هناك كتب وكتب .. هناك كتب نعيش فيها وكتب تعيش فينا .. هناك كتب للاستهلاك ،
وكتب سريعة التبخر، وكتب كالضيف العابر باهت الشخصية غير المؤذي غير المؤثر .. هناك كتب تحفر نفسها في تجاعيد مخك، وكتب تزرع نفسها بين الصبغيات في خلاياك ..
سئل ذات يوم أحد الحكماء : لماذا تقرأ ؟
فأجاب : عندما يؤلّف أحد العظماء كتاباً فإنّه يختزل فيه تجارب حياته كاملة، فعندما تقرأ كتاباً عظيماً فكأنك قد عشت حياة مؤلّفه، و عندما تقرأ الكثير من الكتب فكأنك تعيش ألف سنة أو يزيد، و إن ابتعدت عنها فإنك ستعيش حياتك فقط
كل المعارف البشرية موجودة في الكتب، و أثمن الكتب التي أنتجتها الحضارة البشرية موجودة هنا، منذ العصور السحيقة و مواعظ الفراعنة و ملاحم السومريين، مروراً باليونان القديمة و بداية تأسيس العلوم و الفلسفة، فالعصور الوسطى و ازدهار الحضارة الإسلامية و ظهور مؤلفات بن سينا و بن الهيثم و الرازي و بن المقفع، و غيرهم، ثم عصر النهضة الأوروبية و الثورة ضد الظلم و الاضطهاد و بروز فلاسفة التنوير و أفكارهم التي تتغنى بالتسامح و تنادي للحرية، و أخيراً العصر الحديث و ازدهار أدب الروايات
أرجو أن يستمتع معنا القارئ في هذه السياحة المعرفية و يستفيد من عصارة الفكر العالمي
العنوان بالعربية : الأمير
العنوان الأصلي (إيطالية) : Il Principe
المؤلّف : نيكولا ميكيافيلي Niccolٍ Machiavelli
عدد الصفحات : 392 صفحة
هذا الكتاب الذي أحدث جدلاً واسعًا وصار مرادفًا لصفة الانتهازية، كتب عام 1513. والمؤلف يرى أن هذا الكتاب شديد الأهمية وأكثر السمعة السيئة التي اكتسبها هي ظلم له. إن الكتاب خرج من كاتب غيور على وطنه أراد أن يرى إيطاليا موحدة قوية، لذا قدم خلاصة تجاربه السياسية إلى الأمير (لورنزو دي مديتشي) .. يعلمه كيف يحصل على السلطة ويحتفظ بها مهما كان الثمن
خمسة قرون تمضي وما يزال "الأمير" كتاب العصر، فإذا ما درس القارئ هذا الكتاب وأمعن لاحقاً النظر فيما حوله من أحداث ووقائع واتجاهات وتيارات؛ رأى أن الكثير منها توجهها نظريات ميكافللي وآراؤه، وتتحكم فيها قواعده وأفكاره، مما يشير إشارة واضحة إلى أن هذا الكتاب، ورغم مرور الزمن عليه ما زال الموجه الملهم للكثيرين من رجال السياسة ومنفذيها في مختلف أنحاء العالم.
هذا وإن الرجوع إلى نصوص كتابات مكيافللي، على الرغم من شهرتها في علم السياسة، ليس كافياً للقارئ العربي في تسعينات القرن العشرين. لذا كان لا بد، بالإضافة إلى نص كتاب "الأمير" من التعرف إلى مكانة ودور أفكار مكيافللي في تراث الفكر السياسي
كتب غيرت العالم