Touka Amer3 أبريلعندما رأت الأسطبل وسمعت صهيل خيلها .. تذكرت تلك السنة التى قضتها فى الشرقية تتعلم ركوب الخيل وغيرها من الأشياء ..
بالأخص تذكرت " عزيز " ذلك الشاب صاحب الشعر الاسود والرمش الاسود والعيون الخضراء .. كان الابن الأكبر لشيخ القبيلة وكان مُهيأ ليحتل هذا الشرف بعد أباه . عندما سُلمت ريتا لهم لمدة سنة عن طريق أباها . تعهدوا له بصونها وصون شرفه . أوكله أباه مهمة حماية ريتا ومساعدتها ..
هى الآن وهى تسمع صهيل الخيول تستطيع أن تتذكر صهيل ذكرياتها معه عندما كان يأتى لها كشاب قاهرى وعندما ...كان يأتى لها كشاب بدوى كان فى الحالتين يافع الجمال .
تتذكر جيداً ذلك اليوم التى قصت فيه شعرها كاد يجن عندما عَلم وذهب إليها وأمسك بيديها بقوة وذهب بها للأسطبل ثم أشار لها بيده على شعر " كريستينا " وكانت مُهرته الخاصة ثم صرخ فى وجهها " هى الآن أجمل منكِ " شعرت ريتا يومها بالغيرة جداً وشعرت بالضجر فهى لم تقيم لديهم وقتها قبل هذه المشاجرة إلا ستة أشهر كان دائما يقول لها " أنها أحلى المُهر " وعندما كان يريد تدليلها كان يناديها بــ " مُهرتى ريتا " كان يصر دائماً فى كلماته على أن يضيف " ياء " التملك لحديثه معها .
تركته ريتا يومها وهى تبكى ثم أمطت جوادها " فهد " وظلت على ظهره وجعلته يسرع بجنون . ولم تكن قد تمكنت بعد من المكوث على ظهر خيل بهذه السرعة ومالبثت حتى وقعت من فوقه لولا ستر الله أنها وقعت على كومة القش بجانب الأسطبل أصابت ببعض الجروح لم يحاول عزيز مصالحتها بل نهرها مرة أخرى وهو يخبرها " ألم أخبركِ ألا تمتطى فهد بهذه الملابس انظرى الآن لقد كُشف عن جسدك " ثم لفها بعباءته فقامت ريتا على عجل إلى البيت وهى منهمرة فى البكاء كانت ماتزال مراهقة ابنة السبعة عشرة عاماً .
ظل يومين لا يتحدث إليها كان هذا الأمر يقودها إلى الجنون إلى أن جاءت له فى اليوم الثالث وبينما وهو على وشك استقبال وفد أوروبى ليعرض عليهم مجموعة من الخيول وجدها أمامه تصرخ فى وجهه بأعلى صوتها .. " أنا أكرهك عزيز .. أنا اكرهك "
ثم وقعت على الارض مغماً عليها .. كان الأمر بمثابة صدمة له فهى مُهرته المدللة كيف تحولت إلى مهرة شرسة لا تروض .
أراد تخفيف حدته عليها فوجدته بجانبها عندما فاقت .. اخترقت عيونها السوداء عيونه الخضراء .
ثم أخبرها بصوت حنون " أمرتهم بإحضار ملابسكِ ستسقبلين معى الوفد الأوربى وستمطى فهد أمامهم " ..
ابتسمت له يومها واحتضنته ثم تركها تبدل ملابسها .. لم يكن سهلاً على عزيز أن يحتويها مرة أخرى بحنانه .. فالمرأة دائماً تخسر أمام رجل ترى فيه ردع الأبوة وحنانه ..
كان يحب دائماً أن يراها كفتاة سبعينية لذلك كان دائماً يأمر بأن يُحضر لها ملابس عبارة عن جيبة قصيرة وبلوزة ذات أكمام ويأمرها برفع شعرها ليشبه " ذيل الحصان "
ما هى إلا بضع دقائق ووجدها تطل عليه ورغم بعض الخدوش فى وجهها ولكنها سحرته بطلتها تِلك .. فأمسك بيديها وأطل بها ع الوفد الذى بُهر بها وهو تمطى " فهد " ورغم حرصهم على شراء فهد وكريستينا ولكن عزيز رفض بشدة فهو حتى وإن باع فهد فلن يبيع كريستينا لأنه كان دائما يخبر ريتا " إنها مثلك تتحول من مُهرة للبوة عندما يتعلق الأمر بأنوثتها " .
تنهدت ريتا قليلاً ومٌلأت عيونها بالدموع أثر سيل الذكريات ..
