أختى الفاضلة
نعلم جميعاً أن الحزن لا يغير من الواقع شيئاً ،
وأن الحزن لا يغسل الهموم أبداً ...!
إلا أننا في بعض الأحيان
نجد أنفسنا وسط أمواج متلاطمة من الحزن والألم والقلق والإكتئاب،
وقد نشعر برغبة جامحة للبكاء والأنين ليخرج ما في القلب
من قهر مكبوت أو رواسب نفسية مؤلمة لكي نرتاح ..!
وهذا لا بأس به ما دمنا نشعر بالراحة مع إنهمار الدموع ..
**********
أختي المهمومة
حينما تشعرين أنك بمنتهى الضعف وأن الدنيا قد أظلمت في وجهك
فهلا قمتي من مكانك وتوضأتي وصليتي ركعتين أو أكثر
ثم رفعت أكف الضراعة إلى مولاك وقلت :
«اللهم اني عبدك وابن عبدك وابن امتك ناصيتي بيدك
ماض في َّحكمك عدل فيَّ قضاؤك.
اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك
أو أنزلته في كتابك أو إستأثرت به في علم الغيب عندك
أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلبي ونور صدري
وجلاء حزني وذهاب همي »
«لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم».
**********
فعليك أختي بالدعاء مهما تأخرت الإجابة
قال: ابو الدرداء رضي الله عنه:
«من يكثر قرع الباب يوشك ان يفتح له
ومن يكثر الدعاء يوشك ان يستجاب له».
ويقول
«إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا».
وقال
: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو اللهَ بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثًا: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ الْسُّوءِ مِثْلَهَا"،
قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ: "اللهُ أَكْثَرُ"
**********
جاء رجل الى مالك بن دينار رحمه الله فقال :
« إني اسألك بي لله أن تدعو لي فأنا مضطر.
قال: إذاً فاسأله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه ».
وأخيراً إن مجرد إفضاء الإنسان لمشكلاته ، وهمومه ،
والتعبير عنها إلى شخص آخر يسبب له راحة نفسية ...
ويؤدي الى تخفيف قلقه وحزنه ...
فما بالك أختى الكريمة بمقدار التحسن الذي يمكن أن يطرأ على الإنسان اذا أفضى بمشكلاته لله تعالى ..؟
فليس غيره من يزيح همك ..
وليس غيره من يريح قلبك ..
وليس غيره من يعيد الطمأنينة إليك ..
**********
أنَّ الدعاء كلَّه خير، فعن أبي سعيد :
(ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم،
إلاَّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث :
إمَّا أن يُعجِّل له دعوته،
وإمَّا أن يدَّخرها له في الآخرة،
وإمَّا أن يصرف عنه من السوء مثلها)
**********
قال ابن حجر:
" كلّ داع يستجاب له، لكن تتنوع الإجابة؛
فتارة تقع بعين ما دعا به، وتارة بعوضه "
أنَّ الله تعالى وعد بإجابة الدعاء فقال:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
وقال تعالى: { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوء }
**********
(الدعاء يرد القضاء)
عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا :
{لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إلَّا الدُّعَاءُ . وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إلَّا الْبِرُّ . وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُذْنِبُهُ}
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ مَرْفُوعًا .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَقَالَ غَرِيبٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا {الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ} .
وقال تعالى : {ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
أن الله تعالى قريب من أهل الدعاء، قال تعالى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}
أنَّ الدعاء سبب في النجاة من عذاب النار
فقالوا: { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَـٰنَا عَذَابَ ٱلسَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ }
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا {مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ}
أن الدعاء أكرم شيء على الله تعالى
أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
{مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكُرَبِ فَلْيُكْثِرْ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الرَّخَاءِ}
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا :
{لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الدُّعَاءِ}
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا :
{الدُّعَاءُ سِلَاحُ الْمُؤْمِنِ وَعِمَادُ الدِّينِ وَنُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيث عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أنه مفتاح أبواب الرحمة، وسبب لرفع البلاء قبل نزوله وبعد نزوله،
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
(من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئا يُعطى أحب إليه من أن يسأل العافية، إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
{لَا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ ، وَالدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ . وَإِنَّ الْبَلَاءَ لَيَنْزِلُ فَيَلْقَاهُ الدُّعَاءُ فَيَعْتَلِجَانِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}
أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ
**********
قال المباركفوري: "قوله: (من فتح له منكم باب الدعاء)
أي: بأن وفق لأن يدعو الله كثيراً مع وجود شرائطه، وحصول آدابه،
(فتحت له أبواب الرحمة)
يعني أنه يجاب لمسئوله تارة، ويدفع عنه مِثله من السوء أخرى،
كما في بعض الروايات:
(فتحت له أبواب الإجابة)
وفي بعضها: (فتحت له أبواب الجنة)".
وقال في قوله: (إن الدعاء ينفع مما نزل) :
"أي من بلاء نزل بالرفع إن كان معلقاً، وبالصبر إن كان محكماً؛
فيسهل عليه تحمل ما نزل به فيُصَبِّره عليه أو يُرضيه به،
حتى لا يكون في نزوله متمنياً خلاف ما كان،
بل يتلذذ بالبلاء كما يتلذذ أهل الدنيا بالنعماء،
(ومما لم ينزل)
أي: بأن يصرفه عنه ويدفعه منه،
أو يمدّه قبل النزول بتأييد من يخف معه أعباء ذلك إذا نزل به،
(فعليكم عباد الله بالدعاء)
أي: إذا كان هذا شأن الدعاء فالزموا يا عباد الله الدعاء"