«Keek»... «منتهى السطحية»!
مها الشهري
السبت ١٦ مارس ٢٠١٣
تزايد عدد مستخدمي
التدوين المرئي للشبكة الاجتماعية «كيك Keek»
حتى بلغ 30 مليون مستخدم، 58 في المئة من المستخدمين من منطقة الخليج، ويشغل
السعوديون في استخدامه نسبة 44 في المئة، كما أفادت الإحصاءات، وتقوم فكرة التدوين
من خلال هذا الموقع على تسجيل مقطع فيديو لا يزيد طوله على 36 ثانية، ما يسهل على
المستخدم تحميله ونشره من خلال الهواتف المتنقلة، وهذا ما جعل البعض يسميها
«تغريدة مرئية» على ثقافة الاستخدام لموقع «تويتر».
ولو نظرنا للمواد
المطروحة وقيمتها، بحسب الإحصاءات أيضاً، لوجدنا أن المواد التي يتم تداولها بهدف
التعري والرقص والإثارة بلغت أكثر من النصف، وقد وصلت إلى 52 في المئة من إجمالي
المواد، بينما 34 في المئة هدفها الاستهتار والسخرية، و12 في المئة عديمة الفائدة،
وكل هذا بمقابل 2 في المئة فقط من المواد المفيدة.
لا شك أن هؤلاء
المستخدمين يسعون دائماً في التعبير عن أفكارهم، وربما يطرح الفرد أفكاره ليس
تعبيراً عنها فحسب إنما يبني فعله بحسب توقعاته لرد الفعل من المتابعين قبل أن
يفعل الفعل، غير أن حرية الاستخدام لهذا التطبيق عكست مدى السطحية وتدني المستوى
العقلي الذي يفكر به الكثير منهم، وبالتالي فإن المتابعين والمتجمهرين حول هذا
الطرح أيضاً يكرسون هذه المشكلة، وهذا ناتج عن الفراغ الذي يملأ حياتهم، والسؤال
عما يفتقده الفرد، وكيف يبحث عن تحقيق ذاته من خلال هذه التعبيرات التي يصورها
وينشرها بين الناس، ويمكن القول إن قضية «تحقيق الذات» الذي يجعل الإنسان يسأل
نفسه عن الهدف الذي أوجد من أجله، هو من أهم الحاجات الضرورية في البناء
الاجتماعي، في حين أن الشباب يمتلكون نسبة كبيرة من الطاقة، وما يؤسف أن يكون
تفريغها رهن العشوائية!
من المعروف أن السلوك
الإنساني سلوك هادف، ولو تنوعت نتائجه، ومبدأ الحاجات الإنسانية وسعي أفراد
المجتمع بشكل دائم لأجل إشباعها يمثل الركن الأساسي في محاولة فهم ديناميكية
السلوك الإنساني، غير أن قضية تقويم هذا السلوك شغلت الباحثين في المجال النفسي
والتربوي والاجتماعي، وذلك بطريقة الحث الدائم للتوصل إلى الأسباب التي تدفع
الأفراد لنهج سلوك معين والامتناع عن أنماط أخرى من السلوك، فهذه الدوافع مثيرة
للنشاط العقلي والحركي، فإذا كان مستخدم «keek»
يجد تفاعلاً لفعل التعري مثلاً فسينسى نفسه وسيكرس طاقته ونشاطه في الاستمرار على
فعل ما يفعله، لأنه لم يتوصل إلى القيمة الإنسانية التي يجب أن يكون عليها ولا يجد
طريقة لتحقيق ذاته. تطبيق «keek»
ليس إلا صورة وأداة تعبير عكست عاهات المجتمع الفكرية، ومقدار المعاناة التي يعاني
منها الشباب والفتيات، فنحن كمجتمعات تمتلك المصادر والثروات نكاد لا نذكر بين
الشعوب بسبب غياب دور الشباب، فمسألة التقدم في المجتمعات المتطورة ليست مرهونة
بثروة المجتمع، إنما بحركة الأفراد فيها، وحسن الاستغلال للثروات، من خلال خلق
الكفاءة وحسن التعليم ومستوى القدرة على توظيفه بالشكل المناسب، وهذا لا يمكن
تحقيقه إلا بوجود الدافعية لدى الأفراد لأجل العمل.
وأخيراً، فإن مفهوم تحقيق
الذات يقع بين أمرين، أولهما الفرد نفسه وما لديه من إمكانات، وبين المؤثرات
البيئية المحيطة به، فتحقيق الذات يشمل تكامل الشخصية لدى الفرد في ضوء هذه
المؤثرات، وينعكس ذلك بمدى استجابة الفرد بتأثيراتها، بالتالي فإن السطحية التي
يعبر بها الكثير من الناس عن أنفسهم لا تحقق الوجه المطلوب في تكامل الشخصية لدى
الفرد، ولا يتم تحقيق الذات بالسلوك الغريزي الذي يظهر الإنسان كالحيوان، والمهم
أن تظهر مجتمعاتنا أكثر وعياً ونجعل من التقنية وسيلة معرفية ومفيدة ولو عبّرت عن
مضامين ساخرة للترفيه فلا بأس، ولكن المهم أن تعبر عن هدف ذي قيمة لا تصل إلى هذا
الحد من السخف.
