي من الحكمة كما عند الله. أو قال: أنا أعلم كعلم الله. فيكفر من قال ذلك، وكذلك يكفر من يصدقه في دعواه.
    الطعن في الرسالة:
    الطعن في الرسالة وإنكار بعض ما أخبر به الرسول ( من نواقض الإيمان، فالمسلم يصدق بكل ما ثبت عن النبي (، ويعلم أن الله اصطفى نبيه محمدًا وزينه بكل الصفات التي تمكنه من أداء الرسالة وتبليغها على أكمل وجه، وهذا معنى شهادة أن محمدًا رسول الله. فيكفر كل من قال قولا أو اعتقد اعتقادًا أو فعل فعلا يتضمن الطعن في الرسالة أو في صاحبها (، فيكفر كل من طعن في صدق النبي وأمانته، أو صلاح عقله، أو عفته، كذلك يكفر من استهزأ بفعل من أفعال الرسول الثابتة عنه، كذلك يكفر من أنكر شيئًا من القرآن، لأنه مما أخبر به الرسول (، فمن أنكره فقد كذب الرسول (، ويكفر كل من أنكر أمرًا من الأمور التي أخبر عنها الرسول (، وثبتت عنه كالميزان والبعث والحساب والصراط والجنة والنار، وغير ذلك من المغيبات.
    إنكار أحكام القرآن والسنة:
    كذلك يكفر كل من أنكر حكمًا من الأحكام الثابتة في القرآن أو السنة، فيكفر من أنكر حرمة الزنى أو شرب الخمر أو السرقة، ويكفر كل من أنكر فريضة الزكاة أو الصلاة، أو من ادعى زيادة ركعة في إحدى الصلوات، أو من أجاز الصلاة بدون وضوء، ونحو ذلك. ولكن لا يكفر من أنكر حكمًا مُجْتَهَدًا فيه وليس مُجْمَعًا عليه، أو أنكر شيئًا ليس مُشْتَهَرًا من الدين ولا يعلمه إلا
    خاصة العلماء.
    ويكفر من أنكر نبوة أو رسالة من أثبت القرآن لهم النبوة أو الرسالة، وكذلك من ادعى النبوة بعد النبي (، ويكفر من أنكر إرسال الرسل قبل محمد (، أو جحد ما ذكره الله -عز وجل- من قصصهم مع أقوامهم، ويكفر من أنكر شيئًا جاء به القرآن وأثبته كالجن والملائكة والعرش واللوح والقلم، وكذلك يكفر من طعن في رسول من رسل الله، وأنكر رسالته أو نبوته، وكذلك يكفر من أنكر إعجاز القرآن الكريم لأن ذلك ثابت بإخبار
    الله -عز وجل-.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:34

    البراءة من الشرك
    كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يركب خلف النبي ( على دابة، فسأله الرسول (: (يا معاذ، هل تدري ما حق الله على عباده؟ وما حق العباد على الله؟). فقال معاذ: الله ورسوله أعلم. قال: (فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئًا) [متفق عليه].
    فبين الرسول ( حق الله -عز وجل- على عباده، وهو أن يوحدوه في العبادة، فيصلون له ويدعونه ويرجونه ويصومون له، ويذبحون له وحده، ويصفونه بصفات الكمال وحده، وينزهونه عن صفات النقص وحده، فهذا هو توحيد الله -عز وجل-، فإن دعا الإنسان إلهًا آخر، أو صلى لله وصلى لغيره، أو ذبح لله وذبح لغيره، أو حج لله وحج لغيره، فقد أشرك بالله -عز وجل-، أي جعل العبادة شركة بين الله وغيره.
    والشرك لا ينفع عند الله، فمن عبد الله وعبد معه غيره، لم تنفع عبادته، وأصبح من المشركين، والشرك من أقبح الذنوب، ومن أعظم الظلم الذي لا يغفره
    الله -عز وجل-، وإذا مات الإنسان على ذلك كان خالدًا مخلدًا في النار، قال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48].
    لذلك فإن الرسول ( يحذر الناس من الشرك فيقول: (من مات وهو يدعو من دون الله ندًا (شريكًا) دخل النار) [البخاري].
    والله -عز وجل- جعل غفران الذنوب جميعًا ما عدا الشرك في مشيئته، إن شاء عذب صاحبها، وإن شاء غفرها له، كما قال في حديثه القدسي: (يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة) [الترمذي].
    والرسول ( أخبر عن الشرك بأنه أعظم الذنوب، عندما سأله عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: (أن تجعل لله ندًا وهو خلقك) [متفق عليه]. وعندما سئل ( عن الموجبتين -أي اللتين توجبان الجنة والنار-، قال: (من مات لا يشرك بالله شيئًا، دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئًا، دخل النار) [مسلم].
    الشرك نوعان
    أولا: الشرك الأكبر:
    أن يجعل الإنسان لله شريكًا في أنواع العبادة أو بعضها، وهذا شرك أكبر وهذا لا يغفره الله -عز وجل- إن مات الإنسان عليه ولم يتب منه، وهو خالد في النار، محرم عليه الجنة، قال تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} [المائدة: 72].
    وقال: {ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدًا} [النساء: 116].
    وقال تعالى مخاطبًا نبيه محمدًا (: {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين. بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} [الزمر: 65-66].
    صور الشرك الأكبر:
    1- شرك الدعاء: ومن ذلك دعاء الموتى، وطلب النفع والشفاء منهم، والاستغاثة بهم في تفريج الكربات، وإزالة العقبات، والمسلم يعلم أن الدعاء من العبادة، لقول الرسول (: (الدعاء هو العبادة) [الترمذي] . ويعلم أنه إذا دعا المسلم هؤلاء المقبورين مع الله -عز وجل- فقد جعل لله ندًا وشريكًا.
    والمسلم يعلم أن هذا من الشرك وهو أول ضلال البشرية وبُعْدها عن منهج الله، حدث ذلك في قوم نوح الذين عظموا الصالحين منهم، بعد موتهم، ولما بَعُدَ الزمن دعوهم وعبدوهم من دون الله، فلما دعاهم نوح إلى عبادة الله قالوا: {لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودًا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا} [نوح: 23].
    وكذلك كان الحال في مشركي قريش الذين كانوا يعبدون الأصنام ظنًا منهم أنها تقربهم إلى الله، فقالوا: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر: 3].
    واتبع الجهلاء طريق المشركين فاستغاثوا بالموتى، وطلبوا منهم النصر وجعلوهم وسائط بينهم وبين ربهم، ونسوا أن الله -عز وجل- أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد. قال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب} [البقرة: 186]، وباب الله -عز وجل- مفتوح ليس عليه حاجب، فلو عقل هؤلاء لدعوا الله مباشرة، ولم يشركوا به أحدًا.
    2- شرك النية والقصد: وهو توجه العبد بالعبادة لغير الله -عز وجل-، قال تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون. أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون} [هود: 15-16].
