صديقة مقربة
· زواج برائحة الموت
الجمعة, 18 ديسيمبر 2009
سوزان المشهدي
أختلف كثيراً مع زميلة كتبت مقالاً تطرح فيه فكرة التعدد وتطالب إما أن يكون التعدد متاحاً للجنسين أو أن يتم منعه للرجال!
وربما تكون الكاتبة لا تقصد هذا المعنى بالتحديد إنما تشير إلى الخلل في التطبيق وليس في الإتاحة كما أفهمها، لأن التعدد كما شرعه الخالق عز وجل هو «إتاحة وجواز» وليس فرضاً ولا واجباً والأسباب كثيرة جداً إذا نزلنا إلى أرض الواقع، وقد يكون التعدد حلاً لكثير من الأمور مثل عقم الزوجة أو مرضها وكبر سنها وعزوفها عن الرجال وانشغالها بالأبناء والأحفاد بشكل غير متوازن، الأمر الذي يحرم الزوج من الإشباع العاطفي والجسدي وغيره.
لم أرَ في حياتي امرأة تقبل وترضى بالتعدد إلا لو كانت تحت ظروف خاصة مثل المرض والعقم والكبر وبعض الظروف الاقتصادية التي تجعلها توازن بين ما تمتلكه من استقرار وبين حياة مجهولة لم تستعد لها.
ما الذي يجعل التعدد مخيفاً لدى النساء؟ هل يبيح الله أمراً يسبب للنساء كل هذا الرعب والخوف والألم؟ إذاً لماذا يتألمن؟ ولماذا يكرهن التعدد؟ ولماذا يقبله بعضهن على مضض وكراهة؟
امرأة واحدة فقط رأيتها كانت فوق الستين عاماً لا ينقصها الجمال وهي التي ظلت تلحّ على زوجها وتبحث له عن زوجة تليق بسمو أخلاقه وحسن معاملته، وعندما سألتها عن السبب خلف فعلها هذا أفادت بأن «هذا الرجل لم يجرحني يوماً ما بكلمة واحدة، أكرمني كثيراً تحمّل مرضي ولم يتخلَّ عني يوماً، كان معي في كل رحلات علاجي، أمّن مستقبلي من دون أن أطلب منه ذلك، وفّر لي حاجاتي من دون منة، وعندما وجدت نفسي عاجزة عن تعويضه بسبب ضيق خلقي نتيجة الدواء الكيماوي الذي ما زلت أتناوله طلبت منه ذلك برضا وقبول تام والحاح شديد وسط ذهوله ورفضه المتكرر، وهو يرفض حتى اللحظة وأنا أصرّ حتى يتم الأمر، فهذا الرجل يملك من الأخلاق ما يجعلني مطمئنة أنني سأكون بخير، فمثله لا تهون عليه العشرة والأيام والذكريات الجميلة»... فهل عرفت الآن أين يكمن الخلل؟
أثارت غضبي وحفيظتي أيضاً قصة الرجل الخمسيني الذي عرفت زوجته بأمر زواجه بشكل فجائي فخرّت صريعة الصدمة وماتت بعد ثلاثة أيام، وأكمل الرجل زواجه بعد وفاتها بيومين على رغم حزن أبنائه وبناته، وعلى رغم عدم اهتمامه بمشاعرهم، هذا الرجل لم يفعل شيئاً خاطئاً ولكنه فعله بصورة كريهة ومنفّرة وكأن التي توفيت لم تكن يوماً زوجة له، لم يُراعِ الوقت والطريقة، ماذا يتوقع من أبنائه وبناته وكيف سيحدثهم يوماً عن الأصول والواجب ومراعاة مشاعر غيرهم؟ هل يلام أبناؤه إن حملوا له ولعروسه كرهاً جديداً لشعورهم بأنهما السبب في فقدان والدتهم؟ هل عرفتم الآن أين الخلل؟ ولماذا تكره النساء التعدد؟ ولماذا تسعى بعض النساء إلى تأمين حياتهن المستقبلية خوفاً من لحظة غدر تفقد فيها المرأة كل ما بنته خلال سنوات زواجها؟
