ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


2 مشترك

    غسان شربل/ متجدد


    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty روحاني مرِّ من هنا

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 8 أكتوبر 2013 - 9:59

    شرعية حرب أكتوبر
    غسان شربل
    الإثنين ٧ أكتوبر ٢٠١٣
    يغرف الحكم المصري الحالي من ذكرى 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 ما يساعده على تأكيد شرعيته. فالجيش الذي صنع العبور في تلك الحرب هو الجيش نفسه الذي صنع، مدعوماً بملايين المتظاهرين، ما يسميه بعض المصريين اليوم «العبور الثاني». ويقصدون العبور من عهد «الإخوان»، الذي هدد كما يؤكدون روح مصر وهويتها واستقرارها، الى مصر الملتزمة بثوابت هويتها ودورها ومنابع شرعية نظامها. وما كان للجيش ان يطيح حكم محمد مرسي، في ما يمكن اعتباره شبه ثورة وشبه انقلاب، لولا تلك الشرعية التي حازها لدى المصريين يوم صنع نصر أكتوبر. يستعيد الجيش المصري أمجاد أكتوبر وهو مشتبك اليوم مع «الإخوان» ومع مجموعات إرهابية.
    يغرف النظام السوري ايضاً من ذكرى «حرب تشرين» 1973 مذكراً بالشرعية التي اكتسبها من مشاركته في تلك الحرب. الجيش السوري الذي خاض معارك عنيفة لاسترجاع الجولان هو الجيش نفسه الذي يشتبك اليوم مع المعارضة في معركة تنذر بطحن سورية برمتها بعدما طحنت حتى الآن العديد من المدن والقرى وجيشاً من المدنيين.
    عززت حرب 1973 شرعية النظامين المصري والسوري اللذين تشاركا في الحرب ثم افترقت سبلهما حين حاول كل واحد استثمار الشرعية الجديدة وفق امكاناته وحساباته. لم أكن صحافياً في تلك الأيام ولهذا سأستعين بشاهد عرف اللعبة واللاعبين.
    في تموز (يوليو) 1994 قصدت مكتب الدكتور أسامة الباز مدير مكتب الرئيس المصري للشؤون السياسية في المقر القديم لوزارة الخارجية. في لقاءات ثلاثة تحدث الباز عن أشياء كثيرة نشرت منها حلقتين في مجلة «الوسط» وطلب عدم نشر بعض الاشياء تفادياً لإثارة الحساسيات. وفهمت أن الرئيس حسني مبارك لم يكن يستظرف أن يتحدث موظف كبير في الدولة بكلام يمتدح فيه دور الرئيس أنور السادات ويصوره بطل الحرب والسلام معاً.
    قال الباز: «القصة تبدأ من حرب أكتوبر. بطولات الجيش المصري وتضحياته رسخت شرعية النظام. الأمر نفسه حدث على الجبهة السورية. الافتراق حصل لاحقاً حين حاول كل فريق الإفادة من هذه الشرعية. لا يمكن قراءة زيارة الرئيس السادات الى القدس إلا في ضوء الشرعية التي حازها في حرب تشرين. المحارب وحده المؤهل لصناعة السلام».
    وأضاف: «جاء السادات بعد زعيم تاريخي اسمه جمال عبدالناصر. وهذا الوضع ليس بسيطاً. ثم إن السادات الذي كان معنياً بما سيقوله التاريخ لاحقاً لم يرد أن ينقضي عهده وتبقى سيناء محتلة. ذات يوم قرر القيام بصدمة كهربائية في تاريخ النزاع العربي - الاسرائيلي. جاءته فكرة زيارة القدس. إنها فكرته ولا تصدق أنها فكرة الأميركيين أو أي طرف آخر. وظف شرعية حرب أكتوبر لإحداث تلك الصدمة».
    وقال: «ينتمي حافظ الأسد الى مدرسة أخرى. وطبيعة نظامه مختلفة. ثم إنه ليس ابن الأكثرية في بلاده على غرار ما كانه السادات وهذه مسألة حساسة. أدرك الأسد أنه غير قادر على استعادة الجولان بالقوة فاختار الانتظار. وظف شرعية أكتوبر في تعزيز شرعية نظامه ودور سورية الإقليمي. وكان هذا الدور ينطلق عملياً من الإمساك بلبنان والورقة الفلسطينية».
    ولاحظ: «شرعية أكتوبر لا تكفي. عليك تجديد الشرعية دائماً عبر صناديق الاقتراع وعبر تحسين شروط حياة الناس والانفتاح على العصر واللحاق بالعالم».
    واضح ان ملايين المصريين استجاروا بشرعية جيش أكتوبر حين خافوا من تجربة مرسي وقاموس «الإخوان». وليس بسيطاً أن الرجل الذي طالب الناس بإعطائه التفويض لمحاربة «العنف والإرهاب المحتمل» كان الفريق أول عبدالفتاح السيسي الذي تحدث بصفته قائداً للجيش وإن كان يحمل تسمية وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء. التحدي الكبير الآن ليس فقط قمع الإرهاب بل ايضاً بناء مؤسسات ذات شرعية شعبية وانتخابية قادرة على استيعاب الأكثرية الساحقة من المواطنين.
    الجيش السوري سلك طريقاً مختلفاً فقد انخرط باكراً ضد المحتجين وأدماهم. بدا الجيش المصري وكأنه الحل أو جزء منه. يبدو الجيش السوري اليوم جزءاً رئيسياً من المشكلة وإن كان لا بد منه في النهاية في أي حل يحفظ وحدة سورية. الخوف أن يتأخر الحل فنشهد تفكيك سورية بعد تفكيك ترسانتها الكيماوية. شرعية أكتوبر لم تعد تكفي ومثلها شرعية «حرب تشرين».

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty الشريك الأكبر لـ«الشيطان الأكبر»

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 8 أكتوبر 2013 - 10:06

    الشريك الأكبر لـ«الشيطان الأكبر»
    غسان شربل
    الإثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠١٣
    كان الرئيس جلال طالباني واثقاً أن الحرب الأميركية - الإيرانية لن تقع لأن الفريقين لا يريدان الانزلاق إليها. شاهدت إيران خامنئي ما حل بصدام حسين ونظامه حين انقضت عليه الآلة العسكرية الأميركية. القيادة الإيرانية ليست انتحارية ولن تجازف بكل ما بنته. ثم أن هتاف «الموت لأميركا» في شوارع طهران شيء وحسابات القيادة شيء آخر. والتحرش المدروس بأميركا لانتزاع اعتراف منها شيء والمجازفة بحرب معها شيء آخر.
    ظل أميركا ثقيل في الشرق الأوسط وصارم. كلما حاولت دولة الانقلاب على موازين القوى وانتزاع الزعامة في الإقليم تصطدم بالظل الأميركي. يعرف الانقلابيون أنهم لا يستطيعون طرد أميركا من الإقليم. لهذا يتشاجرون معها ويجمعون الأوراق استعداداً للتفاوض وعلى أمل الحصول على اعتراف أميركي بدورهم الجديد وكل انقلابي يحاول أن يكون الشريك الأكبر لأميركا.
    طال النقاش مع الرئيس طالباني في قصر الشعب في دمشق في كانون الثاني (يناير) 2007 واتسع صدره لأكثر من لقاء. كان طالباني زار إيران قبل أسابيع والتقى المرشد والرئيس وآخرين فاعلين. سألته عن حصيلة لقاءاته في ما يتعلق بالعلاقات بين طهران وواشنطن فقال إنه تبلغ ممن التقاهم موقفاً واضحاً مفاده «فلتعلن أميركا أنها مستعدة ونحن جاهزون للتفاهم معها من أفغانستان إلى لبنان».
    شعر طالباني أنني استقبلت الكلام بشيء من الاستغراب فقال: اقترحت على الإيرانيين عقد اجتماع مع السفير الأميركي في العراق زلماي خليل زاد. وافقت واشنطن ثم وافقت طهران مشترطة أن يكون اللقاء سرياً. حضر خليل زاد إلى المكان المقرر في دوكان في كردستان قبل 24 ساعة لكن الإيرانيين امتنعوا عن الحضور بسبب إفشاء وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الخبر أمام زعماء الكونغرس. لم يرفضوا اللقاء لكنهم رفضوا تسربه إلى الإعلام.
    لم تكن اللقاءات الأميركية - الإيرانية مستحيلة على غرار ما كان يتردد في الإعلام. في 2003 وقبل الغزو الأميركي للعراق شهدت جنيف اتصالات أميركية - إيرانية حول ما سيشهده العراق. توقفت هذه الاتصالات بعد سقوط صدام بسبب امتناع إيران عن تسليم عناصر من «القاعدة» قالت واشنطن إنهم يقيمون في إيران. حدث أيضاً نوع من الاتصالات وتسريب المعلومات يتعلق بأفغانستان.
    ثمة مشاهد ينساها أهل المنطقة بفعل تدافع الأحداث. «في سنة 2003 وبعد تأسيس مجلس الحكم، وكان بريمر لا يزال الآمر الناهي، أرسلت إيران إلى بغداد وفداً من وزارة الخارجية و «الحرس الثوري» لتهنئة المجلس، الذي رسم بالحبر الأميركي ومن دون تجاهل «أصدقاء إيران».
    مشهد آخر. امتنع الزعماء العرب عن زيارة العراق المحتل. لكن طائرة هبطت في مطار بغداد في 2007 وكانت تقل زائراً صعباً هو الرئيس محمود أحمدي نجاد. شاهد الزائر الدبابات الأميركية وسأل فقيل له إنها مجرد قاعدة من قواعد كثيرة لـ 170 ألف جندي ينتشرون في العراق. اتفقت السلطات العراقية مع نقاط التفتيش الأميركية على عدم توقيف موكب الرئيس الإيراني. لكن نقطة أوقفته فجأة بعد خروجه من المنطقة الخضراء. خاف العراقيون وسارعوا إلى الاستفسار. قال الضابط الأميركي إن جنوده يريدون التقاط صورة تذكارية مع الرئيس الزائر الذي ضحك عندما شرحوا له السبب.
    في مثل هذه الأيام من العام الماضي قصدت منزل الرئيس طالباني في السليمانية. كان شديد القلق من التطورات السورية. كان قلقاً على سورية وجيرانها بسبب تصاعد المواجهات المذهبية. قال إن إيران لا تستطيع غسل يديها من مصير نظام الرئيس بشار الأسد. خسارتها لسورية تفقدها أبرز أوراقها للتفاوض مع أميركا. تضرب دورها في الإقليم والدور أهم عندها من القنبلة. طرحت عليه السؤال نفسه الذي طرحته قبل خمسة أعوام. رد مستبعداً الحرب. قال إنه سمع من إدارة أوباما رغبة أكيدة في تسوية مع طهران. وإنه سمع من الإيرانيين أنهم على استعدادهم لمفاوضات واسعة مع أميركا إذا كانت مستعدة للاعتراف بالحقائق الجديدة في المنطقة.
    ذكرتني المحادثة الهاتفية بين باراك أوباما وحسن روحاني بكلام طالباني شفاه الله. لن تكون الرحلة سهلة وقد تتأخر. مطلب إيران الفعلي هو أن تكون الشريك الأكبر لـ «الشيطان الأكبر» في المنطقة الممتدة من أفغانستان إلى لبنان. هذه المسألة ليست بسيطة. إيران لا تنتمي أصلاً إلى «الأكثرية» في المنطقة. وبعد الأزمة المفتوحة في سورية وتصاعد النزاع المذهبي في الإقليم وانخراط «محور الممانعة» فيه خسرت بعض الأوراق الإيرانية شيئاً من وهجها وقوتها. استوقفني حزن طالباني على سورية. خسرت استقرارها وخسرت أوراقها. كانت لاعباً وتحولت ملعباً.

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty شرعية حرب أكتوبر

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 8 أكتوبر 2013 - 10:12

    شرعية حرب أكتوبر
    غسان شربل
    الإثنين ٧ أكتوبر ٢٠١٣
    يغرف الحكم المصري الحالي من ذكرى 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 ما يساعده على تأكيد شرعيته. فالجيش الذي صنع العبور في تلك الحرب هو الجيش نفسه الذي صنع، مدعوماً بملايين المتظاهرين، ما يسميه بعض المصريين اليوم «العبور الثاني». ويقصدون العبور من عهد «الإخوان»، الذي هدد كما يؤكدون روح مصر وهويتها واستقرارها، الى مصر الملتزمة بثوابت هويتها ودورها ومنابع شرعية نظامها. وما كان للجيش ان يطيح حكم محمد مرسي، في ما يمكن اعتباره شبه ثورة وشبه انقلاب، لولا تلك الشرعية التي حازها لدى المصريين يوم صنع نصر أكتوبر. يستعيد الجيش المصري أمجاد أكتوبر وهو مشتبك اليوم مع «الإخوان» ومع مجموعات إرهابية.
    يغرف النظام السوري ايضاً من ذكرى «حرب تشرين» 1973 مذكراً بالشرعية التي اكتسبها من مشاركته في تلك الحرب. الجيش السوري الذي خاض معارك عنيفة لاسترجاع الجولان هو الجيش نفسه الذي يشتبك اليوم مع المعارضة في معركة تنذر بطحن سورية برمتها بعدما طحنت حتى الآن العديد من المدن والقرى وجيشاً من المدنيين.
    عززت حرب 1973 شرعية النظامين المصري والسوري اللذين تشاركا في الحرب ثم افترقت سبلهما حين حاول كل واحد استثمار الشرعية الجديدة وفق امكاناته وحساباته. لم أكن صحافياً في تلك الأيام ولهذا سأستعين بشاهد عرف اللعبة واللاعبين.
    في تموز (يوليو) 1994 قصدت مكتب الدكتور أسامة الباز مدير مكتب الرئيس المصري للشؤون السياسية في المقر القديم لوزارة الخارجية. في لقاءات ثلاثة تحدث الباز عن أشياء كثيرة نشرت منها حلقتين في مجلة «الوسط» وطلب عدم نشر بعض الاشياء تفادياً لإثارة الحساسيات. وفهمت أن الرئيس حسني مبارك لم يكن يستظرف أن يتحدث موظف كبير في الدولة بكلام يمتدح فيه دور الرئيس أنور السادات ويصوره بطل الحرب والسلام معاً.
    قال الباز: «القصة تبدأ من حرب أكتوبر. بطولات الجيش المصري وتضحياته رسخت شرعية النظام. الأمر نفسه حدث على الجبهة السورية. الافتراق حصل لاحقاً حين حاول كل فريق الإفادة من هذه الشرعية. لا يمكن قراءة زيارة الرئيس السادات الى القدس إلا في ضوء الشرعية التي حازها في حرب تشرين. المحارب وحده المؤهل لصناعة السلام».
    وأضاف: «جاء السادات بعد زعيم تاريخي اسمه جمال عبدالناصر. وهذا الوضع ليس بسيطاً. ثم إن السادات الذي كان معنياً بما سيقوله التاريخ لاحقاً لم يرد أن ينقضي عهده وتبقى سيناء محتلة. ذات يوم قرر القيام بصدمة كهربائية في تاريخ النزاع العربي - الاسرائيلي. جاءته فكرة زيارة القدس. إنها فكرته ولا تصدق أنها فكرة الأميركيين أو أي طرف آخر. وظف شرعية حرب أكتوبر لإحداث تلك الصدمة».
    وقال: «ينتمي حافظ الأسد الى مدرسة أخرى. وطبيعة نظامه مختلفة. ثم إنه ليس ابن الأكثرية في بلاده على غرار ما كانه السادات وهذه مسألة حساسة. أدرك الأسد أنه غير قادر على استعادة الجولان بالقوة فاختار الانتظار. وظف شرعية أكتوبر في تعزيز شرعية نظامه ودور سورية الإقليمي. وكان هذا الدور ينطلق عملياً من الإمساك بلبنان والورقة الفلسطينية».
    ولاحظ: «شرعية أكتوبر لا تكفي. عليك تجديد الشرعية دائماً عبر صناديق الاقتراع وعبر تحسين شروط حياة الناس والانفتاح على العصر واللحاق بالعالم».
    واضح ان ملايين المصريين استجاروا بشرعية جيش أكتوبر حين خافوا من تجربة مرسي وقاموس «الإخوان». وليس بسيطاً أن الرجل الذي طالب الناس بإعطائه التفويض لمحاربة «العنف والإرهاب المحتمل» كان الفريق أول عبدالفتاح السيسي الذي تحدث بصفته قائداً للجيش وإن كان يحمل تسمية وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء. التحدي الكبير الآن ليس فقط قمع الإرهاب بل ايضاً بناء مؤسسات ذات شرعية شعبية وانتخابية قادرة على استيعاب الأكثرية الساحقة من المواطنين.
    الجيش السوري سلك طريقاً مختلفاً فقد انخرط باكراً ضد المحتجين وأدماهم. بدا الجيش المصري وكأنه الحل أو جزء منه. يبدو الجيش السوري اليوم جزءاً رئيسياً من المشكلة وإن كان لا بد منه في النهاية في أي حل يحفظ وحدة سورية. الخوف أن يتأخر الحل فنشهد تفكيك سورية بعد تفكيك ترسانتها الكيماوية. شرعية أكتوبر لم تعد تكفي ومثلها شرعية «حرب تشرين».

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty بوتين و «الخيط الإسلامي»

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 14 أكتوبر 2013 - 14:53

    بوتين و «الخيط الإسلامي»
    غسان شربل
    الإثنين ١٤ أكتوبر ٢٠١٣
    قال المسؤول الروسي للزائر: «روسيا ليست مغرمة بالنظام السوري. روسيا تدافع عن أمنها ومصالحها واستقرار الشرق الأوسط. المسألة أبعد من تسهيلات بحرية وبيع أسلحة أو مناكفة الأميركيين. سورية ليست بعيدة عنا وإذا سقطت في أيدي الجهاديين ستنتقل هذه الموجة إلى محطة أخرى. لا الشرق الأوسط يحتمل قيام وضع ليبي في سورية ولا نحن نحتمل. لهذا لم نسمح أن تتكرر في مجلس الأمن «الخديعة الغربية» التي حصلت في الموضوع الليبي. حسابات الصين ليست بعيدة عن حساباتنا أيضاً». استنتج الزائر أن «الخيط الإسلامي» حيوي لفهم موقف روسيا في سورية.
    حيّر موقف موسكو من زاروها محاولين إقناعها بتغيير موقفها. لم تتجاوب مع النصائح ولم تستوقفها الإغراءات. لعبة السلاح الكيماوي أكدت صلابة الموقف الروسي. قلبت مسار الصراع. نجحت موسكو في تقديم ملف الترسانة الكيماوية السورية على ملف الأزمة نفسها. عزفت على وتر يعني إسرائيل وأميركا وبدت إدارة أوباما راغبة في الانعتاق من الالتزامات والتهديدات فانخرطت في لعبة الرئيس الوافد من الـ «كي جي بي». ويقول كثيرون إن موسكو تعرف تماماً من استخدم الكيماوي. لكنها لو سلمت بمسؤولية النظام لكان عليها الموافقة على قرار دولي يجيز ضرب دمشق أو يفسح المجال لضربها. لهذا كان لافروف شديد الوضوح مع وليد المعلم: «الضربة آتية ولتفاديها سلموا الأسلحة الكيماوية». ولم يكن أمام سورية غير الموافقة.
    بعد مناورة الكيماوي ذهب المتابعون إلى تفسير آخر للتشدد الروسي في حماية النظام السوري. يقول هؤلاء إن هناك ما هو أهم من القاعدة البحرية والمرابطة على المتوسط والحضور في النزاع العربي - الإسرائيلي. يقولون إن المؤسسة الروسية الأمنية والعسكرية أعطت الأولوية للحرب على الجهاديين واعتبرت المذبحة الدائرة على الأرض السورية فرصة لكسر الموجة الجهادية التي وفر لها «الربيع العربي» فرصة التسلل والتجذر في عدد من الدول.
    يقول أصحاب هذا الرأي إن أهم إنجاز حققه فلاديمير بوتين وصنع له زعامته هو نجاحه في منع تفكك الاتحاد الروسي. ويلفتون إلى أن أكثر من 20 مليون مسلم يعيشون الآن داخل الاتحاد الروسي هذا عدا الخاصرة الرخوة التي تشكلها طاجكستان وأوزبكستان وقيرغيزيا. ويشير هؤلاء إلى أن خمس جمهوريات تتمتع بالحكم الذاتي في القوقاز، بينها الشيشان وداغستان، هي جمهوريات ذات أكثرية إسلامية ساحقة أو صريحة هذا إضافة إلى جمهوريتي تتارستان وبشكيريا في وسط روسيا. وإذا أخذنا في الاعتبار أوضاع الشيشان والاضطرابات في داغستان يمكننا التحدث عن البعد الإسلامي في سياسة بوتين خصوصاً مع تصاعد المخاوف من عودة «طالبان» إلى الحكم في كابول بعد الانسحاب الأميركي منها. ربما لهذا السبب يتعامل الكرملين مع سورية وكأنها «حديقة خلفية» ستقرر معاركها مستقبل موجة المقاتلين الجوالين.
    روسيا الخائفة من امتداد ربيع الجهاديين إلى أراضيها فضلت مقاتلتهم على الأرض السورية. «محاربتهم هناك أسهل وأرخص». كسر موجة الجهاديين على الأرض السورية سيترك آثاره في أكثر من مكان. تستطيع روسيا استنزافهم من دون إرسال جندي واحد. يقاتلهم الجيش النظامي السوري مدعوماً من «حزب الله» وميليشيا أخرى إيرانية الهوى. لهذا يتحدث المسؤولون الروس عن قصر نظر الغرب ويستشهدون بما حدث في ليبيا. إشغال الجهاديين في سورية يشغلهم عن القوقاز. ومن يدري فقد تنجح موسكو لاحقاً، وربما عبر «جنيف - 2»، في إعطاء ملف مواجهة الجهاديين و «القاعدة» على أرض سورية الأولوية على أي شأن سوري آخر. وهذا يفسر مشاعر المرارة والخيبة التي تسيطر على المعارضة السورية المعتدلة والتي تفسر السلوك الجديد للفصائل المسلحة.
    تدير روسيا هذه السياسة محتفظة بعلاقة ممتازة مع إسرائيل وعلاقة تحالف مع إيران وتعتبر تركيا في الوقت نفسه «حليفاً تجارياً واقتصادياً مهماً». وفي ظل وجود إدارة أميركية مرتبكة يبدو بوتين في صورة من يتقدم لخوض مواجهة واسعة مع «القاعدة» وأخواتها دفاعاً عن روسيا لا عن سورية.