    والمسلم يعلم أن إخلاص النية شرط لقبول العمل، قال الله -عز وجل- في حديثه القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) [مسلم].
    والله -عز وجل-يقول: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا} [الكهف: 110].
    لذلك فإن المسلم يخلص العبادة لله -عز وجل-، ولا يبتغي بها إلا وجه
    الله -تعالى-: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة: 5].
    وقال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 162-163].
    3- شرك الطاعة: ومعناه أن يتخذ الإنسان غير الله مشرعًا، ويرضى بحكمه أو يعتقد أن حكم غير الله أصح من حكم الله، أو يأخذ ببعض حكم الله ويترك بعضه، أو يطيع الإنسان فردًا أو جماعة في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله بما يضعونه من قوانين ومناهج مخالفة لشرع الله -عز وجل- كمن أحل الزنى أو شرب الخمر أو السرقة مما هو ثابت الحرمة.
    ولقد حكم الله على أهل الكتاب بالشرك، لأنهم أطاعوا الرهبان فيما حرم الله، فجعل طاعتهم فيما حرم الله عبادة لهم، ووضح الرسول ( هذا المعنى لعدي بن حاتم -رضي الله عنه- وكان نصرانيا فأسلم، ودخل على الرسول ( وهو يتلو: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} [التوبة: 31]. فقال عدي: ما عبدوهم يا رسول الله. فقال النبي (: (بلى، إنهم حرموا عليهم الحرام، وأحلوا لهم الحلال، فاتَّبعوهم، فذلك عبادتهم إيَّاهم) [الترمذي وأحمد].
    والله -عز وجل- نهى المسلمين عن أكل الميتة التي ماتت أو ذبحت بدون أن يذكر اسم الله عليها، وعندما جاء المشركون يجادلون المسلمين، وأمروهم باستحلال الميتة التي حرمها الله، بين الله أن طاعة المشركين في تحليل ما حرمه شرك بالله -عز وجل-، قال تعالى: {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} [الأنعام: 121].
    * ومن الشرك الأكبر شرك المحبة. قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله} [البقرة: 165].


    ثانيا: الشرك الأصغر:
    الشرك الأصغر، وهو ما يخشى على مرتكبه أن يموت كافرًا إذا لم يتداركه الله بعفوه ورحمته ويتوب منه قبل موته.
    صور الشرك الأصغر:
    1- الحلف بغير الله: كالأب أو الأم أو الولي أو الوطن أو بغير ذلك مما يستعمله بعض الناس، فيجب على المسلم أن يبتعد عنه.
    والمسلم يمتثل لأمر الرسول (، فقد سمع الرسول ( عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه، فقال: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت) [مسلم]. وقال: (من كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله) [مسلم].
    وسمع ابن عمر -رضي الله عنهما- رجلاً يقول: لا والكعبة. فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله ( يقول: (من حلف بغير الله، فقد كفر، أو أشرك) [الترمذي والنسائي]
    وأمر ( من كان يحلف بالكعبة أن يقول: ورب الكعبة، فقال (: (إذا حلفت بالكعبة فاحلف بربِّ الكعبة) [أحمد].
    وإذا حلف المسلم بغير الله كالأمانة أو الكعبة أو غير ذلك، فسرعان ما يتذكر ما أرشده إليه الرسول ( ليكفر عن ذلك: (مَنْ حَلِفَ منكم فقال في حلفه باللات، فليقل: لا إله إلا الله) [مسلم].
    2- قول ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، ولولا الله وفلان: فقد سمع الرسول ( رجلا قال له: ما شاء الله وشئت. فقال له: (أجعلتني لله ندًا؟ بل ما شاء الله وحده) [أحمد]. وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي ( قال: (لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان) [أبو داود] ؛ لأن في حالة العطف بـ (ثم) تكون مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، أما في حالة العطف بالواو تكون مشيئة العبد مثل مشيئة الله، وهذا لا يجوز.
    3- الرياء: وقد فسر الرسول ( الشرك الأصغر بالرياء، وهو لا يخرج من الملة، ولكنه ينقص ثواب العمل، وقد يحبطه إذا زاد، قال (: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر). قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: (الرياء، يقول الله تعالى يوم القيامة، إذا جازى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟!)
    [أحمد والطبراني والبيهقي].
    وعن أنس قال: قال رسول الله (: (تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله -عز وجل- يوم القيامة في صحف مختمة، فيقول الله: ألقوا هذا، واقبلوا هذا. فتقول الملائكة: يا رب، والله ما رأينا منه إلا خيرًا. فيقول: إن عمله كان لغير وجهي، ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به وجهي) [البزار].
    وهذا الرياء إذا تعلق بالعمل فإنه يبطله، فقد جاء رجل إلى النبي ( فقال: الرجل يقاتل للمغنم (من أجل المال)، والرجل يقاتل للذِّكْر (من أجل الشهرة)، والرجل يقاتل ليري مكانه، فمن في سبيل الله؟ فقال (: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله) [متفق عليه].
    4- لبس الحلقة والخيط والتمائم: من الشرك إذا اعتمد عليها الإنسان في دفع الضر أو طلب النفع؛ لأنه يصبح متوكلا على غير الله -عز وجل-. قال تعالى: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير} [الأنعام: 17].
    وقال (: (من علَّق تميمة فقد أشرك) [أحمد والحاكم]. وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن النبي ( رأي رجلا في يده حلقة من صُفْر(نحاس)، فقال: (ما هذه الحلقة؟) قال: هذه من الواهنة، فقال: (انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنًا) [ابن ماجه].
    وذات مرة عاد حذيفة بن اليمان مريضًا، فوجد في يده خيطًا يستعيذ به من الحمى، فقطعه، وتلا قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 106].
    5- الطِّيرَة: وهي التشاؤم عند رؤية بعض الأشياء أو سماع بعض الأصوات، وهي من أفعال المشركين، وكان بنو إسرائيل إذا أصابهم خير قالوا نحن أحق به، وإذا أصابهم شر تشاءموا من موسى ومن معه من المؤمنين، ولقد نهى الرسول ( عن التشاؤم، فقال (: (لا عدوى ولا طِيَرة)
    [متفق عليه].
    وقد بين الرسول ( أنه من رده تشاؤمه عن حاجته التي عزم عليها فقد أشرك، فقال: (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك). قالوا: فما كفارة ذلك؟ قال: (أن تقول: اللهم لا خير إلا خيرُك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك) [أحمد]. وقال: (الطِّيرَة شِرك) [أبوداود والترمذي وصححه]. وحث الرسول ( على الفأل الحسن، فقال في الحديث: (... ويعجبني الفأل)، قالوا: وما الفأل؟ قال: (كلمة طيبة) [متفق عليه].
    والمسلم إذا عزم على شيء فإنه يتوكل على الله ويمضي لما أراد، لأنه يعلم حقيقة قوله تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق: 3]. والتفاؤل وحسن التوكل على الله يعينان المسلم على قضاء حوائجه، ويبعده عن الشرك.
