المسح على الخفين والجوربين
قال الإمام ابن دقيق العيد: «وقد اشْتَهر جواز المسح على الخفين عند علماء الشريعة، حتى عُدَّ شعاراً لأهل السنة، وعُد إنكاره شعاراً لأهل البدع»، ولا فرق من حيث الحكم بين الجوربين وبين الخفين.
وقام علامة الشام الشيخ محمد جمال الدين القاسمي –رحمه الله- بجمع الأحاديث النبوية التي تُثبت المسح على الجوربين في كتاب سماه «المسح على الجوربين»، وهنا مسائل:
الأولى: أن الجورب معروف لكل أحد؛ وهو مطلق ما يُلبس في الرِّجل من غير الجلد، سواءٌ أكان رقيقاً أو غليظاً، ونقل النووي جواز المسح على الجوربين وإن كانا رقيقين عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب –رضي الله عنها-.
المسألة الثانية: هل يجوز المسح على النّعل؟
يجوز؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، كما صح في السنة.
المسألة الثالثة: الجورب أو الخف المخروق:
يجوز المسح على الخف المخروق ما دام اسمه باقياً، والمشي فيه ممكناً، وهذه رخصة، وكانت خفاف المهاجرين والأنصار مُخرقة مشققة بسبب الفقر، ولو كان الخَرق يَمنع من المسح لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المسألة الرابعة: توقيت المسح:
وقَّتَ النبي -صلى الله عليه وسلم- للمقيم يومٌ وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام للمسح على الخفين.
ولكن: من أين يبدأ التوقيت في المسح؟
مِن اللُّبس؟ أم من أول حدث؟ أم من أول مسح؟!
والراجح أنه من أول مسح؛ لظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم- : «يمسح المسافر على خفيه ثلاثة أيام... والمقيم يوماً وليلة». وقول عمر بن الخطاب: يمسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته. وهو أعلم بمعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن بعده، وهو أحد من روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المسح على الخفين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاء الراشدين بعدي». وقال النووي: (وهو المختار الراجح دليلاً ).
وهنا توضيح: أنه لا عبرة بعدد الصلوات، بل العبرة بالزمن فللمقيم أربعٌ وعشرون ساعة، وللمسافر اثنتان وسبعون ساعة بعد المسح. ونضرب مثلاً على ذلك: رجل تطهر لصلاة الفجر ثم لبس الخفين وبقي على طهارته إلى صلاة العصر، وفي الساعة الخامسة تطهر لصلاة المغرب ثم مسح، فهذا الرجل له أن يمسح إلى الساعة الخامسة إلا ربعاً من اليوم الثاني وبقي على طهارته حتى صلى المغرب وصلى العشاء، فيكون حينئذ صلى تسع صلوات صلها، وبهذا علمنا أنه لا عبرة بعدد الصلوات كما هو مفهومٌ عند كثير من الناس حيث يقولون: إن المسح خمسة فروض. وهذا الكلام لا أصل له.
المسألة الخامسة: هل يشترط لُبس الجوربين على طهارة؟ نعم يشترط، وهذا باتفاق أهل العلم.
ولكن اختلفوا في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إني أدخلتهما طاهرتين». إذا غسل إحدى رجليه فأدخلها في الجورب ثم غسل الأخرى فأدخلها في الجورب هل المسح يكون صحيحاً أم انه يجب عليه أن يلبس الجوربين بعد غَسل كلتا رجليه.
والظاهر أنه لا يلزم أن يلبس الجورب بعد غسلهما جميعاً، ومن أراد أن يحطاط فله ذلك.
المسألة السادسة: هل نزع الجوربين بعد المسح ينقض الوضوء؟
اختلف أهل العلم في ذلك، فنهم من رأى أنه لا ينقض الوضوء، ومنهم من يحكم بالنقض، ومنهم من أوجب عليه غَسْل الرجلين.
والراجح أنه لا ينقض الوضوء، ولا يجب عليه أن يغسل الرجلين، لأن المسح رخصة وتيسير من الله، والقول بغيره ينافي ذلك، وثبت عن علي بن أبي طالب أنه مسح على نعليه ثم خلع نعليه صلى. ومن ناحية أخرى: أنه لو مسح على رأسه ثم حلَق شعر رأسه لم يجب عليه أن يعيد المسح ولا الوضوء.
