الشيخ محمد الغزالي
من أقوال الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله -: "عندما كان المسلمون العالم الأول بلغة عصرنا كانت شمائلهم الروحية والاجتماعية تبوئهم هذه المكانة، دون افتعال أو ادعاء، وكان سائر الخلق يرمقهم بمهابة وإعزاز لأنهم كانوا الأذكى والأرشد والأقوى، لكن من الذي منحهم هذه الخصائص، وهي سجايا لم تكن معروفة فيهم؟ إنه الإسلام وحده، لقد أقبلوا عليه وأسلموا زمامهم له فجعلهم أئمة في الأرض، كانوا ينتمون إليه وحده، ويستمدون منه وحده، ويغالون به مغالاة مطلقة، وقد يجتهدون فيخطئون، وقد ينطلقون فيتيهون، وتلك طبيعة البشر، لكنهم تعلموا من نبيهم صلى الله عليه وسلم هذه الحكمة "سددوا وقاربوا" متفق عليه، و"استقيموا ولن تحصوا" (رواه ابن ماجه وأحمد ومالك)، فكانت حصيلتهم الإنسانية بعد الخطأ والصواب والشرود والاستقامة أربى من غيرهم وأثقل في موازينهم.
وكانت أمتنا عنواناً ضخماً على حقيقة كبيرة: حقيقة اجتماعية وسياسية تعني الحضارة الأجدى والثقافة الأوسط وكان جهادنا يعني أن العالم يأخذ بيد الجاهل، وأن المتقدم يأخذ بين المتخلف، ومن روح القرآن، ومن رونق الفطرة الساري في تعاليمه كان العالم الإسلامي الكبير هو العالم الأول وظل يقود الإنسانية دهراً ثم تراكمت الأخطاء والأهواء وشرعت القافية المندفعة تخلد إلى الراحة والعجز، وآل المسلمون إلى ما نعلم، وكان من الممكن أن تداوى العلل العارضة ويستأنف المتوقفون سيرهم الراشد لكن ذلك يستحيل أن يتم في غيبة أولي النهي".