ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ورد الشام

ورد الشام
عزيزي الزائر
هنالك فرق في التصفح كـ زائر والتصفح كــ صديق مسجل مع أننا أتحنا كل أقسام ورد الشام لكي يستفاد بها الجميع الزائرين
كثيرة المنتديات التي يسجل بها البعض ولكن قد يهمل دخولهم وتسجيلهم
هنا في ورد الشام
جرب أن تهتم وسوف نهتم

ورد الشام

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أجتماعي ثقافي أدبي ترفيهي


2 مشترك

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:14


    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثامن و العشرون
    (22)
    وبعض آيات من سورة الطلاق



    عاقبة من يرفضون أحكام الله وشريعته



    وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً - 8


    لعل من الشواهد التي نراها جميعا ندرك أنه لا عاصم من أمر الله , إن وقعت الزلازل أو الأعاصير المدمرة. فهي تدمر كل شئ بإذن ربها , وتقف التكنولوجية عاجزة حائرة أمام قدر الله تعالى,
    وقد رأينا السيارات والسفن وأجهزة الكمبيوتر والمنازل والقطارات تترامى كالقمامة وهي تنزاح تحت الأمواج العاتية ..
    فنحن نعيش على الأرض التي وهبها لنا الله تعالى , وقد وهبنا الله تعالى العقل والإدراك لكي نعرف خالقنا على يقين وعلم, وسخر لنا الكون من حولنا لكي نستفيد منه في تحسين أوضاعنا المعيشية وتيسير حركة الإنسان عبر مسيرته المقدرة إلى أن يلقى ربه مؤمنا مطمئنا . فيحيا سعيدا في الدنيا ويسعد في جنات ربه في الأخرة.
    فلماذا يصر الإنسان على عناده ؟ مستكبرا على رسالة ربه التي فيها النجاة. ويظن أن ما معه من علم وتكنولوجية تنجيه من قدر الله تعالى.
    فالشواهد عبر التاريخ من أوله وإلى الأن تقول أن جميع الأمم التي عتت عن أمر ربها سواء بالكفر أو العصيان أو الظلم كان عاقبتها الزوال مهما بلغت من حضارة..
    فأين حضارة عاد وثمود وأين حضارة الفراعنة ؟. فإنها حضارات سادت ثم بدت. فهل نأخذ العبرة ؟


    وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً - 8


    فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً - 9 أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً - 10
    رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً – 11
    اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً – 12



    هذا إنذار وتحذير مفصل المشاهد . كما أنه تذكير عميق بنعمة الله بالإيمان والنور , ووعده بالأجر في الآخرة وهو أحسن الرزق وأكرمه .
    فأخذ الله لمن يعتو عن أمره ولا يسلم لرسله هو سنة متكررة:


    وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً - 8


    ونقف لحظة أمام هذا التحذير فنرى أن الله أخذ القرى واحدة بعد واحدة كلما عتت عن أمر ربها ورسله .
    فقد جاء هذا الدين لأهل الأرض كافة ليطاع , ولينفذ كله , وليهيمن على الحياة كلها . فمن عتا عن أمر الله فيه فقد تعرض لما تعرضت له القرى من سنة الله التي لا تتخلف أبدا.
    وتلك القرى ذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا . . ذاقته في هذه الأرض قبل يوم الحساب الأخير . ولقد ذاقت هذا الوبال قرى وأمم وشعوب عتت عن منهج الله في الأرض . ونحن نشهد وأسلافنا شهدوا هذا الوبال . ذاقته فسادا وانحلالا , وفقرا وقحطا , وظلما وجورا , وحياة مفزعة لا أمن فيها ولا سلام , ولا طمأنينة فيها ولا استقرار . وفي كل يوم نرى مصداق هذا النذير..
    وذلك فوق العذاب الشديد الذي ينتظر العتاة عن أمر الله ونهجه في الحياة حيث يقول الله: ( أعد الله لهم عذابا شديدا ). . والله أصدق القائلين .
    إن هذا الدين منهج نظام جماعي . وجاء ليصرف حياة الإنسان . ومن ثم فالجماعة كلها مسؤولة عنه , مسؤولة عن أحكامه . ولن تخالف عن هذه الأحكام حتى يحق عليها هذا النذير الذي حق على القرى التي عتت عن أمر ربها ورسله.
    وفي مواجهة هذا الإنذار ومشاهده الطويلة يهتف بأولي الألباب الذين آمنوا . يهتف بهم ليتقوا الله الذي أنزل لهم الذكر: ( قد أنزل الله إليكم ذكرا ). . ويجسم هذا الذكر ويمزجه بشخص الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فيجعل شخصه الكريم هو الذكر, أو بدلا منه في الآية : ( رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات )
    فهو ( صلى الله عليه وسلم ) ترجمة حية لحقيقة القرآن وهكذا وصفته السيدة عائشة - رضي الله عنها - وهي تقول:" كان خلقه القرآن " . . وهكذا كان القرآن في خاطره في مواجهة الحياة . وكان هو القرآن يواجه الحياة....


    وفوق نعمة الذكر والنور والهداية والصلاح , وعد بنعيم الجنات خالدين فيها أبدا .


    وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً.

    ******
     

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:15


    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثامن و العشرون
    (23)
    وبعض آيات من سورة التحريم

    كفارة اليمين



    قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ – 2


    ﴿ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ﴾ أي: قد شرع لكم، وقدر ما به تنحل أيمانكم قبل الحنث، وما به الكفارة بعد الحنث، وذلك كما في قوله تعالى:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ - 87 وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ – 88
    لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ – 89 المائدة

    وهذه رحمة من الله تعالى , فكل من حرم حلالًا عليه، من طعام أو شراب ، أو حلف يمينًا بالله، على فعل أو ترك أمر من الأمور المشروعة ، ثم حنث أو أراد الحنث، فعليه هذه الكفارة ﴿ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ﴾
    وذلك الإطعام ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ ﴾ أي: كسوة عشرة مساكين، والكسوة هي التي تجزئ في الصلاة. فمتى فعل واحدا من هذه , فقد انحلت يمينه.
    ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ﴾ تكفرها وتمحوها وتمنع من الإثم.



    وقوله: ﴿ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ﴾ أي: متولي أموركم، ومربيكم أحسن تربية، في أمور دينكم ودنياكم، وما به يندفع عنكم الشر، فلذلك فرض لكم تحلة أيمانكم، لتبرأ ذممكم، ﴿ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ الذي أحاط علمه بظواهركم وبواطنكم، وهو الحكيم في جميع ما خلقه وحكم به، فلذلك شرع لكم من الأحكام، ما يعلم أنه موافق لمصالحكم، ومناسب لأحوالكم.

    *******



    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ -6
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ – 7
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ – 8


    توجيه المؤمنين إلى تربية أبنائهم والتوبة النصوح لله تعالى..
    وتأدية واجبهم في بيوتهم من التربية والتوجيه والتذكير , فيقوا أنفسهم وأهليهم من النار, فعلى المؤمن أن يحول بينها وبينهم قبل أن تضيع الفرصة ولا ينفع الاعتذار..
    ..والدعوة إلى التوبة فهي الطريق إلى الجنة التي تنتظر التائبين...


    نسأل الله تعالى أن يحشرنا في زمرة النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.


    يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:16

     
    مع الجزء التاسع و العشرون
    (1)
    وبعض آيات من سورة الملك


    الإختبار الأهم والمصيري



    تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - 1 الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ – 2



    إن المتتبع لهذه السلسلة يدرك أن جميع المعاملات في الإسلام مبنية على الإيمان والعمل الصالح , والإحسان في العمل هو النجاح في إختبار الحياة على وجه الأرض , أما الفساد في الأرض فهو الخسران سواء في الدنيا والأخرة...


    ( تبارك الذي بيده الملك ). . فهو المالك له , المهيمن عليه , القابض على ناصيته , المتصرف فيه . . وهي حقيقة . حين تستقر في الضمير تحدد له الوجهة والمصير ; وتخليه من التوجه أو الإعتماد أو الطلب من غير المالك المهيمن المتصرف في هذا الملك بلا شريك ; كما تخليه من العبودية والعبادة لغير المالك الواحد مالك الملك...


    ( وهو على كل شيء قدير ). . فلا يعجزه شيء , ولا يفوته شيء , ولا يحول دون إرادته شيء , ولا يحد مشيئته شيء . يخلق ما يشاء , ويفعل ما يريد , وهو قادر على ما يريده غالب على أمره .
    فقدرة الله فوق كل ما يخطر للبشر على أي حال .



    الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ – 2


    والحياة والموت يشمل الموت السابق على الحياة والموت اللاحق لها . والحياة تشمل الحياة الأولى والحياة الآخرة .
    وكلها من خلق الله تعالى , لحكمة أرادها سبحانه وهي الإبتلاء لأظهار المكنون في علم الله من سلوك الأنسان على الأرض , واستحقاقهم للجزاء على العمل: ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ).


    فإن الله خلق عباده، وأخرجهم لهذه الدار، وأخبرهم أنهم سينقلون منها، وأمرهم ونهاهم، وابتلاهم بالشهوات المعارضة لأمره، فمن انقاد لأمر الله وأحسن العمل، أحسن الله له الجزاء في الدارين، ومن مال مع شهوات النفس، ونبذ أمر الله، فله شر الجزاء.


    ( وهو العزيز الغفور ) ليسكب الطمأنينة في القلب الذي يرعى الله ويخشاه فالله عزيز غالب ولكنه غفور مسامح . فإذا استيقظ القلب , وشعر أنه هنا للإبتلاء والاختبار , وحذر وتوقى , فإن له أن يطمئن إلى غفران الله ورحمته وأن يقر عندها ويستريح... فهناك الرحمة السابغة والعون الكبير والسماحة الواسعة والعفو عن كثير .


    *******


    إنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ - 12 وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ – 13 أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ – 14



    والغيب المشار إليه هنا يشمل خشيتهم لربهم الذي لم يروه , كما يشمل خشيتهم لربهم وهم في خفية عن الأعين , وكلاهما معنى كبير , وشعور نظيف , وإدراك بصير . يؤهل لهذا الجزاء العظيم الذي يذكره السياق في إجمال: وهو المغفرة والعفو , والأجر الكبير...
    ووصل القلب بالله في السر والخفية , وبالغيب الذي لا تطلع عليه العيون , هو ميزان الحساسية في القلب البشري وضمانة الحياة للضمير . .


    قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده:حدثنا طالوت بن عباد , حدثنا الحارث بن عبيد , عن ثابت , عن أنس , قال: قالوا: يا رسول الله إنا نكون عندك على حال , فإذا فارقناك كنا على غيره . قال: كيف أنتم وربكم ? قالوا: الله ربنا في السر والعلانية . قال: ليس ذلكم النفاق ...


    فالصلة بالله هي الأصل . فمتى انعقدت في القلب فهو مؤمن صادق موصول ...


    وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ – 13 أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ – 14


    أسروا قولكم أو اجهروا فهو مكشوف لعلم الله سواء . وهو يعلم ما هو أخفى من الجهر والسر . ( إنه عليم بذات الصدور ) التي لم تفارق الصدور ! عليم بها , فهو الذي خلقها في الصدور , كما خلق الصدور .. ( ألا يعلم من خلق ) ألا يعلم وهو الذي خلق ? ( وهو اللطيف الخبير ) الذي يصل علمه إلى الدقيق الصغير والخفي المستور..
    إن البشر وهم يحاولون التخفي من الله بحركة أو سر أو نية في الضمير , يبدون مضحكين ! فالضمير الذي يخفون فيه نيتهم من خلق الله , وهو يعلم دروبه وخفاياه . والنية التي يخفونها هي كذلك من خلقه وهو يعلمها ويعلم أين تكون . فماذا يخفون ? وأين يستخفون ؟
    فالمؤمن مطالب بأمانة العقيدة وأمانة العدالة , وأمانة التجرد لله في العمل والنية . وهذا لا يتحقق إلا حين يستيقن القلب أنه هو وما يكمن فيه من سر ونية هو من خلق الله الذي يعلمه الله تعالى . وهو اللطيف الخبير ...

    ********

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:16

     
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (2)
    وبعض آيات من سورة الملك

    الأمر بالعمل الجاد
    والتنقيب في الأرض


    هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ - 15

    فإذا استيقظ ضمير الإنسان - لهذا الأمر - وأدرك أن الله تعالى أذن له بالمشي في مناكب الأرض والأكل من رزقه فيها – سوف يواصل البناء لتعمير المدن لتستوعب الزيادة السكانية , بدل هذا الإزدحام الخانق الذي تسبب في شلل التنمية والتقدم..والاهتمام بالزراعة والرعي والصيد لسد حاجات السكان من الغذاء الضروري للحياة وإلا لأصبحت الدولة تابعة لمن يقدم لها الغذاء من قمح وغيره...
    ويجب الأهتمام بالصناعة لسد حاجات الإنسان في تسير حياته في سهولة ويسر.... وبدون الصناعة تتخلف الدول وتصبح عرضة لنهب ثرواتها من كل غاصب ومحتل...

    والمؤمن يفعل كل هذا وقلبه متعلق بخالقه الذي سخر له الكون...وينفض عنه الكسل الذي تسبب في تخلف وفقر كثير من الشعوب التى لا تعي أوامر الله تعالى..

    *******
    سهولة سطح الأرض

    والله جعل الأرض ذلولا بسهولة سطحها للعمل وسهولة تشكيلها بإنشاء المدن الجديدة عليها وسهولة زراعتها ...وأنشأ الله بها هذه التربة الخصبة الصالحة للحياة . وأنشأ ما فيها من النبات والأرزاق التي يأكل منها البشر وجميع الكائنات الحية منذ ملايين السنين إلي قيام الساعة إن شاء الله تعالى....ولم تنفد.


    العناصر المكونة للهواء


    والله جعل الأرض ذلولا بأن جعل الهواء المحيط بها محتويا للعناصر التي تحتاج الحياة إليها , بالنسب الدقيقة التي لواختلت ما قامت الحياة , وما عاشت إن قدر لها أن تقوم من الأساس . فنسبة الأكسجين فيه هي 21 % تقريبا ونسبة الأزوت أو النتروجين هي 78 % تقريبا والبقية من ثاني أكسيد الكربون بنسبة ثلاثة أجزاء من عشرة آلاف وعناصر أخرى . وهذه النسب هي اللازمة بالضبط لقيام الحياة على الأرض..


    ملائمة حجم الأرض
    وتحركاتها في ثلاثة محاور.


    والله جعل الأرض ذلولا بآلاف من هذه الموافقات الضرورية لقيام الحياة . . ومنها حجم الأرض وحجم الشمس والقمر , وبعد الأرض عن الشمس والقمر . ودرجة حرارة الشمس . وسمك قشرة الأرض . ودرجة سرعتها . وميل محورها . ونسبة توزيع الماء واليابس فيها . وكثافة الهواء المحيط بها .
    والنص القرآني يشير إلى هذه الحقائق ليعيها كل فرد وكل جيل بالقدر الذي يطيق , وبالقدر الذي يبلغ إليه علمه وملاحظته , ليشعر بيد الله - الذي بيده الملك - وهي تتولاه وتتولى كل شيء حوله , وتذلل له الأرض , وتحفظه وتحفظها وتحفظ هذا الكون كله بهذا التناسق العظيم الذي نراه...


    إن الأرض التي نعيش عليها تدور حول نفسها بسرعة ألف ميل في الساعة , ثم تدور مع هذا حول الشمس بسرعة حوالي خمسة وستين ألف ميل في الساعة . ثم تركض الشمس والمجموعة الشمسية كلها بمعدل عشرين ألف ميل في الساعة نحو برج في السماء . . ومع هذا الركض كله يبقى الإنسان على ظهرها آمنا مستريحا مطمئنا معافى ...

    وهذه الحركات الثلاث لها حكمة . وقد عرفنا أثر اثنتين منها في حياة هذا الإنسان , بل في الحياة كلها على ظهر هذه الأرض . فدورة الأرض حول نفسها هي التي ينشأ عنها الليل والنهار . ولو كان الليل سرمدا لجمدت الحياة كلها من البرد , ولو كان النهار سرمدا لاحترقت الحياة كلها من الحر . . ودورتها حول الشمس هي التي تنشأ عنها الفصول . ولو دام فصل واحد على الأرض ما قامت الحياة في شكلها هذا كما أرادها الله تعالى...
    وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ – 38 يس

    وكل هذه التحركات الهائلة في وقت واحد , ثابتة على وضع واحد في أثناء الحركة - يحدده ميل محورها بمقدار 23 . 5 درجة لأن هذا الميل هو الذي تنشأ عنه الفصول الأربعة مع حركة الأرض حول الشمس , والذي لو اختل في أثناء الحركة لاختلت الفصول التي تترتب عليها دورة النبات بل دورة الحياة كلها في هذه الحياة الدنيا....
    والله جعل الأرض ذلولا للبشر بأن جعل لها جاذبية تشدهم إليها في أثناء حركاتها الكبرى , كما جعل لها ضغطا جويا يسمح بسهولة الحركة فوقها .
    ولو كان الضغط الجوي أثقل من هذا لتعذر أو تعسر على الإنسان أن يسير ويتنقل - حسب درجة ثقل الضغط - فإما أن يسحقه أو يعوقه . ولو كان أخف لاضطربت خطى الإنسان أو لانفجرت تجاويفه لزيادة ضغطه الذاتي على ضغط الهواء حوله , كما يقع لمن يرتفعون في طبقات الجو العليا بدون تكييف لضغط الهواء...


    هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ - 15



    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:17

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون

    (3)



    وبعض آيات من سورة القلم



    الخلق العظيم




    ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ – 1 مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ– 2 وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ – 3



    وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ – 4




    فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ – 5 بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ – 6 إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ - 7



    تبدأ السورة بقسم الله تعالى بالقلم وما يخطه الكاتبون, والقلم وسيلة للكتابة تتطور عبر العصور ونراه الأن في الألواح الألكترونية وأجهزة الكمبيوتر المختلفة الأحجام والأشكال..والكتابة وسيلة لإظهار العلوم التي أودعها الله تعالى في عقول البشر..فكل ما نراه من إبداعات وصناعات وإنشاءات لابد لها من تصميمات تخطه الأقلام أولا..



    وبهذه النعمة- نعمة العلم- لا يتأتى منها الجنون .. بل يأتي منها اليقين بالله الخالق, وتأتي بتزكية النفس بالعلم والأخلاق والعمل الصالح التي يؤدي للسعادة في الدنيا والخلود في جنات النعيم..



    والكتابة لها أهميتها للأمة الإسلامية لتقوم بنقل هذه العقيدة وما يقوم عليها من مناهج الحياة إلى أرجاء الأرض . ثم لتنهض بقيادة البشرية قيادة رشيدة . وما من شك أن الكتابة عنصر أساسي في النهوض بهذه المهمة الكبرى...



    ومما يؤكد هذا المفهوم أن يبدأ الوحي بقوله تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ) العلق



    وكان هذا حلقة من المنهج الإلهي لتربية هذه الأمة وإعدادها للقيام بالدور الكوني الضخم الذي قدره لها .



    مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ – 2



    وإن العجب ليأخذ كل دارس لسيرة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] في قومه , من قولتهم هذه عنه , وهم الذين علموا منه رجاحة العقل حتى حكموه بينهم في رفع الحجر الأسود قبل النبوة بأعوام كثيرة .


    وهم الذين لقبوه بالأمين , وظلوا يستودعونه أماناتهم حتى يوم هجرته , بعد عدائهم العنيف له , فقد ثبت أن عليا - كرم الله وجهه - تخلف عن رسول الله أياما في مكة , ليرد إليهم ودائعهم التي كانت عنده ; حتى وهم يحادونه ويعادونه ذلك العداء العنيف .


    وهم الذين لم يعرفوا عليه كذبة واحدة قبل البعثة . فلما سأل هرقل أبا سفيان عنه:هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل نبوته ? قال أبو سفيان - وهو عدوه قبل إسلامه - لا , فقال هرقل:ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله...



    إن الإنسان ليأخذه العجب أن يبلغ الغيظ بالناس إلى الحد الذي يدفع مشركي قريش إلى أن يقولوا هذه القولة وغيرها عن هذا الإنسان الرفيع الكريم , المشهور بينهم برجاحة العقل وبالخلق القويم . ولكن الحقد يعمي ويصم , والغرض يقذف بالفرية دون تحرج ... وقائلها يعرف قبل كل أحد , أنه كذاب أثيم ...وهذا ما يحدث في عصرنا الحديث من أعداء الإسلام.



    مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ – 2 وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ – 3



    وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ – 4



    عظمة خلق الرسول عليه السلام



    تجيء الشهادة الكبرى والتكريم العظيم وتتجاوب أرجاء الوجود بهذا الثناء الفريد على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ; ويثبت هذا الثناء العلوي في صميم الوجود ... ويعجز كل قلم , ويعجز كل تصور , عن وصف قيمة هذه الكلمة العظيمة من رب الوجود , وهي شهادة من الله تعالى , في ميزان الله , لعبد الله , يقول له فيهامبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Frown وإنك لعلى خلق عظيم ). ومدلول الخلق العظيم هو ما هو عند الله مما لا يبلغ إلى إدراك مداه أحد من العالمين ..



    ودلالة هذه الكلمة العظيمة على عظمة رسول الله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] تبرز من كونها كلمة من الله الكبير المتعال .. وتتردد في الملأ الأعلى إلى ما شاء الله تعالى...



    ولقد رويت عن عظمة خلقه صلى الله عليه وسلم في السيرة , وعلى لسان أصحابه روايات منوعة كثيرة . وكان واقع سيرته أعظم شهادة من كل ما روي عنه . ولكن هذه الكلمة أعظم بدلالتها من كل شيء آخر . أعظم بصدورها عن العلي الكبير . وأعظم بتلقي محمد لها وهو يعلم من هو العلي الكبير , وبقائه بعدها ثابتا راسخا مطمئنا . لا يتكبر على العباد , ولا ينتفخ , ولا يتعاظم , وهو الذى سمع ما سمع من العلى الكبير: ( الله أعلم حيث يجعل رسالته...124 الأنعام ) . وما كان إلا رسول الله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] بعظمة نفسه هذه - من يحمل هذه الرسالة الأخيرة بكل عظمتها الكونية الكبرى . فيكون كفئا لها , كما يكون صورة حية منها .


    إن هذه الرسالة من الكمال والجمال , والعظمة والشمول , والصدق والحق , بحيث لا يحملها إلا الرجل الذي يثني عليه الله هذا الثناء . فتطيق شخصيته كذلك تلقي هذا الثناء . في تماسك وفي توازن , وفي طمأنينة . طمأنينة القلب الكبير الذي يسع حقيقة تلك الرسالة وحقيقة هذا الثناء العظيم . ثم يتلقى - بعد ذلك - عتاب ربه له ومؤاخذته إياه على بعض تصرفاته , بذات التماسك وذات التوازن وذات الطمأنينة . ويعلن هذه كما يعلن تلك , لا يكتم من هذه شيئا ولا تلك . . وهو هو في كلتا الحالتين النبي الكريم . والعبد الطائع . والمبلغ الأمين صلى الله عليه وسلم..



    والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " . . فيلخص رسالته في هذا الهدف النبيل . وتتوارد أحاديثه تترى في الحض على كل خلق كريم .



    وتقوم سيرته الشخصية مثالا حيا وصفحة نقية , وصورة رفيعة , تستحق من الله أن يقول عنها في كتابه الخالدمبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Frown وإنك لعلى خلق عظيم ). .



    وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها عن خلقه ، فقالت: " كان خلقه القرآن "،



    وذلك نحو قوله تعالى له: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ – 199 الأعراف ﴾ ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ..... - 159 ال عمران ﴾ - ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيُصُ عَلَيْكُم بِالمْؤُمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ – 128 التوبة


    فكان صلى الله عليه وسلم سهلًا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور،



    وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم...



    فهي أخلاقيات لم تنبع من البيئة , ولا من اعتبارات أرضية إطلاقا ; وهي لا تستمد ولا تعتمد على اعتبار من اعتبارات العرف أو المصلحة أو الارتباطات التي كانت قائمة عند العرب في الجاهلية. إنما تستمد من رسالة الله وتعتمد على رسالة الله تعالى ( القرآن العظيم )..



    لكي يصبح الإنسان أهلا لتكريم الله له واستخلافه في الأرض ; وكي يتأهلوا للحياة الرفيعة الأخرى:



    ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ - 55 القمر ).


    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:19

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (4)
    وبعض آيات من سورة القلم


    إختبار أصحاب الثروات



    إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ - 17 وَلَا يَسْتَثْنُونَ – 18 فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ – 19 فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ – 20 فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ – 21 أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ – 22 فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ – 23 أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ – 24 وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ – 25 فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ – 26 بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ – 27

    لقد كان للمساكين حظ من ثمار الجنة وهي أرض زراعية حباها الله بالثمار الكثيرة - كما تقول الروايات - على أيام صاحبها الطيب الصالح . ولكن الورثة يريدون أن يستأثروا بثمرها الآن , وأن يحرموا المساكين حقهم...الذي فرضه الله في زكاة الزروع.


    إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ -17 وَلَا يَسْتَثْنُونَ – 18


    لقد استقر رأيهم على أن يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر , دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين . وأقسموا على هذا , وعقدوا النية عليه , وباتوا بهذا الشر فيما اعتزموه .
    والله يسمع ويرى ..فإن الكون كونه والخلق خلقه والنعم منه تفضلا يعطيها من يشاء ليختبرهم...
    لقد استمر العطاء لنعم الله طالما كانوا شاكرين لنعمه على الفقراء والمساكين ..ولكنهم الأن يضمرون الشر والحرمان للمساكين ..فهل يستحقون هذا الفضل ؟


    فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ – 19
    فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ – 20


    فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ – 21 أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ – 22
    فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ – 23 أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ – 24
    وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ – 25


    ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ ﴾ أي: عذاب نزل عليها ليلًا ﴿ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ فأبادها وأتلفها ﴿ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ أي: كالليل المظلم، ذهبت الأشجار والثمار، هذا وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم، ولهذا تنادوا فيما بينهم، لما أصبحوا يقول بعضهم لبعض: ﴿ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا ﴾ قاصدين له ﴿ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴾ فيما بينهم، ولكن بمنع حق الله، ويقولون: ﴿ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴾ أي: بكروا قبل انتشار الناس، وتواصوا مع ذلك، بمنع الفقراء والمساكين، ومن شدة حرصهم وبخلهم، أنهم يتخافتون بهذا الكلام مخافتة، خوفًا أن يسمعهم أحد، فيخبر الفقراء.


    أجل إنهم لقادرون على المنع والحرمان . .ولكنه حرمان أنفسهم من نعم الله التي أمدهم بها ليسعدوا بها ويسعدوا المساكين...
    فحرمان الفقراء والمساكين من حقهم كان سببا في حرمان أصحاب الجنة...


    فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ – 26 بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ – 27


    والآن وقد حاقت بهم عاقبة المكر والتبييت , وعاقبة البطر والمنع , يتقدم أوسطهم وأعقلهم وأصلحهم.....


    قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ – 28 قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ – 29 فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ – 30 قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ – 31 عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ – 32 كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ – 33 إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ - 34


    ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾ أي: أعدلهم، وأحسنهم طريقة ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ ﴾ أي: تنزهون الله تعالى وتعلموا أنه يراكم ويسمع ما تمكرون.. فهذا مقتضى الإيمان والتسبيح ..
    فالتسبيح يمنعك من المكر السئ , لأنك تنزه الله تعالى عن الغفلة. قال تعالى في سورة إبراهيم : لَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ – 42 ....


    فقالوا ﴿ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ أي: استدركوا بعد ذلك، ولكن بعد ما وقع العذاب على جنتهم، الذي لا يرفع، ولكن لعل تسبيحهم هذا، وإقرارهم على أنفسهم بالظلم، ينفعهم في تخفيف الإثم ويكون توبة، ولهذا ندموا ندامة عظيمة.
    ﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ ﴾ فيما أجروه وفعلوه،
    ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ ﴾ أي: متجاوزين للحد في حق الله، وحق عباده.
    ﴿ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ﴾ فهم رجوا الله أن يبدلهم خيرًا منها، ووعدوا أنهم سيرغبون إلى الله، ويلحون عليه في الدنيا، فإن كانوا كما قالوا، فالظاهر أن الله أبدلهم في الدنيا خيرًا منها لأن من دعا الله صادقًا، ورغب إليه ورجاه، أعطاه سؤله.


    فليكن التسبيح بالمعنى العملي هو أساس جميع معاملات المؤمن لكي نحظى بنعم الله تعالى علينا.


    إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ - 34


    *******

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:19

     بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (5)
    وبعض آيات من سورة القلم

    أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ – 35 مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ – 36

    العدل سمة شريعة الإسلام

    إن حكمة الله تعالى تقتضي أن لا يجعل المسلمين القانتين لربهم، المنقادين لأوامره في كل معاملاتهم ، المتبعين لمرضاته كالمجرمين الذين أسرفوا في المعاصي، والكفر بآياته، ومعاندة رسله، ومحاربة أوليائه،

    فالإسلام هو دين السلام الذي يفرض على أتباعه أعرق الأخلاق بجانب تربية الضمير على الرقابة من الله تعالى في جميع الأحوال..
    وبذلك تكتمل المنظومة التشريعية للإسلام , شريعة متكاملة الأركان شاملة للمبادئ الأساسية في حياة البشر فهي صالحة لكل زمان ومكان. وعقيدة تهيمن على قلب المسلم , فهو سوي السلوك أمام عيون الناس أو منفردا - فالأمر في كلا الحالتين مشهود لله تعالى..

    ولا تستوي تلك المبادئ مع المجرم الذي لا يراعي أخلاق ولا عهد ولا ذمة , يلتزم مخافة العقاب ويظهر لك جميل الأدب , فإن كانت السلطة في يديه ظلم العباد ونهب البلاد وأذاع الفساد تحت مسميات الثقافة والأبداع,
    قال تعالى في سورة البقرة:
    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ – 204 وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ – 205 وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ – 206

    وقال تعالى في سورة لقمان:
    وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ – 6 وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ - 7
    إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ - 8 خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ – 9


    عقاب الذين أجرموا

    قال تعالى في سورة النمل:

    ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ – 69 ﴾ فلا تجدون مجرما قد استمر على إجرامه، إلا وعاقبته شر عاقبة وقد أحل الله به من الشر والعقوبة ما يليق بحاله.

    وقال تعالى في سورة السجدة:
    ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ 22

    أي: لا أحد أظلم، وأزيد تعديًا، ممن ذكر بآيات ربه، التي أوصلها إليه ربه، الذي يريد تربيته، وتكميل نعمته على أيدي رسله، تأمره، وتذكره مصالحه الدينية والدنيوية، وتنهاه عن مضاره الدينية والدنيوية، التي تقتضي أن يقابلها بالإيمان والتسليم، والانقياد والشكر، فقابلها هذا الظالم بضد ما ينبغي، فلم يؤمن بها، ولا اتبعها، بل أعرض عنها وتركها وراء ظهره، فهذا من أكبر المجرمين، الذين يستحقون شديد النقمة، ولهذا قال: ﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾

    حال المجرمين يوم القيامة

    وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا - 49 الكهف

    ووُضِع كتاب أعمال كل واحد في يمينه أو في شماله، فتبصر العصاة خائفين مما فيه بسبب ما قدموه من جرائمهم،
    ولا يظلم ربك أحدًا مثقال ذرة، فلا يُنقَص طائع من ثوابه، ولا يُزاد عاص في عقابه....

    *******

    أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ – 35 مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ – 36


    وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    تدرون من المسلم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده. قال : تدرون من المؤمن ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ...قال : من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم والمهاجر من هجر السوء فاجتنبه...
    الراوي: عبدالله بن عمرو بن العاص ...
    - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 11/137
    إسناده صحيح

    *******
    إن المتتبع لهذه السلسلة وقد قاربنا نهايتها يجد الأخلاق الرفيعة والأداب السامية والمعاملات التي مبناها الصدق والعدل واتقان العمل والشهامة في مساعدة الضعفاء والإنفاق على الفقراء والمساكين . والدفاع عن أوطانهم , والدعوة إلي سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
    هذا هو الإسلام الحق الذي يحقق العزة والكرامة للإنسانية.
    وليس لأي شخص- كان من كان يراد به تشويه الإسلام بتصرفات منافية للدين العظيم – أن يكون حجة لمبادئ الإسلام..
    ولكن الإسلام حجة على الجميع..


    *******

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:19

     بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (6)
    وبعض آيات من سورة الحاقة

    مصارع الأمم
    المكذبة برسالات الله تعالى.


    الْحَاقَّةُ – 1 مَا الْحَاقَّةُ – 2 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ – 3
    كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ – 4 فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ – 5 وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ – 6 سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ – 7 فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ – 8

    وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ – 9 فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً – 10

    إن رسالات الله تعالى أتت لرحمة الإنسان من التخبط ولحمايته من الظلم والفساد ولحمايته من تسلط الطغاة , حيث الحرية والكرامة هي أساس شريعة الله تعالى.

    إن أمر الدين والعقيدة , جد خالص حازم جازم . جد كله لا هزل فيه . ولا مجال فيه للهزل . جد في الدنيا وجد في الآخرة , وجد في ميزان الله وحسابه . جد لا يحتمل التلفت عنه هنا أو هناك كثيرا ولا قليلا . وأي تلفت عنه من أي أحد يستنزل غضب الله الصارم , وأخذه الحاسم ..
    إنه الحق . حق اليقين . من رب العالمين...

    وإن المتأمل في الحضارات التي أبيدت وانتهى مصيرها بالعقاب الإلهي يجد أنها بلغت حدا كبيرا من الحضارة المادية , ولكي ندرك هذا الأمر ننظر إلى الأهرامت العملاقة والتي تعتبر معجزة في البناء تحير مهندسي العالم حتى الأن..هذه الأهرامات ما هي إلا مدافن لفراعنة مصر, فكيف كانت القصور ؟؟ وأين علوم التحنيط التي تعتبر سرا من أسرار تلك الحضارة ؟ كل هذه الحضارة إنهارت وأبيدت بسبب التكذيب والعناد لرسالة الله تعالى..
    وكذلك حضارة عاد وثمود أبيدت بسبب تعنتهم واستكبارهم على رسالة ربهم..

    وهكذا كل من تكبر ورفض الحق ورسالة الحق أخذ أخذة مروعة داهمة قاصمة , تتناسب مع الجد الصارم الحاسم في هذا الأمر العظيم الهائل , الذي لا يحتمل هزلا , ولا يحتمل لعبا , ولا يحتمل تلفتا عنه من هنا أو هناك....
    ويبرز ذلك في مشهد القيامة المروع , وفي نهاية الكون الرهيبة , وفي جلال التجلي كذلك وهو أروع وأهول: ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة . وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة , فيومئذ وقعت الواقعة ,وانشقت السماء فهي يومئذ واهية . . والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية )

    ******

    وثمود - كما جاء في مواضع أخرى - كانت تسكن الحجر في شمالي الحجاز بين الحجاز والشام . وكان أخذهم بالصيحة كما سماها في غير موضع . أما هنا فهو يذكر وصف الصيحة دون لفظها . .( بالطاغية ). . لأن هذا الوصف يفيض بالهول المناسب لجو السورة . ويكتفي بهذه الآية الواحدة تطوي ثمود طيا , وتغمرهم غمرا , وتعصف بهم عصفا , وتطغى عليهم فلا تبقي لهم ظلا ...

    وأما عاد فقد استمرت وقعتها سبع ليال وثمانية أيام حسوما . على حين كانت وقعة ثمود خاطفة . . صيحة واحدة . طاغية . .( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ).
    والريح الصرصر:الشديدة الباردة . واللفظ ذاته فيه صرصرة الريح . وزاد شدتها بوصفها ( عاتية ). . لتناسب عتو عاد وجبروتها المحكي في القرآن , وقد كانوا يسكنون الأحقاف في جنوب الجزيرة بين اليمن وحضرموت . وكانوا أشداء بطاشين جبارين . هذه الريح الصرصر العاتية: ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ). . والحسوم القاطعة المستمرة في القطع . والتعبير يرسم مشهد العاصفة المزمجرة المدمرة المستمرة هذه الفترة الطويلة المحددة بالدقة: ( سبع ليال وثمانية أيام ). ثم يعرض المشهد بعدها شاخصا: ( فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ). . فترى . . فالمنظر معروض تراه , والتعبير يلح به على الحس حتى يتملاه ...( صرعى ). . ( كأنهم أعجاز نخل ) بأصولها وجذوعها ( خاوية ) فارغة تآكلت أجوافها فارتمت ساقطة على الأرض هامدة . .( فهل ترى لهم من باقية ? ). . لا - فليس لهم من باقية
    ذلك شأن عاد وثمود . . وهو شأن المكذبين .

    وجاء فرعون ومن قبله والمؤتكفات بالخاطئة . فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية ...
    وفرعون كان في مصر - وهو فرعون موسى - ومن قبله لا يذكر عنهم تفصيل . والمؤتفكات قرى لوط المدمرة التي اتبعت الإفك أو التي انقلبت , فاللفظ يعني هذا وهذا . ويجمل السياق فعال هؤلاء جميعا , فيقول عنهم انهم جاءوا ( بالخاطئة ) أي بالفعلة الخاطئة - من الخطيئة - ( فعصوا رسول ربهم ). . وهم عصوا رسلا متعددين ; ولكن حقيقتهم واحدة , ورسالتهم في صميمها واحدة . فهم إذن رسول واحد , يمثل حقيقة واحدة
    وهي بلاغ رسالة الله للعالمين التي هي الرحمة لهم في الدنيا والأخرة...

    *******

    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    عدد الرسائل : 8386
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:21

     
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (7)
    وبعض آيات من سورة المعارج


    أهمية الإيمان
    في نفسية الإنسان وتصرفاته


    إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً - 19 إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً - 20 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً - 21 إِلَّا الْمُصَلِّينَ - 22 الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ -23 وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ - 24 لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ - 25
    وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ - 26 وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ - 27 إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ - 28
    وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - 29 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - 30 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ - 31
    وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ -32 وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ - 33 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ -34 أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ - 35


    *******

    أولا : حالة الإنسان بدون الإيمان


    إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً - 19 إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً - 20 وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً - 21

    فالإنسان بدون الإيمان هلوعا . . جزوعا عند مس الشر , يتألم للذعته , ويجزع لوقعه , ويحسب أنه دائم لا كاشف له . ويظن اللحظة الحاضرة سرمدا مضروبا عليه ; ويحبس نفسه بأوهامه في قمقم من هذه اللحظة وما فيها من الشر الواقع به . فلا يتصور أن هناك فرجا ; ولا يتوقع من الله تغييرا . ومن ثم يأكله الجزع , ويمزقه الهلع . ذلك أنه لا يأوي إلى ركن ركين يشد من عزمه , ويعلق به رجاءه وأمله . .
    منوعا للخير إذا قدر عليه . يحسب أنه من كده وكسبه فيضن به على غيره , ويحتجذه لشخصه , ويصبح أسير ما ملك منه , مستعبدا للحرص عليه ... ذلك أنه لا يدرك حقيقة الرزق ودوره هو فيه . ولا يتطلع إلى خير منه عند ربه ... فهو هلوع في الحالتين . . هلوع من الشر . هلوع على الخير . . وهي صورة بائسة للإنسان , حين يخلو قلبه من الإيمان..

    ومن ثم يبدو الإيمان بالله مسألة ضخمة ومهمة في حياة الإنسان . لا كلمة تقال باللسان , ولا شعائر تعبدية تقام . إنه حالة نفس ومنهج حياة , وتصور كامل للقيم والأحداث والأحوال . وحين يصبح القلب خاويا من هذا المقوم فإنه يتأرجح ويهتز وتتناوبه الرياح كالريشة .. ويبيت في قلق وخوف دائم , سواء أصابه الشر فجزع , أم أصابه الخير فمنع .
    فأما حين يعمره الإيمان فهو منه في طمأنينة وعافية , لأنه متصل بمصدر الأحداث ومدبر الأحوال ; مطمئن إلى قدر الله تعالى, شاعر برحمته , مقدر لابتلائه , متطلع دائما إلى فرجه من الضيق , ويسره من العسر . متجه إليه بالخير , عالم أنه ينفق مما رزقه , وأنه مجزي على ما أنفق في سبيله , معوض عنه في الدنيا والآخرة . . فالإيمان كسب في الدنيا يتحقق قبل جزاء الآخرة , يتحقق بالراحة والطمأنينة والثبات والاستقرار طوال رحلة الحياة الدنيا....


    ثانيا : حالة الإنسان المؤمن
    والتزام بمبادئ الإسلام.


    الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ -23

    والصلاة فوق أنها ركن الإسلام وعلامة الإيمان , هي وسيلة الاتصال بالله تعالى , والاستمداد من ذلك الرصيد . ومظهر العبودية الخالصة التي يتجرد فيها مقام الربوبية ومقام العبودية في صورة معينة . وصفة الدوام التي يخصصها بها هنا: ( الذين هم على صلاتهم دائمون ). . تعطي صورة الاستقرار والاستطراد , فهي صلاة لا يقطعها الترك والإهمال والكسل وهي صلة بالله مستمرة غير منقطعة .
    وقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إذا عمل شيئا من العبادة داوم عليه - وكان يقول: وإن أحب الأعمال إلى الله تعالى ما دام وإن قل .


    وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ - 24 لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ - 25


    وهي الزكاة على وجه التخصيص والصدقات المعلومة القدر . . وهي حق في أموال المؤمنين . . أو لعل المعنى أشمل من هذا وأكبر . وهو أنهم يجعلون في أموالهم نصيبا معلوما يشعرون أنه حق للسائل والمحروم .

    والسائل الذي يسأل ; والمحروم الذي لا يسأل ولا يعبر عن حاجته فيحرم أو لعله الذي نزلت به النوازل فحرم وعف عن السؤال .

    والشعور بأن للمحتاجين والمحرومين حقا في الأموال هو شعور بفضل الله من جهة , وبآصرة الإنسانية من جهة , فوق ما فيه من تحرر شعوري من ربقة الحرص والشح . وهو في الوقت ذاته ضمانة اجتماعية لتكافل الأمة كلها وتعاونها .
    فهي فريضة ذات دلالات شتى , في عالم الضمير وعالم الواقع سواء . .
    بحيث لو فعلت فريضة الزكاة فلن تجد على وجه الأرض فقير معدم كما نراها اليوم.. فقراء تحت خط الفقر, وأغنياء مخزنة ثرواتهم بالمليارات بالبنوك لو وزعت على أهل الأرض لوسعتهم..

    وإن شاء الله تعالى نستكمل بقية الصفات والإلتزمات, في اللقاء القادم..

    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:22

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (8)
    وبعض آيات من سورة المعارج


    أهمية الإيمان
    في نفسية الإنسان



    تكلمنا في اللقاء السابق عن الإنسان بدون الإيمان وكيف إنه يعيش ممزق النفس حيث يعيش هلوعا جزوعا..وأن النجاة من هذه الحالة إلتزام الإيمان بالمحافظة على الصلة بينه وبين خالقه , وإخراج زكاة ماله ,وذلك لتحقيق التكافل الإجماعي في المجتمع.
    ونستكمل اليوم بإذن الله تعالى بقية الصفات.



    وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ - 26



    فالتصديق بيوم الدين شرط الإيمان وأساس جميع المعاملات. وبدونه يسقط الإيمان وتسقط معها الثقة في جميع المعاملات إلا إذا كانت موثقة توثيقا لا يدع مجالا للشك في العقود المبرمة بين الأفراد والجماعات.
    والتصديق بيوم الدين ذو أثر حاسم في منهج الحياة شعورا وسلوكا .
    فالمصدق بيوم الدين يعمل وهو ناظر لميزان السماء لا لميزان الأرض , ولحساب الآخرة لا لحساب الدنيا ويتقبل الأحداث خيرها وشرها وفي حسابه أنها مقدمات نتائجها هناك , فيضيف إليها النتائج المرتقبة حين يزنها ويقومها . .


    والمكذب بيوم الدين يحسب كل شيء بحسب ما يقع له منه في هذه الحياة القصيرة المحدودة , ويتحرك وحدوده هي حدود هذه الأرض وحدود هذا العمر . فهو بائس مسكين معذب قلق لأن ما يقع في هذا الشطر من الحياة الذي يحصر فيه تأملاته وحساباته وتقديراته , قد لا يكون مطمئنا ولا مريحا ولا عادلا ولا معقولا , ما لم يضف إليه حساب الشطر الآخر وهو أكبر وأطول . قال تعالى في سورة الأعلى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا – 16 وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى - 17
    ومن ثم يشقى من لا يؤمن بيوم الحساب و يشقى غيره من حوله . ولا تستقيم له حياة رفيعة لا يجد جزاءها في هذه الأرض واضحا . . ومن ثم كان التصديق باليوم الآخر شرط الإيمان الذي يقوم عليه منهج الحياة في الإسلام..



    وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ - 27
    إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ - 28



    وهذه درجة أخرى وراء مجرد التصديق بيوم الدين . درجة الحساسية المرهفة , والرقابة اليقظة , والشعور بالتقصير في جناب الله على كثرة العبادة , والخوف من تلفت القلب واستحقاقه للعذاب في أية لحظة , والتطلع إلى الله للحماية والوقاية.. .
    ولقد كان رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو من هو عند الله . وهو يعرف أن الله قد اصطفاه ورعاه . . كان دائم الحذر دائم الخوف لعذاب الله . وكان على يقين أن عمله لا يعصمه ولا يدخله الجنة إلا بفضل من الله ورحمة .
    وقال لأصحابه: لن يدخل الجنة أحدا عمله ... قالوا: ولا أنت يا رسول الله ? قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته..


    ( إن عذاب ربهم غير مأمون ). . إيحاء بالحساسية الدائمة التي لا تغفل لحظة , فقد تقع موجبات العذاب في لحظة الغفلة فيحق العذاب . والله لا يطلب من الناس إلا هذه اليقظة وهذه الحساسية , فإذا غلبهم ضعفهم معها , فرحمته واسعة , ومغفرته حاضرة . وباب التوبة مفتوح ليست عليه مغاليق .
    والقلب الموصول بالله يحذر ويرجو , ويخاف ويطمع , وهو مطمئن لرحمة الله على كل حال...


    وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - 29 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - 30 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ - 31


    وهذه تعني طهارة النفس والجماعة , فالإسلام يريد مجتمعا طاهرا نظيفا , وفي الوقت ذاته ناصعا صريحا . مجتمعا تؤدى فيه كل الوظائف الحيوية , وتلبي فيه كل دوافع الفطرة . ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل .


    فالمجتمع الإسلامي يقوم على أساس الأسرة الشرعية المتينة القوائم . وعلى البيت العلني الواضح المعالم . مجتمعا يعرف فيه كل طفل أباه , ولا يخجل من مولده ....
    ومن ثم يذكر القرآن هنا من صفات المؤمنين ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين , فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )


    والإسلام نظيف صريح قويم يجعل الأسرة هي اللبنة الوحيدة في بناء المجتمع الإيماني ...
    والأحكام الإسرية جاءت لتحكم جميع العصور بما فيها العصور التي كانت تبيح الاسترقاق ( ملك اليمين )
    فقد قضى الإسلام على الرق من جذوره, إذ أن مصدر الرق كان الأسر في الحروب , وقد أغلق هذا الباب...
    قال تعالى في سورة محمد : حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً..
    وبذلك أغلق باب الإسترقاق...
    وجعل من التقرب إلى الله عتق العبيد المستبقين من النظم السابقة..
    وبناء على ذلك فقد انتهى الرق نهائيا ..ولا يكون إلا العلاقة الأسرية بين الرجل والمرأة هي الرابطة الوحيدة المعترف بها في الإسلام ولا اعتراف بإي علاقة أخرة مهما كانت...





    وإن شاء الله تعالى نستكمل بقية الصفات في اللقاء القادم..




    ******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:23

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (9)
    وبعض آيات من سورة المعارج



    أهمية الإيمان
    في نفسية الإنسان



    تكلمنا في اللقاءات السابقة عن الإنسان بدون الإيمان وكيف إنه يعيش ممزق النفس حيث يعيش هلوعا جزوعا..وأن النجاة من هذه الحالة إلتزام الإيمان بالمحافظة على الصلة بينه وبين خالقه , وإخراج زكاة ماله ,وذلك لتحقيق التكافل الإجماعي في المجتمع. واليقين بيوم الحساب والخوف والرجاء في عفو الله تعالى..
    ثم تحدثنا عن الحياة النظيفة في ظل شريعة الإسلام التي جعلت الأسرة هي اللبنة الأساسية والوحيدة في بناء المجتمع الإنساني.
    ونستكمل اليوم بإذن الله تعالى بقية الصفات.



    وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ -32


    وهذه من القوائم الأخلاقية التي يقيم الإسلام عليها نظام المجتمع . ورعاية الأمانات والعهود في الإسلام تبدأ من رعاية الأمانة الكبرى التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان . وهي أمانة العقيدة والاستقامة عليها .
    قال تعالى في سورة الأعراف: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ – 172


    ومن رعاية العهد الأول المقطوع على فطرة الناس- وهم بعد في الأصلاب- أن الله ربهم الواحد , وهم بخلقتهم على هذا العهد شهود . . ومن رعاية تلك الأمانة وهذا العهد تنبثق رعاية سائر الأمانات والعهود في معاملات الأرض.


    وقد شدد الإسلام في الأمانة والعهد وكرر وأكد , ليقيم المجتمع على أسس متينة من الخلق والثقة والطمأنينة . وجعل رعاية الأمانة والعهد سمة النفس المؤمنة , كما جعل خيانة الأمانة وإخلاف العهد سمة النفس المنافقة والكافرة . ورد هذا في مواضع شتى من القرآن والسنة لا تدع مجالا للشك في أهمية هذا الأمر البالغة في مبادئ الإسلام.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    أربع من كن فيه كان منافقا ، أو كانت فيه خصلة من أربعة كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر.
    رواه البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص.


    ********


    وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ - 33
    وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ -34 أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ - 35


    أي: لا يشهدون إلا بما يعلمونه، من غير زيادة ولا نقص ولا كتمان، ولا يحابي فيها قريبا ولا صديقا ونحوه، ويكون القصد بها وجه الله.


    قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ﴾2 الطلاق
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾135 النساء .


    القسط الذي هو العدل في حقوق الله وحقوق عباده،
    فالقسط في حقوق الله أن لا يستعان بنعمه على معصيته، بل تصرف في طاعته....
    ومن القسط أداء الشهادة التي عندك على أي وجه كان، حتى على الأحباب بل على النفس...


    وكما بدأ سمات النفوس المؤمنة بالصلاة , ختمها كذلك بالصلاة...


    وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ -34


    وهي صفة غير صفة الدوام التي ذكرت في صدر هذه الصفات .
    فهنا تتحقق الصلاة بالمحافظة عليها في مواعيدها , وفي فرائضها , وفي سننها , وفي هيئتها , وفي الروح التي تؤدى بها .
    فلا يضيعونها إهمالا وكسلا . ولا يضيعونها بعدم إقامتها على وجهها . .


    ومن الأهمية بمكان أن تفعل مواقيت الصلاة بحيث تؤدى في كل مرافق الدولة في كل المصانع والهيئات والمدارس والمعاهد والجامعات.
    ونحن نشاهد ذلك في السعودية إذا حان وقت الصلاة ينهض الجميع لأداءها ثم يواصلون أعمالهم ولم نسمع قط عن تعطيل العمل أو تعطيل المتاجر بل الكل يسير ضمن منظومة إيمانية وبركة من الله لجميع أعمالهم.. بينما لم تحدث تلك البركة في البلدان التي تضيع الصلاة بحجة عدم تضيع الوقت والعمل .. فبترك الصلاة ضاع الوقت وفسد العمل.


    وأيضا لو نظمنا أوقات العمل طبقا لمواعيد الصلاة لكنا سادة الأمم بلا منازع...فكلنا يعرف أن اليوم يبدأ عند المسلم بصلاة الفجر...فلو أن الأعمال تبدأ بعد صلاة الفجر لتحقق لنا البركة في البكور ووفرنا الطاقة الكهربية حيث أن وقت العمل من بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر يصل إلى ثمان ساعات كلها في ضوء النهار..


    وذكر الصلاة في المطلع والختام يوحي بالاحتفال والاهتمام بهذه الصلة الهامة بين العباد وخالقهم سبحانه وتعالى.
    وبهذا تختم سمات المؤمنين...وندرك معها أنه لا خلاص من الأمراض النفسية مثل الهلع والجزع والبخل ومنع مساعدة الناس إلا بإلتزام بشريعة الله تعالى وأداء ما فرضه الله علينا من صلاة وزكاة وغيرها من الفرائض والإلتزام بمبادئ العدل في أداء الشهادة.


    وهنا يظهر لنا مستقبل هؤلاء, العزة في الدنيا والكرامة في الأخرة..


    أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ - 35


    *******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:23

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (10)
    وبعض آيات من سورة نوح



    أسباب البركة في الرزق
    والبركة في الذرية



    فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً – 10 يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً – 11 وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً – 12


    مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً – 13 وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً – 14 أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً – 15 وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً – 16


    وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً – 17 ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً – 18 وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطاً – 19 لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً – 20


    إن دعوة الأنبياء من لدن أدم إلى نبينا صلوات الله وسلامه عليه واحده , فهذا نبي الله " نوح" يدعو قومه الف سنة إلا خمسين عاما بدعوة التوحيد , والتوبة من الشرك...
    ونلاحظ هنا ربط بين الإيمان والاستغفار وبين الرزق.
    وفي القرآن مواضع متكررة فيها هذا الارتباط بين صلاح القلوب واستقامتها على هدى الله , وبين تيسير الأرزاق , وعموم الرخاء . . .
    قال تعالى : ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض , ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون – 96 الأعراف
    وقال تعالى : ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم -65 ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم – 66 المائدة
    وقال تعالى في أول سورة هود: ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير , وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله....

    إن جميع معاملات الإنسان مرهونة بالوضع الإقتصادي السائد بين أفراده. فبقدر الرخاء والبركة في الثروات وقدرات شبابه على العمل والدفاع عن دياره بقدر تمتعه بالقوة والإكتفاء الذاتي, بل يمكنه تصدير ما يتبقى ليحصل على ثروات إضافية...


    ومن استقراء التاريخ نلاحظ ثبات هذه السنة الكونية,
    فالواقع العملي يشهد بتحققها على مدار القرون . والحديث في هذه القاعدة عن الأمم لا عن الأفراد . وما من أمة قام فيها شرع الله , واتجهت اتجاها حقيقيا لله بالعمل الصالح والاستغفار المنبئ عن خشية الله . . ما من أمة اتقت الله وعبدته وأقامت شريعته , فحققت العدل والأمن للناس جميعا , إلا فاضت فيها الخيرات , ومكن الله لها في الأرض واستخلفها فيها بالعمران وبالصلاح سواء...


    ولقد نشهد في بعض الفترات أمما لا تتقي الله ولا تقيم شريعته ; وهي - مع هذا - موسع عليها في الرزق , ممكن لها في الأرض . . ولكن هذا إنما هو الإبتلاء: ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة..-35 الأنبياء ) ثم هو بعد ذلك رخاء مؤوف , تأكله آفات الاختلال الإجتماعي والانحدار الأخلاقي , أو الظلم والبغي وإهدار كرامة الإنسان . .كما هو مشاهد للجميع..


    ففي النظام الرأسمالي يهبط تصور الحياة إلى الدرك الأسفل فيقوم كله على مدى الثراء.
    وفي النظام الشيوعي تهدر قيمة "الإنسان" إلى درجة دون الرقيق. وليست هذه أو تلك حياة إنسانية توسم بالرخاء...


    فالإيمان إمن نفسي ورخاء وبركة في الأرزاق على الحقيقة..
    ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض..)


    ******


    ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ﴾ أي: اتركوا ما أنتم عليه من الذنوب، واستغفروا الله منها.
    ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾ كثير المغفرة لمن تاب واستغفر، فرغبهم بمغفرة الذنوب، وما يترتب عليها من حصول الثواب، واندفاع العقاب.
    ورغبهم أيضا، بخير الدنيا العاجل، فقال: ﴿ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴾ أي: مطرا متتابعا، يروي الأرض ويجعلها صالحة للزراعة ، ويحيي البلاد والعباد.
    ﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ﴾ أي: يكثر أموالكم التي تدركون بها ما تطلبون من الدنيا وأولادكم، ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ وهذا من أبلغ ما يكون من لذات الدنيا ومطالبها.


    ******


    وكان على الإنسان العاقل أن يدرك عظمة الله تعالى , ويتجه بعقله وقلبه إلى آيات الله في الكون, فكل من حوله يشهد بوحدانية الخالق الحق..وليس لأي مخلوق أن يدعي خلق ذرة أو أقل من الذرة..


    ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا

    أي: خلقا من بعد خلق، في بطن الأم، ثم في الرضاع، ثم في سن الطفولية، ثم التمييز، ثم الشباب، إلى آخر ما وصل إليه الخلق ، فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع، متعين أن يفرد بالعبادة والتوحيد، وفي ذكر ابتداء خلقهم تنبيه لهم على الإقرار بالمعاد، وأن الذي أنشأهم من العدم قادر على أن يعيدهم بعد موتهم.
    واستدل أيضا عليهم بخلق السماوات التي هي أكبر من خلق الناس، فقال: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ﴾ أي: كل سماء فوق الأخرى.
    ﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ﴾ لأهل الأرض ﴿ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا ﴾ .
    ففيه تنبيه على عظم خلق هذه الأشياء، وكثرة المنافع في الشمس والقمر الدالة على رحمته وسعة إحسانه، فالعظيم الرحيم، يستحق أن يعظم ويحب ويعبد ويخاف ويرجى.


    ﴿ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ فالآية توحي بالوحدة بين أصول الحياة على وجه الأرض , وأن نشأة الإنسان من الأرض كنشأة النبات . من عناصرها الأولية يتكون . ومن عناصرها الأولية يتغذى وينمو , فهو نبات من نباتها . وهبه الله هذا اللون من الحياة كما وهب النبات ذلك اللون من الحياة . وكلاهما خلقه من الأرض , وكلاهما يرضع من هذه الأم الحنون..


    ﴿ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ﴾ عند الموت ﴿ وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ﴾ للبعث والنشور، فهو الذي يملك الحياة والموت والنشور.


    وبذلك تتحدد كل معاملات الإنسان طبقا لعقيدة صحيحة قائمة الحق والعدل...


    ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا ﴾ أي أن الله تعالى جعل لنا الأرض سهلة في تعميرها وإنشاء الطرق عليها وتعميرها بالمدن والمساكن ..وزراعتها والانتفاع بكل ما بسطه الله عليها من نعم لا تعد ولا تحصى..
    فهل أدركنا نعمة الله تعالى على أهل الأرض وكيف يكون حال الإنسان لو أن الأرض مثل المريخ ؟؟ ليس به ماء أو هواء ولم يبسط فيه من الخيرات الغذائية والمعدنية ؟؟ مثل ما بسط على أرضنا من جميع النعم..التي تقتضي أن نشكر الله تعالى عليها. وأن تكون جميع معاملاتنا مبناها رسالة الله تعالى..


    ******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:24

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (11)
    وبعض آيات من سورة الجن


    عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً - 26




    نتكلم اليوم عن بعض سلوكيات خاطئة لمن يذهبوا إلى الدجالين ليحلوا لهم مشاكلهم عن طريق الجن...
    وفي الحديث الشريف :
    من أتى عرافا لم تقبل له صلاة أربعين ليلة...الراوي: عمر بن الخطاب
    المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 5/120

    عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا فسأله فصدقه بما يقول : فقد كفر بما أنزل على محمد...( صلى الله عليه وسلم. )
    المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 4/90
    خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد



    وقد كان العرب في الجاهلية يعتقدون أن للجن سلطانا في الأرض , فكان الواحد منهم إذا أمسى بواد أو قفر , لجأ إلى الاستعاذة بعظيم الجن الحاكم لما نزل فيه من الأرض , فقال:أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه . . ثم بات آمنا .. كذلك كانوا يعتقدون أن الجن تعلم الغيب وتخبر به الكهان فيتنبأون بما يتنبأون . وفيهم من عبد الجن وجعل بينهم وبين الله نسبا , وزعم له سبحانه وتعالى زوجة منهم تلد له الملائكة.....


    والاعتقاد في الجن على هذا النحو أو شبهه كان فاشيا في كل جاهلية , ولا تزال الأوهام والأساطير من هذا النوع تسود بيئات كثيرة إلى يومنا هذا....


    وبينما كانت الأوهام والأساطير تغمر قلوب الناس ومشاعرهم وتصوراتهم عن الجن في القديم , وما تزال . . نجد في الصف الآخر اليوم منكرين لوجود الجن أصلا , يصفون أي حديث عن هذا الخلق المغيب بأنه حديث خرافة...


    وبين الإغراق في الوهم , والإغراق في الإنكار , يقرر الإسلام حقيقة الجن , ويصحح التصورات العامة عنهم , ويحرر القلوب من خوفها وخضوعها لسلطانهم الموهوم.....


    فالجن لهم حقيقة موجودة فعلا وهم كما يصفون أنفسهم هنا ( وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا ). . ومنهم الضالون المضلون ومنهم السذج الأبرياء الذين ينخدعون: ( وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا , وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ). . وهم قابلون للهداية من الضلال , مستعدون لإدراك القرآن سماعا وفهما وتأثرا ( قل:أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا:إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به , ولن نشرك بربنا أحدا ). .


    وأنهم قابلون بخلقتهم لتوقيع الجزاء عليهم وتحقيق نتائج الإيمان و الكفر فيهم : ( وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به , فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا . وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون , فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا , وأما القاسطون , فكانوا لجهنم حطبا ). .


