(( السيرة النبوية الشريفة ))

( 13 )


وكان يوما ً أغرا ً زاهرا ً خضـِـرا ً

قيه ابتدى الوحى فضلا ً بدء أفضال ٍ

وجاء جبريل بالآيــــات ِ صــــادحة ً

إقرأ محمد فى نشــــوى وتـرتيــــــل

إقرأ محمـــد بسم اللــــــه أنزلهـــــــا

عليك ربـــّــك َ يا خاتــــــم الرســــل

إقرأ محمـــــد : صبح الحـــق منبلــج

سيكشف الدجــــو يمحــو كل إبطــال

ويهرع المصطفي لخديجــــــة فزعا ً

مروع النفــــس من غطــّــات جبريل

فتزود عنــــه الشجـــا وتذب وحشته

وتعيـــذه بالدعــا من شــــر بلبـــــال

جاءتــه بالبشـــر والبشري مصدقـــة ً

وفى يقيــــن ٍ تحـــــدّى كل إجفـــــال

أبشر : أنت النبيّ المرتجـــى وبكـــم

تحقق اليــــوم ما فـــى الكتب من قال ٍ

وخاتم الرسل للأجيـــــــال قاطبـــــــة ً

وللأساود مــــن نــــــاس ٍ وأقيــــــــال ِ

*************

( 15 )

وذا يردد : سحرٌ مؤثـرٌ غـَـــــرِدُ

وما تروى فأوري عجبه البطـــــر

لكن تولى ليرضي خير عترتــــــه

والقلب من هزّة الإعجاز ينفطــــــر

والوحى يتري يدّق الشرك فى نقــل

والشركُ من تحته يهوى وينكســـــر

وعصبة الشرك يذكي الشرُ جذوتها

دوما فلا ينطفي فى قلبهـــــا الشـــر

كيف التحـــــوّل عن دين توارثـــــه

آباؤنــــــا وإليــــــه فهـــــــو ينحــدر

أنستعيــــــن برب واحــــــــدٍ أحـــــدٍ

وكيف هــــذا وأربــــــابٌ لنــا كـُثــُـرُ

يتســـــاءلون : أحقـــــا ً بعــد موتـتنــا

نحيـــا وبعد البـــــلي بعـــث ومستقــر؟

**********

( 18 )

لم يبق منـــــه سوى اســــم الله تذكرة ً

لكل بــاغ ٍ بغـــى .. لو كان يعتــــــبر

وتثــور ثائـــــــرة الكفار إذ علمــــوا

من يثـــرب قـــد سعى لمحمــد نفـــر

حداهـــــم الشــوق للدين الجـــديد به

طابت مسامعهــــم .. فليستطبْ بصر

فسعوا إلى المصطفى والروح هائمة

وسبت قلوبهم الأصــــداء والســـور

وتمت البيعـــــة الأولى وأعقبهــــــا

أخــرى وكم بهمـــا قد أثلجت صدر

عهــــــد مبارك ميمــــون بدايتـــــه

من بعد يثرب والإســــلام يذدهـــــر

أموالهــــــم ودمــــاؤهم للنبي فِـــــدا

ولنصـــرة الدين كل حياتهــــم نذروا

هبت نسائمـــــه من فوق اربعُهـــــــا

فى همســــة للفجـــر أن الليــل منستر

ويثرب أوسهـــــا تحيــــا وخزرجهــا

ويهودهــــا فـتـنــة عميـــاء تستعـــــر

وغـَـــدَا يهددها الإســــــلام مقتــــدرا

وبــــه تطيــب قلوب القوم بالعـِــبَـــر

( 22 )

لبيـــك إنــا لمــــــا جئــت تدعــــونا

طـــــوع ولله قــوّامــــون عبـــــــدان

فخض بنا البحــــر إنا لخائضون معك

ومــــا لنــــا ودمــــانا اليــــوم قربـــان

وترعرع الدوح ممتد الأصــول كمـــا

تعانقــــت فى هــوى الإســــلام أفنـــان

فتدافع الركب أنصــارا ً ... مُهـــــاجرة

فى وحــــدة الصف بالتوحـيــد إخـوان

ومن قبــــاء هـَمَي السلســال فى غـــدق

تنـدى به الروح يستمريــــــه وجـــــدان

وسري نــــدى الصدى فى الخافقين مدى

وفى الحنايـــــا هو السلـــــوى وتحنــــان

**********

( 23 )

