((( غيرة الرجل الشرقي هل اخذت بالتلاشي مع دخول افكار جديدة ومستحدثة في مجتمعنا العربي )))
**بداية احب ان اذكر ان مجتمعنا الشرقي له من الخصوصيات و السمات التي تميزه الكثير سواء بالسلب او الايجاب ان مجتمعنا الشرقي على مر العصور ومنذ الاف السنين وحين انتج العقل الشرقي في بعض الازمنة الصحية الموروث المعرفي والديني والحضاري التي شكلت هوية مجتمع راسخ امتاز بالوحدة والنضج في ارساء اليات تفكير منهجي صحيح أثث بها المجتمع الشرقي واستدان منا الغرب اليات التفكير الشرقية القويمة في بناء حضارة ممتدة لحد الان..
فالموروث الثقافي والحضاري المتاح للبشرية الآن لم يتبلور نتيجة لثقافة أو حضارة بذاتها. أو تعبيراً عن أفكار مجردة لمجتمع أو عصر بذاته.
وإنما تم بناؤه واكتماله عبر سنوات وعصور متتالية ليصبح ثمرة حضارية لتداول وتناول الأفكار بين الثقافات والشعوب
لكن مع اضطراب المناخ و الظروف الحياتية للمجتمع الشرقي و تعددت القراءات الغريبة و المفاهيم المستحدثة التي فيها من الافكار العقيمة الكثير و اصبح هناك تفاسير لا منطقية عبثت بالتفاسير الصحيحة للنصوص الدينية و سنن الانبياء
فنجد ان المجتمع الشرقي في عصرنا الحالي محتاج الى اعادة ترتيب و ترميم لتلك الثقافة و الحضارة كي تصلح للتحليق مرة اخرى بعيدا عن جب التخلف و الجهل هذا لكي يجد الانسان هنا نفسه وهويته الضائعة في خضم الاحداث
************************************
و نرجع الان تحديدا الى موضوع بحثنا و هو مدى تأثر غيرة الرجل الشرقي بالمستجدات و المستحدثات التي طرأت على مجتمعنا الشرقي ....
مما لاشك فيه انه يختلف اسلوب حياة الأنسان بإختلاف العوامل التي تسود مجتمعه ... عوامل اقتصادية .. بيئية... إجتماعية ... حضارية ... اقتصادية .. ثقافية و دينية ... كذلك يختلف اسلوب حياة الأنسان من عصر الي آخر في المجتمع الواحد
ولابد هنا ان نعترف ان مجتمعنا في ظل المتغيرات الجديدة و العولمة و ما تبعها من مفاهيم مستحدثة قد اثرت بشكل او باخر على اسلوب الفرد في التعايش و التعامل
و اذا قلنا ان اهم ما يميز الرجل الشرقي في مجتمعنا هو ((( الغيرة ))) فمن الصعب ان نقول انها تلاشت او اختفت لكن حتما طرأ عليها بعض التعديلات او التحورات ان جاز لنا التعبير
***********
بالطبع لم يفقد الرجل نخوته،...
إلا أن طبيعة العصر جعل للمرأة حضورا مشهودا في كل المجالات ووجدوا في أماكن يفترض وجود الرجل فيها، فنراها اليوم تضطلع بمسؤوليات إضافية ما كانت لتعرفها من قبل.
المرأة على مر التاريخ أم وزوجة وأخت وابنة، إنها لا تنفصل عن الرجل ومهمتها الأساسية في الحياة مكملة لمهمات الرجال، حتى يعمر الكون. والمرأة اليوم مازالت تعي هذا الدور، وتقوم بواجباتها الأساسية كما تقوم بواجبات إضافية تتطلبها ظروف الحياة وطبيعة المجتمع. فالمهمة الأساسية للمرأة هي بناء الأسرة، والعناية بالأبناء، وتوفير جو أسري مناسب تحت كتف رجل مسؤول.
ماذا لو كان الرجل مسافرا أو يعمل في مكان بعيد، وتعب أحد الأبناء أو مرض، أيفترض أن يترك عمله لأخذ ابنه إلى الطبيب؟ أم أن المرأة يمكنها القيام بذلك؟ ماذا لو كانت المرأة منفصلة عن زوجها؟ أتهمل أبناءها أم تتابعهم في المدرسة وتؤمن ما يحتاجونه من طلبات وما أكثرها في هذا العصر؟
إن اصطحاب المرأة أبناءها للمستشفى أو السوق أو المكتبة وسؤالها عنهم في المدرسة لا يعني نقص غيرة الرجل، فكثير من الرجال لا تنتهي أعمالهم في الفترة الصباحية، بل تمتد إلى الليل مع وجود فترة راحة، تكون خلالها الأسواق والمكتبات وغيرها مغلقة، مما يضع المرأة موضع المسؤولية عن تأمين تلك المتطلبات للأبناء في وقت يذهب فيه الرجل لإكمال عمله. فالأمر من وجهة نظري مسؤولية مشتركة، وتعاون متبادل واحترام لا تنقصه الغيرة.
ويمكن تطبيق هذا الكلام على تعامل الرجل الشرقي مع اخته او ابنته او امه و ليس بالضرورة فقط ان نحدد فقط غيرته على زوجته ( و ان كانت تظل المحور الرئيسي لغيرة الرجل )
********************
الرجل الشرقي في المجتمع الغربي ....