تنبيه: من خلع جوربه الممسوح عليه ثم أعاد لُبْسه، هل يجوز له ذلك ثم المسح عليه؟!
والصواب منع ذلك.
المسألة السابعة: لُبس جورب فوق جورب؟
إذا لَبِس الجوربين على طهارة لا إشكال في جواز المسح عليهما.
أما إذا لَبِس الثاني على غير طهارة فلا يجوز أن يمسح عليه.
ولو أنه خلع الجورب الثاني الذي لَبِسه على طهارة يجوز له الاستمرار في المسح على الجورب الأول.
والحكم نفسه فيمن لَيِس نعلين فوق جوربين سواء بسواء، بشرط لُبْس الجميع على طهارة.
المسألة الثامنة: هل انقضاء مدةِ المسحِ يُبطل الوضوء؟
في ذلك أقول: منهم من يبطله، ومنهم من يُلزم بغسل القدمين، ومنهم من يقول: لا شيء عليه وطهارته صحيحة.
وهذا هو الراجح؛ لأن الطهارة لا يَنقُضُها إلا الحدث، وهذا قد صحت طهارته، ولم يُحدث، فهو طاهر، والطاهر يصلي ما لم يُحدث، ولم يأت نص في أن طهارته انتقضت.
المسألة التاسعة: هل يشترط سبقُ النية للمسح، أو لمدة المسح؟قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-:
«النيةُ هنا غيرُ واجبةٍ، لأن هذا عمل عُلّق الحُكمُ على مجرد وجوده، فلا يحتاج إلى نية، كما لو لَبِس الثوب، فإنه لا يُشترط أن ينويَ به ستر عورته في الصلاة –مثلاً-، فلا يُشترط في لُبس الخفين أن ينويَ أنه سيمسح عليهما، ولا كذلك نيّة المدة، بل إن كان مُسافراً فله ثلاثة أيام نواها أم لم ينوها، وإن كان مقيماً فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها
قال الإمام ابن دقيق العيد: «وقد اشْتَهر جواز المسح على الخفين عند علماء الشريعة، حتى عُدَّ شعاراً لأهل السنة، وعُد إنكاره شعاراً لأهل البدع»، ولا فرق من حيث الحكم بين الجوربين وبين الخفين.
وقام علامة الشام الشيخ محمد جمال الدين القاسمي –رحمه الله- بجمع الأحاديث النبوية التي تُثبت المسح على الجوربين في كتاب سماه «المسح على الجوربين»، وهنا مسائل:
الأولى: أن الجورب معروف لكل أحد؛ وهو مطلق ما يُلبس في الرِّجل من غير الجلد، سواءٌ أكان رقيقاً أو غليظاً، ونقل النووي جواز المسح على الجوربين وإن كانا رقيقين عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب –رضي الله عنها-.
المسألة الثانية: هل يجوز المسح على النّعل؟
يجوز؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، كما صح في السنة.
المسألة الثالثة: الجورب أو الخف المخروق:
يجوز المسح على الخف المخروق ما دام اسمه باقياً، والمشي فيه ممكناً، وهذه رخصة، وكانت خفاف المهاجرين والأنصار مُخرقة مشققة بسبب الفقر، ولو كان الخَرق يَمنع من المسح لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
المسألة الرابعة: توقيت المسح:
وقَّتَ النبي -صلى الله عليه وسلم- للمقيم يومٌ وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام للمسح على الخفين.
ولكن: من أين يبدأ التوقيت في المسح؟
مِن اللُّبس؟ أم من أول حدث؟ أم من أول مسح؟!
والراجح أنه من أول مسح؛ لظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم- : «يمسح المسافر على خفيه ثلاثة أيام... والمقيم يوماً وليلة». وقول عمر بن الخطاب: يمسح عليهما إلى مثل ساعته من يومه وليلته. وهو أعلم بمعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن بعده، وهو أحد من روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المسح على الخفين، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاء الراشدين بعدي». وقال النووي: (وهو المختار الراجح دليلاً ).
