السبت، ٢٦ أبريل/ نيسان ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)
زينب غاصب
لدينا حالة شاذة يعاني منها الفكر الحركي المهووس باستهداف النساء في كل صغيرة وكبيرة. والفكر الحركي هو الفكر المتطرف، أو الفكر «النسونجي»، كما يقال: باللهجة العامية. فكر يدّعي المثالية والدفاع عن قيم ومبادئ الدين، وضد مبادئ الدين، لأن الدين الإسلامي يرى المرأة كائناً إنسانياً متساوياً مع الرجل في كل الحقوق والواجبات، فقال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)[ النحل:97]، فلم يشترط الله - سبحانه وتعالى - الذكورة أو الأنوثة في المساواة بين الجنسين في الأجر والثواب، ولم يجعله حكراً على الرجل، ولم يضاعفه له من دون المرأة، الشرط هنا هو الإيمان والعمل الصالح فقط، فلا حصانة للرجل، ولا قداسة له على المرأة.
القوامة فقط ترفعه درجة عن المرأة إن لم يخلّ بشروطها المعروفة من حسن المعاملة والنفقة، وجاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكملاً لهذه المساواة فقال: (النساء شقائق الرجال)، إلا أن بعض المتطرفين يرون في المرأة جارية خلقها الله لتبعيتهم، ليس لها من حقوق في التعليم أو العمل أو المشاركة في الشأن العام أو الخاص في مجتمعها. جعلوا من خروجها من البيت قضية القضايا، ولم يكْفلوا لها حق الحياة الكريمة في بيتها، فكم من مطلقة سرق الرجلُ حياتها بالزواج ثم طلقها وتخلى عنها وتركها، محملاً إياها نفسها وأطفالها معها، وإذا وصلت إلى القضاء وأمر لها بنفقة أطفالها فهناك ألف مخرج للرجل، للتنصل من هذا الإلزام، ولن تجد رجلاً واحداً ممن اشتهروا بالصياح والاحتجاج ينكر عليه تخليه عن واجباته، لكن لو هذه المرأة خرجت للعمل في سوق أو مصنع أو مستشفى أو شركة، لرأيتهم يتنادون للحيلولة دون عملها، ومن دون حتى أن يتبرعوا للإنفاق عليها وعلى أطفالها. إذاً أليست هنا المرأة - أياً كانت يتيمة أو أرملة أو مطلقة أو حتى داخل أسرتها المعدمة أو غير المعدمة، لأن للمرأة متطلباتها التي قد لا يستطيع أن يفي بها رب الأسرة، في ظل حياة مختلفة، بزمنها ووضعها المادي - مستهدفة من هؤلاء أدعياء الفضيلة والدين والكرامة؟ ألم يخجلوا من خذلانها بل ومحاربتها أيضاً؟ ماذا يريدون من النساء؟ أن ينتظرن الموت داخل منازلهن، فقراً وجوعاً وانكساراً، ليسيروا خلف جنائزهن مرددين: الله أكبر، كما يرددونها في كل قضية من قضاياهم المفتعلة ضد المرأة، حتى أصبحت المرأة قضية من لا قضية له، ومن لا شرف له، لأنهم يربطون خروجها بشرفها الذي كأنّ الله خلقهم لحراسته، ولم يخلقهم لعبادته التي من أركانها قضاء حوائج الناس لا التضييق عليها؟
لقد استنكر بعضهم على امرأة سعودية بكامل حشمتها وهي تنظف زجاج واجهة المحل الذي تعمل فيه، حتى إنهم وضعوا هاشتاقاً خاصاً بذلك، ما بين مؤيد ورافض ومشجع ومستهزئ، متناسين أن النساء في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كن يجلسن لبيع بضائعهن ويكنسن بقعة الأرض التي يجلسْن عليها في السوق، ولم يجرؤ الرجال على النيل منهن، لأنهم شربوا من تعاليم الدين الذي جعل العمل الشريف حقاً للنساء وللرجال، وجعل من السوق مجتمعاً مهذباً تعلم منه الرجالُ احترام النساء، وجعل من المسجد مدرسة تعلم فيها النساء والرجال، وجعل الحياة مشاركة بين النساء والرجال، لكننا نعيش في عالم جديد، صنعه الأدعياء، ليتبعهم الأولياء، مكرسين جهودهم خلف المرأة، معتقدين أنهم يتقربون إلى الله بهذا الجهاد والاحتساب ضدها، وهم لها ظالمون.