فهى أيضاً لم تستطع أن تنسى فجيعة فراقه ..
قبل أن تعود للقاهرة ببضعة أيام أخذها للبيت الخشبى كان قد أمر ببنائه لها عندما أخبرته ذات ليلة عن أمنيتها أن يكون لها بيت خشبى فى وسط الحقول .
وأن تستيقظ ع صوت العصافير ولون الخضرة ..
وقف أمامها يومها وتأمل عينيها الحائرتين وباشر بقوله :
" لقد أحببتك هكذا بتلك الطريقة العفوية التى تحبين بها الزرع والشجر والعصافير بتلك الطفولة فى عينيكِ وبتلك الأنوثة التى تكمن فى جمالكِ وأنى أشهد أن حبك من أعظم مصائب حياتى قرباً وحُباً لقلبى "
تلعثمت ريتا يومها ولم تستطع الرد فأكمل كلماته وقال ..
"ولكن أنا سيد القبيلة والعادات والتقاليد وانتى تعرفين أنه يجب ان اتزوج من ابنة عمى . ولذلك سأهديكِ فهد أما كريستينا فهى لى لأنها حتماً لو ذهبت معكِ ستعلن حربها غيرة منكِ . إن فهد هدية حبى لكِ .. لا يلزمنى كثيراً أن أحببتنى او لا ولكن يكفينى أن حياتكِ كانت لى سنة كاملة سواء كان برضاكِ أو رغماً عنكِ .. كفانى أنكِ كُنتى هُنَا .. والآن أتعهد لكِ أنه فى هذا البيت الخشبى ستولد " ريتا عزيز " ذات يوم وسيقترن اسمى باسم فتاة سأبذل قصارى جهدى لكى تشبهك . أما عن كريستينا فهى بها كل مايذكرنى بكِ لذلك حُبى لكِ سيستعصى علىّ نسيانه .. وأظن أن كريستينا فى غيابك ستفقد الثقة فى أنوثتها عندما تشعر أننى أرى فيها مُهرة أُخرى وإنها لخيانة لها ولأنوثتها .. أعلم ولكن يكفيها شرف أنها شهدت هذا الحب النابع من قلبى لكِ "
كان إهدائه فهد هدية بالغة الثمن ولكنها تذكرت قوله لها ." إن الحب الذى أهديتينه إياه عن غير قصد لا يوجد شىء فى الوجود يساوى ثمنه "
ومن بعدها تركها ولم تراه حتى يوم رجوعها للقاهرة تركها دون أن تستجمع قوتها لتباشر وتصرخ فى وجهه " لا تضاجعها على سريرى لا تخون حبك لى وحبها لك "
لكنها لم تستطع ..
لم تراه غير بعدها بثلاث سنوات عندما وجدت صوته يخترق أذنها ذات مكالمة " ولدت ريتا "
لقد وضعت زوجته ريتا الصغيرة ولم تكن أقل جمالاً من أباها كانت طفلة رائعة بهية لم تستطع ريتا ألا تذهب لرؤيتها او ان تذهب لدفن بقايا ذكريات لتعيش ريتا الصغيرة حياة نقية جداً ..
وأخيراً مرة أخرى التقى الحب بمُهرته لم تتحدث ريتا معه يومها فقط عندما رأت ريتا عزيز .. قامت بوضع أسوارة فى يديها كانت الأسوارة كبيرة الحجم جداً صُعق عزيز فأمسك ريتا من يديها كما من قبل بقوة وخرج بها من الغرفة ثم حدثها بطريقة فظة ..
_ ماذا تفعلين هذه الأسوارة أعطتها لكِ أمكِ وهى آخر ماتبقى لكِ منها .
_ " ريتا " أعطتنى الأمومة ياعزيز ربما لم تكوّن داخل رحمى ولكنها كوُّنت داخل رحم حُبك لى . أعطتنى أمى الأسوارة لاننى ابنتها وها انا اهدى الاسوارة لابنة الحب ولا اجد احق منها بها ..
فأنا لا يروقنى ان اشعر بالامومة ولا أُكافاُ من أهدتنى هذا الشعور .
ثم رفعت أقدامها وطبعت قبلة على جبينه وباشرت بقول جملة الوداع الأخيرة له ..
" لقد أصبح حبك الآن أباً لقد كافأ القدر حبك اليوم .. تركت لريتا جزء من أمومتى ستغمرك بها عندما تكبر ثق بهذا .."
لــ .. تُقْىَ عَامْر
مشهد من رواية " محَاولة استئصَال حُب