يعتز الدمشقيون بالأبناء، وعندما يفكر أهل الشام في إتمام دين ابنهم بالزواج، كان يفكر أول ما يفكر أن يكون له عقب «ولد» ذكر، يحمل اسمه ويعينه على تحمل مشاق الحياة وأعبائها، لذا فإن على الأب أن يعلم ابنه حرفته «كاره» بعد أن يلم بما يقدمه المكتب «الكتاب» من مبادئ القراءة والكتابة، لأن تعلم الابن حرفة أو كار والده يساعد على حفظ اسم الأب في الحرفة وبالتالي في السوق والحارة، فلا يكاد يلتقي بأحد في هذه الأرجاء من الحارة أو السوق والحي حتى يلقى بمن يذكر محامد والده والدعاء له على هذه التربية، فمن خلّف ما مات كما يقولون.
منقول
وهكذا فإنهم كانوا يعدون البنت همّاً على أسرتها في صغرها ومجلبة للإشكالات في كبرها حتى إن من عايشت من الآباء في أواسط القرن المنصرم «العشرين».. من كان يرفض مجرد الخوض في زواج ابنته أو حتى الحديث في خطبتها.. وقد يمر على الزيجة وقت طويل ولا يزور ابنته المتزوجة حتى تنجب.. فضلاً عن هذا كله فإن زواج المسعدة قد يتسبب في انتقال ثروة الأسرة إلى أولادها الذين ينتمون إلى أسرة أخرى.. كما أن البنت في الأسرة المتوسطة الحال قد تكون عبئاً اقتصادياً على الأسرة لكونها تستهلك ولا تنتج.. أما في الأرياف فقد تعمل البنت في الحقل أو حلب الماشية والعناية بها.
ولذلك فإنهن كنّ يلتزمن الصمت المطبق عندما تلد الحامل بنتاً، ويقابلنها بالوجوم.. وشبهوا حالة الصمت التي تسود مجلساً من مجالسهم كحالهن في استقبال المولودة وفي ذلك قولهم في المثل الشعبي: ساكتين قبل يللّي جابت لهن بنت.
وإذا بشر أحدهم بولادة البنت اسودت الدنيا في عينيه وأصابه الكدر والهم والغم، حتى لكأنه يستحي من مقابلة صحبه إزاء تلك المولودة.. لأنه يعتبر ذلك مساساً برجولته وكرامته وكبريائه.
أما الولد فالبشارة «الهدية» لمن يسبق ويعلم والده بذلك والزغاريد تطلق والمرطبات تُدار وتوزع على الأحباب في البيت والسوق.. وسفرة «مائدة» الخلاص تكون عامرة.
وكم من رجل أقسم لئن أنجبت له زوجه ابنة ليطلقنّها، بل كم من زوج بات القلق يساورها والهم يركبها وهي تتصوّر أن حياتها الزوجية على كف عفريت، خوفاً من أن تلد لزوجها ابنة لا ذنب لها بها.
من أجل ذلك فإن الزوج لا تترك وسيلة من وسائل الدجل من سحر وشعوذة وعقد خرق على أضرحة الصالحين وتقديم النذور وإيقاد الشموع راجية من الله تعالى أن تحقق رغبة زوجها بالمولود أو العقب الذكر.. ومن النساء من كانت على استعداد لارتكاب أخس وأبشع ما قد يفكر به إنسان.. كأن تعمد إلى استبدال وليدتها «ابنتها» بمولود ذكر لامرأة أخرى في الحمام..!!
وكان من رابع المستحيلات إقناع ذلك النوع من الرجال بأن إنجاب الصبي أو الابنة خارج عن إرادة الزوجة أو أن الأمر بيد الله تعالى الخالق البارئ المصور، الأمر الذي نجم عنه أن نجد من نساء تلك الأيام من تتمنى لو أنها لم تكن أنثى، أو أنها لم تتزوج وتحمل، لأنها لم تحصل من ذلك الحمل أكثر من الغم والهم وقلة الواجب، لأن جميع محاولات التهوين على تلك المرأة والأخذ بطولة البال التي تهد الجبال لم يكن يجدي نفعاً.. لأن ذلك كله لم يخرجها مما هي فيه أو تعانيه، فمن كانت يدها في النار ليست كمن كانت يدها في الماء كما يقولون ومن يأكل العصي ليس كمن يعدها.