مها الشهري
السبت ١٦ مارس ٢٠١٣
تزايد عدد مستخدمي
التدوين المرئي للشبكة الاجتماعية «كيك Keek»
حتى بلغ 30 مليون مستخدم، 58 في المئة من المستخدمين من منطقة الخليج، ويشغل
السعوديون في استخدامه نسبة 44 في المئة، كما أفادت الإحصاءات، وتقوم فكرة التدوين
من خلال هذا الموقع على تسجيل مقطع فيديو لا يزيد طوله على 36 ثانية، ما يسهل على
المستخدم تحميله ونشره من خلال الهواتف المتنقلة، وهذا ما جعل البعض يسميها
«تغريدة مرئية» على ثقافة الاستخدام لموقع «تويتر».
ولو نظرنا للمواد
المطروحة وقيمتها، بحسب الإحصاءات أيضاً، لوجدنا أن المواد التي يتم تداولها بهدف
التعري والرقص والإثارة بلغت أكثر من النصف، وقد وصلت إلى 52 في المئة من إجمالي
المواد، بينما 34 في المئة هدفها الاستهتار والسخرية، و12 في المئة عديمة الفائدة،
وكل هذا بمقابل 2 في المئة فقط من المواد المفيدة.
لا شك أن هؤلاء
المستخدمين يسعون دائماً في التعبير عن أفكارهم، وربما يطرح الفرد أفكاره ليس
تعبيراً عنها فحسب إنما يبني فعله بحسب توقعاته لرد الفعل من المتابعين قبل أن
يفعل الفعل، غير أن حرية الاستخدام لهذا التطبيق عكست مدى السطحية وتدني المستوى
العقلي الذي يفكر به الكثير منهم، وبالتالي فإن المتابعين والمتجمهرين حول هذا
الطرح أيضاً يكرسون هذه المشكلة، وهذا ناتج عن الفراغ الذي يملأ حياتهم، والسؤال
عما يفتقده الفرد، وكيف يبحث عن تحقيق ذاته من خلال هذه التعبيرات التي يصورها
وينشرها بين الناس، ويمكن القول إن قضية «تحقيق الذات» الذي يجعل الإنسان يسأل
نفسه عن الهدف الذي أوجد من أجله، هو من أهم الحاجات الضرورية في البناء
الاجتماعي، في حين أن الشباب يمتلكون نسبة كبيرة من الطاقة، وما يؤسف أن يكون
تفريغها رهن العشوائية!
من المعروف أن السلوك
الإنساني سلوك هادف، ولو تنوعت نتائجه، ومبدأ الحاجات الإنسانية وسعي أفراد
المجتمع بشكل دائم لأجل إشباعها يمثل الركن الأساسي في محاولة فهم ديناميكية
السلوك الإنساني، غير أن قضية تقويم هذا السلوك شغلت الباحثين في المجال النفسي
والتربوي والاجتماعي، وذلك بطريقة الحث الدائم للتوصل إلى الأسباب التي تدفع
الأفراد لنهج سلوك معين والامتناع عن أنماط أخرى من السلوك، فهذه الدوافع مثيرة
للنشاط العقلي والحركي، فإذا كان مستخدم «keek»
يجد تفاعلاً لفعل التعري مثلاً فسينسى نفسه وسيكرس طاقته ونشاطه في الاستمرار على
فعل ما يفعله، لأنه لم يتوصل إلى القيمة الإنسانية التي يجب أن يكون عليها ولا يجد
طريقة لتحقيق ذاته. تطبيق «keek»
ليس إلا صورة وأداة تعبير عكست عاهات المجتمع الفكرية، ومقدار المعاناة التي يعاني
منها الشباب والفتيات، فنحن كمجتمعات تمتلك المصادر والثروات نكاد لا نذكر بين
الشعوب بسبب غياب دور الشباب، فمسألة التقدم في المجتمعات المتطورة ليست مرهونة
بثروة المجتمع، إنما بحركة الأفراد فيها، وحسن الاستغلال للثروات، من خلال خلق
الكفاءة وحسن التعليم ومستوى القدرة على توظيفه بالشكل المناسب، وهذا لا يمكن
تحقيقه إلا بوجود الدافعية لدى الأفراد لأجل العمل.
وأخيراً، فإن مفهوم تحقيق
الذات يقع بين أمرين، أولهما الفرد نفسه وما لديه من إمكانات، وبين المؤثرات
البيئية المحيطة به، فتحقيق الذات يشمل تكامل الشخصية لدى الفرد في ضوء هذه
المؤثرات، وينعكس ذلك بمدى استجابة الفرد بتأثيراتها، بالتالي فإن السطحية التي
يعبر بها الكثير من الناس عن أنفسهم لا تحقق الوجه المطلوب في تكامل الشخصية لدى
الفرد، ولا يتم تحقيق الذات بالسلوك الغريزي الذي يظهر الإنسان كالحيوان، والمهم
أن تظهر مجتمعاتنا أكثر وعياً ونجعل من التقنية وسيلة معرفية ومفيدة ولو عبّرت عن
مضامين ساخرة للترفيه فلا بأس، ولكن المهم أن تعبر عن هدف ذي قيمة لا تصل إلى هذا
الحد من السخف.