..... أبــــــــــــــــــــــــي....
أنـــاديك...من أعماق القلب....أنــــاديكَ...وأوصالي ترتعد من ذكرى وجهك البريء...بكلّ ما فيه من مسحة حزنٍٍ ...وعصبية..وحبّ....
أنــــاديكَ...وجبيني...ومشاعري...ووجداني...وضحكاتي ...وأنيني...تسجد كلّها للرّبّ...تدعوه...بكلّ شوقي..وحنيني...أن يتغمّدك برحمته...ويحجب عنكََ
بسترتي...وجلبابي..نيران جهنّم...ويمحو عنكَ كلّ ذنب...
لاقارئةُ الفنجان تعرف مكاني...ولاشاعرُ الأحزانِ يُدْرِكُ سِرَّ آلامي وأشجاني...ولاأمطار الغضب تبلّل ثيابي ...ولامدفأة الأحلام تجفّف دموعَ قلبي....
كم وددتُ لو أطرحُ جسدي على أرضيّة خضراء..ملؤها
حشائش..وزهور...أتأمّلها...حتّى أستريح من عناء الوقوف أمام سورٍ, يطلُّ على البحر...وعلى ديار الجيران...حتّى أخفّف عن عينيّ تعبّ النّظر إلى أناسٍ...أثقلت كواهلهم هموم الدّنيا...ومشاكل الحياة...
لم أتحرّك من هناك...ولم أفعل شيئًا....بقيتُ مسجونةً بين جدران بلكونتنا الضّيّقة...أنظر إلى السّماء....والبحر........أناجي الواحد المقتدر...
هل يمكنني أن أعيد مريضًا....هزيل الجسم....هل أستطيع أن أعيد إليه الحياة بالدّعوات...لحظة اقتناعي بموته....
فقلتُ لربّي ...بقلبٍ وحيدٍ حزين...وتغمرُ نفسي الحسرة والأنين:
يـــاربّ، أَحْيِهِ مادامت الحياةُ خيرًا له...وإن كان الموتُ............الموتُ........تثاقلت هذه الكلمة على لساني...لم أستطع التّفوّه بها...إلاّ بصعوبة....ثمّ...استرجعتُ قوّتي...ونطقتُ بها رغمًا عنّي.....إن كانت الوفاةُ راحةً له....فَخُذْهُ إليكَ.....لكن....يــــاربّ ...أَمِتْهُ موتَةَ هادئة...أَنِمْهُ في قبره نومة العروسِ ليلةَ زفافها....أمِتْهُ...موتَةً...ينجُو فيها من عذاب القبر...ومن عذاب جهنّم...وارزقه بها أعالي الجنان...
في يوم الجمعة الواقع في 17/9/2004ميلادي السّاعة الثالثة صباحًا...تلفّظ آخرَ أنفاسه...لم نعرف لأنينه...سوى نظرات حزينة...وسكونٌ هائلٌ ...يخيّم على وجهه ...
الأطبّاء جهلوا داءه...احتاروا...واقتنعوا في الأخير...أنّه ميّتٌ بالتّأكيد...
مات.كنتُ حين توفى نائمة..وقد أخذني نومٌ عميق..من جرّاء التّعب...وطول السّهر...
أيقظني أخي بكلمةٍ سدّت أذني:.....أبــــــي...إنتهى.......إنتهى.....
نهداته....ضاعت في الظّلام....وأنينه...ضُمِرَ في كهف حنجرته.....
…....انتهى الأمل......وانتهى اليأس...واختفا تحتَ حقيقةٍ...لطالما تنكّر لها أناسٌ كثيرون.....إنّها حقيقة الموت....
مات...وماتت معه الآلام....وماتت معه قناعة الخلود...مات...وانزاحت عن القلوب بقايا المعاناة....
مــات...وماتت معه ذكريات الألم...واستراح جسده فوق فراش النّسيان....
اللّهمّ ارحمه...وارحم جميع موتى المسلمين...وثبّتهم على الصّراط...واغفر لهم ذنوبهم..وارزقهم واسع الجنان...وارزق ذويهم الصّبر والسّلوان...والرّضا بقضائك وقدرك...يـــارحمن...
وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدّين..والحمدلله ربّ العالمين