    6- الرقى الممنوعة: ومن صور الشرك التي ينبغي للمسلم أن يحذرها الرقي الممنوعة، وهي التي لا تكون مفهومة المعاني، ولا تكون من الكتاب أو السنة، ولكنها وساوس الشيطان، وهي ما كان فيها استعانة بغير الله -تعالى-، وهو ما كان يفعله أهل الجاهلية معتقدين أنها تدفع الضر، فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك، وقد ورد عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه رأى في عنق زوجته خيطًا، فسألها: ما هذا الخيط؟ قالت: خيط رُقِي لي فيه. فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبدالله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله ( يقول: (إن الرقى والتمائم والتِّوَلَة شرك) [أبو داود وابن ماجه].
    أما الرقية المشروعة فهي ما كانت بالقرآن أو السنة أو بأسماء الله وصفاته، وكانت مفهومة المعنى، حتى يعرف ما بها من شرك -إن وجد-، أي تكون باللغة العربية إذا كان المرء عربيًّا، أو يفهم العربية، وأن يعتقد الراقي أنها لا تؤثر بذاتها، إنما تؤثر بتقدير الله.
    7- الاستعاذة بغير الله: بين الله -عز وجل- ضرر الالتجاء إلى غيره كما كان يفعل أهل الجاهلية، فكانوا يستعيذون بالجن ويدعونهم لدفع الضر عنهم، فرد الله عليهم وقال: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقًا} [الجن: 6].
    * الاستغاثة بغير الله ودعاء غيره ومعناها طلب النصرة من غير الله -عز وجل- لإزالة الشدة والبلاء، وهذا نوع من الشرك إذا اعتقد المستغيث قدرة المستغاث به -من دون الله- على فعل ذلك، وينفي عنه الاستغاثة بالله سبحانه، لأن الاستغاثة عبادة لله، وهي من الدعاء، والعبادة لا تكون إلا لله، وهو سبحانه القادر على رفع الضر وعلى إغاثة من يستغيث، قال تعالى: {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض} [النمل: 62]. والمسلم لا يستعين ولا يستغيث إلا بالله، ولا يدعو غير الله -عز وجل- لأنه يعلم أن الدعاء من العبادة، قال الله -عز وجل-: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60].
    وقال (: (الدعاء هو العبادة) [الترمذي وابن ماجه].
    9- النذر لغير الله: والنذر عبادة لله لا يجوز صرفها لغير الله، ومن صرفها لغير الله؛ فقد أشرك بالله -تعالى-، والله -عز وجل- وصف المؤمنين فقال: {يوفون بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرًا} [الإنسان: 7].
    وقال: {وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه} [البقرة: 270].
    ومن صور النذر التي لا يرضى عنها الله -عز وجل- ولا التي تليق بالمسلم: النذر لأصحاب القبور، فيذهب بعض الناس إلى مقبرة أحد الصالحين، ويقول: لو قضيت حاجتي فلك كذا، وكذا. فهذا نذر باطل، يحرم الوفاء به؛ لأنه معصية لله. قال (: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه) [البخاري وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه].
    10- الذبح لغير الله: كان المشركون يتقربون بالذبائح لغير الله، ولما جاء الإسلام أبطل هذا السلوك، وأوضح أن الذبح عبادة لا ينبغي التوجه بها لغير الله، ومن اتجه بعبادته لغير الله فقد أشرك، وحرم الله -عز وجل- أكل الشيء المذبوح لغير الله. قال تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به}
    [المائدة: 3]. وقال: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: 2]. وقال: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 162-163].
    وقال (: (لعن الله من ذبح لغير الله) [مسلم والنسائي وأحمد].
    وقال: (دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب). قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال: (مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب إليه شيئًا، فقالوا لأحدهما: قرِّب. قال: ليس عندي شيء أقرب. قالوا له: قرِّب ولو ذبابًا. فقرَّب، فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئًا دون الله -عز وجل- فضربوا عنقه، فدخل الجنة) [أحمد].
    ومن حرص الإسلام على التوحيد والبعد عن الشرك، وسد المنافذ التي توصل إليه، أمر ألا يذبح لله في مكان يذبح فيه لغيره، فقد نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة (موضع أسفل الكعبة)، فسأل النبي (، فقال: (هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟) قالوا: لا. قال: (فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟) قالوا: لا. فقال الرسول (: (أوفِ بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم) [أبو داود].
    11- إتيان الكهنة والعرافين: وهم الذين يدعون علم الغيب عن طريق الاتصال بالجن، أو بطرق أخرى، منها قراءة الفنجان، أو بالخط في الرمل، أو فتح أوراق اللعب، قال (: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) [مسلم]. وقال: (من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه، فقد كفر بما أُنزل على محمد) [أحمد والحاكم].
    والمسلم يعلم أن الغيب لا يعلمه إلا الله، ولا يطلع عليه أحد إلا من ارتضى، قال تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} [الأنعام: 59]. وقال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا. إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} [الجن: 26-27]. والجن أنفسهم لا يعلمون الغيب، قال تعالى: {فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} [سبأ: 14]. حتى النبي ( لا يعلم الغيب، {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} [الأْعراف: 188].
    12- السحر: وهو نوع من التخييل، واختلف الفقهاء فيمن يتعلم السحر ويستعمله، فقالوا يكفر، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد ومالك، ولكن الشافعي
    وابن حزم وآخرين ذهبوا إلى خلاف ذلك، فلم يكفروا الساحر لسحره إلا أن يستحل السحر، فالسحر عندهم أحد الموبقات السبع وهو غير الشرك، وهو أرجح.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:35


    --------------------------------------------------------------------------------

    الإيمان بالقضاء والقدر
    قام فرعون من نومه فزعًا؛ لأنه قد رأى في منامه ذهاب ملكه على يد مولود يولد من بني إسرائيل، وفي نفس اللحظة، أصدر فرعون أوامره بقتل كل مولود ذكر. علمت أم موسى بالخبر، فضمت ابنها (موسى) بين أحضانها، ودموعها تنساب على خديها، ماذا تفعل والموت يحيط بوليدها؟ لكن الله -عز وجل- قد تكفل برعايته، فأوحى إليها أن تضعه في صندوق وتلقيه في ماء النيل، وأوحى إلى الماء أن يحمل موسى إلى قصر فرعون. وعندما رآه جنود فرعون أخذوه، فألقى الله محبته في قلب امرأة فرعون، فصاحت في الجنود: لا تقتلوه. ونفذ قضاء الله وقدره، وكان بيت فرعون هو النجاة لموسى من خطر فرعون، قال تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون} [يـس: 82].
