بدرية البشر
موظفة في إحدى الجامعات في جدة اتصل بها سائقها، ليخبرها بأن المطر يحتجزه، ولن يتمكّن من الوصول إليها، فاضطرت هذه السيدة للخروج سيراً على قدميها مع زميلة لها تفتش عن أمل قريب بالنجاة والوصول للبيت، بدأت السيدتان تخوضان في المياه وهي ترتفع تدريجياً، فمر بهما رجل يقود سيارة جيب، سائلاً إياهما أوصلكما في مقابل مئة ريال؟ وافقتا لكنه عاد وتخلى عنهما عند أقرب مسجد، وقال اهبطا لا أستطيع المواصلة. وخرجت السيدتان وقد تقطعت بهما السبل، وبلغت المياه الحلقوم، واتجهتا لفندق قريب يسبح في العتمة بسبب انقطاع الكهرباء، في مقابل هذه القصة، قصة رجل يرتزق من الناس في المصائب، تأتي قصة الدكتورة بسمة عمير، التي أصاب سائقها الهلع والشلل حين رأى المياه ترتفع، فما كان منها وهي تشاهد على مقربة منها أيضاً فتيات يرفضن الركوب مع شباب اللجان المتطوعين سوى أن تركت المقعد الثاني، وركبت في المقعد الأول وباشرت القيادة، ليس فقط قيادة السيارة، بل وقيادة الموقف، قيادة أرواح نحو النجاة، لم يكن هدفها حمل نفسها والفتيات لطريق نجاة واحد، بل إنها اتبعته بمثنى وثلاث، فقد أوصلت الفتيات لأقرب منزل تعرفه، ثم عادت مرة أخرى تحمل سيدات أخريات، واستمرت عملية الإنقاذ ساعات طويلة، وتروي د. بسمة عمير في مسيرة ذلك اليوم حالات نساء دهمهن المخاض ومرضى ربو.
بسمة عمير شاركت بشكل عفوي في إنقاذ الناس، وهي غير مجهزة سوى بالشجاعة والإيثار وسمو الأخلاق، مهارة قيادة دولية، معرضة نفسها للخطر. بسمة عمير قامت بمسؤولية المشاركة الوطنية التي تخاذل فيها رجل يمتلك مهارات القيادة سنوات عدة، بل وطلب مئة ريال لقاء إنقاذ روح.
سيقول البعض إن الناس أخلاق ومعادن وهذا صحيح، لكن ماذا نقول في موقف تتجلى فيه شجاعة مواطنات وأخلاقهن وتتفوق على شجاعة وأخلاق ذكور؟ وكم يخسر هذا المجتمع حين تبذل فيه نساء أرواحهن وجهدهن في الشدة، لتكتشف أنه وفي وقت الرخاء يعدن للمواقع الخلفية وللقسمة الضيزى وتسلب منهن حقوقهن، وآخرها تلك التصريحات الخجولة التي تنفي مشاركتها في انتخابات المجالس البلدية؟ وماذا لو عادت المناقشات بعد نهاية أزمة جدة لتعود تشكك في أخلاق المجتمع والتسفيه من قيمة نسائه وأخلاقهن، واعتبار إتاحة فرص عمل المرأة تغريباً للمجتمع وتعريضاً بأخلاقه للفساد؟
بسمة عمير هي واحدة من نساء هذا المجتمع، التي سجلت موقفاً رجولياً فاق رجولة ذكور، وتستحق تكريماً وطنياً رفيعاً من مقام رفيع
في الوطن، ولكن أيضاً يجب أن تكون قصة بسمة عمير فتحاً لملف نساء هذا الوطن اللاتي أسرن في المقعد الخلفي في معظم مجالات الحياة، لكنهن حين امتلكن الفرصة لم يعدمن الشجاعة لتوظيفها في مصلحة نجاة الناس، بسمة عمير هي للمصادفة البحتة مديرة منتدى خديجة بنت خويلد، الذي شكك جيوش المناهضين في أخلاقه، وقلن إنه تشويه لصورة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد، أنا هنا أسأل إن كانت هذه السيدة لا تدلل بشجاعتها وشهامتها على خير صورة، فعلى ماذا دلل الرجل صاحب الجيب المرتزق الذي هو مواطن لم ينشغل أحد بتهميشه وسلبه حقوقه لأنه محل شك؟
