هذا الجسد الضخم الذي يتقلب في الفراش.. ما باله؟ ما حاله؟
ألا يأتيه النوم فيرتاح..؟
لا.. لا.. فالنوم أبعد ما يكون عن جفنيه.. لقد سمع اليوم شيئًا لم يسمعه من قبل:
"أسلمْ تسلمْ.. أسلمْ تسلم.." ويتردد صدى هذه الكلمات في أذنيه.. "أسلم تسلم.."
ألا يأتيه النوم فيرتاح..؟
لا.. لا.. فالنوم أبعد ما يكون عن جفنيه.. لقد سمع اليوم شيئًا لم يسمعه من قبل:
"أسلمْ تسلمْ.. أسلمْ تسلم.." ويتردد صدى هذه الكلمات في أذنيه.. "أسلم تسلم.."
يا إلهي.. هل محمد رسول الله حقًا؟
ويعاود النداء يردد صداه في أذنيه: "أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين.."
واستسلم الجسم المنهوك للنوم وصدى الأحداث يتردد في أعماقه.
وفي الصباح يصحو هرقل عظيم الروم من نومه وقد أنهكه التفكير.. لقد أتى إلى إيلياء حاجًّا شاكرًا لله على نصره ضد الفرس وملكهم.. فقد أقسم لئن نصره الله عليهم ليحجّنّ إلى إيلياء ماشيًا، وقد فعل. وما إن وصلها حتى أتاه كتاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، حيث دفعه دحية بن خليفة رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى عظيم بصرى، ودفعه هذا بدوره إلى هرقل:
"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليتَ فإن عليك إثم الأريسيين {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64]".
ماذا يفعل بهذا الكتاب.. وكيف يسأل عن مرسله؟
في هذه الأثناء كان أبو سفيان في ركب من قريش تجارًا في الشام فعلم بهم هرقل فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعا بترجمانه –وكان أبو سفيان متكلم القوم- فقال:
-أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أن نبي؟
-أنا أقربهم نسبًا.
-أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، وإني سائل هذا الرجل، فإن كذَبني فكذّبوه.
وأبو سفيان يقول في نفسه: فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبًا لكذبت عنه.
-أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أن نبي؟
-أنا أقربهم نسبًا.
-أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، وإني سائل هذا الرجل، فإن كذَبني فكذّبوه.
وأبو سفيان يقول في نفسه: فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبًا لكذبت عنه.
ويبدأ الحوار:
-كيف نسبه فيكم؟
-هو فينا ذو نسب.
-فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟
-لا!
-فهل كان من آبائه من ملك؟
-لا!
-فأشراف الناس يتبعونه أو ضعفاؤهم؟
-بل ضعفاؤهم.
-أيزيدون أم ينقصون؟
-بل يزيدون.
-فهل يرتد أحد منهم سخطًا لدينه بعد أن يدخل فيه؟
-لا!
-فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
-لا!
-فهل يغدر؟
-لا، ونحن في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.
-وهل قاتلتموه؟
-نعم.
-فكيف كان قتالكم إياه؟
-الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه.
-ماذا يأمركم؟
-يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا الصلاة والصدق والعفاف والصلة.
-سألتك عن نسبه فذكرتَ أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعَث في نسب قومها.
وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلتُ لو كان أحد قال هذا القول لقلتُ رجل يأتسي بقول قبل قبله.
وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرتَ أن لا، قلتُ: فلو كان من آبائه من ملك قلتُ: رجل يطلب مُلك أبيه.
وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أنْ لا، فقد أعرف أن لم يكن لِيَذرَ الكذب على الناس ويكذب على الله.
وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرتَ: أن ضعفاءهم اتّبعوه، وهم أتباع الرسل. وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرتَ: أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حين تخالط بشاشتُه القلوب.
-كيف نسبه فيكم؟
-هو فينا ذو نسب.
-فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟
-لا!
-فهل كان من آبائه من ملك؟
-لا!
-فأشراف الناس يتبعونه أو ضعفاؤهم؟
-بل ضعفاؤهم.
-أيزيدون أم ينقصون؟
-بل يزيدون.
-فهل يرتد أحد منهم سخطًا لدينه بعد أن يدخل فيه؟
-لا!
-فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
-لا!
-فهل يغدر؟
-لا، ونحن في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.
-وهل قاتلتموه؟
-نعم.
-فكيف كان قتالكم إياه؟
-الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه.
-ماذا يأمركم؟
-يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا الصلاة والصدق والعفاف والصلة.
-سألتك عن نسبه فذكرتَ أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعَث في نسب قومها.
وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلتُ لو كان أحد قال هذا القول لقلتُ رجل يأتسي بقول قبل قبله.
وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرتَ أن لا، قلتُ: فلو كان من آبائه من ملك قلتُ: رجل يطلب مُلك أبيه.
وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أنْ لا، فقد أعرف أن لم يكن لِيَذرَ الكذب على الناس ويكذب على الله.
وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرتَ: أن ضعفاءهم اتّبعوه، وهم أتباع الرسل. وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرتَ: أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حين تخالط بشاشتُه القلوب.
وسألتك: هل يغدر؟ فذكرتَ: أنْ لا، وكذلك الرسل لا تغدر.
وسألتك: بما يأمركم؟ فذكرتَ: أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًّا فسيملك موضع قدميّ هاتين. وقد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلصُ إليه لتجشّمتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لغسلتُ عن قدمه.
ثم دعا هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه. فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرج أبو سفيان ومن معه [1].
ثم دعا هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه. فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرج أبو سفيان ومن معه [1].
لكن هل توقف هرقل عند هذا الحد، أم استمر في بحثه عن الحقيقة..؟