    وأنهم لا ينفعون الإنس حين يلوذون بهم بل يرهقونهم ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ). .


    وأنهم لا يعلمون الغيب , ولم تعد لهم صلة بالسماء: ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا , وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع , فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا , وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ) . .


    وأنهم لا صهر بينهم وبين الله - سبحانه وتعالى - ولا نسب: ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ). .


    وأن الجن لا قوة لهم مع قوة الله ولا حيلة: ( وأنا ظننا أن لن نعجزالله في الأرض ولن نعجزه هربا )


    وهذا الذي ذكر في هذه السورة عن الجن بالإضافة إلى ما جاء في القرآن من صفات أخرى كتسخير طائفة من الشياطين لسليمان - وهم من الجن - وأنهم لم يعلموا بموته إلا بعد فترة , فدل هذا على أنهم لا يعلمون الغيب : ( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته , فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين -14سبأ )


    قال تعالى: ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم . . -27 الأعراف ) يدل على أن كيان الجن غير مرئي للبشر , في حين أن كيان الإنس مرئي للجن...
    هذا بالإضافة إلى ما قرره في سورة الرحمن عن المادة التي منها كيان الجن والمادة التي منها كيان الإنسان في قوله تعالى : ( خلق الإنسان من صلصال كالفخار , وخلق الجان من مارج من نار ).


    ******


    وتعالوا نعيش مع تفسير السعدي لبعض آيات سورة الجن.


    قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا – 1 يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا – 2


    أي: ﴿ قُلْ ﴾ يا أيها الرسول للناس ﴿ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ﴾ صرفهم الله [ إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ] لسماع آياته لتقوم عليهم الحجة [ وتتم عليهم النعمة ] ويكونوا نذرا لقومهم .
    وأمر الله رسوله أن يقص نبأهم على الناس، وذلك أنهم لما حضروه، قالوا: أنصتوا، فلما أنصتوا فهموا معانيه، ووصلت حقائقه إلى قلوبهم، ﴿ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾ أي: من العجائب الغالية، والمطالب العالية.


    ﴿ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ﴾ والرشد: اسم جامع لكل ما يرشد الناس إلى مصالح دينهم ودنياهم، ﴿ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴾ فجمعوا بين الإيمان الذي يدخل فيه جميع أعمال الخير، وبين التقوى، [ المتضمنة لترك الشر ] وجعلوا السبب الداعي لهم إلى الإيمان وتوابعه، ما علموه من إرشادات القرآن، وما اشتمل عليه من المصالح والفوائد واجتناب المضار، فإن ذلك آية عظيمة، وحجة قاطعة، لمن استنار به، واهتدى بهديه، وهذا الإيمان النافع، المثمر لكل خير، المبني على هداية القرآن، بخلاف إيمان العوائد، والمربى والإلف ونحو ذلك، فإنه إيمان تقليد تحت خطر الشبهات والعوارض الكثيرة،


    ﴿ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا ﴾ أي: تعالت عظمته وتقدست أسماؤه، ﴿ مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴾ فعلموا من جد الله وعظمته، ما دلهم على بطلان من يزعم أن له صاحبة أو ولدا، لأن له العظمة والكمال في كل صفة كمال، واتخاذ الصاحبة والولد ينافي ذلك، لأنه يضاد كمال الغنى.


    ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ﴾ أي: قولا جائرا عن الصواب، متعديا للحد، وما حمله على ذلك إلا سفهه وضعف عقله، وإلا فلو كان رزينا مطمئنا لعرف كيف يقول.


    ﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ أي: كنا مغترين قبل ذلك، وغرنا القادة والرؤساء من الجن والإنس، فأحسنا بهم الظن، وظنناهم لا يتجرأون على الكذب على الله، فلذلك كنا قبل هذا على طريقهم، فاليوم إذ بان لنا الحق، رجعنا إليه ، وانقدنا له، ولم نبال بقول أحد من الناس يعارض الهدى.


    ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ أي: كان الإنس يعبدون الجن ويستعيذون بهم عند المخاوف والأفزاع ، فزاد الإنس الجن رهقا أي: طغيانا وتكبرا لما رأوا الإنس يعبدونهم، ويستعيذون بهم، ويحتمل أن الضمير في زادوهم يرجع إلى الجن ضمير الواو أي: زاد الجن الإنس ذعرا وتخويفا لما رأوهم يستعيذون بهم ليلجئوهم إلى الاستعاذة بهم، فكان الإنسي إذا نزل بواد مخوف، قال: " أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه ".


    ﴿ وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا ﴾ أي: فلما أنكروا البعث أقدموا على الشرك والطغيان.


    ﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ ﴾ أي: أتيناها واختبرناها، ﴿ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا ﴾ عن الوصول إلى أرجائها [ والدنو منها ]، ﴿ وَشُهُبًا ﴾ يرمى بها من استرق السمع، وهذا بخلاف عادتنا الأولى، فإنا كنا نتمكن من الوصول إلى خبر السماء.


    ﴿ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْع ﴾ فنتلقف من أخبار السماء ما شاء الله. ﴿ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ﴾ أي: مرصدا له، معدا لإتلافه وإحراقه، أي: وهذا له شأن عظيم، ونبأ جسيم، وجزموا أن الله تعالى أراد أن يحدث في الأرض حادثا كبيرا، من خير أو شر، فلهذا قالوا: ﴿ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴾ أي: لا بد من هذا أو هذا، لأنهم رأوا الأمر تغير عليهم تغيرا أنكروه، فعرفوا بفطنتهم أن هذا الأمر يريده الله، ويحدثه في الأرض، وفي هذا بيان لأدبهم، إذ أضافوا الخير إلى الله تعالى، والشر حذفوا فاعله تأدبا مع الله.


    ﴿ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ ﴾ أي: فساق وفجار وكفار، ﴿ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ﴾ أي: فرقا متنوعة، وأهواء متفرقة، كل حزب بما لديهم فرحون.


    ﴿ وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا ﴾ أي : وأنا في وقتنا الآن تبين لنا كمال قدرة الله وكمال عجزنا، وأن نواصينا بيد الله فلن نعجزه في الأرض ولن نعجزه إن هربنا وسعينا بأسباب الفرار والخروج عن قدرته، لا ملجأ منه إلا إليه.
    ﴿ وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى ﴾ وهو القرآن الكريم، الهادي إلى الصراط المستقيم، وعرفنا هدايته وإرشاده، أثر في قلوبنا فـ ﴿ آمَنَّا بِهِ ﴾ .
    ثم ذكروا ما يرغب المؤمن فقالوا: ﴿ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ ﴾ إيمانا صادقا ﴿ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴾ أي: لا نقصا ولا طغيانا ولا أذى يلحقه ، وإذا سلم من الشر حصل له الخير، فالإيمان سبب داع إلى حصول كل خير وانتفاء كل شر.


    ﴿ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ﴾ أي: الجائرون العادلون عن الصراط المستقيم.
    ﴿ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ﴾ أي: أصابوا طريق الرشد، الموصل لهم إلى الجنة ونعيمها، ﴿ وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴾ وذلك جزاء على أعمالهم، لا ظلم من الله لهم، فإنهم ﴿ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ ﴾ المثلى ﴿ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾أي: هنيئا مريئا، ولم يمنعهم ذلك إلا ظلمهم وعدوانهم.
    ﴿ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ﴾ أي : لنختبرهم فيه ونمتحنهم ليظهر الصادق من الكاذب.
    ﴿ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ﴾ أي: من أعرض عن ذكر الله، الذي هو كتابه، فلم يتبعه وينقد له، بل غفل عنه ولهى، يسلكه عذابا صعدا أي: شديدا بليغا.


    ******


    فهل أدركنا حقيقة الجن ؟ وأن منهم المؤمن ومنهم الكافر ومنهم الطائع ومنهم العاصي , وأنهم لا يعلمون الغيب..
    أما الشياطين الذين يضلون الناس عن الهداية فقد يكونوا من الجن أومن الإنس..
    فشياطين الجن توسوس وتزين الشرور للإنسان ولا تجبره على ذلك, فالإنسان حر خلقه الله ذو إرادة حرة يحاسب عليها يوم القيامة..
    وشياطين الإنس كذلك تزين الشرور وتنشر الفاحشة لتضل الإنسان عن الطريق المستقيم..وليس لهم سلطان على قلب الإنسان المؤمن..
    فقراءة سورة البقرة وسورة يس تقي من السحر ووساوس الشياطين..
    وفي كل الأحوال ينجو المؤمن بإعتصامه بالله تعالى من شرور شياطين الإنس والجن...


    *******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:25

     
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء التاسع و العشرون
    (12)
    وبعض آيات من سورة المزمل

    عبء الأمانة


    يَا أَ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ – 1 قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً – 2 نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً – 3 أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً – 4 إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً – 5 إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً – 6 إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً - 7 وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً – 8 رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً – 9 وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً – 10 وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً – 11


    بعد عودة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من غار حراء وقد بلغ به الجهد بلقاء جبريل عليه السلام على صورته يقول للسيدة خديجة رضي الله عنها زملوني زملوني....فجاءه الوحي : يَا أَ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ – 1 قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً – 2 نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً – 3 أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً – 4 إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً – 5
    فعلم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] أنه لم يعد هناك نوم.. وأن هناك تكليفا ثقيلا , وجهادا طويلا , وأنه الصحو والكد والجهد منذ ذلك النداء العلوي ...
    وقيل لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ( قم ). . فقام . وظل قائما بعدها أكثر من عشرين عاما... لم يسترح . ولم يسكن . ولم يعش لنفسه ولا لأهله . قام وظل قائما على دعوة الله . يحمل على عاتقه العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به . عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض . عبء البشرية كلها , وعبء العقيدة كلها , وعبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى .
    حمل عبء الكفاح والجهاد في ميدان الضمير البشري الغارق في أوهام الجاهلية وتصوراتها ,

    واستمر الجهاد والكفاح والسهر على تربية الأمة الجديدة التي سوف يغير بها الله وجه الأرض من عبادة العباد إلى عبادة الله الخالق الحق.
    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة للمسلمين فقاموا كما قام وحملوا على عاتقهم نشر رسالة الله للعالمين..ففتحوا القلوب قبل الأرض وأنتشر الإسلام في ربوعها وأضاء نور عقيدة التوحيد وتحقق العدل والحرية والعلم والترجمة في كافة مجالات الحياة من طب وهندسة وكيمياء وشريعة وقانون , وأقاموا الصناعات وشجعوا على الإبتكار فكانت هي أساس كل الصناعات الحديثة..وكانت هي الدولة الأولى في العالم بدون منازع..علما وقوة وحضارة أساسها رسالة الله تعالى..

    فهل تعي الأمة معنى أن تقوم ؟ كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم..وصحابته الكرام والتابعين وتابعي التابعين...

    إن النوم طال وتفشى الكسل والتخلف وطلت الفواحش بوجهها القبيح وساد الفساد واستشرى الخوف والجهل...
    ولكن مهما طال الليل لابد من طلوع الفجر...


    يَا أَ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ – 1 قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً – 2 نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً – 3 أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً – 4 إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً – 5 إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً – 6 إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً - 7 وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً – 8 رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً – 9 وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً – 10 وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً – 11


    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:25

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (13)
    وبعض آيات من سورة المدثر



    النهوض بتبعة الرسالة



    يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ – 1 قُمْ فَأَنذِرْ – 2 وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ – 3 وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ – 4 وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ – 5 وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ – 6 وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ – 7


    واستكمالا للحديث السابق عن تحمل عبء الأمانة بالقيام والجهد والقرب من الله تعالى , نرى اليوم الأمر بالنهوض بتبعة الرسالة وهي تبيلغها للعالمين مع التحمل بتلك المهمة الضخمة ...فالأمر ليس نزهة وليس طريقا مفروشا بالورود ...إن الأمر يتصادم مع الأهواء والعقائد الفاسدة ويتصادم مع شهوات النفس ويتصادم مع شياطين الإنس والجن...


    ولكنه يلتقي مع الفطر السليمة والنفوس المؤمنة بخالقها ومحبي الحق والعدل.. الذين يحتاجون إلى المعرفة لشريعة ربهم وسنة نبيهم..
    فالأمر كبير عظيم , بأبي أنت وأمي يارسول الله , يامن تحملت عبء الرسالة الخالدة وتحملت تبليغها والنهوض بها حتى أتت إلينا بيضاء نقية ليلها كنهارها, تأخذ بأيدينا إلي صراط الله المستقيم..



    يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ – 1 قُمْ فَأَنذِرْ – 2 وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ – 3 وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ – 4 وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ – 5 وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ – 6 وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ – 7



    كان الأمر في سورة المزمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، بالاجتهاد في العبادة والصبر على أذى قومه، والأمر هنا بإعلان الدعوة ، والصدع بالإنذار، فقال: ﴿ قُمِ ﴾ أي بجد ونشاط ﴿ فَأَنْذِرْ ﴾ الناس بالأقوال والأفعال، التي بها يتحقق هداية البشر إلى دين الله الحق..
    ﴿ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴾ أي: عظمه بالتوحيد، واجعل قصدك في إنذارك وجه الله، وأن يعظمه العباد ويقوموا بعبادته.
    ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ يحتمل أن المراد بثيابه، أعماله كلها، وبتطهيرها
    ويدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة، فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة، التي قال كثير من العلماء: إن إزالة النجاسة عنها شرط من شروط الصلاة.
    ويحتمل أن المراد بثيابه، الثياب المعروفة، وأنه مأمور بتطهيرها عن جميع النجاسات، في جميع الأوقات، خصوصا في الدخول في الصلوات، وإذا كان مأمورا بتطهير الظاهر، فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن.

    ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ أن المراد بالرجز أعمال الشر كلها وأقواله، فيكون أمرا له بترك الذنوب، صغيرها وكبيرها ، ظاهرها وباطنها، فيدخل في ذلك الشرك وما دونه.

    ﴿ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ﴾ أي: لا تمنن على الناس بما أسديت إليهم من النعم الدينية والدنيوية، بل أحسن إلى الناس مهما أمكنك، وانس عندهم إحسانك، ولا تطلب أجره إلا من الله تعالى واجعل من أحسنت إليه وغيره على حد سواء....
    ولا تعط أحدا شيئا، وأنت تريد أن يكافئك عليه بأكثر منه...


    ﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ أي: احتسب بصبرك، واقصد به وجه الله تعالى،


    فامتثل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ربه، وبادر إليه، فأنذر الناس، وأوضح لهم بالآيات البينات جميع المطالب الإلهية، وعظم الله تعالى، ودعا الخلق إلى تعظيمه، وطهر أعماله الظاهرة والباطنة من كل سوء، وهجر كل ما يبعد عن الله تعالى ، وهجر الشر وأهله، وكانت له المنة على الناس - بعد منة الله- من غير أن يطلب منهم على ذلك جزاء ولا شكورا، وصبر لله أكمل صبر، حتى فاق أولي العزم من المرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.


    والتزم بتلك المبادئ صحابته رضوان الله عليهم جميعا , فكانوا نجوم الهداية للعالمين ...
    ولزاما علينا ونحن أتباع ذلك الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه أن نلتزم تلك المبادئ حتى نكون ضمن قافلة الدعاة لدين الله تعالى للعالمين ..سائلين الله الأخلاص دوما وأبدا.


    ******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:27

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (14)
    وبعض آيات من سورة القيامة


    النفس اللوامة
    وأثرها في ضبط السلوك للإنسان




    لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ – 1 وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ – 2 أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ – 3 بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ – 4


    قال الحسن البصري:إن المؤمن بالله ما تراه إلا يلوم نفسه, فيقول:
    ما أردت بكلمتي ? ما أردت بأكلتي ? ما أردت بحديث نفسي ?
    وإن الفاجر يمضي قدما ما يعاتب نفسه . .


    وبذلك يلتزم الأداب في جميع معاملاته ويلتزم الإخلاص لعلمه أنه محاسب يوم الدين...


    وعن الحسن : ليس أحد من أهل السماوات والأرضين إلا يلوم نفسه يوم القيامة . .

    وعن عكرمة : النفس اللوامة تلوم على الخير والشر: لو فعلت كذا وكذا ...

    وعن مجاهد : النفس اللوامة تندم على ما فات وتلوم عليه .

    وقال جرير: وكل هذه الأقوال متقاربة المعنى , والأشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر , وتندم على ما فات من تقصير...


    وفي الحديث القدسي:
    يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم . ثم أوفيكم إياها . فمن وجد خيرا فليحمد الله . ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ...
    رواه مسلم ..


    *******
    والنفس قد تكون أمارة بالسوء.. قال تعالى في سورة يوسف: ( إن النفس لأمارة بالسوء ) فيجب مخالفتها إلى تقوى الله والعمل بأحكام الكتاب والسنة ...
    وقد تكون لوامة كما هي معنا اليوم تلوم صاحبها على التقصير وتذكره بالآخرة والحساب...
    وترتقي النفس إلى أن تصبح نفس مطمئنة . قال تعالى في سورة الفجر:
    يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ – 27 ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً – 28 فَادْخُلِي فِي عِبَادِي – 29 وَادْخُلِي جَنَّتِي -30


    *******


    وبجانب النفس اللوامة في الردع عن المعاصي,

    تذكر الموت
    واليقين بالبعث ويوم الحساب


    والموت هو اليقين الذي يولد مع كل إنسان, فإنك حين ترى المولود لا تدري هل يمرض أم يكون صحيحا ؟ هل شقي أم سعيد ؟ هل فقير أم سيكون غنيا ؟ هل يصبح طبيبا أم مهندسا أو غير ذلك ؟
    ولكن هناك يقين بأن هذا المولود حتما سيموت...ومع هذا اليقين قد يغفل كثير من الناس عن تذكر الموت ..ودور ذلك في ضبط سلوك ومعاملات الإنسان مع الأخرين.. وإن الفساد دائما ينشأ من طاعة النفس الأمارة بالسوء وعدم تذكر الموت والحساب..


    أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى – 36 أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى – 37 ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى – 38 فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى – 39 أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى - 40


    فمن تلك الحقائق الكبيرة التي تحشدها هذه السورة في مواجهة القلب البشري , وتضرب بها عليه حصارا لا مهرب منه . . حقيقة الموت التي تواجه كل حي , فلا يملك لها ردا , ولا يملك لها أحد ممن حوله دفعا . وهي تتكرر في كل لحظة , ويواجهها الكبار والصغار , والأغنياء والفقراء , والأقوياء والضعاف , ويقف الجميع منها موقفا واحدا . . لا حيلة . ولا وسيلة . ولا قوة . ولا شفاعة . ولا دفع . ولا تأجيل . . مما يوحي بأنها قادمة من جهة عليا لا يملك البشر معها شيئا . ولا مفر من الاستسلام لها , والاستسلام لإرادة تلك الجهة العليا . . ( كلا , إذا بلغت التراقي , وقيل:من راق ? وظن أنه الفراق . والتفت الساق بالساق . . إلى ربك يومئذ المساق )

    ومن تلك الحقائق الكبيرة التي تعرضها السورة , حقيقة النشأة الأولى , ودلالتها على صدق الخبر بالنشأة الأخرى , وعلى أن هناك تدبيرا في خلق هذا الإنسان وتقديرا . . وهي حقيقة يكشف الله للناس عن دقة أدوارها وتتابعها في صنعة مبدعة , لا يقدر عليها إلا الله تعالى , ولا يدعيها أحد ممن يكذبون بالآخرة ويتمارون فيها .
    فهي قاطعة في أن هناك إلها واحدا يدبر هذا الأمر ويقدره ..
    وإيحاء قوي بضرورة النشأة الأخرى , تمشيا مع التقدير والتدبير الذي لا يترك هذا الإنسان سدى , ولا يدع حياته وعمله بلا وزن ولا حساب . قال تعالى في أول السورة : أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ?
    ثم قال تعالى في آخرها : أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى – 36 أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى – 37 ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى – 38 فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى – 39 أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى - 40




    ********
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:28

    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (15)
    وبعض آيات من سورة الإنسان


    السبيل


    هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً - 1 إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً - 2 إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً - 3


    إن الأرض كوكب مثل باقي الكواكب في المجموعة الشمسية, ولكن أمدها الله تعالى بمقومات الحياة من هواء وماء وكل الكائنات الحية من حيوان ونبات, ودرجات حرارة ملائمة للحياة..
    هذه الأرض أعدت قبل خلق الإنسان , فلقد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا..


    أين كان الإنسان قبل أن يكون ? من الذي أوجده ? ومن الذي جعله شيئا مذكورا في هذا الوجود ? بعد أن لم يكن له ذكر ولا وجود: ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ? ). .


