العاهل السعودي يدعو العرب للتصدي لمن يمس بأمن بمصر

  

كلمة الملك... «تمثّلنا»
علي القاسمي
الأحد ١٨ أغسطس ٢٠١٣
شأن مصر الداخلي كان يحتاج الصدق ووضع النقاط على الحروف، وإذا كانت الضبابية ومعها الغموض ثنائيان يلفان الأحداث في مصر، وإذا كان كثير ممن عاشوا هذه الأحداث لا يزالون في حيرة واضطراب وازدواجية في إبداء الرأي أو معرفة أين تذهب بهم الأفكار والتوقعات، وكيف تحركهم وسائل الإعلام وتقدم لهم الشارع المصري في ازدواجية لا مثيل لها، فإن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيال الصراع المصري كانت بمثابة الإزاحة التامة للضباب المتراكم والعازل للرؤية الصحيحة، وقدمت للعقول التي أرهقها الصداع مجمل الحقائق التي أخفاها المنتفعون من ضرب وحدة واستقرار مصر، والراغبون في تأجيج الفتنة وضرب الحضور المصري البارع في مقتل، وطمس توهجه عبر تقديمه لحرب أهلية لم يكن يوماً ما ينتظرها، ولم يكن المحب العاشق للجارة الشقيقة المتكئة على إرث تاريخي ومعرفي يتوقع للحظة واحدة أن تكون منهكة بسبب عابث أو مضلل.
كلمة الملك حملت رسالة قوية الأسطر، وفيها إدراك تام وعاقل لما يحاك ويرتب ويعد لمصر، وهو ما لا يمكن أن يواجهه المصريون إلا متى ما أدرك ساستهم وعلماؤهم وعقلاؤهم أن الدم المصري والفتنة المشتعلة هنا وهناك لا تحتمل السكوت، ولا تنتظر سوى تقديم العقل، وتكاتف لأجل أن تظل العظيمة مصر عظيمة في عيون أبنائها وفي عيون محبيها والخائفين عليها.
صلابة موقف القيادة السعودية والجرأة في قول الحق والحقيقة - وإن أوجعت الحاقدين والمتآمرين على الشعب المصري - دليل على أن مصلحة الشعوب تأتي أولاً ومعها الاستقرار وما فيه خير لها، حتى وإن مارس المستفيدون من وجع مصر اللعب على العواطف وقلب الحقائق وتمرير الألعاب الطفولية التي لا تنطلي إلا على من كان ذا عقل طفولي. موقف العقل السعودي والرؤية الثاقبة هو ما كانت تنتظره الأحداث المصرية، لأن ما عدى ذلك مجرد ذرّ للرماد في العيون، أو سكب للزيت على النار.
من يمس أمن واستقرار مصر فلا يستبعد أن يمس أمن واستقرار أية دولة مجاورة إن أتيحت له الفرصة، أو كان الطريق ممهداً للعبث والتخريب، ومن لا يقف ضد الدوافع الحزبية المشتعلة في مصر لغرض التفتيت فهو ليس إلا مغرراً به، وجاهلاً بما خبأته الأيام الفائتة وكشفته الأيام الحالية. كلمة الملك عبدالله تمثلنا جميعاً وتمثل العقلاء والصادقين ومن يقدمون أمن البلاد على المصالح والمنافع الشخصية، وقدمت الضوء في لحظة أكثر ما تحتاج للضوء، وحضرت بالرأي الأصدق والأشجع في التوقيت المناسب تماماً، ومصر قادرة من دون شك على تجاوز الأزمة متى ما كانت مصر «الكيان» هي المحظور الذي لا يسمح لأحد بهزّه أو المساس به.