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty رد: غسان شربل/ متجدد

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 22 أكتوبر 2013 - 12:57

    حماس» في النفق
    غسان شربل
    الإثنين ٢١ أكتوبر ٢٠١٣
    حفرت «حماس» أنفاقاً كثيرة. لخرق الحصار. واستقدام السلع والسلاح. تحولت الأنفاق رئة للتنفس ووسيلة للالتفاف. تحولت صناعة مميزة وتجارة رائجة. ومرت في الأنفاق أشياء كثيرة وأوهام كثيرة. وفجأة طوت مصر صفحة «الإخوان». لم يعد باستطاعة خالد مشعل زيارة محمد مرسي في قصر الاتحادية بعد السلام على المرشد محمد بديع. أصدقاء مشعل يقيمون في السجن ولم تعد زيارته مصر واردة. مصر السيسي اتهمت «حماس» بالمشاركة في دفع مصر إلى نفق «الإخوان». أغلقت الأنفاق التي لم يجرؤ حسني مبارك على إغلاقها. استيقظت «حماس» ووجدت نفسها في النفق. خسرت القاهرة بعدما خسرت دمشق. وطهران بعيدة والعودة إلى الالتصاق بها مكلفة في المشهد الحالي للعلاقات السنية - الشيعية.
    كانت «حماس» تقيم هانئة في محور الممانعة. وكان موقعها مميزاً. إنها الحلقة السنية الوحيدة في المحور. قيادتها في الخارج تقيم في دمشق وتحظى بتسهيلات. وعلاقتها بـ «حزب الله» توفر لها حرية الحركة في لبنان ومخيماته. وكانت ايران سخية مع الحركة. لم تبخل عليها بالمال أو الصواريخ. وكان المجال الحيوي الأساسي لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل يشمل دمشق وطهران والدوحة مع إطلالات محدودة في عواصم أخرى وفقاً لاتجاهات الرياح.
    عزّزت «حماس» شرعيتها في القطاع عندما واجهت الحرب الإسرائيلية عليه. كررت ما فعله «حزب الله» في لبنان عام 2006 حين أدخل الصواريخ الإيرانية في معادلة النزاع مع إسرائيل. «حماس» حققت شيئاً إضافياً. الغارات الإسرائيلية أيقظت ميول رجب طيب أردوغان «الإخوانية» ففكر في كسر الحصار على القطاع وكان ما كان من أزمة عميقة بين تل أبيب والقطاع.
    لم يكن سراً أن الود كان مفقوداً مع مصر مبارك. كان الرئيس المصري يقول لزواره إن علاقات القيادة السورية بإيران أعمق مما يعتقد كثيرون. وكان يتعامل مع «حماس» بوصفها جزءاً من المحور الذي استنزف هالة ياسر عرفات ويستنزف حالياً موقع محمود عباس. ولم يكن غريباً أن تصاب «حماس» بـ «عقدة مصر» وحكم الجغرافيا هنا مبرم ولا يمكن رده.
    قرأت «حماس» بدايات «الربيع العربي» بعينين ممانعتين و»إخوانيتين». ابتهجت برؤية زين العابدين بن علي يتوارى ليبدأ في تونس زمن الغنوشي. وابتهجت برؤية مبارك يتنحى وبرؤية المرشد المصري و»إخوانه» يطلّون في الميادين ثم يتسلمون الأختام. وثمة من ذهب بعيداً وتوقع أن تلعب «حماس» دوراً في شرق أوسط جديد يقيم بين مرشدَين الأول في طهران والثاني في القاهرة. دمشق أيضاً قرأت الأحداث التونسية والمصرية بعينين ممانعتين قبل أن يتكشف أن الربيع مثقل برياح «الأخونة» لا الممانعة. خيل لدمشق أن الممانعة بوليصة تأمين ضد اقتراب الربيع منها. وربما شاركتها قيادة «حماس» الاعتقاد. لكن الرياح لفحت سورية.
    راقب مشعل المشهد السوري. وراقبت السلطات السورية رد فعل «حماس». ولم يكن سراً أن الأرياف التي انتفضت سنية. وأن لـ «إخوان» سورية حساباً قديماً مع النظام. وحين سال الدم لمنع المحتجّين من التحصن في «ميدان تحرير» يشبه نظيره في مصر أو العثور على بنغازي سورية ازدادت حراجة الموقف. دخلت عناصر جديدة على الأزمة. موقف الشيخ القرضاوي وترويج قطر للربيع. نصح مشعل المسؤولين السوريين بضرورة البحث عن حل سياسي «لأن المشكلة ليست أمنية». أجرى اتصالات وقام بشبه وساطات. لكن الوضع تفاقم. كانت دمشق تريد من «حماس» موقفاً أوضح لا سيما من حملات القرضاوي عليها. استنتج مشعل أن المغادرة صارت أفضل من البقاء وأقل كلفة وهكذا فعل. أكتب استناداً إلى ما رواه لي في عمان وقد حرص على التشديد مرات أنه لا ينسى ما قدمته سورية للمقاومة و»حماس». وكادت المغادرة أن تؤدي إلى قطيعة بين «حماس» وإيران لولا تدخل السيد حسن نصرالله الذي يدرك الحاجة إلى «حماس» في منطقة تنزلق نحو نزاع سني - شيعي مدمر.
    تقيم «حماس» حالياً في النفق. الرئيس السوري يتهمها بـ «الخيانة والغدر». والنظام المصري الحالي يتهمها بلعب أدوار أمنية خطرة على الأرض المصرية. ولم يعد سراً. دمشق الحالية تفضّل محمود عباس الذي كانت تكلف «حماس» و»الجهاد» بعرقلته. والقاهرة الحالية تفضله. ومثلهما عمان. رجل واحد يستطيع مساعدة «حماس» على الخروج من النفق. اسم هذا الرجل محمود عباس. لكن هذه المساعدة ليست مجانية ويتحتم على «حماس» دفع ثمنها. خُطب إسماعيل هنية لا تكفي للخروج من النفق ولا تساعد. تحتاج «حماس» إلى ما هو أكثر.

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty ساندويتش لتأجيل الجوع

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 28 أكتوبر 2013 - 14:11

    ساندويتش لتأجيل الجوع
    غسان شربل
    الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٣
    لم نرَ هذه المشاهد من قبل على رغم فداحة ما رأيناه. إنها أكثر خطورة ووحشية. دول وعواصم تغرق في بحر من الظلم والظلام وتسافر الى الماضي. إلى كهوف الرطوبة والعفونة والأحقاد. مسالخ مفتوحة كنا نسمّيها أوطاناً. أهرامات من الجثث. وجبال من الدم.
    المشاهد مريعة فعلاً. أسقطت عواصف الربيع آخر أوراق التوت عن مجتمعاتنا. كشفت أحشاءها وما تراكم فيها من الدم الفاسد والأفكار المريضة. كان شريكك في الوطن لكنه الآن قتيلك. كنت شريكه في الوطن لكنك الآن قتيله. لا يتسع الوطن لرجلين. لا يتسع لفكرتين أو مذهبين. لستَ مواطناً. أنت مشروع قاتل أو قتيل.
    لا تتهمني بالمبالغة. أنظر إلى الإقليم وتمعّن. خرائط مهددة. دول مذعورة. حكومات متآكلة. جيوش غارقة في خوفها أو في دم مواطنيها. أعراق مستنفرة. طوائف ساهرة. مذاهب مشتبكة. أقليات تداوي خوفها بممارسات انتحارية. تتسول في وطنك. أو تتسول في مخيمات الدول المجاورة. كانت لك قرية وامّحت. وفي طرقات التيه تسمع عن قوارب الموت والجثث التائهة في البحار.
    لا تتهمني بالمبالغة. انتحاري ينغمس بسيارته في مقهى أو جنازة أو مدرسة. عبوات ناسفة ومسدسات كاتمة للصوت. يقتلك من يفترض أن يحميك. يغتالك من يفترض أن ينقذك.
    أكتُبُ تحت وطأة الألم. في زحمة السير في منطقة المرفأ في بيروت نقر شاب على زجاج السيارة. أطلق جملة موجعة: «أنا طالب جامعي ولا أريد منك أكثر من ثمن ساندويتش». ثم كرر العبارة بعد أمتار. غلبتني الحشرية فطلبت من السائق أن يتوقف. اكتشفت أن الشاب طالب جامعي فعلاً وأنه خائف من الجوع.
    قال انه حاول عبثاً العثور على عمل في بيروت. عدد السوريين كبير. لمّح إلى أن من سألهم استقبلوه بشيء من التخوُّف. ثمة من خاف أن يكون من أتباع النظام. وخاف آخرون أن يكون معارضاً جاء في مهمة. آلمه سؤال تكرر: «من أين أنت؟». عرف أن المقصود هو معرفة انتمائه المذهبي. ولم يتردد البعض في سؤاله مباشرة: «أنت سنّي أم علوي؟». آلمه السؤال الفظ. أشعره بـ «أن سورية انتهت». أشعره بـ «أن العروبة انتهت ايضاً».
    روى أن أقارب له قُتلوا. تحدّث عن مجازر ارتكبها أكثر من طرف. وأن ما يُكتب عن سورية، على فظاعته، أقل مما يجري فيها. وأن توافد المقاتلين الأجانب وتوزعهم على المعسكرين عمّقا الانقسام المذهبي ودفعاه في اتجاه الطلاق الكامل. استبعدَ ان يقيم السوري بعد اليوم في منطقة لا ينتمي فيها الى الغالبية الساحقة. استبعدَ أن ينام في منطقة لا تطابق لونه.
    قال إنه ينتظر فرصة للفرار إلى بلاد بعيدة. وإنه يستطيع العمل هناك في ميناء أو مقهى أو مصنع. يريد الابتعاد عن المجازر وصور المجازر. وإذا تيسّر له ذلك فسيستدعي التائهين من أفراد عائلته.
    أكد أنه لا يريد البقاء في لبنان «لأنه يشبه سورية». مرّ في طرابلس في شمال لبنان ورأى السنّة والعلويين يتقاتلون فيها. يريد بلاداً بعيدة لا يقرأ فيها الصحف ولا يفهم لغة الشاشات. يريد مكاناً للنوم وثلاث وجبات.
    لا يريد الشاب السوري أكثر من ساندويتش لتأجيل الجوع. لا يراهن على «جنيف-2» ولا ينتظر نتائج جهود الأخضر الإبراهيمي. لا يريد شيئاً من باراك أوباما. ولا يتوقع شيئاً من فلاديمير بوتين. ومن حسن الحظ انه لا يحفظ اسم نبيل العربي. قال انه يشعر بالذل لأن «المقاتلين الأجانب» يسبحون في دم هذا السوري أو ذاك، وكأنهم في رحلة صيد.
    كسرت رواية الشاب السوري قلبي. خجلتُ من التحديق في آبار اليأس في عينيه. شاب جامعي لا يريد أكثر من ساندويتش. خفتُ أن يقفز غداً الى قوارب الموت وأن يتحول جثة تائهة في بحر أندونيسيا أو إيطاليا.

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty العراقي لا التركي

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 5 نوفمبر 2013 - 12:38

    العراقي لا التركي
    غسان شربل
    الإثنين ٤ نوفمبر ٢٠١٣
    حين اندلع «الربيع العربي» وقع بعض أهل المنطقة في سحر النموذج التركي. تصرف رجب طيب اردوغان كمن يمتلك الوصفة السحرية. وبدا أن وزير خارجيته أحمد داود أوغلو عثر على عزاء بعد تصدع مشروعه لـ «تصفير المشاكل» مع الجيران.
    سرعان ما اصطدم الترويج لهذا النموذج بتباين المعطيات والحساسيات في مسارح الربيع السعيد الذكر. ارتطم الربيع بالأخبار الواردة من سورية التي غرقت في حرب مدمرة طويلة. تلقى طعنة نجلاء حين أطيح الرئيس محمد مرسي في ما يمكن اعتباره شبه ثورة وشبه انقلاب. لا ليبيا اعتنقت النموذج التركي ولا اليمن والامتحان التونسي مفتوح على كل الاحتمالات والأخطار.
    أكدت الأحداث أن النموذج التركي ليس عباءة يمكن استعارتها بمجرد إدخال تعديلات طفيفة على مقاساتها. فلهذا النموذج علاقة بتجربة أتاتورك الطويلة ودرجة التقدم الاقتصادي ومدى نضج الإسلاميين من فرط الرقص الصعب مع الجيش المكلف حماية الإرث العلماني. لا جيوش الدول التي ضربها الربيع تشبه جيش أتاتورك ولا مؤسساتها تشبه المؤسسات التركية.
    أي نظرة هادئة الى الدول التي أطاح الربيع رموز الاستبداد فيها أو ركائز استقرارها تدفع إلى الاعتقاد أن هذه الدول تجنح باتجاه النموذج العراقي لا التركي. في العراق الحالي دستور أقره الشعب لكن هذا الدستور لا يحل المشكلات بين المؤسسات ولا يوفر الضمانات ويمكن تعطيله أو الالتفاف عليه. في العراق انتخابات تجرى في مواعيدها لكنها لا تؤدي إلى إخراج البلد من المأزق الذي يتخبط فيه. في العراق عملية سياسية استهلكت وقتاً طويلاً وإمكانات مالية لكنها لم تمنع تفاقم أزمة المكونات. في العراق نظام يتكئ عملياً على المكون الأقوى ويخوض مواجهات متلاحقة مع المكونات الأخرى. في العراق جيش انفقت أموال هائلة على إعادة بنائه لكن وجود هذا الجيش لا يلغي وجود ميليشيات تفخخ وتفجر وتغتال. في العراق حكومة يفترض أن شرعيتها منبثقة من صناديق الاقتراع لكن ذلك لا يلغي أن قسماً من المواطنين يشعر بالتهميش بفعل سياساتها. في العراق علم يفترض أنه يرفرف على امتداد الخريطة لكن يرفرف معه في كردستان العراق علم الإقليم واستناداً إلى الدستور. وهناك علم «القاعدة» الذي يغتنم أي فراغ ليطل برأسه.
    هل هذا هو النموذج الأقرب الى حقائق الإقليم ودوله؟ الدولة المركزية القوية صارت من الماضي. التغيير ينجب دولة رخوة تتعايش مع ما يشبه الحرب الأهلية الدائمة على أراضيها. دول رخوة وخرائط رخوة. أشكال من الفيديرالية المعلنة وغير المعلنة لكن على قاعدة التنابذ الدائم لا التعاون. كتل عرقية او مذهبية تتجاذب مؤسسات الدولة فتنهكها وتعطلها ونسيج اجتماعي مريض يسمح لـ «القاعدة» وأخواتها بالتسلل الى الداخل لتمعن تفجيراً وتمزيقاً. وقد يبلغ التردي حد تمكن «القاعدة» من التجذر في جزء من الخريطة وإعلان دولتها هناك وسط مسلسل الغارات والتفجيرات والجنازات.
    لا علاقة للأمر بأي ميل الى التشاؤم. يكفي أن يتابع المرء ما يجري في اليمن. وليبيا. وسورية. ولبنان. وتونس. إما دولة هشة أو لا دولة. دولة منتهكة ومؤسسات متآكلة. وعصبيات حزبية أو جهوية أو قبلية. ثمة من يتخوف من عقود من التفكك تسمح لكل العصبيات المكبوتة والأحلام السرية بالتعبير عن نفسها بعنف قاتل. ثمة من يعتقد أن ذهاب الحاكم المستبد لا يعني بالضرورة سلوك طريق الديموقراطية. يمكن الوقوع في أشكال أخرى من الاستبداد أخطرها استبداد فكرة لا تجيز أي اختلاف وتعتبر المختلف خائناً ودمه مباحاً.
    تشهد الدول الرخوة نزاعات تفيض عن حدودها. تشهد تحالفات مذهبية عابرة للحدود. تشهد تمزقات وتدخلات وحروباً بالواسطة. هذا يفسر اضطراب العلاقات الإقليمية. يفسر ايضاً ارتباك سياسات الدول الكبرى حيال نزاعات ترتدي غالباً طابع الاحتراب الأهلي وإنْ رفعت شعارات أخرى. يؤدي المشهد ايضاً إلى ارتباكات في علاقات الدول الكبرى بالدول القلقة من اهتزاز التوازنات في الإقليم.
    غلبة النموذج العراقي تعني أن الإقليم مرشح لمزيد من النزاعات والخسائر. لمزيد من التفكك والفقر والإرهاب والهجرة. إنه مناخ ملائم لنمو الأصوليات وتفاقم ذعر الأقليات وجاذبية الخيارات الانتحارية. مناخ يتيح لـ «القاعدة» التسلل الى الخرائط المتصدعة وإلهاب خطوط التماس داخلها وعلى حدودها.

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty عقارب ساعة المرشد

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 11 نوفمبر 2013 - 19:48

    عقارب ساعة المرشد
    غسان شربل
    الإثنين ١١ نوفمبر ٢٠١٣
    نظر المرشد ومستشاروه الى البيت الابيض. رأوا فيه رئيساً لا يشبه ابداً جورج بوش. رأوا رئيساً لا يريد اطاحة النظام الايراني ولا يريد إقحام اميركا في حرب جديدة. هذا يعني ان باراك اوباما قد يشكل فرصة. التعامل معه افضل من انتظار خلفه. ثم إن الأزمة السورية وفّرت لروسيا فرصة العودة بقوة الى المسرح الاقليمي.
    نظر المرشد ومستشاروه الى الوضع الاقتصادي. العقوبات موجعة فعلاً. المداخيل تراجعت. والعملة تهاوت. وأرقام التضخم والبطالة تنذر بما هو أسوأ. الانتظار سنوات اضافية يحمل مخاطر عدة، بينها التفاوض لاحقاً من موقع اضعف. وبينها ايضاً إمكان انفجار غضب الشارع وعلى نحو يفوق «الحركة الخضراء» التي نجح النظام في وأدها.
    نظر المرشد ومستشاروه الى الاقليم. رأوا ايران منخرطة في حرب مذهبية اقليمية مكلفة على ارض سورية. تكاليف إبقاء النظام حياً هناك تقاس ببلايين الدولارات سنوياً. وهناك الالتزامات «السوفياتية» الباهظة من جبال الحوثيين الى غزة مروراً بلبنان. استمرار النزف الاقتصادي يهدد عملياً القدرة على الوفاء بالالتزامات وقد يُضعف الأوراق.
    نظر المرشد ومستشاروه الى المنطقة فتأكدوا من امتلاك اوراق مهمة. لا يمكن تشكيل حكومة جديدة في العراق من دون موافقة طهران. لا يمكن تشكيل حكومة جديدة في لبنان من دون موافقتها. ورثت ايران دور النظام السوري في العراق. ورثت ايضاً دوره السابق في لبنان. ثمة من يتحدث عن وراثة على الارض السورية نفسها.
    حان الوقت للحصول على الاعتراف الدولي بنتائج الهجوم الايراني الواسع على جبهتي الحلم النووي والدور الاقليمي. لا يمكن إسناد هذا الدور الى من يشبه احمدي نجاد. وقع «الخيار» على حسن روحاني، وهكذا كان. الديموقراطية الايرانية تعمل بفعالية تحت عباءة المرشد. في السباقات الطويلة لا بد من تبديل الأحصنة ولغة التخاطب.
    كشف الهجوم الديبلوماسي الذي شنّه روحاني من نيويورك تلهف اوباما للتفاهم مع ايران. المفاوضات الماراتونية التي شهدتها جنيف من ثمار ما جرى في نيويورك. لم يعد الجلوس مع الاميركيين خيانة وتفريطاً. بدا شعار «الموت لأميركا» لافتة عتيقة تمكن احالتها الى التقاعد اذا حصلت ايران على ما تريد او على قسم اساسي مما تريد.
    يعتقد بعض من رافق الملف الاميركي - الايراني ان طهران يمكن ان ترجئ صناعة القنبلة وأن تكتفي بامتلاك القدرة على انتاجها او الاقتراب من حافة هذه القدرة. في المقابل، يعتقد هؤلاء ان ايران ليست جاهزة لتقديم تنازلات اساسية في الهجوم الذي شنّته للتحول دولة كبرى في الاقليم.
    هنا تُطرح اسئلة صعبة: هل يمكن فصل مصير معركة الحلم النووي عن مصير الرغبة الدفينة في الحصول على موقع الشريك الاكبر لـ «الشيطان الاكبر»؟ وبصورة اوضح، هل تستطيع اميركا إبرام صفقة كبرى مع ايران من دون ان يكون ملف امن اسرائيل حاضراً على الاقل تحت الطاولة اذا تعذر حضوره مباشرة عليها؟ هل ايران جاهزة لمثل هذه الصفقة بعد عقود من اعلان قادتها ان اسرائيل «ورم سرطاني» يجب استئصاله؟ هل ايران جاهزة لهدنة طويلة في هذا الموضوع؟ وماذا عن قاموس المقاومة والممانعة الذي اتكأت عليه لتوسيع حضورها العسكري والسياسي والأمني في الاقليم؟ وماذا عن «حزب الله» في لبنان وعن المجموعات الفلسطينية التي تدور في فلك طهران والتي تحمي المساعدات الايرانية شرايينها من اليباس؟ هل تستطيع ايران إبرام صفقة فعلية مع الغرب من دون ان تتغير؟ أوليس الاشتباك مع الغرب وإسرائيل من شروط تماسك الدور الايراني في المنطقة؟ هل يمكن هذه الصفقة ان تولد وتعيش ما لم يقتنع المرشد نفسه بأن على الثورة ان تتقاعد مع قاموسها وأحلامها وأوهامها لتفسح المجال لقيام دولة طبيعية تحترم الحدود الدولية والقوانين الدولية وهواجس جيرانها؟
    اغلب الظن أننا في بدايات مسار طويل ومعقد. اننا نتحدث عن منطقة تنام على ثروات كبرى. وتنام ايضاً على بحر من التوازنات الحساسة والهواجس والذاكرة المثقلة بالنزاعات والثارات. من المبكر الاعتقاد بأن الطرفين جاهزان لدفع أثمان الصفقة الكبرى. ومن المبكر وضع لائحة بثمار الهجوم الايراني الذي يهز المنطقة منذ ثلاثة عقود. ايران تعيش على عقارب ساعة المرشد. والمرشد حارس القاموس والوحيد القادر على تطويع مفرداته. وواشنطن تزعم انها «ليست عمياء ولا غبية»، كما قال كيري.

