الإقدام علىمعصية الله تعالى جناية على النفس وظلم بين لها لا جدال فيه
وأعظم منه جنايةوظلماً أن يدعو هذا المقترف للمعصية غيره لأن يشاركوه معصيته
ويكون لهم فيها قدوة وإماماً ، إما بالقول تارة أو بالفعل تارة أخرى
ولقد عرض القرآن قضية دعاة المعصية وأتباعهم وصوّرها بصورة بلغت
الغاية في بشاعة الوصف ،إنها ليست صورتهم في الحياة الدنيا بل صورتهم وحالهم
في الآخرة وتخاصمهم ،حيث تبرأ التابع من المتبوع واستغاث المتبوع بالله
أن يضاعف للتابع العذاب جزاء سوء دعواه ... يقول الله تعالى :
( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ *َوقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ
ولقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجود هذا الصنف من الدعاة في أمته
ووصفهم بأقبح الأوصاف ( دعاة على أبوب جهنم ) ففي حديث الصحابي
الجليل حذيفة بن اليمان :
( أنه كان دائماً يسأل رسول الله عن الشر الذي سيقع في هذه الأمة مخافة أن يدركه
يقول حذيفة : يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد
هذا الخير من شر ؟قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : نعم ، وفيه
دخن .. قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هدى تعرف منهم وتنكر .. قلت :
فهل بعد ذلكالخير من شر ؟ قال : نعم ، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها
قذفوه فيها ... قلت : يا رسول الله صفهم لنا .. قال : هم من جلدتنا ويتكلمون
بألسنتنا ... قلت : فما تأمرني إن أدركنى ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين
وإمامهم ) البخاري - كتاب المناقب ..
وصدق الله ورسوله ، وتحقق الأمر ، وظهر الدعاةعلى أبواب جهنم في الأمة
يدعون الناس إليها ليلاً ونهاراً ، ومن أبرزالأمثلة على هؤلاء الدعاة
( المتبرجات من النساء )
فالمرأة السافرةالتي خلعت الحياء عن نفسها والحجاب عن جسدها لهي أكبر
معاول هدم الأخلاق ونشر المفاسد الجنسية والأخلاقية ، فلا حول ولا قوة إلا بالله
ولكن الموعديوم لقائه عز وجل يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم فعن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه : ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور
منتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل
آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ) .. رواه مسلم ..
فلقدخرجت المرأة المتبرجة من بيتها إلى الطرقات والأسواق ، وقد تزينت بأبهى
زينتها ، وارتدت أفخر ما عندها من الثياب ، وتحلت بما لديها من حلي ، وصبغت
وجهها بما قدرت عليه من أصباغ ، وأرسلت شعرها على أجمل ما يكون ، وتعطرت
بعطرها النفاذ ، وانتعلت من الأحذية ما يكفل لمشيتها التثني والتمايل والإغراء
والإغواء ، خرجت المرأة بهذه الكيفية ولسان حالها يقول :
( ألا تنظروا إلى هذا الجمال ؟ هل من راغب في القرب والوصال ؟ )
إنها تعرض جمالها في أسواق الشوارع كما يعرض التاجر المتجول سلعته ، وكما
يعرض بائع الحلوى ما عنده مزيناً حلواه بالألوان الزاهية والأوراق اللامعة
ليسترعي الأنظار ، ويغري النفوس ، ويثير الشهية ، فتروج بضاعته ، ويكثر
المشترون ويتهافت الطلاب والجياع النهمون !!
إن هذه المرأة التي تلاقت عليها الأنظار ، وتهافتت عليها القلوب ، استمتع بمرآها
كل رجل ،وانجذبت لها شهواته الدفينة فأصبحت ملكاً للجميع فاستحقت أن تكون
بذلك ( امرأة لكل الرجال ) لأنها كشفت نفسها من كل فضيلة وشرف ..
إن دور المرأةالمتبرجة في إفساد المجتمع ، وجذب أفراده للهاوية أمر خطير
لا يجب أن نستمع فيه لشعارات وهتافات من يسمون أنفسهم ببلادنا
( دعاة تحرير المرأة ) فما هم إلا رضعاء ألبان الغرب والشرق الذين غسلت
أدمغتهم في دهاليز الكفر ،وترعرعوا في كنف الإلحاد ، وعادوا إلى بلادنا
لترتفع على أكتافهم أعمدةالهيكل العلماني ..
فالمتبرجة أهم عامل في إثارة رجال الأمة ، خاصة الشباب والمراهقين ، ودفعهم
إلى ارتكاب الفواحش المحرمة بكافة أنواعها ، فعرض المرأة لمفاتنها ليس بالأمر
الهين ، بل إنه يؤجج الغريزة الجنسية في نفوس الرجال ، كما قال الشاعر :
نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
ولقد أشار القرآن إلى فتنة المرأة وخطرها فقال جل شأنه :
( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِالْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِوَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ
فقدم سبحانه وتعالى النساء لعراقتهن في هذا الباب ، وعن أسامه بن زيد قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما تركت فتنةبعدي هي أضر على
الرجال من النساء ) رواه البخاري ..
أختي في الله .. الحجاب ليس مظهراً أجوف بل هو فريضة من أهم ما فرض
الله تعالى ، إذ قٌرن النهي عن التبرج ( الذي هو ضد الحجاب )
بالأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاةوطاعة الله ورسوله فقال تعالى :
(و َقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَاتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
إن المتبرجة قد أساءت لنفسها وإلى جسدها وإلى إسلامها
والأدهى من ذلك حملت ذنوب غيرها على عاتقها وأهلكت الأمة
بالمعصيةفالأمر بالنسبة لها جد عسير يوم القيامة
يوم يقوم الناس لرب العالمين ...