    إذا أجاب الإنسان على هذه الأسئلة بصدق وصل إلى الإيمان , فإن لم يعرف الإجابة ..فقد أجابته الآيات التالية تبين له حقيقة أصله ونشأته , وحكمة الله في خلقه , وتزويده بطاقاته ومداركه: ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ). .


    ثم لم يترك الإنسان لعقلة فقط .. بل هداه الله تعالى بإرسال الرسل تبين له الطريق المستقيم الذي يؤدي به إلى العيش في سعادة في الدنيا والنعيم المقيم في الأخرة ...وجعله ذو إرادة في الاختيار بين طريق الخير وطرق الشر ....( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ).


    فكان على الإنسان أن ينتبه إلى مستقبله الحقيقي , ولا ينبغي أن يمضي في استهتار. غير واع ولا مدرك , وهو مخلوق ليبتلى , وموهوب نعمة الإدراك لينجح في الابتلاء .

    إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً – 4 إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً – 5 عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً – 6

    هذه صورة واضحة للمستقبل الحقيقي للإنسان , ونهاية كل سبيل , والأهم في ذلك أنه لا رجعة إذا خرج من هذه الحياة , فيجب على الإنسان العاقل أن يختار طريق الحق الذي يصل به إلى رضوان الله تعالى, والطريق إلى الله يحتاج من الإنسان أن يضبط جميع معاملاته طبقا لما جاء في شريعة الله تعالى


    أهم صفات المؤمنين
    التي وردت في هذه السورة


    يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً – 7 وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً – 8 إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً – 9 إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً – 10


    وردت صفات للمؤمنين في مواضع عديدة .. نذكر منها على سبيل المثال ما ورد في سورة الفرقان,
    قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا - 63 وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا – 64 وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا - 65 إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا - 66

    وقال تعالى في سورة المؤمنون : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ – 2 وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ – 3 وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ – 4 وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ – 5 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ – 6 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ – 7 وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ – 8 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ – 9 أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ – 10 الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – 11

    والمتتبع لهذه السلسلة يجد العديد من الصفات العظيمة التي تعين الإنسان للمضي قدما على الطريق المستقيم وأولها الإخلاص لله تعالى..
    وقد ذكر جملة من أعمالهم في أول هذه السورة، فقال تعالى: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ﴾ أي: بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات، وإذا كانوا يوفون بالنذر، وهو لم يجب عليهم، إلا بإيجابهم على أنفسهم، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية، من باب أولى وأحرى،
    ﴿ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ أي: منتشرا فاشيا، فخافوا أن ينالهم شره، فتركوا كل سبب موجب لذلك، والخوف من الحساب في الأخرة أهم أسباب الاستقامة على الحق...
    ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ﴾ أي: وهم في حال يحبون فيها المال والطعام، لكنهم قدموا محبة الله على محبة نفوسهم، ويتحرون في إطعامهم أولى الناس وأحوجهم ﴿ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ .

    وهنا يأتي الكلام على طائفة أعطاها الإسلام حقا قبل أن يعرف العالم القوانين الدولية لحقوق الأسرى..
    فتبين الأيات مدى رعاية المجتمع الإيماني للمساكين واليتامى والأسارى.

    وقد ورد في سورة الأنفال ما يدل على الإهتمام بالأسرى , قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - 70
    هل أدركنا مدى شمول شريعة الإسلام لتشمل الرعاية للأسير الذي كان يحاربنا بالأمس قبل أن يقع في الأسر..وتحث على رعايته ومد يد العون له ودعوته للهداية ..


    ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ أي: لا جزاء ماليا ولا ثناء قوليا. فيقصدون بإنفاقهم وإطعامهم وجه الله تعالى،
    ﴿ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا ﴾ أي: شديد الجهمة والشر ﴿ قَمْطَرِيرًا ﴾ أي: ضنكا ضيقا،
    ﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ ﴾ قال تعالى : لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون - 103 الأنبياء
    ﴿ وَلَقَّاهُمْ ﴾ أي: أكرمهم وأعطاهم ﴿ نَضْرَةً ﴾ في وجوههم ﴿ وَسُرُورًا ﴾ في قلوبهم، فجمع لهم بين نعيم الظاهر والباطن ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا ﴾ على طاعة الله، فعملوا ما أمكنهم منها، وعن معاصي الله، فتركوها، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلم يتسخطوها، ﴿ جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ جامعة لكل نعيم، سالمة من كل مكدر ومنغص،

    ******

     
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:28


    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء التاسع و العشرون
    (16)
    وبعض آيات من سورة المرسلات



    كان الحديث في اللقاء السابق عن بعض آيات من سورة الإنسان , قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً – 23


    إنا نحن نَزَّلْنا عليك -أيها الرسول- القرآن تنزيلا من عندنا؛ لتذكر الناس بما فيه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب.
    إن الإيمان بالله تعالى يستلزم أن تؤمن برسالاته التي أرسلها لهداية البشر . وإن التكذيب بواحد منها يعد تكذيب بكافة الرسل..
    فالقاعدة المعروفة في القانون أن التشريع الجديد يلغي العمل بالتشريعات القديمة , وبهذا المنطق تسير كل قوانين الأرض....
    فالقرآن العظيم هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله تعالى...
    فوجب العمل به كأخر تشريعات الله تعالى لأهل الأرض, وخاصة أنه تفرد على سائر كتب الأرض بأنه معجز في بيانه ومعجز في آياته ومعجز في موضوعاته...

    قال تعالى:
    قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا – 88 الإسراء

    لو اجتمعت الإنس والجن كلهم واتفقوا على أن يأتوا بمثل ما أنزله على رسوله لما أطاقوا ذلك ولما استطاعوه ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا فإن هذا أمر لا يستطاع ...

    وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق الذي لا نظير له ولا مثال له ولا عديل له .

    فيجب على البشر تدبر ماأرسل إليهم , قبل فوات الأوان حيث لا رجعة بعد الموت للإيمان , ولكن بعد الموت بعث وحساب . وما على الإنسان العاقل إلا تدبر القرآن بكل هدوء ....


    ويختم ذلك الجزء بسورة المرسلات ,


    ( فبأي حديث بعده يؤمنون ? ). .


    والذي لا يؤمن بهذا الحديث الذي يهز الرواسي , وبهذه الهزات التي تزلزل الجبال , لا يؤمن بحديث بعده أبدا . إنما هو الشقاء والتعاسة والمصير البائس ...

    قال تعالى: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ - 16 ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ – 17 كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ – 18 وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ – 19

    أي: أما أهلكنا المكذبين السابقين ؟ ، ثم نتبعهم بإهلاك من كذب من الآخرين ، وهذه سنته السابقة واللاحقة في كل مجرم لا بد من عذابه ، فلم لا تعتبرون بما ترون وتسمعون ؟


    ومن إعجاز الترتيب في القرآن العظيم أن تأتي أخر آيه في سورة المرسلات لتضع البشرية كلها في موضع المساءلة في حالة إعراضهم عن رسالة ربهم...


    فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ - 50


    إن لم يؤمنوا بهذا القرآن، فبأي كتاب وكلام بعده يؤمنون؟ وهو المبيِّن لكل شيء، الواضح في حكمه وأحكامه وأخباره، المعجز في ألفاظه ومعانيه...
    وهذا القرآن العظيم كتاب رب العالمين...
    كتاب أتى بعقيدة التوحيد واضحة جلية , ولم يوجد كتاب على ظهرالأرض مثل القرآن في بيان الحقيقة الإلهية...
    واشتماله على منهاج تطبيقي في المعاملات الإنسانية كما تبين في هذه السلسلة ,
    وبيان الفرائض والعبادات التي تقربنا الى الله تعالى ,


    كتاب أوضح مبادئ القيم الرفيعة والأخلاق العالية ...
    كتاب أتى بشريعة صالحة لكل زمان ومكان...
    كتاب أتى بأخبار الرسل السابقين والأمم السابقة...
    كتاب بين بداية خلق الإنسان ونشأة الكون...
    كتاب به أخبار الدار الأخرة بالتفاصيل...
    كتاب به معجزات علمية تم اكتشافها حديثا وسوف تستمر إلى يوم القيامة...


    جاء في الحديث: عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    ستكون فتنة . قلت : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله, فيه نبأ ما قبلكم, و خبر ما بعدكم, و حكم ما بينكم,
    هو بالفصل ليس بالهزل,
    من تركه من جبار قصمه الله, و من ابتغى الهدى في غيره أضله الله, وهو حبل الله المتين, وهو الذكر الحكيم, وهو الصراط المستقيم,
    وهو الذي لا تزيغ به الأهواء, و لا تلتبس به الألسن, و لا يخلق على كثرة الرد, و لا تنقضي عجائبه ,
    من قال به صدق, ومن عمل به أجر, ومن حكم به عدل, ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ...
    الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: ابن تيمية - المصدر: حقوق آل البيت - الصفحة أو الرقم: 22


    فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ؟


    ******
     
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:29


    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (1)
    وبعض آيات من سورة النبأ



    النبأ العظيم



    عَمَّ يَتَسَاءلُونَ – 1 عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ – 2 الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ – 3 كَلَّا سَيَعْلَمُونَ – 4 ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ – 5


    يبدأ هذا الجزء بالتذكير بالنبأ العظيم , لكي يذكر الإنسان بأن هنالك تبعة . وإن هنالك حسابا . وإن هنالك جزاء . وإن هنالك عذابا شديدا . ونعيما كبيرا . .

    كفانا غفلة وكفانا تضيع للوقت فالأيام تجري وتقرب كل بعيد والعمر يمضي معها , فكان يجب أن ننتبه إلى رسالة ربنا التي تبين لنا معالم الطريق للوصل إلى سعادة الدنيا والأخرة..
    وإن العلم اليقيني للإنسان بعد الموت لا ينفعه شيئا فقد فات الأوان, فأنت تموت كل يوم وتبعث , ألا يذكرك هذا بيوم البعث فنجعل كل معاملاتنا مرهونة بذلك اليوم..؟؟

    أين كنت قبل أن تولد ؟؟ من الذي خلقك وكونك في بطن أمك ورعاك وأمدك بمقومات الحياة رغم أنك لا تسطيع مجرد التنفس ؟ ثم أخرجك أين كنت قبل أن تولد ؟؟ من الذي خلقك وكونك في بطن أمك ورعاك وأمدك بمقومات الحياة رغم أنك لا تسطيع مجرد التنفس ؟ ثم أخرجك إلى هذه الحياة لا حول لك ولا قوة ..أبعد كل هذه النعم وبعد كل هذا الخلق والتدبير تنكر البعث أو تغفل عنه..


    عَمَّ يَتَسَاءلُونَ – 1 عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ – 2 الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ – 3 كَلَّا سَيَعْلَمُونَ – 4 ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ – 5


    فالمؤمن يؤمن بالبعث والحساب ويرتب كل معاملاته على ذلك اليوم..
    أما الكافر فيعيش في غفلة عن هذا اليوم ويظل يتسائل عنه حتى يرى نفسه في العالم الأخر ويرى الحقيقة ولكن لا ينفع العلم الأن لقد فات الأوان...

    حاول من الأن فالكون أمامك كتاب مفتوح لكل متتدبر وكل متسائل..


    أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً – 6 وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً – 7 وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً - 8


    اصحوا . استيقظوا . انظروا تلفتوا تفكروا تدبروا
    الأرض تدور حول محورها كل يوم ..هل شعرت بهذه الحركة ؟ ولو أنك شعرت بها لتزلزلت بك الأرض ولم تهنأ بالعيش عليها ..
    باطن الأرض منصهر يغلي بدرجات حرارة عالية تشتعل تحت البحار ..هل شعرت بهذه الحرارة ؟ إنك تراها عبر البراكين ..
    ألا يلفتك هذا إلى عناية الله جل وعلا ..؟ وكيف مهد لنا الأرض نعيش عليها ولا نشعر بدورانها حول نفسها ولا حول الشمس وأن المجموعة الشمسية بالكامل تجري بسرعات فائق نحو مستقر لها.
    إن القشرة الأرضية التي نعيش عليها لو تركت تتحرك نتيجة الأمواج الحرارية العاتية وتحرك الصخور لتزلزلت الأرض ودمرت المباني ...فجعل الله الجبال أوتادا لتمسك القشرة الأرضية وتجعلها ثابتة لتعيش في أمن وسلام...
    ألا تنظر إلى التوازن العجيب في خلق نوع الإنسان من ذكر وأنثى ..هل قرر الإنسان أن ينجب أعداد الذكور ليتناسب مع أعداد الإناث ؟ لن يستطيع كائن على وجه الأرض أن يقرر هذا..ولن يستطيع ولا يخطر بخاطره أصلا...


    وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً – 9 وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً – 10 وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً - 11 وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً - 12


    وكان من تدبير الله للبشر أن جعل النوم سباتا يدركهم فيقطعهم عن الإدراك والنشاط ,يتكفل بإراحة أجسادهم وأعصابهم وتعويضها عن الجهد الذي بذلته في حالة الصحو والإجهاد والانشغال بأمور الحياة . . وكل هذا يتم بطريقة عجيبة لا يدرك الإنسان كنهها , ولا نصيب لإرادته فيها ; ولا يمكن أن يعرف كيف تتم في كيانه . فهو في حالة الصحو لا يعرف كيف يكون وهو في حالة النوم . وهو في حالة النوم لا يدرك هذه الحالة ولا يقدر على ملاحظتها .
    والنوم سر من أسرار تكوين الأحياء لا يعلمه إلا من خلق هذه الكائنات الحية وأودعه ذلك السر , وجعل حياته متوقفة عليه . فما من حي يطيق أن يظل من غير نوم إلا فترة محدودة . فإذا أجبر إجبارا بوسائل خارجة عن ذاته كي يظل مستيقظا فإنه يهلك قطعا..
    فهذا السبات - أي الإنقطاع عن الإدراك والنشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الكائن الحي , وسر من أسرار القدرة الخالقة , ونعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه . وتوجيه النظر إليها على هذا النحو القرآني ينبه القلب إلى خصائص ذاته , وإلى اليد التي أودعتها كيانه , ويلمسه لمسة تثير التأمل والتدبر والتأثر...

    وكان من تدبير الله كذلك أن جعل حركة الكون موافقة لحركة الأحياء . وكما أودع الإنسان سر النوم والسبات , بعد العمل والنشاط , فكذلك أودع الكون ظاهرة الليل ليكون لباسا ساترا يتم فيه السبات والانزواء . وظاهرة النهار ليكون معاشا تتم فيه الحركة والنشاط . . بهذا توافق خلق الله وتناسق .
    والسبع الشداد التي بناها الله فوق أهل الأرض هي السماوات السبع ,


    والحديث عن نعم الله لا تحصى لكي ندرك حقيقة النبأ العظيم.


    *******
     
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:30

    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (2)
    وبعض آيات من سورة النبأ


    النبأ العظيم



    نستكمل إن شاء الله الحديث عن النبأ العظيم .
    تحدثنا في اللقاء السابق على ضرورة اليقين بأن هنالك حسابا . وأن هنالك جزاء . وأن هنالك عذابا شديدا . ونعيما كبيرا . .وليس الأمر عبثيا...
    وأن هذا اليقين يضبط كل معاملات الإنسان في هذه الدنيا..
    وأن كتاب الكون مفتوح أمام الجميع ينطق بأن الله تعالى حكيم قدير عليم سميع بصير ..إلى أخر الأسماء الحسنى. وأن الله تعالى مهد لنا الأرض قبل أن نوجد عليها وأرساها بالجبال وجعل التوازن بين نوعية البشر . وتحدثنا عن ظاهرة الليل والنهار وحاجة الإنسان إلى الراحة لينطلق بقوة للسعي في طلب الرزق وتعمير الأرض..


    ******


    وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً – 13 وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً – 14 لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً – 15 وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً - 16


    واستكمالا للحديث عن نعم الله تعالى على الإنسان , تلفتنا الآيات عن أهمية الشمس والمطر , وأهمية زراعة الحبوب مثل القمح والذرة ثم حدائق الفاكهة المختلفة وأهميتها الغذائية.


    ( وجعلنا سراجا وهاجا ). . وهو الشمس المضيئة الباعثة للحرارة التي تعيش عليها الأرض وما فيها من الأحياء . والتي تؤثر كذلك في تكوين السحائب بتبخير المياه من المحيط الواسع في الأرض ورفعها إلى طبقات الجو العليا مكونة السحاب الحامل للماء المطهر: ( وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ).


    وللأسف الشديد لم نستغل الطاقة الشمسية كما يجب..
    وهناك علامات استفهام كثيرة على ذلك ...
    فالطاقة الشمسية طاقة نظيفة لا تلوث الهواء يمكن تخزينها عبر محطات الشحن ثم توزيعها في صورة طاقة كهربائية عبر الأسلاك , وفي ذلك تحقيق لثروات هائلة للمنطقة العربية والصحراء الكبرى التي تشمل مصر وليبيا والجزائر والمغرب, فيمكن للطاقة المستخرجة من تلك المناطق العملاقة أن تغطي بلدان الأرض جميعا.
    إن بعض البلدان المتقدمة صناعيا استطاعت تسيير طائرة بالطاقة الشمسية ..فهل لنا أن نسير السيارات بالطاقة الشمسية ؟ لكي نحمي أجيالا من تلوث البيئة بسبب الانبعاث الخطير لعادم السيارات الكثيفة في المدن..
    هل لنا أن نصنع خزانات مصنوعة من الزجاج الحراري تعمل كسخانات من دون كهرباء أو غاز ؟..وإنه لأمر يسير ولكن نريد العزم على النهوض باستخدام الطاقة النظيفة والمتجدده التي أرشدنا إليها المولى عز وجل في القرآن العظيم كثيرا..


    أن الأوان أن نقرأ القرآن العظيم بقلب وعقل مفتوح..
    لعلنا نسود كما فعل أسلافنا في العصر الذهبي للدولة الإسلامية ..


    *******

     
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:31

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (3)
    وبعض آيات من سورة النازعات


    نهاية الطغاة



    هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى – 15 إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى – 16 اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى – 17 فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى – 18 وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى - 19


    تبدأ الآيات بتوجيه الخطاب إلى الرسول [ صلى الله عليه وسلم ]: ( هل أتاك حديث موسى ? ). . وهو استفهام للتمهيد وإعداد النفس والأذن لتلقي القصة وتمليها....
    فتبدأ بمشهد المناداة والمناجاة ... ( إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى ). . وطوى اسم الوادي على الأرجح . وهو بجانب الطور الأيمن بالنسبة للقادم من مدين في شمال الحجاز....


    ولحظة النداء لحظة رهيبة جليلة . ونداء الله بذاته - سبحانه - لعبد من عباده أمر هائل عظيم ...وهو سر من أسرار الألوهية العظيمة ..


    ثم يبادر السياق أمر التكليف الإلهي لموسى : ( اذهب إلى فرعون . إنه طغى . فقل:هل لك إلى أن تزكى , وأهديك إلى ربك فتخشى )


    والطغيان أمر لا ينبغي أن يكون ولا أن يبقى . إنه أمر كريه , وفساد للأرض , مخالف لما يحبه الله , مؤد إلى ما يكره . . فمن أجل منعه ينتدب الله تعالى عبدا من عباده المختارين , ليحاول وقف هذا الشر , ومنع هذا الفساد , ووقف هذا الطغيان ....


    ( اذهب إلى فرعون . إنه طغى ).


    ثم يعلمه الله كيف يخاطب الطاغية بأحب أسلوب وأشده جاذبية للقلوب , لعله ينتهي , ويتقي غضب الله وأخذه.


    ( فقل هل لك إلى أن تزكى ? ). . هل لك إلى أن تتطهر من رجس الطغيان ودنس العصيان ? هل لك إلى طريق الصلاة والبركة ?


    ( وأهديك إلى ربك فتخشى ). . هل لك أن أعرفك طريق ربك ? فإذا عرفته وقعت في قلبك خشيته .
    فما يطغى الإنسان ويعصى إلا حين يذهب عن ربه بعيدا , وإلا حين يضل طريقه إليه فيقسو قلبه ويفسد , فيكون منه الطغيان والتمرد..


    فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى – 20 فَكَذَّبَ وَعَصَى – 21 ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى – 22 فَحَشَرَ فَنَادَى – 23 فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى – 24 فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى - 25


    لقد بلغ موسى ما كلف تبليغه . بالأسلوب الذي لقنه ربه وعرفه ...فأراه موسى الآية الكبرى . آية العصا واليد البيضاء كما جاء في المواضع الأخرى... ( فكذب وعصى ). . وانتهى مشهد اللقاء والتبليغ عند التكذيب والمعصية في اختصار وإجمال...
    ثم يعرض مشهدا آخر . مشهد فرعون يتولى عن موسى , ويسعى في جمع السحرة للمباراة بين السحر والحق . حين عز عليه أن يستسلم للحق والهدى..



    ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى – 22 فَحَشَرَ فَنَادَى – 23 فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى – 24 فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى – 25



    ويسارع السياق هنا إلى عرض قولة الطاغية الكافرة , مجملا مشاهد سعيه وحشره للسحرة وتفصيلاتها . فقد أدبر يسعى في الكيد والمحاولة , فحشر السحرة والجماهير ; ثم انطلقت منه الكلمة المتطاولة , المليئة بالغرور والجهالة: أنا ربكم الأعلى..


    قالها الطاغية مخدوعا بغفلة شعبه , وإذعانها وانقيادها . فما يخدع الطغاة شيء ما تخدعهم غفلة شعوبهم وذلتها وطاعتها وانقيادها . وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة ولا سلطانا .
    إنما هي الشعوب الغافلة الذلول , تمطي له ظهرها فيركب ... وتمد له أعناقها فيجر ... وتحني له رؤوسها فيستعلي ... وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى....


    والشعوب تفعل هذا مخدوعة من جهة وخائفة من جهة أخرى . وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم . فالطاغية - وهو فرد - لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين , لو أنها شعرت بإنسانيتها وكرامتها وعزتها وحريتها .


    وما يمكن أن يطغى فرد في أمة كريمة أبدا . وما يمكن أن يطغى فرد في أمة رشيدة أبدا . وما يمكن أن يطغى فرد في أمة تعرف ربها وتؤمن به وتأبى أن تتعبد لواحد من خلقه لا يملك لها ضرا ولا رشدا...


    فأما فرعون فوجد في قومه من الغفلة ومن الذلة ومن خواء القلب من الإيمان , ما جرؤ به على قوله : أنا ربكم الأعلى . .


    وما كان ليقولها أبدا لو وجد أمة واعية كريمة مؤمنة , تعرف أنه عبد ضعيف لا يقدر على شيء . وإن يسلبه الذباب شيئا لا يستنقذ من الذباب شيئا...


    وأمام هذا التطاول الوقح , بعد الطغيان البشع , كان الجزاء الذي هو عبرة لكل متطلع إلى الطغيان, إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


    فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى – 25


    ويقدم هنا نكال الآخرة على نكال الأولى . . لأنه أشد وأبقى . فهو النكال الحقيقي الذي يأخذ الطغاة والعصاة بشدته وبخلوده .
    ونكال الأولى كان عنيفا قاسيا . فكيف بنكال الآخرة وهو أشد وأنكى ?


    إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى – 26
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:32

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (4)
    وبعض آيات من سورة عبس


    قيمة الإنسان المؤمن
    في الإسلام



    رسالة الإسلام هي رسالة الله تعالى للبشرية كافة, والله أعلم بقلوب البشر, وفي الحديث : إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم . ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم..
    الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح مسلم


    وقال تعالى في سورة الحجرات : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا,
    إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ – 13


    فهذا هو الميزان الذي أنزله الله للناس مع الرسل , ليقوموا به القيم كلها ...
    إن الدعوة إلى الله تعالى تحتاج منا الجهد المستمر والشاق وخاصة مع كبار القوم من الناس الذين بهداهم قد يدخل في الإسلام الكثير, أو على الأقل يكفوا عن التصدي لدعوة الحق....
    ولكن دعوة الحق في الإسلام جلية واضحة , والله تعالى وحده المتفرد بالقبول للداخلين في دينه... ولا منة لأحد من البشر أن يقول أمنت..
    قال تعالى في سورة الحجرات : يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ – 17


    ******


    عَبَسَ وَتَوَلَّى – 1 أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى – 2 وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى – 3 أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى – 4 أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى – 5 فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى – 6 وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى – 7 وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى - 8 وَهُوَ يَخْشَى – 9 فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى – 10 كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ – 11 فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ – 12 فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ – 13 مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ – 14 بِأَيْدِي سَفَرَةٍ – 15 كِرَامٍ بَرَرَةٍ – 16



    يجيء الرجل الأعمى الفقير . . ابن أم مكتوم . . إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو مشغول بأمر النفر من سادة قريش . عتبة وشيبة ابني ربيعة , وأبي جهل عمرو بن هشام , وأمية بن خلف , والوليد بن المغيرة , ومعهم العباس بن عبد المطلب .
    والرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يدعوهم إلى الإسلام ; ويرجو بإسلامهم خيرا للإسلام في عسرته وشدته التي كان فيها بمكة ; وهؤلاء النفر يقفون في طريقه بمالهم وجاههم وقوتهم ; ويصدون الناس عنه , ويكيدون له كيدا شديدا حتى ليجمدوه في مكة تجميدا ظاهرا . بينما يقف الآخرون خارج مكة , لا يقبلون على الدعوة التي يقف لها أقرب الناس إلى صاحبها , وأشدهم عصبية له , في بيئة جاهلية قبلية , تجعل لموقف القبيلة كل قيمة وكل اعتبار...


    يجيء هذا الرجل الأعمى الفقير إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وهو مشغول بأمر هؤلاء النفر . لا لنفسه ولا لمصلحته , ولكن للإسلام ولمصلحة الإسلام . فلو أسلم هؤلاء لانزاحت العقبات العنيفة والأشواك الحادة من طريق الدعوة في مكة ; ولانساح بعد ذلك الإسلام فيما حولها , بعد إسلام هؤلاء الصناديد الكبار....


    عَبَسَ وَتَوَلَّى – 1 أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى – 2


    بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب .. وفي هذا الأسلوب إيحاء بأن الأمر موضوع الحديث من الكراهة عند الله بحيث لا يحب - سبحانه - أن يواجه به نبيه وحبيبه . عطفا عليه , ورحمة به , وإكراما له.
    وتشريعا لنا نهتدي به عبر العصور...


    كيف يزن الناس كل أمور الحياة ؟ ومن أين يستمدون القيم التي يزنون بها ويقدرون ..


    وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى – 3 أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى – 4


    يجيء هذا الرجل , فيقول لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]:يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله . . ويكرر هذا وهو يعلم تشاغل الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] بما هو فيه من الأمر . فيكره الرسول قطعه لكلامه واهتمامه . وتظهر الكراهية في وجهه - الذي لا يراه الرجل - فيعبس ويعرض .


    وهنا تتنزل رحمة الله تعالى للمؤمنين :


    وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى – 3 أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى – 4 أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى – 5 فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى – 6 وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى – 7 وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى - 8 وَهُوَ يَخْشَى – 9 فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى – 10 كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ – 11 فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ – 12 فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ – 13 مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ – 14 بِأَيْدِي سَفَرَةٍ – 15 كِرَامٍ بَرَرَةٍ – 16

    ومن هنا ندرك كرامة المؤمن عند الله تعالى, وأن الداعية إلى الله لا يكلف نفسه فوق طاقتها ..
    قال تعالى في سورة القصص:
    إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ - 56


    يقول تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴾ أي: حقا إن هذه الموعظة تذكرة من الله، يذكر بها عباده، ويبين لهم في كتابه ما يحتاجون إليه، ويبين الرشد من الغي، فإذا تبين ذلك ﴿ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴾ أي: عمل به، كقوله تعالى في سورة الكهف: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾29

    ثم ذكر محل هذه التذكرة وعظمها ورفع قدرها، فقال: ﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ ﴾ القدر والرتبة ﴿ مُطَهَّرَةٌ ﴾ من الآفاق و عن أن تنالها أيدي الشياطين أو يسترقوها، بل هي ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴾ وهم الملائكة الذين هم السفراء بين الله وبين عباده، ﴿ كِرَامٍ ﴾ أي: كثيري الخير والبركة، ﴿ بَرَرَةٍ ﴾ قلوبهم وأعمالهم.
    وذلك كله حفظ من الله لكتابه، أن جعل السفراء فيه إلى الرسل الملائكة الكرام الأقوياء الأتقياء، ولم يجعل للشياطين عليه سبيلا، وهذا مما يوجب الإيمان به وتلقيه بالقبول..


    *******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:32

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (5)
    وبعض آيات من سورة عبس


    قيمة العقل
    وأولويات العمل



    عشنا في اللقاء السابق مع قيمة المؤمن عند الله تعالى.
    ونواصل اليوم إن شاء الله تعالى الحديث عن قيمة العقل والتدبر للوصول إلى اليقين الإيماني.. فقضية العقيدة في الإسلام قضية واقعية مبنية على المنطق والعقل وليست ضربا من الخيال والأوهام الفارغة ...


    قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ – 17 مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ – 18 مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ – 19 ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ – 20 ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ – 21 ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ – 22


    فقضية الكفر ليس عليها دليل عقلي بل ضرب من الجهل وضياع العمر فيما لا طائل من وراءه إلا الدمار في الدنيا والجحيم في الأخرة.
    فعمر الدنيا لا يكاد يذكر بجانب الخلود الأبدي في الحياة الحقيقية والنعيم الأبدي في الأخرة..


    عجبا لهذا الإنسان الذي يعرض عن الهدى , ويستغني عن الإيمان , ويستعلي على الدعوة إلى ربه . . عجبا من أمره وكفره , وهو لا يذكر مصدر وجوده , وأصل نشأته , ولا يرى عناية الله به وهيمنته كذلك على كل مرحلة من مراحل نشأته في الأولى والآخرة ; ولا يؤدي ما عليه لخالقه وكافله ومحاسبه..؟؟


    قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ – 17

    فإنه ليستحق القتل على عجيب تصرفه . . فهي صيغة تفظيع وتقبيح وتشنيع لأمره . وإفادة أنه يرتكب ما يستوجب القتل لشناعته وبشاعته . .
    ما أكفره ؟ . . ما أشد كفره وجحوده ونكرانه لمقتضيات نشأته وخلقته . ولو رعى هذه المقتضيات لشكر خالقه , ولتواضع في دنياه , ولذكر آخرته . .
    وإلا فعلام يتكبر ويستغني ويعرض ? وما هو أصله وما هو مبدؤه؟


    مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ – 18

    إنه أصل متواضع زهيد يستمد كل قيمته من فضل الله ونعمته , ومن تقديره وتدبيره..


    مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ – 19

    من هذا الشيء الذي لا قيمة له ; ومن هذا الأصل الذي لا قوام له . . ولكن خالقه هو الذي قدره وكرمه...


    ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ – 20

    فمهد له سبيل الحياة . أو مهد له سبيل الهداية . ويسره لسلوكه بما أودعه من خصائص واستعدادات . سواء لرحلة الحياة , أو للإهتداء فيها .
    حتى إذا انتهت الرحلة , صار إلى النهاية التي يصير إليها كل حي . بلا اختيار ولا فرار....


    ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ – 21

    فأمره في نهايته كأمره في بدايته , في يد الذي أخرجه إلى الحياة حين شاء , وأنهى حياته حين شاء , وجعل مثواه جوف الأرض , كرامة له ورعاية , ولم يجعل جسده على ظهر الأرض للجوارح والكواسر ...

    حتى إذا حان الموعد الذي اقتضته مشيئته , أعاده إلى الحياة لما يراد به من الأمر والحساب...


    ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ – 22

    فليس متروكا سدى ; ولا ذاهبا بلا حساب ولا جزاء . . فهل تراه تهيأ لهذا الأمر واستعد ؟؟؟


    *******


    أولويات التدبر والإهتمام للإنسان العاقل



    فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ - 24


    أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً – 25 ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً – 26 فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً – 27 وَعِنَباً وَقَضْباً – 28 وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً – 29 وَحَدَائِقَ غُلْباً – 30 وَفَاكِهَةً وَأَبّاً – 31 مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ - 32


    فهلا نظر إلى طعامه وطعام أنعامه في هذه الرحلة ? وهي شيء واحد من أشياء يسرها له خالقه ؟؟


    من الغريب أن نرى الإنسان يوجه إهتماماته إلى أشياء كثيرة لا تنفعه وينفق عليها الكثير , بينما يواجه كثير من البشر مخاطر الجوع والفقر..
    وكان على الإنسان العاقل أن ينظر إلى طعامه والأهتمام بالجانب الزراعي وزراعة الحبوب وزراعة الفاكهة من أعناب ونخيل والزيتون,


    فهذه نعم الله تعالى التي أنعمها على الإنسان , فوجب الإهتمام بها صيانة ودليلا على القدرة الإلهية ...


    فإن اليد التي أخرجته إلى الحياة وأبدعته, هي ذاتها اليد التي أخرجت طعامه وأبدعته..


    فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ - 24


    أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبّاً – 25 ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً – 26 فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً – 27 وَعِنَباً وَقَضْباً – 28 وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً – 29 وَحَدَائِقَ غُلْباً – 30 وَفَاكِهَةً وَأَبّاً – 31 مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ - 32



    ومع الإهتمام بالزراعة , من استصلاح للأراضي والإهتمام بالري , وعدم الإعتداء على الأراضي الزراعية, فيجب أن ينظر إليها أنها من إبداع الخالق , فالحبوب والبذور التي يلقيها الإنسان في الأرض . . إنه لم يبدعها , ولم يبتدعها .

    والمعجزة في إنشائها ابتداء من وراء تصور الإنسان وإدراكه . والتربة واحدة بين يديه , ولكن البذور والحبوب منوعة , وكل منها يؤتي أكله في القطع المتجاورات من الأرض . وكلها تسقى بماء واحد , ولكن اليد المبدعة تنوع النبات وتنوع الثمار ; وتحفظ في البذرة الصغيرة خصائص أصلها..

    فالبذرة توضع في الأرض الزراعية يخرج منه جذر وساق ,
    ومن المفروض أن يتجه الجذر الى أسفل في عمق الأرض الزراعية وأن الساق يتجه إلى أعلى ليحمل الأوراق والثمار .
    هذه العملية تقتضي أن تكون البذرة على وضع منضبط , بحيث لو وضعت مقلوبة يحدث العكس ..
    ولكن الأمر العجيب أن المزارع يرمي البذر على الأرض دون تفكير في هذا الأمر مطلقا ..
    فمن الذي وضع في البذرة هذا البرنامج الذي يحدد إتجاه كل من الجذر والساق مهما كان وضع البذرة ؟
    الجواب : هو الله الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى .
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:33

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (6)
    وبعض آيات من سورة التكوير


    علامات القيامة
    وأثارها في المعاملات



    إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ – 1 وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ – 2 وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ - 3
    وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ – 4 وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ – 5 وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ -6 وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ – 7


    وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ – 8 بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ – 9



    علامات تهز النفس البشرية هزا عنيفا طويلا , يخلعها من كل ما اعتادت أن تسكن إليه , وتتشبث به , فإذا هي في عاصفة الهول المدمر الجارف ريشة لا وزن لها ولا قرار . ولا ملاذ لها ولا ملجأ إلا في حمى الواحد القهار , الذي له وحده البقاء والدوام , وعنده وحده القرار والاطمئنان..


    هذا هو مشهد الانقلاب التام لكل معهود , والثورة الشاملة لكل موجود . الانقلاب الذي يشمل الأجرام السماوية والأرضية , والوحوش النافرة والأنعام الأليفة , ونفوس البشر , وأوضاع الأمور . حيث ينكشف كل مستور , ويعلم كل مجهول ; وتقف النفس أمام ما أحضرت من الرصيد والزاد في موقف الفصل والحساب . وكل شيء من حولها عاصف ; وكل شيء من حولها مقلوب ..


    وهذه الأحداث الكونية الضخام تشير بجملتها إلى أن هذا الكون الذي نعهده . الكون المنسق الجميل , الموزون الحركة , المضبوط النسبة , المتين الصنعة , المبني بأيد وإحكام . أن هذا الكون سينفرط عقد نظامه , وتتناثر أجزاؤه , وتذهب عنه صفاته هذه التي يقوم بها ; وينتهي إلى أجله المقدر , حيث تنتهي الخلائق إلى صورة أخرى من الكون ومن الحياة ومن الحقائق غير ما عهدت نهائيا من هذا الكون المعهود.


    وهذا ما تستهدف السورة إقراره في المشاعر والقلوب كي تنفصل من هذه المظاهر الزائلة - مهما بدت لها ثابتة - وتتصل بالحقيقة الباقية . .


    أن البقاء لله الواحد القهار لا يحول ولا يزول..
    حين يحول كل شيء من الحوادث ويزول .


    إن هذا الشعور بالرهبة يجعل النفس تراجع كل معاملاتها تجاه الأخرين خشية الحساب والعقاب..


    وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ – 8 بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ – 9

    وإذا الموءودة سئلت: بأي ذنب قتلت ? وقد كان من هوان النفس الإنسانية قبل الإسلام أن انتشرت عادة وأد البنات خوف العار أو خوف الفقر .
    جاء الإسلام ليرفع العرب من هذا التخلف , ويرفع البشرية كلها .


    فإن هناك حساب ..فما بال القتل الجماعي الذي نراه الأن ؟
    فما بال قتل الأطفال بهذه البشاعة التي تعرض في وسائل الإعلام وعبر النت ؟ فما بال قتل النساء والشيوخ العزل ؟
    إن القتل يقع من المنوط بهم حماية النفس وحماية الدين والمال والعرض.


    هل الشعور بالرهبة من يوم الحساب قد تجمد ؟
    وأصبح الإنسان متبلد المشاعر في قتل أخيه ولا يدرك أن هناك نهاية لهذا العالم وأن الحساب شديد .


    هل أدركنا أهمية التربية الإيمانية على مائدة القرآن العظيم ؟



    إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ – 1 وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ – 2 وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ - 3
    وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ – 4 وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ – 5 وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ -6 وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ – 7


    وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ – 8 بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ – 9


    وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ – 10 وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ – 11


    وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ – 12 وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ – 13


    عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ – 14
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 1:34

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء الثلاثون
    (7)
    وبعض آيات من سورة الأنفطار

    تدوين الملائكة لكل أعمال الإنسان
    وأثارها في المعاملات


    يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ (8)
    كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)

    ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ أتهاونا منك في حقوقه تعالى ؟ أم احتقارا منك لعذابه ؟ أم عدم إيمان منك بجزائه ؟
    أليس هو ﴿ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ ﴾ في أحسن تقويم ؟ ﴿ فَعَدَلَكَ ﴾ وركبك تركيبا قويما معتدلا، في أحسن الأشكال، وأجمل الهيئات، فهل يليق بك أن تكفر نعمة المنعم، أو تجحد إحسان المحسن ؟
    إن هذا إلا من جهل وظلم وعناد الإنسان ، فالحمد لله أن لم يجعل صورة الإنسان صورة كلب أو حمار، أو نحوهما من الحيوانات, فلهذا قال تعالى: ﴿ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾
    ﴿ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ﴾ أي: مع هذا الوعظ والتذكير، لا تزالون مستمرين على التكذيب بالجزاء.
    وأنتم لا بد أن تحاسبوا على ما عملتم، وقد أقام الله عليكم ملائكة كراما يكتبون أقوالكم وأفعالكم ويعلمون أفعالكم، ودخل في هذا أفعال القلوب، وأفعال الجوارح، فاللائق بكم أن تكرموهم وتجلوهم وتحترموهم.

    ونحن لا ندري كيف يقع هذا كله , ولسنا بمكلفين أن نعرف كيفيته .

    ويكفي أن يشعر القلب البشري أنه غير متروك سدى . وأن عليه حفظة كراما كاتبين يعلمون ما يفعله , ليرتعش ويستيقظ , ويتأدب , وهذا هو المقصود.

    ولما كان جو السورة جو كرم وكرامة , فإنه يذكر من صفة الحافظين كونهم . .( كراما ). . ليستجيش في القلوب إحساس الخجل والتجمل بحضرة هؤلاء الكرام . فإن الإنسان ليحتشم ويستحيي وهو بمحضر الكرام من الناس أن يسف أو يتبذل في لفظ أو حركة أو تصرف . . فكيف به حين يشعر ويتصور أنه في كل لحظاته وفي كل حالاته في حضرة حفظة من الملائكة ( كرام ) لا يليق أن يطلعوا منه إلا على كل كريم من الخصال والفعال..

    إن القرآن ليستجيش في القلب البشري أرفع المشاعر بإقرار هذه الحقيقة فيه بهذا التصور الواقعي الحي القريب إلى الإدراك المألوف . .

    ولقد عرف الإنسان في الوقت الراهن تسجيل الصوت والصورة عبر الأقمار الصناعية , وأنظمة المراقبة الدقيقة التي تراقب الداخلين والخارجين في المطارات والفنادق والأبنية الهامة , وكل هذا لا يشكل إلا الحركات الخارجية للإنسان , ويمكن للإنسان أن يتجنب أجهزة المرقبة بالإبتعاد عنها , ولكن لا يستطيع أن يتوارى عن الرقابة الإلهية.