مما لاشك فيه ان هناك شريحة كبيرة من مجتمعنا قد كتب عليها الاغتراب في دول غربية و عاش هناك آلآف الاسر
وتأثير المفاهيم الغربية عليهم ... لا نعمم و نقول انها قد غيرت حتما طبيعة الرجل الشرقي لكن نستطيع القول انها اثرت على طريقة تفكيره و تعاطيه للامور ....
فالكثير من الاسر قد نجحت في التوصل الى المعادلة الصحيحة أحبوا جو الحرية هناك .. ومن ضمنها حرية الآعتقاد و احترام حرية الاخريين و تركوا كل ما لصق بالحرية من مفاهيم مغلوطة و خصوصا ما يتعلق بالجنس و الانفصال الاسري و حافظوا على روح القيم الشرقية و الاسلامية في نفس الوقت فما فيها من عادات و قيم متوراثة
هنا الامراستدعى مجهودا تربويا كبيرا و نضجا فكريا تعامل بشكل صحيح مع المستحدثات في المجتمع المحيط بهم......
** من المنصف هنا ان نعترف ان المجتمع فما فيه من مستجدات فكرية قد ساهم في تطوير عقلية و اسلوب الرجل الشرقي في التعاطي و التعامل مع اسرته ( ابنته او زوجته او اخته ) ....
ففرض الوصاية على الغير قد أصبح جزء لا يتجزأ من شخصيتنا الشرقية .. أما كيف زُرعت تلك الثقافة فى شخصيتنا ، وكيف عاشت فى سلام مع روحانية الشرق فى أغلب الأحيان وفى مواجهة وصلت إلى حد الدموية فى بعض الأحيان ؟ فتلك قصة أخرى و اعتقد من اهم اسبابها هو التعصب بجميع اشكاله سواء للقبيلة او العائلة .... الخ لان التعصب ايضا من ضمن سمات المجتمع الشرقي رغم ان الاسلام حارب هذا المفهوم !!!!
*********************************
الرجل الشرقي و المتغيرات الاقتصادية
ان الظروف الاقتصادية و مستوى دخل الفرد و الاسرة لهما علاقة وطيدة بموضوعنا ....
فلا ننكر ان الفقر و تزايد الاحتياجات المادية خصوصا في عصرنا الحالي قد اثر ايضا على شكل الغيرة ...!!!
فقد سمح الاب لابنته بالعمل و لزوجته لان الاسرة في حاجة الى ذلك و اصبحت النظرة القديمة للرجل انه المسيطر ولا يسمح للزوجة او الابنة بالخروج او العمل ( رغم اعتراضي على مبدأ السيطرة و الكبت ) او حتى غيرته من نجاح الزوجة في العمل او الغيرة من نجاح زميلة بالعمل
كل هذا قد بدأ بالتلاشي و الانصهار مع لهب الغلاء و تزايد الاحتياجات المادية !!!
بل ان وعي المرأة قد زاد و تفتحت امامها مفاهيم المشاركة الجدية و التفاعل مع مجتمعها بشكل اكبر
و اصبحت المرأة المثقفة و المتعلمة قادرة تماما على التفاعل بحزم و قوة و ندية مع الرجل في اغلب المجالات
بل ان المرأة قد اثبتت للرجل انها تستطيع التوفيق بين عملها داخل الاسرة و عملها كفرد في المجتمع
ولا ننكر ابدا ....
ان الرجل عندما تزداد ثقته بعقلية و قدرة و كفاءة الزوجة او الابنة فان غيرته لا تصبح المسيطرة
لم تعد رؤية الرجل ذكورية تقليدية مسكونة بهواجس السيطرة وفرض الرأي، فقد تغير الرجل وبات يحمل أفكاراً عصرية عن المرأة ويقبل رأيها ومشاركتها في كل الأمور التي كانت تعتبر من اختصاصات الرجل
((( يمكن القول ان الغيرة هنا اتخذت شكل اكثر تطور و اقل سيطرة )))
********************
اذن في نهاية الامر ....
يبدو أن كثيراً من مفاهيم المجتمع وحتى عاداته الاجتماعية ينتابها التغيير بين الحين والآخر بفعل عوامل عدة لاسيما العوامل السياسية والاقتصادية و المادية و الثقافية
ولا ننكر ايضا اننا ما زلنا نعيش في مجتمع " ذكوري " اي يسيطر على مقدراته الرجل بالدرجة الاولى
و هنا المصطلح مرتبط بعنوان موضوعنا لان العلاقة هنا لا تخلو من الغيرة بأنواعها الاخرى
( غيرة زملاء العمل من تفوق المرأة و غيرة الزوج من نجاح زوجته ..... الخ )
( رغم اعتراضي على هذا المفهوم لكن لابد من الاعتراف به كواقع ملموس )
و هي فكرة اجتماعية سائدة بشكل عام حول تفوق الذكر على الأنثى، وهو من الموروث العربي حتى ولو كان "الذكر" دون الأنثى في العلم والمكانة الوظيفية و الثقافية و المادية
فإن مجتمعنا الشرقي الذي يتهم الآخرين بالازدواجية في التعامل مع معايير السياسة والاقتصاد مطالب أكثر من غيره أن يعيد تقييم معاييره وقيمه من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتجسيد المفاهيم الإنسانية، وتطبيق معايير الشراكة الحقيقة القائمة على التضحية المتبادلة والمساواة الاجتماعية بعيداً عن نفعية العلاقة والتعالي فيها بل دخوا عامل هام و هو ((( الغيرة ))) من خلال توظيف طرف في خدمة طرف آخر
*****************
((( ياريت اسمع آرائكم و تشاركوني موضوعي )))