    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    عدد الرسائل : 29437
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty ما بعد «الانتصار»

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:04

    ما بعد «الانتصار»
    غسان شربل
    الإثنين ٢ ديسمبر ٢٠١٣
    أهل الشرق الأوسط عاطفيون وحماسيون. يحبون الانتصارات لا التسويات. الفوز بالضربة القاضية لا بالنقاط. لكن الأوضاع الإقليمية والدولية شديدة التعقيد. ولا تتيح الانتصارات الكاسحة والإسراع في بناء عليها. لهذا لا بد من التمهل في القراءة فنحن لا نزال في بداية الطريق.
    كنا صغاراً حين انتهت المغامرة الأميركية في فيتنام بهزيمة محققة. أنزلت القوات الأميركية آخر أعلامها وانسحبت. قيل الكثير يومها عن الهزيمة المذلة والإمبراطورية التي انكفأت إلى العزلة لتلعق جراحها. وها نحن نقرأ منذ سنوات عن ازدياد التبادل التجاري بين البلدين. وعن تشوق فيتنام لاستقبال الاستثمارات الأميركية والسياح. وعن ابتهاجها بزيارات القطع البحرية الأميركية لتذكير الصين بضرورة ضبط شهواتها للهيمنة على جيرانها.
    لم تحقق إيران الانتصار الذي حققته فيتنام. استهدفت الأميركي في بيروت. استهدفته أيضاً في العراق. وربما في ساحات أخرى. لكنها لم تدخل في مواجهة مباشرة مع الآلة العسكرية الأميركية التي قدمت لها من دون قصد هديتين ذهبيتين في العراق وأفغانستان. نجحت إيران في جمع الأوراق في الإقليم. ذكرت دائماً بقدرتها على التأثير في الموضوعين الأبرز فيه: أمن النفط وأمن إسرائيل. جاءت بحسن روحاني لاستغلال الفرصة التي تشكلها خيارات أوباما وكان اتفاق جنيف. كان ما تسميه «انتصاراً».
    حتى ولو اعتبر ما حدث انتصاراً فان من السابق لأوانه تشبيه نتائج الاتفاق بنتائج زيارة ريتشارد نيكسون لماو تسي تونغ. إننا نسكن اليوم في عالم مختلف عن عالم ماو. مختلف بتوازناته ومعايير القوة، ثم إن إيران ليست الصين وإن كانت تقيم في منطقة حساسة أيضاً.
    لنفترض أنه انتصار. لكن علينا الالتفات إلى أن الاتفاق الذي أبرم مرحلي، وأن المفاوضات المقبلة ستكون أكثر صعوبة وتستلزم اتخاذ قرارات مؤلمة. عدم رغبة إدارة أوباما في خوض حروب جديدة في المنطقة وتوجهها لإعطاء الأولوية لمنطقة أخرى لا يعني تكليف إيران قيادة الشرق الأوسط أو رسم ملامحه. لا بد هنا من الالتفات أيضاً إلى اللاعبين الروسي والأوروبي وإلى الدول الأساسية في الإقليم كمصر والسعودية وتركيا.
    لا بد أيضاً من الالتفات إلى صعوبات موضوعية تحول دون تفرد إيران بزعامة العالم الإسلامي، خصوصاً بسبب عدم انتمائها إلى الأكثرية في هذا العالم والتي ينتمي إليها أكثرية العرب. ثم إن الاضطلاع بدور من هذا الحجم يفوق قدرات الاقتصاد الإيراني الحالي الذي أنهكته العقوبات الغربية والالتزامات «السوفياتية» من أفغانستان إلى لبنان.
    لا تستطيع إيران أن تكون اللاعب الأبرز في الإقليم إلا إذا تغيرت. الأدوار الكبرى تقوم على المساهمة في صناعة الاستقرار. تقوم على صناعة التسويات لا على تسجيل الاختراقات. صناعة الاستقرار في العراق تستلزم إشراك المكون السني في القرار. إشراك هذا المكون جدياً يقلص قدرة إيران على إدارة العراق. أي تسوية قابلة للحياة في سورية تستلزم إشراك الأكثرية السنية وهذا يؤدي في حال حصوله إلى قيام سورية أقل التصاقاً بإيران. يمكن قول الشيء نفسه عن لبنان، الذي أدى الإلغاء المنهجي لموقع رئاسة الحكومة فيه إلى ارتفاع أصوات التشدد داخل الطائفة السنية.
    إنها أسئلة ما بعد «الانتصار». كبرت أجيال على وقع هتاف «الموت لأميركا»، فماذا ستفعل ايران بهذا الشعار؟ كيف يمكن تطبيع العلاقات مع «الشيطان الأكبر» والاحتفاظ بلغة الاختراقات والضربات؟ وإذا كان هذا الشعار من مستلزمات تماسك النظام فما هو البديل؟ وماذا عن «تصدير الثورة» وهو الذي أقلق دول المنطقة قبل أن يقلقها البرنامج النووي؟ ثم إن إيران تدرك جيداً أن شعار «استئصال الورم السرطاني» لا يصطدم بأميركا وحدها بل أيضاً بروسيا بوتين التي لا تتهاون أبداً في موضوع أمن إسرائيل. يضاف إلى ذلك أن استقبال المستثمرين يفترض توفير بيئة سياسية وقانونية مختلفة وسيضاعف رغبة الشباب الإيراني في التطلع إلى العيش في دولة طبيعية ومزدهرة تنفق قدراتها على التنمية والتعليم ولا تعيش على الاشتباك الدائم مع جيرانها أو الدول الكبرى.
    إيران دولة كبيرة في المنطقة. لكن الدور الكبير المقبول والدائم يستلزم الافتراق عن جمر الثورة. من التسرع أيضاً مقارنة روحاني بميخائيل غورباتشوف. ربما تحتاج إيران إلى رجل يشبه دينغ هسياو بينغ الصيني. وربما عليها أن تتذكر أن فيتنام انتصرت على أميركا لكنها أحالت الانتصار إلى كتب التاريخ، وها هي اليوم منشغلة بجذب الاستثمارات والسياح لتحسين ظروف معيشة أبناء من صنعوا الملحمة وأحفادهم.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty ليتك ولدت هنا

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:05

    ليتك ولدت هنا
    غسان شربل
    السبت ٧ ديسمبر ٢٠١٣
    التاريخ سجل ارتكابات وفندق مرتكبين. يدخله النزلاء مع ضحاياهم. إهرامات من العظام. مدن متفحمة. بحر من الأيتام. حروب كبرى. ومنعطفات خطرة. ومسيرات مبللة بالدم.
    ارتبك مدير الفندق بالوافد الجديد. راح يتفقد المكان. هذه غرفة ادولف هتلر. وهذه شقة جوزيف ستالين. وسرير ماوتسي تونغ. وزاوية بول بوت. هذا المكان غير ملائم.
    تفقد الجناح الأفريقي. الإمبراطور بوكاسا في زنزانته مع صورة نابوليون. وموبوتو سيسي سيكو يبحث عن نادل يرميه للتماسيح. وعيدي أمين يواصل تهريجاته الدموية. وهذا المكان غير ملائم.
    لهذا الجناح نكهة اخرى. غاندي جالساً على حصيرته. ومارتن لوثر كينغ منفرداً بحلمه. وإبراهام لينكولن يتابع الـ «سي ان ان». وسيمون بوليفار يتمشى مع تشي غيفارا. هذا مكان لائق لكن الوافد يستحق اكثر.
    يختتم مدير الفندق جولته ويصدر قراره. وحدها شرفة التاريخ تليق بنلسون مانديلا.
    لم يحدث ان انحنى العالم لرجل كما فعل لدى شيوع نبأ وفاته. كأن كلمة العملاق صنعت لأجله واستخدمت خطأ في وصف غيره. تذكر الناس قصة القامات. في حضرة هالته يبدو سيد البيت الأبيض ولداً مذهولاً أمام عراف. ويبدو قيصر الكرملين ضابطاً ارسلته الـ «كي جي بي» في مهمة سرية. سيد الإليزيه يظهر عارياً من الأوسمة. وحارس 10 داونينغ ستريت رجل عادي لزمن عادي.
    لا يرتكب العالم مثل هذا الذنب الناصع الا نادراً. رفع الكوكب قبعته اجلالاً. كأنه شعر بخسارته. لا جيوشه جرارة ولا أساطيله تعتقل البحار. لكنه اقوى وأعنف. رجل صنع قصته فصنع له الشعب أسطورته. رفع رأسه ضد التمييز العنصري وأبحر مع قدره. توالت السنوات وراء القضبان وظل السجين مقيماً في عنفوانه وجبهته. عرضوا عليه الحرية مشروطة بالتنكر لحلمه فرد بابتسامة احتقار. ومن داخل الزنزانة لمعت قبضته في ضمير شعبه وضمير العالم.
    مفاتيح القصة ليست سرية. كرامة الإنسان. مقاتلة الظلم بلا هوادة. رفض امتهان الحقوق والكرامات. الحق في العيش الكريم وتساوي الفرص. الديموقراطية وحقوق الإنسان.
    في السجن الذي امتد سبعة وعشرين عاماً اتخذ قراراً سيغير مصير بلاده. تعلم لغة الأقلية البيضاء المتسلطة. غاص في ثقافتها وشعرها وتراثها. مكنه ذلك من ملامسة مخاوفها وهواجسها. وحين خرج من السجن كان اتخذ قراره. نعيش معاً في ظل الديموقراطية. المصالحة لا الثأر. لا مكان للهيمنة البيضاء. ولا مكان لهيمنة مضادة. ولم يكن القرار سهلاً. ففي ذاكرة السود عقود من القهر كان ممنوعاً عليهم فيها الاقتراب من قرى الأسياد ومدارسهم ونواديهم.
    ساعة خروجه من السجن في 1990 خاطب منتظريه قائلاً: «اقف هنا أمامكم لا كرسول بل كخادم ذليل أمامكم أمام الشعب. إن تضحياتكم الدؤوب والتاريخية هي التي جعلت من الممكن ان اقف هنا اليوم. ولهذا اضع ما تبقى من سنوات عمري بين ايديكم». وفي 1993 شاهده العالم يتقاسم نوبل للسلام مع عدوه الذي تحول شريكاً وهو آخر رؤساء نظام التمييز فريدريك دو كليرك.
    في السنة التالية وفي اول خطاب بعد فوزه كأول رئيس اسود لجنوب أفريقيا توجه إلى مواطنيه قائلاً: «حان الوقت لمداواة الجراح. حان وقت تخطي الهوة التي فرقت بيننا. حان وقت البناء». قاد الرجل عملية انتقال سلمي للسلطة. فكك النظام العنصري. وجنب بلاده حرباً اهلية طاحنة.
    أدرك مانديلا ان عليك ان تلتفت الى الآخر الذي لا يشبهك في الوطن. ان تفهمه وتلتقي معه في الدولة ومؤسساتها. وأن تبنى المصالحة على العدالة والتسامح والتطلع الى الازدهار والمستقبل المشترك. وبعد خمسة اعوام غادر موقع القرار مكتفياً بتوظيف هالته في خدمة وطنه وشعبه.
    قصة مانديلا قصة العاشق. عاشق للحرية والكرامة. عاشق للحياة والعدالة والتسامح. وعاشق أيضاً للموسيقى والنساء والثياب الجميلة والقمصان المزركشة والملاكمة والرقص. عاشق لشعبه وللإنسانية.
    يغيب مانديلا فيما تغرق بلداننا في الظلام وتسافر عواصمنا الى الكهوف. لا نعترف بالآخر. لا نقبله الا عبداً او جثة. نريد شطب ملامحه ومحو تراثه واقتلاع جذوره. نسينا مفردات كرامة الإنسان وحقوق الفرد واحترام الاختلاف والاعتراف بالآخر. اعرف ان كثيرين استقبلوا نبأ وفاته بالقول ليتك ولدت هنا. يحتل مانديلا شرفة التاريخ ونندفع نحن في اتجاه الهاوية
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty قمة الأخطار والأدوار

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:06

    قمة الأخطار والأدوار
    غسان شربل
    الإثنين ٩ ديسمبر ٢٠١٣
    لا تتوهم ان العاصفة مرت او تكاد. وأنه يكفي اصلاح الزجاج الذي تحطم واستبدال الأشجار التي اقتُلعت. وأن الاسوأ قد عبر. وأن من نجا حتى الساعة ضمن مقعده في نادي الناجين. صحيح ان الذعر ليس حلاً. لكن الصحيح ايضاً ان الإفراط في الطمأنينة خطر كالتهور او اكثر.
    لا بد اولاً من الاعتراف بأن العاصفة ليست وافدة من الخارج حتى وإن حاول توظيفها او ادارة نتائجها. العاصفة ليست مؤامرة حاكتها دوائر التآمر ومطابخ السوء. انها في جانب اساسي منها انفجار داخلي بفعل تراكم عقود من الفشل الاقتصادي والسياسي وسياسات الإقصاء والتهميش. وهي في جانب آخر حصيلة اصطدام مجتمعاتنا بالعصر بعدما ساهم الإعلام في كشف أحشاء مجتمعاتنا والأمراض التي اخفيناها طويلاً.
    لا يستطيع الشرطي اعتقال العاصفة. ولا يكفي إقفال النافذة. ولا اتهام اعداء الوطن والأمة. هزت العاصفة توازنات ودولاً. اقتلعت ركائز الاستقرار السابق. هزت المؤسسات والأحزاب والجماعات والحدود والجيوش، وهددت الادوية القديمة والثياب القديمة. اننا أمام وضع جديد وشديد الخطورة. أمام وضع غير مسبوق. لا تصلح العلاجات العتيقة لمداواة الأمراض الجديدة.
    نقطن اليوم في منطقة لا تشبه تلك التي كانت قائمة قبل ثلاث سنوات. التقت رياح «الربيع العربي» بذيول الغزو العراقي ونتائجه. وها هي تلتقي اليوم بتبدلات في المشهد الاقليمي ومستوى حضور الكبار فيه وحساباتهم والتزاماتهم. ان مصر اليوم غير ما كانت عليه قبل ثلاث سنوات. وتركيا اليوم غير ما كانت عليه وإن كان السلطان لم يتغير. ان ايران اليوم غير ما كانت عليه. انها على ابواب اختبار كبير ومرحلة جديدة يصعب الجزم باتجاهات مخاض الولادة فيها.
    انها منطقة اخرى. تبحر الدول وسط ضباب كثيف. الحكومات مرتبكة. والجيوش قلقة. والحدود منتهكة او مرشحة. نسيج المنطقة تمزق تحت وطأة الاختراقات واندفاع القوى التي لا تحترم الحدود الدولية وتعتبر المواثيق الدولية اثماً من صنع الكفار. هذه ليست مبالغات. التفكك العراقي واقع لا يمكن انكاره. التفكك اليمني صارخ. ما بدأ انتفاضة او ثورة في سورية تحول اليوم حرباً مذهبية اقليمية تضخ التوتر في الشرايين القريبة والبعيدة. مؤسسات لبنان وقعت في الغيبوبة وأبوابه مخلّعة تستورد اللاجئين والنار معاً. وليبيا الخائفة التي امضت اربعة عقود في ظل القائد تتحول اليوم الى ليبيا المخيفة لسكانها وجيرانها والعالم. ومن اليمن الى تونس مروراً بكل المسارح المشتعلة، تحولت «القاعدة» وأخواتها لاعباً لا يمكن إنكار وجوده ويستحيل التعايش معه.
    في ظل هذه الصورة القاتمة بعثت اميركا اوباما برسالتين. الاولى انها منهمكة بإنهاء الحروب السابقة وليست في وارد الخوض في حرب جديدة. والثانية ان الاولوية لديها هي الكيماوي السوري والنووي الايراني. وهكذا سبق جنيف الايراني جنيف السوري. التفت اهل المنطقة الى الثمار الاولى للمحادثات السرية. قلقهم من النووي الايراني لا يتجاوز اصلاً قلقهم من الدور الايراني. هذا لا يعني ان اميركا حزمت حقائبها ورحلت وإن بدت منشغلة بالإعداد لاحتواء الصعود الصيني. لكن هذا التغيير ليس بسيطاً، خصوصاً بعدما اعطت الازمة السورية لروسيا بوتين حق الفيتو من مجلس الامن الى ملفات الاخضر الابراهيمي.
    هذا العالم اشد خطورة وبكثير من العالم الذي كان قائماً يوم ولد مجلس التعاون الخليجي في 1981 على دوي الحرب العراقية - الايرانية. صارت صيانة الاستقرار اصعب وأكثر كلفة في الداخل والخارج. ثم إن المنطقة بأسرها تعيش مرحلة انتقالية لا يمكن اجتيازها استناداً الى الحسابات السابقة والبوصلة القديمة.
    لنترك اسرائيل جانباً. اربع دول اساسية في المنطقة ستلعب دوراً في هذه المرحلة الصعبة استناداً الى استقرارها الداخلي وإمكاناتها وتحالفاتها والاوراق التي تملكها في الاقليم. وهذه الدول هي السعودية ومصر وإيران وتركيا. حجم الدور العربي في الاقليم مرهون بقيام سياسة سعودية - مصرية واقعية ونشطة اذا تمكنت مصر من الخروج سريعاً مما تعانيه.
    يعرف قادة مجلس التعاون الذين يلتقون غداً في الكويت حجم الأخطار المحدقة بالاستقرار والأدوار. يعرفون اهمية الإصغاء العميق الى اوضاع الداخل والخارج. وأهمية الاستجابة السريعة لوضع متغير. موقف سلطنة عمان كشف بوضوح ان رحلة الاتحاد الخليجي لن تكون سهلة. لكن حساسية الأدوار داخل المجلس يجب ألا تعطل محاولة التقريب بين القراءات المختلفة لدوله لأسلوب التعامل مع مرحلة احتواء الأخطار ورسم الادوار
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty من قتل «الربيع»؟

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:07

    من قتل «الربيع»؟
    غسان شربل
    الإثنين ١٦ ديسمبر ٢٠١٣
    أين هم الشبان الذين احتشدوا قبل نحو ثلاثة أعوام في الميادين والساحات مطالبين بسقوط من سمّوه المستبد او الديكتاتور او الطاغية؟ وهل يتذكرون شارات النصر التي رفعوها حين بلغهم نبأ فراره أو تنحيه أو مقتله؟ هل يتذكرون الأحلام التي ارتكبوها في تلك الأيام وحديثهم عن الديموقراطية ودولة المؤسسات والشفافية وتداول السلطة واحترام حقوق الإنسان؟ هل تصرفوا فعلاً بدافع الحماسة أم البراءة أم السذاجة؟ وهل كانوا غرباء عن مجتمعاتهم لا يعرفون حجم الظلام المستحكم في أعماقها وآبار الكراهية التي كانت تتحين الفرصة للانفجار؟ هل غاب عن أذهانهم أن المشكلة ثقافية قبل أن تكون سياسية؟ وأنه لا يكفي فتح صناديق الاقتراع لقلب الصفحة السابقة؟ وأن قروناً من العتمة ساهمت في اعتقال العقل العربي وتعطيله وجعلت العربي عاجزاً عن تحريك المفاتيح التي تقود الى المستقبل؟
    منذ أسابيع يطاردني سؤال مزعج هو من قتل «الربيع العربي»؟ لهذا أغتنم فرصة اللقاء بأي من المنخرطين البارزين في ذلك الربيع لأسأله عن تقويمه خصوصاً بعدما ضاقت بعض مسارح الربيع بمن كانوا دعاة الديموقراطية وبناء الدولة الحديثة. لن أورد أسماء من سألتهم لأن اللقاءات لم تكن مخصصة للنشر.
    لعب الرجل دوراً مهماً في «ربيع» بلاده حين وجه ضربة مؤلمة الى المستبد الذي عمل سنوات تحت صورته. سألته فأجاب: «لا أدري. ربما جاء ما تسمّيه الربيع مبكراً وقبل أن تصبح مجتمعاتنا جاهزة لاستقبال تحول بهذا الحجم. تبين أننا لا نزال نعيش في أعماق التاريخ. مع سقوط المستبد بدأت مجتمعاتنا في إخراج كل ما تجمع في إحشائها من الدم والقيح والكراهيات والقهر والثارات. أعتقد أن المرحلة الانتقالية ستكون راعبة وطويلة. في أي حال احتاجت الثورة الفرنسية إلى ثمانية عقود كي تستقر».
    وأضاف: «أننا في حالة رهيبة من التخلف. راقب الشاشات. استاذ جامعي يتحدث كأنه لم يدخل عصر القراءة والكتابة. انظر أن دولاً مثل العراق وسورية ولبنان والبحرين تدفع اليوم فاتورة ما حدث بين عليّ ومعاوية. نتحدث عن العولمة والتكنولوجيا ثم ننام في كهوف التاريخ. عواصمنا أقرب الى المسالخ تغص بالانتحاريين ومرتكبي الاغتيالات ودولنا تعجز حتى عن توفير الكهرباء بصورة منتظمة. مجتمعاتنا ساهمت في قتل الربيع خصوصاً حين تصدّر أسرى التاريخ الصفوف».
    لاعب آخر قدم قراءة مختلفة. قال إن أبرز من قتل الربيع هم الذين سارعوا الى محاولة تكييفه مع مصالحهم. قال إن الغرب تصرف كدجال خصوصاً أميركا أوباما. أرادت واشنطن توجيه الظاهرة في خدمة سياسة كانت اعتمدتها قبل سنوات وجوهرها دعم وصول ما تسميه الإسلام السياسي المعتدل لاعتقادها أنه قادر على احتواء الإرهاب. وأضاف أن «الإخوان» الذين كانوا الأكثر تنظيماً وانتشاراً في المجتمع اعتبروا الفرصة تاريخية فانقضوا على الوليمة.
    قال ايضاً إن تركيا لعبت دوراً في قتل «الربيع» حين اعتبرت أن انتصار «الربيع الإخواني» يعطيها ورقة ثمينة في تنافسها الاستراتيجي مع إيران. وأن قطر وظفت ثقلها المالي وعلاقاتها الدولية في خدمة «الربيع الإخواني» بالتوازي مع الدور التركي. لاحظ أن روسيا كانت مهتمة بقتل «الربيع الإسلامي» خوفاً من تحوله ورقة في يد الغرب وخوفاً من انتقاله الى جوارها وأراضيها. وقال إن روسيا وجدت في الأحداث السورية فرصة لقتل هذا الربيع والتقت معها في هذه المهمة إيران وإنْ كان لحسابات غير مطابقة.
    رأيت في كلام الرجلين ما يساعد على فهم ما يجري حالياً في أكثر من بلد عربي. استوقفني أن «الربيع العربي» قتل على أيدي أكثر من طرف. أغلب الظن أننا في بدايات موسم العواصف. مرحلة انتقالية مؤلمة وطويلة. أول شروط الذهاب الى المستقبل هو الخروج من كهوف التاريخ وأوهام امتلاك حلول نهائية جاهزة لمشكلات جديدة مطروحة في عالم سريع متدفق
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty أصيبوا في سورية

