مناظرة بين آدم وحواء
مناظرة بين آدم وحواء- امسكت قلمى وجمعت اوراقى وجلست وحدى بين كتبى ودفاترى واشعارى ابحث عن معنى لوجودى . لم اجد غير شخص وحيد يتملكه الخوف من مجهول اسمه (الحب) . وهذه هى البداية التى من اجلها نزف قلمى حبرا على الورق فرسم تلك الكلمات . انها مشكلة لا اجد لها حلا الا عند حواء
.
سألت نفسى : ترى كم عدد المعذبين فى الارض بسبب الحب ؟ فاذا كانت الاجابة شخص واحد , هو انا .. آدم !! . لذلك اقول على لسان آدم : ان العذاب ليس فى الحب ولكن فى المرأة نفسها التى لا حب بدونها ! . فماذا تريد حواء من آدم ؟ . هذا هو السؤال , وهذه هى المشكلة . ان حواء تاهت بها الدروب فاصبحت بلا عقل ولا عاطفة . اصبحت كلمة بلا معنى او زهرة بلا ماء تبحث عن جاه او مال او سلطان , وغابت عنها مشاعر الحب والامان .
فقد آدم الثقة بقلب حواء , فبعد ان يتفقا معا على ان يكونا شمعة لاتطفئها قسوة الايام , تأتى خناجر الغدر وتقتل كل ذلك وتضيع من يدها قلبا متقد المشاعر من اجل احلام زائفة وانانية واضحة . فتصل الى نهاية الحلم بلا طريق تسلكه او قلب يصونها او حضن دافىء يحميها من قسوة الليالى والايام . فاين انت يا حواء ؟ والى اين تأخذك قدماك ؟
كانت حواء تستيقظ من نومها على صورة فتى الاحلام الذى سوف يخطفها فوق حصانه الابيض ويعيشان معا اجمل وارق قصص الحب والغرام . ولكن ضاعت حواء , واصبح فتى احلامها شخصا مجهولا بلا شكل ولا مضمون . مجرد هيكل يحمل بين اجزائه الفيلا والسيارة واوراق البنكنوت . اصبح فتى احلامها شخصا تقول عنه ” واد روش , معاه عربية , وموبايل ….الخ ” . لقد صدق محمد هنيدى عندما تمنى ان يكون ” بيه ومعاه موبايل والحتة الكوبية ” لقد عرف طريق حواء!!
هل هذا هو معنى عاطفتك يافتاة الجيل ؟ هل ضاعت بداخلك الرومانسية والحب والعواطف ؟ , خلف سور الجامعة قالت فتاة : انها تبحث عن شاب يكفى ان يحبها وتحبه , وكما تقول : تبدأ معه مشوار الحياة ونبنى لانفسنا جنة زهورها قلبانا وماؤها مشاعرنا الفياضة . وتقول فتاة اخرى : انها تبحث عن الشاب الذى يسعدها ويعاملها كأميرة , وسعادتها فى المال واللبس الشيك والحياة المرفهة .
اصبح الحب عملة نادرة فى عصرنا , واصبحت حواء تبحث عن الشاب الذى يحقق احلامها فى غمضة عين , اما الشاب الذى يبنى مستقبله بين رمال الصحراء ولهيب نيرانها فما هو الا ديكور تزين به قلبها بشىء اسمه الحب . سيدتى حواء : الحياة ليست مالا ولا ثراءا ,ولكن حب ومودة ووفاء !!