    قال تعالى في سورة ق :

    وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ – 16 إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ – 17 مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ – 18

    *******
    إن صور الفساد تستشري في المجتمعات التي تنحي الإيمان جانبا ولا تؤمن بالرقابة الإلهية ..
    وإن الأمن والأمان يسود في المجتمعات المؤمنة , ويحضرني موقف عمر بن الخطاب وهو يتقدم بإستقالته لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم , أبي بكر الصديق , وكان عمر بن الخطاب يشغل منصب القاضي ومر عام ولم يتقدم إليه أي شكوى أو مظلمة...
    في ظل هذا المجتمع المؤمن يعرف كل إنسان ما له وما عليه ولا يظلم ولا ينطق الفحش أو الكذب لأنه يدرك مدى الرقابة التي تلازمه.

    نحن في حاجة ماسة للتربية الإيمانية التي صنعت مثل هذه النماذج الحضارية التي تصون أمتها وتنهض بها..

    *******
     
    waell
    waell
    مدير الموقع
    مدير الموقع


    البلد : الشام
    ذكر
    العمر : 64
    صديقة مقربة صديقة مقربة : بنت القدس
    صديقة مقربة صديقة مقربة : لمووووش
    صديقة صديقة : مينيرفا
    إبن عم إبن عم : Dr.abdo
    إبنة عم إبنة عم : ام التوت
    إبنة أخ إبنة أخ : سمورة
    إبنة أخت إبنة أخت : بـ الشام ـــنـت
    أخت أخت : yasmin
    عدد الرسائل : 29434
    العمل/الهواية : بالديكورات واللوحات الشرقية
    تاريخ التسجيل : 27/09/2007
    مستوى النشاط : 65546
    تم شكره : 59
    الجوزاء

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف waell الثلاثاء 30 يوليو 2013 - 8:32

     مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Jz6kta2ueokdmexnoajvr
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:23


    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (8)
    وبعض آيات من سورة المطففين

    العدل في المعاملات



    وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ – 1 الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ – 2 وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ – 3 أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ – 4 لِيَوْمٍ عَظِيمٍ – 5 يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ - 6


    إن الإسلام ليس شعارات ترفع ثم يفعل الإنسان مايخالف المبادئ التي قام عليها من عدل وأخلاق وإحسان في كافة المعاملات وجميع مجالات الحياة.


    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من غشنا فليس منا


    إن فساد المجتمع يأتي من عدم اليقين بالحساب يوم الدين.
    ونلاحظ اليوم أن الكيل بمكيالين أصبح منتشرا حتي بين الدول ,

    فكيف تتحقق العدالة , والموازين مختلة ؟

    فلا تستقيم حياة البشر إلا في ظل العدل الذي قررته شريعة الإسلام , حيث الحق والعدل والمساواة...

    ******


    فسورة المطففين تفضح صنف من البشر يستغل حاجة الناس ,في التربح غير الشريف وكأنه ليس هناك حساب ولا عقاب يوم القيامة..

    فالسورة تتألف من أربعة مقاطع..


    يبدأ المقطع الأول منها بتهديد و بيان مصير المطففين: ويل للمطففين. الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون؛ وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم؟ يوم يقوم الناس لرب العالمين؟


    فشريعة الإسلام تنبذ الفساد بكل صوره.. وتنهى عن الغش و الإستغلال والخيانة... وقد رآينا ذلك واضحا في تلك السلسلة من أولها ,


    ونورد على سبيل المثال هذا التهديد لمن يتعاملون بالربا الذي يدمر إقتصاديات الشعوب ...حيث توعد الله تعالى أكلي الربا إلا أن يتوبوا...


    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ – 278
    فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ -279 البقرة


    فالمعاملات في الإسلام مبنية على الأمانة والصدق والإخلاص وهي أهداف العقيدة الصحيحة....


    ففي الحديث الشريف, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


    من حمل علينا السلاح فليس منا . ومن غشنا فليس منا..


    الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 101
    خلاصة الدرجة: صحيح


    *****


    ويتحدث المقطع الثاني في شدة وردع وزجر، وتهديد بالويل والهلاك , وبيان لسبب هذا العمى وعلة هذا الانطماس، وتصوير لجزائهم يوم القيامة، وعذابهم بالحجاب عن ربهم، كما حجبت الآثام في الأرض قلوبهم..

    كلا. إن كتاب الفجار لفي سجين. ومآ أدراك ما سجين ؟ كتاب مرقوم . ويل يومئذ للمكذبين , الذين يكذبون بيوم الدين . وما يكذب به إلا كل معتد أثيم ، إذا تتلى عليه آياتنا قال: أساطير الأولين . كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون. ثم إنهم لصالوا الجحيم. ثم يقال: هـذا الذي كنتم به تكذبون ...


    *****


    والمقطع الثالث يعرض الصفحة المقابلة. صفحة الأبرار. ورفعة مقامهم. والنعيم المقرر لهم. ونضرته التي تفيض على وجوههم. والرحيق الذي يشربون وهم على الأرائك ينظرون.. وهي صفحة ناعمة وضيئة...


    كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين . ومآ أدراك ما عليون , كتاب مرقوم، يشهده المقربون . إن الأبرار لفي نعيم ، على الأرآئك ينظرون ، تعرف في وجوههم نضرة النعيم ، يسقون من رحيق مختوم ، ختامه مسك - وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ـ ومزاجه من تسنيم . عيناً يشرب بها المقربون....


    وعلى هذا النعيم الأبدي يجب أن تكون المنافسة , قال تعالى : فاستبقوا الخيرات...سورة البقرة


    أما التنافس على الدنيا فهي الهلاك...


    وكلنا يرى ما يحدث من فساد وخراب ودمار من أجل التنافس على الدنيا..
    بينما لو حدث التنافس على الخيرات لعم الرخاء والسعادة والتعاون والحب بين البشر...
    هذا في الدنيا , أما في الأخرة فالنعيم الأبدي بلا حدود...



    *******


    والمقطع الأخير يصف ما كان الأبرار يلاقونه في عالم الغرور الباطل من الفجار من إيذاء وسخرية وسوء أدب. ليضع في مقابله ما آل إليه أمر الأبرار وأمر الفجار في عالم الحقيقة الدائم الطويل...


    إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون، وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا : إن هـؤلاء لضالون. ومآ أرسلوا عليهم حافظين. فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرآئك ينظرون. هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ؟


    *******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:25

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (9)
    وبعض آيات من سورة الإنشقاق

    الكدح السمة المشتركة
    للإنسان في هذه الحياة

    يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ – 6 فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ – 7 فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً – 8 وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً – 9


    وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ – 10 فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً – 11 وَيَصْلَى سَعِيراً – 12 إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً – 13 إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ – 14 بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً – 15


    يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ .. الذي خلقه ربه بإحسان , والذي ميزه بهذه " الإنسانية " التي تفرده في هذا الكون بخصائص كان من شأنها أن يكون أعرف بربه، وأطوع لأمره من الأرض والسماء.
    وقد نفخ فيه من روحه، وأودعه القدرة على الاتصال به، وتلقي قبس من نوره، والفرح باستقبال فيوضاته، والتطهر بها أو الارتفاع إلى غير ..وآفاق هذا الكمال عالية بعيدة .
    فهل بعد هذا التكريم لهذا الإنسان تكريم ؟؟


    يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ – 6


    . يا أيها الإنسان إنك تقطع رحلة حياتك على الأرض كادحاً، تحمل عبئك، وتجهد جهدك، وتشق طريقك.. لتصل في النهاية إلى ربك. فإليه المرجع وإليه المآب. بعد الكد والكدح والجهاد..


    يا أيها الإنسان.. إنك كادح حتى في متاعك.. فأنت لا تبلغه في هذه الأرض إلا بجهد وكد. إن لم يكن جهد بدن وكد عمل ، فهو جهد تفكير وكد مشاعر.


    الواجد والمحروم سواء . إنما يختلف نوع الكدح ولون العناء ، وحقيقة الكدح هي المستقرة في حياة الإنسان.. ثم النهاية في آخر المطاف إلى الله سواء.


    يا أيها الإنسان.. إنك لا تجد الراحة في الأرض أبداً.


    إنما الراحة هناك. لمن يقدم لها بالطاعة والاستسلام..



    التعب واحد في الأرض والكدح واحد ـ وإن اختلف لونه وطعمه ـ أما العاقبة فمختلفة عندما تصل إلى ربك..


    فإنسان إلى عناء دونه عناء الأرض. وإنسان إلى نعيم يمسح على آلام الأرض كأنه لم يكن كدح ولا كد..


    يا أيها الإنسان.. الذي امتاز بخصائص " الإنسان ".. ألا فاختر لنفسك ما يليق بهذا الامتياز الذي خصك به الله، اختر لنفسك الراحة من الكدح عندما تلقاه.



    يا أيها الإنسان إنك ساعٍ إلى الله, وعامل أعمالا من خير أو شر, ثم تلاقي الله يوم القيامة, فيجازيك بعملك بفضله أو عدله.


    ******

    فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ – 7 فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً – 8 وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً – 9

    فأما من أعطي صحيفة أعماله بيمينه, وهو مؤمن بربه, فسوف يحاسب حسابًا سهلا ويرجع إلى أهله في الجنة مسرورًا.



    والذي يؤتى كتابه بيمينه هو السعيد، الذي آمن وأحسن، فرضي الله عنه وكتب له النجاة. وهو يحاسب حساباً يسيراً. فلا يناقش ولا يدقق معه في الحساب.


    والذي يصور ذلك هو الآثار الواردة عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم


    عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : من نوقش الحساب عذب ... قالت: قلت : أفليس قال الله تعالى: فسوف يحاسب حساباً يسيراً.


    قال: ليس ذلك بالحساب، ولكن ذلك العرض.


    من نوقش الحساب يوم القيامة عذب.


    الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4939
    خلاصة الدرجة: [صحيح]


    ******

    وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ – 10 فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً – 11 وَيَصْلَى سَعِيراً – 12 إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً – 13 إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ – 14 بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً – 15


    وأمَّا مَن أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره, وهو الكافر بالله, فسوف يدعو بالهلاك والثبور, ويدخل النار مقاسيًا حرها. إنه كان في أهله في الدنيا مسرورًا مغرورًا, لا يفكر في العواقب, إنه ظنَّ أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب. بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله, إن ربه كان به بصيرًا عليمًا بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.



    *****

    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:27

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (10)
    وبعض آيات من سورة البروج



    وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ – 1 وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ – 2 وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ – 3 قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ – 4 النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ – 5 إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ – 6 وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ – 7 وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ – 8 الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ - 9


    ******


    إن حقيقة الإيمان تجعل من الإنسان نموذجا حيا من الأمانة والعدالة والأخلاق الرفيعة مثل الشهامة والكرم والعطف على الضعفاء والمرضى والمساكين ومساعدة كل من يلجأ إليه ..فالمؤمن من أمنه الناس والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده..


    فهل بعد هذه الصورة المشرقة للإنسان توجد صورة مماثلة ..؟؟


    إن المؤمن لا يعبد إلا الله الخالق الحق.. لا يطأطئ رأسه لمخلوق..لا يرضى بالفساد ولا يرضى بالظلم سواء من نفسه أو على نفسه.
    فهل هذا يقلق الطغاة المتسلطين الفاسدين..؟؟ الذين يريدون من الناس عبيدا لهم وخدما لا يرفعون رؤساهم أبدا ولا تتكلم السنتهم بالمساواة والحرية والعدل.. فهذا يعتبر تمرد جزاءه الموت والحرق..


    ورد في حديث الإسراء , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مررت ليلة أسري بي برائحة طيبة ، فقلت لجبريل ما هذه ( الرائحة الطيبة ) ؟ فقال ماشطة بنت فرعون ، كانت تمشطها ، فوقع المشط من يدها فقالت باسم الله ، فقالت ابنة فرعون : أبي ، قالت : ربي ، ورب أبيك ، قالت أقول له إذا ، قالت قولي له ، فقال فرعون لها : أولك رب غيري ؟ قالت : ربي وربك الله الذي في السماء -- فأحمي لها ( بنقرة من نحاس ) ، فألقى ولدها ، واحدا ، واحدا -- فكان آخرهم صبي ، فقال يا أماه اصبري فإنك على الحق..
    الراوي: عبدالله بن عباس – حديث حسن


    وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ – 8 الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ - 9

    والموضوع المباشر الذي تتحدث عنه السورة هو حادث أصحاب الأخدود . . والموضوع هو أن فئة من المؤمنين السابقين على الإسلام - ابتلوا بأعداء لهم طغاة قساة , وأرادوهم على ترك عقيدتهم والارتداد عن دينهم , فأبوا وتمنعوا بعقيدتهم . فشق الطغاة لهم شقا في الأرض , وأوقدوا فيه النار , وكبوا فيه جماعة المؤمنين فماتوا حرقا , على مرأى من الجموع التي حشدها المتسلطون لتشهد مصرع الفئة المؤمنة بهذه الطريقة البشعة ...


    ******


    إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ – 10
    إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ – 11


    إن جرائم الطغاة لا تنتهي في هذه الدنيا ولا يسدل عليها ستائر النهاية, فهناك حساب عادل وميزان وقصاص في الأخرة...وقد يكون الإنتقام من الطغاة في الدنيا.

    فهل يعتبر طغاة اليوم ويقدموا التوبة قبل يوم الحساب ؟ فإن الله تواب رحيم..


    ******


    هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ – 17 فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ - 18


    قد أتاك حديثهم ... وكيف فعل ربك بهم ؟
    وهما حديثان مختلفان في طبيعتهما وفي نتائجهما . . فأما حديث فرعون , فقد أهلكه الله وجنده ونجى بني إسرائيل , ومكن لهم في الأرض فترة , ليحقق بهم قدرا من قدره , وإرادة من إرادته .
    وأما حديث ثمود فقد أهلكهم الله عن بكرة أبيهم وأنجى صالحا والقلة معه حيث لم يكن لهم بعد ذلك ملك ولا تمكين . إنما هي مجرد النجاة من القوم الفاسقين...
    وهما نموذجان لفعل الإرادة الإلهية , وتوجه المشيئة . يعرضها القرآن للقلة المؤمنة في مكة , ولكل جيل من أجيال المؤمنين...
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:28


    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء الثلاثون
    (11)
    وبعض آيات من سورة الطارق

    التدبر
    وتأثيره في المعاملات والنهوض بالأمم


    وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)

    *****
    إن هنالك تدبيراً لهذا الكون الشاسع بنجومه وكواكبه وأقماره. وإن هنالك تقديراً لجميع الخلائق وقانونا تتحرك بمقتضاه . وإن هنالك ابتلاء. وإن هنالك تبعة. وإن هنالك حساباً وجزاء.
    وبذلك يسير المؤمن حياته فلا يطغى ولا يظلم ولا يفسد في الأرض...

    ******

    ونعيش مع بعض التأملات العلمية ...

    النجوم النيوترونية تزداد كتلتها عن كتلة الشمس .
    فعندما يبدأ النجم بالانهيار على نفسه ينكمش بسرعة ويزيد الضغط على ذرات مواده فتتحطم الذرات ويتكون المائع الالكتروني ويزداد سمكه فيبقى عاجزا عن تحمل الضغط الناتج من ثقل النجم وجاذبيته وتكون النتيجة أن تسحق جاذبية النجم " المائع الألكتروني " كما سحقت من قبل قشرة الذرة ويستمر انهيار العملاق الأحمر على نفسه .. فتلتصق الالكترونات بالبروتينات ثم تتحد معها مكونة نيوترونات جديدة .

    وتبدأ طبقات النجم وهي تنهار في التطلع إلى منقذ ينقذها من براثن هذا الوحش المسمى بقوة ثقل النجم والذي يسحق كل ما يجده أمامه وفي النهاية تتحد كل الالكترونات بالبروتينات فيصبح النجم عبارة عن نيوترونات منضغطة على بعضها بدون وجود أي فراغ فتصل كثافة النجم إلى رقم قياسي يصعب تصوره ويتقلص العملاق الأحمر إلى ما يسمى بالنجم النيوتروني في حجم كرة القدم يبلغ وزنها خمسين ألف بليون من الأطنان.

    فإذا وضعت هذه الكرة على الأرض أو على أي جرم سماوي آخر فلن يتحمل سطحه هذا الوزن الهائل فتسقط الكرة خلال الأرض أو خلال الجرم السماوي تاركا وراءه ثقبا يتناسب مع حجمه..
    والطارق هو جرم سماوي له صفتان .. وهما النجم والثاقب ولو قارنا بين تلك الخواص واي جرم سماوي لوجدنا أن النجم النيوتروني يستوفي هذه الخواص نجم و طارق و ثاقب .. له نبضات وطرقات منتظمة فالطارق يصدر طرقات منتظمة متقطعة تك .. تك .. تك تشابه تماما تلك البيبات التي نقلها لنا اللاسلكي والتي كان مصدرها النجم النيوتروني.

    وقد توصل العلماء إن النجم النيوتروني عند مولده له نبضات سريعة لسرعة دورانه وسرعة طاقته وان النجم النيوتروني العجوز له إشارات بطيئة على فترات أطول وذلك عندما تقل طاقته وتنقص سرعة دورانه ..

    فسبحان لله العظيم حين خص هذا النجم بالثاقب وأقسم به فمن عظمة القسم ندرك عظمة المقسوم به ....
    المصدر ( موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة )

    فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)

    فلينظر الإنسان من أي شيء خلق وإلى أي شيء صار.. إنه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، ولقد كان هذا سراً مكنوناً في علم الله لا يعلمه البشر. حتى كان نصف القرن الأخير .

    هذه الخلية الواحدة الملقحة لا تكاد ترى بالمجهر , هذه الخليقة التي لا قوام لها ولا عقل ولا قدرة ولا إرادة، تبدأ في الحال بمجرد استقرارها في الرحم في عملية بحث عن الغذاء . حيث تزودها اليد الحافظة بخاصية أكالة وبمجرد اطمئنانها على غذائها تبدأ في عملية جديدة. عملية انقسام مستمرة تنشأ عنها خلايا..

    وتعرف هذه الخليقة التي لا قوام لها ولا عقل ولا قدرة ولا إرادة.. تعرف ماذا هي فاعلة وماذا هي تريد.. حيث تزودها اليد الحافظة بالهدى والمعرفة والقدرة والإرادة التي تعرف بها الطريق.. إنها مكلفة أن تخصص كل مجموعة من هذه الخلايا الجديدة لبناء ركن من أركان هذه العمارة الهائلة.

    عمارة الجسم الإنساني.. فهذه المجموعة تنطلق لتنشئ الهيكل العظمي. وهذه المجموعة تنطلق لتنشئ الجهاز العضلي. وهذه المجموعة تنطلق لتنشئ الجهاز العصبي. وهذه المجموعة تنطلق لتنشئ الجهاز للمفاوي.. إلى آخر هذه الأركان الأساسية في العمارة الإنسانية.

    ولكن العمل ليس بمثل هذه البساطة.. إن هنالك تخصصاً أدق. فكل عظم من العظام. وكل عضلة من العضلات. وكل عصب من الأعصاب.. لا يشبه الآخر. لأن العمارة دقيقة الصنع، عجيبة التكوين، متنوعة الوظائف.. ومن ثم تتعلم كل مجموعة من الخلايا المنطلقة لبناء ركن من العمارة، أن تتفرق طوائف متخصصة، تقوم كل طائفة منها بنوع معين من العمل في الركن المخصص لها من العمارة الكبيرة.

    فالخلايا المكلفة أن تصنع العين تعرف أن العين ينبغي أن تكون في الوجه، ولا يجوز أبداً أن تكون في البطن أو القدم أو الذراع. مع أن كل موضع من هذه المواضع يمكن أن تنمو فيه عين. ولو أخذت الخلية الأولى المكلفة بصنع العين وزرعت في أي من هذه المواضع لصنعت عيناً هنالك! ولكنها هي بذاتها حين تنطلق لا تذهب إلا للمكان المخصص للعين في هذا الجهاز الإنساني المعقد..
    فمن ترى قال لها: إن هذا الجهاز يحتاج إلى عين في هذا المكان دون سواه؟ إنه الله. إنه الحافظ الأعلى الذي يرعاها ويوجهها ويهديها إلى طريقها في المتاهة التي لا هادي فيها إلا الله تعالى ...
    وكل تلك الخلايا فرادى ومجتمعة تعمل في نطاق ترسمه لها مجموعة معينة من الوحدات كامنة فيها. هي وحدات الوراثة، الحافظة لسجل النوع ولخصائص الأجداد. فخلية العين وهي تنقسم وتتكاثر لكي تكوّن العين، تحاول أن تحافظ في أثناء العمل على شكل معين للعين وخصائص محددة تجعلها عين إنسان لا عين أي حيوان آخر.

