قد نصادف من يضيق بجماعة الإخوان المسلمين غاية الضيق ولا يطيق شيئا من فكرهم أو ممارستهم
ويري في إمساكهم بمقاليد السلطة خطرا داهما يهدد مستقبل الوطن, ومن ثم فإنه يري ضرورة الإطاحة بهم اليوم قبل الغد.
فإذا ما أوليته سمعك مصغيا متوقعا أن يفصح عن خطة أو حتي تصور لكيفية تحقيق ذلك; فاجأك بحديث لا ينقطع عن دموية الإخوان وسيطرة الجماعة سيطرة حديدية علي أبنائها, وكيف أن مخالب مكتب الإرشاد متغلغلة في مفاصل الدولة ومؤسساتها, وكيف أن الخلايا الإخوانية النائمة والميليشيات الإخوانية العسكرية المسلحة علي أهبة الاستعداد لإبادة كل من يقترب من سلطانهم, وكيف أن ميليشياتهم وخلاياهم الصاحية والنائمة ليست بقاصرة علي حدود الوطن بل ممتدة عبر التنظيم العالمي إلي غالبية دول العالم وهي جميعا رهن إشارة فضيلة المرشد لتنقض مدمرة كل شيء وأن من يتوهم إمكانية أن يتخلي الإخوان عن السلطة بوسائل ديمقراطية مجرد حالم رومانسي أو لعله عضو في واحدة من خلايا الإخوان النائمة, وأنه لا أمل البتة في أي تغيير إلا بالقوة.
فإذا ما مضيت في الإصغاء راح صاحبنا يزيد الأمر تفصيلا بحيث تنغلق كافة أبواب الأمل والرجاء, الجيش إخواني وكذلك الشرطة, والعالم الغربي وعلي رأسه الولايات المتحدة هم من ساندوا الإخوان وأتوا بهم إلي السلطة. أما الشعب فغالبيته من الأميين الفقراء الذين يسهل خداعهم بالشعارات الدينية أو إغراؤهم بتوزيع المواد التموينية.
وقد تصادف أيضا من يضيق غاية الضيق بأصوات و ممارسات المعارضة, وكيف أنهم مجموعة من الخونة الذين يضللون الشعب ويسعون لتدمير الوطن; وأنه لا سبيل البتة لإقناعهم بالإقلاع عن انحرافهم, فإذا مضيت في الاستماع إليه محاولا تبين خططه لاقتلاع تلك الزمرة من الخونة, وجدته يمضي مؤكدا أنهم يغلقون الطريق أمام أية محاولات للتنمية وإنعاش الاقتصاد وأن أموال الولايات المتحدة والغرب تتدفق عليهم دون حساب حتي إن مخالبهم قد تغلغلت في الإعلام حيث يروجون لأكاذيبهم مستغلين طيبة الشعب وسذاجته, وتغلغلت كذلك في القضاء الذي أصبح عائقا أمام استكمال بناء المؤسسات الدستورية وإجراء الانتخابات, وتغلغلت أيضا في وزارة الداخلية بحيث تقاعس رجالها عن حماية الشرعية ونشر الفوضي, هم ماضون في ضرب الأسافين بين الجيش والرئاسة.
ولا يفوت هؤلاء بعد إغلاق كل أبواب الرجاء أن يرددوا أنه لا بد من التخلص من حكم المرشد, أو التخلص من جبهة الإنقاذ وأعوانها فورا وبلا إبطاء.
لقد غاب عن هؤلاء حقيقة تؤكدها دراسات علم النفس السياسي مؤداها أن المرء إذا ما رسخ في روعه أنه حيال عدو شيطاني يمثل خطرا داهما لا سبيل لدفعه, فمهما ارتفعت صرخاته الثورية, فإنها لا تعدو أن تكون تبريرا لإحجامه عن دفع ثمن محاولة التغيير, فضلا عن أنها لن تؤدي عمليا إلا إلي تثبيت الواقع المرفوض, بحيث لا يصبح حيال من يرفضه سوي الهجرة أو الانتحار أو الجنون أو الاستسلام والقبول.
