إذا زحف الليل فوق السهوب
ومرّت على الأفق كفّ الغيوم
ولم يبق غير السكون الرهيب
ونام الدجى تحت جنح الوجوم
ولم يبق إلا نواح اليمام
وهمس السواقي وأنّاتها
ووقع خطى عابر في الظلام
تمرّ وتخفت أصواتها
جلست أناجي سكون المساء
وأرمق لون الظلام الحزين
وارسل أغنيتي في الفضاء
وأبكي على كلّ قلب غبين
أصيخ إلى همسات اليمام
وأسمع في الليل وقع المطر
وأّنات قمريّة في الظلام
تغنّي على البعد بين الشجر
وآهات طاحونة , من بعيد
تنوح المساء وتشكو الكلال
تمرّ على مسمعي بالنشيد
وتفتا تصدح خلف التلال
أصيخ ولا صوت غير الأنين
وأرنو ولا لون غير الدجى
غيوم وصمت وليل حزين
فلا عجب أن أحسّ الشجا
رأيت الحياة كهذا المساء
ظلام ووحشة جوّ كئيب
ويحلم أبناؤها بالضياء
وهم تحت ليل عميق رهيب
طبيعتها أبدا باكية
فصمت الدجى وأنين الرياح
وتنهيدة النسم السارية
ودمع الندى في عيون الصباح
وابصرت عند ضفاف الشقاء
جموع الحزانى وركب الجياع
تشردهم صرخات القضاء
وما أرسلوا همسات الوداع
وأصغيت لكن سمعت النشيج
يدوّي صداه على مسمعي
وراء القصور وفوق المروج
فمن يا ترى يتغنّى معي؟
سأحمل قيثارتي في غد
وأبكي على شجن العالم
وأرثي لطالعه الأنكد
على مسمع الزمن الظالم