    الإيمان بالقدر:
    الناس في الخلق متفاوتون، هذا طويل، وهذا قصير، وهذا جميل، وهذا قبيح، وهذا قدر الله -عز وجل- في خلقه. والمسلم يؤمن بقضاء الله وقدره، فلا يحتقر نعمة أنعم الله بها عليه، ولا يتمنى ما عند الآخرين، بل يكون راضيًا بقضاء الله وقدره، لأن هذا ركن من أركان إسلامه الذي لا يتحقق إلا به.
    قال رسول الله (: (حاج (جادل) موسى آدم، فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال: قال آدم: يا موسى، أنت اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر كتبه الله على قبل أن يخلقني، أو قدَّره على قبل أن يخلقني؟) قال رسول الله (: (فحج آدم موسى) [البخاري].
    والمسلم يعلم أن القدر حق، والإيمان به واجب، بل هو ركن مهم من أركان العقيدة، ولا يكتمل إيمان المرء إلا به، فقد جاء في جواب الرسول ( على جبريل حينما سأله عن الإيمان: (... وأن تؤمن بالقدر خيره وشره، حلوه ومره) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن أن القدر هو ما قدره الله -عز وجل-، فالله -عز وجل- خلق الناس وهو يعلم ما يعملون، قال تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [الصافات: 96]، والله -سبحانه- بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، وبيده ملكوت السموات والأرض. قال تعالى: {إن الأمر كله لله}
    [آل عمران: 154]، وقال سبحانه: {وإليه يرجع الأمر كله} [هود: 132].
    والمسلم يعلم أن الإيمان بالقدر يربطه برب هذا الوجود وخالقه ومقدر أمره، فهذا الوجود يسير وفق حكمة عليا وإرادة مختارة، مما يعطي المسلم قوة باعثة على النشاط والعمل الإيجابي والتعامل مع هذا الكون بنفس راضية مطمئنة.
    قال تعالى: {والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون. وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين. وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} [الحجر: 19-21].
    والمسلم يعلم أن إيمانه بقدر الله -تعالى- مستمد من إيمانه بصفات الله العلى، وأسمائه الحسنى، ومنها: العلم، والقدرة، والإرادة، فهو سبحانه: {بكل شيء عليم} [الحديد: 3] {وهو على كل شيء قدير} [الحديد: 2]، وهو سبحانه: {فعال لما يريد} [البروج: 16].
    والمسلم يؤمن بقضاء الله -عز وجل-، وأنه إرادة الله -عز وجل- قضاها في الأزل (في القِدم)، بمعنى أن كل شيء يحدث الآن، إنما يقع ويحدث وفق إرادة الله -عز وجل- وقدره. قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} [الحديد: 22].
    وقال: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} [التوبة: 51].
    والمسلم يؤمن أن وقوع الإرادة أو قضاء الله -عز وجل- وتحققها بالهيئة التي قضاها الله، هو قدر الله -عز وجل-، ونضرب على ذلك مثلا: الله سبحانه قضى أن البذرة إذا كانت صالحة، ووضعت في الأرض، ورويت بالماء، تنبت بإذن الله، فإذا وضعت في الأرض، ورويت بالماء، وأنبتت، فهذا قدر
    الله -عز وجل- وكذلك قضى الله -عز وجل- أن النار تحرق ما يقع فيها، فهذا قضاء من الله -تعالى-، فإذا وقع فيها شيء واحترق، فهو قدر.
    مراتب القدر:
    والمسلم يؤمن أن للقدر مراتب هي:
    * المرتبة الأولى:
    مرتبة العلم والإرادة، فالمسلم يعلم أن الله بكل شيء عليم، فعلمه سبحانه أحاط بكل شيء، كل ما كان في الماضي، وكائن في الحاضر، أو ما سيكون في المستقبل، فعلم جميع أحوال العباد من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، يقول الله تعالى: {والله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا} [الطلاق: 12].
    * المرتبة الثانية:
    والمسلم يؤمن أن ما أراده الله وقدره وعلمه أزلا قد كتبه في اللوح المحفوظ؛ أي أن الله -عز وجل- علم ما يعمله العباد، ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة، قال تعالى: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} [الحج: 70]، والرسول ( يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) [مسلم والترمذي].
    *المرتبة الثالثة:
    هي مشيئة الله النافذة، وقدرته الشاملة، فهو سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في ملكه إلا ما يريد، فإذا قضى الله -عز وجل- اليسر لعبده، يسر له ذلك، قال تعالى: {فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى. فسنيسره للعسرى}
    [الليل: 5-10].
    فالمسلم يؤمن بمشيئة الله -عز وجل-، وكذا بمشيئة العبد، إلا أن مشيئة العبد مرتبطة بمشيئة الله، فالله -عز وجل- خلق العباد وأفعالهم، والعباد فاعلون حقيقة، ولهم القدرة على أعمالهم، ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، قال تعالى: {والله خلقكم وما تعملون} [الصافات: 96].
    والمسلم يعلم أن الله علم أعمال العباد بعلمه الأزلي، ثم كتب ذلك في كتاب عنده وهو اللوح المحفوظ لما شاء الله وأراد، ثم وقعت هذه الأفعال وفق قضاء الله وقدرته وخلقه وعلمه بهذه الأفعال.
    حكمة القدر:
    والمسلم لا يسأل عن الحكمة من القضاء والقدر، لأن ذلك من الأمور التي اختص الله بها نفسه، فهو سبحانه مالك هذا الكون وخالقه والمتصرف فيه، وله الحق -سبحانه- أن يفعل فيه ما يشاء، ولا يسأل سبحانه عن ذلك، قال تعالى: {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} [الأنبياء: 23].
    والمسلم لا يعترض على قضاء الله وقدره، إن كان فقيرًا أو ضعيفًا؛ لأنه يعلم أن الفقر والغني والقوة والضعف إنما هي من قضاء الله، يختص الله بها من يشاء من عباده، والمسلم يعلم أن إيمانه بالقدر يجعله ينطلق في الأرض؛ ليتعرف على سنن الله وقوانينه، ويعمل على تعمير الأرض وبنائها، فيكون إيمانه بالقدر باعثًا له على النشاط والعمل، فإن كان النجاح فهو بقدر الله -عز وجل-، وإن فشل لا يجزع، بل يصبر ويعلم أنه قدر الله، قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور} [الحديد: 22-23].
    والمسلم يعلم أن ما قدر له يكون، وما لم يقدر له لا يكون أبدًا، قال رسول الله (: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعنْ بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) [مسلم].
    والمسلم يؤمن أن ما يحدث له يقع بالكيفية التي قدرها الله -عز وجل-، فأمره سبحانه بين الكاف والنون. قال تعالى: {إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون} [آل عمران: 47].
    لذلك يوصي الرسول ( ابن عباس -رضي الله عنهما- فيقول: (.. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) [الترمذي].