وهنا توضيح: أنه لا عبرة بعدد الصلوات، بل العبرة بالزمن فللمقيم أربعٌ وعشرون ساعة، وللمسافر اثنتان وسبعون ساعة بعد المسح. ونضرب مثلاً على ذلك: رجل تطهر لصلاة الفجر ثم لبس الخفين وبقي على طهارته إلى صلاة العصر، وفي الساعة الخامسة تطهر لصلاة المغرب ثم مسح، فهذا الرجل له أن يمسح إلى الساعة الخامسة إلا ربعاً من اليوم الثاني وبقي على طهارته حتى صلى المغرب وصلى العشاء، فيكون حينئذ صلى تسع صلوات صلها، وبهذا علمنا أنه لا عبرة بعدد الصلوات كما هو مفهومٌ عند كثير من الناس حيث يقولون: إن المسح خمسة فروض. وهذا الكلام لا أصل له.
المسألة الخامسة: هل يشترط لُبس الجوربين على طهارة؟ نعم يشترط، وهذا باتفاق أهل العلم.
ولكن اختلفوا في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إني أدخلتهما طاهرتين». إذا غسل إحدى رجليه فأدخلها في الجورب ثم غسل الأخرى فأدخلها في الجورب هل المسح يكون صحيحاً أم انه يجب عليه أن يلبس الجوربين بعد غَسل كلتا رجليه.
والظاهر أنه لا يلزم أن يلبس الجورب بعد غسلهما جميعاً، ومن أراد أن يحطاط فله ذلك.
المسألة السادسة: هل نزع الجوربين بعد المسح ينقض الوضوء؟
اختلف أهل العلم في ذلك، فنهم من رأى أنه لا ينقض الوضوء، ومنهم من يحكم بالنقض، ومنهم من أوجب عليه غَسْل الرجلين.
والراجح أنه لا ينقض الوضوء، ولا يجب عليه أن يغسل الرجلين، لأن المسح رخصة وتيسير من الله، والقول بغيره ينافي ذلك، وثبت عن علي بن أبي طالب أنه مسح على نعليه ثم خلع نعليه صلى. ومن ناحية أخرى: أنه لو مسح على رأسه ثم حلَق شعر رأسه لم يجب عليه أن يعيد المسح ولا الوضوء.
تنبيه: من خلع جوربه الممسوح عليه ثم أعاد لُبْسه، هل يجوز له ذلك ثم المسح عليه؟!
والصواب منع ذلك.
المسألة السابعة: لُبس جورب فوق جورب؟
إذا لَبِس الجوربين على طهارة لا إشكال في جواز المسح عليهما.
أما إذا لَبِس الثاني على غير طهارة فلا يجوز أن يمسح عليه.
ولو أنه خلع الجورب الثاني الذي لَبِسه على طهارة يجوز له الاستمرار في المسح على الجورب الأول.
والحكم نفسه فيمن لَيِس نعلين فوق جوربين سواء بسواء، بشرط لُبْس الجميع على طهارة.
المسألة الثامنة: هل انقضاء مدةِ المسحِ يُبطل الوضوء؟
في ذلك أقول: منهم من يبطله، ومنهم من يُلزم بغسل القدمين، ومنهم من يقول: لا شيء عليه وطهارته صحيحة.
وهذا هو الراجح؛ لأن الطهارة لا يَنقُضُها إلا الحدث، وهذا قد صحت طهارته، ولم يُحدث، فهو طاهر، والطاهر يصلي ما لم يُحدث، ولم يأت نص في أن طهارته انتقضت.
المسألة التاسعة: هل يشترط سبقُ النية للمسح، أو لمدة المسح؟قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-:
«النيةُ هنا غيرُ واجبةٍ، لأن هذا عمل عُلّق الحُكمُ على مجرد وجوده، فلا يحتاج إلى نية، كما لو لَبِس الثوب، فإنه لا يُشترط أن ينويَ به ستر عورته في الصلاة –مثلاً-، فلا يُشترط في لُبس الخفين أن ينويَ أنه سيمسح عليهما، ولا كذلك نيّة المدة، بل إن كان مُسافراً فله ثلاثة أيام نواها أم لم ينوها، وإن كان مقيماً فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها