ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


3 مشترك

    (( الأئمة الأربعة )))

    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 12:54 pm

    الإمام أبو حنيفة

    اسمه ونسبه :

    الإمام فقيه الملة عالم العراق أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي التيمي الكوفي مولى بنيتيم الله بن ثعلبة يقال إنه من أبناء الفرس .

    في سير أعلام النبلاء 6 / 394 :
    قال عمر بن حماد بن أبي حنيفة أما زوطي فإنه من أهل كابل وولد ثابت عن الإسلام وكان زوطي مملوكا لبني تيم الله بن ثعلبه فأعتق فولاؤه لهم ثم لبني قفل قال وكان أبو حنيفة خزازا ودكانه معروف في دار عمرو ابن حريث
    وقال النضر بن محمد المروزي عن يحيى بن النضر قال كان والد أبي حنيفة من نسا
    وروى سليمان بن الربيع عن الحارث بن إدريس قال أبو حنيفة أصله من ترمذ
    6 / 395 :
    وروى أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول عن أبيه عن جده قال ثابت والد أبي حنيفة من أهل الأنبار .

    مولده ونشأته وصفاته :
    ولد سنة ثمانين في حياة صغار الصحابة ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة .
    وعن حماد بن أبي حنيفة قال كان أبي جميلا تعلوه سمرة حسن .
    عاش سبعين سنة منها اثنين وخمسون سنة في العصر الأموي وثمان عشرة سنة في العصر العباسي .

    نشأ النعمان تاجرا ً مثل أبوه وجده لكننا لسنا أمام تاجر مثل كل التجار تاجر أمين صادق يحن على الفقراء .
    ـ جاءته امرأة بثوب من حرير تبيعه فقال كم ثمنه ؟ قالت : مائة ، قال : هو خير من ذلك بكم تقولين ؟ فزادت مائة ، قال : هو خير من ذلك حتى قالت أربعمائة ، قال : هو خير من ذلك ، قالت : تهزأ بي ؟ قال : هاتي رجلا ً يقومه فجاءت برجل فاشتراه أبو حنيفة بخمسمائة .

    ـ امرأة عجوز قالت له : إني ضعيفة وإنها أمانة فبعني هذا الثوب بما يقوم عليك قال خذيه بأربعة دراهم فلما تعجبت المرأة قال لا تستغربي إني اشتريت ثوبين فبعت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم فبقي هذا الثوب على أربعة دراهم .

    طلبه للعلم :
    ـ قال الشعبي لأبي حنيفة إلى من تختلف ؟ قال أبو حنيفة : السوق ، فقال الشعبي : لم أعنى الاختلاف إلى السوق ، وإنما عنيت الاختلاف إلى العلماء ، فقال : أن قليل ، قال الشعبي : لا تفعل وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء فإني أرى فيك يقظة وحركة . قال أبو حنيفة فوقع في قلبي فتركت الاختلاف إلى السوق وأخذت العلم فنفعني الله به .

    ـ يقال أن امرأة جاءته فسألته فدلها على حماد بن أبي سليمان فقال لها اسأليه ثم أخبريني إذا رجعتي ، فأعجب بعلم حماد وجلس ليتعلم على يديه .

    ـ لازم حماد بن أبي سليمان ثمان عشرة سنة ومات حماد وهو في سن الأربعين أي أنه بدأ في سن الثانية والعشرين .

    في سير أعلام النبلاء : 6 / 396 :
    فإن الإمام أبا حنيفة طلب الحديث وأكثر منه في سنة مئة وبعدها .
    في سير أعلام النبلاء 6 / 399 : عن الشافعي قال قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة قال نعم رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته .

    موقفه في زمان الفتن :
    ـ طلب منه ابن هبيرة أن يكون قاضي فرفض فضربه فرفض .
    ـ سنة احدى وعشرين ومائة خرج زيد بن علي زين العابدين على هشام بن عبد الملك .
    ـ ثم عصفت الفتن بالعراق سنة ثلاثين ومائة ففر إلى مكة واستقر بها عدة سنوات حتى تمكن بنو العباس ، وكان أثناء وجوده بمكة يدرس الفقه والحديث .
    ـ كان المنصور يبني بغداد وأراد أن يكون أبو حنيفة قاضيا له فرفض فحلف عليه أن يعمل معه فعمل في اعداد اللبن للبناء .
    ـ جاءه رجل وقال أمير المؤمنين يأمر أحدنا بضرب عنق الآخر أفيطيعه ؟ قال أبو حنيفة : أمير المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل ؟ قال بالحق قال فأنفذ الحق ولا تسأل ثم التفت أبو حنيفة إلى من حوله وقال هذا أراد أن يوثقني فربطته .
    ـ في تاريخ بغداد : أن الخليفة أصر عليه أن يلي القضاء ، فقال له اتق الله ولا ترع أمانتك إلا من يخاف الله ، والله ما أنا بمأمون الرضا فكيف أكون مأمون الغضب 00 ولو خيرتني بين الغرق في الفرات وبين القضاء لاخترت الغرق ، فقال له الخليفة كذبت أنت تصلح ، فقال قد حكمت على نفسك كيف يحل لك أن تولي قاضيا ً على رعيتك وهو كذاب ؟ ! .
    ـ حبسه المنصور ومات بالحبس سنة خمسين ومائة للهجرة ، وقيل بل خرج ثم مات ببغداد .

    ورعه وزهده وعبادته :

    كان أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته .
    وعن أسد بن عمرو أن أبا حنيفة رحمه الله صلى العشاء والصبح بوضوء أربعين سنة .
    وروى بشر بن الوليد عن القاضي أبي يوسف قال بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلا يقول لآخر هذا أبو حنيفة لا ينام الليل فقال أبو حنفية والله لا يتحدث عني بما لم أفعل فكان يحيى الليل صلاة وتضرعا ودعاء .
    ـ وقد روي من وجهين أن أبا حنيفة قرأ القرآن كله في ركعة .
    ـ جعل أبو حنيفة على نفسه إن حلف بالله صادقا أن يتصدق بدينار وكان إذا أنفق على عياله نفقة تصدق بمثلها .
    في سير اعلام النبلاء 6 / 401 :
    قال مسعر بن كدام رأيت أبا حنيفة قرأ القرآن في ركعة .
    عن محمد بن الحسن عن القاسم بن ينعقد أن أبا حنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر القمر 46 ويبكي ويتضرع إلى الفجر .
    وقد روي وجه أن الإمام أبا حنيفة مرة على أن يلي القضاء فلم يجب .

    تعظيمه للسنة :
    روى نوح الجامع عن أبي حنيفة أنه قال ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس فتكون وما جاء عن الصحابة اخترنا وما كان ذلك فهم رجال ونحن رجال .


    ابتلاؤه في ذات الله :
    في سير أعلام النبلاء 6 / 401 ـ 402 : قال إسحاق بن إبراهيم الزهري عن بشر بن الوليد قال طلب المنصور أبا حنيفة فأراده على القضاء وصله ليلين فأبى وصله إني لا أفعل فقال الربيع الحاجب ترى أمير المؤمنين يحلف وأنت تحلف قال أمير المؤمنين على كفارة يمينه أقدر مني فأمر به إلى السجن فمات فيه ببغداد وقيل دفعه أبو جعفر إلى صاحب شرطته حميد الطوسي فقال يا شيخ إن أمير المؤمنين يدفع إلي الرجل فيقول لي اقتله أو اقطعه أو اضربه ولا أعلم بقصته فماذا أفعل فقال هل يأمرك أمير المؤمنين بأمر قد وجب أو بأمر لم يجب قال بل بما قد وجب قال فبادر إلى الواجب .


    ـ لقد دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع فقال أترغب عما نحن فيه فقال لا أصلح قال كذبت قال فقد حكم أمير المؤمنين علي أني لا أصلح فإن كنت كاذبا فلا أصلح وإن كنت صادقا فقد أخبرتكم أني لا أصلح فحبسه وروى نحوها إسماعيل بن أبي أوليس عن الربيع الحاجب وفيها قال أبو حنيفة والله ما أنا بمأمون الرضى فكيف أكون مأمون الغضب فلا أصلح لذلك قال المنصور كذبت بل تصلح فقال كيف يحل أن تولي من يكذب .


    وقيل إن أبا حنيفة ولي له فقضى قضية واحدة وبقي يومين ثم اشتكى ستة أيام وتوفي ، وقال الفقيه أبو عبد الله الصيمري لم يقبل العهد بالقضاء فضرب وحبس ومات في السجن .

    ثناء العلماء عليه :
    وعن ابن المبارك قال ما رأيت رجلا أوقر في مجلسه ولا أحسن سمتا وحلما من أبي حنيفة . سير أعلام النبلاء 6 / 400 .
    وعن أبي معاوية الضرير قال حب أبي حنيفة من السنة .
    وقال يحيى بن سعيد القطان لا نكذب الله ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة وقد أخذنا بأكثر أقواله .
    وقال علي بن عاصم لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه لرجح عليهم .
    وقال حفص بن غياث كلام أبي حنيفة في الفقه أدق من الشعر لا يعيبه إلا جاهل .
    وروي عن الأعمش أنه سئل عن مسألة فقال إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت الخزاز وأظنه بورك له في علمه .
    وقال جرير قال لي مغيرة جالس أبا حنيفة تفقه فإن إبراهيم النخعي لو كان حيا لجالسه .
    وقال ابن المبارك أبو حنيفة أفقه الناس .
    وقال الشافعي الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة .
    قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 6 / 403 : الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام وهذا أمر لا شك فيه وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين رضي الله عنه ورحمه .

    توفي في سنة خمسين وله سبعون سنة وعليه قبة عظيمة ومشهد فاخر ببغداد والله أعلم .

    يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء 6 / 392 :
    وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه فإليه المنتهى والناس عليه عيال في ذلك .

    أصول مذهب أبي حنيفة :
    الكتاب ـ السنة ـ فتوى الصحابي ـ الإجماع ـ القياس ـ الاستحسان ـ العرف ـ الحيل الشرعية .

    انتشار مذهبه :
    انتشر مذهبه في العراق ثم الشام ثم دخل مصر في ظل حرب الفاطميين له ثم تركيا ثم من العراق شرقا ً إلى الصين


    .****************
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 12:56 pm

    الإمام مالك



    إمام دار الهجرة

    يروى في فضله ومناقبه الكثير ولكن أهمها ما روي [عن أبي هريرة يبلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ليضربن الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة]

    إنه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وصاحب أحد المذاهب الفقهية الأربعة في الإسلام وهو المذهب المالكي، وصاحب كتب الصحاح في السنة النبوية وهو كتاب الموطأ. يقول الإمام الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.


    --------------------------------------------------------------------------------

    نسبه ومولده

    هو شيخ الإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك ابن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم من قريش فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة.

    وأمه هي عالية بنت شريك الأزدية وأعمامه هم أبو سهل نافع وأويس والربيع والنضر أولاد أبي عامر.

    ولد مالك على الأصح في سنة 93هـ عام موت أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونشأ في صون ورفاهية وتجمل


    --------------------------------------------------------------------------------

    طلبه للعلم

    طلب الإمام مالك العلم وهو حدث لم يتجاوز بضع عشرة سنة من عمره وتأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إحدى وعشرون سنة وقصده طلبة العلم وحدث عنه جماعة وهو بعد شاب طري.


    --------------------------------------------------------------------------------

    ثناء العلماء عليه

    عن ابن عيينة قال مالك عالم أهل الحجاز وهو حجة زمانه.

    وقال الشافعي: إذا ذكر العلماء فمالك النجم.

    وعن ابن عيينة أيضا قال كان مالك لا يبلغ من الحديث إلا صحيحا ولا يحدث إلا عن ثقة ما أرى المدينة إلا ستخرب بعد موته يعني من العلم.

    ـ روي عن وهيب وكان من أبصر الناس بالحديث والرجال أنه قدم المدينة قال فلم أرى أحدا إلا تعرف وتنكر إلا مالكا ويحيى بن سعيد الأنصاري.


    --------------------------------------------------------------------------------

    إمام دار الهجرة

    روي عن أبي موسى الأشعري قال [قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويروى عن ابن عيينة قال كنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار وسالم بن عبد الله وغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة.

    قال القاضي عياض هذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامه وابن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أو يقول وأظنه أو أحسبه أو أراه أو كانوا يرونه.

    وذكر أبو المغيرة المخزومي أن معناه ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة فيكون على هذا سعيد بن المسيب ثم بعده من هو من شيوخ مالك ثم مالك ثم من قام بعده بعلمه وكان أعلم أصحابه.

    ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه والجلالة والحفظ فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعة والقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بن سعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم فلما تفانوا اشتهر ذكر مالك بها وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمان وأقرانهم فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق رحمه الله تعالى.

    قال أبو عبد الله الحاكم ما ضربت أكباد الإبل من النواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك واعترفوا له وروت الأئمة عنه ممن كان أقدم منه سنا كالليث عالم أهل مصر والمغرب والأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهم والثوري وهو المقدم بالكوفة وشعبة عالم أهل البصرة إلى أن قال وحمل عنه قبلهم يحيى بن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديث حين خرج إلى العراق ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه.


    --------------------------------------------------------------------------------

    قصة الموطأ

    يروي أبو مصعب فيقول: سمعت مالكا يقول دخلت على أبي جعفر أمير المؤمنين وقد نزل على فرش له وإذا على بساطه دابتان ما تروثان ولا تبولان وجاء صبي يخرج ثم يرجع فقال لي أتدري من هذا قلت لا قال هذا ابني وإنما يفزع من هيبتك ثم ساءلني عن أشياء منها حلال ومنها حرام ثم قال لي أنت والله أعقل الناس وأعلم الناس قلت لا والله يا أمير المؤمنين قال بلى ولكنك تكتم ثم قال والله لئن بقيت لأكتبن قولك كما تكتب المصاحف ولأبعثن به إلى الآفاق فلأحملهنم عليه.فقال مالك: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإن أصحاب رسول تفرقوا في الأمصار وإن تفعل تكن فتنة!!


    --------------------------------------------------------------------------------

    مواقف من حياته


    روي أن مالكا كان يقول ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني هل تراني موضعا لذلك سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت فلو نهوك قال كنت أنتهي لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه

    وقال خلف: دخلت عليه فقلت ما ترى فإذا رؤيا بعثها بعض إخوانه يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام في مسجد قد اجتمع الناس عليه فقال لهم إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم بكى فقمت عنه.

    وروي أن المهدي قدم المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال إن أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة خير لهم ولو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله.

    وقدم المهدي المدينة مرة أخرى فبعث إلى مالك فأتاه فقال لهارون وموسى اسمعا منه فبعث إليه فلم يجبهما فأعلما المهدي فكلمة فقال يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله فقال صدق مالك صيرا إليه فلما صارا إليه قال له مؤدبهما اقرأ علينا فقال إن أهل المدينة يقرؤون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم فإذا أخطئوا أفتاهم فرجعوا إلى المهدي فبعث إلى مالك فكلمه فقال سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال وهم يا أمير المؤمنين سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجه بن زيد وسليمان بن يسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز ومن بعدهم أبو الزناد وربيعه ويحيى بن سعيد وابن شهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون فقال في هؤلاء قدوة صيروا إليه فاقرؤوا عليه ففعلوا.

    يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال كنت عند مالك فدخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال مالك زنديق اقتلوه فقال يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته قال إنما سمعته منك وعظم هذا القول.

    وعن قتيبه قال كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلا مطيبا قد لبس من أحسن ثيابه وتصدر الحلقة ودعا بالمراوح فأعطى لكل منا مروحة.

    وعن محمد بن عمر قال كان مالك يأتي المسجد فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس فكان يصلي وينصرف وترك شهود الجنائز ثم ترك ذلك كله والجمعة واحتمل الناس ذلك كله وكانوا أرغب ما كانوا فيه وربما كلم في ذلك فيقول ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره.

    وكان يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش والأنصار والناس، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالا له وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال ابن وهب سمعت مالكا يقول ما أكثر أحد قط فأفلح.

    وقيل لمالك لم لا تأخذ عن عمرو بن دينار قال: أتيته فوجدته يأخذون عنه قياما فأجللت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن آخذه قائما.

    ويروى عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر نعم قال الله تعالى {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}(السجدة:12)

    وقال جعفر بن عبد الله قال كنا عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله [الرحمن على العرش استوى ' كيف استوى فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج]

    وفي رواية أخرى قال: الرحمن على العرش استوى، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه.


    --------------------------------------------------------------------------------

    من كلماته

    العلم ينقص ولا يزيد ولم يزل العلم ينقص بعد الأنبياء والكتب.

    والله ما دخلت على ملك من هؤلاء الملوك حتى أصل إليه إلا نزع الله هيبته من صدري.

    أعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع.

    ما تعلمت العلم إلا لنفسي وما تعلمت ليحتاج الناس إلي وكذلك كان الناس.

    ليس هذا الجدل من الدين بشيء.

    لا يؤخذ العلم عن أربعة سفيه يعلن السفه وإن كان أروى الناس وصاحب بدعة يدعو إلى هواه ومن يكذب في حديث الناس وإن كنت لا أتهمه في الحديث وصالح عابد فاضل إذا كان لا يحفظ ما يحدث به.
    ***************
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 12:57 pm

    صفة الإمام مالك

    عن عيسى بن عمر قال ما رأيت قط بياضا ولا حمرة أحسن من وجه مالك ولا أشد بياض ثوب من مالك، ونقل غير واحد أنه كان طوالا جسيما عظيم الهامة أشقر أبيض الرأس واللحية عظيم اللحية أصلع وكان لا يحفي شاربه ويراه مثله.

    وقيل كان أزرق العين، محمد بن الضحاك الحزامي كان مالك نقي الثوب رقيقه يكثر اختلاف اللبوس، و قال أشهب كان مالك إذا اعتم جعل منها تحت ذقنه ويسدل طرفها بين كتفيه.


    --------------------------------------------------------------------------------

    إمام في الحديث

    كان الإمام مالك من أئمة الحديث في المدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح حديثا من مالك كان إماما في الحديث، قال الشافعي قال محمد بن الحسن أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث فكان محمد إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذا حدث عن غيره من الكوفيين لم يجئه إلا اليسير.

    قال ابن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك.


    --------------------------------------------------------------------------------

    محنة الإمام مالك

    تعرض الإمام مالك لمحنة وبلاء بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر بن سليمان ويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثر ذلك على يده فيقول إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى، ويقول الواقدي لما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا بمالك إليه وكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده قال فغضب جعفر فدعا بمالك فاحتج عليه بما رفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه وارتكب منه أمر عظيم فواالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو، وهذه ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت أيدينا ويعفو الله عن كثير ومن يرد الله به خيرا يصيب منه وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} (محمد:31) وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم}(آل عمران:165) وقال {وما أصابكم من مصيبة فبما كسب أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)

    فالمؤمن إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له.


    --------------------------------------------------------------------------------

    تراث الإمام مالك


    عني العلماء بتحقيق وتأليف الكتب حول تراث الإمام مالك، وما زال العلماء قديما وحديثا لهم أتم اعتناء برواية الموطأ ومعرفته وتحصيله


    --------------------------------------------------------------------------------

    وفاة الإمام مالك

    قال القعنبي سمعتهم يقولون عمر مالك تسعا وثمانين سنة مات سنة تسع وسبعين ومئة وقال إسماعيل بن أبي أويس مرض مالك فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت قالوا تشهد ثم قال {لله الأمر من قبل ومن بعد} (الروم:4)، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي.








    الليث بن سعد



    الإمام الحافظ

    من أشهر الفقهاء في زمانه فاق في علمه وفقهه إمام المدينة الإمام مالك غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.إنه الإمام الليث بن سعد ابن عبد الرحمن الإمام الحافظ شيخ الإسلام وعالم الديار المصرية ولد بقرقشندة وهي قرية من أسفل أعمال مصر في سنة أربع وتسعين للهجرة.


    --------------------------------------------------------------------------------

    طلبه للعلم

    تلقى الليث العلم على عدد من كبار علماء عصره، فسمع من عطاء بن أبي رباح وابن أبى مليكة ونافعا العمري وسعيد بن أبي سعيد المقبري وابن شهاب الزهري وأبا الزبير المكي وغيرهم كثير.

    وفي عدة روايات يصف الليث رحلاته في طلب العلم: قال ابن بكير سمعت الليث يقول سمعت بمكة سنة ثلاث عشرة ومائة من الزهري وأنا ابن عشرين سنة.

    قال يحيى بن بكير أخبرني من سمع الليث يقول كتبت من علم ابن شهاب علما كثيرا وطلبت ركوب البريد إليه إلى الرصافة فخفت أن لا يكون ذلك لله فتركته ودخلت على نافع فسألني فقلت أنا مصري فقال ممن قلت من قيس قال ابن كم قلت ابن عشرين سنة قال أما لحيتك فلحية ابن أربعين قال أبو صالح خرجت مع الليث إلى العراق سنة إحدى وستين ومائة خرجنا في شعبان وشهدنا الأضحى ببغداد قال وقال لي الليث ونحن ببغداد سل عن منزل هشيم الواسطي فقل له أخوك ليث المصري يقرئك السلام ويسألك أن تبعث إليه شيئا من كتبك فلقيت هشيما فدفع إلي شيئا فكتبنا منه وسمعتها مع الليث.


    --------------------------------------------------------------------------------

    مكانته العلمية

    يقول الحافظ أبو نعيم: كان الليث رحمه الله فقيه مصر ومحدثها ومحتشمها ورئيسها ومن يفتخر بوجوده الإقليم بحيث إن متولي مصر وقاضيها وناظرها من تحت أوامره ويرجعون إلى رأيه ومشورته ولقد أراده المنصور على أن ينوب له على الإقليم فاستعفى من ذلك.

    ولليث أحاديث كثيرة في كتب الصحاح، ومن الأحاديث التي رويت عن الليث ما رواه الترمذي قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [قال يكون بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا]

    قال أبو صالح كان الليث يقرأ بالعراق من فوق على أصحاب الحديث والكتاب بيدي فإذا فرغ رميت به إليهم فنسخوه.

    قال ابن سعد كان الليث قد استقل بالفتوى في زمانه.

    روى عبد الملك بن شعيب عن أبيه قال قيل لليث أمتع الله بك إنا نسمع منك الحديث ليس في كتبك فقال أو كل ما في صدري في كتبي لو كتبت ما في صدري ما وسعه هذا المركب.

    وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول أصح الناس حديثا عن سعيد المقبري الليث بن سعد يفصل ما روي عن أبي هريرة وما روي عن أبيه عن أبي هريرة هو ثبت في حديثه جدا.

    ومما يروى عنه أيضا عن الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا معشر قريش والله ما فيكم أحد على دين إبراهيم غيري وكان يحيى الموؤدة يقول الرجل إذا أراد أن يقتل أبنته مه لا تقتلها أنا أكفيك مؤنتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤنتها

    ولليث أسانيد إلى أبي هريرة ومنها: عن الليث عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة]


    --------------------------------------------------------------------------------

    مناقبه وفضائله

    قال ابن بكير: كان الليث فقيه البدن عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر حسن المذاكرة.

    روي عن شرحبيل بن جميل قال أدركت الناس أيام هشام الخليفة وكان الليث بن سعد حدث السن وكان بمصر عبيد الله بن أبي جعفر وجعفر بن ربيعة والحارث بن يزيد ويزيد بن أبي حبيب وابن هبيرة وإنهم يعرفون لليث فضله وورعه وحسن إسلامه عن حداثة سنة ثم قال ابن بكير لم أر مثل الليث، وروى عبد الملك بن يحيى بن بكير عن أبيه قال ما رأيت أحدا أكمل من الليث.

    ***

    قال عثمان بن صالح: كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث فحدثهم بفضائله فكفوا وكان أهل حمص ينتقصون عليا حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش فحدثهم بفضائل علي فكفوا عن ذلك، وروي عن حرملة يقول كان الليث بن سعد يصل مالكا بمائة دينار في السنة فكتب مالك إليه علي دين فبعث إليه بخمس مائة دينار فسمعت ابن وهب يقول كتب مالك إلى الليث إني أريد أن أدخل بنتي على زوجها فأحب أن تبعث لي بشيء من عصفر فبعث إليه بثلاثين حملا عصفرا فباع منه بخمس مائة دينار وبقي عنده فضله، قال أبو داود قال قتيبة كان الليث يستغل عشرين ألف دينار في كل سنة وقال ما وجبت علي زكاة قط وأعطى الليث ابن لهيعة ألف دينار وأعطى مالكا ألف دينار وأعطى منصور بن عمار الواعظ ألف دينار وجارية تساوى ثلاث مائة دينار.

    قال صالح بن أحمد الهمذاني: قدم منصور بن عمار على الليث فوصله بألف دينار واحترقت دار ابن لهيعة فوصله بألف دينار ووصل مالكا بألف دينار وكساني قميص سندس فهو عندي.

    وروي عن محمد بن رمح يقول كان دخل الليث بن سعد في كل سنة ثمانين ألف دينار ما أوجب الله عليه زكاة درهم
    ***************
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 1:01 pm

    وروي عن أشهب بن عبد العزيز يقول كان الليث له كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها أما أولها فيجلس للسلطان في نوائبه وحوائجه وكان الليث يغشاه السلطان فإذا أنكر من القاضي أمرا أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه العزل ويجلس لأصحاب الحديث وكان يقول نجحوا أصحاب الحوانيت فإن قلوبهم معلقة بأسواقهم ويجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه ويجلس لحوائج الناس لا يسأله أحد فيرده كبرت حاجته أو صغرت وكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر وفي الصيف سويق اللوز في السكر

    ***

    وروي عن يعقوب ابن داود وزير المهدي قال:قال أمير المؤمنين لما قدم الليث العراق الزم هذا الشيخ فقد ثبت عندي أنه لم يبق أحد أعلم بما حمل منه.

    وكان الليث بن سعد يقول بلغت الثمانين وما نازعت صاحب هوى قط، ويعلق الحافظ أبو نعيم على قوله فيقول: كانت الأهواء والبدع خاملة في زمن الليث ومالك والأوزاعي والسنن ظاهرة عزيزة فأما في زمن أحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد فظهرت البدعة وامتحن أئمة الأثر ورفع أهل الأهواء رؤوسهم بدخول الدولة معهم فاحتاج العلماء إلى مجادلتهم بالكتاب والسنة ثم كثر ذلك واحتج عليهم العلماء أيضا بالمعقول فطال الجدال واشتد النزاع وتولدت الشبة نسأل الله العافية.

    ***

    قال بكر بن مضر قدم علينا كتاب مروان بن محمد إلى حوثرة والى مصر إني قد بعثت إليكم أعرابيا بدويا فصيحا من حاله ومن حاله فأجمعوا له رجلا يسدده في القضاء ويصوبه في المنطق فأجمع رأي الناس على الليث بن سعد وفي الناس معلماه يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث، قال أحمد بن صالح أعضلت الرشيد مسألة فجمع لها فقهاء الأرض حتى أشخص الليث فأخرجه منها.


    --------------------------------------------------------------------------------

    مواقف من حياته

    قال الحسن بن يوسف بن مليح سمعت أبا الحسن الخادم قال كنت غلاما لزبيدة (زوجة الرشيد) وأتي بالليث بن سعد تستفتيه فكنت واقفا على رأس ستي زبيدة خلف الستارة فسأله الرشيد فقال له حلفت إن لي جنتين فاستحلفه الليث ثلاثا إنك تخاف الله فحلف له فقال: قال الله: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} (الرحمن:16) فأقطعه الرشيد قطائع كثيرة بمصر.

    ***

    وروي عن الليث قال: قال لي أبو جعفر المنصور تلي لي مصر قلت لا يا أمير المؤمنين إني أضعف عن ذلك إني رجل من الموالي فقال ما بك ضعف معي ولكن ضعفت نيتك في العمل لي.

    ***

    قال وجاءت امرأة إلى الليث فقالت يا أبا الحارث إن ابنا لي عليلاً واشتهى عسلا فقال يا غلام أعطها مرطا من عسل والمرط عشرون ومائة رطل.

    ***

    وعن الحارث بن مسكين قال اشترى قوم من الليث ثمرة فاستغلوها فاستقالوا فأقالهم ثم دعا بخريطة فيها أكياس فأمر لهم بخمسين دينارا فقال له ابنه الحارث في ذلك فقال اللهم غفرا إنهم قد كانوا أملوا فيها أملا فأحببت أن أعوضهم من أملهم بهذا.

    ***

    وروي عن الليث قال لما ودعت أبا جعفر المنصور ببيت المقدس قال أعجبني ما رأيت من شدة عقلك والحمد لله الذي جعل في رعيتي مثلك قال شعيب كان أبي يقول لا تخبروا بهذا ما دمت حيا.

    ***

    قال يحيى بن بكير: قال الليث: قال لي المنصور تلي مصر؛ فاستعفيت قال أما إذا أبيت فدلني على رجل أقلده مصر قلت عثمان ابن الحكم الجذامي رجل له صلاح وله عشيرة. قال: فبلغ عثمان ذلك فعاهد الله ألا يكلم الليث.

    ***

    وروي عن سعيد الآدم قال مررت بالليث بن سعد فتنحنح فرجعت إليه فقال لي يا سعيد خذ هذا القنداق فاكتب لي فيه من يلزم المسجد ممن لا بضاعة له ولا غلة. فقلت: جزاك الله خيرا يا أبا الحارث. وأخذت منه القنداق ثم صرت إلى المنزل فلما صليت أوقدت السراج وكتبت بسم الله الرحمن الرحيم ثم قلت فلان بن فلان ثم بدرتني نفسي. فقلت: فلان بن فلان. قال فبينا أنا على ذلك إذا أتاني آت فقال هالله يا سعيد تأتي إلى قوم عاملوا الله سرا فتكشفهم لآدمي ما الليث وما شعيب أليس مرجعهم إلى الله الذي عاملوه. فقمت ولم أكتب شيئا، فلما أصبحت أتيت الليث فتهلل وجهه فناولته القنداق فنشره فما رأى فيه غير بسم الله الرحمن الرحيم فقال: ما الخبر فأخبرته بصدق عما كان فصاح صيحة فاجتمع عليه الناس من الحلق فسألوه فقال ليس إلا خير ثم أقبل علي فقال يا سعيد تبينتها وحرمتها صدقت ما الليث وما شعيب أليس مرجعهم إلى الله.

    ***

    عن أبي صالح كاتب الليث قال كنا على باب مالك فامتنع عن الحديث فقلت ما يشبه هذا صاحبنا فسمعها مالك فأدخلنا وقال من صاحبكم قلت الليث قال تشبهونا برجل كتبت إليه في قليل عصفر نصبغ به ثياب صبياننا فأنفذ منه ما بعنا فضلته بألف دينار.


    --------------------------------------------------------------------------------

    ثناء العلماء عليه

    كان الإمام الشافعي يقول: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به.

    وقال ابن وهب: لولا مالك والليث لضل الناس.

    وقال عبد الله بن صالح: صحبت الليث عشرين سنة لا يتغدى ولا يتعشى إلا مع الناس وكان لا يأكل إلا بلحم إلا أن يمرض.

    وقال أحمد بن سعد الزهري: سمعت أحمد بن حنبل يقول الليث ثقة ثبت، وقال أيضا: الليث كثير العلم صحيح الحديث

    وقال عثمان الدارمي: سمعت يحيى بن معين يقول الليث أحب إلي من يحيى بن أيوب ويحيى ثقة قلت فكيف حديثه عن نافع فقال صالح ثقة.

    وعن أحمد بن صالح وذكر الليث فقال: إمام قد أوجب الله علينا حقه لم يكن بالبلد بعد عمرو بن الحارث مثله.

    قال ابن سعد: استقل الليث بالفتوى وكان ثقة كثير الحديث سريا من الرجال سخيا له ضيافة

    وقال العجلي والنسائي: الليث ثقة.

    وقال ابن خراش: صدوق صحيح الحديث.

    وروي عن يحيى بن معين قال: هذه رسالة مالك إلى الليث حدثنا بها عبد الله بن صالح يقول فيها وأنت في إمامتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك وحاجة من قبلك إليك واعتمادهم على ما جاءهم منك.

    وقال يحيى بن بكير: الليث أفقه من مالك ولكن الحظوة لمالك رحمه الله.

    قال علي بن المديني الليث ثبت.

    قال العلاء بن كثير الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا.


    وفاته

    قال يحيى بن بكير وسعيد بن أبي مريم مات الليث للنصف من شعبان سنة خمس وسبعين ومائة قال يحيى يوم الجمعة وصلى عليه موسى بن عيسى.

    قال خالد بن عبد السلام الصدفي شهدت جنازة الليث بن سعد مع والدي فما رأيت جنازة قط أعظم منها رأيت الناس كلهم عليهم الحزن وهم يعزي بعضهم بعضا ويبكون فقلت يا أبت كأن كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازة فقال بابني لا ترى مثله أبدا.
    *****************
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 1:02 pm

    سيرة الإمام الشافعي


    ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ، ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .
    الامام الشافعي احد الائمة الاربعة عند اهل السنة واليه نسبة الشافعية كافة . وهو ابوعبد الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي. وكان ابوه قد هاجر من مكة الى غزة بفلسطين بحثا عن الرزق لكنه مات بعد ولادة محمد بمدة قصيرة فنشأ محمد يتيما فقيرا . وشافع بن السائب هو الذي ينتسب اليه الشافعي لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، واسر ابوه السائب يوم بدر في جملة من أسر وفدى نفسه ثم اسلم . ويلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.

    اما امه فهي يمانية من الازد وقيل من قبيلة الاسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، قيل ان ولادة الشافعي كانت في عسقلان وقيل بمنى لكن الاصح ان ولادته كانت في غزة عام 150 هجرية وهو نفس العام الذي توفى فيه ابو حنيفة .
    ولما بلغ سنتين قررت امه العودة وابنها الى مكة لاسباب عديدة منها حتى لايضيع نسبه ، ولكي ينشأ على ما ينشأ عليه اقرانه ، فأتم حفظ القران وعمره سبع سنين . عرف الشافعي بشجو صوته في القراءة ، قال ابن نصر : كنا اذا اردنا ان نبكي قال بعضنا لبعض : قوموا الى هذا الفتى المطلبي يقرأ القران ، فاذا أتيناه (يصلي في الحرم ) استفتح القران حتى يتساقط الناس ويكثر عجيجهم بالبكاء من حسن صوته فاذا راى ذلك امسك من القراءة . ولحق بقبيلة هذيل العربية لتعلم اللغة والفصاحة . وكانت هذيل افصح العرب ، ولقد كانت لهذه الملازمة اثر في فصاحته وبلاغة ما يكتب، وقدلفتت هذه البراعة انصار معاصريه من العلماء بعد ان شب وكبر ، حتى الاصمعي وهو من ائمة اللغة المعدودين يقول : ( صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس ) وبلغ من اجتهاده في طلب العلم ان اجازه شيخه مسلم بن خالد الزنجي بالفتيا وهو لا يزال صغير .

    حفظ الشافعي وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا كتاب الموطأ للامام مالك ورحلت به امه الىالمدينة ليتلقى العلم عند الامام مالك . ولازم الشافعي الامام مالك ست عشرة سنة حتى توفى الامام مالك (179 هجرية ) وبنفس الوقت تعلم على يد ابراهيم بن سعد الانصاري ، ومحمد بن سعيد بن فديك وغيرهم .
    وبعد وفاة الامام مالك (179 هجرية ) سافر الشافعي الى نجران واليا عليها ورغم عدالته فقد وشى البعض به الى الخليفة هارون الرشيدفتم استدعائه الى دار الخلافة سنة (184هجرية ) وهناك دافع عن موقفه بحجة دامغة وظهر للخليفة براءة الشافعي مما نسب اليه واطلق سراحه .
    واثناء وجوده في بغداد أتصل بمحمد بن الحسن الشيباني تلميذ ابي حنيفة وقرأ كتبه وتعرف على علم اهل الرأي ثم عاد بعدها الى مكة واقام فيها نحوا من تسع سنوات لينشر مذهبه من خلال حلقات العلم التي يزدحم فيها طلبة العلم في الحرم المكي ومن خلال لقاءه بالعلماء اثناء مواسم الحج . وتتلمذ عليه في هذه الفترة الامام احمد بن حنبل .
    ثم عاد مرة اخرى الى بغداد سنة ( 195 هجرية ) ، وكان له بها مجلس علم يحضره العلماء ويقصده الطلاب من كل مكان . مكث الشافعي سنتين في بغداد ألف خلالها كتابه (الرسالة ) ونشر فيها مذهبه القديم ولازمه خلال هذه الفترة اربعة من كبار اصحابه وهم احمد بن حنبل ، وابو ثور ، والزعفراني ، والكرابيسي . ثم عاد الامام الشافعي الى مكة ومكث بها فترة قصيرة غادرها بعد ذلك الى بغدادسنة (198هجرية ) وأقام في بغداد فترة قصيرة ثم غادر بغداد الى مصر .
    قدم مصر سنة ( 199 هجرية ) تسبقه شهرته وكان في صحبته تلاميذه الربيع بن سليمان المرادي ، وعبدالله بن الزبير الحميدي ، فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم وكان من اصحاب مالك . ثم بدأ بالقاء دروسه في جامع عمرو بن العاص فمال اليه الناس وجذبت فصاحته وعلمه كثيرا من اتباع الامامين ابي حنيفة ومالك . وبقي في مصر خمس سنوات قضاها كلها في التأليف والتدريس والمناظرة والرد على الخصوم . وفي مصر وضع الشافعي مذهبه الجديد وهو الاحكام والفتاوى التي استنبطها بمصر وخالف في بعضها فقهه الذي وضعه في العراق ، وصنف في مصر كتبه الخالدة التي رواها عنه تلاميذه .

    وتطرق احمد تمام في كتابه (الشافعي ملامح وآثار ) كيفية ظهور شخصية الشافعي ومنهجه في الفقه . هذا المنهج الذي هو مزيج من فقه الحجاز وفقه العراق ، هذا المنهج الذي انضجه عقل متوهج ، عالم بالقران والسنة ، بصير بالعربية وادابها خبير باحوال الناس وقضاياهم ، قوي الرأي والقياس .
    فلو عدنا الى القرن الثاني الميلادي لوجدنا انه ظهر في هذا القرن مدرستين اساسيتين في الفقه الاسلامي هما مدرسة الراي ، ومدرسة الحديث ، نشأت المدرسة الاولى في العراق وهي امتداد لفقه عبدالله بن مسعود الذي اقام هناك ، وحمل اصحابه علمه وقاموا بنشره . وكان ابن مسعود متأثرا بمنهج عمر بن الخطاب في الاخذ بالرأي والبحث في علل الاحكام حين لا يوجد نص من كتاب الله او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ومن أشهر تلامذة ابن مسعود الذين أخذوا عنه : علقمة بن قيس النخعي ، والاسود بن يزيد النخعي ، ومسروق بن الاجدع الهمداني ، وشريح القاضي ، وهؤلاء كانوا من ابرز فقهاء القرن الاول الهجري . ثم تزعم مدرسة الرأي بعدهم ابراهيم بن يزيد النخعي فقيه العراق بلا منازع وعلى يديه تتلمذ حماد بن سليمان ، وخلفه في درسه ، وكان اماما مجتهدا وكانت له بالكوفة حلقة عظيمة يؤمها طلاب العلم وكان بينهم ابو حنيفة النعمان الذي فاق أقرانه وانتهت اليه رئاسة الفقه ، وتقلد زعامة مدرسة الرأي من بعد شيخه ، والتف حوله الراغبون في تعلم الفقه وبرز منهم تلاميذ بررة على رأسهم ابو يوسف القاضي ، ومحمد بن الحسن ، وزفر والحسن بن زياد وغيرهم ،وعلى يد هؤلاء تبلورت طريقة مدرسة الرأي واستقر امرها ووضح منهجها .
    وأما مدرسةالحديث فقد نشأت بالحجاز وهي امتداد لمدرسة عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وعائشة وغيرهم من فقهاء الصحابة الذين أقاموا بمكة والمدينة ، وكان يمثلها عددكبير من كبار الائمة منهم سعد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وابن شهاب الزهري ، والليث بن سعد ، ومالك بن انس . وتمتاز تلك المدرسة بالوقوف عند نصوص الكتاب والسنة ، فان لم تجد التمست اثار الصحابة ، ولم تلجئهم مستجدات الحوادث التي كانت قليلة في الحجاز الى التوسع في الاستنباط بخلاف ما كان عليه الحال في العراق .
    وجاء الشافعي والجدل مشتعل بين المدرستين فأخذ موقفا وسطا ، وحسم الجدل الفقهي القائم بينهما بما تيسر له من الجمع بين المدرستين بعد ان تلقى العلم وتتلمذ على كبار اعلامهما مثل مالك بن انس من مدرسة الحديث ومحمد بن الحسن الشيباني من مدرسة الرأي .
    دون الشافعي الاصول التي اعتمد عليها في فقهه ، والقواعد التي التزمها في اجتهاده في رسالته الاصولية 'الرسالة ' وطبق هذه الاصول في فقهه ، وكانت اصولا عملية لا نظرية ، ويظهر هذا واضحا في كتابه ' الام ' الذي يذكر فيه الشافعي الحكم مع دليله ، ثم يبين وجه الاستدلال بالدليل وقواعد الاجتهاد واصول الاستنباط التي اتبعت في استنباطه ، فهو يرجع اولا الى القران وما ظهر له منه ، الا اذا قام دليل على وجوب صرفه عن ظاهره ،ثم الى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى الخبر الواحد الذي ينفرد راو واحد بروايته ، وهو ثقة في دينه ، معروف بالصدق ، مشهور بالضبظ . وهو يعد السنة مع القران في منزلة واحدة ، فلا يمكن النظر في القران دون النظر في السنة التي تشرحه وتبينه ، فالقران يأتي بالاحكام العامة والقواعد الكلية ، والسنة هي التي تفسر ذلك ،فهي التي تخصص عموم القران او تقيد مطلقه ، او تبين مجمله .
    ولم يشترط الشافعي في الاحتجاج بالسنة غير اتصال سند الحديث وصحته ، فاذا كان كذلك صح عنده وكان حجة عنده ، ولم يشترط في قبول الحديث عدم مخالفته لعمل اهل المدينة مثلما اشترط الامام مالك ، او ان يكون الحديث مشهورا ولم يعمل راويه بخلافه . ووقف الشافعي حياته على الدفاع عن السنة ، واقامة الدليل على صحة الاحتجاج بالخبر الواحد ، وكان هذا الدفاع سببا في علو قدر الشافعي عند اهل الحديث حتى سموه ( ناصر السنة ) . ولعل الذي جعل الشافعي يأخذ بالحديث اكثر من أبي حنيفة حتى انه يقبل خبر الواحد متى توافرت فيه الشروط ، انه كان حافظا للحديث بصيرا بعلله ، لايقبل منه الا ما ثبت عنده ، وربما صح عنده من الاحاديث ما لم يصح عند أبي حنيفة واصحابه . وبعد الرجوع الى القران والسنة يأتي الاجماع ان لم يعلم له مخالف ، ثم القياس شريطة ان يكون له اصل من الكتاب والسنة ، ولم يتوسع فيه مثلما توسع الامام أبو حنيفة
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 1:04 pm

    ولنتطرق الآن الى بعضا من أقوال الشافعي التي تبين عقيدته :
    في جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي من رواية أبي طالب العشاري ما نصه قال وقد سئل عن صفات الله عز وجل وما ينبغي أن يؤمن به فقال : ' لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم امته لا يسع احد من خلق الله عز وجل قامت لديه الحجة ان القران نزل به وصحيح عنده قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه العدل خلافه فان خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله عز وجل فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لان علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية والفكر ، ونحو ذلك اخبار الله عز وجل انه سميع وأن له يدين بقوله عز وجل : [ بل يداه مبسوطتان ] وأن له يمينا بقوله عز وجل : [ والسموات مطويات بيمينه ] وأن له وجها بقوله عز وجل : [ كل شيء هالك الا وجهه ] وقوله : [ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ] وأن له قدما بقوله صلى الله عليه وسلم : (حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه ) يعني جهنم . وقوله صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله عز وجل : ( أنه لقي الله عز وجل وهو يضحك اليه ) وأنه يهبط كل ليلة الى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، وأنه ليس بأعور لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اذ ذكر الدجال فقال انه أعور وان ربكم ليس بأعور وأن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر ) وأن له أصبعا بقوله صلى الله عليه وسلم : ( ما من قلب الا هو بين أصبعين من أصايع الرحمن عز وجل ) ، وأن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم لا يدرك حقه ذلك بالذكر والدراية ويكفر بجهلها أحد الا بعد انتهاء الخبر اليه وان كان الوارد بذلك خبرا يقوم في الفهم مقام المشاهدة في ا لسماع 'وجبت الدينونة ' على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كمن عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن نثبت هذه الصفات وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال : بليس كمثله شيء وهو السميع البصير ] ……….. '
    وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال الشافعي : ' من قال القران مخلوق فهو كافر ' .
    وأورد البيهقي في مناقب الشافعي أن الشافعي قال : 'ان مشيئة العباد هي الى الله تعالى ولا يشاؤن الا ان يشاء الله رب العالمين فان الناس لم يخلقوا اعمالهم وهي خلق من خلق الله تعالى أفعال العباد وان القدرخيره وشره من الله عز وجل وان عذاب القبر حق ومساءلة أهل القبور حق والبعث حق والحساب حق والجنة والنار حق وغير مما جاءت به السنن ' .
    وأخرج ابن عبد البر عن الربيع قال : سمعت الشافعي يقول ' الايمان قول وعمل واعتقاد بالقلب ألا ترى قول الله عز وجل : [وما كان الله ليضيع ايمانكم ] يعني صلاتكم الى بيت المقدس فسمى الصلاة ايمانا وهي قول وعمل وعقد ' . كما واخرج البيهقي عن ابي محمد الزبيري قال : قال رجل للشافعي : أي الاعمال عند الله افضل ؟ قال الشافعي : ' ما لا يقبل عملا الا به ' قال وما ذاك ؟ قال : ' الايمان بالله الذي لا اله الا هو أعلى الاعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظا ' قال الرجل : ألا تخبرني عن الايمان قول وعمل أو قول بلا عمل ؟ قال الشافعي : ' الايمان عمل لله والقول بعض ذلك العمل ' قال الرجل : صف لي ذلك حتى أفهمه . قال الشافعي : 'ان للايمان حالات ودرجات وطبقات فمنها التام المنتهي تمامه والناقص البين نقصانه والراجح الزائد رجحانه ' قال الرجل : وان الايمان لايتم وينقص ويزيد ؟ قال الشافعي : ' نعم ' قال الرجل : وما الدليل على ذلك ؟ قال الشافعي : ' ان الله جل ذكره فرض الايمان على جوارح بني ادم فقسمه فيها وفرقه عليها فليس من جوارحه جارحة الا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تعالى فمنها : قلبه الذي يعقل به ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر الا عن رأيه وأمره ومنها : عيناه اللتان ينظر بهما وأذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي ألباه من قبله ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه. فرض على القلب غير ما فرض على اللسان وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه . فأما فرض الله على القلب من الايمان : فالاقرار والمعرفة والعقد والرضى والتسليم بأن الله لا اله الا هو وحده لا شريك له لم يتخذ صاجبة ولا ولدا وأن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله والاقرار بما جاء من عند الله من نبي او كتاب فذلك ما فرض الله جل ثناؤه على القلب وهو عمله [الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا ] وقال : [ ألا بذكر الله تطمئن القلوب ] وقال : [ من الذين قالوا امنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ] وقال : [ وان تبدوا ما في انفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ] فذلك ما فرض الله على القلب من ايمان وهو عمله وهو رأس الايمان . وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد وأقر به فقال في ذلك : [ قولوا امنا بالله ] وقال : [ وقولوا للناس حسنا ] فذلك ما فرض الله على اللسان من القول والتعبير عن القلب وهو عمله والفرض عليه من الايمان . وفرض الله على السمع ان يتنزه عن الاستماع الى ما حرم الله وان يغض عن ما نهى الله عنه فقال في ذلك : [وقد نزل عليكم في الكتاب أن اذا سمعتم ايات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره انكم اذا مثلهم ] ثم استثنى موضع النسيان فقال جل وعز :[واما ينسينك الشيطان ] أى : فقعدت معهم [فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ] وقال : [ فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الالباب ] وقال : [ قد أفلح المؤمنون الذين هم قي صلاتهم خاشعون ] الى قوله : [ والذين هم للزكاة فاعلون ] وقال : [ واذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ] وقال : [ واذا مروا باللغو مروا كراما ] فذلك ما فرض الله جل ذكره على السمع من التنزيه عما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان . وفرض على العينين ألا ينظر بهما ما حرم الله وأن يغضهما عما نهاه عنه فقال تبارك وتعالى في ذلك : [قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ] الايتين : ان ينظر احدهم الى فرج أخيه ويحفظ فرجه من أن ينظراليه . وقال : كل شيْ من حفظ الفرج في كتاب الله فهو من الزنا الا هذه الاية فانها من النظر . فذلك ما فرض الله على العينين من غض البصر وهو عملهما وهو من الايمان . ثم أخبر عما فرض على القلب والسمع والبصر في اية واحدة فقال سبحانه وتعالى في ذلك : [ ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا ]
    قال : يعني وفرض على الفرج : أن لا يهتكه بما حرم الله عليه : [ والذين هم لفروجهم حافظون ] وقال : [ وما كنتم تسترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا ابصاركم ولا جلودكم ] الاية يعني بالجلود : الفرج والافخاذ فذلك ما فرض الله على الفروج من حفظهما عما لا يحل له وهو عملهما .
    وفرض على اليدين ألا يبطش بهما الى ما حرم الله تعالى وأن يبطش بهما الى ما أمر الله من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلوات فقال في ذلك : [ياأيها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق ] الى اخر الاية وقال :[فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداء ] لآن الضرب والحرب وصلة الرحم والصدقة من علاجها .
    وفرض على الرجلين ألآ يمشي بهما الى ما حرم الله جل ذكره فقال فى ذلك : [ولا تمش في الارض مرحا انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا ] .
    وفرض على الوجه السجود لله بالليل والنهار ومواقيت الصلاة فقال في ذلك : [ ياايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ] وقال :[(وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ] يعني المساجد :ما يسجدعليه ابن ادم في صلاته من الجبهة وغيرها .
    قال : فذلك ما فرض الله على هذه الجوارح وسمى الطهور والصلوات ايمانا في كتابه وذلك حين صرف الله تعالى وجه نبيه صلى الله عليه وسلم من الصلاة الى بيت المقدس وأمره بالصلاة الى الكعبة وكان المسلمون قد صلوا الى بيت المقدس ستة عشر شهرا فقالوا يارسول الله أرأيت صلاتنا التي كنا نصليها الى بيت المقدس ما حالها وحالنا ؟ فانزل الله تعالى : [ وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرؤف رحيم ] فسمى الصلاة ابمانا فمن لقي الله حافظا لصلواته حافظا لجوارحه مؤديا بكل جارحة من جوارحه ما أمر الله به وفرض عليها - لقي الله مستكمل الايمان من اهل الجنة ومن كان لشيء منها تاركا متعمدا مما أمر الله به – لقي الله ناقص الايمان ' .
    قال عرفت نقصانه وتمامه فمن اين جاءت زيادته ؟ قال الشافعي : ' قال الله جل ذكره : [ واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه ايمانا فأما الذين امنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون واما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا الى رجسهم وماتوا وهم كافرون ] وقال : [ انهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هدى ] .
    قال الشافعي : ولو كان هذا الايمان كله واحدا لا نقصان فيه ولا زيادة - لم يكن لاحد فيه فضل واستوى الناس وبطل التفضيل ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله (في الجنة ) وبالنقصان من الايمان دخل المفرطون النار .
    قال الشافعي : ان الله جل وعز سابق بين عباده كما سوبق بين الخيل يوم الرهان ثم انهم على درجاتهم من سبق عليه فجعل كل امرىء على درجة سبقه لا ينقصه فيه حقه ولا يقدم مسبوق على سابق ولا مفضول على فاضل وبذلك فضل اول هذه الامة على اخرها ولو لم يكن لمن سبق الى الايمان فضل على من أبطأ عنه – للحق اخر هذه الامة بأولها .

    بعد هذا العرض الموجز لاصول مذهب الامام الشافعي وعقيدته ، نتطرق الى شعره . فقد عرف الامام الشافعي كامام من أئمة الفقه الاربعة ، لكن الكثيرين لا يعرفون أنه كان شاعرا .
    لقد كان الشافعي فصيح اللسان بليغا حجة في لغة العرب عاش فترة من صباه في بني هذيل فكان لذلك اثر واضحا على فصاحته وتضلعه في اللغة والادب والنحو ، اضافة الى دراسته المتواصله واطلاعه الواسع حتى اصبح يرجع اليه في اللغة والنحو .فكما مر بنا سابقا فقد قال الاصمعي صححت اشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس . وقال احمد بن حنبل : كان الشافعي من افصح الناس ، وكان مالك تعجبه قراءته لانه كان فصيحا .وقال احمد بن حنبل : ما مس أحد محبرة ولا قلما الا وللشافعي في عنقه منة . وقال ايوب بن سويد : خذوا عن الشافع اللغة .
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 1:05 pm

    ويعتبر معظم شعر الامام الشافعي في شعر التأمل ، والسمات الغالبة على هذا الشعر هي ( التجريد والتعميم وضغط التعبير ) وهي سمات كلاسيكية ، اذ ان مادتها فكرية في المقام الاول ، وتجلياتها الفنية هي المقابلات والمفارقات التي تجعل من الكلام ما يشبه الامثال السائرة او الحكم التي يتداولها الناس ومن ذلك :

    ما حك جلدك مثل ظفرك *** فتول انت جميع امرك

    ما طار طير وارتفع *** الا كما طار وقع

    نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا

    ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكنت اظنها لا تفرج

    وقال ايضا :

    اذا رمت ان تحيا سليما من الردى *** ودينك موفور وعرضك صن
    فلا ينطق منك اللسان بسؤة *** فكلك سؤات وللناس ألسن
    وعيناك ان ابدت اليك معائبا *** فدعها وقل ياعين للناس اعين
    وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى *** ودافع ولكن بالتي هي أحسن

    وقال ايضا :

    الدهر يومان ذا أمن وذا خطر *** والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
    أما ترى البحر تعلو فوقه جيف *** وتستقر بأقـصى قـاعه الدرر
    وفي السماء نجوم لا عداد لها *** وليس يكسف الا الشمس والقمر

    واذا كان شعر التأمل ينزع الى التجريد والتعميم ، فليس معنى ذلك انه خال تماما من الصور والتشبيهات الكلاسيكية ، ولكنها تشبيهات عامة لاتنم عن تجربة شعرية خاصة ، فشعر التأمل ينفر من الصور الشعرية ذات الدلالة الفردية ، ويفضل الصور التي يستجيب لها الجميع .فالشافعي يقدم لنا اقوالا نصفها اليوم بأنها تقريرية .
    في أدناه صورا من أشعار الامام الشافعي :

    ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلت الرجا مني لعفوك سلما
    تعاظمني ذنبي فلما قرنته *** بعفوك ربي كان عفوك أعظما
    فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل *** تجود وتعفو منة وتكرمــا

    اما قوله في الزهد قوله :

    عليك بتقوى الله ان كنت غافلا *** يأتيك بالارزاق من جيث لاتدري
    فكيف تخاف الفقر والله رازقا *** فقد رزق الطير والحوت في البحر
    ومن ظن ان الرزق يأتي بقوة *** مـا أكـل الـعصفـور مـن النسـر
    نزول عـن الدنـيا فـأنك لا تدري *** أذا جن ليل هل تعش الى الفجر
    فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر

    وعن مكارم الاخلاق قوله :

    لما عفوت ولم احقد على أحد *** أرحت نفسي من هم العداوات
    اني أحيي عدوي عند رؤيتـه *** لادفع الشــر عـني بـالتحيــات
    وأظهر البشر للانسان أبغضه *** كما ان قد حشى قلبي محبات
    الناس داء وداء الناس قربهم *** وفي اعتـزالـهم قطـع المـودات

    ومن مناجاته رحمة الله قوله :

    بموقف ذلي دون عزتك العظمى *** بمخفي سـر لا أحيط به علما
    باطراق رأسـي باعترافي بذلتي *** بمد يدي استمطر الجود والرحمى
    بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها *** لعزتها يستغرق النثر والنظما
    أذقنا شراب الانس يا من اذا سقى *** محبا شرابا لا يضام ولا يظما

    وفي ختام هذه الوقفات من سيرة الامام الشافعي نتطرق الى تواضعه وورعه وعبادته فان الشافعي مشهورا بتواضعه وخضوعه للحق وتشهد له بذلك دروسه ومعاشرته
    لاقرانه وتلاميذه وللناس . كما ان العلماء من اهل الفقه والاصول والحديث واللغة اتفقوا على امانة الشافعي وعدالته وزهده وورعه وتقواه وعلو قدره ، وكان مع جلالته في العلم مناظرا حسن المناظرة ، امينا لها طالبا للحق لا يبغي صيتا وشهرة حتى اثرت عنه هذه الكلمة : ' ماناظرت احدا الا ولم أبال يبين الله الحق على لسانه او لساني ' . وبلغ من اكبار احمد بن حنبل لشيخه الشافعي أنه قال حين سأله ابنه عبد الله : أي رجل كان الشافعي ، فأني رأيتك تكثر الدعاء له ؟ قال : ' كان الشافعي كالشمس للنهار وكالعافية للناس ، فانظر هل لهذين من خلف او عنهما من عوض ' .
    وكان الشافعي رحمه الله فقيه النفس ، موفور العقل ، صحيح النظر والتفكر ، عابدا ذاكرا . وكان رحمه الله محبا للعلم حتى انه قال : ' طلب العلم افضل من صلاة التطوع ' ومع ذلك روى عنه الربيع بن سليمان تلميذه أنه كان يحي الليل صلاة الى ان مات رحمه الله ، وكان يختم في كل ليلة ختمة .
    وروى الذهبي في السير عن الربيع بن سليمان قال : كان الشافعي قد جزأ الليل ، فثلثه الاول يكتب ، والثاني يصلي ، والثالث ينام . وقال الذهبي افعاله الثلاثة بالنية ، والحق ما قاله الذهبي ، فان النيات صنعة العلماء ، والعلم اذا أثمر العمل وضع صاحبه على طريق النجاة ،وما أحوج امتنا اليوم الى العلماء العاملين الصادقين العابدين الذين تفزع اليهم الامة في الازمات وما اكثرها ولا حول ولا قوة الا بالله .
    وظل الامام الشافعي في مصر ولم يغادرها يلقي دروسه ويحيط به تلامذته حتى لقي ربه في (30 رجب 204 هجرية ) ومن اروع ما رثي به من الشعر قصيدة لمحمد بن دريد يقول في مطلعها :

    ألم تر اثار أبن ادريس بعده *** دلائلها في المشـكلات لوامع

    وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على أشرف الخلق سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين ،وحسبنا الله ونعم الوكيل ،نعم المولى ونعم النصير .
    ***********
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 1:06 pm

    سيرة الإمام أحمد بن حنبل

    وقفات وعبر وعجائب


    اسمه ومولده :
    ــ هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، أصله من البصرة ، ولد عام ( 164 ) هـ ، في بغداد وتوفي والده وهو صغير ، فنشأ يتيماً ، وتولَّت رعايته أمه .

    وقفة : اليتيم قد يكون ناجـحـاً في حياته :


    ــ نشأ الإمام أحمد ــ رحمه الله ــ في طلب العلم ، وبدأ في طلب الحديث وعمرهُ خمس عشرة سنة ، ورحل للعلم وعمرهُ عشرون سنة ، والـتقى بعدد من العلماء منهم : الشافعي في مكة ، ويحيى القطَّان ، ويزيد بن هارون في البصرة .
    ورحل من العراق إلى اليمن مع يحيى بن مُعين ، فلمَّا وصلا إلى مكة وجدا عبد الرزاق الصنعاني أحد العلماء في اليمن ، فقال يحيى بن معين يا إمام يا أحمد : نحنُ الآن وجدنا الإمام ، ليس هناك ضرورة في أن نذهب إلى اليمن ، فقال الإمام أحمد : أنا نويت أن أُسافر إلى اليمن ، ثم رجع عبد الرزاق إلى اليمن ولَحِقـا به إلى اليمن ، وبَقِيَ الإمام أحمد في اليمن عشرة أشهر ، ثم رجع مشياً على الأقدام إلى العراق .


    فلمَّا رجع رأوا عليه آثار التعب والسفر فقالوا له : ما الذي أصابك ؟ فقال الإمام أحمد : يهون هذا فيما استفدنا من عبد الرزاق .

    * مِنْ عُلوا الهمَّـة عند الإمام أحمد وهو صغير ، يقول : ربما أردتُ الذهاب مبكراً في طلب الحديث قبل صلاة الفجر ، فتأخذ أمي بثوبي وتقول : حتى يؤذِّن المؤذِّن .

    ثـناء العلمـاء على الإمـام أحمـد :


    * قال عبد الرزاق شيخ الإمام أحمد : ما رأيت أحداً أفْـقَـه ولا أوْرع من أحمد.
    * قالوا : إذا رأيتَ الرجل يحبُ الإمام أحمد فاعلم أنَّـه صاحب سنة .
    * قال الشافعي وهو من شيوخ الإمام أحمد : خرجتُ من بغداد فما خلَّفتُ بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفْـقَـه من أحمد بن حنبل.
    * قال يحيى بن معين : أراد الناس أن يكونوا مثـل أحمد بن حنبل ! لا والله ، ما نقوى على ما يقوى عليه أحمد ، ولا على طريقة أحمد .

    * كان الإمام أحمد يحفظ ( ألف ألف ) حديث ، يعني ( مليون ) حديث . أي مجموع الروايات والأسانيد والطرق للأحاديث .
    * مِنْ حِفْـظِ الإمام أحمد للحديث كان يقول لابنـه : اقرأ عليَّ الحديث وأُخبركُ بالسند ، أو اقرأ عليَّ الإسناد لأخبرك بالحديث .

    عِفَّـة الإمـام أحمـد :

    * لمَّا رحل لطلب العلم لم يكن لديه مال ، فـكان يحمل البضائع على الجمال وعلى الحمير فيأخذ من هذا درهم ومن هذا درهم ، فيعيش بهذه الدراهم ، وفي الصباح يطلب العلم حتى يستغني عن سؤال الناس ، ( عِـفَّـة وطلب علم ) .

    كان الإمـام أحمد يكره الشُهرة والثناء :


    * دخل عليه عمُّـهُ وكان الإمام أحمد حزين ، فقال عمُّـهُ : ماذا بك ؟ فقال الإمام أحمد : طُوبى لِمَنْ أخْمَلَ الله ذكره ، ( يعني من لم يكن مشهوراً ، ولا يعلم به إلاَّ اللـه ) .

    * وقال أيضاً : أريدُ أنْ أكونَ في شِعْبِ مكـة حتى لا أُعْـرَفْ .
    * وكان إذا أراد أنْ يمشي يكره أن يتبعه أحدٌ من الناس .

    العمل بالعلم :


    * قال الإمام أحمد ما كتبتُ حديثـاً إلاَّ وقد عملتُ بـه , حتى أنَّ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ احْـتَـجَـمَ وأعطى الحجَّامَ أجره ، فاحْـتَـجَـمَ الإمام أحمد وأعطى الحجَّام أجره .


    أخلاق الإمـام أحمـد وآدابه :


    * كان يحضر مجلس الإمام أحمد خمسة آلاف طالب ، ( 500 ) كانوا يكـتبون العلم ، والبقية ينظرون إلى أدبه وأخلاقه وسَمْتِـهِ .

    * قال يحيى بن معين : ما رأيتُ مثـل أحمد ، صحبناه خمسين سنة فما افـتخر علينا بشيء ممَّا كان فيه من الخير .
    * كان الإمام أحمد مائلاً إلى الفقـراء ، وكان فيه حِلْمْ ، ولم يكن بالعجول ، وكان كثير التواضع ، وكانت تعلوه السكينة والوقار .
    * قال رجل للإمام أحمد : جزاك الله عن الإسلام خيراً ، فقال الإمام أحمد : بل جزى الله الإسلام عني خيراً ، مَنْ أنا ؟ وما أنا ؟
    * كان الإمام أحمد شديد الحياء ، وأكرم الناس ، وأحسنهم عِشْرةً وأدباً ، لمْ يُسمع عنه إلاَّ المُذاكرة للحديث ، وذِكْر الصالحين ، وكان عليه وقارٌ وسكينة ، ولفْـظٌ حَسَنْ .

    عبادة الإمـام أحمـد بن حنبل :


    * كان يُصلِّي في اليوم والليلة ( 300 ) ركعـة ، فلمَّا سُجِنَ وضُرِبْ أصْـبَحَ لا يستطيع أنْ يُصلِّي إلاَّ ( 150 ) ركعة فـقـط .
    * كان يَـخْـتِمُ القرآن كُلَّ أُسبوع .

    * قال أحدُهُمْ : كُنْتُ أعرفُ أحمد بن حنبل وهو غُـلام كان يُحيي الليل بالصلاة .
    * كان مِنْ عِبادته وزُهده وخوفه ، إذا ذَكَـرَ الموت خَـنَـقَـتْـهُ العَبْرة .
    * كان يقول : الخوف يمنعني الطعام والشراب ، وإذا ذكرتُ الموت هانَ عليَّ كُلُّ أمْـرِ الدنيا .

    * كان يصوم الإثـنين والخميس والأيام البيض ، فلمَّا رَجَعَ مِنْ السجن مُجْهَداً أَدْمَنَ الصيام حتى مات .
    * حَجَّ على قَدَميـه مرتين .
    * في مَرَضِ الموت بَالَ دَمَـاً كثيراً ، فقال الطبيب المُشْرف عليه : هذا رجُـلٌ قد فَـتَّتَ الخوف قلبـه .


    أخبـار منوعـة في سيـرته :


    * قابل الإمام أحمد بن حنبل أحدْ أبناء الإمام الشافعي فقال الإمام أحمد لابن الشافعي : أبُوكَ مِنَ السِّـتة الذينَ أدْعُـوا لهم في السَّحَـرْ .

    * قيل للإمام أحمد :
    كَمْ يكْفي الرجل حتى يُـفْـتِي ؟ مئـة ألف حديث ؟
    قال الإمام أحمد : لا .
    قال السائل : مائـتين ألف حديث ؟
    قال الإمام أحمد : لا .
    قال السائل : ثـلاثمائـة ألف حديث ؟
    قال الإمام أحمد : لا .
    قال السائل : أربعمائـة ألف حديث ؟
    قال الإمام أحمد : لا .
    قال السائل : خمسمائـة ألف حديث ؟
    قال الإمام أحمد : أَرْجُـوا .
    ****************
    محمد منسى
    محمد منسى
    أسرة ورد الشام
    أسرة ورد الشام


    البلد : مصــــــــــــــــر
    ذكر
    العمر : 45
    صديقة مقربة صديقة مقربة : مــآآآري
    صديقة مقربة صديقة مقربة : سما فكري
    عدد الرسائل : 5243
    العمل/الهواية : الشعر * الشطرنج * كرة القدم
    تاريخ التسجيل : 09/06/2009
    مستوى النشاط : 23497
    تم شكره : 24
    القوس

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف محمد منسى الجمعة أبريل 26, 2013 1:08 pm

    حياته الزوجية :


    تزوَّجَ وعُمْـرهُ أربعون سنة ، يقول عن زوجـتـه : مكـثـنا عِشرينَ سنة ما اختلفنا في كلمةٍ واحدة .