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:09

    أصيبوا في سورية
    غسان شربل
    الإثنين ٢٣ ديسمبر ٢٠١٣
    المشهد السوري مخيف. لعله الأقسى منذ الحرب العالمية الثانية. مئات آلاف الضحايا. ملايين اللاجئين والنازحين. قسوة غير مسبوقة. براميل متفجرة ومدن مطحونة ومجازر لا يمكن احصاؤها. عمليات انتحارية. رؤوس مقطوعة. أنهار من الحقد والدم والثأر. قتل بلا هوادة لا يستثني امرأة او طفلاً او سجيناً. ارض مستباحة ومتطوعون من الجانبين يزيدون المذبحة اشتعالاً.
    اخطر ما يميز هذه المجزرة المفتوحة هو ارتفاع عدد المصابين في الداخل والخارج.
    أُصيبت سورية إصابات فادحة. النظام الذي كان قوياً انكمش وتقلصت سلطته على اراضيه. الجيش الذي طوّر ترسانته بحثاً عن توازن مع العدو الاسرائيلي يسكب الآن نيرانه على «اهداف» داخل الأراضي السورية. لم يستطع مواجهة العاصفة منفرداً. يقاتل حالياً مدعوماً بالميليشيات الوافدة من لبنان والعراق وإيران. الحزب الحاكم قتل في بداية الأحداث. استطاع النظام البقاء على جزء من سورية، لكنه لا يبدو قادراً على استعادة سلطته على كل سورية او غير قادر على دفع الأثمان البشرية الباهظة لعملية من هذا النوع.
    المعارضة السورية أُصيبت هي الأخرى إصابات فادحة. استدرجها النظام الى مواجهة مسلحة فخسرت وحدتها وقدرتها على ادارة المعركة. وجّه المقاتلون الجوالون الذين تسربوا الى الارض السورية ضربات الى جيش النظام، لكنهم سرقوا الثورة. فرضوا اسلوبهم المرفوض. وبرنامجهم المقلق. وممارساتهم المقززة. الطعنات التي وجهتها «داعش» الى الانتفاضة كانت اقسى بكثير من تلك التي وجهتها الى النظام. أثار المتطرفون قلق الدول القريبة والبعيدة بفصل الرؤوس واعلام «القاعدة». شرذموا وتشرذموا. أحبطوا السوريين الذين حلموا بسورية ديموقراطية تتسع لكل مكوناتها.
    الوحدة الوطنية ضربها الزلزال. اننا نتحدث الآن عن السنّة والعلويين والدروز. عن المسيحيين المرشحين للتبخر على غرار ما حدث في العراق. عن العرب والأكراد. عن اضطراب علاقات الاكراد بمحيطهم مرة إذا اتهموا بالأنانية وتوظيف التفكك ومرة اخرى اذا اتهموا بالضلوع في «ألاعيب النظام». كانت سورية مصابة بنقص فادح في الديموقراطية. سورية الحالية مصابة بغياب رهيب للوحدة الوطنية.
    باراك اوباما أُصيب في سورية. اهداه فلاديمير بوتين ملف تدمير السلاح الكيماوي وعرّاه من صدقيته. اكتشف العالم ادارة خائفة مترددة تفضل الانسحاب استعداداً للرقص مع ايران روحاني في المفاوضات النووية. فرانسوا هولاند أُصيب هو الآخر وبدت تهديداته من قماشة تهديدات «سلطان اسطنبول». ثمة من يعتقد ان روسيا أُصيبت هي الاخرى وإن بدت منتصرة. اغلب الظن ان روسيا بوتين أُصيبت في صورتها وعلاقاتها العربية وأنها ستكون الهدف الاول للمتشددين في المرحلة المقبلة.
    تركيا المجاورة أُصيبت بقوة. اعتقد رجب طيب اردوغان ان «الربيع الإخواني» سينتصر في سورية فأسقط من قاموسه عبارة «صديقي بشار» التي رددها كثيراً. فتح الحدود أمام تدفق اللاجئين ثم أمام المقاتلين الجوّالين. وحين اتخذ القتال في سورية طابعاً مذهبياً، بدأت الارتدادات في الداخل. تململ العلويون الاتراك وأطل الخطر الكردي مجدداً.
    «محور الممانعة» أُصيب هو الآخر على رغم نجاحه في إبقاء النظام حياً. سبحت «حماس» في اتجاه قطر وغزة فخسر المحور حلقته السنّية الوحيدة. خاض المحور في نزاع لا يمكن إنكار طابعه المذهبي. فقد الكلام عن الممانعة وقعه، خصوصاً بعدما بدا ان ايران تحلم بأن تكون الشريك الاكبر لـ «الشيطان الاكبر». «حزب الله» أُصيب بشدة. ليس فقط بسبب الجثامين العائدة من القصير او القلمون، بل ايضاً لأن صورته أُصيبت في لبنان وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي. كل دول الاقليم أُصيبت في سورية. أُصيب حلفاء النظام وأُصيب خصومه.
    لا ضرورة للحديث طويلاً عن لبنان. ذهب اللبنانيون بانقساماتهم الى النار السورية واستعجلوا زيارة «القاعدة» وأخواتها لربوعهم. ازدادت مؤسساتهم تشرذماً وتهالكاً وازداد الطلاق المذهبي في صفوفهم.
    لائحة المصابين طويلة. ولا شيء يوحي ان «جنيف 2» قادر على توفير الضمانات او توزيع الضمادات. لا يستطيع المتحاربون الفعليون في سورية قبول التسوية. كل تسوية تعني قدراً من الخسارة. العجز عن الحسم والعجز عن التسوية يهددان بما هو ادهى من الصوملة التي يكرر الاخضر الابراهيمي التحذير منها. لا بد من الالتفات الى ان عدد المصابين في الصومال لا يعتبر شيئاً إذا قيس بعدد المصابين في سورية من افراد وسياسات ودول
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty أعرف لماذا قتلوني

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:10

    أعرف لماذا قتلوني
    غسان شربل
    السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٣
    براءة القتيل تضاعف متعة القاتل. تؤكد قدرته على اجتراح المفاجآت. وأن بنك الأهداف ثري ومتنوع. وأن اليد طويلة وقادرة. وأن من يشرب نهراً لن يغص بساقية. وأن لا حق لأحد في اقتناص لحظة طمأنينة. وأن ذريعة أن لا دم على يديك لا تعوق سفك دمك. وأن عدم مشاركتك في القتل لا يحصنك ضد من يريدونك قتيلاً.
    نقول القاتل ونعني كل مرتكب يسبح في دم الأبرياء. سواء استهدف منطقة أو شخصاً. حياً في الضاحية الجنوبية أو مسجداً في طرابلس. نقصد بالقاتل كل من يؤمن بشطب الآخر. كل من يؤمن بالإلغاء الجسدي. ولا نقبل من أي قاتل عذراً يسوغ به جريمته. ولا لافتة يستبيح تحتها دم الآخرين. ولا مطبخ تضليل مهمته حماية المرتكب وتضليل التحقيق وخداع الناس.
    براءة القتيل تضاعف متعة القاتل. وهول الجريمة. ووحشية المرتكب. جريمة لا يمكن اعتبارها عقاباً ولا رداً. جريمة خالصة ارتكبت عن سابق تصور وتصميم. لإشاعة القلق. وتعميم الذعر. وكسر الإرادات. وإشعار الناس أن لا سقف يحميهم. وأن من حق القاتل أن يصطاد من يشاء وفي أي مكان يشاء. إنها إعلان لسلطة القاتل بلا رادع أو منازع.
    أعرف الشهيد محمد شطح عبر إطلالاته الصحافية والتلفزيونية. أعرفه عبر ما نقل عن ممارساته سفيراً ووزيراً ومستشاراً.
    كان يبدو غريباً على الشاشات. لا أثر في قاموسه للمتفجرات أو الخناجر. لا أثر للسكاكين التي تفتح جروح الطوائف والمذاهب. لم أسمعه يدعو إلى القتل أو يبرره وهناك من يفعل. ولم أسمعه يحض على الكراهية والطلاق وهناك من يبرع. لم أسمعه ينذر أو يهدد أو يتوعد. لم أسمعه يصفق لقتل أو قاتل. لم يبرر جريمة ولم يحاول تغطية مذبحة بالأكاذيب. كان هادئاً وراقياً. وكان صلباً.
    كان غريباً على الشاشات. يشبه المواطن العادي الذي يستمع إليه. كان يخاطب عقل المشاهد. انتماؤه إلى معسكر لم يدفعه إلى تخوين الآخرين. لم يرد إرهابهم. كان يحاول إقناعهم. وكان يستخدم مفردات الجسور لا القطيعة. واللقاء لا الطلاق. وكان يعتقد أن لا خلاص للبنانيين إلا بلقائهم في رحاب الدولة والمؤسسات. وأن من واجب كل لبناني الاستماع إلى الآخر ومحاولة ترتيب موعد معه في منتصف الطريق.
    في البلد المجنون اعتصم محمد شطح بعقلانية هادئة وباردة. لم تجرفه الطبول الموتورة ولا صيحات الثأر. وكأنه كان واثقاً أن اللبنانيين سيعودون ذات ساعة معترفين باستحالة تحويل لبنان إلى ما يناقض سر وجوده واستمراره.
    وبهذا الهدوء كان يقرأ التطورات الإقليمية والدولية. ولم يخف قلقه من ارتدادات الحريق السوري. من تصدع حدود الدول وتصدع تجارب التعايش. وشيوع منطق الحد الأقصى. ونزعات فرض الزي الموحد.
    سيكتب الكثير عن اغتيال محمد شطح. عن الرسائل المتضمنة في الجريمة. عن علاقتها بالمحكمة الدولية. ومحاولات تشكيل الحكومة. والاستحقاق الرئاسي. و «جنيف 2» السوري. وعن الحرب الأهلية المحلية والإقليمية في سورية. عن التهاب الفتنة المذهبية في الإقليم. عن اندفاع العلاقات السنية - الشيعية في لبنان نحو الهاوية. وأن الرسالة موجهة إلى سعد الحريري. وفؤاد السنيورة. وتيار المستقبل. و14 آذار. أخطر من ذلك كله هو الاعتقاد السائد أن الجريمة استهدفت الاعتدال
    حين استهدفت المعتدل.
    يستقبل وسام الحسن محمد شطح بعناق طويل. يمازحه. أنا لا أستغرب أن يقتلوني. تلقيت ضربات ووجهت ضربات. ملف الاتصالات والشبكات والتفجيرات. قصة اغتيالك تحيرني. ويجيب شطح محتفظاً بهدوئه: ليس بسيطاً أن تكون في هذا الزمان سيادياً ومعتدلاً وعنيداً. وليس بسيطاً أن تكون سنياً معتدلاً وترفع شعار «لبنان أولاً». وأن تجاهر بصفاء وطنيتك فوق بحر الظلام والارتكابات والجنازات. أنا أيضاً أعرف لماذا قتلوني.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty لا نريد العيش معاً»

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:11

    لا نريد العيش معاً»
    غسان شربل
    الإثنين ٣٠ ديسمبر ٢٠١٣
    قال السياسي: «لو كنت مكانك لكتبت في نهاية العام مقالاً صريحاً جارحاً خالياً من عطور اللغة ومناديلها. لم يعد يحق للكاتب الاختباء وراء التحفظ والاعتدال والخوف من المجاهرة. إن أمة بكاملها تندفع نحو كهوف التاريخ وتلعب بدم أبنائها وحقهم في الخبز والعمل والحرية. عليكم الاعتراف أن المنطقة الحالية هي غير المنطقة التي كنا نعيش فيها قبل حفنة أعوام. من العبث محاولة التحايل على الأمراض الجديدة بالقديم من العقاقير». استفزني الكلام فطلبت منه أن يجاهر.
    قال: «لنتفق أولاً أن ما سمي «الربيع العربي» انتهى إلى فضيحة مجلجلة. كشف أن مجتمعاتنا ليست مؤهلة بعد للعيش في ظل أنظمة ديموقراطية تقوم على بناء المؤسسات وتداول السلطة واحترام القانون وحقوق الإنسان. سقط المستبد فسقطت معه وحدة البلاد التي بدت قسرية وانتعشت هويات متصادمة وولاءات تقل عن حجم الخريطة المعلقة في الدوائر الرسمية. انتقلنا سريعاً من الدول إلى الطوائف والمذاهب والعشائر والقبائل.
    لنتفق أيضاً أن ما كنا نسميها القضية المركزية أي فلسطين لم تعد تحتل الموقع الأول لدى الناس ولم تعد تستولي على مشاعرهم أو المحرك الأول لسلوكهم. إن القضية المركزية في الإقليم هي النزاع السني - الشيعي. إذا تغاضيت عن هذه الحقيقة لا تستطيع فهم ما يجري في العراق وسورية ولبنان والبحرين واليمن وإن كانت لدى الأخير أسباب أخرى.
    لنعترف أيضاً أن الشيعي المقيم في بناية في بيروت يشعر أنه أقرب إلى العلوي المقيم في طرطوس والشيعي المقيم في بغداد والبصرة منه إلى جاره السني في الشقة المجاورة. وأن السني في تلك الشقة يشعر أنه أقرب إلى السني في حلب أو الأنبار منه إلى جاره الشيعي الذي يعيش قربه منذ عقود. وهذا يعني عملياً سقوط حدود الدول وسقوط أغاني التعايش التي تغطينا بها طويلاً.
    في موضوع سقوط الحدود والتعايش ندفع الآن ثمن برنامجين. البرنامج الإيراني الذي نجح في اجتذاب مجموعات من الشيعة العرب وإخراجهم من النسيج الوطني وجعل الولي الفقيه مرجعهم الديني والسياسي. وبرنامج «القاعدة» الذي يخرج المجموعات السنية المتعاطفة معه من نسيجها الوطني فهو لا يعترف أصلاً بحدود الدول ولا مكان عنده لفكرة التعايش أصلاً. تمثل سورية حالياً مسرحاً للصراع بين البرنامجين وهذا يكفي للقول إن سورية التي كنا نعرفها قبل ثلاث سنوات لم تعد واردة بصيغتها السابقة.
    إنني أتساءل كيف سيتعايش السني والشيعي في العراق بعد قول رئيس الوزراء نوري المالكي إن المواجهة الحالية هي «استمرار للمواجهة بين أنصار الحسين وأنصار يزيد». وكيف سيتعايشون بعد هجمات انتحارية يشنها شبان من السنة على موكب عزاء شيعي. وكيف سيتعايش السني والعلوي في سورية بعد ما فعلته «داعش» و «النصرة» بمن وقع في أيديهما من العلويين وما فعله «شبيحة» النظام بأحياء سنية من دون أن ننسى «البراميل». وكيف سيتعايش السني والشيعي في لبنان بعد نهر الاغتيالات المستمر في التدفق وإذا كانت بيروت لم تعد تتسع لسعد الحريري وحسن نصرالله. إن الهتافات الغاضبة التي ترددت أمس في تشييع الوزير محمد شطح تشير إلى أن لبنان الذي كنا نعرفه لم يعد وارداً.
    أنا العربي المسلم أشعر بالعار لما تعرض له المسيحيون في العراق وما يتعرضون له حالياً في سورية. في اضطهاد الأقليات وشطب وجودها إساءة غير مسبوقة إلى تسامح الإسلام وإلى العروبة التي كانت تتسع. تقلقني أكثر سذاجة المسيحيين اللبنانيين وعجزهم عن تجاوز انقساماتهم لحماية الحد الأدنى من فكرة الدولة وتوهم بعضهم أن تحالف الأقليات يحميهم من ظلم الأكثريات.
    يخالجني شعور أن السنة الجديدة ستكون مثقلة بالمذابح والويلات وستعمق مشاعر الطلاق. سنة قاسية من بغداد إلى بيروت. ويخشى أن تكون مؤلمة أيضاً في مصر وأشد إيلاماً في ليبيا. حققت إسرائيل انتصاراً تاريخياً فاحشاً من دون أن تجازف بدم جندي واحد. كل السلاح المجاور لحدودها يسبح الآن في دم الحروب الأهلية».
    استوقفتني خطورة القراءة وصراحتها. سألت السياسي ماذا كان سيضع العنوان لو كان مكاني فأجاب: «لا نريد العيش معاً. ستأكل النار مدننا وقرانا. سترتفع جثث أطفالنا كالأهرامات قبل أن نستنتج أننا ننتحر على قارعة العالم. ربما نلتقي بعدها كأعداء بلا أقنعة أو أكاذيب. وأن نرتب وقفاً لإطلاق النار بفعل التعب لا القناعة. إننا نعيش الآن في منطقة أخرى. ولقب نبيل العربي لم يعد صالحاً».
    ما أخطر عبارة «لا نريد العيش معاً» حين تتردد في بغداد أو دمشق أو بيروت أو غيرها. ما أخطرها حين يقولها سياسي أفنى شبابه حالماً بالوحدة العربية.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty رسالة شكر إلى «داعش»

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:12

    رسالة شكر إلى «داعش»
    غسان شربل
    الإثنين ٦ يناير ٢٠١٤
    لم يخطر ببال عالم الآثار الاميركي جيمس هنري برستد ان المنطقة التي سمّاها «الهلال الخصيب» ستؤول ذات يوم الى ما آلت اليه. استند الى ما عاشته المنطقة من تعاقب للحضارات والرسالات، اضافة الى خصوبة تربتها بفعل أنهارها ومناخها.
    ذهب ابن تلك المنطقة ميشال عفلق بعيداً حين اسس حزب «البعث» تحت لافتة «امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة». لم يخطر بباله ان الأمة ستسير مخلّعة في الاتجاه المعاكس وستمضي ايامها بلا وحدة ولا حرية ولا اشتراكية.
    يمكن قول الشيء نفسه عن انطون سعادة الذي اراد موقعاً تحت الشمس لسورية الطبيعية او سورية الكبرى. من حسن حظ عفلق وسعادة انهما رحلا عن هذه الفانية قبل ان يعانيا ما حل بالأمة وسورية الصغرى نفسها. جاء الرجلان من اطراف منجم «الهلال الخصيب» ولم يأتيا من صلبه. وأسعفهما الحظ في المغادرة باكراً، فمصيرهما معروف لو وقعا في يد «داعش» او مثلاً أمام محاكم ابو بكر البغدادي والفاتح ابو محمد الجولاني ورفاقهما.
    اثبت «الهلال الخصيب» انه يستحق التسمية. فبعدما أنجب كل ما انجب من افكار ووعود وحالمين وكتاب وثوار، ها هو اليوم يُنجب ما يلغي كتبهم ويمحو افكارهم ويقطع صلتهم بالمضيء من تراثهم ليأخذهم مجدداً الى عتمات الكهوف. ليس بسيطاً ان نسقط فجأة في عصر «داعش» وأن نرى مسلّحيها ينحرون وينتحرون في الأنبار وسورية وصولاً الى بيروت.
    خلطت الاطلالات المدوية لـ «داعش» الاوراق. اثارت قلقاً عميقاً وذعراً حقيقياً ووفرت أعذاراً لمن يبحثون عن الاعذار. ليس غريباً ان يشعر اركان الحكومة العراقية العتيدة ان «داعش» هدية جاءت في الوقت المناسب. كانت حكومة نوري المالكي مشتبكة مع العشائر السنّية في الأنبار ومع المكون السنّي في مجمله، ثم أطلّت «داعش» في ما يشبه طوق النجاة. وفّرت لحكومة بغداد فرصة التمتع مجدداً باللقاء الايراني - الاميركي على دعمها. اعطتها حق المطالبة ببعض انواع الاسلحة للقضاء على الارهاب. وفّرت للمالكي فرصة خوض حرب جديدة قد تؤدي الى ترميم موقعه بعدما تصدع نسبياً داخل طائفته. ولولا الحرج لوجّه اركان الحكومة رسالة شكر الى «داعش».
    اطلالة «داعش» السورية كانت حافلة هي الاخرى. فمن قطع الرؤوس الى إعدام المخطوفين والاسرى الى التمثيل بالجثث وإخفاء ناشطين ومعارضين ألحقت «داعش» بالثورة السورية اضراراً تفوق أضرار براميل النظام. شوهت صورتها وأحرجت اصدقاءها والراغبين في دعمها او تفهم اسبابها. اغلب الظن ان اركان النظام السوري يعتبرونها هدية ثمينة تستحق رسالة شكر على انجازاتها، خصوصاً بعدما ولغت في دم «الجيش الحر» وكتائب اخرى.
    يصعب الاعتقاد بأن ايران شعرت بالغضب من اطلالة «داعش». الممارسات «الداعشية» الفظة المتتالية تتيح لطهران ان تخيّر «الشيطان الاكبر» بين تقبل فكرة استمرار النظام السوري الحالي او مواجهة سورية انتحارية تعيش في ظل «داعش» وأشباهها. يمكنها ان تقول إن مع «داعش» لن تبقى حدود ولن تبقى اقليات ولا مجال لمؤسسات او ضمانات تتعلق بأمن الدول المجاورة وفي مقدمها اسرائيل. ثم ان اطلالة «داعش» تتيح لإيران وحلفائها التدرب على الدور الجديد في مقاومة التكفيريين والممانعة ضدهم اذا اقتضت التفاهمات مع اميركا إبعاد رياح المقاومة والممانعة عن حدود «الكيان المصطنع». ثم ان في استطاعة «حزب الله» القول انه ذهب الى سورية لمنع سقوطها في يد «داعش» ومنع تدفقها الى بيروت.
    اصحاب النيات السيئة يسارعون الى رش علامات الاستفهام. يتساءلون عن دور اجهزة «الهلال الخصيب» في تسهيل اطلالة «داعش» لتوظيفها في خدمتهم. يتساءلون عن مبرر اطلاق «جهاديين» و «فرار سجناء» في سورية والعراق ويلمّحون الى براعة الاجهزة الايرانية ايضاً. ويرى هؤلاء ان من بين اسباب اطلالة «داعش» الإصرار على تهميش الاعتدال السنّي في «الهلال الخصيب» وإصرار ايران على امتلاك مفاتيح القرار في بغداد ودمشق وبيروت. ويذهب هؤلاء الى حد القول ان «داعش» قد تتلقى رسالة شكر من باراك اوباما، فقد اعطته العذر لغسل يديه من الملف السوري بعد جائزة مصادرة السلاح الكيماوي وجائزة قتل اسامة بن لادن، فضلاً عن جائزة نوبل. ومن يدري، فقد تتلقى «داعش» رسالة شكر من سيرغي لافروف لأن اطلالتها تدعم محاولته لجعل مكافحة الارهاب البند الاول على طاولة «جنيف 2».
    اخطر ما في اطلالة «داعش» انها كشفت بؤسنا الثقافي والسياسي وثراء آبار الكراهية في تربتنا الخصبة. كشفت عقم كتبنا وجامعاتنا وأحزابنا.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty أيام السيسي

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:13

    أيام السيسي
    غسان شربل
    الإثنين ١٣ يناير ٢٠١٤
    هذه من اخطر الأيام المصرية. وهي حفنة ايام. المبايعة الكثيفة لمشروع الدستور المطروح ستسبغ شرعية كاملة على قرار المتظاهرين والجيش خلع الرئيس «الإخواني». المبايعة الكثيفة ستلزم عبد الفتاح السيسي بخوض انتخابات الرئاسة وستمتحن ما اطلقه من وعود وشعارات وأحلام. ستمتحن قدراته وقدرات مؤيديه على اعادة مصر الى مصر وإعادتها الى الإقليم. المبايعة الهزيلة للدستور ستعني تعميق الأزمة وتعميق المواجهات.
    سنسميها أيضاً ايام السيسي. كنا نعتقد أن عهد الجنرالات - المنقذين الوافدين من الثكن قد انقضى. وأننا نعيش في عصر الثورات الشبابية والرسائل النصية. لكن يبدو ان مجازفات «الإخوان» اعادتنا الى تلك الحقبة وإن في صورة معدلة.
    ما كان الفريق عبد الفتاح السيسي ليجرؤ على خلع الرئيس محمد مرسي لو لم يتدفق عشرات ملايين المصريين في الشوارع في 30 حزيران (يونيو). وضع السيسي الرصيد العميق للجيش المصري في خدمة من تظاهروا خائفين على «هوية مصر» و»روح مصر». بعبارات بسيطة قاطعة تمكن الرجل من مخاطبة اعماق مشاعر من استفزتهم ممارسات الرئيس و»إخوانه» فأحبوه وهتفوا له. نسبة التأييد للدستور ستكشف ما اذا كان رهانهم عليه ثابتاً ولم يتزحزح.
    نسميها أيام السيسي لأن مصير مرحلة التصق بمصير رجل. ولأن ما فعله لا يمس بلاده وحدها. لم يوجه مرسي ضربة قاصمة الى «الإخوان» في مصر وحدها. مفاعيل الضربة ظهرت في اكثر من مسرح. وجه في الوقت نفسه ضربة الى مشروع واسع. اعتقدت ادارة باراك اوباما ان وصول ما تعتبره الإسلام السياسي المعتدل الى السلطة عبر الانتخابات افضل السبل لاحتواء المجتمعات المنتجة للإرهاب. خيار اقل كلفة من ارسال الجيش الأميركي في حروب لا تنتهي ولا طاقة لأميركا على احتمالها. مع اندلاع «الربيع العربي» حظي هذا التوجه الأميركي برعاية سياسية من اصحاب «النموذج التركي» كما حظي برعاية سياسية ومالية وإعلامية من قطر التي لا تعوزها المقدرة على المجازفات. وكان يمكن لانتفاضة السيسي ان تتآكل تحت وطأة الانتقادات والحملات والانهيار الاقتصادي لولا تقدم السعودية، ولأسباب استراتيجية، لتقديم الدعم الاقتصادي والسياسي لحماية مصر من العودة الى ما قبل السيسي.
    على رغم الأهوال السورية والعراقية والأهوال الليبية المقتربة تبقى المعركة الكبرى في مصر. ففي تاريخنا مصر قائدة ومعدية ومشعة في السياسة والثقافة والفن. سلامتها شرط لتوافر الحد الأدنى من الحصانة العربية في الإقليم. دفع العرب غالياً ثمن انحسار دور مصر وتآكل قدراتها القيادية. سيدفعون أثماناً مضاعفة اذا ما عقدت صفقة جديدة حول الأدوار فيما مصر غائبة والعراق مريض وسورية ممزقة.
    على مدى ثلاثة أعوام شهدت مصر سلسلة من الزلازل. ليس بسيطاً ان يسقط نظام حسني مبارك على هدير الملايين والميادين في ثورة لم تتبلور فيها قوة قائدة تحرس شعاراتها وهو ما سهل اختطافها. وليس بسيطاً ان يستيقظ المصريون والعرب ليروا رئيساً «إخوانياً» في مصر وإن وفد من صناديق الاقتراع. جازف «الإخوان» حين قرروا خوض سباق الرئاسة. وجازف محمد مرسي حين فشل في إعطاء الحكومة للمعارضة. وجازف حين انتهج سياسات دفعت ملايين المصريين الى الخوف على هوية مصر وروحها. لم يقدّر «الإخوان» حجم الغضب في الشارع. ولم يقدّروا حجم التململ داخل الجيش. وقد لمست ذلك حين زرت في حزيران (يونيو) الماضي مقر «حزب الحرية والعدالة» لمحاورة عصام العريان. ارتكب «الإخوان» مجازفة جديدة حين اختاروا الاحتكام الى الشارع لإعادة رئيسهم الذي عزل بفعل ما يمكن تسميته شبه ثورة وشبه انقلاب لأنه لا يمكن تجاهل دور الملايين التي تدفقت ولا يمكن تجاهل احتضان الجيش لغضب المتظاهرين.
    كل تلك المشاهد صارت من الماضي. اليوم دخلنا في اخطر الأيام المصرية. على المواطن المصري ان يقرر وفي استفتاء نزيه مصير الدستور ومصير السيسي ومعهما مصير مصر. خطران يحدقان بتجربة السيسي: كثرة الأعداء وكثرة المداحين. ان افضل ما يمكن ان يقدمه السيسي لمصر جنرالاً أو رئيساً هو دعم قيام ديموقراطية طبيعية لا تحتاج كل حفنة سنوات او عقود الى ثورات ومنقذين.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty أعوام الجمر