وتصاعدت سبحــــــات الله عاليـة

تعنوا لعصــــاة لها وبذل عصيــان

شيدت على العــــزة العلياء دولتهم

وعلت بمنعتهــــم للديـــــــن أركان

سـَلْ الوغـَى عنهــم سينبــأك أنهـــم

جند المعامـــــع بواســــل شجعـــان

فى مشرق النور قد خطوا ملامحهم

تبرا ً يشــــع وتستمــليـــه أزمـــــان

والمسطفى القـــدوة المثلى ورائدهـم

منه الريـــــادة والفتيـــــا وعرفــــان

وفى الجهــادين هاديهـــم فمنطقـُـــه

لا عن هـــوى .. بل وحى وقــــرآن

***********

( 25 )

ومضي فبث سرايــــاه مسالمــــــة

تدعو وإن حوربت فالحرب والذود

كم أخمدوا فتنـــا ً هوجاء لافحــــــة ً

بين القبائـــل تستشــــري وتنـتقــد

فمن يهود بوكر الكيد قد تبعــــــوا

ومنافقـــين هنـــــا وهناك قد بدأوا

يتآمرون على الإســـلام فـى سعــــر ٍ

وعلى الرسول وكم يغريهــــم اللـــدد

وقريش فى مكة والغيـــــظ يأكلهــــا

وملـــؤها الغيرة العميــاء والحســـــد

راحـــــت تبـيّـت للعــدوان يدفعهــــا

أبو الجهــالة ( عمرو ) ذلك الكنــــــد

وقـــــادهـــا رؤوس الجهــل تـتبعــه

فى ألف ذيل ٍ من السفهــــاء ترتعـــد

هبّ الرسول وهبّ المسلمون وهـُــمْ

مـــن المئــــات ثلاث مالهــــم عتـــد

كتب القتال وكانت ( بدر ) موقعـــة

مــــا للعتــــاد بهــــا وزنٌ ولا العـَدد

**********

( 26 )

ويستغيث رســـول الله فى ضــــرع

يارب وعدك أنت العــــون والمـــدد

ويشرق البشـْــروالبشري إذ انفتحت

حجب السمــــــاء بجند الله تحتشـــد

هذا هـــو الروح فى ألف ٍ مســـومة ٍ

من الملائك حـــــول الراي تنعقـــــد

وملائك البشـــــر الأبطــــال كوكبـة

هـــم غـُـرّة فى جبين الدهــــر تنفرد

صبرهــم ثبت عنـــــد اللقــــاء وقــد

صالوا وجالوا وما لانت لهــم عضد

سلــــوا السيوف فام تنم مضاربهـــا

لم ينج من وقعهــــــا رأس ولا كنـد

وتطايحت سادة البغضاء فى ضمة

فوق القليب حطامـــا كلهـــم هَمـَـد

ومن تبقي رعــاديـــد مهلهلـــــــــة

تلقــــاء مكة فــرّوا بعد ما اهتبدوا

الله أكبــــر : تفـــري كل طاغــية

وكل صوت سواها مخرس دوما ً

فنصرنا يوم ( بدر) كان بــادرة

للفتح يدنو.. وبالإيمـــان يطـّـرد

***********

غزوة أحـــــد

( 27 )

وبعد حـــول ٍ أعدّت فيــــه عـــدتها

قريش وهـــى لنيــــل الثأر ترتصـــد

خرجت مدججـــة فى جحفـــل عــرم

يحــــدوه ابليس والشحنــاء والكمــــد

هذا ابن حـــــرب وقد أولته إمرهــــا

كم شــــانئ هـو للإسلام .. كم جحـد

حـمّ اللقــــاء فخفّ المصطفي قدمـــا ً

والمسلمـــــون نفـــارا ً كلهــــم أسْــد

خط الرســـــول فمـــــا عنه نبــا أحد

كـــــلٌ بموقعــــه ثـَبـْـــت ٌ ومتحـّــــد

أما الرمـــــاة على( أحد ) مرابطــــة

إن الرمـــــاة حمـــــاة الظهــر والسند

حتى تقـــــاربت الفئتـــــان واشتجرت

بيض القنـــا واستشاط الضرب والوقـد

وزمجـــر الحــــق فانتفض الدعـــاة له

فوق الضلال مغـــاويرا ً وقد صمــدوا

وزلزلوا الأرض من تحت العدا وهووا

عليهــــم بالردي حتى بـــه انخمــــــدوا

أمـــا الـــذين نجـــــوا فـَــرّوا كأنهــــــم

بعــــض الغنيمــــات نحو البعض تنكسد

وحينــذاك رمـــــــــــاة المسلميـــــن وقد

أنســــاهم النصــــر والأنفــــال فابتعــدوا

**********

( 28 )