    وإنسان لأجداده شكل معين للعين وخصائص معينة.. وأقل انحراف في تصميم هذه العين من ناحية الشكل أو ناحية الخصائص يحيد بها عن الخط المرسوم. فمن ذا الذي أودعها هذه القدرة ؟ وعلمها ذلك التعليم؟ وهي الخلية التي لا عقل لها ولا إدراك، ولا إرادة لها ولا قوة ؟ إنه الله تعالى . علمها ما يعجز الإنسان كله عن تصميمه لو وكل إليه تصميم عين أو جزء من عين . بينما خلية واحدة منه أو عدة خلايا ، تقوم بهذا العمل العظيم .

    فلينظر الإنسان المنكر للبعث مِمَّ خُلِقَ ؟ ليعلم أن إعادة خلق الإنسان ليست أصعب من خلقه أوّلا . إن الذي خلق الإنسان من هذا الماء لَقادر على رجعه إلى الحياة بعد الموت.

    *****
    وهكذا ندرك معنى التدبر في السماوات والأرض وفي النفس
    هذا التدبر يرقى بالإنسان للوصول إلى اليقين الإيماني والتطور العلمي وبالتالي السعادة في الدنيا والنعيم الدائم في الأخرة.

    *******

    يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ (10)

    يوم تُخْتَبر السرائر فيما أخفته, ويُمَيَّز الصالح منها من الفاسد, فما للإنسان من قوة يدفع بها عن نفسه, وما له من ناصر يدفع عنه عذاب الله.

    وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)

    والقول الفصل هو الذي ينهي كل قول وكل جدل وكل شك وكل ريب.

    وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ

    والرجع المطر ترجع به السماء مرة بعد مرة،
    حيث تتبخر المياه من البحار ومن سطح الأرض بفعل حرارة الشمس
    مكونة السحاب الذي سخره الله بحيث لا ينفلت من الأرض
    وينقى الماء ثم يعود مرة أخرى إلى ينابيع الأنهار
    كما أن الرجع له وظيفة أخرى حيث تقوم طبقات السماء العليا للأرض بصد الأشعاعات الضارة التي تنبعث من الشمس وغيرها إلى الأرض .

    والصدع النبت يشق الأرض وينبثق.. وهما يمثلان مشهداً للحياة في صورة من صورها. حياة النبات ونشأته الأولى: ماء يتدفق من السماء، ونبت ينبثق من الأرض.. أشبه شيء بالماء الدافق من الصلب والترائب؛ والجنين المنبثق من ظلمات الرحم. الحياة هي الحياة. والمشهد هو المشهد. والحركة هي الحركة.. نظام ثابت، يدل وحدانية الخالق. الذي لا يشبهه أحد لا في حقيقة الصنعة ولا في شكلها الظاهر

    وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ

    يقول الدكتور زغلول النجار في التفسير العلمي للآية الكريمة
    فسبحان الذي وصف الأرض من قبل ألف وأربعمائة سنة بأنها ذات صدع ,
    لأن الشبكة العملاقة من الصدوع أو الأودية التي تمزق الغلاف الصخري 150.65 كيلو مترا وتمتد لعشرات الألاف من الكيلو مترات لتحيط بالأرض إحاطة كاملة في كل الاتجاهات تتصل بعضها البعض , وكأنها صدع واحد .
    فعبر هذه الصدوع العملاقة خرج كل من الغلافين المائي والغازي للأرض

    *****

    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:29

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (12)
    وبعض آيات من سورة الأعلى



    سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى – 1 الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى – 2 وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى - 3 وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى - 4 فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى - 5 سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى - 6 إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى - 7


    معنى التسبيح في معاملات الإنسان



    فالتسبيح هو التمجيد والتنزيه واستحضار معاني الصفات الحسنى لله , والحياة بين إشعاعاتها وفيوضاتها وإشراقاتها في القلب والشعور . وليست هي مجرد ترديد لفظ : سبحان الله . . .


    قال تعالى في الحشر : الآيات 22 إلى 24 .


    هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .


    ( سبح اسم ربك الأعلى ). . يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته، والخضوع لجلاله، والاستكانة لعظمته، وأن يكون تسبيحا، يليق بعظمة الله تعالى ، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم ، فهو الرقيب سبحانه , فكل أفعال العباد تحت رقابته ..
    وهو السميع سبحانه , فلا ينطق المؤمن إلا خيرا ..لعلمه أن الله تعالى يسمعه ويراه..
    وبجانب تذكر أسماء الله الحسنى نتذكر أفعاله التي منها أنه خلق المخلوقات فسواها ، أي : أتقنها وأحسن خلقها ،


    وأن تلتزم في جميع سلوكياتك ومعاملاتك مقتضى التسبيح والتنزيه ..


    إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ..


    فلا يصدر منك تصرف يخالف هذا اليقين , فهذا مقتضى التسبيح ..الإذعان لمنهج الله تعالى الذي أرسله للبشر ليسود السلام والأمن بينهم..


    فالكون من حولنا يسير وفق قانون الله الذي وضعه له دون تمرد ..
    فهذا الكون يسبح لله تعالى, وهذا هو المعنى الحقيقي للتسبيح المرادة من المؤمن .. فعليه تسير حياته وفق شرع الله دون تمرد .
    قال تعالى في سورة النور :


    أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ – 41 وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ – 42


    وفي الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان :


    سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم .


    الراوي: أبو هريرة المصدر: صحيح البخاري -
    حكم المحدث: صحيح


    *******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:29

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء الثلاثون
    (13)
    وبعض آيات من سورة الغاشية

    سورة الغاشية تطوف بالقلب البشري في مجالين هائلين : مجال الآخرة وعالمها الواسع , ومشاهدها المؤثرة . ومجال الوجود العريض المكشوف للنظر , وآيات الله المبثوثة في خلائقه المعروضة للجميع .
    ثم تذكرهم بعد هاتين الجولتين الهائلتين بحساب الآخرة , وسيطرة الله , وحتمية الرجوع إليه في نهاية المطاف .

    *****

    الوجوه الخاشعة الناصبة


    هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ – 1 وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ – 2 عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ – 3 تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً – 4 تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ – 5 لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ – 6 لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ - 7

    ( الغاشية ). . أي الداهية التي تغشى الناس وتغمرهم بأهوالها . وهو من الأسماء الجديدة الموحية التي وردت في هذا الجزء . . الطامة . . الصاخة . . الغاشية . . القارعة . . مما يناسب طبيعة هذا الجزء المعهودة ..

    فحديث الغاشية هو حديث هذا القرآن العظيم . يذكر به وينذر ويبشر ; ويستجيش به في الضمائر الحساسية والخشية والتقوى والتوجس ; كما يثير به الرجاء والارتقاب والتطلع . ومن ثم يستحيي هذه الضمائر فلا تموت ولا تغفل وتسير جميع معاملاتها وفقا لذلك اليقين ..
    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ – 2 عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ – 3 تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً – 4


    إنه يعجل بمشهد العذاب قبل مشهد النعيم ; فهو أقرب إلى جو( الغاشية )

    فهناك يومئذ وجوه خاشعة ذليلة متعبة مرهقة ; عملت ونصبت فلم تحمد العمل ولم ترض العاقبة , ولم تجد إلا الوبال والخسارة , فزادت مضضا وإرهاقا وتعبا , فهي : ( عاملة ناصبة ) . . عملت لغير الله , ونصبت في غير سبيله . عملت لنفسها وأولادها . وتعبت لدنياها ولأطماعها . ثم وجدت عاقبة العمل والكد . وجدته في الدنيا شقوة لغير زاد . ووجدته في الآخرة سوادا يؤدي إلى العذاب . وهي تواجه النهاية مواجهة الذليل المرهق الخائب الرجاء ..
    ومع هذا الذل والرهق العذاب والألم : ( تصلى نارا حامية ) وتذوقها وتعانيها ..

    فيجب على الإنسان العاقل أن يدرك أن الإتزان والإستقامة على الحق في جميع معاملاته سواء المتعلقة بالعقيدة أو السلوكيات مرهونة بتلك المدة من عمره على الأرض فلا يضيعها في العبث والظلم والفساد وجمع المال بالباطل وسلب حقوق الأخرين ... فإن ذلك يعرض الإنسان للتعب والمشقة في الدنيا والنصب والعذاب في الأخرة ...

    *******

    الوجوه الناعمة


    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ – 8 لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ – 9 فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ – 10 لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً – 11 فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ – 12 فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ – 13 وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ - 14 وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ – 15 وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ -
    16

    وعلى الجانب الآخر:

    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ – 8 لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ – 9 فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ – 10

    فهنا وجوه يبدو فيها النعيم . ويفيض منها الرضى . وجوه تنعم بما تجد , وتحمد ما عملت . فوجدت عقباه خيرا , وتستمتع بهذا الشعور الروحي الرفيع . شعور الرضى عن عملها حين ترى رضى الله عنها . وليس أروح للقلب من أن يطمئن إلى الخير ويرضى عاقبته , ثم يراها ممثلة في رضى الله الكريم . وفي النعيم . ومن ثم يقدم القرآن العظيم هذا اللون من السعادة على ما في الجنة من رخاء ومتاع , ثم يصف الجنة ومناعمها المتاحة لهؤلاء السعداء ...

    لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً – 11

    ويطلق هذا التعبير جوا من السكون والهدوء والسلام والاطمئنان والود والرضى والنجاء والسمر بين الأحباء والأوداء , والتنزه والارتفاع عن كل كلمة لاغية , لا خير فيها ولا عافية . . وهذه وحدها نعيم . وهذه وحدها سعادة . سعادة تتبين حين يستحضر الحس هذه الحياة الدنيا , وما فيها من لغو وجدل وصراع وزحام ولجاج وخصام وقرقعة وفرقعة . وضجة وصخب , وهرج ومرج .

    ثم يستسلم بعد ذلك لتصور الهدوء الآمن والسلام الساكن في العبارة الموحية : ( لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ) وتوحي هذه اللمسة بأن حياة المؤمنين في الأرض وهم ينأون عن الجدل واللغو , هي طرف من حياة الجنة , يتهيأون بها لذلك النعيم الكريم ...

    وهكذا يقدم الله تعالى من صفة الجنة هذا المعنى الرفيع الكريم الوضيء . ثم تجيء المناعم التي تشبع الحس والحواس . تجيء في الصورة التي يملك البشر تصورها . وهي في الجنة مكيفة وفق ما ترتقي إليه نفوس أهل الجنة . مما لا يعرفه إلا من يذوقه ...

    ******
     
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:30

     
    بسم الله الرحمن الرحيم


    مع الجزء الثلاثون
    (14)
    وبعض آيات من سورة الغاشية


    تحدثنا في اللقاء السابق عن مجال الآخرة وعالمها الواسع , ومشاهدها المؤثرة .
    ونعرض اليوم إن شاء الله تعالى لمجال الوجود العريض المكشوف للنظر , وآيات الله المبثوثة في خلائقه المعروضة للجميع . وتأثيرها على جميع معاملات الإنسان .. فإنسان العاقل الذي يعتبر بما يدور حوله .
    فالكون من حولنا طائع لمن خلقه .


    ******


    أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ -17 وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ -18
    وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ –19 وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ -20



    هذه دعوة للتأمل في آيات الله الكونية .


    إن هذه المشاهد معروضة لنظر الإنسان حيثما كان . . السماء والأرض والجبال والحيوان . . وأيا كان حظ الإنسان من العلم والحضارة فهذه المشاهد داخلة في عالمه وإدراكه . موحية له بما وراءها حين يوجه نظره وقلبه إلى دلالتها..


    أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ


    فلننظر إلى الإبل كيف سخرها ربنا لنا , بهذا الحجم الهائل يسوقها غلام صغير ,ولولا تسخير الله لها , ما كنا نستطيع أن نستفيد بها ..
    بينما هناك مخلوقات صغيرة جدا ولكن ليست مسيسة بشكل مباشر لك وقد تتسبب في هلاكك مثل الجراثيم والحشرات والعقارب والثعابين إلى آخر تلك المخلوقات.. وقد يستفيد الإنسان من تلك المخلوقات بإستخراج سمومها واستخدامها في الترياق وبعض الأدوية ..
    والإشارة إلى الإبل هنا تدلك على أهميتها بالنسبة للإنسان , حيث كانت في الماضي من أهم وسائل المواصلات وخاصة في الصحراء , وكان العرب يسمونها سفينة الصحراء , فإن لها بكل قدم خف كبير بحيث لا تغوص أقدامها في الرمال , وتستطيع الأبل تخزين كميات هائلة من المياه داخل بطونها تستعين بها في السفر الطويل..
    وهي على عظم نفعها وخدمتها قليلة التكاليف . مرعاها ميسر , وكلفتها ضئيلة , وهي أصبر الحيوان المستأنس على الجوع والعطش والكدح وسوء الأحوال..


    *******


    وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ


    فالمتأمل في السماء يدرك عظمة الخالق, لهذا الكون العظيم , من مجرات ونجوم وكواكب وأقمار .
    السماء بنهارها الواضح الباهر الجاهر . والسماء بأصيلها الفاتن الرائق الساحر . والسماء بغروبها البديع الفريد الموحي . والسماء بليلها المترامي ونجومها المتلألئة . والسماء بشروقها الجميل الحي السافر ..
    فالنجوم والكواكب والأقمار كلها تسير في مدارات وضعت لها ,
    فالقانون الآلهي مطاع من تلكم الأجرام السماوية الهائلة..
    ولو إنحرفت النجوم عن هذه المسارت وعن هذا القانون الآلهي لهلكت وأهلكت الكواكب التابعة لها.. ولم أستطع أن أعبر عن مدى الدمار الذي يحدث إن انحرفت ..
    ونتعلم من ذلك أن شريعة الله تعالى هي الضمانة لسلامة الإنسان . كما أن قانون الله في الكون ضمان لسائر النجوم والكواكب والأقمار.


    *******


    وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ


    وعلى الأرض نرى هذه الجبال الشامخة , وكيف نصبت على هذه الهيئة التي تحفظ توازن الأرض بإذن الله تعالى .


    *****


    وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ


    والمتأمل والدارس لكوكب الأرض يراى عجائب صنع الله ,
    فباطن الأرض منصهر هائل الإرتفاع في الحرارة , تعبر عنه البراكين والحمم...


    فكلنا رأينا ما يخرج من البراكين من نيران ومنصهرات تذيب ما تقع عليه في لحظات , ومع هذا الجحيم في باطن الأرض نرى سطح الكرة الأرضية أمنا معبد للإنسان.. , به الأودية والأنهار والبحار والزروع وجميع الأحياء , رغم أن باطن الأرض منصهر ..


    فكيف سطحت هذه الأرض بهذه الكيفية الأمنة ؟ , والجواب .. قدرة الله العظيم ...
    بهذا التأمل فتح المسلمون العالم ووضعوا مبادئ العلوم الحديثة التي نراها الأن.. وبهذا التأمل يعود مجد الأمة إلى عهده إن شاء الله تعالى..



    أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ -17 وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ -18
    وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ –19 وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ -20




    *******
    مآآآري
    مآآآري
    المشرفة العامة
    المشرفة العامة


    البلد : سوريا
    انثى
    العمر : 41
    عدد الرسائل : 8386
    العمل/الهواية : مهندسه زراعيه
    تاريخ التسجيل : 22/11/2012
    مستوى النشاط : 23894
    تم شكره : 33
    الاسد

    مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة - صفحة 7 Empty رد: مبادئ المعاملات والأداب من القرآن العظيم - سلسلة متجددة

    مُساهمة من طرف مآآآري الخميس 1 أغسطس 2013 - 19:32

     بسم الله الرحمن الرحيم

    مع الجزء الثلاثون
    (15)
    وبعض آيات من سورة الفجر

    مصير الأمم الطاغية


    أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ – 6 إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ – 7 الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ – 8 وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ – 9 وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ – 10 الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ – 11 فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ – 12 فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ – 13 إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ – 14

    ******

    عاد الأولى

    وقد جمع الله في هذه الآيات القصار مصارع أقوى الجبارين الذين عرفهم التاريخ القديم . . مصرع : " عاد إرم " وهي عاد الأولى . وقيل : إنها من العرب العاربة أو البادية . وكان مسكنهم بالأحقاف وهي كثبان الرمال . في جنوبي الجزيرة بين حضرموت واليمن .
    وقد وصفوا في القرآن بالقوة والبطش ، فقد كانت قبيلة عاد هي أقوى قبيلة في وقتها وأميزها : " التي لم يخلق مثلها في البلاد " في ذلك الأوان . .

    وإضافة الفعل إلى " ربك " فيها للمؤمن طمأنينة وأنس وراحة . وبخاصة أولئك الذين كانوا في مكة يعانون طغيان الطغاة ، وعسف الجبارين من المشركين ، الواقفين للدعوة وأهلها بالمرصاد .

    *******

    ثمود

    وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ..

    وكانت ثمود تسكن بالحجر في شمال الجزيرة العربية بين المدينة والشام . وقد قطعت الصخر وشيدته قصورا ؛ كما نحتت في الجبال ملاجئ ومغارات . .

    *******

    الفراعنة

    وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ – 10 الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ – 11
    فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ – 12


    ( وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ). . وهي على الأرجح الأهرامات التي تشبه الأوتاد الثابتة في الأرض المتينة البنيان . وفرعون المشار إليه هنا هو فرعون موسى الطاغية الجبار .

    هؤلاء هم ( الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ – 11 فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ – 12 ) . .

    وليس وراء الطغيان إلا الفساد . فالطغيان يفسد الطاغية ، ويفسد الذين يقع عليهم الطغيان سواء . كما يفسد العلاقات والارتباطات في كل جوانب الحياة . ويحول الحياة عن خطها السليم النظيف ، المعمر الباني ، إلى خط آخر لا تستقيم معه خلافة الإنسان في الأرض بحال . .

    إنه يجعل الطاغية أسير هواه ، لأنه لا يفيء إلى ميزان ثابت ، ولا يقف عند حد ظاهر ، فيفسد هو أول من يفسد ؛ ويتخذ له مكانا في الأرض غير مكان العبد المستخلف.
    هكذا قال فرعون . . " أنا ربكم الأعلى " عندما أفسده طغيانه ، فتجاوز به مكان العبد المخلوق ، وتطاول به إلى هذا الادعاء المقبوح ، وهو فساد أي فساد .

    ثم هو يجعل الجماهير أرقاء أذلاء ، مع السخط الدفين والحقد الكظيم ، فتتعطل فيهم مشاعر الكرامة الإنسانية ، وملكات الابتكار المتحررة التي لا تنمو في غير جو الحرية .

    وبذلك تنشأ الشعوب المتخلفة أو شعوب العالم الثالث. وهذه الشعوب لا تنظر إلى تطور أو إلى حضارة إلا إذا تحررت من الفساد والاستبداد وعرفت معنى الحرية الحقيقي واحترام الإنسان أيا كان موقعه, فالإنسان كرمه الله تعالى وأسجد له الملائكة وسخر له ما في السماوات والأرض.

    والطغيان يحطم الموازين والقيم والتصورات المستقيمة. التي أتت في شريعة الله تعالى لتنقذ البشرية من التخلف والفقر..

    والطغاة واهمون إذا ظنوا أنهم غير محاسبون سواء في الدنيا أو الأخرة.

    فلما أكثروا في الأرض الفساد ، كان العلاج هو تطهير وجه الأرض منهم ...

    فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ – 13 إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ – 14

    فربك راصد لهم ومسجل لأعمالهم . فلما أن كثر الفساد وزاد صب عليهم سوط عذاب ، وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط ، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب . حيث يجتمع الألم اللاذع والغمرة الطاغية ، على الطغاة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد .

    ومن وراء المصارع كلها تفيض الطمأنينة على القلب المؤمن وهو يواجه الطغيان في أي زمان وأي مكان .

    فمهما طال الليل لابد من فجر يطل بالأمل والنور والحرية.
    وسميت هذه السورة بالفجر للدلالة على أهميته للإنسان المؤمن المتطلع للحرية والعدل والحضارة القائمة على حقوق الإنسان وصيانة كرامته التي كفلها الله تعالى لبني أدم.

    ومن قوله تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) تفيض طمأنينة خاصة . فليطمئن بال المؤمن ، ولينم ملء جفونه . فإن ربه بالمرصاد . . للطغيان والشر والفساد ...
    ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ). يرى ويحسب ويحاسب ويجازي ، وفق ميزان دقيق لا يخطئ ولا يظلم ولا يأخذ بظواهر الأمور لكن بحقائق الأشياء . .

    وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله ليملي للظالم ، حتى إذا أخذه لم يفلته . قال : ثم قرأ : ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ – 102 هود )..
    الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: البخاري
    - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4686
    خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


    ******

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل 2024 - 3:02