جهاد الخازن
السبت ١٩ أكتوبر ٢٠١٣
عندما فازت قطر بتنظيم بطولة العالم في كرة القدم عام 2022 فرحنا مع الشيخ حمد بن خليفة والشيخة موزا وأهل قطر جميعاً بإجراء البطولة في بلد عربي للمرة الأولى في تاريخ المباريات. ذلك التصويت في كانون الأول (ديسمبر) 2010 إنتهى بفوز روسيا بتنظيم بطولة 2018 وقطر بعدها في 2022.
ثم «راحت السكرة وجاءت الفكرة». وهذا مَثل عربي مستعمل في بلدان عربية عدة، بعضها يحرّم الخمر. وبدأت المعلومات المتوافرة تثير قلقاً متزايداً في نفسي، فأنا قلق بالولادة، وأبحث دائماً عن أسباب إضافية لأقلق.
في البداية، خفت من النفقات، فقد قرأت أن قطر ستنفق حوالى مئة بليون دولار على بناء ثمانية ملاعب كرة جديدة بينها استاد أولمبي الصفات يتسع لثمانين ألف متفرج، وعلى إصلاح أربعة ملاعب موجودة وتوسيعها، وبناء فنادق جديدة ومترو ومدينة لحوالى 200 ألف شخص وغير ذلك كثير.
كنت أفكر أن مئة بليون دولار تكفي لإصلاح أمور الدول العربية الفقيرة وبعض دول افريقيا جنوب الصحراء، عندما تحول الجدل الى موضوع آخر هو حرارة الطقس كأنهم فوجئوا بارتفاعها بعد التصويت، فالألعاب يُفترض أن تجرى في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) عندما تكون الحرارة في قطر تقترب من 50 درجة مئوية خلال النهار. وقرأت أن قطر عرضت نظاماً للتهوئة غير مجرَّب في ملاعب كبيرة يهبط بحرارة الملعب الى 23 درجة مئوية. غير أن تقريراً رسمياً للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) شكّك في قدرة النظام المقترح على خفض الحرارة في الملاعب.
وهنا أصبح موضوع الجدل إمكان نقل بطولة 2022 الى أشهر الشتاء، إلا أن فيفا لا تستطيع أن تتخذ مثل هذا القرار بمفردها لأن اللعب في الشتاء يعني تعطيل البطولات في كل الدول المشاركة، ويتبع ذلك طلبات تعويض من شركات التلفزيون المتعاقدة والمعلنين، وربما أندية الدوري الممتاز في هذا البلد أو ذلك فهي ستفقد لاعبيها الذين يمثلون بلادهم.
يبن هذا وذاك ثارت مسألة العمالة الوافدة في قطر، فسكان البلد عددهم حوالى 250 ألفاً، وهناك في مقابلهم 1.2 مليون وافد أجنبي، ما يعني أن نسبة السكان الأصليين حوالى 12 في المئة من المجموع. وكانت هناك تقارير زعمت أن 500 ألف عامل آخر سيُستَقدَمون في السنوات القادمة لضمان إنجاز المشاريع ذات العلاقة ببطولة الكرة.
هذا الجدل أثار جدلاً فرعياً هو معاملة العمال الوافدين، فقطر من أغنى دول العالم بالنسبة الى عدد المواطنين، ومع ذلك قرأت أن العمال لا يتلقون ماء مجانياً للشرب خلال العمل، وأن بعضهم لم يتلقَ أجره منذ شهور. الحكومة القطرية وعدت فوراً بالتحقيق، وتعهدت بزيادة المشرفين على سير العمل. وأرجح أن الذنب ذنب الشركات المتعاقدة لا الحكومة، لذلك أقترح معاقبة الشركات المخالفة بشدة، فزمن الرق مضى، وهناك جهات عالمية تبحث عن سبب للإساءة الى قطر.
قرأت أن 44 عاملاً نيبالياً ماتوا خلال العمل بين 4/6 الماضي و8/8، وأن عمالاً من الهنود ماتوا أيضاً. ورجحت التقارير أن يموت حوالى أربعة آلاف عامل قبل حلول 2022 بسبب مشقة العمل في الطقس الحار.
الرقم الأخير لا أصدقه وإنما أعتبره جزءاً من الحملة على قطر لفوزها بتنظيم البطولة، فالدول الخاسرة شملت الولايات المتحدة واستراليا واليابان وكوريا الجنوبية. وهناك الآن تحقيق قديم-جديد في إحتمال رشوة بعض أعضاء اللجنة التنفيذية لفيفا.
بت أتمنى لو أن قطر لم تفز بتنظيم بطولة كأس العالم في كرة القدم سنة 2022، فبعض الانتقاد صحيح، إلا أن بعضاً آخر يشرحه المَثَل «مش رمانة، قلوب ملآنة» وقطر فيها ما يغيظ قلوب الحسّاد، وهم كثر.