المستقبل للمجلات النسائية. الصحافة الورقية انتهت أو في سبيل أن تتبع الطائر دودو في طريق الانقراض، لذلك أقترح على كل مَنْ يفكر بجريدة جديدة أن يسميها طسم أو جديس، لأنها ستنضم سريعاً إلى الجرائد البائدة.
في المقابل، المجلات النسائية ملأى بالإعلانات، وكنت أعرف هذا قبل أن أجد نفسي في رحلة جوية ولا جرائد تزيد من هموم القلب، وتصفحت مجلتَي «هاربرز بازار» و «إل»، عددي آذار (مارس).
«هاربرز» في 400 صفحة أو نحوها، تبدأ بحوالى 40 صفحة من الإعلانات، وتفاصيل المواضيع في الصفحة 41، وأول تحقيق في الصفحة 153.
«إل» من نوع ما سبق حجماً وإعلانات، مع ملحق إعلاني لشركة مستحضرات تجميل. أول صفحة كُتِبَ فيها عنوان المجلة والمكاتب وما إلى ذلك، كانت تحمل الرقم 66، وأول موضوع في الصفحة 225، وأول تحقيق مع آنسة اسمها ليز فيلدز في الصفحة 240.
كانت عندي فكرة عن مستقبل الصحافة من متابعتي أخبارها لا ممّا تنشر من أخبار الآخرين. ولا أكشف سراً إذا قلت إن مجلتنا «لها» الملأى والحمد لله بالإعلانات، تربح ولا تخسر، فأهنئ الزميلة العزيزة هالة كوثراني، رئيسة التحرير، وفريق العمل المهني الجميل.
الكلمة الأخيـــرة تــــذكّرني بسبب زاوية اليوم، ففي غياب الجرائد قلــــت أقلب صفـــحات المـــجلات النسائية لأرى صور جميلات العالم، ولـــم يــــخب أمـــلي، فــــقد كان هناك مئات منها ونسيت مع الحُسْن «البلاوي» في كـــل بلد عربي، ثم أغمضت عيني لأبقى بعيداً من عالم بدون تجمـــيل أو عطور.
أين ذهب القراء؟ مركز بيو للأبحاث يقول إن البلدان النامية بدأت تلحق بالولايات المتحدة في استخدام الأنواع المتقدمة من الهواتف الذكية، فنسبتها من المستعمل في أميركا هي 55 في المئة مقابل 45 في المئة (لبنان) و37 في المئة (الصين) و21 في المئة (المكسيك) و15 في المئة (البرازيل) و3 في المئة (باكستان).
مصر تتقدم العالم النامي كله في استعمال شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 88 في المئة، وبعدها 86 في المئة لروسيا و79 في المئة لتركيا و73 في المئة للبرازيل و48 في المئة للصين.
أما في موضوع إرسال تكست أو أخذ صورة بالهواتف المحمولة، فمركز بيو يسجل نسبة الذين يملكونها من الذين شاركوا في الاستطلاع والذين يرسلون تكست أو يتلقونه ويأخذون صوراً، ووجدت أن الأردن ومصر وتونس وتركيا ولبنان بين الدول العشر الأولى في هذه الاستعمالات.
كل ما سبق من تكنولوجيا العصر يجري على حساب الصحافة الورقية في كل بلد، فهي أفلست أو كادت في أوروبا وأميركا، وعلى شفير الإفلاس في بلدان عربية عدة باستثناء الخليج، حيث هناك من الدخول المرتفعة والحركة الاقتصادية النشطة ما يضمن استمرار الصحافة التقليدية. وقد رأيت جرائد في الإمارات والكويت وقطر والسعودية ملأى بالإعلانات، وهي شريان حياة الصحافة الورقية، فالتوزيع العالي يأتي بإعلانات تعكس مدى انتشار المطبوعة.
الجرائد السياسية والمجلات والمطبوعات الأخرى تقدم للقارئ الهم والغم وثقل الدم، أما المجلات النسائية فتقدم للقارئة البهاء والسناء والدواء (لتأخير زحف العمر على الوجه الرقيق والقوام الرشيق).
لو كنت طبيب تجميل لضمنت المستقبل، إلا أنني اخترت مهنة صحافي، أو «سي حافي» كما يقول المصريون، وأستاهل، لأنني لم أحسن الخيار.