أأنكِرُ دمعَ عيني إن تداعا ؟ | وأصطنِعُ ابتساماتي اصطناعا ؟ |
نَعَم إنّي حزينٌ يا حبيبي | فأيامُ اللقاء مضت سراعا |
وهاهي ساعةُ التوديع حلت | ورُبّانُ النّوى نَشَرَ الشراعا |
لجأتُ إلى التجلّدِ غير أنّي | وجدتُ الصبرَ قد ولّى وضاعا |
رَفَعتُ بيأسِ مهزوم ٍذراعي | وأثقلَ حُزنُ أعماقي الذراعا |
وتمتمتِ الشفاهُ ولستُ أدري | أقلتُ إلى اللقاء ! أم ِ الوداعا؟ |
نَظَرتُ إليكَ نظرةَ مستجيرٍ | ولم ألقَ الحمايةَ والدفاعا |
ففي عينيكَ كان الحزنُ سيفا ً | يُهَدِدُني ويملؤني ارتياعا |
وكان الدمعُ يَصقُلهُ فألقى | لهُ في بحرِ عينيكَ التماعا |
ولم أنطق ففوقَ فمي جبالٌ | من الآهاتِ تُسكتُهُ التياعا |
أكُلُّ موَدّع ٍ خِلاً يعاني ؟ | ويجترع الأسى مثلي اجتراعا ؟! |
على جسرِ الفراقِ وَقَفتُ أرجو | فؤادي أن يعودَ فما أطاعا |
ولمّا غبت عنّي يا حبيبي | وغادَرتَ المنازل والبقاعا |
رأيتُ الليلَ يَملؤُني ظلاما ً | فَلَم يَترُك لتعزيتي شُعاعا |
وصبّت مقلتاي الدّمع حتّى | غَدا كالسيلِ دَفقا ً واندفاعا |
وقُلتُ بحُرقَةٍ لا جف دمعي | ولا شَهِدَ انحباساً وانقطاعا |
إلى أن يجمع الرحمنُ شملا ً | لنا فنُعيدُ وصلا ً واجتماعا |
ولستُ بمنكر ٍياخِلُّ دمعي | وفوقَ الوجهِ لن أضعَ القناعا |
ولستُ بأول العشاقِ حتى | أحاوِلُ كتمَ آهاتي خِداعا |
عرفتُ الحبَّ دربا ً للمعالي | ولم أقبلهُ ذُلا ً واختضاعا |
وما كنتُ الذي يخشى الليالي | وما قَبِلَ الشجاعُ لها انصياعا |
ولي قلبٌ بحتفي لا يبالي | وما هَزَمَ الرَّدَى قَلباً شجاعا |
ولم أقنع بغيرِ الحُبِّ تاجا ً | فلمّا جاءَ زِدتُ بكَ اقتناعا |
لأنّك يا حبيبي تاجُ حُبّي | وتاجُ الحُبِّ فرضٌ أن يُراعى |
وما عرف الهوى إلاّ كَريمٌ | فَزَادَ بهِ عُلُواً وارتفاعا |
ولم يَكُ مٌنذُ بدءِ الخَلقِ إلاّ | كَزادٍ من تعالى عنه جاعا |
فيا ربّاهُ هل ستطيلُ عمري | لألقى الحُبَّ بين الناسِ شاعا |
حبيبي أمسِ كانَ الوجدُ سِرّاً ويَومَ فِراقِنا دمعي أذاعا
|
رَحيلكَ أشعلَ النيرانَ فينا | وإن أشعلتَ عُودَ الهندِ ضاعا |
وأَرسلَ طيبَهُ في كلِّ قلبٍ | لينتزعَ الأسى مِنهُ انتزاعا |
عزائي أن صوتك سوف يأتي | فأمنحُهُ من القلبِ استماعا |
وأطربُ كلَّ يَومٍ لاتصال ٍ | إذا لم يَكُ وَصلكَ مستطاعا |