التفاؤل كما تؤكده دراسات علم النفس السياسي, بعيد تماما عن مجرد القناعة والرضا بالواقع, إنه نظرة للمستقبل تقوم علي اليقين بأن التغيير للأفضل ممكن وسيظل ممكنا, وأن الواقع الراهن مهما بدا مظلما, فثمة نقاط مضيئة علينا أن نبحث عنها وننميها.
للمرء أن يقلق ويغضب كأشد ما يكون القلق والغضب, القلق الصحي كما تعلمنا في علم النفس شرط أساسي من شروط استمرار الحياة, والوعي بسلبيات الواقع هو الشرط الأساسي لبزوغ ونمو الرغبة في التغيير, وبدون توافرهما تنعدم الحياة حقيقة لا مجازا. التفاؤل يعني اليقين بأن التغيير للأفضل ممكن وسيظل ممكنا, وأن الواقع الراهن مهما بدا مظلما, فثمة نقاط مضيئة علينا أن نبحث عنها وننميها, وأن الثمن المطلوب للتغيير مهما بدا مؤلما فإنه يهون بقدر إيجابية المستقبل المستهدف, يصدق ذلك علي المستوي الفردي كما يصدق علي المستوي السياسي.
ولذلك فإن جهود الدعوة إلي جمع التوقيعات علي بيان بسحب الثقة من السيد الرئيس, أو جمع التوقيعات تأييدا للرئيس, وبصرف النظر عما يمكن أن تسفر عنه, إنما تكشف عن أن للأمل نفسا مازال يتردد, وأن العنف اليائس يمكن أن ينحسر, وأن جمع التوقيعات واحد من أساليب المقاومة السلمية المتحضرة و الفعالة والتي لا يمكن مقارنتها بحال بأساليب المقاومة بالقذائف الملتهبة والهراوات.
خلاصة القول إن تحديد الهدف المرفوض أشبه بتشخيص المرض, و لكنه مهما كان دقيقا لا يعني الشفاء, فلا بد من خطة للعلاج, و لا بد من تفاؤل المريض والطبيب معا لضمان فعالية العلاج; أما إذا خلص التشخيص إلي أن المرض لا برء منه, وأن المطلوب كتابة شهادة وفاة بدلا من وصفة العلاج. فليس أمامنا سوي أن نستعيد حديثا منسوبا للرسول عليه الصلاة والسلام: إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتي يغرسها فليغرسها
ويري في إمساكهم بمقاليد السلطة خطرا داهما يهدد مستقبل الوطن, ومن ثم فإنه يري ضرورة الإطاحة بهم اليوم قبل الغد.
فإذا ما أوليته سمعك مصغيا متوقعا أن يفصح عن خطة أو حتي تصور لكيفية تحقيق ذلك; فاجأك بحديث لا ينقطع عن دموية الإخوان وسيطرة الجماعة سيطرة حديدية علي أبنائها, وكيف أن مخالب مكتب الإرشاد متغلغلة في مفاصل الدولة ومؤسساتها, وكيف أن الخلايا الإخوانية النائمة والميليشيات الإخوانية العسكرية المسلحة علي أهبة الاستعداد لإبادة كل من يقترب من سلطانهم, وكيف أن ميليشياتهم وخلاياهم الصاحية والنائمة ليست بقاصرة علي حدود الوطن بل ممتدة عبر التنظيم العالمي إلي غالبية دول العالم وهي جميعا رهن إشارة فضيلة المرشد لتنقض مدمرة كل شيء وأن من يتوهم إمكانية أن يتخلي الإخوان عن السلطة بوسائل ديمقراطية مجرد حالم رومانسي أو لعله عضو في واحدة من خلايا الإخوان النائمة, وأنه لا أمل البتة في أي تغيير إلا بالقوة.
فإذا ما مضيت في الإصغاء راح صاحبنا يزيد الأمر تفصيلا بحيث تنغلق كافة أبواب الأمل والرجاء, الجيش إخواني وكذلك الشرطة, والعالم الغربي وعلي رأسه الولايات المتحدة هم من ساندوا الإخوان وأتوا بهم إلي السلطة. أما الشعب فغالبيته من الأميين الفقراء الذين يسهل خداعهم بالشعارات الدينية أو إغراؤهم بتوزيع المواد التموينية.