    الفتنة التي تعرَّضَ لها الإمـام أحمـد :


    لمَّا دعا المأمون الناس إلى القول بخلق القرآن ، أجابه أكثر العلماء والقضاة مُكْرهين ، واستمر الإمام أحمد ونفرٌ قليل على حمل راية السنة ، والدفاع عن معتقد أهل السنة والجماعة .
    قال أبو جعفر الأنباري : لمَّا حُمِلَ الإمام أحمد بن حنبل إلى المأمون أُخْبِرتُ فعبرتُ الفُرات ، فإذا هو جالس في الخان ، فسلمتُ عليه ، فقال : يا أبا جعفر تعنَّيْت ؟ فقلتُ : ليس هذا عناء .

    وقلتُ له : يا هذا أنت اليوم رأس الناس ، والناس يقتدون بكم ، فو الله لئن أجبتَ ليُجيبُنَّ بإجابتك خلقٌ كثير من خلقِ الله تعالى ، وإنْ أنتَ لم تُجِبْ ليمتنِعُنَّ خلقٌ مِنَ الناس كثير ، ومع هذا فإنَّ الرجل إنْ لم يقتلك فإنَّك تموت ، ولابدَّ مِنْ الموت ، فاتَّـقِ الله ولا تُجيبهم إلى شيء .
    فجعل أحمد يبكي ويقول : ما شاء الله ، ما شاء الله . ثم سار أحمد إلى المأمون فبلغه توعد الخليفة له بالقتل إنْ لم يُجبه إلى القول بخلقِ القرآن ، فـتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أنْ لا يجمع بـيـنه وبين الخليفة ، فبينما هو في الطريق قبل وصوله إلى الخليفة إذ جاءه الخبر بموت المأمون ، فَرُدَّ الإمام أحمد إلى بغداد وحُبِس ، ثم تولَّى الخلافة المعتصم ، فامتحن الإمام أحمد .


    وكان مِنْ خبر المحنـة أنَّ المعتصم لمَّا قصد إحضار الإمام أحمد ازدحم الناس على بابه كيوم العيد ، وبُسِطَ بمجلسه بساطاً ، ونُصِبَ كرسيـاً جلس عليه ، ثم قال : أحضروا أحمد بن حنبل ، فأحضروه ، فلمَّا وقف بين يديه سَلَّمَ عليه ، فقال له : يا أحمد تكلم ولا تَـخَـفْ ، فقال الإمام أحمد : والله لقد دخلتُ عليك وما في قلبي مثـقال حـبَّـةٍ من الفزع ، فقال له المعتصم : ما تقول في القرآن ؟
    فقال : كلام الله قديم غير مخلوق ، قال الله تعالى : { وَإنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ } [ التوبة : 6 ].


    فقال له : عندك حجة غير هذا ؟ فقال : نعم ، قول الله تعالى : { الرَّحْمَنْ * عَلَّمَ القُرْآنْ }. [ الرحمن : 1 ، 2 ] ، ولم يقـل : الرحمن خلق القرآن ، وقوله تعالى : { يس * والقُـرْآنِ الْحَكِيم } [ يس : 1 ، 2 ] ، ولم يقـل : يس والقرآن المخلوق .
    فقال المعتصم : احبسوه ، فحُبِسَ وتفرَّقَ الناس .


    فلمَّا كان مِنَ الغد جلس المعتصم مجلسه على كرسيه وقال : هاتوا أحمد بن حنبل ، فاجتمع الناس ، وسُمعت لهم ضجة في بغداد ، فلمَّا جيء به وقف بين يديه والسيوف قد جُردت ، والرماح قد ركزت ، والأتراس قد نُصبت ، والسياط قد طرحت ، فسأله المعتصم عمَّا يقول في القرآن ؟
    قال : أقول : غير مخلوق .


    وأحضر المعتصم له الفقهاء والقضاة فناظروه بحضرته في مدة ثلاثة أيام ، وهو يناظرهم ويظهر عليهم بالحُجج القاطعة ، ويقول : أنا رجـل عَلِمتُ علماً ولم أعلم فيه بهذا ، أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله ــ صلى الله عليه وسلم ــ حتى أقول به .
    وكلما ناظروه وألزموه القول بخلق القرآن يقول لهم : كيف أقول ما لم يُقـل ؟ فقال المعتصم : قهرنا أحمد .


    وكان من المتعصبين عليه محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم ، وأحمد بن دُوَاد القاضي ، وبشر المريسي ، وكانوا معتزلة قالوا بخلق القرآن ، فقال ابن دُوَاد وبشر للخليفة : اقـتله حتى نستريح منه ، هذا كافر مُضِـل .

    فقال : إني عاهدتُ الله ألا أقـتله بسيف ولا آمر بقـتله بسيف ، فقالا له : اضربه بالسياط ، فقال المعتصم له : وقرابتي من رسول الله ــ صلَّى الله عليه وسلم ــ لأضربنَّك بالسياط أو تقول كما أقول ، فلم يُرهبه ذلك ، فقال المعتصم: أحضروا الجلادين ، فقال المعتصم لواحد منهم : بكم سوطٍ تـقـتله ؟

    قال : بعشرة ، قال : خذه إليك ، فأُخْرِجَ الإمام أحمد من أثوابه ، وشُدَّ في يديه حبلان جديدان ، ولمَّا جيء بالسياط فنظر إليها المعتصم قال : ائـتوني بغيرها ، ثم قال للجلادين : تقدموا ، فلمَّا ضُرِبَ سوطاً..

    قال : بسم الله ، فلمَّا ضُرِبَ الثاني قال : لا حول ولا قوةً إلاَّ بالله ، فلمَّا ضُرِبَ الثالث قال : القرآن كلام الله غير مخلوق ، فلمَّا ضُرِبَ الرابع قال : { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا } [ التوبة : 51 ] .


    وجعل الرجل يتقدَّم إلى الإمام أحمد فيضربه سوطين ، فيحرضه المعتصم على التشديد في الضرب ، ثم يـتنحَّى ، ثم يتقدَّم الآخر فيضربه سوطين ، فلمَّا ضُرِبَ تسعة عشر سوطاً قام إليه المعتصم فقال له : يا أحمد علام تقتـل نفسك ؟ إني والله عليك لشفيق .


    قال أحمد : فجعل عجيف ينخسني بقائمة سيفه وقال : تريد أنْ تغلب هؤلاء كلهم ؟ وجعل بعضهم يقول : ويلك ! الخليفة على رأسك قائم ، وقال بعضهم : يا أمير المؤمنين دمه في عنقي اقـتله ، وجعلوا يقولون : يا أمير المؤمنين : إنه صائم وأنت في الشمس قائم ، فقال لي : ويحك يا أحمد ما تقول ؟ فأقول : أعطوني شيئاً من كتاب الله وسنة رسوله ــ صلَّى الله عليه وسلم ــ حتى أقول به.


    ثم رجع الخليفة فجلس ثم قال للجلاد : تقدمَّ ، وحَرَّضه على إيجاعه بالضرب .


    قال الإمام أحمد : فذهب عقلي ، فأفقت بعد ذلك ، فإذا الأقياد قد أُطلِقت عنِّي ، فأتوني بسويق فقالوا لي : اشرب وتـقيأ ، فقلت : لستُ أُفطر ، ثم جيء بي إلى دار إسحاق بن إبراهيم ، فحضرتُ صلاة الظهر ، فـتقدَّم ابن سماعة فصلى ، فلمَّا انفـتل من الصلاة قال لي : صليتَ والدمُ يسيل في ثوبك ، فقلت له : قد صلَّى عمر ــ رضي الله عنه ــ وجرحه يسيل دمـاً .


    ولمَّا ولِّيَ الواثق بعد المعتصم ، لم يتعرض للإمام أحمد بن حنبل في شيء إلاَّ أنَّـه بعث عليه يقول : لا تساكنِّي بأرضٍ ، وقيل : أمره أنْ لا يخرج من بيتـه ، فصار الإمام أحمد يختفي في الأماكن ، ثم صار إلى منزله فاختـفى فيه عدة أشهر إلى أنْ مات الواثق .


    وبعد ذلك تولَّى الخلافة المتوكل بعد الواثق ، فقد خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد ، وطعن عليهم فيما كانوا يقولونه من خلق القرآن ، ونهى عن الجدال والمناظرة في الأداء ، وعاقب عليه ، وأمر بإظهار الرواية للحديث ، فأظهر الله به السُـنَّـة ، وأمات به البدعة ، وكشف عن الخلق تلك الغُمَّـة ، وأنار به تلك الظُلمة ، وأطلق من كان اعـتُـقِـلَ بسبب القول بخلق القرآن ، ورفع المحنـة عن الناس .

    * قال أحد الجلادين بعد أن تاب : لقد ضربت الإمام أحمد ( 80 ) جلدة ، لو ضربـتُها في فيل لسقـط .

    فَرَحِمَ اللهُ هذا الإمام الجليل أحمد بن حنبل ، الذي ابتُـليَ بالضرَّاء فصبر ، وبالسرَّاء فشكر ، ووقف هذا الموقف الإيماني كأنـه جبلٌ شامخ ، تـتكسَّرُ عليه المِحَنْ ، وضَرَبَ لنا مثـلاً في الثبات علـى الحـق ...
    *****************************************************
    *************************
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23902
    تم شكره : 33
    الاسد

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف مآآآري الجمعة أبريل 26, 2013 2:59 pm

    ((   الأئمة الأربعة   ))) 1337888919394
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65554
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    ((   الأئمة الأربعة   ))) Empty رد: (( الأئمة الأربعة )))

    مُساهمة من طرف waell الخميس يوليو 11, 2013 8:43 pm








      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 9:58 pm