    مُساهمة من طرف waell السبت 18 يناير 2014 - 13:14

    أعوام الجمر
    غسان شربل
    الجمعة ١٧ يناير ٢٠١٤
    دبت حركة غير عادية في الفندق البعيد. أضيئت قاعة الاجتماعات. استعد الحراس لتأدية التحيات. لا بد أن حدثاً كبيراً قد وقع لتتم الدعوة إلى جلسة استثنائية.
    كان كمال جنبلاط وجورج حاوي ومعروف سعد أول الواصلين. بينهم ود قديم. سأل جنبلاط سعد عن أحوال صيدا. ردَّ معرباً عن قلقه. قال إنه أمضى الليل يفكر في الأسباب التي جعلت تلك المدينة العريقة في عروبتها تنتج انتحاريين. أعرب عن خوفه من انهيار الجسور بين المكونات في المدينة ومحيطها. قال إن التوتر السني- الشيعي حقق لإسرائيل ما لم تكن تجرؤ على الحلم به. هز جنبلاط رأسه. علق حاوي: نحن عبيد الماضي وربما تلزمنا قرون لنغادر سراديب التاريخ إلى ضوء الشمس.
    دخل رشيد كرامي ومعه طوني فرنجية ودار بينهما حديث عن «تفجير المسجدين» في طرابلس.
    دخل المفتي حسن خالد والشيخ صبحي الصالح ومعهما النائب ناظم القادري. دار بينهم حوار حول الوضع الحالي لدار الفتوى ووقوعها في فخ الانفصال عن مشاعر أكثرية أبناء الطائفة. أعرب خالد عن ألمه لأن تحذيراته لم تؤخذ في عين الاعتبار. قال إن الفتنة يمكن أن تأكل الأخضر واليابس في حال استمرارها. انتقد الهجوم القسري لتغيير طبيعة دول ومدن، واتهم منفذيه بتصفية حسابات قديمة خدمة لمصالح جديدة.
    دخل بشير الجميل ومعه داني شمعون وبيار الجميل وجبران تويني وأنطوان غانم وفرنسوا الحاج. في الطريق إلى القاعة دار بينهم حوار حول هجرة المسيحيين من العراق وسورية وانحسار دورهم في لبنان. سأل بشير عن مواقف العماد ميشال عون، فتولى تويني التوضيح. وصل إيلي حبيقة وحيداً واحتل مقعده.
    دخل سليم اللوزي وهو يتحادث مع رياض طه وكامل مروة عن المذبحة المفتوحة في سورية، وتبعهم سمير قصير حاملاً ملفاً عن تطورات «الربيع العربي». ثم دخل وسام الحسن واضعاً يمينه على كتف وسام عيد وبدا الارتياح واضحاً على وجهي الرجلين كأنهما يعرفان سبب الدعوة.
    دخل وليد عيدو ومعه باسل فليحان، وتبعهما محمد شطح، الذي وقف الحضور لاستقباله بوصفه العضو الجديد في «حكومة الشهداء». ثم دخل رئيس الحكومة رفيق الحريري وصافح الحاضرين وكان له عناق طويل مع شطح والحسن.
    اتخذ الجميع أماكنهم ثم دخل الرئيس رينيه معوض واتخذ مكانه على رأس الطاولة.
    افتتح معوض الجلسة قائلاً: «تعرفون أن آلة القتل نجحت في اصطيادنا. وأن بعض عمليات الاغتيال غيّر مسار الأحداث في البلد، وأن الاغتيال طاول كل شخص كان يمكن أن يكون جزءاً من مشروع وطني يرمم التركيبة اللبنانية والجسور بين المكونات، وأن مطبخ التضليل كان يحرص على تغطية الجريمة. هكذا مُنع القضاء اللبناني من ممارسة أي دور. أنا شخصياً لا يزال ملف التحقيق في اغتيالي فارغاً. للمرة الأولى يمكن الاقتراب من الحقيقة عن طريق العدالة الدولية. إن معرفة الحقيقة لن تعيدنا إلى الحياة أو إلى من نحب. لكن الحقيقة يمكن أن تساهم في وقف نهر الاغتيالات الذي يتدفق منذ عقود. وبعد معرفة الحقيقة لا خيار أمام اللبنانيين غير المسامحة والمصالحة لاستئناف العيش معاً».
    تناول الحريري الكلام وقال: «ضاعفَتْ آلامي من الاغتيال الحقائقُ التي أطلعني عليها اللواء وسام الحسن. لم أكن أتخيل ولم أكن أتصور. أكرر هنا ما قلته قبل اغتيالي. البلد أهم منا جميعاً لكنه لا يمكن أن يبنى على القتل والشطب والإلغاء. إن المسألة أخلاقية قبل أن تكون سياسية».
    حانت الساعة. التفت جميع الحاضرين إلى الشاشة وراحوا يتابعون الجلسة الافتتاحية للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. سيطرت حال من الذهول حين راح المدعي العام يسرد الوقائع. أشاد كثيرون منهم بتقدم التكنولوجيا. التفتوا أكثر من مرة إلى الضابط وسام عيد، الذي لمعت الدموع في عينيه حين رأى والديه يتابعان الجلسة في هولندا.
    خلال استراحة المحكمة استمع الحاضرون إلى كلمة سعد الحريري من هناك. غالَبَ رفيق الحريري دموعه. ما أقسى أن تترك ابنك في بحر الاغتيالات يودّع رفاقه نعشاً نعشاً. ما أقسى هذا الإصرار على بقاء القاتل مجهولاً. ما أفظع التمسك بحق القاتل في الإفلات من العقاب. توقف الحاضرون عند قول سعد رفيق الحريري إننا نريد «العدالة لا الثأر». رفع الرئيس معوض الجلسة.
    هل تظهر الحقيقة ويتوقف القتل؟ هذا ما تحلم به أرملة شهيد مشت على الجمر طويلاً. هذا ما يحلم به نجل شهيد تقلب طويلاً على الجمر. هذا ما يتوق إليه شعب سار عقوداً على جمر الاغتيالات
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty إيران و «القاعدة» والدور

    مُساهمة من طرف waell السبت 25 يناير 2014 - 12:56

    إيران و «القاعدة» والدور
    غسان شربل
    الإثنين ٢٠ يناير ٢٠١٤
    إذا أرادت أميركا أن تتولى بنفسها إخراج «داعش» و «النصرة» من سورية، فإنها تحتاج إلى حرب. تحتاج على الأقل إلى غارات متواصلة عبر طائرات بلا طيار. التجارب تفيد بأن هذا الأسلوب لا يكفي لإخراج المتشددين. بعض الغارات يمكن أن يتسبب بسقوط ضحايا في صفوف المدنيين. ستحتاج أميركا إذاً إلى إنزال قوات برية. هذه الخطوة يمكن أن تتحول إلى تدخل طويل الأمد مكلف بشرياً ومالياً، وقد تعطي «القاعدة» تعاطفاً محلياً. أميركا ليست جاهزة لخطوة من هذا النوع، وليست راغبة فيها. لا مصلحة لأميركا في ترك «القاعدة» تتجذر على الأرض السورية. ولا مصلحة لإسرائيل أيضاً. إسرائيل أيضاً لا تستطيع القيام بهذه المهمة ولا هي راغبة في ذلك. تجذر «القاعدة» على الأرض السورية يشكل تهديداً للبنان والأردن والعراق وتركيا وللمنطقة برمتها. روسيا التي تريد سحق «القاعدة» وأخواتها ليست أيضاً في وارد إرسال قوات والتحول طرفاً مباشراً في حرب من هذا النوع.
    ثمة دولة تستطيع القيام بمهمة من هذا النوع. إنها إيران. والأسباب كثيرة. لا تستطيع إيران خسارة استثمارها الطويل في سورية. من دون سورية يتراجع ثقلها الإقليمي ويرجع «حزب الله» اللبناني لاعباً محلياً. تستطيع إيران القيام بهذه المهمة عبر الجيش السوري وكذلك عبر «وحدات التدخل السريع» التي تمتلكها في لبنان والعراق. لم نسمع أن معاقل «حزب الله» شهدت تظاهرات احتجاج بعد وصول جثامين مقاتلين سقطوا على الأرض السورية. الأمر نفسه في العراق. تمتد الأذرع الإيرانية من أفغانستان إلى لبنان. تستطيع إيران مثلاً المساهمة في عرقلة عودة «طالبان» بعد الانسحاب الأميركي.
    قد تكون إيران تعايشت مع «القاعدة» أو رقصت معها في السنوات الماضية. وربما فعلت سورية الأمر نفسه. الأزمة السورية غيّرت الحسابات. أنظر إلى العملية الانتحارية التي استهدفت السفارة الإيرانية في بيروت. والى مقتل الديبلوماسي الإيراني في صنعاء. حين تقدم إيران الحرب على الإرهاب على كل ما عداها. وحين يعطي «حزب الله» الأولوية للحرب على التكفيريين. هذا يعني أن الأولوية الآن ليست للتحرش بـ «الشيطان الأكبر». وربما يمكن استنتاج أن الحروب مع إسرائيل ليست مطروحة في المدى المنظور.
    أعرب السياسي عن اعتقاده بأن ورقة الاستعداد لتولّي الحرب على الإرهاب ستكون الورقة الأبرز حين يتطرق الحوار الأميركي - الإيراني إلى دور طهران في الإقليم. سيتوقف المفاوض الأميركي طويلاً عند عرض من هذا النوع إذا أُرفق بضمانات بأن الدور الإيراني في المنطقة لن يهدد أمن النفط ولا أمن إسرائيل. إننا نتحدث هنا عن توجه لا عن صفقة أُبرمت. ستكون هناك معارضة داخل دوائر القرار في إيران والأمر نفسه في أميركا. لا بد من ملاحظة أن إيران وروسيا تحاولان جعل مواجهة الإرهاب البند الأول على جدول أعمال «جنيف 2». لا بد من الانتظار لمعرفة اتجاه الرياح. الأمر يتعلق بمستقبل الأدوار في هذه المنطقة الحساسة. لكن المسألة تستحق المراقبة.
    استمعت باهتمام إلى ما قاله السياسي الذي يعرف إيران جيداً. استوقفني تأكيده أن المرشد الإيراني اتخذ قرار فتح باب التفاوض مع الأميركيين بعد تلقيه سلسلة من التقارير أكدت أن الاقتصاد الإيراني يتجه نحو الانهيار تحت وطأة العقوبات الغربية. قبل قرار التفاوض، كانت إيران اتخذت قراراً آخر يتعلق بوجودها في الإقليم ودورها فيه وهو قرار منع إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وأوكلت إلى حلفائها في لبنان والعراق الانخراط ميدانياً في الساحة السورية على رغم المجازفة بإشعال نزاع سنّي - شيعي على مستوى الإقليم.
    ماذا تريد إيران مقابل اضطلاعها بهذه المهمة الجديدة؟ ماذا تريد في العراق وسورية ولبنان؟ هل تستطيع فعلاً الاضطلاع بهذا الدور؟ وهل تستطيع إدارة اوباما مكافأتها سلفاً وإلى أي حد؟ وماذا عن اللاعبين الآخرين في الإقليم؟ لا يملك احد ما يكفي من المعلومات للإجابة. لهذا يبدو الانتظار افضل مستشار.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty قطار العيادة الدولية

    مُساهمة من طرف waell السبت 25 يناير 2014 - 13:01

    قطار العيادة الدولية
    غسان شربل
    الخميس ٢٣ يناير ٢٠١٤
    كانت المعارضة السورية تفضل ألا تأتي الى جنيف. تفضل المعارضات العربية عادة أسلوب الضربة القاضية. لكن الحسم في الميدان تعذّر. جاءت وهي تعرف ان الموعد الذي نصبه الاخضر الابراهيمي يتضمن تدريبات على تجرّع شيء من السُم. لم يكن قرار حضورها سهلاً. استلزم مناقشات ومناكفات وضغوطات وضمانات. وفي النهاية اتخذت قرارها وجاءت. حصلت قبل دخول القاعة على هديتين. الاولى سحب الدعوة التي كانت وُجهت الى ايران. والثانية التأكيد على ان الهدف من «جنيف 2» هو تطبيق «جنيف 1».
    كان النظام السوري يفضل ألا يأتي الى جنيف. ليس من عادته الجلوس مع معارضيه. ثم إنه مدعو للجلوس معهم تحت سقف واحد وخارج الارض السورية وتحت مظلة الامم المتحدة. كان النظام يفضل اسلوب الضربة القاضية. حاول لكنه لم ينجح. منع المعارضة من اقتلاعه، لكنه لم ينجح في اقتلاعها. يعرف النظام ان دعوة الابراهيمي تتضمن بنداً غير معلن، هو التدرب على تقريب كأس السُم من الشفتين. يعرف أن الجلوس مع وفد «الائتلاف» تحت سقف واحد يفقده قدراً من شرعيته ويحرمه من حق القول إنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري. كان يعرف ان الدعوة تشبه الاستدعاء، وأنها تحظى بموافقة لافروف الذي أسعفه في الملف الكيماوي. لم يكن أمامه غير المجيء فجاء.
    كانت جلسة الافتتاح في مونترو غنية بالرسائل والدلالات. سمع الطرفان السوريان من الحاضرين أن لا حل في سورية إلا الحل السياسي. وهذا يعني ان تتدرب المعارضة على اعتبار النظام شريكاً في البحث عن الحل. وهذا يعني ايضاً ان يتدرب النظام على اعتبار المعارضة شريكة في هذا الحل. شنّ الوزير وليد المعلم في كلمته حملة عنيفة على الارهاب والارهابيين والمتدخلين. لكنه جلس في النهاية تحت سقف واحد مع وفد سوري لا يتهمه العالم بممارسة الارهاب، خصوصاً بعد تصدي معارضين سوريين لـ «داعش» وارتكاباتها. شنّ الجربا حملة قاسية على النظام، لكنه جلس مع المعلم تحت سقف واحد.
    لم يتوقع احد في مونترو ان يكون الحل وشيكاً او قريباً. بعضهم تخوف من تصاعد الاهوال على الارض السورية في موازاة معركة ديبلوماسية مريرة حول الملف السوري، لكنهم شددوا على ان مونترو شهدت بداية عملية جدية وصعبة. وقالوا ان الفرصة المتاحة لا تتعدى ستة اشهر، وأن الفشل سيدفع الدول الداعمة للمعارضة الى تزويدها بما يمكّنها من إحداث تعديل جدّي في ميزان القوى. وربطوا المهلة باستحقاقات بينها موعد انتخابات الرئاسة في سورية في الصيف المقبل.
    واضح أننا في الطريق الى مفاوضات صعبة وشاقة ستشهد الكثير من المناورات والانتكاسات. مفاوضات يصعب عزلها عن مسار المفاوضات الايرانية - الاميركية والتجاذبات الاميركية - الروسية حول اكثر من ملف. صعد الطرفان السوريان الى قطار العيادة الدولية. سيجدان صعوبة في تقبّل عقاقير الابراهيمي ووصفاته، وستحاول روسيا حرف الأضواء باتجاه ملف محاربة الارهاب للعثور على دور جديد للنظام. سيسعى حلفاء المعارضة الى التشديد على الهيئة الانتقالية التي تحدث عنها «جنيف 1» وسيتمسكون بضرورة إخضاع النظام لجراحة قبل اعادة تأهيل ما يبقى منه. مرارات الإقامة في القطار ستكون اقل من مجازفة القفز منه.
    لن تكون رحلة القطار الطبّي سهلة. سيتدفق الدم وسيقاوم المريض. سيراهن الابراهيمي على تعب الفريقين وقسوة النزيف. سيحاول التقدم ببطء موزعاً الضمادات والضمانات. سيطلب مساعدة لافروف وكيري. وسيكرر المحاولات. إنها مأساة سورية. كانت تأتي سابقاً الى المواعيد الكبرى في جنيف مع الرؤساء الاميركيين بوصفها لاعباً. جاءت هذه المرة في صورة ملعب يرشح دماً.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty الطهاة في الممرات

    مُساهمة من طرف waell السبت 25 يناير 2014 - 13:02

    الطهاة في الممرات
    غسان شربل
    السبت ٢٥ يناير ٢٠١٤
    يبحث الاخضر الابراهيمي عن الحل في بحر من الدم والفشل. هذا ما يشعر به الصحافي حين يقترب من مقر المفاوضات السورية في جنيف. ولولا الفشل لما كانت مهمة الابراهيمي ولا المشهد الذي شهدته مدينة مونترو السويسرية حين جلس وليد المعلم وأحمد الجربا تحت سقف واحد.
    يبدأ الفشل من الارض السورية نفسها. فشل الجيش السوري في سحق المعارضة. فشل في إعادة فرض سلطته على كامل الاراضي السورية. استعانته بحلفاء من الخارج حسّنت بعض اوضاعه، لكنها لم تحسم الصراع. في المقابل، فشلت المعارضة السورية في دحر النظام. الانشقاقات لم تفكك آلته العسكرية. المقاتلون الجوالون الذين وفدوا بذريعة مقاتلة النظام تحولوا عبئاً على المعارضة واضطرت الى مقاتلتهم.
    فشلت الدول الاقليمية الرئيسية في وضع اطار يحاصر النار السورية تمهيداً لإطفائها. استدرجها النزاع السوري خصوصاً حين احتل موقعه على خريطة النزاع الشيعي - السنّي. انخرطت بدرجات متفاوتة وبدت سورية مسرحاً لنزاع اكبر منها. الإطفائي الاقليمي غير موجود.
    فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار يمنع سورية من الانحدار في اتجاه الهاوية. احبطت روسيا جملة محاولات غربية. كان يمكن تهمة استخدام السلاح الكيماوي ان تكون قاتلة للنظام السوري. قدم له لافروف طوق النجاة. التقط سيد البيت الابيض العرض. لا يريد ارسال الجيش الى حرب جديدة. بدا جلياً ان القيادة الاميركية للعالم مصابة بعطل واضح في المكتب البيضاوي. تقدم فلاديمير بوتين موقظاً شيئاً من ممارسات الحرب الباردة. في المقابل، فشلت روسيا ومعها ايران في تمكين النظام السوري من الحسم. تداخل ملف الازمة السورية مع ملف المفاوضات الاميركية - الايرانية. من يسجل نقاطاً في الثاني لا يستطيع تفادي قدر من التنازلات في الاول.
    من اهوال اليوميات السورية والفشل المتعدد الأطراف ولدت فكرة جنيف. تفاهم اميركي - روسي على عدد من المبادئ، بينها اعتبار الحل السياسي الخيار الوحيد للخروج من الازمة والعمل لمنع انهيار مؤسسات الدولة السورية العسكرية والأمنية وتشكيل هيئة حكم انتقالية غير بعيدة في مفهومها عن مجلس الحكم الذي شكل غداة اقتلاع النظام العراقي مع الالتفات الى الفوارق الكثيرة. لكن الفترة الفاصلة بين «جنيف 1» و «جنيف 2» اظهرت ان التفاهم الاميركي - الروسي ليس كاملاً وأن الشيطان يكمن في ما هو ابعد من التفاصيل.
    في جنيف كل شيء يوحي ان المفاوضات ستكون طويلة ومريرة. هذا ما يستنتجه الصحافي اذا تحدث الى الطهاة الدوليين الموزعين في الممرات. والطهاة معروفون وحاضرون. روبرت فورد السفير الاميركي السابق في دمشق. وإريك شوفالييه السفير السابق في المكان نفسه. وجون ولكس المبعوث البريطاني الى الازمة السورية. والسفير التركي السابق في دمشق عمر اونهن. ألمانيا ليست غائبة وكذلك السويد. لكن ثمة من يعتقد ان لافروف يستحق لقب كبير الطهاة.
    يتفق الطهاة على الاهمية الرمزية والفعلية لجلوس المعلم والجربا تحت سقف واحد. تسمع في الممرات «ان الامر في النهاية في يد السوريين انفسهم». كأنهم يغسلون ايديهم سلفاً من الاهوال المقبلة في سورية «قبل ان يشعر كل من الطرفين بأنه ضعيف ومستنزف وعندها تنطلق المفاوضات الفعلية». وتسمع ايضاً ان المشكلة هي ان النظام السوري غير قابل للإصلاح وأن فتح كوة صغيرة في جداره يعني الانهيار. ثمة من يلمّح الى ان الحل قد ينتظر خليفة اوباما في البيت الابيض. هذا فظيع.
    يستطيع الطهاة الانتظار طويلاً في الممرات والردهات. ولكن ماذا عن السوريين المبعثرين على اطراف بلادهم المشتعلة. ماذا عن السوريين العالقين على ارض وطنهم يتقلبون على نار الطهاة
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty «هذه مجازفة كبيرة»