    إرادة الله وإرادة البشر:
    والمسلم يؤمن أن الله -عز وجل- قدَّر أمورًا كثيرة تحدث للخلق حسب إرادة الله ومشيئته، وأنها تحدث لهم طوعًا أو كرهًا، رضوا بها أم لم يرضوا، كمولد الإنسان، وساعة وفاته، وجنسه، وذكائه وطوله وقصره، وجماله وقبحه، وأبيه وأمه...، فهذه الأشياء لا دخل للإنسان في تقديرها، ولكنه يرضى بما اختاره الله سبحانه له، فقال تعالى: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون} [القصص: 68].
    وكذلك المؤمن يصبر على قضاء الله وقدره، إن كان في مصيبة كالموت أو المرض؛ لأنه يعلم أن ذلك تخفيف عنه يوم القيامة وتطهير له من السيئات. قال تعالى: {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم} [يونس: 107].
    وكذا يؤمن بما يحدث في الكون من حوله، وأنه لا دخل لإرادة الإنسان فيه، فتكوين السحاب، ونزول المطر، وحدوث البرق والرعد... إلخ، هذا قدر لا دخل للإنسان فيه، فهذا النوع من القدر يجب على المسلم الإيمان والرضا به، لأنه يقع وفق إرادة الله ومشيئته. وهذا إبراهيم- عليه السلام- يؤمن بمشيئة الله الكونية، وكيف لا يؤمن بها وهو إمام الموحدين؟! فيلقي حجته قاطعة مبرهنة على صدقه أمام الملك الذي أنكر وجود الله، فقال إبراهيم: {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب} [البقرة: 258].
    علم إبراهيم أنها إرادة الله وحده، وهذا الكافر ينكر وجود الله، فأمره
    إبراهيم -عليه السلام- أن يأتي بالشمس من المغرب فماذا حدث؟ قال تعالى: {فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين} [البقرة: 258].
    والمسلم يؤمن أن كل إنسان له إرادة، يفعل بها ما يشاء، ويترك ما يشاء، كالقيام والجلوس والكلام والأكل والشرب والحركة... ونحوها، فكل هذه الأعمال من المشيئة التي جعلها الله في الإنسان، وإن كانت تابعة لمشيئة الله -عز وجل-، لأن الله خالق الإنسان وخالق مشيئته وقدرته. قال تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين} [التكوير: 29].
    المسلم يعلم أنه لا يفهم من ذلك أن الله أجبر العباد على أفعالهم، ثم يحاسبهم عليها بعد ذلك؛ لأن هذا لا يستقيم مع ما يؤمن المسلم به من عدل
    الله -سبحانه وتعالى-، الذي لا يظلم الناس شيئًا، فمن المعروف أن
    الله -عز وجل- خلق طريقين، طريق الهداية وطريق الضلالة، وشاء -سبحانه- أن يختار الإنسان أحد الطريقين، بعد أن بين للإنسان طريق الخير وطريق الشر، قال تعالى: {وهديناه النجدين} [البلد: 10] وأمر الناس أن يسيروا في الطريق المستقيم، ووعدهم الثواب العظيم إن ساروا على نهج الله، وحذرهم من الكفر والضلال، وأوعدهم بالعقاب الشديد على ذلك.
    والله -سبحانه- يحب لعباده أن يسلكوا سبيل الخير والإيمان، ولا يرضى لعباده الغواية والضلال، قال تعالى: {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} [الزمر: 7].

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:38

    والمسلم يعلم أن الله قد بين للإنسان طريق الهدى، وأرسل له الرسل، وأنزل معهم الكتب ليدعوا الناس إلى الإيمان بالله -عز وجل- وطاعته، ويحذرهم من الانحراف عن طريق الله المستقيم، قال تعالى: {وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} [الكهف: 29]. وقال سبحانه: {إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا} [الإنسان: 3].
    ويحكي القرآن ما كان من قوم ثمود الذين استحبوا طريق الضلال على طريق الله المستقيم، فيقول: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى}
    [فصلت: 17]. فقد بين الله لهم الطريق المستقيم، ولكنهم لم يسلكوه واتبعوا الشيطان.
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- قدَّر الأرزاق والآجال أزلا، فلن تموت نفس حتى تستكمل رزقها. قال الله تعالى:{وفي السماء رزقكم وما توعدون. فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} [الذاريات: 22-23].
    وقال (: (لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها)
    [الحاكم وابن أبي الدنيا]. والمسلم يطمئن قلبه عندما يعلم ذلك، ويقول كما قال الحسن البصري -رحمه الله-: علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي.
    والمسلم لا يتواكل (يتكاسل وينتظر الرزق)، لكنه يأخذ بالأسباب التي تأتي بالرزق، فهذا من قدر الله -عز وجل- ولو أنه أخذ بالأسباب وتوكل على الله، لرزقه الله رزقًا كثيرًا، قال (: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا) [الترمذي].
    والمسلم يؤمن أن أجله ونهاية عمره بيد الله -عز وجل-، لا يستطيع أحد أن يؤخر أو يقدم في ذلك شيئًا، وأنه لن تموت نفس قبل أن تستوفي أجلها، يقول الله -تعالى-: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلاً}
    [آل عمران: 145].
    وقالت السيدة أم حبيبة زوج رسول الله (: (اللهم أمتعني بزوجي رسول الله (، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية. (تقصد أن يطيل الله عمرها وأعمارهم حتى يتمتع كل بالآخر)، فقال رسول الله (: (قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئًا قبل حِلِّه، أو يؤخر شيئًا عن حِلِّه، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرًا وأفضل) [مسلم].
    ترك التنازع في القدر:
    والمسلم يؤمن أن القدر سر من أسرار الله -عز وجل-، فهو يؤمن بما ينجيه عند ملاقاة الله -عز وجل-، فهو يؤمن بأن الله عليم بكل شيء، منزه عن الظلم، فهو سبحانه عادل لا يظلم الناس شيئًا، وهو سبحانه منزه عن العبث، له حكمة في كل ما يفعل، وإن خفيت علينا هذه الحكمة، لذا فهو يؤمن بترك التنازع في القدر، بل يسلم بكل ما قدر له، ويتمثل حديث رسول الله (: (إذا ذكر القدر فأمسكوا) [الطبراني].
    ولقد حذرنا الرسول ( من التنازع والخوض في القدر، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: خرج علينا رسول الله ( ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتى احمر وجهه، حتى كأنما فقئ في وجنتيه الرمان، فقال: (أبهذا أمرتم؟ أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر؟ عزمت عليكم أن لا تتنازعوا فيه) [الترمذي].
    وفي رواية، فقال لهم: (ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض، بهذا هلك من كان قبلكم) [أحمد].
    فالمسلم يترك التنازع في القدر، ويعلم أن كل شيء يحدث له إنما هو مقدر ومحسوب عند الله -تعالى-، كما قال (: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه) [ابن ماجه].
    المسلم لا يحتج بالقدر على فعل معصية، فقد أُتي بسارق إلى أمير المؤمنين
    عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فسأله عمر: لم سرقت؟ فقال: قدر الله ذلك. فقال عمر -رضي الله عنه-: اضربوه ثلاثين سوطًا، ثم اقطعوا يده) فقيل له: ولِمَ؟ فقال: يقطع لسرقته، ويضرب لكذبه على الله.
    فنجد أن هذا الرجل احتج بالقدر على معصية الله، فأمر أمير المؤمنين
    عمر -رضي الله عنه- بجلده ثلاثين جلدة، بالإضافة إلى قطع يده تعذيرًا له، لأنه كذب على الله، فعلى الإنسان أن يؤمن أن كل شيء يحدث له أو منه إنما هو معلوم لله، ومسجل في كتاب القدر، ولابد أن يقع كما علمه الله تعالى وسجله في كتاب القدر من قبل، لكن الله لم يطلع الناس على كتاب القدر.
    لذلك على الإنسان أن يتخذ قراراته بإرادة كاملة ومشيئة تامة بأن يفعل أو لا يفعل، وهو مسئول عن ذلك مسئولية كاملة، ولا يصح له أن يحتج بالقدر وإن احتج به يكون كاذبًا؛ لأنه حين اتخذ قراره بأن يفعل كذا أو أن يمتنع عن فعل كذا، لم يكن يعرف شيئًا عن قدر الله؛ لأنه لم يطلع على كتاب القدر، ومن هنا لا يصح لأحد أن يحتج بالقدر، والذي يحتج به يكون كاذبًا، ويستحق الجلد الذي أمر به عمر -رضي الله عنه-.
    والمسلم لا يسلك ذلك المسلك ولا يحتج بالقدر على معصية الله؛ لأنه يعلم أن ذلك هو مسلك الكافرين في تبرير شركهم بالله، قال تعالى: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} [الأنعام: 148]. وقال: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} [الزخرف: 20].
    دفع القدر بالقدر:
    انتشر الطاعون في أرض الشام، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيها، فأراد أن يرجع، فقال له أبو عبيدة بن الجراح: أتفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، أفر من قدر الله إلى قدر الله. فالطاعون مرض، والمرض قدر من أقدار الله -عز وجل-، فالفرار منه إلى الأرض الصحيحة التي ليس بها مرض هو فرار إلى قدر الله أيضًا، ثم يضرب عمر بن الخطاب لأبي عبيدة -رضي الله عنهما- مثلا بالأرض الخصبة، وأنه إذا كان يرعى في أرض جدباء لا كلأ فيها ولا خضرة، ثم انتقل إلى أرض خصبة مليئة بالعشب، فإنه ينتقل من قدر إلى قدر.
    والمسلم يؤمن أن القدر يدفع بالقدر، فالمرض قدر من أقدار الله -عز وجل- لا يدفعه إلا قدر التداوي، ولما سئل النبي (: يا رسول الله، أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقى نتقيها، هل ترد من قدر الله شيئًا؟ قال (: (هي من قدر الله) [ابن ماجه وأحمد].
    والرسول ( يقول أيضًا: (تداووا عباد الله، فإن الله -تعالى- لم يضع داءً إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم (الشيخوخة)) [أحمد].
    فإذا قعد الإنسان عن مدافعة الأقدار، مع القدرة على ذلك كان آثمًا، فإذا لم يدفع قدر الجوع مثلا بقدر الأكل، هلك ومات عاصيا لله.
    إنما الأعمال بالخواتيم:
    والمسلم يؤمن أن الأعمال بخواتيمها، فإن كان آخر عمل الإنسان خيرًا فإن هذا يبشر بالخير والثواب، ومن كان آخر عمله شرًا أخذ به، قال (: (إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكًا فيؤمر بأربع: برزقه وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فوالله إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع، فيسبق عليه القول، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) [البخاري].
    فالمسلم عليه أن يسارع إلى الخيرات، لأن الأجل غير معلوم، وهو يبذل ما في وسعه، ويترك النتائج على الله -عز وجل-، والله -عز وجل- لا يكلف الإنسان إلا بما يقدر عليه، ولا يجبره على فعل ما لا يستطيع.
    والمسلم يعلم أن من لطف الله ورحمته بعباده، أنهم لو أساءوا طوال حياتهم، ثم تابوا إلى الله -عز وجل-، وعملوا بعمل أهل الجنة، فإنهم يعاملون بذلك، فعلى المسلم أن يستعين بالله على فعل الخير، وأن يدعو الله -عز وجل- أن يحسن خاتمته، فإن القدر لا يرده إلا الدعاء، قال (: (لا يرد القدر إلا الدعاء) [الترمذي والحاكم].
    القدر والتواكل:
    والمسلم لا يتخذ القدر حجة للتواكل، ومبررًا للمعاصي، وطريقًا إلى القول بالجبر، ولكنه يتخذ القدر سبيلا إلى تحقيق الأهداف السامية والغايات النبيلة، فينطلق إلى البناء والتعمير، واستخراج كنوز الأرض، والانتفاع بخيراتها التي أودعها الله في جوفها، وبذلك يربطه الإيمان بالقدر برب هذا الوجود وخالقه، وعلى المسلم ألا يتواكل، ولكن يكون فهمه للقدر كما فهمه الرسول ( وصحابته.
    فقد كان الرسول ( جالسًا ذات يوم، وفي يده عود ينْكُتُ به (يخُطُّ به على الأرض). فرفع رأسه فقال: (ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار). قالوا: يا رسول الله! فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال: (لا. اعملوا، فكل ميسر لما خلق له). ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى. وكذب الحسنى. فسنيسره للعسرى} [الليل: 5-10] [مسلم].
    فالرسول ( وضح لنا أن الله -عز وجل- علم منذ الأزل أعمال العباد في الدنيا، وكتب ذلك عنده وعلم مستقرهم، وعندما يشعر المسلم بهذا فإنه لا يدعو إلى التواكل بل يدعو إلى الجد في العمل، ولو لم يفهم الصحابة ذلك لما وجدناهم بهذا النشاط وهذه القدوة في الأخذ بالأسباب، فلم يتكاسلوا عن طاعة الله أبدًا.
    ثمرات الإيمان بالقدر:
    غرس الرسول ( عقيدة القدر في نفوس أصحابه، فعلموا أن ما أصابهم فهو بقدر الله ولم يكن ليخطئهم، وما أخطأهم فهو بقدر الله ولم يكن ليصيبهم، فانطلقوا بنفوس مطمئنة يدعون إلى دين الله -عز وجل-، وهم يحملون في قلوبهم عقيدة القدر كما علمهم إياها الرسول ( في شخص ابن عباس -رضي الله عنهما- حين قال له: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) [الترمذي].
    والمسلم نفسه مطمئنة يعلم أن الله هو الرءوف الرحيم، الذي قدر له الخير أو الشر، فلا يجزع من مصيبة ولا يجحد بنعمة، فهو شاكر في السراء، صابر في الضراء، قال (: (عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له) [مسلم].