رغبـــــا َ إلى مغنـــم ٍ خلــوا أماكنهــم

وأبرقــــت لهــــم الدنيــــا فـمـا اتـأدوا

وتبـــدّت الفعلـــة الرعنــــاء سانحــــة

للشــــــرك يجمـــــع أفلالا .. ويتحــدّ

ولوت فــــــوارسـُـــه تــوّا ً أعنتــّــها

فتحصنـــوا وأعـــادوا الكـرّ والحشــد

هاجت وماجت صفوف المسلمـين وقد

حاقت بهــــم فتـنة .. فى ليلها اعتمدوا

حمـــل الكفـــار عليهم حملة غضـــبت

لهـــــا السمــــاء وماد السهــل والكلــد

واستشهدت من ذري الإيمان صفوتهم

وحمــــزة بين أبطــــال قضــــوا وجـد

( 29 )

حتى النبي وقد حفّ الصحـــــاب به

درعــــــا يقيــــه أذاه الشبْــــح والدرد

هــولٌ ألــــمّ وذاق المسلمـــون بــــــه

والمصطفي الضر لولا الصبر والجلد

صلى الرسول على الشهدا وأودعهــم

أحضــــان ( أحــــد ) بقلب ٍ هدّه الفقد

وكان درســـا ً لـــن يخبــــــو توقـّـــده

للنفـــس حيث الهـــــوى بالروح يرتاد

وجرح ( أحــــد ) سيبقي غير منعمل

فينـــا يجـــد اســي ولوقعـــــه نـَجـِــــد

********

غزوة الأحزاب ( الخندق )

( 30 )

نــمّ الأعــــادى أراجيفــا ً بهــا ساروا

وفــى قلــــوب العــدا لا تخمــد النــار

خالوا خـُطا ( أحد ٍ ) صدعا ً بلا رأب ٍ

من بعـــــده قلعــــة الإســـــلام تنهـــار

وَهـْم ٌ مـُناهـــم .. ســـراب ٌ كل رؤيتهم

وخاب لهــم دومــــا ً حــــدسٌ ومعيــــار

فلا هزيمــــة للإســــلام فــى ( أحــــد ٍ )

كـــــلا ... ولــــم ينتصــر كفـــرٌ وكفـّار

إن نبـْـن ِ حكمــــا ً على أمــــر ٍ ونصدره

حين الوقـــــوع فذا ك الحكــــم إعثـــــــار

وإنهــــا لــَـدرس ٌ طـــيـّـا تــــها عـِـبـَـــــرٌ

فى ظلمـــــة ِ الريب التيهـــــــــــاء أقمـــار

ولــقد وعتــها جنــــود المسلميـــــن وقـــــد

بانت لهــــــــــم بعد أبعـــــــــــاد ُ وأســـرار

فجــــــــاء اليهود بصفعـــــــات ٍ بها انكشفت

للزيــف أقنعـــــــة ٌ ... للشــــــر أشـــــــرار

( 31 )

فى غزوة تلـــو أخـــري فى معاقلهـــم

قد حطمـــوا كل مــا كادوا ومــا جادوا

فبنــو النضــير وغطفــــان وغـيرهـــم

وبنــــو قــــريظة بالإســــــلام غــــدّار

حتى التقــت رؤوس الثــــالوث يدفهـــم

دفعــــا ً ابو قــــترة بالســـــوء أمـّــــار

دبّ النفــــــاق وشبّ الشـــــرك فاتحــدا

ومع اليهوديــــة استشرت لهــــم ثـــــار

وتواترت زمــــر الأحـــــزاب زاحفـــة

فــــى فيلــــق عـــــرم تزهيــــــه أوزار

ويستشـــــير رســــــول الله صـحبتـــــه

فحصـــــار يثـــرب للإسلام إحصــــــار

وإذا مشـــــــورة سلمـــــــان ورؤيـــتــه

تحظــــــى القبـــــول بإجمــــاع وتختـار

فأجمعـــــوا الأمــــر وانهالت معاولهـــم

فالأرض منشقـــــة والصخــــر ينهـــــار

وإذا المدينــــــــــة فى حصـــن مؤمنـــة

من حولهـــــا خنــــدق منه العــدا حاروا

**************

( 33 )

فتح مكـــــه