دمشق تناجي نزار قباني...
معشوقتك أقوى من كل العرب
تمر الذكرى الخامسة عشر على رحيل عاشق الياسمين الشامي نزار قباني، بينما تلملم عاصمة الأمويين جراحها النازفة بفعل التفجيرات الدموية التي تستهدف أبناءها دون تمييز ليتلطخ ياسمين الشام بالأحمر القاني فيمتزج بذلك عطر الياسمين برائحة الموت المتفجر حاصداً أرواح الأبرياء.
في ذكرى رحيل قباني لا نستطيع أن نستذكره دون أن نعرج على أبياته التي تحدث فيها عن دمشق قائلا "لا أستطيع ان اكتب عن دمشق دون ان يعرش الياسمين على اصابعي ..ولا أستطيع ان انطق اسمها .. دون ان يكتظ فمي بعصير المشمش والرمان والتوت والسفرجل .."
هكذا تكلم نزار قباني العاشق الشامي عن معشوقته التي لم ينقطع عنها حبله السري طيلة الـ70 عاما التي قضاها متنقلا بين الضفة والاخرى بين القصيدة والقصيدة.
قصة عشق ازلية عاشها شاعر الحب مع معشوقته .. وشامه الخالدة التي تئن اليوم ألما من موت قادم اليها عبر عبوات الموت المتنقلة في شوارعها.
في سنوات نزار قباني كلها لم نعرف من منهما ينتمي للآخر .. اهو تكنى بالشام ام الشام هي من أخذت ياسمينها منه حتى بات كلاهما ضفتان لنهر بردى لا تفترق احداها عن الاخرى ابدا
ففي دمشق سوق الحميدية وسوق مدحت باشا وعرائش الياسمين هل من زائر لها يوما لم يوشم على قلبه تلك الروائح العطرة لهذه الصور السماوية بأزقتها الضيقة الموشومة بذاكرتنا حتى بات نزار قباني وحيدها المدلل، وغدا اسمه يتردد في شوارعها المنسية المسكونة بالظلال كقصة خالدة تردد الحانها الجدات كاغنية ما قبل النوم على مسامع احفادهن.
اليوم ياسيدي تمنيتك لو انك ما زلت على قيد النبض لترى بأم عينك معشوقتك وضفتك الاخرى
تستباح على يد الهمج الجدد على يد هولاكو جديد ..لكنك فارقتها كما بلقيس ماتت بانفجار هاهي شامك تموت كل يوم بانفجار جديد.
قدرك أن تقتل حبيباتك بسيارات مفخخة على اياد أخوتهم المغول الجدد..
كم كنت ستبكي وتشتم العرب وهم يقيدون يديها على سرير رغباتهم ليبيحوا اغتصابها لمن اراد
طوبى لروحك سيدي.. رحم طهارتك لم يدنس ..معشوقتك دمشق اقوى من كل العرب
ورغم المعاناة فإن لسان حال الشعب السوري يردد مع نزار قوله: "انا الدمشقي لو شرحتم جسدي لسال منه عناقيد وتفاح".
نزار قباني عام جديد على فراقك نبكيك شمعة لاتنطفئ:
دمشق يا شعرا على حدقات أعيننا كتبناه
ويا طفلا جميلا من ظفائره صلبناه
جثونا عند ركبته
وذبنا في محبته
إلى أن في محبتنا.......... قتلناه