    فالمسلم ينظر إلى المصيبة على أنها قدر من الله -تعالى- يجب عليه أن يقابلها بالصبر، فقد تكون وراءها حكمة عظيمة لا يعلمها إلا الله -عز وجل-، قال تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216].
    والمسلم يرجو أن تكون هذه المصيبة تخفيفًا له من عذاب يوم القيامة، كما قال ( حين سئل: أي الناس أشد بلاءً؟ قال: (الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة) [الترمذي].
    وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما-: أما بعد: فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر.
    وما أجمل قول ابن القيم حين قال:
    وإذا اعترتْكَ بليةٌ فاصبرْ لها
    صــبرَ الكريمِ فإنَّه بكَ أكرمُ
    وإذا شكوتَ إلى ابْنِ آدمَ إنما
    تشكو الرَّحيمَ إلى الذي لا يرحمُ
    والمسلم بإيمانه بقضاء الله وقدره لا ينظر إلى ما فضل الله به بعض الناس على بعض؛ لأن هذا ملك الله -عز وجل-، فهو يعطي ويمنع بقدره سبحانه، قال تعالى: {قل الله مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير }
    [آل عمران: 26].
    والإيمان بالقدر يدفع المسلم إلى الأخذ بالأسباب، والعمل على اكتشاف ما في الكون، فإن أصابه الفشل لا ينزعج، وإن كان النجاح شكر الله على توفيقه.

    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    عدد الرسائل : 5243
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الثلاثاء 23 أبريل 2013 - 10:39

    الإيمان بالنار
    قال تعالى: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارًا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودنا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزًا حكيمًا}
    [النساء: 65] وقال أيضًا: {إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقًا} [الكهف: 29].
    فالمسلم يؤمن بوجود النار، وأن الله -عز وجل- أعدها لمن كفر به وعصاه وكذب رسله، والمسلم يؤمن أن حرارتها ليست كنار الدنيا، فحرارة نار الدنيا جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، قال (: (ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم). قيل: يا رسول الله، إن كانت
    لكافية -أي نار الدنيا-، قال: فضلت عليهن بتسعة وستين جزءًا، كلهن مثل حرها) [متفق عليه]. والله -عز وجل- جعل النار دركات، كما جعل الجنة درجات، جعلها دركات مختلفة في الجحيم والعذاب، فمنها: سقر، قال تعالى: {وما أدراك ما سقر. لا تبقي ولا تذر. لواحة للبشر. عليها تسعة عشر} [المدثر: 27-30].
    ومنها الحطمة، قال تعالى: {وما أدراك ما الحطمة. نار الله الموقدة. التي تطلع على الأفئدة. إنها عليهم مؤصدة. في عمد ممددة} [الهمزة: 5-9].
    ومنها لظى، قال تعالى: {كلا إنها لظى. نزاعة للشوى. تدعو من أدبر وتولى. وجمع فأوعى} [المعارج: 15-17].
    ومنها الهاوية، قال تعالى: {وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ماهيه. نار حامية} [_القارعة: 8-11].
    ومنها جهنم، قال تعالى: {وإن جهنم لموعدهم أجمعين} [الحجر: 43].
    والمسلم يؤمن بأن لجهنم سبعة أبواب، يدخل منها أصحاب السيئات على قدر سيئاتهم، قال تعالى: {لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم}
    [الحجر: 44].
    والمسلم يعلم أن الله -عز وجل- جعل وقود النار من الناس والحجارة، فهي لا تشبع أبدًا، وكلما ألقي فيها ناس طلبت من الله المزيد، قال تعالى: {فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [_البقرة: 42]، وقال: {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} [ق: 30].
    قال (: (لا يزال يلقي فيها (أي جهنم)، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رب العالمين قدمه فينزوي ببعضها إلى بعض، ثم تقول قد قد بعزتك وكرمك، ولا تزال الجنة تفضل حتى ينشئ الله لها خلقًا، فيسكنهم فضل الجنة) [متفق عليه].
    والمسلم يعلم أن الله -عز وجل- جعل على النار خزنة من الملائكة، موكلين بالتعذيب، غلاظ القلوب، شداد الأبدان، لم يخلق الله فيهم رحمة، ويمسكون في أيديهم سياطًا ومقامع يعذبون بها أهل النار، وقد وصفهم الله -عز وجل- فقال: {عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6]. وعددهم تسعة عشر، قال تعالى: {عليها تسعة عشر} [المدثر: 30].
    وجعل الله عددهم قليلا ليختبر بهم الكافرين، قال تعالى: {وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا} [المدثر: 31]، ورئيس ملائكة النار هو (مالك) قال تعالى: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون} [الزخرف: 77].
    والمسلم يعلم أن جهنم حرها شديد، وأن فيها أودية وجبالاً، يعذب فيها المشركون، قال (: (الويل، واد في جهنم، يهوي فيها الكافر أربعين خريفًا -عامًا- قبل أن يبلغ قعرها). وقال: (تعوذوا بالله من جُبِّ الحَزَن- أو وادي الحزن-) قيل: يا رسول الله، وما جب الحزن أو وادي الحزن؟ قال: (واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم سبعين مرة أعده الله للقراء المرائين) [البيهقي].
    وقال تعالى: {فسوف يلقون غيًا} [مريم: 59]، قال ابن مسعود: الغي واد في جهنم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات.
    والمسلم يعلم أن النار شديدة العمق، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: كنا مع رسول الله ( إذ سمع وجبة (أي: صوت وقوع الشيء الثقيل). فقال رسول الله (: (أتدرون ما هذا؟). قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: (هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفًا فهو يهوي في النار إلى الآن، حتى انتهى إلى قعرها) [مسلم]. وقال: (إن الصخرة العظيمة لتلقي من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين خريفًا، وما تفضي إلى قرارها) [الترمذي].
    والمسلم يؤمن بأن الملائكة يسوقون أهل النار إليها مكبلين -مقيدين- بالسلاسل، وهم يضربون ويعذبون. {وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرًا} [الزمر: 71]. وقال: {وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد. سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار} [إبراهيم: 49-50]، فهم في كرب عظيم تحيطهم النار من كل جانب، النار من فوقهم ومن تحتهم، ويشربون من النار، ويأكلون من النار، ويعرفون بعلامات فيهم، فيضربون ويعذبون: {يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام} [الرحمن: 41]، وأهل النار ليسوا على صورتهم في الدنيا، بل يزيد الله في خلقهم حتى يزداد عذابهم، قال (: (ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث) [مسلم].
    والمسلم يعلم أن أهل النار يتفاوتون في العذاب، قال (: (إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار، يغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا) [مسلم].
    والمسلم يعلم أن النار سوداء مظلمة، قال (: (أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة) [الترمذي، وابن ماجه].