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 27 يناير 2014 - 12:27

    «هذه مجازفة كبيرة»
    غسان شربل
    الإثنين ٢٧ يناير ٢٠١٤
    لم يعد اتجاه الأحداث غامضاً في مصر. الانتخابات الرئاسية ستسبق الانتخابات البرلمانية. ولم يعد سراً بعد نتائج الاستفتاء على الدستور أن الفريق الأول عبد الفتاح السيسي يتجه إلى ترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة. وأنه سيرجع من الانتخابات فائزاً. الخائفون على الرجل والخائفون منه يسلمون علانية أو سراً أنه الرجل الأكثر شعبية في المشهد السياسي الحالي. وأن أسلوبه في مخاطبة المواطن المصري العادي أعطاه رصيداً أضيف إلى رصيد الجيش المصري.
    لا بد هنا من العودة إلى 30 حزيران (يونيو) الماضي حين تدفق عشرات ملايين المصريين في الميادين والشوارع احتجاجاً على نهج الرئيس «الإخواني» المنتخب محمد مرسي. ما كان الجيش ليجازف بعزل الرئيس في 3 تموز (يوليو) الماضي لولا الغطاء الشعبي الذي وفرته التظاهرات المليونية التي جرت قبل ثلاثة أيام. وما كان العالم ليتقبل الإطاحة بمرسي لو أنها تمت عبر دبابة استولت على القصر وأخرى على الإذاعة على غرار ما كان يحدث في زمن الانقلابات. ولعل أخطر ما أصيب به الحكم «الإخواني» هو توافر تغطية شعبية واسعة لإزاحة مرسي وهو ما جعله يسقط بفعل ما يمكن اعتباره شبه ثورة وشبه انقلاب.
    أخطر الأزمات هي تلك التي لا يملك طرفاها القدرة على التراجع. هذا يرشح مصر لأيام شديدة القسوة. لم يعد في استطاعة الفريق المراهن على السيسي التراجع. أزاح الرئيس في مجازفة كبيرة وبحجة إنقاذ البلاد وليس أمامه غير التقدم لإثبات أنه يملك تصوراً لإخراج مصر من وضعها الحالي وأنه يملك القدرة على تحقيق هذا التصور عبر المؤسسات. لا تملك المؤسسة العسكرية ترف العودة إلى تحريك الأحداث من وراء الستار. العنف الذي يستهدفها حالياً يجعل أي تراجع لها هزيمة مدوية. في المقابل يبدو أن «الإخوان» لا يملكون خياراً آخر غير الذي اعتمدوه منذ إطاحة مرسي. أي خيار الشارع لإسقاط الوضع الذي قام بعد إخراج مرسي عنوة من القصر.
    واضح أن «الإخوان» يتمسكون بخيار استنزاف الفريق الذي تولى السلطة بعد إزاحتهم منها. استنزاف يومي في الشارع بات يتخذ طابعاً دموياً خطراً. يترافق ذلك مع هجمات تستهدف الجيش والشرطة ومع تفجيرات وعمليات انتحارية. صحيح أنه لا يمكن إلقاء مسؤولية العمليات الانتحارية على «الإخوان» لكن الصحيح أيضاً هو أن منفذيها يستفيدون من المناخات التي يولدها برنامج «الإخوان» للمواجهة في الشارع. لا تستطيع المؤسسة العسكرية والأمنية المصرية الانحناء أمام الهجمات والعمليات الانتحارية. ستذهب أبعد في المواجهة وهو الأمر الذي سيعمق الانقسام الحاد في المجتمع ويضع الأمن ومواجهة الإرهاب في صدارة الأولويات الحكومية. سيرتكب «الإخوان» مجازفة جديدة شديدة الخطورة إذا تسببوا بممارساتهم والردود عليها في إغراق مصر في الدم.
    ذكرتني عبارة مجازفة كبيرة بما قاله لنا في القاهرة عصام العريان نائب رئيس «حزب الحرية والعدالة» الذراع السياسية لـ «الإخوان» في حديث نشرته «الحياة» في 29 حزيران الماضي أي قبل يوم واحد من اليوم الذي غير اتجاه الأحداث في مصر. سألته والزميل محمد صلاح إن كان يعتقد أن «الإخوان» ارتكبوا خطأ حين تولوا مسؤولية مصر في مرحلة حرجة؟. وجاء الجواب: «أعتقد أن «الإخوان» ضحوا تضحية كبيرة جداً في تحمل المسؤولية في ظروف محلية وإقليمية ودولية بالغة التعقيد والصعوبة وجازفوا مجازفة ضخمة بتاريخهم، بثقة الناس فيهم، وبتوظيف إمكاناتهم. فبعد الثورات، دائماً طموحات الناس كبيرة جداً جداً، وإمكانات الدول لتحقيق ما تريده قليلة جداً. وفي الوقت ذاته أن تتولى دولة بحجم دول، وأنت لم تكن في ماكينتها، لا موظفين، لا وزراء سابقين، لا خبراء يعلمون تفاصيل، لا تمتلك أجهزة الأمن ولا أجهزة المعلومات، لا تمتلك شيئاً... هذه مجازفة كبيرة».
    في اليوم التالي أظهرت مجريات 30 حزيران أن «الإخوان» ارتكبوا فعلاً مجازفة كبرى حين سارعوا إلى الإمساك برئاسة مصر ولو عبر صناديق الاقتراع. واستكملوا المجازفة حين فشلوا في إقناع المعارضة بالرقص معهم في عهد مرسي. ابتهاج «الإخوان» بتذوق السلطة للمرة الأولى حرمهم من الإحساس بنبض الشارع والشعور أن موعد هبوب العاصفة قد اقترب. سألنا العريان في الحديث نفسه إن كان يخشى من 30 حزيران فأجاب :»على الإطلاق». سألناه إن كان يعتقد بأن الرئيس مرسي سيكمل ولايته فرد: «أعتقد أنه ***********ب ولاية ثانية».
    بعد ثلاث سنوات من ثورة 25 يناير يتضح أن مصر عاشت على وقع مجازفات كثيرة وكبيرة. ما يتمناه أي عربي لمصر هو أن تكون حانت ساعة الانتقال من المجازفات إلى المؤسسات. الاستمرار في المجازفات يغرق المركب المصري في نهر الفقر والدم.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty أقليات أقليات

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 3 فبراير 2014 - 14:12

    أقليات أقليات
    غسان شربل
    الإثنين ٣ فبراير ٢٠١٤
    يجب أن تزور وطنك. وأن تكرر الزيارات. ليس لأن أجدادك يرقدون هناك. تحسدهم احياناً لأنهم عبروا باكراً. شهدوا صعوبات لكنهم لم يسبحوا في هذا البحر من البشاعات. غادروا قبل انكشاف الفضيحة المدوية. مساكين. ظنوا أن الارض ارضهم وأن التراب لن يخون قبورهم. صدقوا اكاذيب الخريطة وكذبوا عليك.
    يجب ان تزور وطنك. وأن تكرر الزيارات. لا لترى العلم يرفرف مزهواً. انت تعرف انه محتقر من الوريد الى الوريد. وأن من يتغنون به يفضلون أعلاماً اخرى. وخريطة اصغر. ونشيداً مختلفاً. وأن كرههم للعدو الجديد يفوق كرههم للعدو القديم. وأن الخناجر تلمع تحت عبارات التعايش. وتحت التغني باللحمة الوطنية. لطالما كرهت عبارة اللحمة الوطنية. تشعرني ان لحم المواطنين سيتطاير عند اول فرصة.
    يجب أن تزور وطنك. وأن تكرر الزيارات. لتطلق النار على آخر أوهامك. لتتحرر من جبال الدجل. ولتصبح قادراً على القراءة والفهم. يجب ان تكرر الزيارات لتتأكد من انك بلا وطن.
    ماذا تسمع لو أمضيت يوماً في لبنان؟ يتأكد لك ببساطة ان ما كنت تسميه الشعب اللبناني لم يعد موجوداً. لا اقصد ان اللبنانيين غادروا الى مكان آخر. يمكنك العثور على شيعي. وعلى سنّي. وعلى مسيحي. وعلى درزي. لكنك لن تعثر على من كنت تسمّيه اللبناني. هذه العباءة تهرأت وتمزقت. خرجت من تحتها الانتماءات العميقة والحقيقية. اذا استخدمت عبارة الشعب اللبناني تشعر انك تكذب على نفسك وعلى الآخرين.
    سمعت كلاماً مؤلماً استوقفني. قال المتحدث ان الوطن تفكك وليس الدولة. وأن الناس عادوا الى الجذور التي اخفوها طويلاً او تظاهروا بتطويعها. قال ان الحقيقة هي اننا مجموعة اقليات هائمة ومتوترة ومذعورة. وأننا ندفع ثمن إرغامنا على العيش معاً. وأن الخريطة كانت قفصاً. وأن كل فريق قبل بها على امل إحكام سيطرته عليها وأنه انكفأ الى جزيرته حين تعذّر عليه إركاع الآخرين ومحو ملامحهم.
    قال الرجل كلاماً كبيراً وخطيراً. قال ان الشيعة في لبنان يشعرون انهم سيعودون الى وضع الأقلية اذا سقط النظام السوري المتحالف معهم. سقوطه يقطع خط اتصالهم بمن يشبهونهم في العراق وصولاً الى ايران. قال ان السنّة في لبنان يعتبرون ان تحالف النظام السوري مع الشيعة في لبنان حوّل السنّة فيه الى اقلية مهيضة الجناح وقطع اتصالهم بمن يشبهونهم داخل سورية والعراق وأبعد منهما. رأى ان اللبنانيين الذين عبروا الحدود للقتال في سورية ساهموا في اسقاط الحدود. وأنهم انخرطوا في حروب اكبر منهم. حروب مذهبية ستدوم طويلاً.
    قال ان الخطر الكبير يحدق بالمسيحيين في لبنان. وأن الماروني يعاين ما حل بمسيحيي العراق وما يحل حالياً بمسيحيي سورية فيرى المستقبل قاتماً ويصاب مجدداً بهاجس الاقتلاع. تحدث عن افلاس الموارنة. تراجع حضورهم السكاني وتأثيرهم. غاب دورهم القيادي. لم تعد لديهم فكرة مقنعة لتجديد معنى الكيان وإنقاذ أوتاد الخيمة. قال ان الدكتور سمير جعجع غير قادر على القيام بهذا الدور لاعتبارات كثيرة، بينها انه مرشح دائم للاغتيال. وأن تجربة العماد ميشال عون تشبه السهم الطائش. اضاف ان عون لم يدرك فور عودته الى لبنان ان استقرار الدولة هو من يحمي المسيحيين من الهجرة ويمنع النزاع الشيعي - السنّي من التهام لبنان. وأنه اختصر مصير الدولة بموقعه فيها وبالحقيبة المُسندة الى صهره. وأنه لم يدرك ان عرقلة تشكيل الحكومة يضر بكل اللبنانيين وبصورة خاصة بالمسيحيين.
    قال ان دور الدروز انحسر وأن دور وليد جنبلاط الحالي مؤقت. تغيرت المعادلات الداخلية. انحسر الحضور السكاني للدروز. انحسرت قدرتهم على الحرب وكذلك على صناعة السلم. لاحظ ان وليد جنبلاط يعرف ذلك وهو ما يحاول الزعماء الموارنة إنكاره بالنسبة الى طائفتهم.
    أقليات. أقليات. أقليات.
    رائحة خوف عميق. ونزاعات مديدة. هذا يحدثك عن «داعش» والبيئة الحاضنة والفكر التكفيري. وذاك يحدثك عن «الهلال الشيعي». وثالث يبحث لابنه عن سقف في كندا او استراليا. مشكلة الأقليات ليست حكراً على لبنان. وهي تساعد على تفسير نزاعات كثيرة في المنطقة. لكنها في لبنان قاتلة لكيانه ومعناه
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty لا تزعجوا القيصر

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 18 فبراير 2014 - 3:39

    شربل
    الإثنين ١٠ فبراير ٢٠١٤
    هذا ليس وقت الحديث عن حقوق الإنسان. ومنظمات المجتمع المدني. والتمييز ضد المثليين. وانحناء القضاء أمام إرادة الحاكم. وليس وقت الحديث عن الإنفاق الخيالي لضمان الحفل المبهر. ومستقبل المدينة الأولمبية بعد مغادرة اللاعبين. والفساد الذي التهم بعض بلايين الدولارات من الخمسين التي أنفقت. والأضرار التي لحقت بالبيئة. هذا ليس وقت محاكمة السياسات. والتذكير ببراميل حلب. أو ركام المنازل في غروزني.
    لا تزعجوا القيصر.
    اتركوه يرفل في حرير ساعته. يتذوق متعة الانتصار. يتلذذ بطعم الثأر. لا تغتالوا بهجته. ولا تعكروا مزاجه. هذا عرسه الشخصي. وعرس بلاده. هذه صورتها. وصورته. ما هم إن غاب الزعماء الغربيون. ثلاثة بلايين مشاهد تسمروا في تلك الليلة. تطلعوا إلى ذلك المنتجع على البحر الأسود. تطلعوا إلى روسيا العظيمة ورئيسها العظيم.
    وما هم أن تخون التكنولوجيا قليلاً في حفل الافتتاح. رفع علم روسيا على أنغام النشيد الوطني ومطلعه صريح: «روسيا قوتنا العظمى». وتولى رفع العلم رائد الفضاء سيرغي كاركالوف لتذكير المشككين بفتوحات روسيا في علوم الفضاء.
    منذ سبع سنوات وهو ينتظر موعده في سوتشي. والرسالة واضحة. روسيا قوية. ومستقرة. وعصرية. قوية في الداخل. وقوية في الخارج أيضاً. رأى سيرغي لافروف يحمل الشعلة الأولمبية. دفاع هذا الرجل عن روسيا لا يقل أبداً عن دفاع سلفه اندريه غروميكو عن الاتحاد السوفياتي. وجهه جليدي أيضاً لكنه يرتكب أحياناً خطأ الابتسام والإسراف في الشرب والتدخين.
    لا تزعجوا القيصر.
    قبالة البحر الأسود يغرق في الذكريات. كان جاسوساً برتبة كولونيل يرسل تقاريره من ألمانيا الشرقية. فجأة تداعى جدار برلين. حزم حقائبه وعاد. انتحر الاتحاد السوفياتي وتطاير «الرفاق». تعرت روسيا من حلفائها ورقدت تئن تحت الثلج. كلما تذكر ميخائيل غورباتشوف تضاعف احتقاره له. أي قيصر يقبل أن تتفتت امبراطوريته بين يديه؟. بعدها شق طريقه إلى بطانة بوريس يلتسين. أسرف الرئيس في ارتكاب الأخطاء. أسرف في الشرب وأضحك العالم. وفي الساعة المناسبة استدعاه وأحاله على التقاعد.
    كان الاتحاد الروسي نفسه يتداعى. لوحت جمهوريات ومناطق بالفرار منه. زجرها وأدماها. استدعى بارونات المال وأبلغهم. الطاعة أو السجن. الطاعة أو المنفى. وهكذا كان. قلم أظافر الجمهوريات. وأظافر الأحزاب والإعلام. خاطب روسيا العميقة واتهم القوة العظمى الوحيدة والأطلسي بتطويق بلاده. كل ذلك صار من الماضي. والدليل توقف ضباط «الجيش الأحمر» عن بيع بزاتهم وأوسمتهم بحفنة من الدولارات في شوارع موسكو.
    وجّه إلى أميركا المتغطرسة سلسلة صفعات. قضية سنودن فضحت تجسس أميركا على أقرب حلفائها ودفعتها إلى سلسلة طويلة من الاعتذارات. في مجلس الأمن حرك سيف الفيتو ومنع أميركا من إلحاق نظام بشار الأسد بنظامي معمر القذافي وصدام حسين. أهداها السلاح الكيماوي ولطّخ هيبتها. وفي أوكرانيا سارع إلى إغلاق الباب أمام الغرب وإن اضطر إلى دفع الثمن باهظاً. وفي موازاة سوتشي سرب إهانة فيكتوريا نولاند للاتحاد الأوروبي ولم يكن بمقدور أميركا غير التنديد بلجوء موسكو إلى «أساليب خسيسة».
    ينظر القيصر فلاديمير بوتين إلى العالم فيشعر بالارتياح. غورباتشوف يقيم هذه المرة في البيت الأبيض واسمه باراك أوباما. غادر العراق وأهداه إلى إيران. وغداً يغادر أفغانستان ويعيدها إلى «طالبان». ديفيد كامرون يناشد اسكتلنده أن تؤخر موعد فرارها. والرجل الجالس في مكتب شارل ديغول لا تلهيه عظمة فرنسا عن نداءات قلبه. وسلطان إسطنبول يواري دموعه في البوسفور. جاءته الطعنة من بيت أبيه.
    هذا لا يعني أن الأعراس تدوم. أميركا هي أميركا وحجم اقتصادها أضعاف حجم اقتصاده. والصعود الصيني ليس خبراً مفرحاً دائماً. والتصدي لـ «الربيع الإسلامي» يرشح روسيا لموقع العدو الأول. لكن الوقت الآن للاحتفال. صوره موزعة في البلاد. يلعب الجودو أو الهوكي. يمتطي حصاناً أو يقفز بالمظلة. عاري الصدر وفي رحلة صيد. قيصر في أول الستينات و «عازب» والحالمات كثيرات. ينظر في المرآة ويبتسم. صنعت الـ «كي جي بي» عميلاً أبرع من جيمس بوند. اقتحم الكرملين ونام في سرير جوزف ستالين
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty انظر إلى الخريطة

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 18 فبراير 2014 - 3:40

    انظر إلى الخريطة
    غسان شربل
    الإثنين ١٧ فبراير ٢٠١٤
    قال السياسي العربي بمرارة إن إسرائيل اليوم في أفضل حال منذ إنشائها، وإنها حققت في عهد بنيامين نتانياهو انتصاراً فاحشاً ومن دون أن تخسر جندياً واحداً، وإنه لم يحدث أن شعرت بتراجع التهديدات ضدها كما هو الحال في هذه الأيام. وأضاف بألم: «يبدو أننا نسينا العدو الذي أمضينا عقوداً في هجائه وتذرعنا بالإعداد لمواجهته لإحكام القبضة على شعوبنا». سألت السياسي أن يشرح أكثر فاكتفى بالقول: «انظر إلى الخريطة، الدول تتآكل والجيوش غارقة في الدم».
    نظرت إلى الخريطة: الجيش العراقي يقاتل في الأنبار، السنة يتعاملون معه بوصفه جيشاً للشيعة. هذا الشعور المعلن أو المضمر هو الذي يسهل للمجموعات الإرهابية العودة إلى بعض المناطق بعد إخراجها منها. ما كانت «القاعدة» لتعثر على موطئ قدم لو لم تكن الوحدة الوطنية مريضة. غاب الحديث تماماً عن «الجبهة الشرقية» التي كانت تقلق إسرائيل. صحيح أن العراق ينام على النفط، لكن كل شيء يوحي أنه سيبقى دولة ضعيفة في المدى المنظور.
    انظر إلى سورية. ها هي تسلم ترسانتها الكيماوية التي كانت تقلق الدولة العبرية. تشن الطائرات الإسرائيلية غارات على مخازن صواريخ على الأرض السورية من دون أي شعور بالقلق. الجيش السوري غارق في حرب داخلية وترسانته تصب حممها على مدن وبلدات سورية حتى ولو قال إنه يحارب المقاتلين الجوالين. يتعرض الجيش السوري لاستنزاف قاتل. هذا يفسر اضطراره إلى الاستعانة بميليشيات عراقية ولبنانية. إنه أكثر حاجة إلى روسيا وإيران منه في أي وقت سابق. إنه يرابط على جزء من الأرض السورية. كل شيء يوحي أن المذبحة في سورية مفتوحة على مصراعيها، وأن الحل سيكون في النهاية دولة ضعيفة يتم توزيع قرارها على المكونات بعد إعطائها حق تبادل الفيتو.
    الجيش اللبناني لا يشكل أصلاً مصدر قلق لإسرائيل بسبب تواضع قدراته، ثم إنه منهمك في مهمات داخلية لاحتواء التفجيرات المتنقلة. جهوده تتركز اليوم على ضبط السيارات المفخخة واتقاء هجمات الانتحاريين. «حزب الله» منخرط في النزاع السوري، ما فرض عليه تبديلاً في أولوياته. ليس بسيطاً أن يكون مطلب نصف اللبنانيين على الأقل تغييب ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة» من البيان الوزاري. مع اضطراب العمق السوري وتصاعد الانقسام اللبناني سيصبح من الصعب على الحزب إطلاق حرب على إسرائيل وربما القدرة على احتواء حرب تشنها عليه.
    «حماس» في وضع شديد الصعوبة. فضلت مغادرة سورية على الوقوف إلى جانب النظام. اعتقدت أن مصر «الإخوانية» تشكل تعويضاً كافياً. خسرت دمشق وصارت متهمة فيها. ثم خسرت القاهرة وصارت متهمة فيها.
    أنقذ الجيش المصري نفسه من مخاطر التذويب. لكنه يقاتل الآن في سيناء ومستهدف في أماكن أخرى. معركة فرض الاستقرار ستكون مكلفة وطويلة. انفجار طابا أمس يؤكد ضراوة هذه المعركة وصعوبتها. تحتاج مصر إلى خطة إنقاذ اقتصادية وسنوات من الاستقرار لتتمكن فعلاً من استعادة دورها. يصعب الاعتقاد أن روسيا ستزود الجيش المصري بما يمكن أن يشكل خللاً في التوازنات مع إسرائيل. ثمة ما يدعو إلى الاعتقاد أن القلق من الحدود مع ليبيا قد يتقدم في المرحلة المقبلة على القلق من الحدود مع إسرائيل.
    انظر إلى الخريطة. انتكاس التعايش في أكثر من دولة عربية وتفاقم النزاع الشيعي - السني والدعوات إلى إقامة «إمارات إسلامية» كلها عوامل ستستغلها إسرائيل لتصعيد مطالبتها بالاعتراف بها دولة يهودية.
    المشهد مؤلم فعلاً. إسرائيل في أفضل أحوالها. تحقق انتصارات من دون أي تكاليف. ربما تكون ربحت عقداً من الطمأنينة أو أكثر. تستقبل العواصم العربية الجثث الوافدة من الحروب الأهلية والدول المتصدعة. تتآكل الدول وتتراكم الخسائر البشرية والاقتصادية، فيما تلتهم المستوطنات مزيداً من الأراضي الفلسطينية ويسمع أهل المنطقة معزوفة «جاء كيري وذهب كيري»
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty آخر الخواتم

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 24 فبراير 2014 - 17:20

    آخر الخواتم
    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Ghassan-Charbel
    أتهمك بالخيانة، وأعني ما أقول. لا يحق لك، لا يجوز، ولم يكن من عاداتك أن تتنكر، وأن تتوارى، وأن تنحني. لا يحق لك أن تجمع جفونك وترحل. لا تستقيل العاصفة من قدرها، ولا يتنازل النبع المتفرد عن قرائه.


    أعرف أن الزائر الغريب لا يطلب موعداً، لا يستأذن، لا يطرق الباب. يتسلل ويقيم، يقرض ويلتهم، لا تردعه حدود ولا ترشوه مسكّنات. كأن السرطان شاء أن يثأر. وذنوبك صارخة. أمضيتَ العمر تجلد سرطانات التخلف، والجمود، والظلام، والتعصب، والانغلاق. سرطانات الخوف من الحرية، والمخيلة، والإبداع، والشكوك وعلامات الاستفهام. سرطانات الذعر من التوق الموتور إلى اليقين.


