اعتادت الفلاّحة الفلسطينية عندما تريد أن تحمل شيئاً ثقيلاً فوق رأسها: (حزمة حطب ـ جَرّة ماء ـ سطْل ماء ـ صندوقاً... إلخ) أنْ تُكَلِّل على رأسها، أيْ أنْ تضع فوق رأسها إكليلاً، تصنعه عادةً من خرق بالية، والهدف من وراء هذا التكليل أن يَمنع الإكليل القماشي احتكاكَ الحمْل برأسها فلا يؤذيه، وهم يقولون (فلانه تْكَلَّلَتْ) أو كَلَّلَتْ، أي وضعتْ إكليلَ الخِرَق فوق رأسها لحَمْل شيء ثقيل.
جحش الكلاب
قضت العادة في بعض قرانا الفلسطينية، على العريس، أن يشتري جحشاً أو حماراً، فيذبحه ثم يقطِّعه قطعاً صغيرة كثيرة، ثم يبعثر هذه القطَع لتأكل منها كلاب القرية... وتسمى هذه الوليمة (جحش الكلاب)، إذ إن الكلاب لها كل الحق في أن تحصل على هذا الطعام عند خروج العروس إلى دار الغربة.
شعيرة وباذنجانة وسالول ..!!!
عادات وطرق غريبة استخدامها أجدادنا من اجل الشفاء من بعض الأمراض التي كانت تصيبهم ، من بين هذه الطرق طريقة غريبة عجيبة أشبه بالخرافة حدثتني عنها إحدى ختيارياتنا والتي التقيت بها عند دكتور الجلد .. فمن اجل علاج السواليل " التواليل " كان اجدادنا يقومون بإحضار حبة شعير يغرزونها بموضع السالول ومن ثم يقومون بغرز حبة الشعير بحبة باذنجان تدفن في الزبل الذي كان ينتشر بأطراف القرية ، وحسب ما قالت لي الختيارة أن السالول ينتهي ويموت مع موت حبة الشعير والباذنجان من حرارة الزبل ..
الختيارة حدثتني عن أهازيج كان يرددها أجدادنا و كانت ترافق عملية وخز السلول بحبة الشعير ..
ليست هذه الطريقة الوحيدة التي اتبعها أجدادنا للتخلص من السواليل فقد قام البعض حسب ما قالت لي الخيارة باستخدام مياه غسل الميت للتخلص منها ومنهم من كان يكويها ويقتلها بالنار ..
جهل أجدادنا وغياب العلم والدواء هو ما كان يدفعهم للإيمان بهكذا خرافات وخزعبلات قد يدخل بعضها في باب الشرك بالله ..
وأنا هنا اذكر هذه الوصفات لا من اجل تطبيقها والعمل بها ، بل من اجل الاطلاع على عادات وتقاليد وقناعات مارسها أجدادنا .
العناية بالمولود قديماً
في اليوم الأربعين لولادة الطفل كان أهلنا في فلسطين يحممون الطفل وتغسل جميع ثيابه وثياب أمه دفعة واحدة، لاعتقاد النساء أن جميع هذه الملابس تكون نجسة طوال الأربعين يوماً.
وبشكل عام فإن الأم تبدأ بتغسيل مولودها كل يومين أو ثلاثة أيام، مع وضع الملح على سرّته. وهي تضع الملح كي يشفى جرح السرة بسرعة، وكثير من الأمهات كن يضعن الكحل في سرة المولود، حيث أننا نلاحظ أن أثر الكحل الأسود يظل عند الكثيرين ظاهراً في السرة حتى سن الشيخوخة أحياناً، أو مدى الحياة.
وعندما يطول شعر الطفل، يقصون أطرافه بمقص، وهناك من تنذر أنه عندما يطول شعر الطفل أن تحلقه في الصخرة الشريفة والحرم القدسي الشريف في القدس.
والأم الفلسطينية، كانت لا تقص أظافر مولودها إلاّ بعد شهرين أو ثلاثة أشهر، لأنهم يعتقدون بأن المولود يبقى في سرير فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم، حتى تُقَصَّ أظافرُه، أو يضعون الحناء في يديه، عندئذٍ يخرج المولود من هذا السرير.
وبعض الناس في فلسطين كانوا يحذّرون من إخراج الطفل من البيت قبل أن يُتمَّ أربعين يوماً من عمره، لكنهم إذا ما اضطروا إلى إخراجه قبل ذلك لسبب أو آخر، فإنهم يضعون على صدره رغيفاً من الخبز، لاعتقادهم بأنه إذا خرج دون هذا الرغيف فإن النجْم سيخرّ في ظهره... وعلى العموم فهم يحرصون قدر الإمكان، ألا يرى أحد من الغرباء المولود في أيامه الأولى، وذلك خشية الحسد... ومن عادة البعض أن يغطي المولود بثياب والده، حيث يقال إنها تحفظه من الحسد، حسب المعتقد الشعبي الفلسطيني.