    والمسلم يعلم أن أول مَنْ يلقي في النار ثلاثة: من جاهد ليقال: مجاهد، وقارئ القرآن ليقال عنه قارئ، ومن أنفق من ماله ليقال كريم، قال (: (إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
    ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمتُ العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
    ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركتُ من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد. فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)، وزاد الترمذي في روايته: ثم ضرب رسول الله ( على ركبة أبي هريرة وقال: (أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة) [مسلم والترمذي والنسائي].
    فعلى المسلم أن يكون عمله كله خالصًا لوجه الله -تعالى-، ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا، والمسلم يؤمن أن طعام أهل النار من الزقوم والضريع والغسلين، وكلها أطعمة في غاية الحرارة والنتن، لا يستسيغها مَنْ يأكلها وهي تقطع الأمعاء، وتصهر الجلود.
    قال تعالى: {إن لدينا أنكالاً وجحيمًا. وطعامًا ذا غصة وعذابًا أليمًا}
    [المزمل: 12-13].
    وقال: {إن شجرت الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم} [_الدخان: 43-46].
    وقال: {أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم. إنا جعلناها فتنة للظالمين. إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم. طلعها كأنه رءوس الشياطين. فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون} [الصافات: 62-66].
    وقال (: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه؟!)
    [الترمذي وابن ماجه وأحمد].
    والمسلم يعلم أن الغِسلين من طعام أهل النار. قال تعالى: {فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين} [الحاقة: 35-36].
    والمسلم يؤمن أن شراب أهل النار من الحميم والغساق والمهل والصديد، قال تعالى: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقًا} [الكهف: 29]، وقال: {من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد. يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ} [إبراهيم: 16-17]. وقال: {لا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا. إلا حميمًا وغساقًا} [النبأ: 24-25].
    وقال: {يصب من فوق رءوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد} [الحج: 19-21].
    وقال (: (إن الحميم ليصب على رءوسهم، فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه، وهو الصهر ثم يعاد كما كان) [الترمذي وأحمد]، والمسلم يعلم أن الماء الشديد الغليان من شراب أهل النار، وهذا الماء لو سقط على الجبال لأذابها. قال تعالى: {هل أتاك حديث الغاشية. وجوه يومئذ خاشعة. عاملة ناصبة. تصلى نارًا حامية. تسقى من عين آنية} [الغاشية: 1-5].
    والمسلم يؤمن بأن الله -عز وجل- يقطع لأهل النار ثيابًا على حجمهم، يعذبون فيها، قال تعالى: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد} [الحج: 19-21].
    وقال: {سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار} [إبراهيم: 50].
    والمسلم يؤمن أن من أشد الناس عذابًا الذي يأمر غيره بالمعروف ولم يفعله، وينهي عن المنكر ثم هو يفعل ما يغضب الله. قال (: (يجاء برجل فيطرح في النار، فيطحن فيها كما يطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار، فيقولون: أي فلان! ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهي عن المنكر وأفعله)
    [البخاري وأحمد].
    والمسلم يؤمن أن أهل النار يتحدثون مع أهل الجنة ويرونهم، وهذا عذاب يضاف إلى ما هم فيه من العذاب، ينادونهم ويطلبون منهم بعض ما هم فيه من النعيم، ولكن المؤمنين يردون عليهم بأن نسيم الجنة محرم على الكافرين في هذا اليوم، قال تعالى: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين} [الأعراف: 50].
    ويتوجه أهل النار بخطابهم إلى خزنة جهنم يطلبون منهم أن يخفف
    الله -عز وجل- العذاب عنهم، ولكن لا ينفع سؤالهم، قال تعالى: {وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب. قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلي قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [غافر: 49-50].
    ثم ينادون مالكًا -خازن النار-، يطلبون الهلاك بسبب شدة العذاب: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون} [الزخرف: 77-78].
    فييأسوا من تخفيف العذاب، فيقولون: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: 21].
    والمسلم يؤمن أن أصحاب النار يلجئون إلى الله -عز وجل- فيعترفون بذنوبهم، ويطلبون الرجوع إلى الدنيا مرة أخري لعمل الصالحات، قال تعالى: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون} [السجدة: 12].
    فيرد الله عليهم: {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} [السجدة: 14].
    فيقولون: {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل}
    [إبراهيم: 44].
    فيجيبهم:{أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} [_إبراهيم: 44]. فيقولون:{ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [فاطر: 37].
    فيجيبهم الله -عز وجل-: {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} [فاطر: 37].
    فيقولون: {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين. ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} [المؤمنون:106-107].
    فيجيبهم الله: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} [المؤمنون: 108]. عند ذلك ييأس أهل النار ولا يتكلمون بعد هذا أبدًا.
    والمسلم يعلم أن المشركين والكفار خالدون في النار، كما أن أهل الجنة فيها خالدون. قال تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه}
    [البينة: 6-8]، وقال: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق. خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لم يريد. وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ} [_هود: 106-108].
    والمسلم يعلم أن الخلود في النار لا يكون لكل من يدخلها، فقد يدخلها المسلم الموحد الذي فعل الكبائر والذنوب، ولكنه لا يخلد فيها، بل يخرجه
    الله -عز وجل- بعد تنقيته من ذنوبه، قال (: (يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله -تعالى-: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية)
    [متفق عليه].
    وقال (: (يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير)
    [متفق عليه].
    والمسلم يعلم أن الْمَنْجَي من عذاب الله يكون بالاعتصام بالله -عز وجل- وتوحيده وطاعته في كل الأمور سبحانه، قال (: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) [أبو داود].
    والمسلم يطيع الله -عز وجل- ورسوله، ويعلم أن الذي يحب إنسانًا فإن الله يحشره مع الذي يحبه، وقد جاء رجل إلى رسول الله ( فقال: يا رسول الله، إنك لأحب إلى من نفسي، وإنك لأحب إلى من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك، عرفت أنك إذا دخلت الجنة، رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يرد عليه النبي ( حتى نزل جبريل -عليه السلام- بهذه الآية: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا}
    [النساء: 69]_[الطبراني].
    وسأل رجل رسول الله (: متى الساعة؟ قال: (وماذا أعددت لها؟) قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله. فقال: (أنت مع من أحببت) [متفق عليه].
    والمسلم يؤمن بأن هناك أناسًا استوت حسناتهم وسيئاتهم، فمنعتهم حسناتهم من دخول النار، ومنعتهم سيئاتهم من دخول الجنة، فأولئك هم أصحاب الأعراف، فيجب على المسلم أن يتقرب إلى الله -عز وجل- عسى أن يكون من الفائزين الخالدين في الجنة، الناجين من النار. قال تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون} [الحشر: 20].
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 42
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 24320
    تم شكره : 33
    الاسد

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 Empty رد: (( أخلاق المسلم ))

    مُساهمة من طرف مآآآري الأربعاء 24 أبريل 2013 - 2:17

    ((   أخلاق المسلم   )) - صفحة 2 13253385112

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء 27 نوفمبر 2024 - 18:48