    أنسي الحاج،


    يعرفك الآخرون أكثر مني. أكاد لا أعرفك. لم تربطنا صداقة حتى حين عملنا معا تحت سقف «النهار». بضع مواعيد رتبَتْها الصدفة، وبضع جمل قيلت على عجل، ودقائق خوف ونحن نجتاز بعد منتصف الليل المدينة التي انشطرت إلى نصفين وجرحين. وكأنني كنت أنصاع لرغبة دفينة، أن تبقى علاقتي معك علاقة قارئ بكاتب لامع. ولعلها أجمل العلاقات وأعنفها.


    كنت صغيراً حين وقعت على الصفحة الأخيرة من ملحق «النهار». قرأت مقالك «كلمات كلمات كلمات». انتابتني متعةُ مَن وقع في الفخ. وكنت أسأل نفسي: مَن هذا الكاتب الأرعن الذي يجيز لنفسه جلد لصوص الهيكل والأصنام؟ مَن هذا الكاتب الجارح الساخر الشفاف؟ مرة يأتي شجرةً من اللهب وصقراً مؤذياً، ثم يأتي صافياً كبكاء الحسَاسين قبل الغياب؟ من هذا الوقح الذي يدفع القاموس إلى النهر ثم يصطاد الكلمات مغسولة شفافة مسنونة ويوزع خواتمه المسمومة على القراء؟ من هذا الكاتب الذي يقتحم اللغة بقسوة الجلاد يحارب العفونة والاستكانة والتقليد والأغلال ويطالب بحقوق المخيلة معلناً إسقاط الحدود؟


    غداة صمت المَدافع صرت جزءاً من اسرة «النهار». وشعرت بالوحشة. كانت المدينة غارقة في الظلم والظلام. وكانت الحرب هجَّرت من الصحيفة كتّاباً درجْتُ على قراءتهم تلميذاً. وكان أنسي الحاج بين من هجِّروا. ولا أبالغ إن قلت إن ذلك المبنى كان مسكوناً بشياطين أفكاره. كان غائباً، لكنّ دوي ارتكاباته كان يتردد بين المكاتب كلمات كلمات كلمات.


    وحين عاد لاحقاً وجدته مكسوراً. وجدت الصقر مبللاً بدموعه. وكأنه كان يشعر بواجب الاعتذار لمن استدرجهم، وحرضهم على ارتكاب الحلم، أو ارتكاب الكتابة. وشعرت أن هذا الهارب الدائم من وطأة النهار إلى زغب الليل يمشي على الزجاج المطحون. وخامرني شعور بأنه ينفرد في الليل بكل الأحلام التي أجهضت وكل العصافير التي اغتيلت.


    أترك للنقاد أن يطلقوا مباضعهم في جسد الإرث الذي ترك. في دوره الرائد في قصيدة النثر ومجلة «شعر» ومعارك الحداثة. في لمسته التي أثرت المسرح والحلم الرحباني كما أثرى الصحافة اللبنانية كاتباً ورئيساً للتحرير. أكتب عنه كقارئ.


    أقلقني صمته الطويل. وخفت أن يكون قتل مع المدينة. وان تكون مخيلته أفلست وينابيعه فرت. ثم عاد عبر الزميلة «الأخبار» وأوقعنا في فخ موعده. عاد السبعيني محتفظاً بنضارة قلبه. وبالعين النفاذة التي ترى. عاد محتفظاً بخضرة أسلوبه. وشعرت أن الحب كان مظلته الأخيرة. كان عزاءه الأخير. ولم تكن نكهة الوداع خافية في بعض مقالاته. كأنه كان يبلغ قراءه أن الزائر القاتل يستعد لتوجيه ضربته الأخيرة.


    قبل الحرب كانت المدينة تنتظر كاتبها. لا أذكر أنها انتظرت أحداً كما انتظرته. بعد الحرب لم يعد للمضارب المتناحرة كاتب واحد. نبأ غيابه هز بيروت أمس. كأنها أضاعت تاج خيالها. كأنها أضاعت آخر خواتمها. أدركت حجم خسارتها فهذا الفتى الخائن كان ألمع أخطائها.


    نموت حنيناً إلى زمن البرق. زمن الحالمين. زمن المحرضين على فتح النوافذ. زمن الأساتذة. قتلتنا رائحة الكهوف. قتلتنا جيوش الظلام.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty بوتين الأوكراني - السوري

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 24 فبراير 2014 - 17:21

    بوتين الأوكراني - السوري

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Ghassan-Charbel
    حين كان مجلس الأمن يقر وبالإجماع القرار 2139 المتعلق بالمساعدات الإنسانية إلى سورية كان الوضع في أوكرانيا يتدهور إلى درجة الإفلات من رقابة الكرملين. أغلب الظن أن موقف المندوب الروسي فيتالي تشوركين كان سيتغير لو أرجئ النقاش إلى الأيام التالية.


    من يتابع طريقة التفكير في مطبخ القرار في موسكو يدرك حجم ما جرى في كييف. لا يعتقد أفراد هذا المطبخ أن ما يحدث هناك هو سلسلة من ردود الفعل «البريئة» على سياسات حليفهم الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي انتهى النهار بإعلان عزله. يعتبرون ما جرى مؤامرة غربية حيكت بعناية لتوجيه صفعة إلى الدور الروسي الذي عاد بقوة إلى الساحة الدولية. يضاعف من إيلام هذه الصفعة أنها وجهت في الحديقة الخلفية وعلى حدود الاتحاد الروسي وفي بلد لا يزال الأسطول الروسي يرابط في بعض موانئه.


    ثم إن الصفعة موجهة إلى فلاديمير بوتين الذي كان يحتفل بأجمل أيامه عبر الألعاب الأولمبية في سوتشي. الرئيس الوافد من صفوف الـ «كي جي بي» لا يستطيع إلا أن يشم رائحة مؤامرة خصوصاً وأنه كان قاد شخصياً الصفقة الكبرى المكلفة التي دفعت يانوكوفيتش إلى إدارة ظهره للشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وخطوة يانوكوفيتش هذه كانت الشرارة المباشرة التي فجرت المواجهات.


    لا يستطيع بوتين التعامل مع أحداث أوكرانيا باعتبارها مجرد رغبة في إطاحة من تسميه المعارضة «الديكتاتور». ولا يستطيع الاعتقاد أن الاحتجاجات ترمي إلى قيام ديموقراطية فعلية وسياسة اقتصادية مختلفة. تعامل دائماً مع أوكرانيا بوصفها ساحة يحاول الغرب التسلل إليها في سياسته لتطويق روسيا عبر حلف الأطلسي أو أنظمة تدور في الفلك الغربي. قرار الجيش الأوكراني عدم الانخراط في النزاع الداخلي حرم موسكو من ورقة ضغط رئيسية.


    تحمل أوكرانيا في جسدها وروحها ندوب الجغرافيا والتاريخ معاً. ندوب فرارها من السجن السوفياتي وبقائها على تخوم الاتحاد الروسي. تحمل أيضاً ندوب الحروب التي دارت على أرضها. ولعل هذا يفسر كيف وضع النهار الطويل البلاد على حافة الانقسام بين الراغبين في النوم على الوسادة الروسية والراغبين في اعتناق الوسادة الأوروبية. أيقظت الأحداث أزمة هوية في هذه البلاد وأيقظت خط تماس داخلي فاتحة الباب لتحويل أوكرانيا خط تماس بين روسيا والغرب. لا روسيا تستطيع غسل يديها من المصير الأوكراني ولا الاتحاد الأوروبي يستطيع.


    لنترك جانباً أوجه التشابه والاختلاف بين الأزمتين الأوكرانية والسورية لنتوقف عند خيط قوي مشترك بينهما وهو صعوبة العثور على حل في أي منهما من دون موافقة فلاديمير بوتين. استدرج مشروع القرار الأخير روسيا إلى امتحان إنساني في الكارثة السورية. كان من الصعب على ممثل موسكو اللجوء هذه المرة أيضاً إلى سيف الفيتو.


    حرص تشوركين على تنظيف مشروع القرار من أي عبارة تتيح اللجوء إلى إجراءات رادعة من دون العودة إلى مجلس الأمن. لكنه مرر في المقابل مسألة مرور المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود مع الدول المجاورة. وهي مسألة تعارضها سورية وترى فيها انتقاصاً من سيادتها. كما مرر انتقادات أخرى موجهة إلى النظام تطالبه بوقف إجراءات الحصار والغارات على المدنيين واستخدام البراميل المتفجرة. وثمة من رأى في الموقف الروسي محاولة لتذكير النظام بضرورة إبداء قدر من المرونة في التعامل مع الجهود لحل سياسي خصوصاً بعد موقفه المتشدد في مفاوضات جنيف وتحميله مسؤولية توقفها.


    لا مبرر للإفراط في الرهان على القرار الإنساني لمجلس الأمن. ولا مبرر في المقابل لإنكار أي أهمية له. المعركة طويلة أصلاً. جديدها احتمال تشابك الملف السوري مع الملف الأوكراني. ثمة من يعتقد أن بوتين أصيب في أوكرانيا. وأن الصفعة الأوكرانية ستضاعف رغبته في التشدد في الملف السوري. وهذا يعني تمسك النظام السوري برهانه على الحل العسكري. ويعني أيضاً لجوء خصومه إلى عرقلة حلمه هذا بتقديم مساعدات للمعارضة لا تهدف إلى الانتصار بل إلى ضمان موقع معقول لها على طاولة المفاوضات. يزداد المشهد صعوبة وقتامة. فشل العالم في إقناع بوتين السوري فكيف سيتمكن من إقناع بوتين الأوكراني - السوري؟.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty بوتين «الرهيب»

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 3 مارس 2014 - 8:19

    لإثنين، ٣ مارس/ آذار ٢٠١٤ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)


    سمعنا في اليومين الماضيين ما لم نسمع مثله منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. استيقظت مخاوف روسيا واستيقظت المخاوف منها. هزت الأزمة الأوكرانية هدوء «غورباتشوف البيت الابيض». فرض الصحن الاوكراني نفسه على موائد هولاند وكامرون ومركل وبان كي مون. تسارعت المشاورات داخل الاتحاد الاوروبي وبين جنرالات حلف الاطلسي.


    انها ازمة كبرى وحقيقية. ازمة على ارض القارة القديمة وعلى حدود الاتحاد الروسي. تغيرت لغة التخاطب فجأة. باراك اوباما يحذر فلاديمير بوتين من «الثمن» الذي سيترتب على انتهاك سيادة اوكرانيا وتهديد وحدتها او استقرارها. تلويح غربي بمقاطعة قمة الثماني المقررة في سوتشي هذا العام وتلميحات بإخراج روسيا من هذا النادي اذا ذهبت بعيداً في استفزازاتها. الأمين العام لحلف الاطلسي يعتبر ان تحركات روسيا في اوكرانيا «تهدد السلم والأمن في أوروبا». ارتفعت اصوات تلوح بعزل روسيا اقتصادياً.


    ليس من الحكمة ان تمتحن قوياً على اطراف منزله. يتحول الامتحان تحدياً وجودياً. لا يستطيع القوي الفرار من مثل هذا الامتحان - «المؤامرة». لا يستطيع ان يخسر. يعتبر الامتحان مصيرياً لصورته وهيبته ومشروعه ولصورة بلاده وموقعها في محيطها والعالم. مثل هذا الامتحان يستحق المجازفة وما يمكن ان يترتب عليها.


    كان فلاديمير بوتين في العاشرة حين اندلعت ازمة الصواريخ الكوبية في 1962 والتي وضعت العالم على شفير مواجهة نووية. شعر جون كينيدي يومها ان بلاده لا تستطيع الخسارة قبالة شواطئها فاندفع في الامتحان. ولم يكن امام الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف غير التراجع. شيء آخر مشترك بين الماضي والحاضر. خروشوف، ومن دون ان يتقصد، هو صانع الازمة الحالية على ابواب الاتحاد الروسي. ففي 1954 وفي سياق الاحتفال بمرور 300 سنة على اتحاد اوكرانيا مع روسيا قرر إلحاق شبه جزيرة القرم بأوكرانيا. لم يخطر بباله ان الاتحاد السوفياتي يمكن ان ينتحر وان يندثر. وان شبه جزيرة القرم ستعاني من التهاب جروح الجغرافيا بفعل أملاح التاريخ.


    الجماهير مفتاح التغيير. لكن الجماهير مشكلة. تبالغ اذا خسرت. وتفرط اذا ربحت. اساء المنتصرون في كييف تقدير ذيول الاطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي اقنعه بوتين بتمزيق مشروع الشراكة مع الاتحاد الاوروبي. غاب عن بالهم ان البند الاول في برنامج بوتين هو منع الغرب من استكمال تطويق بلاده عبر دول تنتمي الى الاتحاد الاوروبي او حلف شمال الاطلسي.


    لم يستسغ بوتين يوماً استقلال الدول التي فرت من السجن السوفياتي وخصوصاً اوكرانيا. مارس ضدها سياسة التطويع. اوراقه كثيرة. الاقليات الروسية. النفط والغاز. الحضور الامني. التلاعب بأوراق داخلية.


    لم يتنبه المنتصرون في شوارع كييف الى خطورة وضع شبه جزيرة القرم. غالبية سكانها من الروس ويشعرون بأنهم اقرب الى موسكو منهم الى كييف. لم يلتفتوا ايضاً الى التاريخ. شبه جزيرة القرم كانت دائماً الميزان الذي يشير الى انتشار روسيا او انحسارها. انطلاقاً منها تقدم خانات التتار لاحراق موسكو ذات يوم ولم يردعهم الا «ايفان الرهيب». وعلى تلك الارض سالت بحور من الدماء بين الروس والامبراطورية العثمانية وفي حروب كثيرة ومذابح عديدة. المسألة تتخطى بقاء الاسطول الروسي مرابطاً في موانئها على البحر الاسود. انها روسية والقشرة الاوكرانية قابلة للزوال.


    لسنا في الستينات ليرسل بوتين «الجيش الاحمر» الى شوارع كييف. ولن يكون سهلاً ان يكرر بحق اوكرانيا عملية التأديب التي مارسها ضد جورجيا وتضمنت تلاعباً بأطراف الخرائط. لكنه يستطيع ان ينشب أظافره في جسد اوكرانيا عبر شبه جزيرة القرم. اوباما نفسه لم ينكر ان لروسيا مصالح في اوكرانيا. لكن السؤال هو عن حق الدول الكبرى في مد اظافرها الى الدول المجاورة لها.


    يستطيع بوتين ان يخسر في العراق. او ليبيا. وربما في سورية. لكنه لا يستطيع ان يتراجع في القرم على ابواب قلعته. ماذا سيفعل الغرب بالقيصر الذي يحمل مشروعاً ثأرياً ضد الانتصار الفاحش الذي دفع الاتحاد السوفياتي الى المتحف؟ وهل يملك الغرب ما يرشو به بوتين ليخرج اظافره من القرم ام اننا سنشهد صيغة معدلة من الحرب الباردة ومحاولة لتقليم اظافر فلاديمير «الرهيب»؟ حظه سيء باراك اوباما يهرب من الأزمة السورية فتفاجئه الازمة الروسية وهي أخطر بما لا يقاس
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty اصابة اللاعب القطري

    مُساهمة من طرف waell الجمعة 7 مارس 2014 - 13:07

    الجمعة، ٧ مارس/ آذار ٢٠١٤ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)




    * جئت من لندن ام من بيروت؟



    - من بيروت.



    * كيف وجدتها؟



    - أفضل. تابعت جلسة انتخاب الرئيس ميشال سليمان وحضرت حفل العشاء الذي اقامه الرئيس نبيه بري على شرف الرئيس المنتخب وراعي المناسبة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.



    * كيف كان العشاء؟



    - لطيفاً تميز بالكثير من العناقات والقُبل وتوزّع الحاضرون حول أمير قطر.



    * ماذا تقصد؟



    - لا شيء. إنني أروي ما شاهدت.



    * انت صحافي ويمكنك بالتأكيد التقاط الرسائل والإشارات ومعانيها.



    هل تقصدون انه كان لدى اللبنانيين «اتفاق الطائف» وصار لهم اتفاق موازٍ مكمل او مقيد اسمه «اتفاق الدوحة»؟



    - بين الاتفاقين تغيرت اشياء كثيرة في لبنان والمنطقة. تغيرت موازين القوى في لبنان والمنطقة. برزت قوى جديدة حية وفاعلة ولم يعد تجاهلها ممكناً. تغيرت أحجام الادوار الاقليمية.



    * لاحظت ان أمير قطر كان سعيداً بالتفاف المشاركين حوله؟



    - انت كصحافي يجب ان يلفتك ان أمير قطر جلس وفي بيروت هذه المرة تماماً كما جلس الملك فهد بن عبدالعزيز بعد التوصل الى اتفاق الطائف. هذه ليست مصادفة. ثمة من لعب دوراً في جعلها ممكنة.



    * هل الغرض من الصورة الجديدة الثأر من القديمة؟



    - انا لم اقل ذلك. انا قلت ان اشياء كثيرة تتغير في المنطقة.



    ***



    * اين كنت قبل مجيئك الى هنا؟



    - في بيروت.



    * كيف وجدت انتخاب ميشال سليمان؟



    - هناك من استوقفه الدور القطري واعتبره رسالة من الرئيس بشار الأسد.



    * هل تعتقد ان الأسد مرتاح؟



    - انا دوري أن اسأل. لكن الانطباع هو ان تحالفه مع ايران قوي وعميق. وعلاقته مع تركيا وقطر قوية.



    انا اعتقد ان المثلث السوري - التركي - القطري غير طبيعي وليس لمصلحة سورية في النهاية. هل يغيب عن بال الأسد ان لدى رجب طيب اردوغان اجندة اسلامية لن تتأخر في الظهور حين يتراجع نفوذ الجيش التركي؟ وهل يغيب عن باله ان قطر يمكن ان تكون مشاكساً كبيراً في المنطقة بسبب ثروتها المالية وقوّتها الاعلامية لكنها لا تستطيع ان تكون لاعباً كبيراً؟



    * هل يمكن ان افهم اكثر؟



    - ربما كان هناك في دمشق من يخطط لانقلاب على المثلث السوري - السعودي - المصري الذي ادرك حافظ الأسد أهميته على رغم ما اعترى علاقاته بالقاهرة والرياض من غيوم. إحلال تركيا مكان مصر، وقطر مكان السعودية هو اقرب الى المجازفة التي تصب في النهاية في مصلحة ايران لا في مصلحة سورية. تركيا دولة كبيرة في المنطقة، لكنها ليست بديلاً من مصر. وقطر، على رغم براعتها في جمع التناقضات على اراضيها وفي سياستها الخارجية، فإنها ليست بديلاً من السعودية. مشاكسة السعودية لا تبني سياسة مستقرة. لا قدرة لقطر على ادارة هذا الدور لأنه سيصطدم بالثوابت التاريخية في المنطقة.



    * اجد صعوبة في فهم السياسة القطرية وأسمع كثيراً ممن ألتقيهم سؤالاً مفاده ماذا تريد قطر؟



    - صحيح. ماذا تريد قطر من دعم الاسلاميين وبث رسائل «القاعدة» عبر «الجزيرة» ومن دعم الحوثيين في اليمن وهو ما يشكو منه الرئيس علي عبدالله صالح؟ لا قطر تستطيع احتمال دور بهذا الحجم، ولا السعودية تقبل به، ولا مصر تقبل، ولا مجلس التعاون الخليجي يستطيع العيش الى الابد مخفياً تحت سجادة اجتماعاته تناقض السياسات.



    ***



    تذكرت هذين الحوارين في عاصمتين عربيتين. كان ذلك قبل «الربيع العربي». بعد عواصف الربيع سمعت من سياسيين ليبيين بينهم محمود جبريل انتقادات تتهم قطر بالإصرار على تنصيب عبدالحكيم بلحاج قائداً للثورة الليبية. وسمعت في القاهرة انتقادات اكثر حدة لدعم قطر «حكم الإخوان». مع سقوط مرسي بدا وكأن اللاعب القطري أُصيب اصابة ليست بسيطة. اصابة تلزمه إجراء مراجعة او تحمل عواقب التشبث بسياسة المشاكسة. قرار السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة يؤكد اصابة اللاعب القطري على الملعب الخليجي ايضاً. كان على اللاعب المشاكس استخلاص العبر من البطاقة الصفراء كي لا يواجهه الحكم باللون الاحمر وقرار إخراجه من الملعب
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty حين ينهار العراق

    مُساهمة من طرف waell الجمعة 13 يونيو 2014 - 3:53

    الجمعة، ١٣ يونيو/ حزيران ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)


    كأننا أبناء الجزء الملعون من الكرة الأرضية. يلتفت العالم إلى البرازيل. ينشغل ثلاثة أرباع سكان الأرض بالمونديال. يذهبون في إجازة مع «الساحرة المستديرة». يشترون القمصان ويعلقون الأعلام على الشرفات. يتسمرون أمام الشاشات. يسألون عن نيمار البرازيلي. وليونيل ميسي الأرجنتيني. وكريستيانو رونالدو البرتغالي. تهتز الشباك فتطوف الصور العالم. ينشغل المحللون في تقويم التسديدات. وركلات الترجيح. وأعنف ما يمكن أن يحصل بطاقة صفراء تتحول حمراء.


    كأننا أبناء الجزء الملعون من العالم. يلتفت العالم إلى البرازيل ونبقى غارقين في هاويتنا. نتابع التسديدات الدموية لـ «داعش» و «أبو بكر البغدادي». واهتزاز شباك نوري المالكي وانهيار فريقه. ينشغل العالم بحروب مخملية تنتهي بكأس. ونتابع نحن انحدارنا من جحيم إلى جحيم. خرائطنا تتفكك على وقع عصبياتنا العمياء وأعلامنا مبللة بالكراهية والدم. ينهمكون بتكريم الفائزين وننهمك بمواكب التشييع وأمواج اللاجئين.


    لنترك المونديال لأهله. للشعوب الطبيعية التي تعيش في دول طبيعية. لدينا مهمات أكثر إلحاحاً. مباراة قاتلة على أرض العراق نتائجها تتخطى حدود أراضيه. ما جرى في الأيام الماضية ليس بسيطاً. إنه انهيار كامل للقوات المسلحة العراقية. أكاد أقول إنه انهيار كامل للعراق. من يصدق أن «داعش» استولت فجأة على ألف آلية ومدافع وصواريخ وكميات هائلة من الذخيرة. وإن صاحب القرار في الموصل حالياً ضابط سابق في جيش صدام. وإن سيد المدينة الجديد يعرف بوجود نصف بليون دولار في فرع البنك المركزي فيها. حدث ما كان يصعب تخيله أو تصديقه.