وفي بعض القرى المسلمة في فلسطين، كانت الداية تقوم برسم صليب على جبين الطفل عند ولادته، لاعتقادهم أن ذلك يمنع الحسد عن الطفل.
وهم لا يقبّلون ما بين عيني الطفل، لأن ذلك في اعتقادهم قد يؤدي إلى موته، ويعبّرون عن هذا بقولهم: "إن كان بدك تستعجل عليه، بوُسُه من بين عنيه".
وإذا أُرعب الطفل الصغير، أي إذا أصابته "رعْبه/ رُعْبٌ" بشكل مفاجئ، فإنهم يطلبون إليه أن يبول على الفور، أو يسْقونه الماء.. وينطبق هذا على الكبار والصغار على حد سواء... ولعل هذه العادة بحاجة إلى أن يتم إخضاعها للدراسة النفسية، لأنها لم تأت من فراغ، إذ إنَّ كل من يتعرض لحدث مباغت، يذهب عنه الروْعُ بعد أن يشرب الماء مباشرة.
وكانوا يعلقون قلائد الخرز الزرقاء المتوسط الحجم على الأطفال لحمايتهم من الحسد... وقد ينقش بعضهم على وجه الطفل الوليد نقشاً ما بالنيلة الزرقاء خوفاً عليه من العين الحاسدة.
ويتورعون عن صفع الأطفال على وجوههم ليلاً، لأن ذلك من شأنه - حسب المعتقد- أن يجَنِّبَ الأطفال ضربات الجن.
وجرت العادة أن ينقط الماء المالح في عيني المولود بعيْد ولادته، لاعتقادهم أن هذا الإجراء كفيل بألا يصبح الطفل معه وقحاً قليل الحياء.. لذلك فإنهم يصفون الطفل الوقح بقولهم "عينُه مِشِ مْمَّلَّحَه"... كما يرشّون الملح في أنحاء البيت في اليوم السابع للولادة وتغنّي النسوة:
يا ملح دارنا كثر صبيانّا
يا ملح دارنا كثر عيالنا
وكان من عادتهم، أنهم لا يحبذون تقبيل المولود من فمه، لأنه كما يقولون "بِصيرِ يْرَيِّل" أي يصبح كثير الريالة، والريالة هي اللعاب.
وهم يحذرون من "تحفيض" المولود بقطعة قماش تستعملها المرأة التي "عليها العادة الشهريه"، لاعتقادهم بأن ذلك لوْ تمَّ فسيؤدي إلى مرض الطفل أو موته.
ومن عادة بعضهم، كيّ الطفل بالنار بين عينيه، حتى يعيش إخوته الذين سيولدون بعده... والبعض يصبغ جبين الطفل بعد ولادته بمادة الكحل على شكل خط أو نجمة أو صليب.
وإذا وقع الطفل على عتبة البيت، فإنهم يُلقون الماء البارد على العتبة حيث وقع الطفل، ليبعدوا الجن الذين يسكنون عتبات البيوت - حسب المعتقد- لكي لا يؤذوا الطفل... والماء هذا يطفئ النار التي خلق منها الجن، أو يبعدهم ويطردهم.. وقد يرشّون الملح لهذه الغاية... ويترافق كل ذلك مع البسملة وبقولهم: "دستور من خاطركم".
وهم لا يوقظون الطفل المستغرق في نومه، لأن ذلك قد يسبب له بعض الأذى، ويعبرون عن ذلك بالمثل الذي يقول: "إن هدّ القوم ع القوم، لا تفيّق ولدك من النوم".
وفي دمشق يضعن في صدر الطفل طوقاً من الخرز الأزرق، فيه خرزة زرقاء على شكل كف اليد مع قطعة من الشبة خوف الحساد...
وفي مصر يعتقد بعضهم، أن تعليق حذاء قديم في رقبة الطفل يمنع تأثير العين، وهذا النعل القديم لا يصلح لهذه الغاية إلاّ إذا عُثر عليه في الطريق ولا يُعرَف له صاحب، مع ضرورة أن يوجد أحد النعلين فقط.
وفي بعض الأقطار العربية، يضعون بجانب المولود إبريقاً فيه ماء، لحمايته من الجن والأحلام المزعجة والفزع... ويعلقون في عنقه قلادة تتدلى على صدره، فيها أشياء عديدة أبرزها شيء من عظام الحوت، وقاية له من العين... ولا يُخرِجون المولود من البيت إلاّ بعد سبعة أيام من ولادته.