وفي جميع الأحوال فإن من الممكن القول إن موقف ذلك النوع من الرجال كان في ذلك الحين أشبه بمن يعترض على مشيئة الله، وبخاصة بعد أن يرهن العلم الحديث بعدم جدوى الخوض في ذلك الموضوع، وحسمه حسماً قاطعاً عن دخل المرأة في تحديد نوع الجنين ذكراً كان أم أنثى، فالبطن بستان يحمل أشكالاً وألواناً كما يقولون، فكما يقدم لنا البستان من الصنف الواحد الحامض والحلو واللفان، كذلك فإن بطن المرأة يحمل أشكالاً وألواناً منها الأسمر والأبيض والأشقر وكذلك الصبيان والبنات، وثمة نساء عاقرات لا ينجبن البنين ولا البنات ومن الرجال من هم على ذلك وليس لأحد أن تلد له زوجه ما يريد من بنين أو بنات تأسياً بقول الله تعالى في سورة الشورى من القرآن الكريم:
«.. يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور.. ويجعل من يشاء عقيماً».
صدق الله العظيم
ولذلك فإنهن كنّ يلتزمن الصمت المطبق عندما تلد الحامل بنتاً، ويقابلنها بالوجوم.. وشبهوا حالة الصمت التي تسود مجلساً من مجالسهم كحالهن في استقبال المولودة وفي ذلك قولهم في المثل الشعبي: ساكتين قبل يللّي جابت لهن بنت.
وإذا بشر أحدهم بولادة البنت اسودت الدنيا في عينيه وأصابه الكدر والهم والغم، حتى لكأنه يستحي من مقابلة صحبه إزاء تلك المولودة.. لأنه يعتبر ذلك مساساً برجولته وكرامته وكبريائه.
أما الولد فالبشارة «الهدية» لمن يسبق ويعلم والده بذلك والزغاريد تطلق والمرطبات تُدار وتوزع على الأحباب في البيت والسوق.. وسفرة «مائدة» الخلاص تكون عامرة.
وكم من رجل أقسم لئن أنجبت له زوجه ابنة ليطلقنّها، بل كم من زوج بات القلق يساورها والهم يركبها وهي تتصوّر أن حياتها الزوجية على كف عفريت، خوفاً من أن تلد لزوجها ابنة لا ذنب لها بها.
من أجل ذلك فإن الزوج لا تترك وسيلة من وسائل الدجل من سحر وشعوذة وعقد خرق على أضرحة الصالحين وتقديم النذور وإيقاد الشموع راجية من الله تعالى أن تحقق رغبة زوجها بالمولود أو العقب الذكر.. ومن النساء من كانت على استعداد لارتكاب أخس وأبشع ما قد يفكر به إنسان.. كأن تعمد إلى استبدال وليدتها «ابنتها» بمولود ذكر لامرأة أخرى في الحمام..!!
وكان من رابع المستحيلات إقناع ذلك النوع من الرجال بأن إنجاب الصبي أو الابنة خارج عن إرادة الزوجة أو أن الأمر بيد الله تعالى الخالق البارئ المصور، الأمر الذي نجم عنه أن نجد من نساء تلك الأيام من تتمنى لو أنها لم تكن أنثى، أو أنها لم تتزوج وتحمل، لأنها لم تحصل من ذلك الحمل أكثر من الغم والهم وقلة الواجب، لأن جميع محاولات التهوين على تلك المرأة والأخذ بطولة البال التي تهد الجبال لم يكن يجدي نفعاً.. لأن ذلك كله لم يخرجها مما هي فيه أو تعانيه، فمن كانت يدها في النار ليست كمن كانت يدها في الماء كما يقولون ومن يأكل العصي ليس كمن يعدها.
وفي جميع الأحوال فإن من الممكن القول إن موقف ذلك النوع من الرجال كان في ذلك الحين أشبه بمن يعترض على مشيئة الله، وبخاصة بعد أن يرهن العلم الحديث بعدم جدوى الخوض في ذلك الموضوع، وحسمه حسماً قاطعاً عن دخل المرأة في تحديد نوع الجنين ذكراً كان أم أنثى، فالبطن بستان يحمل أشكالاً وألواناً كما يقولون، فكما يقدم لنا البستان من الصنف الواحد الحامض والحلو واللفان، كذلك فإن بطن المرأة يحمل أشكالاً وألواناً منها الأسمر والأبيض والأشقر وكذلك الصبيان والبنات، وثمة نساء عاقرات لا ينجبن البنين ولا البنات ومن الرجال من هم على ذلك وليس لأحد أن تلد له زوجه ما يريد من بنين أو بنات تأسياً بقول الله تعالى في سورة الشورى من القرآن الكريم:
«.. يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور.. ويجعل من يشاء عقيماً».
صدق الله العظيم
منقول