كان من سنة نساء السلف رضوان الله عليهن أنهن يوصين بناتهن عند زفافهن ويبصرنهن بما يجب عليهن من حقوق أزواجهن، ومن أروع تلك الوصايا وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس بنت عوف الشيباني حينما حان زفافها إلى عمرو بن حجر ملك كندة، حيث قالت:
" أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب لتركت ذلك لك، لكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلّفت العش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا، فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا, واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا:
أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينه وأنفه، فلا تقع عينك منه على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرا، ولا تفشين له سرّا، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سرّه لم تأمني غدره، ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهموما، والكآبة بين يديه إن كان مسرورا."