موظفة في إحدى الجامعات في جدة اتصل بها سائقها، ليخبرها بأن المطر يحتجزه، ولن يتمكّن من الوصول إليها، فاضطرت هذه السيدة للخروج سيراً على قدميها مع زميلة لها تفتش عن أمل قريب بالنجاة والوصول للبيت، بدأت السيدتان تخوضان في المياه وهي ترتفع تدريجياً، فمر بهما رجل يقود سيارة جيب، سائلاً إياهما أوصلكما في مقابل مئة ريال؟ وافقتا لكنه عاد وتخلى عنهما عند أقرب مسجد، وقال اهبطا لا أستطيع المواصلة. وخرجت السيدتان وقد تقطعت بهما السبل، وبلغت المياه الحلقوم، واتجهتا لفندق قريب يسبح في العتمة بسبب انقطاع الكهرباء، في مقابل هذه القصة، قصة رجل يرتزق من الناس في المصائب، تأتي قصة الدكتورة بسمة عمير، التي أصاب سائقها الهلع والشلل حين رأى المياه ترتفع، فما كان منها وهي تشاهد على مقربة منها أيضاً فتيات يرفضن الركوب مع شباب اللجان المتطوعين سوى أن تركت المقعد الثاني، وركبت في المقعد الأول وباشرت القيادة، ليس فقط قيادة السيارة، بل وقيادة الموقف، قيادة أرواح نحو النجاة، لم يكن هدفها حمل نفسها والفتيات لطريق نجاة واحد، بل إنها اتبعته بمثنى وثلاث، فقد أوصلت الفتيات لأقرب منزل تعرفه، ثم عادت مرة أخرى تحمل سيدات أخريات، واستمرت عملية الإنقاذ ساعات طويلة، وتروي د. بسمة عمير في مسيرة ذلك اليوم حالات نساء دهمهن المخاض ومرضى ربو.
بسمة عمير شاركت بشكل عفوي في إنقاذ الناس، وهي غير مجهزة سوى بالشجاعة والإيثار وسمو الأخلاق، مهارة قيادة دولية، معرضة نفسها للخطر. بسمة عمير قامت بمسؤولية المشاركة الوطنية التي تخاذل فيها رجل يمتلك مهارات القيادة سنوات عدة، بل وطلب مئة ريال لقاء إنقاذ روح.
سيقول البعض إن الناس أخلاق ومعادن وهذا صحيح، لكن ماذا نقول في موقف تتجلى فيه شجاعة مواطنات وأخلاقهن وتتفوق على شجاعة وأخلاق ذكور؟ وكم يخسر هذا المجتمع حين تبذل فيه نساء أرواحهن وجهدهن في الشدة، لتكتشف أنه وفي وقت الرخاء يعدن للمواقع الخلفية وللقسمة الضيزى وتسلب منهن حقوقهن، وآخرها تلك التصريحات الخجولة التي تنفي مشاركتها في انتخابات المجالس البلدية؟ وماذا لو عادت المناقشات بعد نهاية أزمة جدة لتعود تشكك في أخلاق المجتمع والتسفيه من قيمة نسائه وأخلاقهن، واعتبار إتاحة فرص عمل المرأة تغريباً للمجتمع وتعريضاً بأخلاقه للفساد؟
بسمة عمير هي واحدة من نساء هذا المجتمع، التي سجلت موقفاً رجولياً فاق رجولة ذكور، وتستحق تكريماً وطنياً رفيعاً من مقام رفيع
في الوطن، ولكن أيضاً يجب أن تكون قصة بسمة عمير فتحاً لملف نساء هذا الوطن اللاتي أسرن في المقعد الخلفي في معظم مجالات الحياة، لكنهن حين امتلكن الفرصة لم يعدمن الشجاعة لتوظيفها في مصلحة نجاة الناس، بسمة عمير هي للمصادفة البحتة مديرة منتدى خديجة بنت خويلد، الذي شكك جيوش المناهضين في أخلاقه، وقلن إنه تشويه لصورة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد، أنا هنا أسأل إن كانت هذه السيدة لا تدلل بشجاعتها وشهامتها على خير صورة، فعلى ماذا دلل الرجل صاحب الجيب المرتزق الذي هو مواطن لم ينشغل أحد بتهميشه وسلبه حقوقه لأنه محل شك؟