وقد تصادف أيضا من يضيق غاية الضيق بأصوات و ممارسات المعارضة, وكيف أنهم مجموعة من الخونة الذين يضللون الشعب ويسعون لتدمير الوطن; وأنه لا سبيل البتة لإقناعهم بالإقلاع عن انحرافهم, فإذا مضيت في الاستماع إليه محاولا تبين خططه لاقتلاع تلك الزمرة من الخونة, وجدته يمضي مؤكدا أنهم يغلقون الطريق أمام أية محاولات للتنمية وإنعاش الاقتصاد وأن أموال الولايات المتحدة والغرب تتدفق عليهم دون حساب حتي إن مخالبهم قد تغلغلت في الإعلام حيث يروجون لأكاذيبهم مستغلين طيبة الشعب وسذاجته, وتغلغلت كذلك في القضاء الذي أصبح عائقا أمام استكمال بناء المؤسسات الدستورية وإجراء الانتخابات, وتغلغلت أيضا في وزارة الداخلية بحيث تقاعس رجالها عن حماية الشرعية ونشر الفوضي, هم ماضون في ضرب الأسافين بين الجيش والرئاسة.
ولا يفوت هؤلاء بعد إغلاق كل أبواب الرجاء أن يرددوا أنه لا بد من التخلص من حكم المرشد, أو التخلص من جبهة الإنقاذ وأعوانها فورا وبلا إبطاء.
لقد غاب عن هؤلاء حقيقة تؤكدها دراسات علم النفس السياسي مؤداها أن المرء إذا ما رسخ في روعه أنه حيال عدو شيطاني يمثل خطرا داهما لا سبيل لدفعه, فمهما ارتفعت صرخاته الثورية, فإنها لا تعدو أن تكون تبريرا لإحجامه عن دفع ثمن محاولة التغيير, فضلا عن أنها لن تؤدي عمليا إلا إلي تثبيت الواقع المرفوض, بحيث لا يصبح حيال من يرفضه سوي الهجرة أو الانتحار أو الجنون أو الاستسلام والقبول.
التفاؤل كما تؤكده دراسات علم النفس السياسي, بعيد تماما عن مجرد القناعة والرضا بالواقع, إنه نظرة للمستقبل تقوم علي اليقين بأن التغيير للأفضل ممكن وسيظل ممكنا, وأن الواقع الراهن مهما بدا مظلما, فثمة نقاط مضيئة علينا أن نبحث عنها وننميها.
للمرء أن يقلق ويغضب كأشد ما يكون القلق والغضب, القلق الصحي كما تعلمنا في علم النفس شرط أساسي من شروط استمرار الحياة, والوعي بسلبيات الواقع هو الشرط الأساسي لبزوغ ونمو الرغبة في التغيير, وبدون توافرهما تنعدم الحياة حقيقة لا مجازا. التفاؤل يعني اليقين بأن التغيير للأفضل ممكن وسيظل ممكنا, وأن الواقع الراهن مهما بدا مظلما, فثمة نقاط مضيئة علينا أن نبحث عنها وننميها, وأن الثمن المطلوب للتغيير مهما بدا مؤلما فإنه يهون بقدر إيجابية المستقبل المستهدف, يصدق ذلك علي المستوي الفردي كما يصدق علي المستوي السياسي.
ولذلك فإن جهود الدعوة إلي جمع التوقيعات علي بيان بسحب الثقة من السيد الرئيس, أو جمع التوقيعات تأييدا للرئيس, وبصرف النظر عما يمكن أن تسفر عنه, إنما تكشف عن أن للأمل نفسا مازال يتردد, وأن العنف اليائس يمكن أن ينحسر, وأن جمع التوقيعات واحد من أساليب المقاومة السلمية المتحضرة و الفعالة والتي لا يمكن مقارنتها بحال بأساليب المقاومة بالقذائف الملتهبة والهراوات.
خلاصة القول إن تحديد الهدف المرفوض أشبه بتشخيص المرض, و لكنه مهما كان دقيقا لا يعني الشفاء, فلا بد من خطة للعلاج, و لا بد من تفاؤل المريض والطبيب معا لضمان فعالية العلاج; أما إذا خلص التشخيص إلي أن المرض لا برء منه, وأن المطلوب كتابة شهادة وفاة بدلا من وصفة العلاج. فليس أمامنا سوي أن نستعيد حديثا منسوبا للرسول عليه الصلاة والسلام: إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتي يغرسها فليغرسها