مشروع بوتين ضربة معلم وخيارات أوباما طريق إلزامي ,تفاصيل المبادرة الروسية
كفاح نصر
لم تكن المرة الأولى حيث يتم حشد الأساطيل الأمريكية والغربية في شرق المتوسط, وليست المرة الأولى التي تتهم فيها واشنطن دمشق بإستعمال الكيماوي خلال الأزمة السورية, ولكنها المرة الأولى التي أصبحت فيها واشنطن أمام خيارات يمكن وصفها بالصعبة والحساسة جداً, حيث إعتاد الأمريكي مع كل تقدم للقوات السورية وبدء إنهيار جبهة النصرة وتنظيم القاعدة أن يلوح بالتدخل العسكري لدعم معنويات جبهة النصرة وشد عصب المجموعات الإرهابية المسلحة, وإعتاد أوباما على التراجع عن تهديداته بحبل نجاه روسي ثمنه مواعيد وإلتزامات أمريكية كاذبة, لم يكن مؤتمر جنيف أولها, ولا التراجع عن موعد مؤتمر جنيف2 آخرها, حيث لمس السياسيون حول العالم تضارب التصريحات الأمريكية بين مسؤول وآخر وبين ساعه وأخرى في تخبط سياسي غير مسبوق بالنسبة لدولة عظمى, ولكن التهديدات الأمريكية لسورية لأول مرة تصبح مفترق طرق للسياسة الأمريكية, فبعد الزوابع الإعلامية التي رافقت التهديدات من كل المحاور السياسية في العالم, أصبح أوباما أمام خيارات مرّة إما أن يدخل الحرب أو أن تخسر واشنطن هيبتها ومن خلفها أدواتها في سورية والمنطقة.
خيار الحرب هو خيار إلزامي لمن يرفض المفاوضات, ولكن واشنطن تريد المفاوضات والحرب معاً وهذا موقف معلن, بينما روسيا أعلنت وعلى لسان كبار المسؤولين السياسيين بأن الدخول في الحرب هو تقويض لجنيف2, وبالتالي تقويض للمفاوضات لأن موسكو ومعها دمشق وعلى إثر تراجع واشنطن عن إلتزاماتها خلال الأزمة السورية فقدوا الثقة بقدرة الأمريكي على إتخاذ قرار والإلتزام به, ومن هنا تم جر واشنطن الى موقف لا تحسد عليه تماماً, حيث أصبح هناك مفترق طرق إما الحرب أو التفاوض, ليقوم لاحقاً بوتين برمي حبل نجاه للأمريكي, ولكنه مشروط بأن تتراجع واشنطن عن الخيار العسكري ضد سورية, وبالطبع كلام بوتين عن الخيار العسكري ضد سورية وبحسب المصادر يشمل إرسال السلاح ومقاتلي جبهة النصرة وتنظيم القاعدة الى سورية وليس فقط تراجع الاساطيل الأمريكية, ومن هنا يمكن فهم المبادرة الروسية كتسوية شاملة تبدأ بوقف الحرب القائمة على سورية وتكمل في مشروع التسوية الشرق الأوسطية وصولاً الى شرق أوسط خالي من أسلحة الدمار الشامل, وهي مبادرات طرحتها موسكو سابقاً وعرقلتها واشنطن التي أفشلت مؤتمر موسكو للسلام وأفشلت أي حديث عن شرق أوسط خالي من أسلحة الدمار الشامل, ولكن الطرح الروسي اليوم يختلف عن الطرح السابق, حيث أن الطروح الروسية سابقاً كانت مابعد الهزيمة الكبرى للكيان الصهيوني في عدوانه على لبنان في حين كانت واشنطن لا تزال تملك بيدها أوراق قوة وعامل الزمن لا يحاصرها, بينما الطرح الروسي اليوم يشبه الأمس كثيراً وبل يكاد يكون نسخة عن الأمس والنتائج معروفة مسبقاً والفرق الوحيد أن عامل الزمن لا يخدم الأمريكي وبل يحول آوروبا الى نسخة عن ألمانيا التي كانت عرابة العدوان على لبنان, لتبدأ بالخروج التلقائي من التطرف الى الإعتدال.
أما موقف الإحتلال الصهيوني فهو موقف الخائف من أي حرب أمريكية على سورية, ورغم الصوت العالي لمجرمي الحرب الصهاينة فإن ذلك لم يخفي حقيقة واضحة وهي أن الإحتلال الصهيوني لايريد حرب واسعه في المنطقة تطاله شضاياها حيث مصلحته بأن يتم إضعاف سورية عبر تنظيم القاعدة, وبالتالي إستمرار الحرب بالوكالة على سورية عبر تنظيم القاعدة هي الخيار الحقيقي للإحتلال الذي يقاتل السوريين بالعرب دون أن يدفع أي فاتورة, ولكن كما جر اللوبي الصهيوني الأمريكي كيان الإحتلال سابقاً الى حرب تموز التي لم تكن في مصلحته من الممكن لواشنطن جر الإحتلال الى حرب جديدة, وهذا ما يقلق الإحتلال ولأجل هذا الأمر أعلن عن قبول حذر بالمبادرة الروسية, وبالتالي من حيث المبدأ الإحتلال الصهيوني لا يريد أي حرب في المنطقة وبذات الوقت يريد أن يستمر الوضع في سورية كما هو, ومن هنا يمكن القول أن الإحتلال الصهيوني في ذات الخندق الأمريكي وأمامه إما الحرب أو التسوية وفي الحالتين خاسر, وهذه النتيجة ليست قراءة فنجان بل هي قراءة واقعية للحروب السابقة التي حدثت في المنطقة.
بينما في سورية موقف دمشق السياسي تفاعل مع المبادرة الروسية وأعلن عن موافقه علنية على المبادرة الروسية, ولكن يبقى الموقف السوري موقف الدولة التي لا تثق بالأمريكي وطروحاته, وسورية التي خسرت مايزيد عن 25% من بنيتها التحتية من المؤكد بأنها غير قلقة من أي تطور للأحداث حتى لو تجلى بالحرب, بل على العكس تماماً فهي لن تخسر أكثر مما خسرت في حين سيبدأ أعدائها بدفع الثمن في أي حرب محتملة, ومن هنا يمكن القول بأن سورية غير معنية بأي تغير سياسي ومستمرة بمحاربة الإرهاب الذي فرض عليها, بينما موسكو أياً كانت تطورات المنطقة ستحصد النتائج, في حين الإحتلال الصهيوني خاسر من كل النتائج والتطورات, وهنا يمكن القول بأن القرار الأخير كان وسيبقى أمريكي, والسؤال هل سيكرر الأمريكي هزيمته في الجزائر والعراق ولبنان, أم سيقبل بحبل النجاه الروسي, أياً كان الموقف الروسي فمن المؤكد أنه أصبح أمام طريق إلزامي للأمريكي, والذي بدروه أياً كان خياره ممره إلزامي ولن يفيده التخبط السياسي ولاتقديم الإلتزامات ولاحقاً التراجع عنها لان فرض الأمر الواقع قائم في كل ساحات العالم وليس فقط في سورية, والذي تتيحه موسكو اليوم للأمريكي قد يكون غير متوفر غداً والخروج الأمريكي من العراق مثالاً.
بانوراما الشرق الاوسط
صديقة مقربة
