وكفنه ابنه ببعض خلقانه وغسله بماء البئر ودفنه من غير أن يصرخ له أو يلحد له ورجع.
فلما صار في المنزل نظر إلى جرة خضراء معلقة.
قال: أي شيء في هذه الجرة قالوا: ليس اليوم فيها شيء.
قال: فأي شيء فيها قبل اليوم قالوا: سمن.
قال: وما كان يصنه به قالوا: كنا في الشتاء نلقي له في البرمة شيئاً من دقيق نعمله له فكان ربما برقه بشيء من سمن.
قال: تقولون ولا تفعلون! السمن أخو العسل.
وهل أفسد الناس أموالهم إلا في السمن والعسل والله إني لولا أن للجرة ثمناً لما كسرتها إلا على قبره! قالوا: فخرج فوق أبيه وما كنا نظن أن فوقه مزيداً! المخطراني الذي يأتيك في زي ناسك ويريك أن بابك قد قور لسانه من أصله لأنه كان مؤذناً هناك.
ثم يفتح فاه كما يصنع من تثاءب فلا ترى له لساناً البتة! ولسانه في الحقيقة كلسان الثور! وأنا أحد من خدع بذلك.
ولابد للمخطراني أن يكون معه واحد يعبر عنه أو لوح أو والكاغاني الذي يتجنن ويتصارع ويزبد حتى لا يشك أنه مجنون لا دواء له لشدة ما ينزل بنفسه وحتى يتعجب من بقاء مثله على مثل علته.
والبانوان الذي يقف على الباب ويسل الغلق ويقول: بانوا! وتفسير ذلك بالعربية: يا مولاي! والقرسي الذي يعصب ساقه وذراعه عصباً شديداً ويبيت على ذلك ليلة.
فإذا تورم واختنق الدم مسحه بشيء من صابون ودم الأخوين وقطر عليه شيئاً من سمن وأطبق عليه خرقة وكشف بعضه.
فلا يشك من رآه أن به الإكلة أو بلية شبه الإكلة.
والمشعب الذي يحتال للصبي حين يولد: بأن يعميه أو يجعله أعسم أو أعضد ليسأل الناس به أهله.
وربما جاءت به أمه وأبوه ليتولى ذلك منه بالغرم الثقيل.
لأنه يصير حينئذ عقدة وغلة: فإما أن يكتسبا به وإما أن يكرياه بكراء معلوم.
وربما أكروا أولادهم ممن يمضي إلى إفريقية فيسأل بهم الطريق أجمع بالمال العظيم.
فإن كان ثقة مليئاً وإلا أقام بالأولاد والأجرة كفيلاً.
والعواء الذي يسأل بين المغرب والعشاء.
وربما طرب إن كان له صوت حسن وحلق شجي.
والإسطيل هو المتعامي: إن شاء أراك أنه منخسف العينين وإن شاء أراك أن بهما ماء وإن شاء أراك أنه لا يبصر للخسف ولريح السبل.
والمزيدي الذي يعارضك وهو ذو هيئة وفي ثياب صالحة.
وكأنه قد هاب من الحياء والمعدس الذي يقف على الميت يسأل في كفنه ويقف في طريق مكة على الحمار الميت والبعير الميت يدعى أنه كان له ويزعم أنه قد أحصر وقد تعلم لغة الخراسانية واليمانية والإفريقية وتعرف تلك المدن والسكك والرجال.
وهو متى شاء كان من إفريقية ومتى شاء كان من أهل فرغانة ومتى شاء كان من أي مخاليف اليمن شاء! والمكدى صاحب الكداء.
والكعبي أضيف إلى أبي كعب الموصلي وكان عريفهم بعد خالويه سنة على ماء.
والزكوري هو خبز الصدقة كان على سجني أو على سائل.
هذا تفسير ما ذكر خالويه فقط.
وهم أضعاف ما ذكرنا في العدد.
ولم يكن يجوز أن نتكلف شيئاً ليس من الكتاب في شيء.
رفع يحيى بن عبد الله بن خالد بن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد رغيفاً من خوانه بيده ثم رطله والقوم يأكلون.
ثم قال: يزعمون أن خبزي صغار.
أي ابن.
.
.
يأكل من هذا الخبز رغيفين وكنت أنا وأبو إسحاق إبراهيم بن سيار النظام وقطرب النحوي وأبو الفتح مؤدب منصور ابن زياد على خوان فلان بن فلان.
والخوان من جزعة.
والغضار صيني ملمع أو خلنجية كيماكية.
والألوان طيبة شهية وغذية قدية.
وكل رغيف في بياض الفضة كأنه البدر وكأنه مرآة مجلوة.
ولكنه على قدر عدد الرءوس.
فأكل كل إنسان رغيفه إلا كسرة.
ولم يشبعوا فيرفعوا أيديهم.
ولم يغدوا بشيء فيتموا أكلهم.