زينب غاصب
لدينا حالة شاذة يعاني منها الفكر الحركي المهووس باستهداف النساء في كل صغيرة وكبيرة. والفكر الحركي هو الفكر المتطرف، أو الفكر «النسونجي»، كما يقال: باللهجة العامية. فكر يدّعي المثالية والدفاع عن قيم ومبادئ الدين، وضد مبادئ الدين، لأن الدين الإسلامي يرى المرأة كائناً إنسانياً متساوياً مع الرجل في كل الحقوق والواجبات، فقال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)[ النحل:97]، فلم يشترط الله - سبحانه وتعالى - الذكورة أو الأنوثة في المساواة بين الجنسين في الأجر والثواب، ولم يجعله حكراً على الرجل، ولم يضاعفه له من دون المرأة، الشرط هنا هو الإيمان والعمل الصالح فقط، فلا حصانة للرجل، ولا قداسة له على المرأة.
القوامة فقط ترفعه درجة عن المرأة إن لم يخلّ بشروطها المعروفة من حسن المعاملة والنفقة، وجاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - مكملاً لهذه المساواة فقال: (النساء شقائق الرجال)، إلا أن بعض المتطرفين يرون في المرأة جارية خلقها الله لتبعيتهم، ليس لها من حقوق في التعليم أو العمل أو المشاركة في الشأن العام أو الخاص في مجتمعها. جعلوا من خروجها من البيت قضية القضايا، ولم يكْفلوا لها حق الحياة الكريمة في بيتها، فكم من مطلقة سرق الرجلُ حياتها بالزواج ثم طلقها وتخلى عنها وتركها، محملاً إياها نفسها وأطفالها معها، وإذا وصلت إلى القضاء وأمر لها بنفقة أطفالها فهناك ألف مخرج للرجل، للتنصل من هذا الإلزام، ولن تجد رجلاً واحداً ممن اشتهروا بالصياح والاحتجاج ينكر عليه تخليه عن واجباته، لكن لو هذه المرأة خرجت للعمل في سوق أو مصنع أو مستشفى أو شركة، لرأيتهم يتنادون للحيلولة دون عملها، ومن دون حتى أن يتبرعوا للإنفاق عليها وعلى أطفالها. إذاً أليست هنا المرأة - أياً كانت يتيمة أو أرملة أو مطلقة أو حتى داخل أسرتها المعدمة أو غير المعدمة، لأن للمرأة متطلباتها التي قد لا يستطيع أن يفي بها رب الأسرة، في ظل حياة مختلفة، بزمنها ووضعها المادي - مستهدفة من هؤلاء أدعياء الفضيلة والدين والكرامة؟ ألم يخجلوا من خذلانها بل ومحاربتها أيضاً؟ ماذا يريدون من النساء؟ أن ينتظرن الموت داخل منازلهن، فقراً وجوعاً وانكساراً، ليسيروا خلف جنائزهن مرددين: الله أكبر، كما يرددونها في كل قضية من قضاياهم المفتعلة ضد المرأة، حتى أصبحت المرأة قضية من لا قضية له، ومن لا شرف له، لأنهم يربطون خروجها بشرفها الذي كأنّ الله خلقهم لحراسته، ولم يخلقهم لعبادته التي من أركانها قضاء حوائج الناس لا التضييق عليها؟
لقد استنكر بعضهم على امرأة سعودية بكامل حشمتها وهي تنظف زجاج واجهة المحل الذي تعمل فيه، حتى إنهم وضعوا هاشتاقاً خاصاً بذلك، ما بين مؤيد ورافض ومشجع ومستهزئ، متناسين أن النساء في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كن يجلسن لبيع بضائعهن ويكنسن بقعة الأرض التي يجلسْن عليها في السوق، ولم يجرؤ الرجال على النيل منهن، لأنهم شربوا من تعاليم الدين الذي جعل العمل الشريف حقاً للنساء وللرجال، وجعل من السوق مجتمعاً مهذباً تعلم منه الرجالُ احترام النساء، وجعل من المسجد مدرسة تعلم فيها النساء والرجال، وجعل الحياة مشاركة بين النساء والرجال، لكننا نعيش في عالم جديد، صنعه الأدعياء، ليتبعهم الأولياء، مكرسين جهودهم خلف المرأة، معتقدين أنهم يتقربون إلى الله بهذا الجهاد والاحتساب ضدها، وهم لها ظالمون.