    هاتفت أصدقاء في العراق. للمرة الأولى منذ سنوات أشعر بخوفهم الشديد. على العاصمة. وما تبقى من التعايش ووحدة العراق. تكرر تعبير «الانهيار الكامل» في وصفهم التطورات. استوقفني قول سياسي بينهم إن إنقاذ العراق من الخارج متعذر. وإن الغارات الأميركية على «داعش» لن تحل المشكلة، هذا إذا حصلت. وإن إيران تدرك تماماً مخاطر أي تورط عسكري مباشر لقواتها. والأمر نفسه بالنسبة إلى تركيا. قال السياسي إن الوقت ينفد بسرعة رهيبة. وإن وقف التدهور لا بد أن يبدأ باستقالة المالكي لإفساح المجال أمام حكومة وحدة وطنية تضمن الدفاع عن بغداد نفسها ومنع وقوع مذبحة كبرى فيها وحولها. حكومة تشرع فوراً في إعادة تنظيم القوات المسلحة وتتعاون مع قوات إقليم كردستان وأبناء المناطق التي استبيحت على يد «داعش» وحلفائها. ولفت إلى ما سماه «حقائق جديدة على الأرض في المناطق السنية وكذلك في كركوك التي باتت وللمرة الأولى في عهدة قوات البيشمركة وحدها».


    قال السياسي إن خطورة الوضع لا تسمح بانتظار تبلور صفقة أميركية- إيرانية تضطلع طهران بموجبها بدور في مكافحة الإرهاب من بغداد إلى بيروت مروراً بدمشق. لاحظ أن ظروف مثل هذه الصفقة لم تنضج بعد، ذلك أنها لا بد أن تشمل عدم تهديد أمن إسرائيل. وهذا يعني تغييراً كبيراً في مبرر قيام هلال الممانعة وقاموسه.


    أكد السياسي أن التأخر في الرد على الانهيار الذي حصل سيعني إعادة إطلاق الحرب الأهلية. وسيعني تصاعد التسابق بين المكونات على تقاسم أراضي العراق وثرواته. وتحقيق ذلك متعذر من دون مجازر وتهجير واستكمال عمليات الفرز المذهبي. ثم من قال إن تمزيق العراق سيقتصر عليه بعدما فقدت التركيبة السورية حصانتها وتصدعت وعاد التفكك اللبناني إلى الواجهة؟


    من حق سيرغي لافروف أن يسخر من النتائج الكارثية للغزو الأميركي للعراق. ولا مبالغة في قوله «إن وحدة العراق مهددة». لكن من الصعب القول إن دم العراق موجود على أصابع السياسة الأميركية وحدها. هذا الدم موجود على أصابع كثيرين داخل العراق وخارجه. يخطئ لافروف حين يتحدث كأنه رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر. التأخر في وقف الحرب في سورية سبب رئيسي للانهيار الحاصل في العراق. ومن يدري، فقد يأتي غداً من يذكر لافروف بأن أصابعه ليست بريئة من دم المنطقة.


    ينشغل العالم باستقبال المونديال وننشغل نحن في وداع العراق الذي عرفناه واعتقدنا ذات يوم أنه عصي على الانهيار والانقسام. حين ينهار العراق على دول المنطقة أن تتحسس أطرافها.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty كل شيء إلا كركوك»

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 30 يونيو 2014 - 12:43

    الإثنين، ٣٠ يونيو/ حزيران ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)


    ادخل العامل كأسين من الشاي. وضع الاول امام السيد الرئيس والثاني امام ضيفه. سارع صدام حسين الى تبديل موقعي الكأسين. كان يريد القول لمسعود بارزاني ان الشاي ليس مسموما وانه لا يغدر بضيوفه. كان ذلك في 1991. اي بعد سحق انتفاضة الاكراد، وبعد سنوات من حملة الانفال وقصف حلبجة.


    كان اللقاء صعبا ورهيبا. قال صدام لضيفه: «اعرف انك اتخذت قرارا صعبا». رد مسعود: «جئتك سابحا في بحر من الدم لكن اذا كانت هناك فرصة لحل مشرف فانني مستعد». وكان يشير الى مقتل 180 الف كردي، بينهم ثمانية الآف من عشيرته وثلاثة من اشقائه. لنترك تفاصيل ذلك اللقاء. ما يعنينا منه اليوم جملة مذهلة فاجأت الزائر نفسه. قال صدام: «نحن لا ننكر ان كركوك كردية لكننا لا يمكن ان نعطيكم اياها لانها قاعدة جاهزة لاعلان دولة... كل شيء الا كركوك». وكان يلمح الى الثروة النفطية في منطقة كركوك.


    قبل اسابيع من ذلك اللقاء كانت بغداد استقبلت وفدا كرديا برئاسة جلال طالباني. وخلال نقاش حول كركوك سمع الوفد من طارق عزيز جملة بالغة القسوة وهي «ليس لكم في كركوك غير حق البكاء عليها».


    على مدى عقود كانت كركوك خطا احمر. لا يستطيع حاكم بغداد التنازل عنها ولا يستطيع القادة الاكراد التسليم بخسارتها الى الابد. واهمية كركوك لا تقتصر فقط على ثروتها. لاسمها في وجدان الاكراد «رنة تكاد تعادل رنة اسم القدس في وجدان الفلسطينيين». حاول صدام حسم المسألة باسلوب الضربة القاضية عبر تهجير الاكراد والتعريب القسري. لم يدر في باله ان اخطاء نوري المالكي ستسهل لاحقا عودة كركوك الى الحضن الكردي.


    كانت كركوك ايضا خطا احمر بالنسبة الى الدول المجاورة للعراق التي تضم اقليات كردية. كان من اهداف اللقاءات الثلاثية الايرانية - التركية - السورية التي عقدت في التسعينات منع قيام كيان كردي او على الاقل منع اي كيان كردي محتمل من استعادة كركوك التي تضم خليطا من الاكراد والعرب والتركمان. هذا لا يلغي ان ايران ساعدت الاكراد لاستنزاف نظام صدام. وان سورية حافظ الاسد فعلت شيئا مشابها. لكن المساعدة كانت بهدف اشغال صدام او اسقاطه وليست بهدف تسهيل قيام كيان كردي.


    اعتاد حاكم بغداد ارسال الجيش لـ «تأديب» الاكراد. لكن ارتكاباته توفر لهم احيانا فرصا تاريخية. كان اشراك الاكراد ضروريا لاطاحة صدام حسين. التقطوا الفرصة التاريخية. يشاركون شرط قيام عراق ديموقراطي وفيدرالي. وهذا ما حصل. سيرتكب نوري المالكي خطأ مكلفا خلال ولايتيه الصاخبتين. تجاهل المادة 140 من الدستور التي تنص على معالجة قضية المناطق المتنازع عليها عبر التطبيع والتعويض ثم الاستفتاء.


    اغلب الظن ان المالكي يشعر في قرارة نفسه بما اعترف به صدام في لقائه مسعود وهو ان كركوك كردية ونتائج الاستفتاء معروفة سلفا. دفع المالكي المادة المذكورة الى الثلاجة كمن يبعد كأس السم عن شفتيه. اصابته اعراض الحاكم العراقي القوي. حاول لي ذراع اقليم كردستان ثم حاول لي ذراع المكون السني. خسر الاثنين فاطلت «داعش» في الموصل. انهار الجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها فتقدمت البيشمركة للدفاع عنها. اعلن بارزاني عن اجراء استفتاء حول مستقبل كركوك وهو ما كان يفترض ان يفعله المالكي منذ سنوات.


    اساء نوري المالكي تقدير عوامل عدة. جاذبية الازدهار الذي يعيشه اقليم كردستان بالنسبة الى اكراد المناطق المتنازع عليها. والجملة التي اطلقها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لدى زيارته اقليم كردستان ومفادها ان الزمن الذي كان يمكن فيه انكار حقوق الاكراد قد ولى. والعامل الثالث ان بارزاني كان في طليعة من شجعوا اردوغان على فتح صفحة جديدة مع عبد الله اوجلان واكراد تركيا.


    يتوهم المستبد انه يحرس الخريطة. ينسى ان القهر والاقصاء يحولانها سجنا ويغريان الاقليات بالفرار عند اول سانحة. لا مصلحة للاكراد في الفرار من العراق الغني اذا كان ديموقراطيا وفيدراليا وكانوا فيه شركاء كاملين. قصة كركوك تستحق التوقف عندها. على دول المنطقة تحسس خرائطها. تحتاج الخرائط الى صيانة دائمة وعلى قاعدة الشراكة والانصاف. اكراد سورية يعيشون اليوم في ظل «ادارات ذاتية». لا يكفي ان يقول الحاكم «كل شيء الا كركوك». عليه تجرع سم الشراكة باكرا للاحتفاظ بها.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty من يحارب «داعش» ؟

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 7 يوليو 2014 - 11:41

    الإثنين، ٧ يوليو/ تموز ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)


    ليست بسيطة تلك المشاهد التي تتلاحق. شاب يخرج من العتمة ويقف في المسجد الكبير في الموصل. يخاطب الحاضرين بوصفه «الخليفة». يقول بلهجة قاطعة: «ابتُليت بأمانة ثقيلة فأعينوني عليها». فجأة ينشغل العالم بأسره بالبحث عن جذور «الخليفة إبراهيم».


    ليس بسيطاً ايضاً أن تسقط الموصل، ثاني المدن العراقية، في يد مئات من أبناء التنظيم. الموصل التي كانت خزان ضباط الجيش العراقي في العقود الماضية. الشق الآخر من المشهد المروع هو انهيار وحدات الجيش العراقي. القائد العسكري الذي كان يثير ذكر اسمه الرعب في النفوس ترك قواته وسلم نفسه الى عناصر البيشمركة. نقلوه الى أربيل ومنها عاد الى بغداد. بعد أربعة أيام دخل المسلحون الى مقر الفرقة الرابعة في بغداد واستولوا على ترسانة من الأسلحة. خلع جنود الجيش ثيابهم وارتدوا الدشاديش وفروا.


    ليس بسيطاً ابداً أن يسقط «داعش» الحدود العراقية-السورية. وأن يوسع انتشاره في محافظات كبرى في الدولتين ويستولي على حقول النفط. وأن يطالب السكان بالتوبة أو الجزية. وأن يهجر أهالي مدن وبلدات ليستولي عليها نظيفة في غيابهم ثم يفرض عليهم شروط العودة والطاعة.


    أثارت الإطلالة المدوية لـ «داعش» المخيلات. من أين جاء بأسلحة حديثة استخدمها قبل استيلائه على ترسانة الوحدات العراقية التي تبخرت؟ من أين جاء بالأموال الموجودة في حوزته حتى قبل استيلائه على كنز الموصل؟ وكيف تحركت مجموعات «داعش» بمثل هذه الحرية؟ أين معلومات الجيش العراقي والحليف الإيراني؟ وأين طيران الجيش السوري وغاراته؟


    لا أحاول أبداً الإيحاء بوجود مؤامرة حيكت في الظلام. إنني أطرح أسئلة أمام مشهد غير مسبوق وشديد الخطورة.


    سألت عراقيين كثيرين ولم أعد بجواب شافٍ. كان لا بد من سؤال سياسيين من أبناء المنطقة السنّية التي يفترض أنها تعيش اليوم في كنف «أبو بكر البغدادي». يعتقد هؤلاء أن «داعش» ظاهرة غريبة ومثيرة للتساؤلات. ويرجحون ألا تطول سيطرتها وسطوتها. يقولون إن الإعلام وقع في فخ براعة «داعش» الذي يتعمد إثارة الرعب في نفوس خصومه. وإن الإعلام يتجاهل أن ما حصل في المحافظات السنّية في العراق هو نتيجة تراكم احتجاجات بدأت قبل سنة ونصف السنة «وكانت تعبّر عن رفض المكون السنّي لنهج نوري المالكي وسياسة الإقصاء والتهميش». وأضافوا أن عصب الاحتجاجات كان يتشكل من «مواطنين غاضبين إضافة الى قوى إسلامية وبعثية ووطنية شاركت في مقاومة الاحتلال الأميركي وواصلت بعد انسحابه مقاومة السلطة الطائفية المتحالفة مع طهران».


    سألت عن الجهة التي تستطيع محاربة «داعش» فجاء الجواب: «لا يمكن محاربة داعش من الخارج. كل دور أميركي سيعطي هذا التنظيم فرصة لتعميق شرعيته لدى جمهوره. أي دور إيراني في دعم الجيش العراقي سيضاعف الطابع المذهبي للصراع. «داعش» يسقط سريعاً إذا رفع الظلم اللاحق بالمكون السنّي واستعادت العملية السياسية القدر الضروري من التوازن. وهذا يعني عملياً غياب المالكي ونهجه والاعتراف بالقوى الفعلية في الشارع السنّي ومطالبها. الحل ليس بمحاولة إحياء الصحوات. الحل بإعادة التوازن الى العراق وهو ما يضعف نفوذ فريقين هما: القاعدة ومشتقاتها من جهة وإيران من جهة اخرى».


    لفتني قول أحدهم إن «داعش» ولد ايضاً من «أزمة دور السنّة في العراق وسورية ولبنان، أي في المنطقة التي صارت توصف بالهلال الشيعي على رغم أن السنّة ليسوا أقلية فيها».


    واضح أن المنطقة لا تستطيع احتمال استقرار دولة «الخليفة ابراهيم» في المناطق التي تسيطر عليها. وثمة مؤشرات الى أن أميركا ترعى اتصالات لإسقاط الدولة من داخلها. أغلب الظن أن هوية من سيتولون محاربة «داعش» ستؤثر على صورة المعركة ومسارها ومصيرها.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty تموز الفلسطيني وتموز اللبناني

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 14 يوليو 2014 - 11:55

    الإثنين، ١٤ يوليو/ تموز ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)


    يسكب الجيش الإسرائيلي ناره على غزة. يعاقب البشر والحجر. صواريخ «حماس» و «الجهاد» تصل تل أبيب والقدس وحيفا وتقترب من مفاعل ديمونة. تتذكر الدولة العبرية انها دولة صغيرة هشة. على سكانها المسارعة إلى الملاجئ لأن خالد مشعل ورمضان شلّح قررا الرد على النار بالنار.


    تتذكر إسرائيل أنها دولة هشة. لا مناطق آمنة فيها. ومساحتها أقل بكثير من الأراضي الخاضعة لـ «الخليفة» أبو بكر البغدادي. وأقل أيضاً من مساحة الأراضي التي يسيطر عليها «داعش» في سورية. أقول دولة هشة ولا أقول إنها مهددة بالتفكك أو الانهيار.


    الصواريخ سلاح الفقراء. سلاح الذين لا قدرة لهم على اقتناء طائرات حديثة تمتلك قدرة استثنائية على التصويب والتدمير. هي رسائل لاختراق الأمن والهيبة، والتذكير بأن النزاع لم يحسم، وأن أصحاب الحق لم يتنازلوا عنه، وأنهم ليسوا في وارد الاستسلام تحت وطأة الخلل الهائل في ميزان القوى.


    تحاول الصواريخ أن تكون سلاحاً رادعاً. تقول إن عهد الاستباحة الكاملة مضى، وإن للغارات الإسرائيلية الوحشية ثمناً، وإن الإسرائيلي لن ينعم بالهدوء إذا حرم ابن غزة منه، وإن على الاقتصاد الإسرائيلي أن يدفع هو الآخر ثمن غطرسة آلته العسكرية وعدوانها، وإن «القبة الحديد» لا تكفي للاحتماء من مطر الصواريخ، فضلاً عن كونها مكلفة.


    يسكب الجيش الإسرائيلي ناره على غزة. صواريخ تموز (يوليو) الفلسطيني الجاري تذكره بصواريخ تموز 2006 اللبناني. بين التموزين خيط من الدم وخيوط أخرى كثيرة.


    تموز اللبناني هو الذي أدخل الصواريخ الى معادلة الأمن الإسرائيلي. فوجئت إسرائيل بهذا التطور العسكري، واضطرت إلى قبول وقف النار قبل أن تتمكن من تدمير الصواريخ أو إسكاتها. للمرة الأولى لم تتمكن إسرائيل من حسم الحرب لهذا اعتبرت هزيمة لها. لكنها حصلت في وقف النار على معادلة أبقتها منذ ذلك التاريخ بمنأى عن الصواريخ النائمة في مخازن «حزب الله».


    كانت لتموز اللبناني نتائج أخرى كثيرة. تأكيد مرابطة إيران على حدود إسرائيل مع جنوب لبنان. مساعدة سورية على الخروج من العزلة التي دخلتها بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) 2005. تشجيع إيران وسورية على الذهاب أبعد في استنزاف الاحتلال الأميركي للعراق. منع قيام حكومة لبنانية مستقرة معادية للنفوذين السوري والإيراني. تحول «حزب الله» لاعباً إقليمياً وجيشاً متماسكاً قادراً على أداء أدوار أخرى.


    تنطلق صواريخ تموز الفلسطيني في منطقة أخرى. الجيوش العربية تآكلت أو غرقت في دم شعوبها. وحدات كاملة من الجيش العراقي تركت أسلحتها ومقارّها مقدمة لعناصر «داعش» هدية لم يحلموا بمثلها. الجيش السوري يقاتل في حلب ودرعا وغوطة دمشق، ولا شيء يضمن أن السنة الرابعة من الحرب ستكون الأخيرة. الجيش اللبناني يخوض معركة ضد الإرهاب في الداخل، وعدم تمتعه بحصرية السلاح ينذر بتعقيد علاقاته بالمكون السنّي. و «حزب الله» الذي أمطر إسرائيل بالصواريخ في تموز 2006، يقاتل في تموز الجاري على الأرض السورية. الجيش المصري الذي لعب دوراً حاسماً في الانتفاضة التي طوت صفحة «الإخوان» في مصر، يقاتل هو الآخر الإرهاب في سيناء والمدن المصرية. ولا يغيب عن الحساب أن «حماس» تدفع هي الأخرى ثمن محاولة «الإخوان» الاستيلاء على «الربيع العربي». غادرت سورية وهي متهمة في مصر.


    ربما بسبب هذه اللوحة القاتمة يراهن بنيامين نتانياهو على تأديب غزة وتموزها وصواريخها. لا يبخل الفلسطينيون بالتضحيات. المقاومة خيارهم وقدرهم. لكن تموز الفلسطيني يجري فيما الأمة مُشلّعة الدول والجيوش والإرادة. أمة يلعب الجيران على أرضها وتغص عواصمها بالجيوش الصغيرة والجثث والنازحين.
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29437
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65577
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    غسان شربل/ متجدد - صفحة 4 Empty هدايا «داعش»

    مُساهمة من طرف waell الإثنين 5 يناير 2015 - 11:25

    الإثنين، ٥ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٥ (٠٠:٠ - بتوقيت غرينتش)


    < بدأت السنة الجديدة على وقع الإشارات المتبادلة. قال باراك أوباما إن أمام طهران «فرصة للتصالح مع العالم» وإن إبرامها اتفاقاً مع الدول الست يطوي ملفها النووي «سيجعلها قوة اقليمية ناجحة جداً...». انتقد سلوك ايران في الملفات الإقليمية لكنه لم يقل ان هذا السلوك يجعل الاتفاق معها مستحيلاً. بعد ايام جاء الرد من طهران. قال الرئيس حسن روحاني: «ان البلد لا يمكن ان يتطور في العزلة لكن ذلك لا يعني انه علينا التخلي عن مبادئنا وأفكارنا». وأكد «انقضاء المرحلة التي كنا نقول فيها ان وجود الاستثمارات الأجنبية يشكل تهديداً للاستقلال. اليوم اصبحت الأمور عكس ذلك». وبين التصريحين كان الوضع في العراق على الشكل الآتي: الطائرات الأميركية في الفضاء والجنرال قاسم سليماني على الأرض. نسي اوباما وروحاني توجيه شكر الى الخليفة البغدادي ذلك ان اقتراب واشنطن وطهران من شروط رقصة التانغو ما كان ليتم لولا هدايا «داعش».
    الحقيقة ان الإطلالة المخيفة لـ «داعش» على المسرح العراقي - السوري شكلت هدية غير متوقعة للرئيس الأميركي. اعادت الإطلالة تركيز الأضواء على الوضع في العراق ولم تعد سورية الموضوع الأول او الوحيد. وليس سراً ان اوباما لم يعتبر الموضوع السوري اساساً فرصة للتدخل او لتسجيل نقاط واكتفى بالتعامل معه بما يرفع العتب من الحلفاء ولا يؤدي الى نسف فرص التفاوض مع ايران.
    يمكن القول ان الإطلالة المقلقة لـ «داعش» وفّرت لأميركا وإيران مزيداً من فرص الاقتراب واستكشاف امكانات الرقص معاً في ساحة واحدة. ساهمت اطلالة التنظيم في ازالة عقبة اسمها نوري المالكي علماً ان الرجل كان نجح سابقاً في تحويل نفسه حاجة ايرانية وأميركية في الوقت نفسه. الطريقة التي استسلمت بها وحدات كاملة من الجيش العراقي وتخوفات فئات كثيرة من الوقوع مجدداً في حكم الرجل الواحد كلها عناصر ساهمت في الضغط على ايران لإقناع المالكي بمغادرة مكتبه.
    تعامل اوباما مع هدية ابو بكر البغدادي في سياق رؤيته للمنطقة: تقديم الموضوع العراقي على الموضوع السوري، تقديم اشكال من الدعم العسكري تقلّ عن التدخل العسكري البري الواسع، إبقاء فرص التقدّم في المفاوضات النووية مع ايران مفتوحة ومتاحة.
    خطّط تنظيم «داعش» لارتكاب مجزرة غير مسبوقة بحق الأكراد. كان يمكن ان يكون الوضع مختلفاً تماما لو نجح في كسر ارادة اربيل والاستيلاء على كركوك ونفطها. مشروع المجزرة تعثر وتحول هدية للأكراد. العالم الذي كان يتباخل عليهم بالسلاح سارع الى تغيير موقفه خصوصاً بعدما كانت ايران اول الواصلين لعرض المساعدة. نجح مسعود بارزاني في استجلاب الدعم الدولي لكن نجاحه الأكبر كان في توليه شخصياً قيادة عملية تحرير المناطق التي اجتاحها «داعش» وبينها «المناطق المتنازع عليها» والتي التحقت عملياً بحضن الإقليم.   
    في المقابل حصلت ايران على هدايا من «داعش». خلال ساعات شعر العالم ان الخطر في العراق يأتي من «داعش» وليس من الدور الإيراني في هذا البلد وأدوار الميليشيات الحليفة له. ثمة هدية اخرى وهي اعطاء الانطباع ان الخطر الأول في سورية هو خطر الإرهابيين الوافدين وأن ما تفعله ايران هناك هو «احتواء هذا الخطر». يمكن القول ايضاً ان «حزب الله» اللبناني عثر ايضاً على هديته. صار باستطاعته القول انه لو لم يتدخل في سورية لربما اضطر الى مقاتلة «داعش» وأشباهه «داخل الأراضي اللبنانية وربما في العاصمة نفسها».
    ولا مبالغة في القول ايضا ان سلوك «داعش» شكل هدية ثمينة للنظام السوري الذي يجد نفسه الآن في وضع افضل مما كان عليه وتحديداً لأن التنظيم عاد وتصدّر لائحة الأخطار لدى العواصم القريبة والبعيدة. انشغال العالم بارتكابات «داعش» جعل حدثاً كبيراً من قماشة سيطرة الحوثيين على اليمن يمرّ وكأنه حدث عادي.  
    حقّق «داعش» عكس ما ادعى. تحوّل نكبة لمن زعم الدفاع عنهم. قدّم الهدايا الصارخة لمن ادعى معاداتهم. وفّرت ارتكابات التنظيم حججاً اضافية لدعاة التانغو الأميركي - الإيراني. ستكون السنة الجديدة حاسمة في هذا السياق. فواشنطن وطهران تبدوان مهتمتين بالرقص فوق جثة «داعش».

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 10 مايو 2024 - 14:26