- على الشاطىء الاخر تقف حواء تصرخ رافعة صوتها بكل مابداخلها من ظلم تقول : من قال ان حواء مادية ؟ من قال انها لاتعرف معنى الحب ؟ ومن قال ان قلب حواء مات واصبحت تتكلم بعقلها فقط ؟ ياآدم اسمع صرختى وقصتى :
فى البداية , أتعرف من هى حواء ؟ هى نصفك الاخر ! حواء جزء منك ياآدم . خلقت من طين وتراب وهى خلقت من ضلعك , اتعرف ياآدم ماذا فقدت حواء يوم خرجت من جسدك ؟ فقدت الامان والاستقرار والحضن الدافىء الذى كان يضمها . نفس الاحساس الذى يشعر به الوليد حين يخرج للحياة فيبدأ بالصراخ .لكن حواء لم تبك بدموع عينيها ولكن بدموع قلبها . ولو تعلم ياآدم هى دموع اشد واصعب من دموع العين . هل تظن ان حواء تبحث عن المساواة ؟ نعم .. اريد المساواة . ولكن ليست المساواة فى الحقوق والواجبات , بل هى مساواة كائن لكائن , ومشاعر لمشاعر ! اذا اعتبرتنى ياآدم كائنا مساويا له نفس مشاعرك , قلب ينبض مثلك تماما . ولكنك ياآدم نسيت او تناسيت هذه الحقيقة ومن هنا كانت اكبر مشكلة
.
من قال لك انى مادية ؟ نعم … ربما اكون كذلك قليلا , ولكن من السبب ؟ من الذى ظل يتعلل بعدم قدرته على الزواج بسبب نقص الامكانيات المادية ؟ من الذى ظل يدوس على معنى الحب وينهى كل قصة حب جميلة بسبب الماديات ؟ انه انت ياآدم ! والآن تلومنى على ماديتى ! لقد اصبحت انظر الى المادة وليس الى الحب . لانى اعرف مصير الحب بدون مديات , مصيره الفشل ياآدم ! ولذلك خرجت الى العمل . ليس بحثا عن المادة ولكنى مازلت افتقد شيئا , اجمل كلمة يمكن ان يطرب لها قلب ,كلمة (احبك) …وحتى عندما خرجت للعمل وجدتك عمليا جدا ياآدم وجدتك نسيت معنى الحب , ولم تعد تنظر الا الى عقلى وتتعامل معى على هذا الاساس , بينما قلبى يهتف يريدك ان تسمعه .
سوف اترك العمل يا آدم لكى اكون لك وحدك فى البيت , ولكن مشكلتك انك تريدنى جاريتك . لامانع , نعم ساكون جاريتك بينى وبينك . ولكن امام الناس اريدك ان تفخر بى وتتباهى وتجعلنى ملكتك واميرتك . وحينما تنفرد بى اصبح جاريتك , اطيعك ! اذا اردت ان تملكنى فانت تعرف كيف تفعل ذلك , اجعلنى اعيش من اجلك انت … فانا وحدى اعيش فى الدنيا غريبة … وحدى بلا صديق او حبيب من اجلك انت … من اجلك اقاسى جرح الليالى …. واداوى نفسى فلا اطيب الا بك … لذلك جعلت من كبريائى رفيقا لى … وتعلمت من كبريائى الكثير :
علمنى كبريائى … ان لا ترى دموعى الا وسادتى … وان لا اكتب همومى الا على جدران قلبى ….وان يبقى رأسى مرفوعا حتى لايطعنونى بالخناجر لانى احبك … وان اعامل الناس بكل تواضع دون المساس بعزة نفسى وكرامتى …. وان دمعتى مصدر رقتى وليست مصدر ذلى ومهانتى … كما علمنى كبريائى ان اتعلم كل لغات الصمت حتى يصبح كلامى اجمل واغلى …. كما علمنى ان اعطى قلبى اجازة مفتوحة ختى لا اتخبط فى غربة دائمة … كما علمنى ان فى التجربة ربح وخسارة …. فجربت ولم انتظر ان يتحقق ما اشتهى د-وما … لذلك اقول لك
:
سوف امضى فى طريقى بلا رجوع …….
حتى لو فاضت عيونك بالدموع …………….
حتى لو نادى فؤادك فى توسل , فى خشوع …….
فالجراح بالقلب تدمى , والألم ملىء الضلوع ……
صار قلبى الآن حرا وانتهى عصر الخضوع ……
حمدى السعيد سالم