وَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لا يُباءُ بِهِ دَمٌ، | ومن غلقٍ رهناً، إذا ضمهُ منى |
ومنْ مالىء ٍ عينيهِ من شيءِ غيره، | إذا رَاحَ نَحْوَ الجَمْرَة ِ البيضُ كَالدُّمَى |
يُسَحِّبْنَ أَذْيَالَ المُرُوطِ بِأَسْوَاقٍ | خدالٍ، وأعجازٍ مآكمها روى |
أَوَانِسُ يَسْلُبْنَ الحليمَ فُؤَادَهُ | فيا طولَ ما شوقٍ ويا حسنَ مجتلى ! |
مَعَ اللَّيلِ قَصْراً رَمْيُها بِأَكُفِّها | ثلاثَ أسابيعٍ تعدُّ منَ الحصى |
فلم أرَ كالتجميرِ منظرَ ناظرٍ، | وَلاَ كَلَيالي الحَجِّ أَفْلَتْنَ ذَا هَوَى |
ذكرتكِ يومَ القصرِ قصرِ ابنِ عامرٍ | بخمٍّ، وهاجتْ عبرة ُ العين تسكبُ |
فِظِلْتُ وَظَلَّتْ أَيْنَقٌ بِرِحَالِهَا | ضوامرُ، يستأنينَ أيانَ أركبُ |
أُحَدِّثُ نَفْسي والأَحاديثُ جَمَّة ٌ، | وأَكْبَرُ هَمِّي والأَحاديثِ زَيْنَبُ |
إذا طلعتْ شمسُ النهارِ ذكرتها، | وأحدثُ ذكراها إذا الشمسُ تغرب |
وإنّ لها، دونَ النساءِ، لصحبتي | وحفظيَ والأَشْعَارَ، حِينَ أُشَبِّبُ |
وإنَّ الذي يبغي رضاي بذكرها | إليَّ، وإعجابي بها، يتحبب |
إذا خَلَجَتْ عَيْني أَقُولُ لَعَلَّها | لِرُؤْيَتِها تَهْتَاجُ عَيْني وَتَضْرِبُ |
إذا خدرتْ رجلي أبوحُ بذكرها، | لِيَذْهَبَ عَنْ رِجْلي الخُدُورُ فَيَذهَبُ |
أـلمْ تربعْ على الطللِ المريبِ، | عَفَا بَيْنَ المُحَصَّب فَالطَّلوبِ |
بمكة َ دارساً درجتْ عليهِ، | خلافَ الحيّ، ذيلُ صباً دؤوب |
فَأَقْفَرَ غَيْرَ مُنْتَضِدٍ وَنُؤي، | أجدَّ الشوقَ للقلبِ الطروب |
كأنّ الربعَ ألبسَ عبقرياً | مِنَ الجَنْدِيِّ أَوْ بَزِّ الجَرُوبِ |
كَأَنَّ مُقَصَّ رَامِسَة ٍ عَلَيْهِ | معَ الحدثانِ، سطرٌ في عسيبِ |
لِنُعْمٍ إذْ تَعَاوَدَهُ هُيَامٌ | بِهِ أَعْيَا عَلَى الحاوي الطَّبيب |
لعمرك، إنني، من دين نعمٍ، | لَكَالدَّاعي إلَى غَيْرِ المُجيب |
وَمَا نُعْمٌ وَلَوْ عُلِّقْتُ نُعْماً | بجازية ِ النوالِ، ولا مثيبِ |
وَمَا تَجْزِي بِقَرْضِ الوُدِّ نُعْمٌ | وَلاَ تَعِدُ النَّوَالَ إلَى قَرِيبِ |
إذا نعمٌ نأتْ بعدتْ، وتعدو | عوادٍ أن تزارَ معَ الرقيب |
وإنْ شطتْ بها دارٌ تعيا | عليه أمرهُ، بالَ الغريب |
أُسَمّيها لِتَكْتَمَ بِاسْمِ نُعْمٍ | وَيُبْدي القَلْبُ عَنْ شَخْصٍ حَبِيبِ |
وَأَكْتُمُ ما أُسَمّيها وَتَبْدو | شواكلهُ لذي اللبّ الأريب |
فإما تعرضي عنا وتعدي | بِقَوْلٍ مُماذِقٍ مَلِقٍ كَذُوبِ |
فَكَمْ مِنْ نَاصِحٍ في آلِ نُعْمٍ | عَصَيْتُ وَذِي مُلاَطَفَة ٍ نَسِيبِ |
فَهَلاّ تَسْأَلي أَفْنَاءَ سَعْدٍ | وَقَدْ تَبْدُو التَّجَارِبُ لِلَّبِيبِ |
سبقنا بالمكارمِ، واستبحنا | قُرَى ما بَيْنَ مَأْرِبَ فَالدُّرُوبِ |
بِكُلِّ قِيَادِ سَلْهَبَة ٍ سَبُوحٍ | وَسَامي الطَّرْفِ ذي حُضُرٍ نَجِيبِ |
وَنَحْنُ فَوَارِسُ الهَيْجا إذا ما | رئيسُ القومِ أجمعَ للهروب |
نُقِيمُ عَلَى الخطوبِ فَلَنْ تَرَانَا | نشلُّ نخافُ عاقبة َ الخطوب |
وَيَمْنَعُ سِرْبَنَا في الحَرْبِ شُمٌّ | مصاليتٌ، مساعرُ للحروب |
ويأمنُ جارنا فينا وتلقى | فَوَاضِلُنا بِمُحْتَفَظٍ خَصِيبِ |
ونعلمُ أننا سنبيدُ يوماً، | كَمَا قَدْ بَادَ مِنْ عَدَدِ الشُّعوبِ |
فَنَجْتَنِبُ المَقَاذِعَ حَيْثُ كَانَتْ | وَنَكْتَسِبُ العَلاَءَ مَعَ الكَسُوبِ |
ولو سئلتْ بنا البطحاءُ، قالت: | هُمُ أَهْلُ الفَوَاضلِ والسُّيُوبِ |
ويشرقُ بطنُ مكة حين نضحي | بِهِ وَمُنَاخُ وَاجِبَة ِ الجُنُوبِ |
وأشعثَ إنْ دعوتَ، أجابَ وهناً، | عَلَى طُولِ الكَرَى وَعَلَى الدُّؤوبِ |
وَكَانَ وِسَادَهُ أَحْنَاءُ رَحْل | عَلَى أَصْلاَبِ ذِعْلِبَة ٍ هَبوبِ |
أقيمُ به سوادَ الليلِ نصاً، | إذا حُبَّ الرُّقادُ عَلَى الهَيُوبِ |