سِجِلّ الاستشهاد
ـ ذلك الأنين الطالع.. من أين؟
من صميم الأرض.. أم من صدري؟
صرخات انطمرت وتكلست
فى طبقات الصخور
حفريات العصور الجيولوجية
صيحة الوحش وأنين الفريسة
التى يتمزق لحمها
والتى سرعان ما تصمت
ليتمزق لها القلب عبر العصور؛
وصرخات لم تزل طازجةً
دماء نضيرة لها عبير
عواءٌ، وزمجرةٌ
وقباع خنازير
وهمهمات صلاة:
«ربنا اغفر لنا خطايانا»
«وباسم اللهِ...»
كيف باسم الله؟
كل هذا القتل والتدمير!
ــــ إياك يا شاعر تنساني
أنا الحطام الإنساني
أنا الكسير المتعلق
ما بين مُهشَّم والتاني
ما اقدرش اقول لك شيء عني
غير انى اقول لك آه.. ياني
أنا التراب المِتحَني
بالدم.. والدمع سقاني
حاولت تهرب من وشِّي
لفّيت عليك تيل أكفاني
مالك يا شاعر مِتنَشِّي
املا الكاسات من أجفاني
واشرب.. فى صحة أشجاني
ــــ سكرتُ، ولكن من دموعٍ ومن أسي
ومن العُرى ما كسا
ذلك الغناء الحزين
الطالع من قلب الأرض
(أم من قلبي؟)
أشجاني..
ــــ لا يا عزيزى الرومانسي
كده الأمور مش عاجباني
المسألة وَحْش نهشني
ما تقولش أشعار وأغاني
أنا الدبيحة المتعلق
يوم عيدى بإيدين إخواني
أنا دم ع الصبح الأزرق
يصرخ.. بلون أحمر قاني
ــــ ذلك التأوه الشامل
الكامن فى العظام
المترسب فى الصخر
السارى فى الهواء وماء البحر
ذلك الظلم العريق السحيق
الكأس اليوميّ المشروب
المُتَساقَى المتبادَل
الإنسان الوحش
الديناصور الأفعى النمر الضبع
النسر القِرش
القدم النازلة على بطن الحامل
عمليات النهش المتكامل
تحفظ للإنسان بقاء النوع
لا يمكن أى نبقي
دون الوحشية.. بالطبع
ــــ يا أيها المتفلسف
بلاش تأَمل عقلاني
أنا سِجِلّ الاستشهاد
إياك يا شاعر تنساني
أنا الحطام الإنساني
أنا الشهيد المتعلق
من قلبى والخُطّاف دامي
ياما قلوب.. ياما أسامي
أحمد.. محمد.. أو ميلاد
دم الشهيد لا يتجزأ
الكل شهداء أوطاني